تفسير الصّافي - ج ٤

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤١٢

(٢٨) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لا اختلال فيه بوجهٍ ما لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.

(٢٩) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً للمشرك والموحّد رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ متنازعون مختلفون وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ خالصاً لواحد ليس لغيره عليه سبيل وقرئ سالماً قيل مثل للمشرك على ما يقتضيه مذهبه من أن يدّعي كلّ واحد من معبودية عبوديّته ويتنازعون فيه بعبد متشارك فيه جمع يتجاذبونه ويتعاورونه في مهامهم المختلفة في تحيّره وتوزّع قلبه والموحّد بمن خلص لواحد ليس لغيره عليه سبيل.

والقمّيّ مثل ضربه الله عزّ وجلّ لأمير المؤمنين عليه السلام ولشركائه الّذين ظلموه وغصبوه قوله مُتَشاكِسُونَ أي متباغضون وقوله وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ أمير المؤمنين سلم لرسول الله صلوات الله عليهما.

وفي المعاني عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ألا وإنّي مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلّبوا عليها فتضلّوا في دينكم أنا السَّلَمُ لرسول الله صلّى الله عليه وآله يقول الله عزّ وجلّ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ.

في المجمع عنه عليه السلام : أنا ذلك الرجل السلم لرسول الله صلّى الله عليه وآله.

والعيّاشي عن الباقر عليه السلام : الرجل السلم لرجل حقّاً عليّ وشيعته.

وفي الكافي عنه عليه السلام : امّا الّذي فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ فلان الأوّل يجمع المتفرّقون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضاً ويبرء بعضهم من بعض وامّا رجل سلم لرجل فلان الأوّل حقّاً وشيعته.

أقولُ : أراد عليه السلام بفلان الأوّل في أوّل ما قال أبا بكر فانّه كان أوّل الخلفاء باطلاً وفيما قاله ثانياً أمير المؤمنين عليه السلام فانه كان أوّل الخلفاء حقّاً وانّما قيّد الثاني بقوله حقّاً ولم يقيّد الأول بقوله باطلاً لاحتياج الثاني الى تلك القرينة في فهم المراد منه بخلاف الأوّل كما لا يخفى فالوجه في تخالف أصحاب أبي بكر انّ أبا بكر لم يكن سلماً لله ولرسوله لا في أمر الامارة ولا فيما يتبنّى عليها من الأحكام

٣٢١

وكان أصحابه أصحاب أهواء وآراء وهي ممّا يجري فيه الاختلاف بخلاف أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته فانّهم كانوا سلماً لله ولرسوله وكانوا أصحاب نصّ من الله ورسوله ولا اختلاف فيه ولذلك أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام اعتقدوه مفترض الطّاعة بخلاف أصحاب أبي بكر هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ لا يشاركه فيه سواه لأنّه المنعم بالذّات بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ فيشركون به غيره لفرط جهلهم.

(٣٠) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ فانّ الكلّ بصدد الموت.

(٣١) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.

القمّيّ يعني أمير المؤمنين عليه السلام ومن غصبه حقّه.

(٣٢) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ قال يعني بما جاء به رسول الله صلّى الله عليه وآله من الحقّ وولاية أمير المؤمنين عليه السلام أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً مقام لِلْكافِرِينَ.

(٣٣) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.

في المجمع عنهم عليهم السلام والقمّيّ : جاءَ بِالصِّدْقِ محمد وَصَدَّقَ بِهِ أمير المؤمنين عليه السلام.

(٣٤) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ.

(٣٥) يُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا فضلاً عن غيره وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ فيعد لهم محاسن أعمالهم بأحسنها في زيادة الأجر وعظمه لفرط إخلاصهم فيها.

(٣٦) أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وقرئ عباده وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ قيل قالت قريش انّا نخاف ان تخبلك آلهتنا لعيبك ايّاها.

والقمّيّ يعني يقولون لك يا محمّد اعفنا من عليّ عليه السلام وَيُخَوِّفُونَكَ بأنّهم يلحقون بالكفّار وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ.

٣٢٢

(٣٧) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ إذ لا رادّ لفعله أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ غالب منيع ذِي انْتِقامٍ ينتقم من أعدائه.

