فتوح البلدان

أبوالحسن البلاذري

فتوح البلدان

المؤلف:

أبوالحسن البلاذري


المحقق: لجنة تحقيق التراث
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٩

ألفا ووجدت عيالهم مائة ألف وعشرين ألف عيل ، ووجدت العرب مقاتلة الكوفة ستين ألفا وعيالهم ثمانين ألفا.

وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي فى اسناده ، قال : كان عتبة بن غزوان مع سعد بن أبى وقاص ، فكتب إليه عمر أن اضرب قيروانك بالكوفة ووجه عتبة بن غزوان إلى البصرة فخرج فى ثمانمائة فضرب خيمة من أكسية وضرب الناس معه وأمده عمر بالرجال ، فلما كثروا بنى رهط منهم سبع دساكر من لبن منها بالخريبة اثنتان ، وبالزابوقة واحدة ، وفى بنى تميم اثنتان وفى الأزد اثنتان ، ثم أن عتبة خرج إلى الفرات بالبصرة فافتتحه ثم رجع إلى البصرة ، وكان سعد يكاتب عتبة فغمه ذلك ، فاستأذن عمر فى الشخوص إليه فلحق به واستخلف المغيرة بن شعبة ، فلما قدم المدينة شكا إلى عمر تسلط سعد عليه يقال له : وما عليك أن تقر بالامارة لرجل من قريش له صحبة وشرف فأبى الرجوع وأبى عمر إلا رده ، فسقط عن راحلته فى الطريق فمات فى سنة ست عشرة وكان محجر بن الأدرع اختط مسجد البصرة ولم يبنه فكان يصلى فيه غير مبنى فبناه عتبة بقصب ثم بناه أبو موسى الأشعرى وبنى بعده.

حدثني الحسين بن على بن الأسود العجلى ، قال : حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو معاوية عن الشيبانى عن محمد بن عبد الله الثقفي ، قال : كان بالبصرة رجل يكنى أبا عبد الله ، ويقال له نافع ، وكان أول من افتلا الفلا بالبصرة فأتى عمر فقال له : أن بالبصرة أرضا ليست من أرض الخراج ولا تضر بأحد من المسلمين. فكتب له أبو موسى إلى عمر بذلك. فكتب له عمر إليه أن يقطعه إياها.

وحدثنا سعيد بن سليمان. قال : حدثنا عباد بن العوام عن عوف الأعرابى قال : قرأت كتاب عمر إلى أبى موسى أن أبا عبد الله سألنى أرضا على شاطئ

٣٤١

دجلة يفتلى فيها خيله فإن كانت فى غير أرض الجزية ولا يجزأ إليها ماء الجزية فأعطه إياها ، وقال عباد : بلغني أنه نافع بن الحارث بن كلدة طبيب العرب ، وقال الوليد بن هشام بن قحذم : وجدت كتابا عندنا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى المغيرة بن شعبة ، سلام عليك فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فإن أبا عبد الله ذكر أنه زرع بالبصرة فى امارة ابن غزوان وافتلى أولاد الخيل حين لم يفتلها أحد من أهل البصرة ، وأنه نعم ما أرى فأعنه على زرعه وعلى خيله ، فإنى قد أذنت له أن يزرع ، وآته أرضه التي زرع إلا أن تكون أرضا عليها الجزية من أرض الأعاجم أو يصرف إليها ماء أرض عليها الجزية ، ولا تعرض له إلا بخير ، والسلام عليك ورحمة الله ، وكتب معيقيب بن أبى فاطمة فى صفر سنة سبع عشرة ، وقال الوليد بن هشام : أخبرنى عمى عن ابن شبرمة أنه قال : لو وليت البصرة لقبضت أموالهم لأن عمر بن الخطاب لم يقطع بها أحدا إلا أبا بكرة ونافع بن الحارث ولم يقطع عثمان بالبصرة إلا عمران بن حصين ، وابن عامر أقطعه داره ، وحمران مولاه قال : وقد أقطع زياد عمران قطيعة أيضا فيما يقال.

وقال هشام بن الكلبي : أول دار بنيت بالبصرة دار نافع بن الحارث ثم دار معقل بن يسار المزني وكان عثمان بن عفان أخذ دار عثمان بن أبى العاصي الثقفي ، وكتب أن يعطى أرضا بالبصرة فأعطى أرضه المعروفة بشط عثمان بحيال الابلة وكانت سبخة فاستخرجها وعمرها ، وإلى عثمان بن أبى العاصي ينسب باب عثمان بالبصرة ، قالوا : كان حمران بن أبار للمسيب بن نجبة الفزاري أصابه بعين التمر فابتاعه منه عثمان بن عفان وعلمه الكتاب واتخذه كاتبا فوجد عليه لأنه كان وجهه للمسلمة عن ما رفع على الوليد بن عقبة بن أبى معيط فارتشى منه وكذب ما قيل فيه ، فتيقن عثمان صحة ذلك بعد فوجد عليه ، وقال : لا يساكنني أبدا

٣٤٢

وخيره بلدا يسكنه غير المدينة فاختار البصرة ، وسأله أن يقطعه بها دارا وذكر ذرعا كثيرا فاستكثره عثمان وقال لابن عامر : أعطه دارا مثل بعض دورك فأقطعه داره التي بالبصرة ، قالوا : ودار خالد بن طليق الخزاعي القاضي كانت لأبى الجراح القاضي صاحب سجن ابن الزبير اشتراها له سلم بن زياد ، لأنه هرب من سجن ابن الزبير ، قال ابن الكلبي : سكة بنى سمرة بالبصرة كان صاحبها عتبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس ابن عبد مناف ، ومسجد عاصم نسب إلى عاصم أحد بنى ربيعة بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، ودار أبى نافع بالبصرة نسبت إلى أبى نافع مولى عبد الرحمن أبى بكرة.

