تفسير الصّافي - ج ٤

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤١٢

ألسنة فارس والرّوم.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : انّه قال لرجل سأله أخبرني عن الرّسول كان عامّاً للنّاس أليس قد قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ لأهل الشرق والغرب وأهل السماء والأرض من الجنّ والإنس هل بلغ رسالته إليهم كلّهم قال لا أدري قال إنّ رسول الله لم يخرج من المدينة فكيف أبلغ أهل الشرق والغرب ثمّ قال إنّ الله تعالى أمر جبرئيل (ع) فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لرسول الله صلّى الله عليه وآله فكانت بين يديه مثل راحته في كفّيه ينظر إلى أهل الشرق والغرب ويخاطب كلّ قوم بألسنتهم ويدعوهم إلى الله عزّ وجلّ والى نبوّته بنفسه فما بقيت قرية ولا مدينة الا ودعاهم النبيّ صلّى الله عليه وآله بنفسه.

(٢٩) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ الموعود بقوله يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّناإِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يخاطبون به رسول الله صلّى الله عليه وآله والمؤمنين.

(٣٠) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ إذا فاجأكم وهو جواب تهديد في مقابل تعنّتهم وإنكارهم.

(٣١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ولا بما تقدّمه من الكتب الدّالة على البعث وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ في موضع المحاسبة يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يتحاورون ويتراجعون القول يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لاتباع لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا للرّؤساء لَوْ لا أَنْتُمْ لو لا اضلالكم وصدّكم إيّانا عن الإيمان لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ باتّباع الرّسول.

(٣٢) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ أنكروا انّهم كانوا صادّين لهم عن الإيمان واثبتوا انّهم هم الذين صدّوا أنفسهم حيث أعرضوا عن الهدى وآثروا التقليد عليه.

(٣٣) وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إضراب عن إضرابهم اي لم يكن اجرامنا الصّاد بل مكركم لنا دائباً ليلاً ونهاراً حتّى أغرتم

٢٢١

علينا رأينا إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وأضمر الفريقان الندامة على الضلالة والإضلال وأخفاها كلّ عن صاحبه مخافة التعيير.

القمّيّ قال : يسرّون النَّدامَةَ في النار إذا رأوا وليّ الله فقيل يا ابن رسول الله وما يغنيهم إسرارهم الندامة وهم في العذاب قال يكرهون شماتة الأعداء وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا أي في أعناقهم فجاء بالظاهر تنويها بذمّهم وإشعاراً بموجب اغلالهم هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي لا يفعل بهم ما يفعل الّا جزاء على أعمالهم.

(٣٤) وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ تسلية لرسول الله ممّا مني به من قومه وتخصيص المتنعمين بالتكذيب لأنّ الداعي المعظم الى التكبّر والمفاخرة بزخارف الدّنيا والانهماك في الشهوات والاستهانة بمن لم يحظ منها ولذلك ضمّ المفاخرة والتهكّم الى التكذيب.

(٣٥) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فنحن أولى بما تدعونه ان أمكن وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ امّا لأنّ العذاب لا يكون أو لأنّه أكرمنا بذلك فلا يهيننا بالعذاب.

(٣٦) قُلْ ردّاً لحسبانهم إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يوسّع لمن يشاء ويضيق على من يشاء وليس ذلك لكرامة وهو أن وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ انّ ذلك كذلك في نهج البلاغة : وامّا الأغنياء من مترفة الأمم فتعصّبوا لآثار مواقع النعم وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فان كان لا بدّ من العصبيّة فليكن تعصّبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور الّتي تفاضلت فيها المجد والنّجد من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل بالأخلاق الرّغيبة والأحلام العظيمة والاخطار الجليلة والآثار المحمودة.

(٣٧) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى قربة إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً بإنفاق ماله في سبيل الله وتعليم ولده الخير والصلاح فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ من المكاره وقرئ بالتوحيد.

٢٢٢

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : وقد ذكر رجل الأغنياء ووقع فيهم فقال عليه السلام اسكت فانّ الغنيّ إذا كان وصولاً برحمه بارّاً بإخوانه أضعف الله له الأجر ضعفين لأنّ الله يقول وَما أَمْوالُكُمْ الآية.

وفي العلل : ما يقرب منه.

(٣٨) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا بالردّ والطّعن مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ

(٣٩) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ هذا في شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق في شخصين فلا تكرير وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ عوضاً امّا عاجلاً أو آجلاً وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ فانّ غيره وسط في إيصال رزقه لا حقيقة لرازقيّته.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : إنّ الربّ تبارك وتعالى ينزل أمره كلّ ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أوّل اللّيل وفي كلّ ليلة الثلاث الأخير وامامه ملك ينادي هل من تائب يتاب عليه هل من مستغفر يغفر له هل من سائل فيعطى سؤله اللهمّ أعط كلّ منفق خلفاً وكلّ ممسك تلفاً إلى أن يطلع الفجر فإذا طلع الفجر عاد امر الربّ الى عرشه فيقسم الأرزاق بين العباد ثمّ قال وهو قول الله وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ.

وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام : من بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته.

وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله : من صدّق بالخلف جاد بالعطيّة وفي رواية : من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنّفقة وقيل للصادق عليه السلام : انّي أنفق ولا أرى خلفاً قال أفترى الله عزّ وجلّ أخلف وعده قيل لا قال فممّ ذلك قيل لا أدري قال لو أنّ أحدكم اكتسب المال من حلّه لم ينفق درهماً الّا اخلف عليه.

وعن الرضا عليه السلام قال : لمولى له هل أنفقت اليوم شيئاً فقال لا والله فقال

٢٢٣

عليه السلام فمن أين يخلف الله علينا.

(٤٠) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً المستكبرين والمستضعفين ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ تقريعا للمشركين وتبكيتاً واقناطاً لهم عمّا يتوقعون من شفاعتهم وتخصيص الملائكة لأنّهم أشرف شركائهم والصالحون للخطاب منهم وقرئ بالياء فيها.

(٤١) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ أنت الذي نواليه من دونهم لا موالاة بيننا وبينهم كأنّهم بيّنوا بذلك براءتهم عن الرضا بعبادتهم ثمّ اضربوا عن ذلك ونفوا انّهم عبدوهم على الحقيقة بقولهم بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ أي الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ

(٤٢) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا إذ الامر فيه كلّه له لأنّ الدّار دار جزاء وهو المجازي وحده وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ

(٤٣) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا يعنون به النبيّ صلّى الله عليه وآله إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ فيستتبعكم بما يستبدعه وَقالُوا ما هذا يعنون القرآن إِلَّا إِفْكٌ كذب مُفْتَرىً على الله وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

(٤٤) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها تدعوهم الى ما هم عليه وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ينذرهم على تركه فمن اين وقع لهم هذه الشبهة.

(٤٥) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كما كذَّبوا وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ قيل وما بلغ هؤلاء عشر ما آتينا أولئك من القوّة وطول العمر وكثرة المال أو ما بلغ أولئك عشر ما آتينا هؤلاء من البيّنات والهدى.

أقولُ : كأنّه أريد على التّقديرين انّ أولئك كانوا احرى بتكذيب رسلهم من هؤلاء وعليه يحمل ما رواه القمّيّ مرفوعاً قال : كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ رسلهم وما بلغ ما

٢٢٤

آتينا رسلهم معشار ما آتينا محمّداً وآل محمّد عليهم السلام أو يحمل على أنّ المراد انّ فضائل محمّد وآله احرى بالحسد والتكذيب وإيتاء محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله إيتاء لهم فلا ينافي الحديث ظاهر القرآن فَكَذَّبُوا رُسُلِي لا تكرير فيه لأنّ الأوّل مطلق والثاني مقيّد فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أي إنكاري لهم بالتدمير فليحذر هؤلاء ومن مثله.

(٤٦) قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أرشدكم وانصح لكم بخصلة واحدة (١) أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ معرضين عن المراء والتقليد مَثْنى وَفُرادى متفرّقين اثنين اثنين أو واحد واحد فانّ الازدحام يشوّش الخاطر ويخلط القول ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا في أمري وما جئت به لتعلموا حقيّته ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ فتعلموا ما به جنون يحمله على ذلك إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ أي قدّامه.

في الكافي والقمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : إِنَّما أَعِظُكُمْ بولاية عليّ عليه السلام هي الواحدة التي قال الله.

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث : انّ الله جلّ ذكره أنزل عزائم الشرايع وآيات الفرائض في أوقات مختلفة كما خلق السماوات والأرض في ستة أيّام ولو شاء أن يخلقها في أقلّ من لمح البصر لخلق ولكنّه جعل الاناة والمدارة مثالاً لأمنائه وايجاباً للحجّة على خلقه فكان أوّل ما قيّدهم به الإقرار بالوحدانيّة والربوبيّة والشهادة بأن لا إله إلّا الله فلمّا أقرّوا بذلك تلاه بالإقرار لنبيّه بالنبوّة والشهادة له بالرسالة فلمّا انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثمّ الصوم ثمّ الحجّ ثمّ الجهاد ثمّ الزكاة ثمّ الصدقات وما يجري مجراها من مال الفيء فقال المنافقون هل بقي لربّك علينا بعد الذي فرض علينا شيء آخر يفرضه فتذكره لتسكن أنفسنا الى انّه لم يبق غيره فأنزل الله في ذلك قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ يعني الولاية فأنزل الله إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ الآية.

(٤٧) قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ على الرسالة فَهُوَ لَكُمْ

__________________

(١) وقيل بكلمة واحدة وهي كلمة التوحيد وقيل بطاعة الله.

