تفسير الصّافي - ج ٤

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤١٢

وهو محمّد وعليّ والأئمّة عليهم السلام من ذرّيتهما.

القمّيّ قال هو أمير المؤمنين عليه السلام.

(٨٥) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ في الآخرة وقد سبق معنى الوراثة فيها في سورة المؤمنين.

(٨٦) وَاغْفِرْ لِأَبِي بالهداية والتوفيق للايمان إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ طريق الحق وانّما دعا له بالمغفرة لمّا وعده بأنّه سيؤمن كما قال الله تعالى وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ.

(٨٧) وَلا تُخْزِنِي بمعاتبتي على ما فرّطت من الخزي بمعنى الهوان أو من الخزاية بمعنى الحياء يَوْمَ يُبْعَثُونَ الضّمير للعباد لأنّهم معلومون.

(٨٨) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ

(٨٩) إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ أي لا ينفعان أحداً الّا مخلصاً سليم القلب.

في المجمع عن الصادق عليه السلام قال : هو القلب الذي سلم من حبّ الدّنيا وفي الكافي عنه عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال القلب السليم الذي يلقى ربّه وليس فيه أحد سواه قال وكلّ قلب فيه شرك أو شكّ فهو ساقط وانّما أرادوا بالزّهد في الدّنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة.

وفي مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام : صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم لأنّ سلامة القلب من هواجس المذكورات تخلص النيّة لله في الأمور كلها ثمّ تلا هذه الآية.

(٩٠) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ بحيث يرونها من الموقف فيتبجّحون بانّهم المحشورون إليها.

(٩١) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ فيرونها مكشوفة ويتحسّرون على انّهم المسوقون إليها وفي اختلاف الفعلين ترجيح لجانب الوعد.

(٩٢) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ

٤١

(٩٣) مِنْ دُونِ اللهِ اين آلهتكم الذين تزعمون انّهم شفعاؤكم هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ بدفع العَذاب عنكم أَوْ يَنْتَصِرُونَ بدفعه عن أنفسهم لأنّهم وآلهتهم يدخلون النار.

(٩٤) فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ أي الآلهة وعبدتهم والكبكبة تكرير الكبّ لتكرير معناه كأنّ من القى في النّار ينكبّ مرّة بعد أخرى حتّى يستقرّ في قعرها.

في الكافي والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : هُمْ قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ثمّ خالفوه إلى غيره.

القمّيّ وفي خبر آخر : هُمْ بنو أميّة وَالْغاوُونَ بني العبّاس.

(٩٥) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ

في الكافي عن الباقر عليه السلام : جُنُودُ إِبْلِيسَ ذرّيته من الشياطين.

(٩٦) قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ

(٩٧) تَاللهِ إِنْ كُنَّا انّه كنّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ

(٩٨) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ القمّيّ يقولون لمن تبعوهُم اطعناكم كما اطعنا الله فصرتم أرباباً.

(٩٩) وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ

في الكافي عن الباقر عليه السلام : يعني المشركين الذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتّبعوهُم على شركهم وهم قوم محمّد صلّى الله عليه وآله ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد وتصديق ذلك قول الله عزّ وجلّ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ لَيس هُم اليهود الَّذِين قالوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ولا النّصارى الَّذِينَ قالوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ سيدخل الله اليهود والنصارى النار ويدخل كلّ قوم بأعمالهم وقولهم وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ إذ دعونا الى سبيلهم ذلك قول الله عزّ وجلّ فيهم حين جمعهم إلى النّار قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ وقوله كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً بَرىء بعضهم من بعض

٤٢

ولَعنَ بَعضهم بعضاً يريد أن بعضهم يحجّ بعضاً رجاء الفلج فيفلتوا من عظم ما نزل بهم وليس بأوان بلوى ولا اختبار ولا قبول معذرة ولا حين نجاة.

(١٠٠) فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ.

(١٠١) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

في المحاسن عن الصادق عليه السلام : الشافعون الأئمّة عليهم السلام والصّديق من المؤمنين.