وقال القحذمى : كانت دار أبى يعقوب الخطابي لسحامة بن عبد الرحمن ابن الأصم الغنوي مؤذن الحجاج. وهو ممن قاتل مع يزيد بن المهلب فقتله مسلمة بن عبد الملك يوم العقر. وهي إلى جانب دار المغيرة بن شعبة ، قالوا : ودار طارق نسبت إلى طارق بن أبى بكرة وقبالتها خطة بن أبى العاصي الثقفي ودار زياد بن عثمان كان عبيد الله بن زياد اشتراها لابن أخيه زياد بن عثمان وتليها الخطة التي منها دار بابة بنت أبى العاصي ، وكانت دار سليمان بن على لسلم ابن زياد فغلب عليها بلال بن أبى بردة أيام ولايته البصرة لخالد بن عبد الله ، ثم جاء سليمان بن على فنزلها قالوا وكانت دار موسى بن أبى المختار مولى ثقيف لرجل من بنى دارم فأراد فيروز حصين ابتياعها منه بعشرة آلاف ، فقال : ما كنت لا بيع جوارك بمائة ألف فأعطاه عشرة آلاف وأقر الدار فى يده. وقال أبو الحسن : أراد الدارمي بيع داره فقال أبيعها بعشرة آلاف درهم خمسة آلاف ثمنها وخمسة آلاف لجوار فيروز. فبلغ فيروز ذلك فقال : أمسك عليك دارك وأعطاه عشرة آلاف درهم. ودار ابن تبع نسبت إلى عبد الرحمن بن تبع الحميري

٣٤٣

وكان على قطائع زياد ، وكان دمون من أهل الطائف ، فتزوج أبو موسى ابنته فولدت له أبا بردة ، ولدمون خطة بالبصرة وله يقول أهل البصرة : الرفاء والبنون ، وخبز وكمون ، فى بيت الدمون.

وقال القحذمى وغيره : كان أول حمام اتخذ بالبصرة حمام عبد الله بن عثمان ابن أبى العاصي الثقفي ، وهو موضع بستان سفيان بن معاوية الذي بالخريبة وعند قصر عيسى بن جعفر ، ثم الثاني حمام فيل مولى زياد ، ثم الثالث حمام مسلم ابن أبى بكرة فى بلالاباذ ، وهو الذي صار لعمرو بن مسلم الباهلي ، فمكثت البصرة دهرا وليس بها إلا هذه الحمامات.

وحدثني المدائني قال ، قال أبو بكرة لابنه مسلم : يا بنى والله ما تلي عملا وما أراك تقصر عن إخوتك فى المنفعة ، فقال : إن كتمت على أخبرتك ، قال فإنى أفعل ، قال : فإنى أغتل من حمامي هذا فى كل يوم ألف درهم وطعاما كثيرا ، ثم أن مسلما مرض فأوصى إلى أخيه عبد الرحمن بن أبى بكرة وأخبره بغلة حمامه ، فأفشى ذلك واستأذن السلطان فى بناء حمام ، وكانت الحمامات لا نبنى بالبصرة إلا بإذن الولاة فأذن له ، فاستأذن عبيد الله بن أبى بكرة فأذن له ، واستأذن الحكم ابن أبى العاصي فأذن له ، واستأذن سياه الأسوارى فأذن له ، واستأذن الحصين ابن أبى الحر العنبري فأذن له واستأذنت ربطة بنت زياد فأذن لها ، واستأذنت لبابة بنت أوفى الجرشى فأذن لها فى حمامين أحدهما فى أصحاب البقاء ، والآخر فى بنى سعد ، واستأذن المنجاب بن راشد الضبي فأذن له. وأفاق مسلم بن أبى بكرة من مرضه وقد فسدت عليه غلة حمامه فجعل يلعن عبد الرحمن ويقول ما قطع الله رحمه.

قالوا : وكان فيل حاجب زياد ومولاه ركب معه أبو الأسود الدؤلي وأنس بن زنيم. وكان على برذون هملاج وهما على فرسي سوء قطوفين

٣٤٤

فأدركهما الحسد ، فقال أنس : أجزيا أبا الأسود قال : هات ، فقال :

لعمر أبيك ما حمام كسرى

على الثلثين من حمام فيل

فقال أبو الأسود :

وما إرقاصنا حول الموالي

بسنتنا على عهد الرسول

وقال أبو مفرغ لطلحة الطلحات وهو طلحة بن عبد الله بن خلف :

تمنيني طليحة ألف ألف

لقد منيتنى أملا بعيدا

فلست لماجد حر ولكن

لسمراء التي تلد العبيدا

ولو أدخلت فى حمام فيل

وألبست المطارف والبرودا

وقال بعضهم وقد حصرته الوفاة :

يا رب قائلة يوما وقد لغبت

كيف الطريق إلى حمام منجاب

يعنى حمام المنجاب بن راشد الضبي وقال عباس مولى بنى أسامة :

ذكرت البند فى حمام عمرو

فلم أبرح إلى بعد العشاء

وحمام بلج نسب إلى بلج بن نشبة السعدي الذي يقول له زياد :

ومحترس من مثله وهو حارس

وقال هشام بن الكلبي قصر أوس بالبصرة نسب إلى أوس بن ثعلبة بن رقى أحد بنى تيم الله بن ثعلبة بن عكابة وهو من وجوه من كان بخراسان وقد تقلد بها أمورا جسيمة وهو الذي مر بتدمر فقال فى صنميها :

فتأتى أهل تدمر حين آنى

ألما تسأما طول القيام

فكائن مر من دهر ودهر

لأهلكما وعام بعد عام

وقصر أنس نسب إلى أنس بن مالك الأنصارى خادم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : والذي بنى منارة بنى أسيد حسان بن سعد منهم ، والقصر الأحمر لعمرو بن عتبة بن أبى سفيان وهو اليوم لآل عمر بن

٣٤٥

حفص بن قبيصة بن أبى صفرة ، وقصر المسيرين كان لعبد الرحمن بن زياد ، وكان الحجاج سير عيال من خرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي إليه فحبسهم فيه ، وهو قصر فى جوف قصر ويتلوه قصر عبيد الله بن زياد وإلى جانبه جوسق.

