تفسير الصّافي - ج ٤

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤١٢

مُسَمًّى لكلّ عذاب وقوم لَجاءَهُمُ الْعَذابُ عاجلاً وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً فجأة في الدنيا كوقعة بدر أو الآخرة عند نزول الموت بهم وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه.

(٥٤) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ لاحاطة أسبابها بهم.

(٥٥) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ وقرئ بالنون ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

(٥٦) يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ أي إذا لم يتيسّر لكم العبادة في بلدة فهاجروا الى حيث يتمشّى لكم ذلك.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : يقول لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك فان خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم فانّ أَرْضِي واسِعَةٌ وهو يقول فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : إذا عصي الله في ارض أنت بها فاخرج منها إلى غيرها.

وفي الجوامع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : من فرّ بدينه من أرض الى أرض وإن كان شبراً من الأرض استوجب بها الجنّة وكان رفيق إبراهيم (ع) ومحمّد صلّى الله عليه وآله.

(٥٧) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ تناله لا محالة ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ وقرئ بالياء قد مرّ في سورة آل عمران أخبار في هذه الآية.

(٥٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنّهم وقرء لنثوينّهم بالثّاء من الثواء اي لنقيمنّهم مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً عوالي تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ.

(٥٩) الَّذِينَ صَبَرُوا على المحن والمشاق وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ولا يتوكّلون الّا على الله.

١٢١

(٦٠) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ.

القمّيّ قال كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع فقال الله اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وقيل لمّا أمروا بالهجرة قال بعضهم كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة فنزلت.

وفي المجمع عن ابن عمر قال : خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله الى بعض حيطان الأنصار فأخذ يأكل تمراً وقال هذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاماً ولو شئت لدعوت ربّي فأعطاني مثل ما ملك كسرى وقيصر فكيف بك يا بن عمر إذا بقيت مع قوم يخبئون رزق سنتهم لضعف اليقين فو الله ما برحنا حتّى نزلت هذه الآية وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ لقولكم وبضميركم.

(٦١) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ يصرفون عن توحيده بعد إقرارهم بذلك بالفطرة.

(٦٢) اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ لمن يبسط على التعاقب أو لمن يشاء لإبهامه إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يعلم مصالحهم ومفاسدهم.

(٦٣) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ فيتناقضون حيث يقرّون بأنّه خالق كل شيء ثمّ انّهم يشركون به الأصنام.

(٦٤) وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ الّا كما يلهى ويلعب به الصبيان يجتمعون عليه ويتبهّجون به ساعة ثمّ يتفرّقون متعبين وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لهي دار الحياة الحقيقيّة لامتناع طريان الموت عليها وفي لفظة الحيوان من المبالغة ما ليست في لفظة الحياة لبناء فعلان على الحركة والاضطراب اللّازم للحياة لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ لم يؤثروا عليها الدنيا التي حياتها عارضة سريعة الزّوال.

(٦٥) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ على ما هم عليه من الشرك دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كائنين في صورة من أخلص دينه من المؤمنين حيث لا يذكرون إلّا الله ولا

١٢٢

يدعون سواه لعلمهم بأنّه لا يكشف الشدائد إلّا هو فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ (١) يُشْرِكُونَ فاجئوا المعاودة الى الشرك.

(٦٦) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ لكي يكونوا كافرين بشركهم نعمة النجاة وَلِيَتَمَتَّعُوا باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادّهم عليها وقرء بسكون اللّام فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ عاقبة ذلك حين يعاقبون.

(٦٧) أَوَلَمْ يَرَوْا يعني أهل مكّة أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً أي جعلنا بلدهم مصوناً عن النهب والتعدّي آمناً اهله عن القتل والسّبي وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ يختلسون قتلاً وسبياً إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب أَفَبِالْباطِلِ بعد هذه النعمة الظاهرة وغيرها ممّا لا يقدر عليه إلّا الله بالصنم أو الشيطان يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ حيث أشركوا به غيره.

(٦٨) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً بأن زعم أنّ له شريكاً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ حين جاءه من غير تأمّل وتوقّف أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ

(٦٩) وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا في حقّنا يشمل جهاد الأعادي الظاهرة والباطنة لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا سبل السّير إلينا والوصول الى جنابنا.