والقمّيّ عنهما عليهما السلام : والله لنشفعنّ في المذنبين من شيعتنا حتّى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : انّ الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب وانّ المؤمن ليشفع لجاره وما له حسنة فيقول يا ربّ جاري كان يكفّ عني الأذى فيشفع فيه فيقول الله تبارك وتعالى انا ربّك وانا أحقّ من كافى عنك فيدخله الله الجنّة وما له من حسنة وانّ ادنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنساناً فعند ذلك يقول أهل النار فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّ الرجل يقول في الجنّة ما فعل صديقي فلان وصديقه في الجحيم فيقول الله اخرجوا له صديقه إلى الجنّة فيقول من بقي في النار فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

(١٠٢) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ القمّيّ قال من المهتدين قال لأنّ الايمان قد لزمهم بالإقرار.

(١٠٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لحجّة وعظة لمن أراد أن يستبصر بها ويعتبر وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ به.

(١٠٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ القادر على تعجيل الانتقام الرَّحِيمُ بالامهال لكي يؤمنوا هم أو واحد من ذرّيتهم.

(١٠٥) كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ قد مرّ الكلام في تكذيبهم.

وفي الإكمال عن الباقر عليه السلام : انّه قدّم على قوم مكذّبين للأنبياء الذين كانوا بينه وبين آدم (ع) وذلك قوله تعالى كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ يعني من كان بينه

٤٣

وبين آدم (ع).

(١٠٦) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ لأنّه كان منهم أَلا تَتَّقُونَ الله فتتركوا عبادة غيره

(١٠٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ مشهور بالامانة فيكم.

(١٠٨) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ فيما أمركم به من التوحيد والطاعة لله.

(١٠٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ على ما انا عليه من الدعاء والنصح مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ

(١١٠) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ كرّره للتّأكيد والتنبيه على دلالة كل واحد من أمانته وحسم طعمه لوجوب طاعته فيما يدعوهم إليه فكيف إذا اجتمعا.

(١١١) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ القمّيّ قال الفقراء.

أقولُ : أشاروا بذلك الى انّ اتباعهم ليس عن نظر وبصيرة وانّما هو لتوقّع مال ورفعة.

(١١٢) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ انّهم عملوه اخلاصاً أو طمعاً في طعمة وما عليّ الا الاعتبار الظاهر.

(١١٣) إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي فانّه المطلع على البواطن لَوْ تَشْعُرُونَ لعلمتم ذلك ولكنكم تجهلون فتقولون ما لا تعلمون.

(١١٤) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ جواب لما أوهم قولهم من استدعاء طردهم وتوقيف ايمانهم عليه حيث جعلوا اتّباعهم المانع عنه.

(١١٥) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ لا يليق بي طرد الفقراء لاستتباع الأغنياء.

(١١٦) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ عمّا تقول لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ من المشتومين أو المضروبين بالحجارة.

(١١٧) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ

٤٤

(١١٨) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً فاحكم بيني وبينهم وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

(١١٩) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ المملوّ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : الْمَشْحُونِ المجهّز الذي قد فرغ منه ولم يبق الّا دفعه.

(١٢٠) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ أي بعد انجائه الْباقِينَ من قومه.

(١٢١) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً شاعت وتواترت وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

(١٢٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

(١٢٣) كَذَّبَتْ عادٌ قبيلة عاد وهو اسم أبيهم الْمُرْسَلِينَ

(١٢٤) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ.

(١٢٥) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ.

(١٢٦) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ

(١٢٧) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ

(١٢٨) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ بكلّ مكان مرتفع آيَةً قيل أي علماً للمارّة أو بناء لا تحتاجون إليه تَعْبَثُونَ ببنائه لاستغنائكم عنه بالنجوم للاهتداء أو بمنازلكم للسّكنى

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّ كلّ بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة الّا ما لا بدّ منه.

(١٢٩) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ قيل مآخِذ الماء أو قصوراً مشيّدة وحصوناً لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ فتحكمون بنيانها.

(١٣٠) وَإِذا بَطَشْتُمْ بسوط أو سيف بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ متسلّطين غاشمين بلا رأفة ولا قصد تأديب ولا نظر في العاقبة.

القمّيّ قال يقتلون بالغضب من غير استحقاق.