قال القحذمى : وقصر النواهق هو قصر زياد سماه الشطار بذلك ، وقصر النعمان كان للنعمان بن صهبان الراسبي الذي حكم بين مضر وربيعة أيام مات يزيد بن معاوية ، قال : وزاد عبيد الله بن زياد للنعمان بن صهبان فى قصره هذا فقال : بئس المال هذا يا أبا حاتم إن كثر الماء غرقت ، وإن قل عطشت فكان كما قال : قل الماء فمات كل من ثم ، وقصر زربي نسب إلى زربي مولى عبد الله بن عامر ، وكان قيما على خيله فكانت الدار لدوابه. وقصر عطية نسب إلى عطية الأنصارى ، ومسجد بنى عباد نسب إلى بنى عباد بن رضاء بن شقرة بن الحارث بن تميم بن مر ، وكانت دار عبد الله بن خازم السلمى لعمته دجاجة أم عبد الله بن عامر فأقطعته إياها وهو عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت وهي دجاجة بنت أسماء.

وحدثني المدائني عن أبى بكر الهذلي والعباس بن هشام عن أبيه عن عوانة ، قالا : قدم الأحنف بن قيس على عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى أهل البصرة فجعل يسألهم رجلا رجلا والأحنف فى ناحية البيت فى بت لا يتكلم فقال له عمر : أمالك حاجة؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين ، أن مفاتح الخير بيد الله وإن إخواننا من أهل الأمصار نزلوا منازل الأمم الخالية بين المياه العذبة والجنان الملتفة ، وإنا نزلنا سبخة بشاشة لا يجف نداها ولا ينبت مرعاها ، ناحيتها قبل المشرق البحر الأجاج ، ومن قبل المغرب الفلاة ، فليس لنا زرع ولا ضرع تأتينا منافعنا وميرتنا فى مثل مريء النعامة ، يخرج الرجل الضعيف فيستعذب الماء من فرسخين ، وتخرج المرأة

٣٤٦

لذلك فتربق ولدها كما يربق العنز يخاف بادرة العدو وأكل السبع ، فالا ترفع خسيستنا ، وتجبر فاقتنا نكن كقوم هلكوا ، فألحق عمر ذراري أهل البصرة فى العطاء ، وكتب إلى أبى موسى يأمره أن يحفر لهم نهوا.

فحدثني جماعة من أهل العلم ، قالوا : كان لدجلة العوراء وهي دجلة البصرة خور ، والخور طريق للماء لم يحفره أحد يجرى فيه ماء الأمطار إليها ويتراجع ماؤها فيه عند المد وينضب فى الجزر ، وكان طوله قدر فرسخ ، وكان لحده مما يلي البصرة غورة واسعة تسمى فى الجاهلية الأجانة وسمته العرب فى الإسلام الجزارة وهو على مقدار ثلاثة فراسخ من البصرة بالذرع الذي يكون به نهر الأبلة كله أربعة فراسخ ومنه يبتدئ النهر الذي يعرف اليوم بنهر الآجانة فلما أمر عمر بن الخطاب رضى الله عنه أبا موسى الأشعرى أن يحتفر لأهل البصرة نهرا ابتدأ الحفر من الأجانة وقادة ثلاثة فراسخ حتى بلغ به البصرة فصار طول نهر الأبلة أربعة فراسخ. ثم إنه أنطم منه ما بين البصرة وبثق الحيرى وذلك على قدر فرسخ من البصرة.

وكان زياد بن أبى سفيان واليا على الديوان وبيت المال من قبل عبد الله ابن عامر بن كريز ، وعبد الله يومئذ على البصرة من قبل عثمان بن عفان ، فأشار على بن عامر أن ينفذ حفر نهر الأبلة من حيث انطم حتى يبلغ به البصرة ، وكان يربث ذلك ويدافع به.

فلما شخص بن عامر إلى خراسان واستخلف زيادا أقر حفر أبى موسى الأشعرى على حاله وحفر النهر من حيث أنطم حتى بلغ به البصرة ، وولى ذلك عبد الرحمن بن أبى بكرة ، فلما فتح عبد الرحمن الماء جعل يركض فرسه والماء يكاد يسقيه ، وقدم ابن عامر من خراسان فغضب على زياد ، وقال : إنما أردت أن تذهب بذكر النهر دوني فتباعد ما بينهما حتى ماتا

٣٤٧

وتباعد بسببه ما بين أولادهما ، فقال يونس بن حبيب النحوي : أنا أدركت ما بين آل زياد وآل ابن عامر متباعدا.

وحدثني الأثرم عن أبى عبيدة ، قال : قاد أبو موسى الأشعرى نهر الابلة من موضع الأجانة إلى البصرة ، وكان شرب الناس قبل ذلك من مكان يقال له دير قاووس فوهته فى دجلة فوق الأبلة بأربعة فراسخ يجرى فى سباخ لا عمارة على حافاته ، وكانت الأرواح تدفنه ، قال : ولما حفر زياد فيض البصرة بعد فراغه من إصلاح نهر الأبلة قدم ابن عامر من خراسان فلامه ، وقال : أردت أن تذهب بشهرة هذا النهر وذكره ، فتباعد ما بينهما وبين أهلهما بذلك السبب ، وقال أبو عبيدة : كان احتفاره الفيض من لدن دار فيل مولى زياد وحاجبه إلى موضع الجسر.

