تفسير الصّافي - ج ٤

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤١٢

(٤٩) إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ وقد بلغت وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ بليغ الكفران ينسى النعمة رأساً ويذكر البليّة ويعظمها ولم يتأمّل سببها وانّما صدّر الأولى ب إذا والثانية ب إنّ لأنّ إذاقة النعمة محقّقة بخلاف اصابة البليّة وانّما اقام علّة الجزاء مقامه في الثانية ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أنّ هذا الجنس موسوم بكفران النعمة.

(٥٠) لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فله ان يقسم النعمة والبليّة كيف شاء يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً يعني ليس معهنّ ذكر وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ يعني ليس معهم أنثى أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً أي يهب لمن يشاء ذكراناً واناثاً جميعاً يجمع له البنين والبنات اي يهبهم جميعاً لواحد.

(٥١) وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً بأن يشاهد ملكاً فيسمع منه أو يقع في قلبه من غير مشاهدة أحد وأصل الوحي الكلام الخفيّ الذي يدرك بسرعة أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ بأن يسمع صوتاً من غير مشاهدة أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ فيسمع من الرسول.

القمّيّ قال وحي مشافهة ووحي الهام وهو الذي يقع في القلب أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ كما كلّم الله نبيّه صلّى الله عليه وآله وكما كلّم الله موسى من النار أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ قال وحي مشافهة يعني إلى الناس إِنَّهُ عَلِيٌ عن صفات المخلوقين حَكِيمٌ يفعل ما يقتضيه حكمته.

(٥٢) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا أي أرسلناه إليك بالوحي.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : خلق من خلق الله عزّ وجلّ أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلّى الله عليه وآله يخبره ويسدّدهُ وهو مع الأئمّة عليهم السلام من بعده وفي رواية : منذ أنزل الله ذلك الروح على محمّد صلّى الله عليه

٣٨١

وآله ما صعد إلى السماء وانّه لفينا.

ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ أي قبل الوحي وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن العلم أهو شيء يتعلّمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرءونه فتعلمون منه قال الأمر أعظم من ذلك وأوجب أما سمعت قول الله عزّ وجلّ وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ثم قال أي شيء يقول أصحابكم في هذه الآية أيقرءون أنّه كان في حال لا يدري مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ فقلت لا أدري جعلت فداك ما يقولون فقال بلى قد كان في حال لا يدري مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ حتّى بعث الله عزّ وجلّ الروح التي ذكر في الكتاب فما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم وهي الروح التي يعطيها الله عزّ وجل من شاء فإذا أعطاها عبداً علّمه الفهم.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً قال يعني عليّاً عليه السلام وعليّ هو النّور هدى به من هدى من خلقه وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قال يعني انّك لتأمر بولاية عليّ عليه السلام وتدعو إليها وعليّ عليه السلام هو الصراط المُستقيم

(٥٣) صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.

قال يعني عليّاً عليه السلام انّه جعل خازنه على ما في السماوات وما في الأرض من شيء وائتمنه عليه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يقول تدعو أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ بارتفاع الوسائط والتعلّقات وفيه وعد ووعيد للمطيعين والمجرمين.

في الكافي عن الباقر عليه السلام قال : وقع مصحف في البحر فوجدوه وقد ذهب ما فيه الّا هذه الآية أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.

٣٨٢

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ حمعسق بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالثلج أو كالشمس حتّى يقف بين يدي الله عزّ وجلّ فيقول عبدي أدمنت قراءة حمعسق ولم تدر ما ثوابها أما لو دريت ما هي وما ثوابها لما مللت قراءتها ولكن سأجزيك جزاءك أدخلوه الجنّة وله فيها قصر من ياقوتة حمراء أبوابها وشرفها ودرجها منها يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها وله فيها حوران من حور العين والف جارية والف غلام من الغلمان المخلّدين الذين وصفهم الله تعالى.

٣٨٣

سُورة الزخرف

مكّيّة عدد آيُها تسع وثمانون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) حم.

(٢) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ.

(٣) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا اقسم بالقرآن على أنّه جعله قُرْآناً عَرَبِيًّا وهو من البدائع لتناسب القسم والمقسم عليه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ لكي تفهموا معانيه.

(٤) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ في اللّوح المحفوظ فانّه أصل الكتب السّماوية وقُرئ امِّ الكتاب بالكسر لَدَيْنا لَعَلِيٌ رفيع الشّأن حَكِيمٌ ذو حكمة بالغة كذا قيل.

وفي المعاني عن الصادق عليه السلام : هو أمير المؤمنين عليه السلام فِي أُمِّ الْكِتابِ يعني الفاتحة فانّه مكتوب فيها في قوله تعالى اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قال الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ هو أمير المؤمنين عليه السلام ومعرفته.