(١٣١) فَاتَّقُوا اللهَ بترك هذه الأشياء وَأَطِيعُونِ فيما أدعوكم إليه.

٤٥

(١٣٢) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ كرّره مرتّباً عليه أمداد الله إياهم بما يعرفونه من أنواع النعم تعليلاً وتنبيهاً على الوعد عليه بدوام الامداد والوعيد على تركه بالانقطاع.

(١٣٣) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ

(١٣٤) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

(١٣٥) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.

(١٣٦) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ فانّا لا نرعوي عمّا نحن عليه.

(١٣٧) إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ أي ما هذا الذي جئت به إلَّا عادة الأوّلين كانوا يلفّقون مثله أو ما هذا الذي نحن عليه من الدين إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ونحن بهم مقتدون وقرء بفتح الخاء ما هذا الذي جئنا به الّا كذب الأوّلين أو ما خلقنا هذا الّا خلقهم نحيى ونموت مثلهم ولا بعث ولا حساب كذا قيل.

(١٣٨) وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ على ما نحن عليه.

(١٣٩) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ بريح صَرصَر إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

(١٤٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

(١٤١) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ

(١٤٢) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ

(١٤٣) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

(١٤٤) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ

(١٤٥) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ

٤٦

(١٤٦) أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ

(١٤٧) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

(١٤٨) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ لطيف ليّن أو متدلّى منكسر من كثرة الحمل.

(١٤٩) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ حاذقين وقرء بحذف الالف اي بطرين.

(١٥٠) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ.

(١٥١) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ

(١٥٢) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ فيه دلالة على خلوص فسادهم.

(١٥٣) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ قيل أي من الذين سُحِروا كثيراً حتّى غلب على عقلهم أو من ذوي السّحر وهي الريّة اي من الاناسيّ.

القمّيّ يقول أجوف قوله أجوف مؤنثه جوفاء بمعنى ذى بطن كأعور وعوراء اي أنت ذو بطن مثل خلق الناس ولو كنت رسولاً ما كنت مثلنا

(١٥٤) ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تأكيد على المعنى الثاني فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ في دعواك.

(١٥٥) قالَ هذِهِ ناقَةٌ أي بعد ما أخرجها الله من الصخرة بدعائه كما اقترحوها على ما سبق حديثه لَها شِرْبٌ نصيب من الماء وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ فاقتصروا على شربكم ولا تزاحموها في شربها.

في المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : اوّل عين نبعت في الأرض هي التي فجرها الله لصالح فقال لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ.

(١٥٦) وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ كضرب وعقر فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ عظم اليوم لعظم ما يحلّ به وهو أبلغ من تعظيم العذاب.

٤٧

(١٥٧) فَعَقَرُوها أسند العقر الى كلّهم لأنّ عاقرها انّما عقر برضاهم ولذلك أخذوا جميعاً فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ على عقرها عند معاينة العذاب.

(١٥٨) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ العذاب الموعود.

في نهج البلاغة : انّما يجمع الناس الرّضا والسّخط وانّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم الله بالعذاب لمّا عمّوه بالرضا فقال سبحانه فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ فما كان الّا ان خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة المحماة في الأرض الخوارة إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

(١٥٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

(١٦٠) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ

(١٦١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ

(١٦٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

(١٦٣) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ

(١٦٤) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ

(١٦٥) أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ

(١٦٦) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ لأجل استمتاعكم مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ متجاوزون عن حدّ الشهوة أو مفرطون في المعاصي.

(١٦٧) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ من المنفيّين من بين أظهرنا.

(١٦٨) قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ من المبغضين غاية البغض.

(١٦٩) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ أي من شؤمه وعذابه.

(١٧٠) فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ أهل بيته والمتبعين له على دينه بإخراجهم من

٤٨

بينهم وقت حلول العذاب بهم.

(١٧١) إِلَّا عَجُوزاً هي امرأة لوط فِي الْغابِرِينَ مقدّرة في الباقين في العذاب.

(١٧٢) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ أهلكناهم.

(١٧٣) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً حجارة فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ قد سبق قصّتهم في سورة الأعراف.

(١٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

(١٧٥) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

(١٧٦) كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ الْأَيْكَةِ غيضة تنبت ناعم الشّجر.