٢٢٥

القمّيّ عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال : وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله سأل قومه ان يودّوا أقاربه ولا يؤذوهم وامّا قوله فَهُوَ لَكُمْ يقول ثوابه لكم.

وفي المجمع عنه عليه السلام : معناه أنّ اجر ما دعوتكم إليه من اجابتي وذخره هو لكم دوني.

وفي الكافي عنه عليه السلام يقول : اجر المودّة الذي لم أسألكم غيره فَهُوَ لَكُمْ تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ مطّلع يعلم صدقي وخلوص نيّتي.

(٤٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِ يلقيه وينزله على من يجتبيه من عباده عَلَّامُ الْغُيُوبِ.

(٤٩) قُلْ جاءَ الْحَقُ الإسلام وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ وزهق الباطل اي الشرك بحيث لم يبق له أثر.

في الأمالي عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام : دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله مكّة وحول البيت ثلاثمائة وستّون صنماً فجعل يطعنها بعود في يده ويقول جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ.

وفي المجمع : مثله عن ابن مسعود.

(٥٠) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ عن الحق فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي فانّ وبال ضلالي عليها وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ يسمع كلّ قول ويرى كلّ فعل وان كان خفيّاً.

(٥١) وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا لرأيت فظيعاً فَلا فَوْتَ فلا يفوتون الله بهرب أو حصن.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : إِذْ فَزِعُوا من الصوت وذلك الصوت من السماء وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال من تحت أقدامهم خسف بهم.

٢٢٦

وعنه عليه السلام : لكأنّي أنظر إلى القائم عليه السلام وقد أسند ظهره الى الحجر وساق الحديث إلى أن قال فإذا جاء الى البيداء يخرج إليه جيش السّفياني فيأمر الله عزّ وجلّ الأرض فتأخذ بأقدامهم وهو قوله عزّ وجلّ وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ.

(٥٢) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ قال يعني بالقائم من آل محمّد وقيل بمحمّد صلّى الله عليه وآله وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ التناول يعني تناول الإيمان مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ يعني بعد انقضاء زمان التكليف قال : انّهم طلبوا الهدى من حيث لا ينال وقد كان لهم مبذولاً من حيث ينال.

(٥٣) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ يعني أوان التكليف وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ ويرجمون بالظنّ ويتكلّمون بما لم يظهر لهم مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ من جانب بعيد من أمره.

(٥٤) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ قال يعني ان لا يعذّبوا كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ قال يعني من كان قبلهم من المكذّبين هلكوا إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ

في المجمع عن السجّاد والحسن بن عليّ عليهما السلام في هذه الآية : هو جيش البيداء يؤخذون من تحت أقدامهم وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انه ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب قال فبيناهم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلك حتّى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشاً الى المشرق وآخر إلى المدينة حتّى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة يعني بغداد فيقتلون فيها أكثر من ثلاثة آلاف ويفضحون أكثر من مائة امرأة ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العبّاس ثمّ ينحدرون الى الكوفة فيخربون ما حولها ثمّ يخرجون متوجّهين إلى الشام فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ويحلّ الجيش الثاني بالمدينة فينهبونها ثلاثة أيّام بلياليها ثمّ يخرجون متوجّهين الى مكّة حتّى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل فيقول يا جبرئيل اذهب فَابِدْهُمْ فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها ولا يفلت

٢٢٧

منهم الّا رجلان من جهينة فلذلك جاء القول (وعند جهينة الخبر اليقين): فذلك قوله تعالى وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا الآية قال وروى أصحابنا في أحاديث المهديّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام : مثله.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ الحمدين جميعاً حمد سبا وحمد فاطر في ليلة لم يزل في ليله في حفظ الله وكلاءته قال فان قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه واعطي من خير الدنيا وخير الآخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ مناه.

٢٢٨

سُورَة الملائكة

مَكّيَة قال الحسن الّا آيتين إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ الآية

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الآية

عدد آيها خمس وأربعون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مبدعهما من الفطر بمعنى الشقّ كأنّه شق العدم باخراجهما منه جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وسائط بين الله وبين أنبيائه والصالحين من عباده يبلّغون إليهم رسالاته بالوحي والإلهام والرّؤيا الصادقة أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ذوي أجنحة متعدّدة ينزلون بها ويعرجون ويسرعون بها نحو ما أُمروا به.

في الكافي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : الملائكة على ثلاثة أجزاء جزء له جناحان وجزء له ثلاثة أجنحة وجزء له أربعة أجنحة قيل لعلّه لم يرد خصوصيّة الاعداد ونفى ما زاد عليها لما روي عنه عليه السلام : انّه رأى جبرئيل ليلة المعراج وله ستمائة الف جناح.