والقمّيّ ما في معناه.

(٥) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أنهملكم فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ أي نذوده ونبعده ونعرض عنكم اعراضاً.

القمّيّ استفهام اي ندعكم مهملين لا نحتجّ عليكم برسول الله صلّى الله عليه وآله أو بإمام أو بحجج أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ لان كنتم وقرئ ان بالكسر اخراجاً للمحقّق مخرج المشكوك استجهالاً لهم.

(٦) وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ.

(٧) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ تسلية لرسول الله صلّى الله عليه آله عن استهزاء قومه.

٣٨٤

(٨) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً أي من القوم المسرفين لأنّه صرف الخطاب عنهم الى الرسول صلّى الله عليه وآله مخبراً عنهم.

القمّيّ يعني من قريش وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ وسلف في القرآن قصّتهم العجيبة وفيه وعد للرّسول صلّى الله عليه وآله ووعيد لهم بمثل ما جرى على الأوّلين.

(٩) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ يعني أقرّوا بعزّي وعلمي وما بعده استيناف.

(١٠) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً فتستقرّون فيها وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً تسلكونها لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ لكي تهتدوا الى مقاصدكم أو الى حكمة الصانع بالنظر في ذلك.

(١١) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ بمقدار ينفع ولا يضرّ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً فأحيينا به ارضاً لا نبات فيها كَذلِكَ تُخْرَجُونَ تنشرون من قبوركم.

(١٢) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها أصناف المخلوقات وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ في البر والبحر.

(١٣) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ تذكروها بقلوبكم معترفين بها حامدين عليها وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ مطيقين يعني لا طاقة لنا بالإبل ولا بالفلك ولا بالبحر لو لا انّ الله سخّره لنا.

(١٤) وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ أي راجعون واتصاله بذلك لأنّ الركوب للتنقل والنقلة العظمى هو الانقلاب إلى الله عزّ وجلّ ولأنّه مخطر فينبغي للراكب ان لا يغفل عنه ويستعدّ للقاء الله.

في الكافي عن الرضا عليه السلام : فان ركبت الظهر فقل الحمد لله الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا الآية.

وعن أبيه عليهما السلام : وان خرجت برّاً فقل الذي قال الله عزّ وجلّ سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا الآية فانّه ليس من عبد يقولها عند ركوبه فيقع من بعير أو دابة فيصيبه شيء بإذن الله.

٣٨٥

(١٥) وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً قيل متّصل بقوله وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ أي وَجَعَلُوا لَهُ بعد ذلك الاعتراف مِنْ عِبادِهِ ولداً فقالوا الملائكة بنات الله سمّاه جزء لأنّ الولد بضعة من والده القمّيّ قوله وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً قال قالت قريش انّ الملائكة هم بنات الله إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ظاهر الكفران.

(١٦) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ معنى الهمزة في امُ الإنكار والتعجّب من شأنهم حيث لم يقنعوا بان جعلوا له جزء حتّى جعلوا له من مخلوقاته اجزاء أخصّ ممّا اختير لهم وابغض الأشياء إليهم بحيث إذا بشّر بها أحدهم اشتدّ غمّه به كما قال.

(١٧) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً بما جعل لله شبهاً وذلك أنّ كلّ ولد من كلّ شيء شبهه وجنسه ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا صار وجهه اسود في الغاية لما يعتريه من الكآبة وَهُوَ كَظِيمٌ مملوء قلبه من الكرب.

(١٨) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ او يجعلون له من يتربّى في الزّينة يعني البنات وَهُوَ فِي الْخِصامِ في المجادلة غَيْرُ مُبِينٍ للحجّة يقال قلّما تتكلم امرأة بحجّتها الّا تكلّمت بالحجّة عليها وقرئ ينشأ بالتشديد اي يربّى.

(١٩) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً كفر آخر تضمّنه مقالهم شنّع به عليهم وهو جعلهم أكمل العباد وأكرمهم على الله أنقصهم رأياً واخصّهم صنفاً وقرئ عند الرّحمن على تمثيل زلفاهم أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ احضروا خلق الله ايّاهم فشاهدوهم اناثاً فانّ ذلك ممّا يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل وتهكّم بهم وقرئ ءَ أشهِدُوا خَلْقَهُمْ بهمزة مضمومة بعد همزة الاستفهام سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ التي شهدوا بها على الملائكة وَيُسْئَلُونَ عنها يوم القيامة.

(٢٠) وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ.

(٢١) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ من قبل القرآن ينطق على صحّة ما قالوه فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ.