(١٧٧) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ.

في الجوامع في الحديث : انّ شعيباً اخا مدْينَ أرسل إليهم والى أَصْحابُ الْأَيْكَةِ.

(١٧٨) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

(١٧٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ

(١٨٠) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ

(١٨١) أوْفُوا الْكَيْلَ اتمّوه وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ حقوق الناس بالتطفيف.

(١٨٢) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ بالميزان السوي.

(١٨٣) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ ولا تنقصوا شيئاً من حقوقهم وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بالقتل والغارة وقطع الطريق.

(١٨٤) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ وذوي الجبلّة الأوّلين يعني من تقدّمهم من الخلائق.

القمّيّ قال الخلق الأوّلين.

٤٩

(١٨٥) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ

(١٨٦) وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا قيل أتوا بالواو للدلالة على أنّه جامع بين وصفين منافيين للرسالة مبالغة في تكذيبه وَإِنْ وانّه نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ في دعواك.

(١٨٧) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ قطعة منها وقرء بفتح السّين إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ في دعوتك.

(١٨٨) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ وبعذابه منزل عليكم ما أوجبه في وقته المقدّر له.

(١٨٩) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ.

القمّيّ يوم حرّ وسمائم قال فبلغنا والله أعلم أنّه أصابهم حرّ وهم في بيوتهم فخرجوا يلتمسون الروح من قبل السحابة التي بعث الله عزّ وجلّ فيها العذاب فلمّا غشيهم فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ وقيل سلّط الله عليهم الحرّ سبعة أيّام حتّى غلت أنهار هم فأظلّتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.

(١٩٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

(١٩١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

(١٩٢) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ

(١٩٣) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ أي جبرئيل فانّه أمين الله على وحيه وقرء بتشديد الزّاي ونصب الرّوح والأمين.

(١٩٤) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ.

في الكافي والبصائر عن الباقر عليه السلام : هي الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : الولاية التي نزلت لأمير المؤمنين عليه السلام

٥٠

يوم الغدير.

(١٩٥) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ واضح المعنى.

في الكافي عن أحدهما عليهما السلام : أنّه سئل عنه فقال يبيّن الألسن ولا تبيّنه الألسن.

وفي العلل عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال : ما أنزل الله تبارك وتعالى كتاباً ولا وحياً الّا بالعربيّة فكان يقع في مسامع الأنبياء بألسنة قومهم وكان يقع في مسامع نبيّنا صلّى الله عليه وآله بالعربيّة فإذا كلّم به قومه كلّمهم بالعربيّة فيقع في مسامعهم بلسانهم. وكان أحد لا يخاطب رسول الله صلّى الله عليه وآله بأيّ لسان خاطبه الّا وقع في مسامعه بالعربية كلّ ذلك يترجم جبرئيل عنه تشريفاً من الله له (ص).

(١٩٦) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ وانّ معناه أو ذكره لفي كتب الأنبياء الأوّلين.

(١٩٧) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً على صحّة القرآن ونبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله وقرء تكن بالتاء وآية بالرّفع أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ ان يعرفوه بنعته المذكور في كتبهم.

(١٩٨) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ

(١٩٩) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ لفرط عنادهم واستنكافهم من اتباع العجم.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : لَوْ نَزَّلْنا القرآن على العجم ما آمنت به العرب وقد نزل على العرب فآمنت به العجم فهذه من فضيلة العجم.

(٢٠٠) كَذلِكَ سَلَكْناهُ أدخلنا معانيه فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ثم لم يؤمنوا به عناداً.

(٢٠١) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ الملجئ الى الإيمان.

٥١

(٢٠٢) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه.

(٢٠٣) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ تحسّراً وتأسّفاً

(٢٠٤) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ فيقولون فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ فَأْتِنا بِما تَعِدُنا* وحالهم عند نزول العذاب طلب النّظرة.