أقولُ : ولعلّه إلى ذلك اشير بقوله تعالى يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ.

وفي الإكمال عنه عليه السلام : انّ لله تبارك وتعالى ملكاً يقال له دردائيل كان له ستّة عشر الف جناح ما بين الجناح والجناح هواء والهواء كما بين السماء والأرض.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : خلق الله الملائكة مختلفة وقد رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله جبرئيل وله ستّمائة جناح على ساقه الدّر مثل القطر على البقل قد ملأ ما بين السماء والأرض وقال : إذا أمر الله عزّ وجلّ ميكائيل بالهبوط إلى الدنيا صارت رجله اليمنى في السماء السابعة والأخرى في الأرض السابعة وانّ لله ملائكة

٢٢٩

انصافهم من برد وانصافهم من نار يقولون يا مؤلّفاً بين البرد والنار ثبّت قلوبنا على طاعتك وقال إنّ لله ملكاً بعُد ما بين شحمة أذنه إلى عينه مسيرة خمسمائة عام بخفقان (١) الطير وقال إنّ الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون وانّما يعيشون بنسيم العرش وانّ لله عزّ وجلّ ملائكة ركّعاً إلى يوم القيامة وانّ لله عزّ وجلّ ملائكة سُجَّداً إلى يوم القيامة ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ما من شيء ممّا خلق الله عزّ وجلّ أكثر من الملائكة وانّه ليهبط في كل يوم أو في كلّ ليلة سبعون ألف ملك فيأتون البيت الحرام فيطوفون به ثمّ يأتون رسول الله صلّى الله عليه وآله ثمّ يأتون أمير المؤمنين عليه السلام فيسلّمون عليه ثمّ يأتون الحسين عليه السلام فيقيمون عنده فإذا كان عند السحر وضع لهم معراج إلى السماء ثمّ لا يعودون أبداً.

وقال أبو جعفر عليه السلام : انّ الله عزّ وجلّ خلق إسرافيل وجبرائيل وميكائيل من تسبيحة واحدة وجعل لهم السمع والبصر وجودة العقل وسرعة الفهم وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خلقة الملائكة وملائكة خلقتهم وأسكنتهم سماواتك فليس فيهم فترة ولا عندهم غفلة ولا فيهم معصية هم أعلم خلقك بك وأخوف خلقك لك وأقرب خلقك منك وأعملهم بطاعتك لا يغشيهم نوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان لم يسكنوا الأصلاب ولم يضمّهم الأرحام ولم تخلقهم من ماء مهين انشأتهم إنشاء فأسكنتهم سمواتك وأكرمتهم بجوارك وائتمنتهم على وحيك وجنّبتهم الآفات ووقيتهم البليّات وطهّرتهم من الذنوب ولو لا قوّتك لم يقووا ولو لا تثبيتك لم يثبتوا ولو لا رحمتك لم يطيعوا ولو لا أنت لم يكونوا اما انّهم على مكانتهم منك وطاعتهم ايّاك ومنزلتهم عندك وقلّة غفلتهم عن أمرك لو عاينوا ما خفي عنهم منك لاحتقروا أعمالهم وَلَأَزرؤا على أنفسهم ولعلموا انّهم لم يعبدوك حقّ عبادتك سبحانك خالقاً ومعبوداً ما أحسن بلاءك عند خلقك.

وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام : انّه سئل عن قدرة الله عزّ وجلّ فقام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال إنّ لله تبارك وتعالى ملائكة لو أنّ ملكاً منهم هبط

__________________

(١) خفق الطائر أي طار واخفق إذا ضرب بجناحيه

٢٣٠

الى الأرض ما وسعته لعظم خلقته وكثرة أجنحته ومنهم من لو كلّفت الجنّ والإنس ان يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحُسن تركيب صورته وكيف يوصف من ملائكته من سبع مائة عام ما بين منكبه وشحمة أذنيه ومنهم من يسدّ الأفق بجناح من أجنحته دون عظم بدنه ومنهم من السماوات الى حجزته ومنهم من قدمه على غير قرار في جوّ الهوى الأسفل والأرضون الى ركبتيه ومنهم من لو القي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها ومنهم من لو ألقيت السّفينة من دموع عينيه لجرت دهر الداهرين فتبارك الله أحسن الخالقين وفي الكافي عن الثمالي قال دخلت على عليّ بن الحسين عليهما السلام فاحتبست في الدّار ساعة ثمّ دخلت البيت وهو يلتقط شيئاً وادخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت فقلت جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقطه أيّ شيء هو قال فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا نجعله سبحاً لأولادنا قلت جعلت فداك فانّهم ليأتونكم فقال يا أبا حمزة انّهم ليزاحمونا على تكأتنا وفي هذا المعنى اخبار كثيرة فيه وفي البصائر يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ على مقتضى حكمته.