٣٨٦

(٢٢) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ أي لا حجّة لهم على ذلك من جهة العقل ولا من جهة النظر وانّما جنحوا فيه الى تقليد آبائهم الجهلة والأمّة الطريقة التي تؤمّ.

(٢٣) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وآله ودلالة على انّ التقليد في نحو ذلك ضلال قديم وفي تخصيص المترفين اشعار بأنّ التنعم وحبّ البطالة صرفهم عن النظر إلى التقليد.

(٢٤) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ يعني أتتبعون آبائكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم وهو حكاية امر ماض أوحي الى النذير أو خطاب لنبيّنا صلّى الله عليه وآله وقريء قال اي النذير قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ أي وإن كان أهدى اقناطاً للنّذير من أن ينظروا أو يتفكّروا فيه.

(٢٥) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ بالاستيصال فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ولا تكترث بتكذيبهم.

(٢٦) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ واذكر وقت قوله هذا ليروا كيف تبرّأ عن التقليد وتمسّك بالبرهان أو ليقلّدوه ان لم يكن لهم بدّ من التقليد فانّه أشرف آبائهم لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ بريء من عبادتكم أو معبودكم مصدر نُعِتَ به.

(٢٧) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ هداية بعد هداية.

(٢٨) وَجَعَلَها أي كلمة التوحيد كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ في ذريته ليكون فيهم أبداً من يوحّد الله ويدعو الى توحيده ويكون اماماً وحجّة على الخلائق لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يرجع من أشرك منهم بدعاء من وحّده.

وفي الإكمال عن السجّاد عليه السلام قال : فينا نزلت هذه الآية وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ والإمامة في عقب الحسين عليه السلام إلى يوم القيامة.

وفي العلل عن الباقر عليه السلام وفي المعاني والمناقب والمجمع عن الصادق عليه السلام : مثله.

٣٨٧

وفي الاحتجاج عن النبيّ صلّى الله عليه وآله في خطبة الغدير : معاشر النّاس القرآن يعرّفكم انّ الأئمّة عليهم السلام من بعده من ولده وعرّفتكم انّهم منّي وانا منهم حيث يقول الله عزّ وجلّ وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ وقلت لن تضلّوا ما ان تمسّكتم بهما.

وفي المناقب : ان النبيّ صلّى الله عليه وآله سئل عن هذه الآية فقال الإمامة في عقب الحسين عليه السلام يخرج من صلبه تسعة من الأئمّة منه مهديّ هذه الأمّة

والقمّيّ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني الأئمّة عليهم السلام يَرْجِعُونَ إلى الدنيا.

(٢٩) بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ هؤلاء المعاصرين للرّسول صلّى الله عليه وآله من قريش وَآباءَهُمْ بالمدّ في العمر والنعمة فاغترّوا بذلك وانهمكوا في الشهوات حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ.

(٣٠) وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُ لينبّههم عن غفلتهم قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ ضمّوا الى شركهم معاندة الحقّ والاستخفاف به.

(٣١) وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ من إحدى القريتين بمكّة والطائف عَظِيمٍ بالجاه والمال كالوليد بن مغيرة بمكّة وعروة بن مسعود الثقفي بالطائف فانّ الرسالة منصب عظيم لا يليق الا بعظيم ولم يعلموا انّها رتبة روحانيّة تستدعي عظيم النفس بالتحلّي بالفضائل والكمالات القدسيّة لا التزخرف بالزّخارف الدنيويّة.

(٣٢) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ إنكار فيه تجهيل وتعجيب من تحكّمهم والمراد بالرحمة النبوّة نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وهم عاجزون عن تدبيرها وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ واوقعنا بينهم التفاوت في الرزق وغيره لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ليستعمل بعضهم بعضاً في حوائجهم فيحصل بينهم تألّف وتضامن وينتظم بذلك نظام العالم لا لكمال في الموسع ولا لنقص في المقتر ثمّ إنّه لا اعتراض لهم علينا في ذلك ولا تصرّف فكيف يكون فيما هو على من ذلك وَرَحْمَتُ رَبِّكَ هذه يعني النبوّة وما يتبعها خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ممّا يجمعه هؤلاء من حطام الدنيا والعظيم من رزق منها لا منه.