وروى محمد بن سعد عن الواقدي وغيره أن عمر بن الخطاب أمر أبا موسى بحفر النهر الآخر وأن يجريه على يد معقل بن يسار المزني فنسب إليه ، وقال الواقدي توفى معقل بالبصرة فى ولاية عبيد الله بن زياد البصرة لمعاوية ، وقال الوليد بن هشام القحذمى ، وعلى بن محمد بن أبى سيف المدائني. كلم المنذر بن الجارود العبدى معاوية بن أبى سفيان فى حفر نهر ثار ، فكتب إلى زياد فحفر نهر معقل ، فقال قوم : جرى على يد معقل بن يسار فنسب إليه ، وقال آخرون : بل أجراه زياد على يد عبد الرحمن بن أبى بكرة أو غيره ، فلما فرغ منه وأرادوا فتحه بعث زياد معقل بن يسار ففتحه تبركا به لأنه من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال الناس : نهر معقل ، فذكر القحذمى أن زيادا أعطى رجلا ألف درهم ، وقال له : أبلغ دجلة وسل عن صاحب هذا النهر من هو ، فإن قال لك رجل : إنه نهر زياد فأعطه الألف ، فبلغ دجلة ثم رجع فقال : ما لقيت أحدا إلا يقول : هو نهر معقل ، فقال زياد : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ).

٣٤٨

قالوا : ونهر دبيس نسب إلى رجل فصار يقال له دبيس كان يقصر الثياب عليه ، وبثق الحيرى نسب إلى نبطي من أهل الحيرة ، ويقال كان مولى لزياد ، قالوا : وكان زياد لما بلغ بنهر معقل قبته التي يعرض فيها الجند رده إلى مستقبل الجنوب حتى أخرجه إلى أصحاب الصدقة بالجبل فسمى ذلك العطف نهر دبيس ، وحفر عبد الله بن عامر نهره الذي عند دار فيل ، وهو الذي يعرف بنهر الأساورة ، وقال بعضهم : الأساورة حفروه ، ونهر عمرو : نسب إلى عمرو بن عتبة بن أبى سفيان ، ونهر أم حبيب نسب إلى أم حبيب بنت زياد. وكان عليه قصر كثير الأبواب فسمى الهزاردر ، وقال على بن محمد المدائني : تزوج شيرويه الأسوارى مرجانة أم عبيد الله بن زياد فبنى لها قصرا فيه أبواب كثيرة فسمى هزاردر.

وقال أبو الحسن قال قوم : سمى هزاردر لأن شيرويه اتخذ فى قصره ألف باب ، وقال بعضهم : نزل ذلك الموضع ألف أسوار فى ألف بيت أنزلهم كسرى فقيل هزاردر ، ونسب نهر حرب إلى حرب بن سلم بن زياد وكان عبد الأعلى بن عبد الله بن عبد الله بن عامر أدعى أن الأرض التي كانت عليه كانت لابن عامر وخاصم فيها حربا ، فلما توجه القضاء لعبد الأعلى أتاه حرب فقال له : خاصمتك فى هذا النهر وقد ندمت على ذلك وأنت شيخ العشيرة وسيدها فهو لك ، فقال عبد الأعلى بن عبد الله : بل هو لك فانصرف حرب فلما كان العشى جاء موالي عبد الأعلى ونصحاؤه فقالوا : والله ما أتاك حرب حتى توجه لك القضاء عليه ، فقال : والله لا رجعت فيما جعلت له أبدا ، والنهر المعروف بيزيدان : نسب إلى يزيد بن عمر الأسيدى صاحب شرطة عدى بن أرطاة ، وكان رجل أهل البصرة فى زمانه.

وقالوا : أقطع عبد الله بن عامر بن كريز عبد الله بن عمير بن عمرو بن مالك الليثي وهو أخوه لأمه دجاجة بنت أسماء بن الصلت السلمية ثمانية

٣٤٩

آلاف جريب فحفر لها النهر الذي يعرف بنهر ابن عميرة ، قالوا : وكان عبد الله بن عامر حفر نهر أم عبد الله دجاجة ويتولاه غيلان بن خرشة الضبي وهو النهر الذي قال حارثة بن بدر الغدانى لعبد الله بن عامر وقد سايره لم أر أعظم بركة من هذا النهر يستقى منه الضعفاء من أبواب دورهم ويأتيهم منافعهم فيه إلى منازلهم ، وهو مغيض لمياههم ، ثم أنه ساير زيادا بعد ذلك فى ولايته فقال ما رأيت نهرا شرا منه ينز منه دورهم وببغضون له فى منازلهم ويغرق فيه صبيانهم.

وروى قوم أن غيلان بن خرشة القائل هذا : والأول أثبت ، ونهر سلم نسب إلى سلم بن زياد أبى سفيان ، وكان عبد الله بن عامر حفر نهرا تولاه نافذ مولاه فغلب عليه فقيل نهر نافذ ، وهو لآل الفضل بن عبد الرحمن ابن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، قال أبو اليقظان : أقطع عثمان بن عفان العباس بن ربيعة بن الحارث دارا بالبصرة وأعطاه مائة ألف درهم ، وكان عبد الرحمن بن عباس يلقب رائض البغال لجودة ركوبه لها وتابعه الناس بعد هرب ابن الأشعث إلى سجستان فهرب من الحجاج ، وطلحتان نهر طلحة ابن أبى نافع مولى طلحة بن عبيد الله ، ونهر حميدة نسب إلى امرأة من آل عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس يقال حميد وهي امرأة عبد العزيز بن عبد الله بن عامر ، وخيرتان لخيرة بنت ضمرة القشيرية امرأة المهلب ولها مهلبان كان المهلب وهبه لها ، ويقال : بل كان لها فنسب إلى المهلب وهي أم أبى عيينة ابنه ، وجبيران لجبير بن حية ، وخلفان قطيعة عبد الله بن خلف الخزاعي أبى طلحة الطلحات ، طليقان لآل عمران بن حصين الخزاعي من ولد خالد بن طليق بن محمد بن عمران وكان خالد ولى قضاء البصرة.