في التوحيد عن الصادق عليه السلام : انّ القضاء والقدر خلقان من خلق الله والله يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : هو الوجه الحسن والصوت الحسن والشعر الحسن إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

(٢) ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ ما يطلق لهم مِنْ رَحْمَةٍ كنعمة وأمن وصحّة وعلم ونبوّة وولاية.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : والمتعة من ذلك فَلا مُمْسِكَ لَها يحبسها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ يطلقه مِنْ بَعْدِهِ من بعد إمساكه وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على ما يشاء ليس لأحد ان ينازعه فيه الْحَكِيمُ لا يفعل الّا بعلم وإتقان.

(٣) يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ احفظوها بمعرفة حقّها والاعتراف بها وطاعة منعمها هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فمن أيّ وجه تصرفون عن التوحيد الى اشراك غيره به وقرئ غير مجروراً.

٢٣١

(٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ أي فتأسّ بهم في الصبر على تكذيبهم وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ فيجازيك وإيّاهم على الصبر والتكذيب.

(٥) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ بالحشر والجزاء حَقٌ لا خلف فيه فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فيذهلكم التمتّع بها عن طلب الآخرة والسّعي لها وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ الشيطان بأن يمنّيكم المغفرة مع الإصرار على المعصية.

(٦) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ عداوة عامّة قديمة فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا في عقائدكم وأفعالكم وكونوا على حذر منه في مجامع أحوالكم إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ تقرير لعداوته وبيان لغرضه.

(٧) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ وعيد لمن أجاب دعاءه ووعد لمن خالفه.

(٨) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً كمن لم يزيّن له بل وفّق حتّى عرف الحقّ فحذف الجواب لدلالة ما بعده عليه فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام : انه سئل عن العجب الذي يفسد العمل فقال للعجب درجات منها ان يزيّن للعبد سُوءُ عَمَلِهِ فيراه حَسَناً فيعجبه ويحسب انّه يحسن صنعاً فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ فلا تهلك نفسك عليهم للحسرات على غيّهم وإصرارهم على التكذيب إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ فيجازيهم عليه.

القمّيّ مرفوعاً قال : نزلت في زريق وحبتر.

(٩) وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ وقرئ الرّيح فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بالمطر النازل منه بَعْدَ مَوْتِها بعد يبسها.

في الكافي والقمّيّ عن أمير المؤمنين عليه السلام : انّه سئل عن السّحاب أين يكون قال يكون على شجر على كثيب على شاطئ البحر يأوي إليه فإذا أراد الله عزّ وجلّ ان يرسله أَرْسَلَ ريحاً فأثارته فوكّل به ملائكة يضربونه بالمخاريق وهو البرق فيرتفع.

٢٣٢

وزاد في الكافي : ثمّ قرأ هذه الآية وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ الآية قال والملك اسمه الرّعد كَذلِكَ النُّشُورُ أي مثل إحياء الموات احياء الأموات وقد سبق من تفسير الإمام (ع) في قصّة البقرة : انَّ الله عزّ وجلّ ينزل بين نفختي الصّور بعد ما ينفخ النّفخة الأولى من دون السماء الدنيا من البحر المسجور الّذي قال الله تعالى والْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وهو منّي كمنّي الرجال فيمطر ذلك على الأرض فيلقى الماء المنيّ مع الأموات البالية فينبتون من الأرض ويحيون.

وفي المجالس والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السّماء على الأرض أربعين صباحاً فاجتمعت الأوصال ونبتت اللّحوم.

(١٠) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ الشرف والمنفعة فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً أي فليطلبها من عنده فانّ كلّها له.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : إنّ ربّكم يقول كلّ يوم أنا العزيز فمن أراد عزّ الدّارين فليطع العزيز إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ قيل بيان لما يطلب به العزّة وهو التّوحيد والعمل الصّالح.

والقمّيّ قال كلمة الإخلاص والإقرار بما جاء به محمّد صلّى الله عليه وآله من عند الله من الفرائض والولاية ترفع الْعَمَلُ الصَّالِحُ إلى الله.

وعن الصادق عليه السلام : الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قول المؤمن : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله عليّ وليّ الله وخليفة رسول الله صلوات الله عليهما قال وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ الاعتقاد بالقلب أنّ هذا هو الحقّ من عند الله لا شكّ فيه من ربّ العالمين.

وعن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : انّ لكلّ قول مصداقاً من عمل يصدّقه أو يكذّبه فإذا قال ابن آدم وصدّق قوله بعمله رفع قوله بعمله إلى الله وإذا قال وخالف عمله قوله ردّ قوله على عمله الخبيث وهوى به في النار.

في الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال : ولايتنا اهْل البيت وأَومى بيده الى صدره فمن لم يتولّنا لم يرفع الله له عملاً.