في الاحتجاج وفي تفسير الإمام عليه السلام في سورة البقرة عن أبيه عليهما

٣٨٨

السلام قال إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله : كان عائداً ذات يوم بفناء الكعبة إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش وساق الحديث كما سبق ذكره في سورة بني إسرائيل الى ان قال : قال له عبد الله بن أبي اميّة لو أراد الله ان يبعث إلينا رسولاً لبعث أجلّ من في ما بيننا مالاً وأحسنه حالاً فهلّا نزّل هذا القرآن الذي تزعم أنّ الله أنزله عليك وابتعثك به رسولاً عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ امّا الوليد بن المغيرة بمكّة وامّا عروة بن مسعود الثقفي بالطائف ثمّ ذكر شيئاً : إلى أن قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وامّا قولك لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ الوليد بن المغيرة بمكّة أو عروة بالطائف فانّ الله ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت ولا خطر له عنده كما له عندك بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح بعوضة لما سقى كافراً به مخالفاً له شربة ماء وليس قسمة الله إليك بل الله القاسم للرحمات والفاعل لما يشاء في عبيده وامائه وليس هو عزّ وجلّ ممّن يخاف أحداً كما تخافه أنت لما له وحاله فعرفته بالنبوّة لذلك ولا ممّن يطمع في أحد في ماله أو في حاله كما تطمع فيخصّه بالنبوّة لذلك ولا ممّن يحبّ أحداً محبّة الهوى كما تحبّ أنت فتقدّم من لا يستحقّ التقديم وانّما معاملته بالعدل فلا يؤثر لأفضل مراتب الدين وجلاله الّا الأفضل في طاعته والأجلّ في خدمته وكذلك لا يؤخّر في مراتب الدين وجلاله الّا أشدّهم تبطأ عن طاعته وإذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال ولا الى حال بل هذا المال والحال من تفضّله وليس لأحد من عباده عليه ضربة لازب فلا يقال له إذا تفضّلت بالمال على عبد فلا بدّ ان تتفضّل عليه بالنبوّة أيضاً لأنّه ليس لأحد اكراهه على خلاف مراده ولا إلزامه تفضّلاً لأنّه تفضّل قبله بنعمة ألا ترى يا عبد الله كيف أغنى واحداً وقبح صورته وكيف حسّن صورة واحد وأفقره وكيف شرّف واحداً وأفقره وكيف أغنى واحداً ووضعه ثمّ ليس لهذا الغني ان يقول هلّا أضيف الى يساري جمال فلان ولا للجميل أن يقول هلّا أضيف الى جمالي مال فلان ولا للشريف أن يقول هلا أضيف الى شرفي مال فلان ولا للوضيع أن يقول هلّا أضيف الى ضعتي شرف فلان ولكنّ الحكم لله يقسم كيف يشاء ويفعل كما يشاء وهو حكيم في أفعاله محمود في اعماله وذلك قوله وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قال الله تعالى أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يا محمّد نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ

٣٨٩

مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فأحوجنا بعضاً إلى بعض أحوج هذا الى مال ذلك وأحوج ذلك الى سلعة هذا والى خدمته فترى أجلّ الملوك وأغنى الأغنياء محتاجاً الى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب امّا سلعة معه ليست معه وامّا خدمة يصلح لما لا يتهيّأ لذلك الملك ان يستغني الّا به وامّا باب من العلوم والحكم هو فقير إلى أن يستفيدها من ذلك الفقير فهذا الفقير محتاج الى مال ذلك الملك الغنيّ وذلك الملك يحتاج إلى علم هذا الفقير أو رأيه أو معرفته ثمّ ليس للملك أن يقول هلّا اجتمع الى مالي علم هذا الفقير ولا للفقير أن يقول هلّا اجتمع الى رأيي وعلمي وما اتصرّف فيه من فنون الحكم مال هذا الملك الغنيّ.

(٣٣) وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لو لا ان يرغبوا في الكفر إذا رأوا الكفّار في سعة وتنعّم لحبّهم الدنيا فيجتمعوا عليه لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ ومصاعد عَلَيْها يَظْهَرُونَ يعلون السطوح وقرئ سقفاً مفرداً.

(٣٤) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ أي أَبْواباً وَسُرُراً من فضّة.

(٣٥) وَزُخْرُفاً وزينة القمّيّ أُمَّةً واحِدَةً أي على مذهب واحد وَزُخْرُفاً قال البيت المزخرف بالذّهب.

وعن الصادق عليه السلام : لو فعل الله ذلك بهم لما آمن أحد ولكنه جعل في المؤمنين أغنياء وفي الكافرين فقراء وجعل في المؤمنين فقراء وفي الكافرين أغنياء ثمّ امتحنهم بالأمر والنهي والصبر والرضا.

وفي الكافي والعلل عن السجّاد عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال عني بذلك أمّة محمّد صلّى الله عليه وآله أن يكونوا على دين واحد كفّاراً كلّهم ولو فعل الله ذلك بأمّة محمّد صلّى الله عليه وآله لحزن المؤمنون وغمّهم ذلك ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم.