وقال القحذمى نهرمرة لابن عامر ولى حفره له مرة مولى أبى بكر الصديق فغلب على ذكره ، وقال أبو اليقظان وغيره : نسب نهر مرة إلى مرة

٣٥٠

ابن أبى عثمان مولى عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق ، وكان سريا سأل عائشة أم المؤمنين أن تكتب له إلى زياد وتبدأ به فى عنوان كتابها فكتبت له إليه بالوصاية به وعنونته : إلى زياد بن أبى سفيان من عائشة أم المؤمنين ، فلما رأى زياد أنها قد كاتبته ونسبته إلى أبى سفيان سر بذلك وأكرم مرة وألطفه ، وقال للناس : هذا كتاب أم المؤمنين إلى فيه وعرضه عليهم ليقرءوا عنوانه ، ثم أقطعه مائة جريب على نهر الابلة وأمره فحفر لها نهرا فنسب إليه ، وكان عثمان بن مرة من سراة أهل البصرة وقد خرجت القطيعة من أيدى ولده وصارت لآل الصفاق بن حجر بن بجير العقوى من الأزد.

قالوا : ودرجاه جنك من أموال ثقيف ، وإنما قيل له ذلك لمنازعات كانت فيه ، وجنك بالفارسية صخب إنسان : نسب إلى أنس بن مالك فى قطيعة من زياد. نهر بشار نسب إلى بشار بن مسلم بن عمرو الباهلي أخى قتيبة ، وكان أهدى إلى الحجاج فرسا فسبق عليه فأقطعه سبعمائة جريب ويقال أربعمائة جريب فحفر لها النهر ، ونهر فيروز نسب إلى فيروز حصين ، ويقال إلى باشكار كان يقال له فيروز ، وقال القحذمى : نسب إلى فيروز مولى ربيعة بن كلدة الثقفي ، ونهر العلاء نسب إلى العلاء بن شريك الهذلي أهدى إلى عبد الملك شيئا أعجبه فأقطعه مائة جريب ، ونهر ذراع نسب إلى ذراع النمري من ربيعة وهو أبو هارون بن ذراع ، ونهر حبيب نسب إلى حبيب ابن شهاب الشامي التاجر فى قطيعة من زياد ويقال من عثمان ، ونهر أبى بكرة نسب إلى أبى بكرة بن زياد.

وحدثني العقوى الدلال قال : كانت الجزيرة بين النهرين سبخة فاقطعها معاوية بعض بنى أخوته ، فلما قدم الفتى لينظر إليها أمر زياد بالماء فأرسل فيها فقال الفتى : إنما أقطعنى أمير المؤمنين بطيحة لا حاجة لى فيها فابتاعها زياد منه

٣٥١

بمائتي ألف درهم وحفر أنهارها وأقطع منها روادان لرواد بن أبى بكرة ، ونهر الراء صيدت فيه سمكة تسمى الراء فسمى بها وعليه أرض حمران الذي أقطعه إياها معاوية ، نهر مكحول نسب إلى مكحول بن عبيد الله الأحمسى وهو ابن عم شيبان صاحب مقبرة شيبان بن عبد الله الذي كان على شرطة ابن زياد ، وكان مكحول يقول الشعر فى الخيل فكانت قطيعة من عبد الملك بن مروان ، وقال القحذمى نهر مكحول نسب إلى مكحول بن عبد الله السعدي.

وقال القحذمى شط عثمان اشتراه عثمان بن أبى العاصي الثقفي من عثمان ابن عفان بمال له بالطائف ، ويقال أنه اشتراه بدار له بالمدينة فزادها عثمان ابن عفان فى المسجد وأقطع عثمان بن أبى العاصي أخاه حفص بن أبى العاصي حفصان ، وأقطع أبا أمية بن أبى العاصي أخاه أميتان ، وأقطع الحكم بن أبى العاصي حكما ، وأقطع أخاه المغيرة مغيرتان ، قال : فكان نهر الأرحاء لأبى عمرو بن أبى العاصي الثقفي.

وقال المدائني : أقطع زياد فى الشط الجموم وهي زيادان ، وقال لعبد الله ابن عثمان أنى لا أنفذ إلا ما عمرتم ، وكان يقطع الرجل القطيعة ويدعه سنتين فإن عمرها وإلا أخذها منه ، فكانت الجموم لأبى بكرة ثم صارت لعبد الرحمن ابن أبى بكرة ، أزرقان نسب إلى الأزرق بن مسلم مولى بنى حنيفة ، ونسب محمدان إلى محمد بن على بن عثمان الحنفي ، زيادان نسب إلى زياد مولى بنى الهيثم ، وهو جد مؤنس بن عمران بن جميع بن يسار وجد عيسى بن عمر النحوي وحاجب بن عمر لأمهما ، ونهر أبى الخصيب نسب إلى أبى الخصيب مرزوق مولى المنصور أمير المؤمنين ، ونهر الأمير بالبصرة حفره المنصور ثم وهبه لابنه جعفر فكان يقال نهر أمير المؤمنين ، ثم قيل نهر الأمير ثم ابتاعه الرشيد ، وأقطع منه وباع ونهر ربا للرشيد نسب إلى سورجى والقرشي كان عبيد الله بن عبد الأعلى الكريزي وعبيد الله بن عمر بن الحكم

٣٥٢

الثقفي اختصما فيه ثم اصطلحا على أن أخذ كل واحد منهما نصفه فقيل القرشي والعربي ، والقندل خور من أخوار دجلة سده سليمان بن على وعليه قطيعة المنذر بن الزبير بن العوام وفيه نهر النعمان بن المنذر صاحب أقطعه أيام كسرى وكان هناك قصر للنعمان ، ونهر مقاتل نسب إلى مقاتل ابن جارية بن قدامة السعدي ، وعميران نسب إلى عبد الله بن عمير الليثي ، وسيحان كان للبرامكة وهم سموه سيحان ، والجوبرة صيد فيها الجوبرة فسميت بذلك ، حصينان لحصين بن أبى الحر العنبري ، عبيد لان لعبيد الله بن أبى بكرة ، عبيدان لعبيد بن كعب النميري ، منقذان لمنقذ بن علاج السلمى ، عبد الرحمانان كان لأبى بكرة بن زياد فاشتراه أبو عبد الرحمن مولى هشام ، ونافعان لنافع بن الحارث الثقفي ، وأسلمان لأسلم بن زرعة الكلابي ، وحمرانان لحمران بن أبان مولى عثمان ، وقتيبتان لقتيبة بن مسلم ، وخشخشان لآل الخشخاش العنبري.