وفي الحديث : من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ بالنصر والإعانة.

القمّيّ من جاهَدُوا فِينا أي صبروا وجاهدوا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا أي لنثبتنّهم.

وعن الباقر عليه السلام : هذه الآية لآل محمّد صلوات الله عليهم وأشياعهم.

وفي المعاني عنه عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ألا وإنّي مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم أنا المُحسن يقول الله عزّ وجلّ إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.

__________________

(١) أي فلما خلّصهم إلى البر وآمنوا الهلاك عادوا إلى ما كانوا عليه من الإشراك معه في العبادة

١٢٣

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام : من قرأ سورة العنكبوت والرّوم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله من أهل الجنّة لا أستثني فيه أبداً ولا أخاف أن يكتب الله عليَّ في يميني إثماً وإنّ لهاتين السّورتين من الله لمكاناً.

١٢٤

سورة الرّوم مكيّة

الا قوله فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ عدد آيها ستّون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) الم

(٢) غُلِبَتِ الرُّومُ غلبتها فارس.

(٣) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ قيل أي أدنى أرض العرب منهم أو أدنى أرضهم من العرب وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ.

(٤) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ قيل من قبل كونهم غالبين وهو وقت كونهم مغلوبين أي له الأمر حين غلبوا وحين يغلبون ليس شيء منهما الّا بقضائه.

وفي الخرائجِ عن الزكيّ عليه السلام : انّه سئل عنه عليه السلام فقال له الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ أن يأمر به وله الامر مِنْ بَعْدُ ان يأمر به يقضي بما يشاء.

والقمّيّ عن الباقر عليه السلام : لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ أن يأمر وَمِنْ بَعْدُ ان يقضي بما يشاء وَيَوْمَئِذٍ ويوم يغلبون يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ.

(٥) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ فينصر هؤلاء تارة وهؤلاء أخرى وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ينتقم من عباده بالنصر عليهم تارة ويتفضّل عليهم بنصرهم اخرى قيل غلبت فارس الروم وظهروا عليهم على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله ففرح بذلك كفّار قريش من حيث انّ أهل فارس كقريش لم يكونوا اهل كتاب وساء ذلك المسلمين وكان بيت المقدس بيت لأهل الروم كالكعبة للمُسلمين

١٢٥

فدفعتهم فارس عنه ثمّ ظهرت الروم على فارس يوم الحديبية.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال إنّ لها تأويلاً لا يعلمه إلّا الله والرّاسخون في العلم من آل محمّد صلوات الله عليهم انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا هاجر إلى المدينة وأظهر الإسلام كتب إلى ملك الروم كتاباً وبعث به مع رسول يدعوه الى الإسلام وكتب إلى ملك فارس كتاباً يدعوه الى الإسلام وبعثه إليه مع رسُوله فامّا ملك الروم فعظّم كتاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وأكرم رسوله وامّا ملك فارس فإنّه استخفّ بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وآله ومزّقه واستخفّ برسوله وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون ان يغلب ملك الروم ملك فارس وكانوا لناحية ارجا منهم لملك فارس فلمّا غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتمّوا به فأنزل الله عزّ وجلّ بذلك كتاباً الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ يعني غلبتها فارس فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وهي الشّامات وما حولها وهُمْ يعني فارس مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ الرّوم سَيَغْلِبُونَ يعني يغلبهم المسلمون فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ.

قال فلمّا غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عزّ وجلّ قيل أليس الله يقول فِي بِضْعِ سِنِينَ وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وفي امارة أبي بكر وانّما غلب المؤمنون فارس في امارة عمر فقال ألم أقل لك إنّ لهذا تأويلاً وتفسيراً وللقرآن ناسخ ومنسوخ أما تسمع لقول الله عزّ وجلّ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ يعني إليه المشيّة في القول ان يؤخّر ما قدّم ويقدّم ما أخّر في القول إلى يوم حتّم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين وذلك قوله عزّ وجلّ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ أي يوم تحتّم القضاء بالنصر.