وفي العلل عن الصادق عليه السلام قال : قال الله عزّ وجلّ لو لا ان يجد عبدي المؤمن في نفسه لعصّبت الكافر بعصابة من ذهب وَإِنْ وانه كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ

٣٩٠

الدُّنْيا وقرئ لمّا بالتشديد بمعنى الّا فتكون إن نافية وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ الله جلّ ثناؤُه ليعتذر الى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه فيقول وعزّتي ما أحوجتك في الدنيا من هوانٍ بك عليّ فارفع هذا السّجف فانظر إلى ما عوّضتك في الدنيا قال فيرفع فيقول ما ضرّني ما منعتني مع ما عوّضتني.

أقولُ : السّجف بالمهملة والجيم الستر.

وعنه عليه السلام قال قال النبيّ صلّى الله عليه وآله : يا معشر المساكين طيبوا نفساً واعطوا الله الرّضا من قلوبكم يثيبكم الله عزّ وجلّ على فقركم فان لم تفعلوا فلا ثواب لكم.

وعنه عليه السلام قال : ما كان من ولد آدم عليه السلام مؤمن الّا فقيراً ولا كافر الّا غنيّاً حتّى جاء إبراهيم عليه السلام فقال رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا فصير الله في هؤلاء أموالاً وحاجة وفي هؤلاء أموالاً وحاجة.

(٣٦) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ يتعامى ويعرض عنه لفرط اشتغاله بالمحسوسات وانهماكه في الشهوات نُقَيِّضْ نسبّب ونقدر لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ يوسوسه ويغويه دائماً وقرئ يقيّض بالياء.

في الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام : من تصدّى بالإثم أعشى عن ذكر الله تعالى ومن ترك الأخذ عمّن أمره الله بطاعته قيّض له شيطان فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ.

(٣٧) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وانَّ الشياطين ليصدّون العاشين عن الطريق الذي من حقّه ان يسبل وَيَحْسَبُونَ أي العاشون أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ.

(٣٨) حَتَّى إِذا جاءَنا أي العاشي وقرء جائانا على التثنية اي العاشي والشيطان قالَ أي العاشي للشيطان يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ بعد المشرق من المغرب فَبِئْسَ الْقَرِينُ انت.

٣٩١

(٣٩) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ ما أنتم عليه من التمنّي إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : نزلت هاتان الآيتان هكذا حَتَّى إِذا جائانا يعني فلاناً وفلاناً يقول أحدهما لصاحبه حين يراه يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ فقال الله لنبيّه صلّى الله عليه وآله قال لفلان وفلان وأتباعهما لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ آل محمّد صلوات الله عليهم حقّهم أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ.

(٤٠) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ إنكار تعجّب من أن يكون هو الذي يقدر على هدايتهم بعد تمرّنهم على الكفر واستغراقهم في الضلال بحيث صار عشاهم عمىً مقروناً بالصّمم وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ عطف على الْعُمْيَ باعتبار تغاير الوصفين وفيه إشعار بأنّ الموجب لذلك تمكّنهم في ضلال لا يخفى.

(٤١) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ أي فان قبضناك قبل أن ينصرك بعذابهم وما مزيدة للتأكيد فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعدك.

(٤٢) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ او ان أردنا ان نريك ما وَعَدْناهُمْ من العذاب فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ لا يفوتوننا.

في المجمع : روي انّه صلّى الله عليه وآله اري ما يلقى ذرّيته من أمّته بعده فما زال منقبضاً ولم ينبسط ضاحكاً حتّى لقي الله تعالى قال :

وروى جابر بن عبد الله الأنصاري قال : إنّي لأدناهم من رسول الله صلّى الله عليه وآله في حجّة الوداع بمنى حتّى قال لا الفينّكم ترجعون بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم ثمّ التفت إلى خلفه فقال أو عليّ ثلاث مرّات فرأينا انّ جبرئيل غمزه فأنزل الله على اثر ذلك فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعليّ بن أبي طالب.

أقولُ : انّما يكون ذلك في الرجعة.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ يا محمّد من مكّة الى

٣٩٢

المدينة فانّا رادّوك إليها ومنتقمون منهم بعليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد سبق في هذا المعنى أخبار أخر في سورة المؤمنين.

(٤٣) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : إِنَّكَ عَلى ولاية عليّ عليه السلام وعليّ هو الصراط المستقيم.

(٤٤) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ.

في الكافي عن الباقر عليه السلام : نحن قومه ونحن المسئولون.

وعن الصادق عليه السلام : إيّانا عني ونحن أهل الذكر ونحن المسئولون.

وعنه عليه السلام : الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسئولون.

وفي البصائر عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال : رسول الله صلّى الله عليه وآله وأهل بيته أهل الذكر وهم المسئولون.