وقال القحذمى : نهر البنات بنات زياد أقطع كل بنت ستين جريبا وكذلك كان يقطع العامة ، وقال : أمر زياد عبد الرحمن بن تبع الحميري ، وكان على قطائعه أن يقطع نافع بن الحارث الثقفي ما مشى فمشى فانقطع شسعه فجلس ، فقال حسبك ، فقال : لو علمت لمشيت إلى الابلة فقال : دعني حتى أرمى بنعلي فرمى بها حتى بلغت الاجانة ، سعيدان لآل سعيد بن عبد الرحمن بن عباد بن أسيد وكانت سليمانان قطيعة لعبيد بن قسيط صاحب الطوف أيام الحجاج فرابط بها رجل من الزهاد يقال له سليمان بن جابر فنسبت إليه ، وعمران لعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي ، وفيلان لفيل مولى زياد ، وخالدان نسب إلى خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص بن أمية ، نهر يزيد الإباضي وهو يزيد بن عبد الله الحميري ، المسمارية قطيعة مسمار مولى زياد وله بالكوفة ضيعة ، قال القحذمى وكان

٣٥٣

بلال بن أبى بردة الذي فتق نهر معقل فى فيض البصرة ، وكان قبل ذلك مكسورا يفيض إلى القبة التي كان زياد يعرض فيها الجند واحتفر بلال نهر بلال وجعل على جنبتيه حوانت ونقل إليها السوق وجعل ذلك ليزيد بن خالد القسري ، قالوا : وحفر بشير بن عبيد الله بن أبى بكرة المرغاب وسماه باسم مرغاب مرو ، وكانت القطيعة التي فيها المرغاب لهلال بن أحوز المازني أقطعه إياها يزيد بن عبد الملك وهي ثمانية آلاف جريب فحفر بشير المرغاب والسواقى والمعترضات بالتغلب وقال هذه قطيعة لى وخاصمه حميرى بن هلال فكتب خالد بن عبد الله القسري إلى مالك بن المنذر بن الجارود وهو على أحداث البصرة أن خل بين الحميري وبين المرغاب وأرضه ، وذلك أن بشيرا أشخص إلى خالد فتظلم فقبل قوله ، وكان عمرو بن يزيد الأسيدى يعنى بحميرى ويعينه فقال لمالك بن المنذر أصلحك الله ليس هذا خل إنما هو حل بين حميرى وبين المرغاب ، قال : وكانت لصعصعة بن معاوية عم الأحنف قطيعة بحيال المرغاب وإلى جنبها فجاء معاوية بن معاوية معينا لحميرى ، فقال بشير هذا مسرح إبلنا وبقرنا وحميرنا ودوابنا وغنمنا فقال معاوية : أمن أجل تلط بقرة عقفاء واتان وديق تريد أن تغلبنا على حقنا ، وجاء عبد الله بن أبى عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد فقال : أرضنا وقطيعتنا فقال له معاوية أسمعت بالذي تخطى النار فدخل اللهب فى استه فأنت هو ، قالوا : وكانت سويدان لعبيد الله بن أبى بكرة قطيعة مبلغها أربعمائة جريب فوهبها لسويد بن منجوف السدوسي ، وذلك أن سويدا مرض وعاده ابن أبى بكرة فقال له كيف تجدك ، قال صالحا إن شئت قال : قد شئت فما ذاك ، قال : إن أعطيتنى مثل الذي أعطيت ابن معمر فليس على بأس فأعطاه سويدان فنسبت إليه.

قال المدائني : حفر يزيد بن المهلب نهر يزيد فى قطيعة لعبيد الله بن أبى

٣٥٤

بكرة ، فقال لبشير بن عبيد الله اكتب لى كتابا بأن هذا النهر فى حقي ، قال : لا ولئن عزلت لأخاصمنك ، جبران لآل كلثوم بن جبر نهر ابن أبى برذعة نسب إلى أبى برذعة بن عبيد الله بن أبى بكرة ، والمسرقانان قطيعة لآل أبى بكرة وأصلها مائة جريب فمسحها مساح المنصور ألف جريب فأقروا فى أيدى آل أبى بكرة منها مائة وقبضوا الباقي ، قطيعة هميان لهميان بن عدى السدوسي ، كثيران لكثير بن سيار ، بلالان لبلال بن أبى بردة كانت القطيعة لعباد بن زياد فاشتراها ، شبلان لشبل بن عميرة بن يثربى الضبي ، نهر سلم نسب إلى سلم بن عبيد الله بن أبى بكرة ، النهر الرباحي نسب إلى رباح مولى آل جدعان ، سبخة عائشة إلى عائشة بنت عبد الله بن خلف الخزاعي ، قالوا : واحتفر كثير بن عبد الله السلمى وهو أبو العاج عامل يوسف بن عمر الثقفي على البصرة نهرا من نهر ابن عتبة إلى الخستل فنسب إليه ، نهر أبى شداد نسب إلى أبى شداد مولى زياد ، بثق سيار لفيل مولى زياد ولكن القيم عليه كان سيار مولى بنى عقيل فغلب عليه أرض الأصبهانيين شرا من بعض العرب ، وكان هؤلاء الأصبهانيون قوما أسلموا وهاجروا إلى البصرة ، ويقال أنهم كانوا مع الأساورة الذين صاروا بالبصرة ، ودار ابن الأصبهانى بالبصرة نسبت إلى عبد الله بن الأصبهانى وكان له أربعمائة مملوك لقى المختار مع مصعب وهو على ميمنته.

حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن بعض آل الأهتم ، قال : كتب يزيد ابن عبد الملك إلى عمر بن هبيرة أنه ليست لأمير المؤمنين بأرض العرب خرصة فسر على القطائع فخذ فضولها لأمير المؤمنين فجعل عمر يأتى القطيعة فيسأل عنها ثم يمسحها حتى وقف على أرض ، فقال : لمن هذه فقال صاحبها لى فقال ومن أين هي لك فقال :

ورثناهن عن أباء صدق

ويورثها إذا متنا بنينا

٣٥٥

قال : ثم أن الناس ضجوا من ذلك فأمسك ، قالوا : صلتان نسب إلى الصلت بن حريث الحنفي ، وقاسمان قطيعة القاسم بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ورثه إياها أخوه عون ، ونهر خالدان الأجمة لآل خالد بن أسيد وآل أبى بكرة ونهر ماسوران كان فيه رجل شرير يسعى بالناس ويبحث عليهم فنسب النهر إليه ، والماسور بالفارسية الجرير الشرير ، جبيران أيضا ، قطيعة جبير بن أبى زيد من بنى عبد الدار ، معقلان قطيعة معقل بن يسار من زياد ، وولده يقولون : من عمرو لم يقطع عمر أحدا على النهرين ، جندلان لعبيد الله بن جندل الهلالي ، نهر التوت قطيعة عبد الله ابن نافع بن الحارث الثقفي وقال القحذمى : كان نهر سليمان بن على لحسان ابن أبى حسان النبطي ، والنهر الغوثي كان عليه صاحب مسلحة يقال له غوث فنسب إليه ، وقال بعضهم جعل مغيثا للمرغاب فسمى الغوث ذات الحفافين على نهر معقل ، ودجلة كانت لعبد الرحمن بن أبى بكرة فاشتراها عربي التمار مولى أمة الله بنت أبى بكرة ، نهر أبى سبرة الهذلي ، قطيعة حريانان قطيعة حرب بن عبد الرحمن بن الحكم بن أبى العاصي ، قطيعة الحباب للحباب بن يزيد المجاشعي ، نهر جعفر كان لجعفر مولى سلم ابن زياد ، وكان خراجيا ، بثق شيرين نسب إلى شيرين امرأة كسرى ابن هرمز.

وقال القحذمى والمدائني : كانت مهلبان التي تعرف فى الديوان بقطيعة عمر بن هبيرة لعمر بن هبيرة أقطعه إياها يزيد بن عبد الملك حين قبض مال يزيد بن المهلب وأخوته وولده وكانت للمغيرة بن المهلب وفيها نهر كان زادان فروخ حفره فعرف به وهي اليوم لآل سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب رفع إلى أبى العباس أمير المؤمنين فيها فأقطعه إياها فخاصمه آل المهلب فى أمرها فقال : كانت المغيرة فقالوا : نحن نجيز ذلك مات المغيرة بن المهلب قبل

٣٥٦

أبيه فورثت ابنته النصف فلك ميراثك من أمك ورجع الباقي إلى أبيه فهو بين الورثة. قال : وللمغيرة ابن. قالوا : ومالك ولابن المغيرة؟ أنت لا ترثه! إنما هو خالك فلم يعطهم شيئا وهي ألف وخمسمائة جريب.

كوسجان نسب إلى عبد الله بن عمرو الثقفي الكوسج. وقال المدائني : كانت كوسجان لأبى بكرة فخاصمه أخوه نافع فخرجا إليها وكل واحد منهما يدعيها وخرج إليها عبد الله بن عمرو الكوسج فقال لهما : أراكما تختصمان فحكمانى فحكماه. فقال : قد حكمت بها لنفسي فسلماها له. قال : ويقال أنه لم يكن للوسج شرب فقال لأبى بكرة ونافع : اجعلا لي شربا بقدر وثبة فأجاباه إلى ذلك فيقال أنه وثب ثلاثين ذراعا.

قالوا : وبالفرات أرضون أسلم أهلها عليها حين دخلها المسلمون وأرضون خرجت من أيدى أهلها إلى قوم مسلمين بهبات وغير ذلك من أسباب الملك فصيرت عشرية وكانت خراجية فردها الحجاج إلى الخراج. ثم ردها عمر بن عبد العزيز إلى الصدقة. ثم ردها عمر بن هبيرة إلى الخراج. فلما ولى هشام بن عبد الملك رد بعضها إلى الصدقة. ثم أن المهدى أمير المؤمنين جعلها كلها من أراضى الصدقة. وقال جعفر : إن كان لأم جعفر بنت مجزاة بن ثور السدوسي امرأة أسلم صاحب أسلمان.

قال القحذمى : حدثني أرقم بن ابراهيم أنه نظر إلى حسان النبطي يشير من الجسر ، ومعه عبد الأعلى بن عبد الله بحوز كل شيء من حد نهر الفيض لولد هشام بن عبد الملك ، فلما بلغ دار عبد الأعلى رفع الذرع. فلما كانت الدولة المباركة قبض ذلك أجمع فوقف أبو جعفر الجبان فيما وقف على أهل المدينة وأقطع المهدى العباسة ابنته امرأة محمد بن سليمان الشرقي عبادان قطيعة لحمران بن أبان مولى عثمان من عبد الملك بن مروان وبعضها فيما يقال من زياد

٣٥٧

وكان حمران من سبى عين التمر يدعى أنه من التمر بن قاسط فقال الحجاج ذات يوم وعنده عباد بن حصين الحبطى : ما يقول حمران لئن انتمى إلى العرب ولم يقل أن أباه أبى وأنه مولى لعثمان لأضربن عنقه ، فخوج عباد من عند الحجاج مبادرا فأخبر حمران بقوله ، فوهب له غربي النهر وحبس الشرقي فنسب إلى عباد بن الحصين ، وقال : هشام بن الكلبي : كان أول من رابط بعبادان عباد بن الحصين ، قال : وكان الربيع بن صبح الفقيه وهو مولى بنى سعد جمع مالا من أهل البصرة فحصن به عبادان ورابط فيها ، والربيع يروى عن الحسن البصري ، وكان خرج غازيا إلى الهند فى البحر فمات فدفن فى جزيرة من الجزائر فى سنة ستين ومائة.