(٣٨) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ لوضوح البرهان على تفرّده بالخالقيّة قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أي أرأيتم بعد ما تحقّقتم انّ خالق العالم هو الله انّ آلهتكم إن أراد الله ان يصيبني ضرّاً هل يكشفنّه أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ بنفع هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ فيمسكنّها عنّي وقرئ بتنوين التّاءين ونصب المفعولين قُلْ حَسْبِيَ اللهُ كافياً في اصابة الخير ورفع الضّرر وروي : انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله سألهم فسكتوا فنزلت وفي إيراد الضمائر مؤنّثات على ما يصفونها به تنبيه على كمال ضعفها عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ لعلمهم بأنّ الكلّ منه.

(٣٩) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ على حالكم وقرئ مكاناتكم إِنِّي عامِلٌ أي على مكانتي فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.

(٤٠) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ من المغلوب في الدّارين فإن خزي أعدائه دليل غلبته وقد أخزاهم الله يوم بَدر وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ دائم وهو عذاب النار.

(٤١) إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ لمصالحهم في معاشهم ومعادهم بِالْحَقِ متلبّساً به فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ نفع به نفسه وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها فانّ وباله لا يتخطّاها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ لتجبرهم على الهدى وانّما عليك البلاغ.

(٤٢) اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها أي يقبضها عن الأبدان بأن يقطع تعلّقها عنها وتصرّفها فيها ظاهراً وباطناً وذلك عند الموت أو ظاهراً لا باطناً وهي في النّوم فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ لا يردّها الى البدن وَيُرْسِلُ الْأُخْرى أي النائمة الى بدنها عند اليقظة إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى هو الوقت المضروب لموته.

العيّاشي عن الباقر عليه السلام قال : ما من أحد ينام الّا عرجت نفسه إلى السّماء

٣٢٣

وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما سبب كشعاع الشّمس فان أذن الله في قبض الأرواح أجابت الرّوح النّفس وان اذن الله في ردّ الرّوح أجابت النّفس الرّوح وهو قوله سبحانه اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها الآية فما رأت في ملكوت السماوات فهو ممّا له تأويل وما رأت فيما بين السماء والأرض فهو ممّا يخيّله الشّيطان ولا تأويل له وقد مضى الوجه في التّوفيق بين نسبة التوفّي تارة إلى الله وأخرى إلى ملك الموت واخرى الى ملائكة أخر في سورة النّساء إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

(٤٣) أَمِ اتَّخَذُوا بل اتّخذ قريش مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ تشفع لهم عند الله قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ أيشفعون ولو كانوا على هذه الصفة كما تشاهدونهم.

(٤٤) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لا يشفع أحد إلّا باذنه لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يملك أحد أن يتكلّم في أمره دون إذنه ورضاه ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في القيامة.

(٤٥) وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ دون آلهتهم اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ انقبضت ونفرت وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ قيل يعني الأوثان إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ لفرط افتتانهم بها ونسيانهم حقّ الله سبحانه ، القمّيّ نزلت في فلان وفلان.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عنها فقال إِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمّد صلوات الله عليهم اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ لم يأمر الله بطاعتهم إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ.

(٤٦) قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فأنت وحدك تقدر أن تحكم بيني وبينهم فانّي تحيّرت في كفرهم وعجزت في عنادهم وشدّة شكيمتهم.

(٤٧) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ

٣٢٤

الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وعيد شديد واقناط كلّي لهم من الخلاص وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ زيادة مبالغة فيه وهو نظير قوله فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ في الوعد.

(٤٨) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وأحاط بهم جزاؤه.

(٤٩) فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا أعطيناه ايّاها تفضّلاً قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ على علم منّي بوجوه كسبه أو بأنّي سأعطاه لما لي من استحقاقه كذا قيل بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ امتحان له أيشكر أم يكفر وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ذلك.

(٥٠) قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني هذه الكلمة كقارون وقومه فإنّه قاله ورضي به قومه فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ من متاع الدّنيا.

(٥١) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ المشركين بالعتّو سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا كما أصاب أولئك وقد أصابهم بالقحط والقتل وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ فائتين.

(٥٢) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

(٥٣) قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أفرطوا في الجناية عليها بالإسراف في المعاصي لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ والقمّيّ قال نزلت في شيعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام خاصّة.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول يا عِبادِيَ الآية قال والله ما أراد بهذا غيركم.

وفي المعاني والقمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : وفي شيعة ولد فاطمة عليها السلام أنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية خاصّة.

وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام : ما على ملّة إبراهيم غيركم وما يقبل الّا

٣٢٥

منكم ولا يغفر الذّنوب الّا لكم.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : أنّه قال ما في القرآن آية أوسع من يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا الآية.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه قال : ما أحبّ أنّ لي الدّنيا وما فيها بهذه الآية.