(٢٠٥) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ

(٢٠٦) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ

(٢٠٧) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ لم يغن عنهم تمتعهم المتطاول في دفع العذاب وتخفيفه.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : اري رسول الله صلّى الله عليه وآله في منامه بني أميّة يصعدون منبره من بعده يضلّون الناس عن الصراط القهقري فأصبح كئيباً حزيناً فهبط جبرئيل فقال يا رسول الله ما لي أراك كئيباً حزيناً قال يا جبرئيل انّي رأيت بني أميّة في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلّون الناس عن الصراط القهقري فقال والذي بعثك بالحق نبيّاً انّ هذا شيء ما اطّلعت عليه فعرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها قال أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ الآيات وانزل عليه إِنَّا أَنْزَلْناهُ قال جعل الله عزّ وجلّ ليلة القدر لنبيّه خَيْراً مِنْ ألف شهر ملك بني أميّة.

(٢٠٨) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ أنذروا أهلها الزاماً للحجّة.

(٢٠٩) ذِكْرى تذكرة وَما كُنَّا ظالِمِينَ فنهلك قبل الإنذار.

(٢١٠) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ كما زعم المشركون انّه من قبيل ما يلقى به الشّياطين على الكهنة.

(٢١١) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وما يصحّ لهم ان ينزلوا به وَما يَسْتَطِيعُونَ وما يقدرون.

(٢١٢) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لكلام الملائكة لَمَعْزُولُونَ أي مصروفون عن استماع القرآن من السماء قد حيل بينهم وبين السمع بالملائكة والشهب قيل وذلك لأنّه مشروط بمشاركة في صفاء الذات وقبول فيضان الحقّ ونفوسهم خبيثة ظلمانيّة شريرة.

٥٢

(٢١٣) فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ من قبيل ايّاك أعني واسمعي يا جاره فانّه كان منزّهاً عن ان يشرك بالله طرفة عين.

(٢١٤) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ فانّ الاهتمام بشأنهم اهمّ.

في العيون وفي المجالس عن الرضا عليه السلام : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ورهطك المخلصين قال هكذا في قراءة ابيّ بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله ابن مسعود قال وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عزّ وجلّ بذلك الآل فذكره لرسول الله صلّى الله عليه وآله.

وفي المجمع : نسب القراءة الى الصادق عليه السلام وابن مسعود.

والقمّيّ قال : نزلت في رهطك منهم المخلصين قال نزلت بمكّة فجمع رسول الله صلّى الله عليه وآله بني هاشم وهم أربعون رجلاً كلّ واحد منهم يأكل الجذع ويشرب القربة فاتّخذ لهم طعاماً يسيراً بحسب ما أمكن فأكلوا حتّى شبعوا فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله من يكون وصيّي ووزيري وخليفتي فقال أبو لهب جزماً سحركم محمّد صلّى الله عليه وآله فتفرّقوا فلمّا كان اليوم الثاني امر رسول الله صلّى الله عليه وآله ففعل بهم مثل ذلك ثمّ سقاهم اللّبن حتّى رووا فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله أيّكم يكون وصييّ ووزيري وخليفتي فقال أبو لهب جزماً سحركم محمّد فتفرّقوا فلمّا كان اليوم الثالث امر رسول الله صلّى الله عليه وآله ففعل بهم مثل ذلك ثمّ سقاهم اللّبن فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله أيّكم يكون وصيّي ووزيري وينجز عداتي ويقضي ديني فقام عليّ وكان أصغرهم سنّاً واخمشهم ساقاً واقلّهم مالاً فقال انا يا رسول الله فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله أنت ه وفي المجمع عن طريق العامّة ما يقرب منه وزاد في آخره : فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب أطع ابنك فقد امّره عليك وأورده.

في العلل باختصار مع هذه الزّيادة والقمّيّ وقوله ورهطك منهم المخلصون قال عليّ بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن والحسين والأئمّة من آل محمّد صلوات الله عليهم.

٥٣

(٢١٥) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ليّن جانبك لهم مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ينحط.

في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام : قد أمر الله أعزّ خلقه وسيّد بريّته محمّد صلّى الله عليه وآله بالتواضع فقال وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والتواضع مزرعة الخشوع والخشية والحياء وانّهنّ لا يتبيّن الّا منها وفيها ولا يسلم الشرف التام الحقيقي الّا للمتواضع في ذات الله.