قال القحذمى : خالدان القصر ، وخالدان هبساء كانا لخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، وخالدان ليزيد بن طلحة الحنفي ويكنى أبا خالد ، قال : ونهر عدى كان خورا من نهر البصرة حتى فتقه عدى بن أرطاة الفزاري عامل عمر ابن عبد العزيز من بثق شيرين ، قال : وكان سليمان أقطع يزيد بن المهلب ما اعتمل من البطيحة فاعتمل الشرقي والجبان والخست والريحية ومغيرتان وغيرها فصارت حوزا فقبضها يزيد بن عبد الملك ثم أقطعها هشام ولده ثم حيزت بعده.

قال القحذمى : وكان الحجاج أقطع خيرة بنت ضمرة القشيرية امرأة المهلب عباسان فقبضها يزيد بن عبد الملك فأقطعها العباس بن الوليد بن عبد الملك ، ثم قبضت فأقطعها أبو العباس أمير المؤمنين سليمان بن على ، قال : وكانت القاسمية مما نضب عنه الماء فافتعل القاسم بن سليمان مولى زياد كتابا ادعى أنه من يزيد بن معاوية باقطاعه إياها ، الخالية لخالد بن صفوان بن الأهتم كانت للقاسم بن سليمان المالكية لمالك بن المنذر بن الجارود ، الحاتمية لحاتم بن قبيصة بن المهلب.

٣٥٨

حدثني جماعة من أهل البصرة. قالوا : كتب عدى بن أرطاة إلى عمر بن عبد العزيز وأمر أهل البصرة أن يكتبوا فى حفر نهر لهم فكتب إليه وكيع ابن أبى سود التميمي. أنك إن لم تحفر لنا نهرا فما البصرة لنا بدار ، ويقال : أن عديا التمس فى ذلك الإضرار ببهز بن يزيد بن المهلب فنفعه. قالوا فكتب عمر يأذن له فى حفر نهر فحفر نهر عدى وخرج الناس ينظرون إليه فحمل عدى الحسن البصري على حمار كان عليه وجعل يمشى.

قالوا : ولما قدم عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عاملا على العراق من قبل يزيد بن الوليد أتاه أهل البصرة فشكوا إليه ملوحة مائهم. وحملوا إليه قارورتين فى أحدهما ماء البصرة وفى الأخرى ماء من ماء البطيحة فرأى بينهما فصلا فقالوا : أنك إن حفرت لنا نهرا شربنا من هذا العذب. فكتب بذلك إلى يزيد فكتب إليه يزيد أن بلغت نفقة هذا النهر خراج العراق ما كان فى أيدينا فأنفقه عليه. فحفر النهر الذي يعرف بنهر عمرو. قال رجل ذات يوم فى مجلس بن عمرو الله أنى أحسب نفقة هذا النهر تبلغ ثلاثمائة ألف أو أكثر فقال ابن عمر. لو بلغت خراج العراق لأنفقته عليه.

قالوا. وكانت الولاة والأشراف بالبصرة يستعذبون الماء من دجلة ويحتفرون الصهاريج. وكان للحجاج بها صهريج معروف يجتمع فيه ماء المطر وكان لابن عامر وزياد وابن زياد صهاريج يبيحونها الناس.

قالوا : وبنى المنصور رحمه‌الله بالبصرة فى دخلته الأولى قصره الذي عند الحبس الأكبر وذلك فى سنة اثنتين وأربعين ومائة وبنى فى رحلته الثانية المصلى بالبصرة وقال القحذمى : الحبس الأكبر إسلامي ، قالوا : ووقف محمد بن سليمان بن على ضيعة له على أحواض اتخذها بالبصرة فغلتها تنفق على دواليبها وإبلها ومصلحتها.

٣٥٩

وحدثني روح بن عبد المؤمن عن عمه أبى هشام عن أبيه ، قال : وفد أهل البصرة على ابن عمر بن عبد العزيز بواسط فسألوه حفر نهر لهم فحفر لهم نهر ابن عمر ، وكان الماء الذي يأتى نزرا قليلا ، وكان عظم ماء البطيحة يذهب فى نهر الدير ، فكان الناس يستعذبون من الابلة حتى قدم سليمان بن على البصرة واتخذ المغيثة وعمل مسنياتها على البطيحة فحجز الماء عن نهر الدبر وصرفه إلى نهر ابن عمرو أنفق على المغيثة ألف ألف درهم ، فقال : شكا أهل البصرة إلى سليمان ملوحة الماء وكثره ما يأتيهم من ماء البحر فسكر القندل فعذب ماؤهم قال : واشترى سليمان بن على موضع السجن من ماله فى دار ابن زياد فجعله سجنا وحفر الحوض الذي فى الدهناء وهي رحبة بنى هاشم.

وحدثني بعض أهل العلم بضياع البصرة ، قال : كان أهل الشعيبية من الفرات جعلوها لعلى بن أمير المؤمنين الرشيد فى خلافة الرشيد على أن يكونوا مزارعين له فيها ويخفف مقاسمتهم فتكلم فيها فجعلت عشرية من الصدقة وقاسم أهلها على ما رضوا به وقام له بأمرها شعيب بن زياد الواسطي الذي لبعض ولده دار بواسط على دجلة فنسبت إليه.

وحدثني عدة من البصريين منهم روح بن عبد المؤمن ، قالوا لما اتخذ سليمان بن على المغيثة أحب المنصور أن يستخرج ضيعة من البطيحة فأمر باتخاذ السبيطة فكره سليمان بن على وأهل البصرة ذلك ، واجتمع أهل البصرة إلى باب عبد الله بن على وهو يومئذ عند أخيه سليمان هاربا من المنصور فصاحوا يا أمير المؤمنين انزل إلينا نبايعك ، فكفهم سليمان وفرقهم وأوفد إلى المنصور سوار بن عبد الله التميمي ثم العنزي وداود بن أبى هند مولى بنى بشير وسعيد بن أبى عروبة واسم أبى عروبة بهران فقدموا عليه ومعهم صورة البطيحة فأخبروه أنهم يتخوفون أن يملح ماءهم ، فقال : ما أراه

٣٦٠