(٥٤) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ.

(٥٥) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ بمجيئه فتداركون به.

(٥٦) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ كراهة أَنْ تَقُولَ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ بما قصّرت فِي جَنْبِ اللهِ في حقّه وطاعته وقربه.

في المحاسن عن الباقر عليه السلام : انّ أشدّ الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثمّ خالفوه وهو قوله عزّ وجلّ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ الآية.

وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام في هذه الآية قال : جَنْبِ اللهِ أمير المؤمنين عليه السلام وكذلك من كان بعده من الأوصياء بالمكان الرّفيع إلى أن ينتهي الأمر الى آخرهم.

وفي الإكمال والعيّاشي عن الباقر عليه السلام : نحن جَنْبِ اللهِ.

وفي المناقب عنه وعن أبيه وعن ابنه عليهم السلام : هذه الآية جَنْبِ اللهِ عليّ عليه السلام وهو حجّة الله على الخلق يوم القيامة.

وعن الرضا عليه السلام قال : في ولاية عليّ عليه السلام.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : انا جَنْبِ اللهِ وفي الاحتجاج عنه عليه السلام في حديث : وقد زاد جلّ ذكره في التبيان واثبات الحجّة بقوله في أصفيائه وأوليائه أَنْ

٣٢٦

تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ تعريفاً للخليقة قربهم ألا تَرى أنّك تقول فلان الى جنب فلان إذا أردت أن تصف قربه منه انّما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدّلون من إسقاط أسماء حججه منه وتلبيسهم ذلك على الأمّة ليعينوهم على باطلهم فأثبت فيه الرّموز وأعمى قلوبهم وأبصارهم لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدّال على ما أحدثوه فيه وَانْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرينَ المستهزئين بأهله يعني فرّطت وأنا ساخر.

(٥٧) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي بالإِرشاد إلى الحق لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ الشرك والمعاصي.

(٥٨) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ في العقيدة والعمل ولو للدلالة على أنّه لا يخلو من هذه الأقوال تحيّراً أو تعلّلاً بما لا طائل تحته.

(٥٩) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ ردّ من الله عليه لما تضمنه قوله لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي من معنى النفي.

القمّيّ يعني بالآيات الأئمّة عليهم السلام.

(٦٠) وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : في هذه الآية قال من ادّعى انّه إمام وليس بإمام قيل وإن كان علويّاً فاطميّاً قال وإن كان علويّاً فاطميّاً.

وفي الكافي والعيّاشي : مثله أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً مقام لِلْمُتَكَبِّرِينَ عن الإِيمان والطاعة.

القمّيّ عنه عليه السلام قال : إنّ فِي جَهَنَّمَ لوادياً لِلْمُتَكَبِّرِينَ يقال له سقر شكا الى الله شدّة حرّه وسأله أن يتنفّس فأذن له فتنفّس فأحرق جهنّم.

(٦١) وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ بفلاحهم وقرئ بالجمع لا يَمَسُّهُمُ

٣٢٧

السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.

(٦٢) اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ يتولّى التّصرف فيه.

(٦٣) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مفاتيحها لا يملك أمرها ولا يتمكّن من التصرّف فيها غيره وهو كناية عن قدرته وحفظه لها وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.

(٦٤) قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ.

في الجوامع روي : انّهم قالوا استلم بعض آلهتنا نؤمن بالهك فنزلت.

(٦٥) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ من الرسل لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ.

(٦٦) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ ردّ لما أمروه به وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ إنعامه عليك القمّيّ هذه مخاطبة للنبيّ صلّى الله عليه وآله والمعنى لأمّته وهو ما قال الصادق عليه السلام : انّ الله عزّ وجلّ بعث نبيّه صلّى الله عليه وآله بإيّاك أعني واسمعي يا جارة والدّليل على ذلك قوله تعالى بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وقد علم انّ نبيّه صلّى الله عليه وآله يعبده ويشكره ولكن استعبد نبيّه بالدعاء إليه تأديباً لُامّته.

وعن الباقر عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية عليّ عليه السلام من بعدك لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : يعني ان أشركت في الولاية غيره قال بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ يعني بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ بالطّاعة وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ان عضدتك بأخيك وابن عمّك.

(٦٧) وَما (١) قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ما قدّروا عظمته في أنفسهم حقّ تعظيمه حيث وصفوه بما لا يليق به.