(٢١٦) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ القمّيّ فَإِنْ عَصَوْكَ يعني من بعدك في ولاية عليّ عليه السلام والأئمّة عليهم السلام قال ومعصية رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو ميّت كمعصيته وهو حيّ.

(٢١٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الذي يقدر على قهر أعدائه ونصر أوليائه يكفك شرّ من يعصيك وقرء فتوكّل.

(٢١٨) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : قال الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ في النبوّة وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قال في أصلاب النبيّين

وفي المجمع عنهما عليهما السلام : قالا : في أصلاب النبيّين نبيّ بعد نبي حتّى أخرجه من صلب أبيه عن نكاح غير سفاح من لدن آدم عليه السلام.

وعن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا ترفعوا قبلي ولا تضعوا قبلي فانّي أراكم من خلفي كما أراكم من امامي ثمّ تلا هذه الآية.

أقولُ : يعني رؤوسكم في الصلاة.

(٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

(٢٢٠) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ لمّا بيّن انّ القرآن لا يصحّ أن يكون مما تنزلت به الشياطين أكّد ذلك ببيان من تنزّلت عليه.

(٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ كذّاب شديد الإثم.

٥٤

(٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ أي الافّاكون يُلْقُونَ السَّمْعَ الى الشياطين فيتلقّون منهم ظنوناً وأمارات لنقصان علمهم فيضمّون إليها على حسب تخيّلاتهم أشياء لا يطابق أكثرها.

في الكافي عن الباقر عليه السلام : ليس من يوم ولا ليلة الّا وجميع الجنّ والشياطين تزور أئمّة الضلال ويزور أئمّة الهدى عددهم من الملائكة حتّى إذا أتت ليلة القدر فهبط فيها من الملائكة الى وليّ الأمر خلق الله أو قال قيّض الله عزّ وجلّ من الشياطين بعددهم ثمّ زاروا وليّ الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتّى لعلّه يصبح فيقول رأيت كذا وكذا فلو سأل ولّى الامر عن ذلك لقال رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا حتّى يفسّر له تفسيراً ويعلمه الضّلالة التي هو عليها.

وفي الخصال عن الصادق عليه السلام : في هذه الآية قال هم سبعة المغيرة وبنان وصايد وحمزة بن عمارة البربريّ والحارث الشّاميّ وعبد الله بن الحارث وابو الخطّاب.

(٢٢٤) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ وقرء بالتّخفيف قيل هو استيناف أبطل به كونه شاعراً كما زعمه المشركون يعني أنّ اتباع محمّد صلّى الله عليه وآله ليسُوا بغاوين فكيف يكون شاعراً.

والقمّيّ قال نزلت في الذين غيّروا دين الله وخالفوا أمر الله عزّ وجلّ هل رأيتم شاعراً قطّ يتبعه أحد وانّما عنى بذلك الذين وضعوا ديناً بارائهم فيتّبعهم النّاس على ذلك.

وفي المعاني عن الباقر عليه السلام : في هذه الآية قال هل رأيت شاعراً يتبعه أحد انّما هم قوم تفقّهوا لغير الله فضلّوا وأضلّوا.

وفي المجمع عن العيّاشيّ عن الصادق (ع): هم قوم تعلّموا وتفقّهوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا.

وفي الاعتقادات عنه عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال هم القصّاص.

(٢٢٥) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ قيل وذلك لأنّ أكثر كلمات الشعراء

٥٥

خيالات لا حقيقة لها والقمّيّ يعني يناظرون بالأباطيل ويجادلون بالحجج المضلّين وفي كلّ مذهب يذهبون يعني بهم المغيّرين دين الله.

(٢٢٦) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ قال يعظون الناس ولا يتّعظون وينهون عن المنكر ولا ينتهون ويأمرون بالمعروف ولا يعلمون قال وهم الذين غصبوا آل محمّد صلوات الله عليهم حقّهم.

(٢٢٧) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا قيل هو استثناء للشّعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله ويكون أكثر أشعارهم في التوحيد والثناء على الله تعالى والحث على طاعته ولو قالوا هجواً أرادوا به الانتصار ممّن هجاهم من الكفّار ومكافاة هجاة المسلمين كحسّان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زبير.