٢٣٣

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : من قال لا اله إلّا الله مخلصاً طمست ذنوبه كما يطمس الحرف الأسود من الرّق الأبيض فإذا قال ثانية لا إله إلّا الله مخلصاً خرقت أبواب السماء وصفوف الملائكة حتّى تقول الملائكة بعضها لبعض اخشعوا لعظمة أمر الله فإذا قال ثالثة مخلصاً لا إله إلّا الله لم تنته دون العرش فيقول الجليل اسكتي فو عزّتي وجلالي لأغفرنّ لقائلك بما كان فيه ثمّ تلا هذه الآية إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ يعني إذا كان عمله خالصاً ارتفع قوله وكلامه وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ المكرات السيّئات قيل يعني مكرات قريش للنبيّ صلّى الله عليه وآله في دار النّدوة وتدارئهم (١) الرّأي في احدى ثلاث حبسه وقتله واجلائه.

أقولُ : ويشمل مكرات أصحاب السّقيفة في ردّ وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وآله للوصيّ وغير ذلك لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ لا يؤبه دونه ما يمكرون به وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ يفسد ولا ينفذ وفي العاقبة يحيق بهم.

(١١) وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً ذكراناً وأناثاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ الّا معلومة له وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ القمّيّ يعني يكتب في كتاب قال وهو ردّ على من ينكر البداء.

وفي الجوامع قيل معناه لا يطول عمر وَلا يُنْقَصُ إِلَّا فِي كِتابٍ وهو ان يكتب في اللّوح لو أطاع الله فلان بقي إلى وقت كذا وإذا عصى نقص من عمره الّذي وُقِّت له وإليه أشار رسول الله صلّى الله عليه وآله : انّ الصّدقة وصلة الرّحم تعمران الدّيار وتزيدان في الأعمار.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : ما نعلم شيئاً يزيد في العمر الّا صلة الرّحم حتّى انّ الرجل يكون اجله ثلاث سنين فيكون وصولاً للرّحم فيزيد الله عزّ وجلّ في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثاً وثلاثين سنة ويكون أجله ثلاثاً وثلاثين سنة فيكون قاطعاً للرحم فينقصه الله ثلاثين سنة في عمره ويجعل اجله الى ثلاث سنين والاخبار في هذا

__________________

(١) يتدارءون الحديث أي يتدافعونه فكلّ منهم يدفع قول صاحبه بما ينفعه من القول.

٢٣٤

المعنى كثيرة جدّاً إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ إشارة إلى الحفظ والزّيادة والنّقص.

(١٢) وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : الأجاج هو المرّ قيل هو مثل للمؤمن والكافر وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها اللّئالي واليواقيت وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ (١) تشقّ الماء بجريها القمّيّ يقول الْفُلْكَ مقبلة ومدبرة بريح واحدة لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ من فضل الله بالنقلة فيها وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ على ذلك.

(١٣) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ القمّيّ قال الجلدة الرّقيقة الّتي على ظهر النّوى.

(١٤) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ لأنّهم جماد وَلَوْ سَمِعُوا على سبيل الفرض مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ لعدم قدرتهم عليها وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ولا يخبرك بالأمر مخبر مِثْلُ خَبِيرٍ به أخبرك وهو الله سبحانه فانّه الخبير به على الحقيقة دون سائر المخبرين والمراد تحقيق ما اخبر به عن حال آلهتهم ونفي ما يدّعون لهم.

(١٥) يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ في أنفسكم وأحوالكم وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ المستغني على الإطلاق المنعم على سائر الموجودات حتّى استحقّ عليهم الحمد.

(١٦) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ بقوم آخرين أطوع منكم.

(١٧) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ بمتعذّر أو متعسّر.

(١٨) وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ولا تحمل نفس آثمة اثم نفس اخرى وامّا قوله وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ ففي الضّالّين المضلّين فانّهم يحملون أثقال اضلالهم مع أثقال ضلالهم وكلّ ذلك أوزارهم ليس فيها شيء من أوزار غيرهم وَإِنْ

__________________

(١) مَواخِرَ : جواري تشق الماء شقاً.

٢٣٥

تَدْعُ مُثْقَلَةٌ نفس أثقلها الأوزار إِلى حِمْلِها تحمل بعض أوزارها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ لم تجب بحمل شيء منه نفى ان يحمل عنها ذنبها كما نفى ان يحمل عليها ذنب غيرها وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى ولو كان المدعوّ ذا قرابتها أضمر المدعوّ لدلالة ان تدع عليه إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ فَانَّهُم الْمُنْتَفِعُون بالإنذار لا غير وَمَنْ تَزَكَّى ومن تطهّر عن دنس المعاصي فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ إذ نفعه لها وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ فتجازيهم على تزكيتهم

(١٩) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ الكافر والمؤمن.