والقمّيّ عنه عليه السلام : مثله إلّا انّه لم يذكر قوله يعني يغلبهم المسلمون ولا قوله فلمّا غزا المسلمون إلى قوله بِنَصْرِ اللهِ وبناء الرّوايتين على قراءة سيُغلبون بضمّ الياء مع ضمّ غلبت وقرئ في الشّواذّ غلبت بالفتح وسيغلبون بالضمّ وعليه بناء ما في

١٢٦

كتاب الاستغاثة لابن ميثم قال لقد روينا من طريق علماء أهل البيت في أسرارهم وعلومهم التي خرجت منهم الى علماء شيعتهم : انّ قوماً ينسبون الى قريش وليسوا من قريش بحقيقة النّسب وهذا ممّا لا يعرفه الّا معدن النبوّة وورثة علم الرسالة وذلك مثل بني أميّة ذكروا انّهم ليسوا من قريش وانّ أصلهم من الروم وفيهم تأويل هذه الآية الم غُلِبَتِ الرُّومُ معناه انّهم غلبوا على الملك وسيغلبهم على ذلك بنو العبّاس.

(٦) وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

(٧) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ما يشاهدون منها وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ التي هي غايتها والمقصود منها وهُمْ غافِلُونَ لا تخطر ببالهم. القمّيّ قال يرون حاضر الدنيا ويتغافلون عن الآخرة.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن قوله تعالى يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا فقال منه الزّجر والنّجوم.

(٨) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ا ولم يحدثوا التفكُّر فيها أو أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي امر أنفسهم فانّها أقرب إليهم من غيرها ومِرآة يتجلّى للمُستبصر ما يتجلّى له في ساير المخلوقات ليتحقّق لهم قدرة مبدعها على إعادتها قدرته على إبداعها ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى تنتهي عنده ولا تبقى بعده وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ جاحدون يحسبون انّ الدنيا أبديّة وإنّ الآخرة لا تكون.

(٩) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ تقرير لسيرهم في أقطار الأرض ونظرهم الى آثار المدمّرين قبلهم.

وفي الخصال عن الصادق عليه السلام : انّ معناه أولم ينظروا في القرآن كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً كعاد وثمود وَأَثارُوا الْأَرْضَ وقلّبوا وجهها لاستنباط المياه واستخراج المعادن وزرع البذور وغيرها وَعَمَرُوها وعمروا الأرض أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها من عمارة أهل مكّة ايّاها فانّهم أهل واد غير ذي زرع لا تبسط لهم في غيرها وفيه تهكّم بهم من

١٢٧

حيث انّهم مغترّون بالدنيا مفتخرون بها وهم أضعف حالاً فيها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالآيات الواضحات فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ فيدمّرهم من غير جرم ولا تذكير وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث عملوا ما أدّى الى تدميرهم.

(١٠) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى قيل أي ثمّ كان عاقبتهم العقوبة وضع الظاهر موضع الضمير للدلالة على ما اقتضى أن يكون تلك عاقبتهم والسُّواى تأنيث أسوء وقرئ عاقبة بالنصب أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ قيل أَنْ كَذَّبُوا اما بدل أو هو خبر كان والسّوأ مصدر أساءوا أو مفعوله بمعنى ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ اقترفوا الخطيئة ان طبع الله على قلوبهم حتّى كذَّبوا الآيات واستهزؤا بها.

(١١) اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ينشئهم ثُمَّ يُعِيدُهُ يبعثهم ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ للجزاء وقرئ بالياء.

(١٢) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ يسكتون متحيّرين آيسين.

(١٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ ممّن اشركوهم بالله شُفَعاءُ يجيرونهم من عذاب الله وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ.

(١٤) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ القمّيّ قال إلى الجنّة والنار.

(١٥) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ القمّيّ أي يكرمون وأصله السّرور.

(١٦) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ لا يغيبون عنه.

(١٧) فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ.

(١٨) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ قيل إخبار في معنى الأمر بتنزيه الله سبحانه وتعالى والثناء عليه في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته ويتجدّد فيها نعمته وقيل الآية جامعة للصلوات الخمس تمسون صلاة المغرب

١٢٨

والعشاء وتصبحون صلاة الفجر وعشيّاً صلاة العصر وتظهرون صلاة الظهر.

(١٩) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ.