والقمّيّ ثمّ ذكر آل محمّد صلوات الله عليهم وشيعتهم المهتدين فقال إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا الآية.

أقولُ : يمكن التوفيق بين التفسيرين بإرادة كلا المعنيين فانّ حجج المبطلين من أهل الجدل أيضاً أكثرها خيالات شعريّة لا حقيقة لها وتمويهات لا طائل تحتها كأقاويل الشعراء وكلا الفريقين سيّان في أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ الّا انّ ذكر اتّباع الغاوين انّما هو بالنظر إلى من له رياسة في الإضلال من اهل المذاهب الباطلة وإنكار أحد المعنيين

في الحديث : يرجع إلى إنكار الحصر فيه ثم ليس المراد بالشعر المذموم الكلام المنظوم باعتبار نظمه كيف وانّ من الشعر لحكمة يعني من المنظوم وانّ منه لموعظة وانّ منه لثناء على الله وعلى أوليائه بل باعتبار التّشبيب بالحرام وتمزيق الاعراض ومدح من لا يستحقّ ونحو ذلك.

وفي العيون عن الصادق عليه السلام قال : من قال فينا بيت شعر بنى الله بيتاً في الجنّة وقال ما قال فينا قائل شعراً حتّى يؤيّد بروح القدس.

٥٦

وفي المجمع عن كعب بن مالك : انّه قال يا رسول الله ماذا تقول في الشّعراء قال انّ المؤمن مجاهد بسيفه والذي نفسي بيده لكأنّما يرضخونهم بالنّبل قال : وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله لحسّان بن ثابت اهجهم أو هاجهم وروح القدس معك.

وفي الجوامع : قال لكعب بن مالك اهجهم فو الّذي نفسي بيده لهو أشدّ عليهم من النبل.

وفي الكتاب الكشّيّ عن الصادق عليه السلام : يا معشر الشّيعة علّموا أولادكم شعر العبدي فانّه على دين الله.

وفي المعاني عنه عليه السلام : إنّه سئل عن هذه الآية ما هذا الذكر الكثير قال من سبح بتسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقد ذكر الله كثيراً.

وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام : من ذكر الله عزّ وجلّ في السرّ فقد ذكر الله كثيراً ان المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السرّ فقال الله تعالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ

القمّيّ : ثم ذكر أعدائهم ومن ظلمهم فقال جلّ ذكره وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ هكذا والله نزلت.

وفي الجوامع : نسب هذه القراءة الى الصادق عليه السلام.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرء سور الطّواسين الثّلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفي جواره وكنفه ولم يصبه في الدنيا بؤس أبداً وأعطى في الآخرة من الجنّة حتّى يرضى وفوق رضاه وزوّجه الله مائة زوجة من الحور العين.

وزاد في المجمع : وأسكنه الله في جنّة عدن وسط الجنة مع النبيّين والمرسلين والوصيّين الرّاشدين.

٥٧

سورة النَّمل مكّيّة

عدد آيها ثلاث وتسعون آية حجازي أربع بصري شامي ثلاث كوفي

واختلافها آيتان وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ حجازي مِنْ قَوارِيرَ غير الكوفيّ.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) طس

في المعاني عن الصادق عليه السلام وامّا طس فمعناه انا الطّالب السّميع.

(٢) تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ

(٣) هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ

(٤) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ

إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ بأن جعلناها مشتهاة لطبائعهم محبوبة لأنفسهم فَهُمْ يَعْمَهُونَ عنها لا يدركون ما يتبعها.

(٥) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ كالقتل والأسر يوم بدر وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ أشدّ الناس خسراناً لفوات المثوبة واستحقاق العقوبة.

(٦) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ لتؤتاه مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ أيّ حكيم وأيّ عليم.

(٧) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أي عن حال الطريق لأنّه قد ضلّه أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ شعلة نار مقبوسة وقرء بتنوينها والعدتان على سبيل الظنّ ولذلك عبّر عنهما في طه بصيغة الترجّي والتّرديد للدّلالة على أنّه ان لم يظفر بهما جميعاً ظفر بأحدهما بناء على ظاهر الامر وثقة بالله لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ رجاء ان تستدفؤا بها.