__________________

(١) أي ما عظم الله حقّ عظمته إذ عبدوا غيره وأمروا نبيه (ص) بعبادة غيره.

٣٢٨

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له لما شبّهه العادلون بالخلق المبعّض المحدود في صفاته ذي الأقطار والنواحي المختلفة في طبقاته وكان عزّ وجلّ الموجود بنفسه لا بأداته انتفى أن يكون قدروه حَقَّ قَدْرِهِ فقال تنزيهاً بنفسه عن مشاركة الأنداد وارتفاعها عن قياس المقدّرين له بالحدود من كفرة العباد وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية فما دلّك القرآن عليه من صفته فاتّبعه ليتوسّل بينك وبين معرفته وأتمّ به واستضيء بنور هدايته فانّها نعمة وحكمة أوتيتها فخذ ما اوتيت وكن من الشاكرين وما دلّك الشيطان عليه ممّا ليس في القرآن عليك فرضه ولا في سنّة الرسول وأئمّة الهدى عليهم السلام اثره فكل علمه إلى الله عزّ وجلّ فانّ ذلك منتهى حقّ الله عليك.

وعن الباقر عليه السلام : انّ الله لا يوصف وكيف يوصف وقد قال في كتابه وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ فلا يوصف بقدر الّا كان أعظم من ذلك.

والقمّيّ قال نزلت في الخوارج وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ تنبيه على عظمته وحقارة المخلوقات العظام الّتي تتحيّر فيها الأوهام بالإضافة الى قدرته ودلالته على أنّ تخريب العالم أهون شيء عليه كذا قيل والقبضة المرّة من القبض أطلقت بمعنى القبضة وهي المقدار المقبوض بالكفّ.

في التوحيد عن الصادق عليه السلام : قَبْضَتُهُ يعني ملكه لا يملكها معه أحد قال اليمين واليد القدرة والقوّة مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ يعني بقوّته وقدرته سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ.

(٦٨) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ يعني المرّة الأولى فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ خرّوا ميّتين إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ.

في المجمع روي مرفوعاً : هم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت.

وفي رواية : انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله سأل جبرئيل عن هذه الآية من ذَا الَّذِي لَمْ يَشَأ الله ان يصعقهم قال هم الشّهداء متقلّدون أسيافهم حول العرش ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى نفخة أخرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ قائمون من قبورهم يقلّبون أبصارهم في الجواب.

٣٢٩

القمّيّ عن السجّاد عليه السلام : انّه سئل عن النفختين كم بينهما قال ما شاء الله قيل فأخبرني يا ابن رسُول الله كيف ينفخ فيه فقال امّا النفخة الأولى فانّ الله عزّ وجلّ يأمر إسرافيل فيهبط إلى الدنيا ومعه الصّور وللصّور رأس واحد وطرفان وبين رأس كلّ طرف منهما الى الآخر مثل ما بين السماء والأرض فإِذا رأت الملائكة إسرافيل قد هبط إلى الدنيا ومعه الصور قالوا قد أذن الله في موت أهل الأرض وفي موت أهل السماء قال فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس وهو مستقبل الكعبة فإذا رآه أهل الأرض قالوا قد أذن الله تعالى في موت أهل الأرض فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطّرف الذي يلي الأرض فلا يبقى في الأرض ذو روح الّا صعق ومات ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات ذو روح الّا صعق ومات الّا إسرافيل قال فيقول الله لإِسرافيل يا إسرافيل مُتْ فيموت إسرافيل فيمكثون في ذلك ما شاء الله ثمّ يأمر السماوات فتمور ويأمر الجبال فتسير وهو قوله تعالى يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً يعني تبسط وتبدّل الأرض غير الأرض يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أوّل مرّة ويعيد عرشه على الماء كما كان أوّل مرّة مستقلًّا بعظمته وقدرته قال فعند ذلك ينادي الجبّار تبارك وتعالى بصوت من قبله جهوريّ يسمع أقطار السماوات والأرضين لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ فلا يجيبه مجيب فعند ذلك يقول الجبّار عزّ وجلّ مجيباً لنفسه لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ وانا قهرت الخلائق كلّهم وأمتّهم انّي أنا الله لا إله إلّا أنا وحدي لا شريك لي ولا وزير وانا خلقت خلقي بيدي وانا امتّهم بمشيئتي وانا أحييهم بقدرتي قال فينفخ الجبّار نفخة أخرى في الصور فيخرج الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات أحد الّا حيّ وقام كما كان ويعود حملة العرش ويحضر الجنّة والنّار ويحشر الخلائق للحساب قال الرّاوي فرأيت عليّ بن الحسين عليهما السلام يبكي عند ذلك بكاءً شديداً.