(٤٥) وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ هل حكمنا بعبادة الأوثان وهل جاءت في ملّة من مللهم.

في الكافي والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية من ذا الّذي سأله محمّد صلّى الله عليه وآله وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة فتلا هذه الآية سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا قال فكان من الآيات التي أراها الله محمّداً صلّى الله عليه وآله حين اسرى به إلى البيت المقدّس ان حشر الله له الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين ثمّ امر جبرئيل فأذّن شفعاً واقام شفعاً ثمّ قال في إقامته حيّ على خير العمل ثمّ تقدّم محمّد صلّى الله عليه وآله فصلّى بالقوم فأنزل الله عليه وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا الآية فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله على ما تشهدون وما كنتم تعبدون فقالوا نشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وانّك لرسول الله (ص) أخذت على ذلك مواثيقنا وعهودنا.

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث : وامّا قوله وَسْئَلْ مَنْ

٣٩٣

أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا فهذا من براهين نبيّنا التي آتاه الله ايّاها وأوجب به الحجّة على ساير خلقه لأنّه لمّا ختم به الأنبياء وجعله الله رسولاً الى جميع الأمم وساير الملل خصّه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج وجمع له يومئذ الأنبياء فعلم منهم ما أرسلوا به وحمّلوه من عزائم الله وآياته وبراهينه فأقرّوا أجمعين بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده وفضل شيعة وصيّه من المؤمنين والمؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم ولم يستكبروا عن أمرهم وعرف من أطاعهم وعصاهم من أممهم وسائر من مضى ومن غبر أو تقدّم أو تأخّر وقد سبق نظير هذين الخبرين في سورة يونس عليه السلام.

(٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ.

(٤٧) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ استهزؤا بها أوّل ما رأوها ولم يتأمّلوا فيها.

(٤٨) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ كالسنين والطوفان والجراد لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.

(٤٩) وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ قيل نادوه بذلك في تلك الحال لشدّة شكيمتهم وفرط حماقتهم أو لأنّهم كانوا يسمّون العالم الباهر ساحراً والقمّيّ أي يا أيّها العالم ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ ان يكشف عنّا العذاب إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ.

(٥٠) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ عهدهم بالاهتداء.

(٥١) وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ في مجمعهم وفيما بينهم بعد كشف العذاب عنهم مخافة أن يؤمن بعضهم قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ النيل وكان معظمها أربعة تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ذلك.

(٥٢) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مع هذه المسلكة والبسطة مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ضعيف حقير لا يستعدّ للرئاسة وَلا يَكادُ يُبِينُ الكلام به من الرتّة (١) فكيف يصلح للرّسالة وأم امّا منقطعة

__________________

(١) الرّتة بالضم العجمة.

٣٩٤

والهمزة فيها للتقرير أو متّصلة والمعنى أَفَلا تُبْصِرُونَ فتعلمون أنّي خير منه.

(٥٣) فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أي فهلّا ألق إليه مقاليد الملك ان كان صادقاً إذ كانوا إذا سوّدوا رجلاً سوّروه وطوّقوه بطوق من ذهب وأَسْوِرَةٌ جمع أسوار بمعنى السوار وقرئ اسورة أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ مقارنين يعينونه أو يصدّقونه.

(٥٤) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ استخفّ أحلامهم أو طلب منهم الخفّة في مطاوعته ودعاهم فَأَطاعُوهُ فيما أمرهم به إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ أطاعوا ذلك الفاسق في نهج البلاغة : ولقد دخل موسى بن عمران ومعه اخوه هرون على فرعون وعليهما مدارع الصوف وبأيديهما العصا فشرطا له ان أسلم فلذلك بقاء ملكه ودوام عزّه فقال ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العزّ وبقاء الملك وهما بما ترون من حال الفقر والذلّ فهلّا القي عليهما أساور من ذهب اعظاماً للذّهب وجمعه احتقاراً للصوف ولبسه ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم ان يفتح لهم كنوز الذّهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان وان يحشر معهم طيور السماء ووحوش الأرضين لفعل ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحل الأنباء ولما وجب للقائلين أجور المبتلين ولا استحقّ المؤمنون ثواب المحسنين ولا لزمت الأسماء معانيها ولكنّ الله سبحانه جعل رسله أولى قوّة في عزائمهم وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى وخصاصة تملأ الأبصار والاسماع أذى ولو كانت الأنبياء أهل قوّة لا ترام وعزّة لا تضام وملك تمدّ نحوه أعناق الرجال وتشدّ إليه عقد الرّحال لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار وابعد لهم من الاستكبار ولأمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مايلة بهم وكانت السيئات مشتركة والحسنات مقتسمة ولكن الله سبحانه أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام لطاعته أموراً له خاصّة لا يشوبها من غيرها شائبة وكلّما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل.