٥٨

(٨) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ من في مكان النار وهو البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ ومن حولها ومَن حول مكانها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ من تمام ما نودي به لئلّا يتوهّم من سماع كلامه تشبّهاً وللتعجَّب من عظمة ذلك الأمر

(٩) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ انا القويّ القادر على ما يبعد من الأوهام كقلب العصاحيّة الفاعل كلّ ما يفعله بحكمة وتدبير.

(١٠) وَأَلْقِ عَصاكَ ونودي ان أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ تتحّرك باضطراب كَأَنَّها جَانٌ حيّة خفيفة سريعة وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ ولم يرجع من عقّب المقاتل إذا كرّ بعد ما فر يا مُوسى لا تَخَفْ من غير ثقة بي إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ

(١١) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ قيل فيه تعريض لموسى بوكزه القبطيّ والاستثناء منقطع أو متّصل وثُمَّ بَدَّلَ مستأنف معطوف على محذوف اي من ظلم ثمّ بدّل ذنبه بالتّوبة ، والقمّيّ معنى إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ولا من ظلم فوضع حرف مكان حرف.

(١٢) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آفة.

في المعاني عن الصادق عليه السلام قال : مِنْ غَيْرِ برص فِي تِسْعِ آياتٍ في جملتها أو معها على أنّ التسع هي الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدّم والطّمسة والحدب في بواديهم والنقصان في مزارعهم ولمن عدّا العصا واليد من التّسع ان يعدّ الأخيرين واحداً ولا يعدّ الفلق لأنّه لم يبعث به إلى فرعون كذا قيل إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ تعليل للارسال.

(١٣) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا بأن جاءهم موسى بها مُبْصِرَةً بيّنة اسم فاعل اطلق للمفعول اشعاراً بأنّها لفرط اجتلائها للابصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت ممّا تبصر.

وفي المجمع عن السجّاد عليه السلام : انّه قرء مبصرة بفتح الميم والصّاد اي

٥٩

مكاناً يكثر فيه التّبصرة

(١٤) قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ واضح سحريّته. وَجَحَدُوا بِها وكذَّبوا بها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ وقد استيقنتها ظُلْماً لأنفسهم وَعُلُوًّا ترفّعاً من الإيمان والانقياد فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وهو الغرق في الدّنيا والحرق في الآخرة.

(١٥) وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً طائفة من العلم أو علماً أيّ علم وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ ففعلا شكرا له ما فعلا وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ يعمّ من لم يؤت علماً أو مثل علمهما وفيه دليل على فضل العلم وشرف اهله حيث شكراه على العلم وجعلاه أساس الفضل ولم يعتبرا دونه وما اوتيا من الملك الذي لم يؤت غيرهما وتحريض للعالم على أن يحمد الله على ما أتاه من فضله وان يتواضع ويعتقد انّه وان فضّل على كثير فقد فضّل عليه كثير.

(١٦) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ المُلك والنبوّة.

في الكافي عن الجواد عليه السلام : انّه قيل له انّهم يقولون في حداثة سنّك فقال انّ الله أوحى الى داوُد ان يستخلف سليمان عليهما السلام : وهو صبيّ يرعى الغنم فأنكر ذلك عبّاد بني إسرائيل وعلماؤهم فأوحى الى داود ان خذ عصا المتكلّمين وعصا سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فإذا كان من الغد فمن كانَت عصاه أورقت وأثمرت فهو الخليفة فأخبرهم داود (ع) فقالوا قد رضينا وسلّمنا وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تشهيراً لنعمة الله وتنويهاً بها ودعاء للنّاس الى التصديق بذكر المعجزة.

في البصائر عن الصادق عليه السلام : انّه تلا رجل عنده هذه الآية فقال (ع) ليس فيها من وانّما هي وَأُوتِينا كلّ شيء إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ الذي لا يخفى على احد.

في الجوامع عن الصادق عليه السلام : يعني الملك والنبوّة.

والقمّيّ عنه عليه السلام : أعطى سُليمان بن داوُد مع علمه معرفة المنطق بكلّ

٦٠