وعن الصادق عليه السلام : إذا أراد الله ان يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحاً فاجتمعت الأوصال ونبتت اللّحوم وقال اتى جبرئيل رسول الله صلّى الله عليه وآله فأخذ بيده وأخرجه الى البقيع فانتهى به إلى قبر فصوّت بصاحبه

٣٣٠

فقال قم بإذن الله فخرج منه رجل ابيض الرّأس واللّحية يمسح التراب عن رأسه وهو يقول الحمد لله والله أكبر فقال جبرئيل عد بإذن الله تعالى ثمّ انتهى به إلى قبر آخر فقال قم بإذن الله فخرج منه رجل مسودّ الوجه وهو يقول يا حسرتاه يا ثبوراه ثمّ قال له جبرئيل عد إلى ما كنت فيه بإذن الله عزّ وجلّ فقال يا محمّد هكذا يحشرون يوم القيامة فالمؤمنون يقولون هذا القول وهؤلاء يقولون ما ترى.

(٦٩) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها قيل بما اقام فيها من العدل سمّاه نوراً لأنّه يزيّن به البقاع ويظهر الحقوق كما سمّى الظّلم ظلمة ففي الحديث : الظلم ظلمات يوم القيامة.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال : ربّ الأرض إمام الأرض قيل فإذا خرج يكون ما ذا قال إذاً يستغني الناس عن ضوء الشّمس ونور القمر ويجتزءون بنور الإِمام عليه السلام.

وفي إرشاد المفيد عنه عليه السلام قال : إذا قام قائمنا أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها واستغنى العباد عن ضوء الشمس ونور القمر وذهبت الظلمة وَوُضِعَ الْكِتابُ للحساب وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ القمّيّ الشهداء الأئمّة عليهم السلام والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الحجّ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا أنتم يا معشر الأئمّة شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ*وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بين العباد بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.

(٧٠) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ جزاؤه وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ فلا يفوته شيء من أفعالهم.

(٧١) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً أفواجاً متفرّقة بعضها في أثر بعض على تفاوت أقدامهم في الضلالة والشرارة حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها ليدخلوها وقرئ بتخفيف التاء وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها تقريعاً وتوبيخاً أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ من جنسكم يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ كلمة الله بالعذاب علينا وهو الحكم عليهم بالشّقاوة وانّهم من أهل النار.

٣٣١

(٧٢) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ قد مضى اخبار بيان أبواب جهنّم في سورة الحجر.

(٧٣) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ اسراعاً بهم إلى دار الكرامة ويساقون راكبين كما مرّ في سورة مريم (ع) زُمَراً على تفاوت مراتبهم في الشّرف وعلوّ الطبقة حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها قيل حذف جواب إذا للدلالة على أنّ لهم حينئذ من الكرامة والتعظيم ما لا يحيط به الوصف وانّ أبواب الجنّة تفتح لهم قبل مجيئهم منتظرين وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا يعتريكم بعد مكروهٌ طِبْتُمْ طهّرتم من دنس المعاصي.

القمّيّ أي طاب مواليدكم لأنّه لا يدخل الجنّة الّا طيّب المولد فَادْخُلُوها خالِدِينَ.

في الخصال عن الصادق عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السلام قال : إنّ للجنّة ثمانية أبواب باب يدخل منه النبيّون والصدّيقون وباب يدخل منه الشهداء والصالحون وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول ربّ سلّم شيعتي ومحبّي وأنصاري وأوليائي ومن تولّاني في دار الدنيا فإذا النداء من بطنان العرش قد أجيبت دعوتك وشفّعت في شيعتك ويشفع كلّ رجل من شيعتي ومن تولّاني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفاً من جيرانه وأقربائه وباب يدخل منه سائر المسلمين ممّن يشهد أن لا إِله إلّا الله ولم يكن في قلبه مثقال ذرّة من بُغضنا أهل البيت.

وعن الباقر عليه السلام : أحسنوا الظنّ بالله واعلموا انّ للجنّة ثمانية أبواب عرض كلّ باب منها مسيرة أربعمائة سنة.

(٧٤) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ بالبعث والثواب وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : يعني أرض الجنّة نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الجنّة.

٣٣٢

(٧٥) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ محدقين مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ذاكرين له بوصفي جلاله وإكرامه تلذّذاً به وفيه اشعار بأنّ منتهى درجات العلّيّين وأعلى لذائذهم هو الاستغراق في صفات الحقّ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ بين الخلق وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أي على ما قضى بيننا بالحقّ والقائلون هم المؤمنون.

في ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ سُورة الزمر استخفافاً من لسانه أعطاه الله من شرف الدنيا والآخرة وأعزّه بلا مال ولا عشيرة حتّى يهابه من يراه وحُرّم جسده على النار وبُني له في الجنّة ألف مدينة في كلّ مدينة ألف قصر في كلّ قصر مائة حوراء وله مع هذا عَيْنانِ تَجْرِيانِ وعَيْنانِ نَضَّاخَتانِ وجَنَّتانِ مُدْهامَّتانِ وحُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ وذَواتا أَفْنانٍ ومِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ.

وفي المجمع : مثله بدون قوله استخفافاً من لسانه وقوله ذَواتا أَفْنانٍ إلى آخره

٣٣٣

سُورة المُؤمن مكّيّة

وقال ابن عبّاس وقتادة الّا آيتين منها نزلتا بالمدينة إِنَّ الَّذِينَ

يُجادِلُونَ إلى قوله لا يَعْلَمُونَ عدد آيها خمس وثمانون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) حم قد سبق تأويله.

وفي المعاني عن الصادق عليه السلام : وامّا حم فمعناه الحميد المجيد.

(٢) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.

(٣) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ ذي الفضل بترك العقاب المستحقّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فيجب الإِقبال الكلّي على عبادته إِلَيْهِ الْمَصِيرُ فيجازي المطيع والعاصي.

(٤) ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ بالطعن فيها وادحاض الحقّ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا

في الإكمال عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : لعن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيّاً ومن جادل فِي آياتِ اللهِ فقد كفر ثمّ تلا هذه الآية.

وروي عنه صلّى الله عليه وآله : انّ جدالاً في القرآن كفر وانّما نكر لجواز الجدال لحلّ عقده واستنباط حقائقه وقطع تشبّث أهل الزّيغ به وردّ مطاعنهم فيه فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ بالتجارات المربحة فانّهم مأخوذون عن قريب بكفرهم أخذ من قبلهم.

(٥) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ والذين تحزّبوا على الرّسل وناصبوهم بعد قوم نوح كعاد وثمود وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ من هؤلاء بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ

٣٣٤

ليتمكّنوا من اصابته بما أرادوا من تعذيبه وَجادَلُوا بِالْباطِلِ بما لا حقيقة له لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ ليزيلوه به فَأَخَذْتُهُمْ بالإِهلاك جزاء لهم فَكَيْفَ كانَ عِقابِ فانّكم تمرّون على ديارهم وترون أثره أو تتلون قصصهم في القرآن وهو تقرير فيه تعجيب.

(٦) وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ القمّيّ عن الباقر عليه السلام : يعني بني اميّة.

(٧) الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ يذكرون الله بمجامع الثّناء من صفات الجلال والإِكرام وَيُؤْمِنُونَ بِهِ أخبر عنهم بالإِيمان إظهاراً لفضله وتعظيماً لأهله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا في العيون عن الرضا عليه السلام لِلَّذِينَ آمَنُوا بولايتنا.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ لله ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقُوطه وذلك قوله تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ الآية قال استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق رَبَّنا يقولون رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ.

(٨) رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ليتمّ سرورهم إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الذي لا يمتنع عليه مقدور الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الّا ما تقتضيه حكمته ومن ذلك الوفاء بالوعد.

(٩) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

القمّيّ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يعني رسول الله صلّى الله عليه وآله والأوصياء عليهم السلام من بعده يحملون علم الله وَمَنْ حَوْلَهُ يعني الملائكة لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني شيعة آل محمّد صلوات الله عليهم لِلَّذِينَ تابُوا من ولاية فلان وفلان وبني اميّة وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ أي ولاية وليّ الله وَمَنْ صَلَحَ يعني من تولّى عليّاً عليه السلام وذلك صلاحهم فَقَدْ رَحِمْتَهُ يعني يوم القيامة وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لمن نجّاه الله من هؤلاء يعني ولاية فلان وفلان.

٣٣٥

وفي الكافي مرفوعاً : انّ الله عزّ وجلّ أعطى التّائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والأرض لنجوا بها ثمّ تلا هذه الآية.

(١٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ يوم القيامة فيقال لهم لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ أي لَمَقْتُ اللهِ إيّاكم أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ الأمّارة بالسوء إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ القمّيّ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أميّة إِلَى الْإِيمانِ يعني إلى ولاية عليّ عليه السلام.