القمّيّ قال : يُخْرِجُ المؤمن من الكافر وَيُخْرِجُ الكافر من المؤمن.

ورواه في المجمع عنهما عليهما السلام كما مرّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ من قبوركم وقرئ بفتح التاء.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام في قوله يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قال : ليس يحييها بالقطر ولكن يبعث الله رجالاً فيحيون العدل فتحيى الأرض لإحياء العدل ولاقامة الحدّ فيه انفع في الأرض من القطر أربعين صباحاً.

(٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ.

(٢١) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها لتميلوا إليها وتألّفوا بها فانّ الجنسيّة علّة للضمّ والاختلاف سبب للتنافر وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً بواسطة الزّواج إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فيعلمون ما في ذلك من الحكم.

(٢٢) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ لغاتكم وَأَلْوانِكُمْ بياض الجلد وسواده وما بينهما إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ وقرئ بكسر اللّام.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : الإمام عليه السلام إذا بصر الرجل عرفه وعرف لونه وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو انّ الله يقول وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية قال وهم العلماء فليس يسمع شيئاً من الأمر ينطق به الّا عرفه ناج أو هالك فلذلك يجيبهم بالّذي يجيبهم.

(٢٣) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ مَنامُكُمْ في الزّمانين لاستراحة البدن وطلب معاشكم فيهما او مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَابْتِغاؤُكُمْ بالنّهار فلفّ وضمّ بين الزمانين والفعلين بعاطفين اشعاراً بأنّ كلّا من الزمانين وان اختصّ بأحدهما فهو

١٢٩

صالح للآخر عند الحاجة ويؤيّده سائر الآيات الواردة فيه إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ سماع تفهّم واستبصار فانّ الحكمة فيه ظاهرة.

(٢٤) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً من الصاعقة وللمسافر وَطَمَعاً في الغيب وللمقيم وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بالنبات بَعْدَ مَوْتِها يبسها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم في استنباط أسبابها وكيفيّة تكوّنها ليظهر لهم كمال قدرة الصانع وحكمته.

(٢٥) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ قيامهما بإقامته لها وإرادته لقيامهما ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ثم خروجكم من القبور بغتة إِذا دَعاكُمْ مِنَ الْأَرْضِ دَعْوَةً واحدة بلا توقف.

(٢٦) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ منقادون لفعله فيهم لا يمتنعون عليه.

(٢٧) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ بعد هلاكهم وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ والإعادة أسهل عليه من الإبداء بالإضافة الى قُدركم والقياس على أصولكم والّا فهما عليه سواء وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى الوصف العجيب الشأن الذي ليس لغيره ما يساويه أو يدانيه.

في التوحيد عن الصادق عليه السلام : وَلِلّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى الَّذِي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهّم فذلك الْمَثَلُ الْأَعْلى.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام : انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال لعليّ عليه السلام وأنت الْمَثَلُ الْأَعْلى وفي رواية انّه قال في آخر خطبته : نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى والْمَثَلُ الْأَعْلى وفي الزيارة الجامعة الجواديّة (ع) السَّلام : على أئمّة الهدى الى قوله : وورثة الأنبياء والْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يصفه به ما فيهما دلالة ونطقاً وَهُوَ الْعَزِيزُ القادر الذي لا يعجز عن إبداء وإعادة الْحَكِيمُ الذي يجري الافعال على مقتضى حكمته

(٢٨) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ منتزعاً من أحوالها التي هي أقرب

١٣٠

الأمور إليكم هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ من مماليككم مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ من الأموال وغيرها فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ فتكونون أنتم وهم فيه سواء يتصرّفون فيه كتصرفكم مع أنهم بشر مثلكم وأنّها معارة لكم تَخافُونَهُمْ ان تستبدّوا بتصرّف فيه كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كما يخاف الأحرار بعضهم من بعض كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ نبيّنها فانّ التمثيل ممّا يكشف المعاني ويوضحها لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم في تدبر الأمثال.