(٢٠) وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ ولا الباطل ولا الحقّ

(٢١) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ولا الثواب ولا العقاب ولا لتأكيد نفي الاستواء وتكريرها على الشّقين لمزيد التأكيد والْحَرُورُ من الحرّ غلب على السّموم القمّيّ الظلّ النّاس والحرور البهائم.

(٢٢) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ تمثيل آخر للمؤمنين والكافرين أبلغ من الأوّل ولذلك كرّر الفعل وقيل للعلماء والجهلاء إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ هدايته فيوفّقه لفهم آياته والاتّعاظ بعظاته وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ المصرّين على الكفر.

(٢٣) إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ فما عليك الّا الانذار وامّا الاستماع فلا عليك ولا حيلة لك إليه في المطبوع على قلوبهم.

(٢٤) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ اهل عصر إِلَّا خَلا مضى فِيها نَذِيرٌ من نبيّ أو وصيّ نبيّ القمّيّ قال لكلّ زمان إمام.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : لم يمت محمّد الّا وله بعيث نذير قال فان قيل لا فقد ضيّع رسول الله صلّى الله عليه وآله من في أصلاب الرجال من أمّته قيل وما يكفيهم القرآن قال بلى ان وجدوا له مفسّراً قيل وما فسّره رسول الله صلّى الله عليه وآله قال بلى قد فسّره لرجل واحد وفسّر للأمّة شأن ذلك الرّجل وهو عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

(٢٥) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات الشاهدة على نبوّتهم وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ كصحف

٢٣٦

إبراهيم عليه السلام والتوراة والإنجيل.

(٢٦) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أي إنكاري بالعقوبة.

(٢٧) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ أي ذو جدد اي خطط وطرائق بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها بالشدّة والضّعف وَغَرابِيبُ سُودٌ ومنها غرابيب متّحدة اللّون والغربيب تأكيد للأسود وحقّه ان يتّبع المؤكّد قدّم لمزيد التأكيد لما فيه من التأكيد باعتبار الإضمار والاظهار.

(٢٨) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ كاختلاف الثمار والجبال إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إذ شرط الخشية معرفة المخشيّ والعلم بصفاته وأفعاله فمن كان اعلم به كان أخشى منه ولذلك قال النبيّ صلّى الله عليه وآله إنَّي أخشاكم لله أتقاكم له إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنّه معاقب للمصرّ على طغيانه غفور للتائب عن عصيانه.

في المجمع عن الصادق عليه السلام : يعني بالعلماء من صدّق قوله فعله ومن لم يصدّق فعله قوله فليس بعالم وفي الحديث : أعلمكم بالله أخوفكم لله.

وفي الكافي عن السجّاد عليه السلام : وما العلم بالله والعمل الّا الفان مؤتلفان فمن عرف الله خافه وحثّه الخوف على العمل بطاعة الله وانّ أرباب العلم وأتباعهم الّذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه وقد قال الله إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.

وعن الصادق عليه السلام : انّ من العبادة شدّة الخوف من الله ثمّ تلا هذه الآية.

وفي مصباح الشريعة عنه عليه السلام : دليل الخشية التعظيم لله والتمسّك بخالص الطّاعة وأوامره والخوف والحذر ودليلهما العلم ثمّ تلا هذه الآية.

(٢٩) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ لن تكسد ولن تهلك بالخسران والتجارة تحصيل الثواب بالطاعة.

(٣٠) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ على ما يقابل أعمالهم.

٢٣٧

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : هو الشفاعة لمن وجب له النّار ممّن صنع إليه معروفاً في الدّنيا إِنَّهُ غَفُورٌ لفرطاتهم شَكُورٌ لطاعاتهم اي مجازيهم عليها.

(٣١) وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ يعني القرآن هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتب السماوية إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ عالم بالبواطن والظواهر.

(٣٢) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا يعني العترة الطّاهرة خاصّة فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ لا يعرف إمام زمانه وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ يعرف الإمام وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ هو الإمام.

في البصائر عن الباقر عليه السلام : هي في ولد عليّ وفاطمة عليهما السلام.

وفي الكافي عنه عليه السلام قال : السابق بِالْخَيْراتِ الإمام والمقتصد العارف للإمام والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام.

وعن الصادق عليه السلام : انّه قيل له انّها في الفاطميّين فقال ليس حيث تذهب ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا النّاس الى ضلال فقيل أيّ شيء الظّالم لنفسه قال الجالس في بيته لا يعرف حقّ الإمام والمقتصد العارف بحقّ الإمام والسّابق بالخيرات الإمام.

وعن الكاظم عليه السلام : انّه تلا هذه الآية قال فنحن الّذين اصطفانا الله تعالى عزّ وجلّ وَاوْرَثَنا هذا الكتاب فيه تِبْيانُ كُلِّ شَيْءٍ.

وعن الرضا عليه السلام : انّه سئل عنها قال ولد فاطمة عليها السلام والسابق بالخيرات الإمام والمقتصد العارف بالإمام والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام.