(١١) قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : ذلك في الرجعة.

أقولُ : لعلّ المراد انّ التّثنية انّما تتحقّق بالرجعة أو يقولون ذلك في الرجعة بسبب الإِحياء والإماتة اللّتين في القبر للسّؤال فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ فهل الى نوع خروج من العذاب من طريق فنسلكه وذلك إنّما يقولونه من فرط قنوطهم تعلّلاً وتحيّراً ولذلك أجيبوا بما أجيبوا.

(١٢) ذلِكُمْ الّذي أنتم فيه بِأَنَّهُ بسبب أنّه إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ بالتوحيد وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا بالإِشراك.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : يقول إذا ذكر الله وحده بولاية من أمر الله بولايته كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ من ليست له ولاية تُؤْمِنُوا بأنّ له ولاية.

وفي الكافي عنه عليه السلام : إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ وأهل الولاية كَفَرْتُمْ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ من أن يشرك به ويُسوّى بغيره حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد.

(١٣) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ الدّالة على التوحيد وسائر ما يجب أن يعلم وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً أسباب رزق وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ يرجع عن الإنكار بالإقبال عليها والتفكّر فيها.

(١٤) فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ من الشرك وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ إخلاصكم وشق عليهم.

٣٣٦

(١٥) رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ.

القمّيّ قال روح القدس وهو خاصّ برسول الله صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ يوم القيامة.

في المعاني عن الصادق عليه السلام والقمّيّ قال : يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض.

(١٦) يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ خارجون من قبورهم لا يسترهم شيء لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ من أعيانهم وأعمالهم وأحوالهم لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ حكاية لما يسئل عنه ولما يجاب به بما دلّ عليه ظاهر الحال فيه من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط وأمّا حقيقة الحال فناطقة بذلك دائماً.

(١٧) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ إذ لا يشغله شأن عن شأن.

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث تفسير الحروف قال : والميم ملك الله يوم لا مالك غيره ويقول الله لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ثمّ تنطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه فيقولون لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ فيقول الله جلّ جلاله الْيَوْمَ تُجْزى الآية.

وفي نهج البلاغة : وانّه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها بلا وقت ولا مكان ولا حين ولا زمان عدمت عند ذلك الآجال والأوقات وزالت السّنون والساعات فلا شيء إلّا الواحد القهّار الذي إليه مصير جميع الأمور بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها وبغير امتناع منها كان فناؤها ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها وقد مضى حديث آخر في هذا المعنى في أواخر سورة الزمر.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام في حديث إماتة الله أهل الأرض وأهل السماء والملائكة قال : ثمّ لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كلّه وأضعاف ذلك ثمّ يقول

٣٣٧

الله عزّ وجلّ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ فيردّ على نفسه لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ اين الجبّارون اين الذين ادّعوا مَعِيَ الهاً آخر أين المتكبّرون ونخوتهم ثمّ يبعث الخلق.

(١٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ أي القيامة سمّيت بها لُازوفها اي قربها إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ فانّها ترتفع عن أماكنها فتلتصق بحلوقهم فلا تعود فيتروّحوا ولا تخرج فيستريحوا كاظِمِينَ على الغمّ القمّيّ قال مغمومين مكروبين ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ قريب مشفق وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ يشفع.

في التوحيد عن الباقر عليه السلام : ما من مؤمن يرتكب ذنباً الّا ساءه ذلك وندم عليه.

وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وآله كفى بالنّدم توبة وقال من سرّته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن فانّ من لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالماً والله تعالى يقول ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ.

(١٩) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ استراق النّظر.

في المعاني عن الصادق عليه السلام : إنّه سئل عن معناها فقال ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشيء وكأنّه لا ينظر إليه فذلك خائِنَةَ الْأَعْيُنِ.

وفي المجمع في حديث ابن أبي سرح : فقال له عبّاد بن بشير يا رسول الله انّ عيني ما زالت في عينك انتظار أن تومئ إليّ فأقتله فقال إنّ الأنبياء لا يكون لهم خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ من الضمائر.

(٢٠) وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ وقرئ بالتاء لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ تهكّم بهم إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ تقرير لعلمه بخائنة الأعين وقضائه بالحقّ ووعيد لهم على ما يقولون ويفعلون وتعريض بحال ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ.