والقمّيّ : كان سبب نزولها ان قريشاً والعرب كانوا إذا حجّوا يلبّون وكانت تلبيتهم «لبّيك اللهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك انّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» وهي تلبية إبراهيم والأنبياء فجاءهم إبليس في صورة شيخ وقال لهم ليست هذه تلبية أسلافكم قالوا وما كانت تلبيتهم قال كانوا يقولون لبّيك اللهمّ لبّيك لا شريك لك الّا شريكاً هو لك فتفرّق القريش من هذا القول فقال لهم إبليس على رِسْلكم حتّى أتى على آخر كلامه فقالوا ما هو فقال الّا شريك هو لك تملكه وما يملك ألا ترون أنّه يملك الشريك وما ملكه فرفضوا بذلك وكانوا يلبّون بهذا قريش خاصّة فلمّا بعث الله عزّ وجلّ رسوله أنكر ذلك عليهم وقال هذا شرك فأنزل الله عزّ وجلّ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ أي ترضون أنتم فيما تملكون أن يكون لكم فيه شريك وإذا لم ترضوا أنتم ان يكون لكم فيما تملكون شريك فكيف ترضون ان تجعلوا إليَّ شريكاً فيما أملك.

(٢٩) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا بالإشراك أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ جاهلين لا يكفهم شيء فانّ العالم إذا اتّبع هواه ردعه علمه فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ فمن يقدر على هدايته وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يخلصونهم من الضلالة ويحفظونهم عن آفاتها.

(٣٠) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً

القمّيّ أي طاهراً قيل هو تمثيل للإقبال والاستقامة عليه والاهتمام به

وفي الكافي والقمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : هي الولاية.

وفي التهذيب عن الصادق عليه السلام قال : أمره ان يقيم وجهه للقبلة ليس فيه

١٣١

شيء من عبادة الأوثان.

والقمّيّ عنه عليه السلام : انّه سئل عنه قال يقيم للصلاة ولا يلتفت يميناً ولا شمالاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عنه عليه السلام ما تلك الفطرة قال هي الإسلام فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد قال ألست بربّكم وفيهم المؤمن والكافر.

وعنه عليه السلام : انّ الله خلق الناس كلّهم على الفطرة التي فطرهم عليها لا يعرفون ايماناً بشريعة ولا كفراً بجحودهم ثمّ بعث الله الرّسل يدعون العباد الى الإيمان به فمنهم من هدى الله ومنهم من لم يهده.

وفيه وفي التوحيد عنه عليه السلام في أخبار كثيرة قال : فطرهم على التوحيد.

وعن الباقر عليه السلام : فطرهم على المعرفة به.

والقمّيّ عنه عليه السلام قال : هو لا اله إلّا الله محمّد رسُول الله عليّ وليّ الله الى هاهنا التوحيد.

وفي البصائر والتوحيد عن الصادق عليه السلام قال : على التوحيد ومحمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليّ أمير المؤمنين عليه السلام.

وفي التوحيد عن الباقر عليه السلام قال : فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفته انّه ربّهم قال لو لا ذلك لم يعلموا من ربّهم ولا من رازقهم لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ لا يَقدر احد أن يغيّره ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ المستوي الذي لا عوج فيه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ استقامته

(٣١) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ راجعين إليه مرّة بعد أخرى وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

(٣٢) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ اختلفوا فيما يعبدونه على اختلاف أهوائهم وقرئ فارقوا أي تركوا وَكانُوا شِيَعاً فرقاً يشايع كلّ امامها الّذي اضلّ دينها كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ مسرورون ظنّاً بأنّه الحقّ.

١٣٢

(٣٣) وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ شدّة دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ راجعين إليه من دعاء غيره ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً خلاصاً من تلك الشدّة إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ فاجئوا الاشراك بِرَبِّهِمْ الذي عافاهم.

(٣٤) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ اللّام فيه للعاقبة فَتَمَتَّعُوا التفات فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة تمتّعكم.

(٣٥) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً حجّة أو ذا سلطان اي من معه برهان فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ باشراكهم.

(٣٦) وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً نعمة من صحّة أو سعة فَرِحُوا بِها بطروا بسببها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ شدّة بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ بشؤم معاصيهم إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ من رحمته وقرئ بكسر النون.

(٣٧) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ فما لهم لم يشكروا ولم يحتسبوا في السرّاء والضرّاء كالمؤمنين إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يستدلّون بها على كمال القدرة والحكمة.