(٥٥) فَلَمَّا آسَفُونا أغضبونا بالإفراط في العناد والعصيان انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ في اليمّ.

٣٩٥

في الكافي والتوحيد عن الصادق عليه السلام انّه قال في هذه الآية : انّ الله تبارك وتعالى لا يأسف كأسفنا ولكنّه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه وذلك لأنّه جعلهم الدعاة إليه والأدلّاء عليه فلذلك صاروا كذلك وليس انّ ذلك يصل إلى الله كما يصل الى خلقه ولكن هذا معنى ما قال من ذلك وقال أيضاً من أهان لي وليّاً فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها وقال أيضاً مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وقال أيضاً إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ وكلّ هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء ممّا يشاكل ذلك ولو كان يصل الى المكوّن الاسف والضجر وهو الذي أحدثهما وانشأهما لجاز لقائل أن يقول انّ المكوّن يبيد يوماً لأنّه إذا دخله الضجر والغضب دخله التغيّر وإذا دخله التغيّر لم يؤمن عليه بالابادة ولو كان ذلك كذلك لم يعرف المكوِّن من المكوَّن ولا القادر من المقدور ولا الخالق من المخلوق تعالى الله عن هذا القول علوّاً كبيراً هو الخالق للأشياء لا لحاجة فإذا كان لا لحاجة استحال الحدّ والكيف فيه فافهم ذلك إن شاء الله.

(٥٦) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً قدوة لمن بعدهم من الكفّار وقرئ سُلُفاً بضمّتين وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ وعِظة لهم.

(٥٧) وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً لعليّ بن أبي طالب عليه السلام حيث قيل إنّ فيه شبهاً منه إِذا قَوْمُكَ قريش مِنْهُ من هذا المثل يَصدُّونَ قيل أي يضجّون فرحاً لظنّهم انّ الرسول صار ملزماً به وقرئ بالضمّ من الصدود اي يصدون عن الحقّ ويعرضون عنه وقيل هنا لغتان.

وفي المعاني عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه قال في هذه الآية : الصدود في العربيّة الضّحك.

(٥٨) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ وقرئ بإثبات همزة الاستفهام ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً ما ضربوا هذا المثل الّا لأجل الجدل والخصومة لا لتمييز الحقّ عن الباطل بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ شداد الخصومة حرّاص على اللّجاج.

٣٩٦

(٥٩) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ

(٦٠) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ يخلفونكم الأرض يعني أنّ الله قادر على أعجب من ذلك.

في الكافي عن أبي بصير قال : بينا رسول الله صلّى الله عليه وآله ذات يوم جالس إذ اقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله انّ فيك شبهاً من عيسى بن مريم لو لا ان تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم عليه السلام لقلت فيك قولاً لا تمرّ بملإ من الناس الّا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال فغضب الاعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدّة من قريش معهم فقالوا ما رضي ان يضرب لابن عمّه مثلاً الّا عيسى بن مريم فأنزل الله على نبيّه وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إلى قوله لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يعني من بني هاشم مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ الحديث وقد مضى تمامه في سورة الأنفال.

والقمّيّ عن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله جالس في أصحابه إذ قال إنّه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم عليه السلام فخرج بعض من كان جالساً مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ليكون هو الداخل فدخل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال الرجل لبعض أصحابه أما رضي محمّد ان فضّل عليّاً علينا حتّى يشبّهه بعيسى بن مريم والله لالهتنا التي كنّا نعبدها في الجاهلية أفضل منه فأنزل الله في ذلك المجلس وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يضِجُّون فحرّفوها يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ان عليّ عليه السلام إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ فنحّى اسمه عن هذا الموضع.

وفي المناقب عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : يدخل من هذا الباب رجل أشبه الخلق بعيسى فدخل عليّ فضحكوا من هذا القول فنزل وَلَمَّا ضُرِبَ الآيات.

وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : جئت إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله يوماً فوجدته في ملأ من قريش فنظر إليّ ثمّ قال يا عليّ انّما مثلك في هذه

٣٩٧

الأمّة كمثل عيسى بن مريم أحبّه قوم فافرطوا في حبّه فهلكوا وأبغضه قوم وافرطوا في بغضه فهلكوا واقتصد فيه قوم فنجوا فعظم ذلك عليهم وضحكوا وقالوا يشبّهه بالأنبياء والرسل فنزلت هذه الآية وفي التهذيب في دعاء يوم الغدير المرويّ عن الصادق عليه السلام : فقد أجبنا داعيك النذير المنذر محمّداً عبدك ورسولك الى عليّ بن أبي طالب عليه السلام الذي أنعمت عليه وجعلته مثلاً لبني إسرائيل انّه أمير المؤمنين عليه السلام ومولاهم ووليّهم إلى يوم القيامة يوم الدين فانّك قلت إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ.