(٢١) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ ما لحال الذين كذّبوا الرّسل قبلهم كعاد وثمود كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً قدرة وتمكّنا وقرئ منكم وَآثاراً فِي الْأَرْضِ مثل القلاع والمدائن الحصينة فَأَخَذَهُمُ بذنوبهم وَما كانَ لَهُمْ

٣٣٨

مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ يمنع العذاب عنهم.

(٢٢) ذلِكَ الأخذ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌ متمكّن ممّا يريده غاية التمكّن شَدِيدُ الْعِقابِ لا يؤبه بعقاب دون عقابه.

(٢٣) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا بالمعجزات وَسُلْطانٍ مُبِينٍ وحجّة قاهرة ظاهرة.

(٢٤) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ يعنون موسى عليه السلام.

(٢٥) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ أي أعيدوا عليهم ما كنتم تفعلون بهم اوّلا كي يصدّوا عن مظاهرة موسى وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ في ضياع.

(٢٦) وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ قاله تجلّداً وعدم مبالاة بدعائه قيل كانوا يكفّونه عن قتله ويقولون انّه ليس الذي تخافه بل هو ساحر ولو قتلته ظنّ أنّك عجزت عن معارضته بالحجّة وتعلّله بذلك مع كونه سفّاكاً في أهون شيء دليل على أنّه تيقّن انّه نبيّ فخاف من قتله أو ظنّ أنّه لو حاوله لم يتيسّر له.

في العلل عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية ما كان يمنعه قال منعته رشدته ولا يقتل الأنبياء ولا أولاد الأنبياء الّا أولاد الزنا إِنِّي أَخافُ ان لم اقتله أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ ان يغيّر ما أنتم عليه من عبادته وعبادة الأصنام كقوله وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَأَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ ما يفسد دنياكم من التحارب والتهارج وقرئ بالواو على معنى الجمع وبفتح الياء والهاء ورفع الفساد.

(٢٧) وَقالَ مُوسى أي لقومه لمّا سمع كلامه إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ.

(٢٨) وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ من أقربائه.

في العيون عن الرضا عليه السلام : كان ابن خاله وفي خبر آخر : كان ابن عمّه كما

٣٣٩

يأتي يَكْتُمُ إِيمانَهُ القمّيّ قال كتم إيمانه ستّ مائة سنة.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : التقيّة من ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقيّة له والتقيّة ترس الله في الأرض لأنّ مؤمن آل فرعون لو أظهر الإِسلام لقتل.

وفي المجالس عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : الصدّيقون ثلاثة وعدّ منهم حزقيل مؤمن آل فرعون وقد مرّ تمامه أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أتقصدون قتله أَنْ يَقُولَ لأن يقول رَبِّيَ اللهُ وحده وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ أضافه إليهم بعد ذكر البيّنات احتجاجاً عليهم واستدراجاً لهم إلى الاعتراف به ثمّ أخذهم بالاحتجاج من باب الاحتياط وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ لا يتخطّاه وبال كذبه فيحتاج في دفعه الى قتله وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ فلا أقلّ من أن يصيبكم بعضه وفيه مبالغة في التحذير وإظهار للانصاف وعدم التعصّب ولذلك قدّم كونه كاذباً إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ قيل احتجاج ثالث ذو وجهين أحدهما انّه لو كان مسرفاً كذّاباً لما هداه الله الى البيّنات ولما عضده بتلك المعجزات وثانيهما انّ من خذله الله وأهلكه فلا حاجة لكم الى قتله ولعلّه أراد به المعنى الأوّل وخيّل إليهم الثاني لتلين شكيمتهم وعرّض به فرعون بأنّه مسرف كذّاب لا يهديه الله سبيل الصواب.

(٢٩) يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ غالبين عالين فِي الْأَرْضِ أرض مصر فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا أي فلا تفسدوا أمركم ولا تتعرّضوا لبأس الله بقتله فانّه ان جاءنا لم يمنعنا منه أحد وانّما أدرج نفسه فيه ليريهم انّه معهم ومساهمهم فيما ينصح لهم قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ ما أشير عليكم إِلَّا ما أَرى واستصوبه من قتله وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ طريق الصواب.

(٣٠) وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ في تكذيبه والتعرّض له مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مثل أيّام الأمم الماضية المتحزّبة على الرسل يعني وقائعهم وجمع الأحزاب مع التفسير أغنى عن جميع اليوم.

(٣١) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ مثل سنّة الله فيهم حين استأصلهم وأهلكهم جزاء بما كانوا عليه من الكفر وإيذاء الرسل وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ كقوم لوط وَمَا

٣٤٠