(٣٨) فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ يقصدون بمعروفهم إيّاه خالصاً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ حيث حصّلوا بما بسط لهم النّعيم المقيم.

في المجمع عنهما عليهما السلام : انّه لمّا نزلت هذه الآية على النبيّ صلّى الله عليه وآله أعطى فاطمة فدكاً وسلّمه إليها وقد سبق في سورة بني إسرائيل الكلام في هذا المعنى مستوفى.

(٣٩) وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً هديّة يتوقّع بها مزيد مكافاة وقرء أتيتم بالقصر لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ ليزيد ويزكو في أموالهم يعني ينمو فيها ثمّ يرجع إليه وقرئ بالتّاء المضمومة وسكون الواو فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ فلا يزكو عنده يعني لا يثاب عليه من عند الله.

١٣٣

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : الرّبا ربائان ربا يؤكل وربا لا يؤكل فأمّا الذي يؤكل فهديّتك الى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها فذلك الربا الذي يؤكل وهو قول الله عزّ وجلّ وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وامّا الذي لا يؤكل فهو الذي نهى الله عنه وأوعد عليه النار.

والقمّيّ عنه عليه السلام : الرّبا ربائان أحدهما حلال والآخر حرام فأمّا الحلال فهو ان يقرض الرجل أخاه قرضاً طمعاً ان يزيده ويعوّضه بأكثر ممّا يأخذه بلا شرط بينهما فان أعطاه أكثر ممّا اخذه على غير شرط بينهما فهو مباح له وليس له ثواب عند الله فيما أقرضه وهو قوله فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وامّا الحرام فالرّجل يقرض قرضاً ويشترط ان يردّ أكثر ممّا اخذه فهذا هو الحرام.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : هو ان يعطي الرّجل العطيّة أو يهدي الهديّة ليثاب أكثر منها فليس فيه اجر ولا وزر وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ تبتغون به وجهه خالصاً فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ذووا الاضعاف من الثواب في الأجل والمال في العاجل.

القمّيّ أي ما بررتم به إخوانكم واقرضتموهم لا طمعاً في الزيادة.

وقال الصادق عليه السلام : على باب الجنّة مكتوب القرض بثمانية عشر والصدقة بعشرة.

وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام : فرض الله الصلاة تنزيهاً عن الكبر والزّكاة تسبيباً للرزق وفي الفقيه عن فاطمة عليها السلام : ما يقرب منه.

(٤٠) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ وقرئ بالتّاء.

في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : الحريص محروم ومع حرمانه مذموم في أيّ شيء كان وكيف لا يكون محروماً وقد فرّ من وثاق الله وخالف قول الله تعالى حيث يقول اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ

١٣٤

(٤١) ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ.

القمّيّ قال فِي الْبَرِّ فساد الحيوان إذا لم تمطر وكذلك هلاك دوابّ البحر بذلك قال الصادق عليه السلام : حياة دواب البحر بالمطر فإذا كفّ المطر ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وذلك إذا كثرت الذنوب والمعاصي.

وفي الكافي والقمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : ذاك والله حين قالت الأنصار منّا أمير ومنكم أمير لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا بعض جزائه فانّ تمامه في الآخرة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عمّا هم عليه.

(٤٢) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ لتشاهدوا مصداق ذلك.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال عني بذلك أي انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم وما أخبركم عنه كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ أي كان سوء عاقبتهم لفشو الشرك فيهم.

(٤٣) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ البليغ الاستقامة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ لتحتّم مجيئه يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ يتصدّعون اي يتفرّقون فريق في الجنّة وفريق في السّعير.

(٤٤) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أي وباله وهو النار المؤبّدة وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ يسوّون منازلهم في الجنّة.

في المجمع عن الصادق عليه السلام قال : إنّ العمل الصالح ليسيق صاحبه الى الجنّة فيمهّد له كما يمهّد لأحدكم خادمه فراشه.

(٤٥) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ اكتفى عن ذكر جزائهم بالفحوى.

(٤٦) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ رياح الرَّحمة مُبَشِّراتٍ بالمطر وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ المنافع التابعة لها وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يعني تجارة البحر

١٣٥

وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ولتشكروا نعمة الله فيها.