وفي العيون عنه عليه السلام : أراد الله بذلك العترة الطّاهرة ولو أراد الأمّة لكانت بأجمعها في الجنّة لقول الله فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ الآية ثمّ جمعهم كلّهم في الجنّة فقال جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها الآية فصارت الوارثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم.

وفي الخرائج عن الزكيّ عليه السلام : كلّهم من آل محمّد صلّى الله عليه وآله الظّالم لنفسه الذي لا يقرّ بالإمام عليه السلام والمقتصد العارف بالإمام والسابق

٢٣٨

بالخيرات الإمام عليه السلام.

وعن الصادق عليه السلام : انّ فاطمة عليها السلام لعظمها على الله حرّم الله ذرّيتها على النار وفيهم نزلت ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الآية ثمّ فسّر الفرق الثّلاث بما مرّ.

وفي المجمع عنه عليه السلام : الظالم لنفسه منّا من لا يعرف حقّ الإمام والمقتصد منّا من يعرف حقّ الإمام والسابق بالخيرات هو الإمام وهؤلاء كلّهم مغفور لهم.

وفي الاحتجاج عنه عليه السلام : أنّه سئل عنها وقيل له انّها لولد فاطمة عليها السلام خاصّة فقال أمّا من سلّ سيفه ودعا الناس إلى نفسه الى الضلال من ولد فاطمة عليها السلام فليس بداخل في هذه الآية قيل من يدخل فيها قال الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس الى ضلال ولا هدى والمقتصد منّا أهل البيت العارف حقّ الإمام والسابق بالخيرات الإمام.

وفي المناقب عنه عليه السلام : نزلت في حقّنا وحقّ ذرّياتنا.

وفي رواية عنه عن أبيه عليهما السلام : هي لنا خاصّة وإيّانا عنى.

وعن الباقر عليه السلام : هم آل محمّد صلوات الله عليهم.

وفي المعاني عنه عليه السلام : انّه سئل عنها فقال نزلت فينا أهل البيت فقيل فمن الظالم لنفسه قيل من استوت حسناته وسيّئاته منّا أهل البيت فهو الظالم لنفسه فقيل من المقتصد منكم قال العابد لله في الحالين حتّى يأتيه اليقين فقيل فمن السّابق منكم بالخيرات قال من دعا والله الى سبيل ربّه وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يكن للمضلّين عضداً ولا للخائنين خصيماً ولم يرض بحكم الفاسقين الّا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد أعواناً.

وعن الصادق عليه السلام : انّه سئل عنها فقال الظالم يحوم حول نفسه والمقتصد يحوم حول قلبه والسابق يحوم حول ربّه عزّ وجلّ.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : امّا الظالم لنفسه منّا فمن عمل عملاً

٢٣٩

صالحاً وآخر سيّئاً وامّا المقتصد فهو المتعبّد المجتهد وامّا السابق بالخيرات فعليّ والحسن والحسين عليهم السلام ومن قتل من آل محمّد صلوات الله عليهم شهيداً.

وفي سعد السعود (١) عنه عليه السلام : هي لنا خاصّة امّا السابق بالخيرات فعليّ ابن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام والشهيد منّا وامّا المقتصد فصائم بالنّهار وقائم باللّيل وامّا الظالم لنفسه ففيه ما في الناس وهو مغفور له ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ إشارة إلى التوريث أو الاصطفاء أو السّبق.

(٣٣) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها.

في المعاني عن الصادق عليه السلام : يعني المقتصد والسابق.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله في هذه الآية قال : وامّا السابق فيدخل الجنّة بغير حساب وامّا المقتصد فيحاسب حساباً يسيراً وامّا الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثمّ يدخل الجنّة فهم الذين قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وقرئ لؤلؤاً بالنّصب وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ.

(٣٤) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ للمذنبين شَكُورٌ للمطيعين.

(٣٥) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ دار الإقامة مِنْ فَضْلِهِ من انعامه وتفضّله لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ تعب وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ كلال إذ لا تكليف فيها ولا كدّ اتبع نفي النّصب نفي ما يتبعه مبالغة القمّيّ قال النّصب العناء واللّغوب الكسل والضّجر ودارَ الْمُقامَةِ دار البقاء.

في الكافي والقمّيّ عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إذا دخل المؤمن منازله في الجنّة وضع على رأسه تاج الملك والكرامة والبس حلل الذّهب والفضّة والدرّ والياقوت منظوماً في الإكليل تحت التّاج والبس سبعين حلّة حرير بألوان مختلفة منسوجة بالذّهب والفضّة واللّؤلؤ والياقوت الأحمر وذلك قوله

__________________

(١) من مصنّفات الزاهد السيّد جمال العارفين أبي القاسم عليّ بن موسى الطاووس الحسيني.

٢٤٠