(٦١) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ القمّيّ ثمّ ذكر خطر أمير المؤمنين عليه السلام فقال وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ قال يعني أمير المؤمنين عليه السلام وقيل يعني نزول عيسى بن مريم عليه السلام من أشراط الساعة يعلم به قربها فَلا تَمْتَرُنَّ بِها.

(٦٢) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ.

القمّيّ يعني الثاني عن أمير المؤمنين إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ.

(٦٣) وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ فيما ابلّغه عنه.

(٦٤) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ.

(٦٥) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ الفرق المتحزّبة مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا من المتحزّبين مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ القيامة.

(٦٦) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فجأة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ غافلون عنها.

(٦٧) الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ.

القمّيّ يعني الأصدقاء يعادي بعضهم بعضَاً.

٣٩٨

وقال الصادق عليه السلام : ألا كل خلّة كانت في الدنيا في غير الله عزّ وجلّ فانّها تصير عداوة يوم القيامة إِلَّا الْمُتَّقِينَ فانّ خلّتهم لمّا كانت في الله تبقى نافعة ابد الآباد.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّه قرأ هذه الآية فقال والله ما أراد بهذا غيركم.

وفي مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام : واطلب مؤاخاة الأتقياء ولو في ظلمات الأرض وان أفنيت عمرك في طلبهم فانّ الله عزّ وجلّ لم يخلق أفضل منهم على وجه الأرض من بعد النبيّين وما أنعم الله تعالى على عبد بمثل ما أنعم به من التّوفيق لصحبتهم قال الله تعالى الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ وأظنّ انّ من طلب في زماننا هذا صديقاً بلا عيب بقي بلا صديق.

(٦٨) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ حكاية لما ينادى به المتّقون المتحابّون في الله يومئذ.

(٦٩) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا.

القمّيّ يعني الأئمّة عليهم السلام وَكانُوا مُسْلِمِينَ.

(٧٠) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ نساؤكم المؤمنات تُحْبَرُونَ.

القمّيّ أي تكرمون.

(٧١) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ الصحفة القصعة والكوب كوز لا عروة له وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وقرئ ما تشتهي الأنفس وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ بمشاهدته وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ فانّ كلّ نعيم زائل موجب لكلفة الحفظ وخوف الزوال ومستعقب للتحسّر في ثاني الحال.

في الاحتجاج عن القائم عليه السلام : انّه سئل عن أهل الجنة هل يتوالدون إذا دخلوها فأجاب عليه السلام انّ الجنّة لا حمل فيها للنساء ولا ولادة ولا طمث ولا نفاس ولا شقاء بالطفولية وَفِيها ما تشتهي الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ كما قال الله فإذا

٣٩٩

اشتهى المؤمن ولداً خلقه الله عزّ وجلّ بغير حمل ولا ولادة على الصورة التي يريد كما خلق آدم عبرة.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : إنّ الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيّام الدنيا ويأكل في اكلة واحدة بمقدار اكله في الدنيا.

(٧٢) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قد مرّ معنى الوراثة.

(٧٣) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ قيل ولعلّ تفصيل التنعّم بالمطاعم والملابس وتكريره في القرآن وهو حقير بالإضافة الى ساير نعيم الجنّة لما كان بهم من الشدة والفاقة.

(٧٤) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ القمّيّ هم اعداء آل محمّد صلوات الله عليهم.

(٧٥) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ لا يخفّف عنهم وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ القمّيّ أي آيسون من الخير.

(٧٦) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ.

(٧٧) وَنادَوْا يا مالِكُ.

وفي المجمع عن عليّ عليه السلام : انّه قرأ يا مال على الترخيم قيل ولعله إشعار بأنّهم لضعفهم لا يستطيعون تأدية اللّفظ بالتمام ولذلك اختصروا فقالوا لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ يعني سل ربّك ان يقضي علينا ان يميتنا من قضى عليه إذا أماته قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ لا خلاص لكم بموت وغيره.

(٧٨) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ بالإرسال والانزال القمّيّ هو قول الله عزّ وجلّ قال يعني بولاية أمير المؤمنين عليه السلام وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ قال يعني لولاية أمير المؤمنين عليه السلام.

(٧٩) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً في تكذيب الحقّ وردّه ولم يقتصروا على كراهته فَإِنَّا

٤٠٠