(٤٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا بالتَّدمير وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ فيه إشعار بأنّ الانتقام لهم وإظهار لكرامتهم حيث جعلهم مستحقّين على الله ان ينصرهم.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : ما من امرئ مُسلم يردّ عن عرض أخيه الّا كان حقّاً على الله ان يردّ عنه نار جهنّم يوم القيامة ثمّ قرأ وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ.

وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام قال : حسب المؤمن نصرة أن يرى عدوّه يعمل بمعاصي الله.

(٤٨) اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً القمّيّ أي ترفعه فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ سائراً وواقفاً مطبّقاً وغير مطبّق من جانب دون جانب إلى غير ذلك وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً قيل قطعاً اي يبسطه تارة وأخرى يَجْعَلُهُ قطعاً.

والقمّيّ قال بعضه على بعض فَتَرَى الْوَدْقَ المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ

وفي المجمع عن عليّ عليه السلام : من خلله فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يعني بلادهم وأراضيهم إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ بمجيء الخصب.

(٤٩) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ المطر مِنْ قَبْلِهِ تكرير للتأكيد لَمُبْلِسِينَ لابسين.

(٥٠) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ أثر الغيث من النبات والأشجار وأنواع الثمار وقرئ اثار كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ يعني الذي قدر على احياء الأرض بعد موتها لَمُحْيِ الْمَوْتى ليحييهم لا محالة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

(٥١) وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا قيل فرأوا الأثر والزّرع فأنّه مدلول عليه بما تقدّم وقيل السحاب لأنّه إذا كان مصفرّاً لم يمطر لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ قيل هذه الآيات ناعية على الكفّار بقلّة تثبّتهم وعدم تدبّرهم وسرعة تزلزلهم لعدم تفكّرهم

١٣٦

وسوء رأيهم فانّ النظر السوي يقتضي ان يتوكّلوا على الله ويلتجئوا إليه بالاستغفار إذا احتبس القطر عنهم ولم ييئسوا من رحمته وان يبادروا الى الشكر والاستدامة بالطاعة إذا أصابهم برحمته ولم يفرطوا في الاستبشار وان يصبروا على بلائه إذا ضرب زروعهم بالاصفرار ولم يكفروا نعمه.

(٥٢) فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وهم مثلهم لمّا سدّوا عن الحقّ مشاعرهم وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ وقرئ بالياء مفتوحة ورفع الصمّ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ قيل قيّد الحكم ليكون أشدّ استحالة فانّ الأصمّ المقبل وان لم يسمع الكلام تفطّن منه بواسطة الحركات شيئاً.

(٥٣) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا لأنّه الذي يتلقّى اللّفظ ويتدبّر المعنى فَهُمْ مُسْلِمُونَ لما تأمرهم به.

(٥٤) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ابتدأكم ضعفاء أو خلقكم من أصل ضعيف وهو النّطفة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً وهو بلوغكم الاشدّ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً إذا أخد منكم السنّ يَخْلُقُ ما يَشاءُ من ضعف وقوّة وشيبة وقرئ بفتح الضاد في الجميع وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ.

(٥٥) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ القيامة وهي من الأسماء الغالبة يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا في الدنيا أو في القبور غَيْرَ ساعَةٍ استقلّوا مدّة لبثهم كَذلِكَ مثل ذلك التصرّف عن الصدوق كانُوا يُؤْفَكُونَ يصرفون في الدّنيا.

(٥٦) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ.

في الكافي والعيون عن الرضا عليه السلام في الحديث الذي يصف فيه الإمامة والإمام قال : فقلّدها صلّى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام بأمر الله عزّ وجلّ على رسم ما فرض الله تعالى فصارت في ذرّيته الأصفياء الذين آتاهم الله تعالى العلم والإيمان بقوله وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ الآية لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ في علمه وقضائه وما أوجبه لكم وكتبه إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ الذي أنكرتموه فَهذا

١٣٧

يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ انّه حقّ لتفريطكم في النظر فقد تبيّن لكم بطلان إنكاركم.

القمّيّ هذه الآية مقدّمة ومؤخّرة وانّما هو وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ.

(٥٧) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وقرئ بالياء وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ لا يدعون الى ما يقتضي اعتابهم اي إزالة عتبهم من التوبة والطاعة كما دعوا إليه في الدنيا من قولهم استعتبني فلان فأعتبته اي استرضاني فأرضيته.

(٥٨) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا من فرط عنادهم وقسوة قلوبهم إِنْ أَنْتُمْ يعنون الرّسول والمؤمنين إِلَّا مُبْطِلُونَ مزوّرون.

(٥٩) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ.

(٦٠) فَاصْبِرْ على أذاهم إِنَّ وَعْدَ اللهِ بنصرتك وإظهار دينك على الدّين كلّه حَقُّ لا بدّ من إنجازه وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ولا يحملنّك على الخفّة والقلق بتكذيبهم وإيذائهم فانّهم شاكّون ضالّون لا يستبدع منهم ذلك والقمّيّ أي لا يغضبك وثواب قراءة هذه السورة قد سبق ذكره اللهمّ ارزقنا تلاوته بمحمّد وآله عليهم السلام.

١٣٨

سُورَة لُقْمانَ مكيّة

عن ابن عبّاس ثلاث آياتٍ نزلن بالمدينة وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ إلى آخرهن وعدد آيها

ثلاث وثلاثون آية حجازيّ أربع في الباقين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

(١) الم

(٢) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ ذي الحكمة أو المحكم آياته.

(٣) هُدىً وَرَحْمَةً وقرئ بالرَّفع لِلْمُحْسِنِينَ.

(٤) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ بيان لإحسانهم أو تخصيص لهذه الثلاثة من شعبه لفضل اعتداد بها.

(٥) أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ لاستجماعهم العقيدة الحقّة والعمل الصالح.

(٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ما يلهي عمّا يعني كالاحاديث التي لا أصل لها والأساطير التي لا اعتبار فيها والمضاحيك وفضول الكلام.

القمّيّ قال الغناء وشرب الخمر وجميع الملاهي ويأتي تمام القول فيه عن قريب لِيُضِلَ وقرئ بفتح الياء عَنْ سَبِيلِ اللهِ القمّيّ قال يحيدهم عن طريقه بِغَيْرِ عِلْمٍ بحال ما يشتريه وَيَتَّخِذَها وقرء بالنّصب هُزُواً ويتَّخذ السبيل سخريّة أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ لاهانتهم الحقّ بإيثار الباطل عليه.

(٧) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً متكبّراً لا يعبأ بها كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً ثقلاً لا يقدر أن يسمع فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أعلمه به وانّما ذكر البشارة

١٣٩

على التهكّم.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : هو النّضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة من بني عبد الدّار بن قصيّ وكان النضر ذا رواية لأحاديث الناس وأشعارهم يقول الله تعالى وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا الآية.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام قال : هو الطعن في الحق والاستهزاء به وما كان أبو جهل وأصحابه يجيئون به إذ قال يا معاشر قريش ألا أطعمكم من الزَّقّوم الذي يخوّفكم به صاحبكم ثمّ أرسل الى زبد وتمر فقال هو الزقوم الذي يخوّفكم به قال ومنه الغناء.

وفي المعاني والكافي عنه عليه السلام قال : منه الغناء وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : الغناء ممّا أوعد الله عليه النّار وتلا هذه الآية.

وعنه عليه السلام : انّه سئل عن كسب المغنّيات فقال التي يدخل عليها الرجال حرام والتي تدعى الى الأعراس ليس به بأس وهو قول الله عزّ وجلّ ومن النّاس الآية.

(٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ أي لهم نعيم جنّات فعكس للمبالغة.

(٩) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغلبه شيء فيمنعه عن إنجاز وعده ووعيده الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الّا ما يستدعيه حكمته.

(١٠) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها صفة لعمد.

القمّيّ عن الرضا عليه السلام : ثمّ عَمَدٍ ولكن لا ترونها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ جبالاً شوامخ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ كراهة ان تميل بكم قيل إنّ بساطة اجزائها تقتضي تبدّل أحيازها وأوضاعها لامتناع اختصاص كلّ منها لذاته أو لشيء من لوازمه بحيّز ووضع معينين وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ من كلِّ صنف كثير المنفعة.

(١١) هذا خَلْقُ اللهِ مخلوقه فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ حتّى استحقّوا

١٤٠