فتوح البلدان

أبوالحسن البلاذري

فتوح البلدان

المؤلف:

أبوالحسن البلاذري


المحقق: لجنة تحقيق التراث
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٩

كتاب ان أنصب العرس واقصر منها قائمة ولتكن مما يلي المشرق ثم ادع صاحبها فمره أن يقصد برميته للدقل الذي وصفت لى فرمى الدقل فكسر فاشتد طرة الكفر من ذلك ، ثم أن محمدا ناهضهم وقد خرجوا إليه فهزمهم حتى ردهم ، وأمر بالسلاليم فوضعت وصعد عليها الرجال ، وكان أولهم صعودا رجل من مراد من أهل الكوفة ففتحت عنوة ، ومكث محمد يقتل من فيها ثلاثة أيام وهرب عامل داهر عنها وقتل سادنى بيت آلهتهم ، واختط محمد للمسلمين بها وبنى مسجدا وأنزلها أربعة آلاف.

قال محمد بن يحيى : فحدثني منصور بن حاتم النحوي مولى آل خالد بن أسيد أنه رأى الدقل الذي كان على منارة البد مكسورا ، وأن عنبسة بن إسحاق الضبي العامل كان على السند فى خلافة المعتصم بالله رحمه‌الله هدم أعلى تلك المنارة وجعل فيها سجنا وابتدأ فى مرمة المدينة بما نقض من حجارة تلك المناورة فعزل قبل استتمام ذلك ، وولى بعده هارون بن أبى خالد المرور وذى فقتل بها.

قالوا : وأتى محمد بن القاسم البيرون وكان أهلها بعثوا سمنيين منهم إلى الحجاج فصالحوه فأقاموا لمحمد العلوفة وأدخلوه مدينتهم ووفوا بالصلح وجعل محمد لا يمر بمدينة إلا فتحها حتى عبر نهرا دون مهران فأتاه سمنية سريبدس فصالحوه عمن خلفهم ووظف عليهم الخراج وسار إلى سهيان ففتحها ، ثم سار إلى مهران فنزل فى وسطه فبلغ ذلك داهر واستعد لمحاربته وبعث محمد بن القاسم محمد بن مصعب بن عبد الرحمن الثقفي إلى سدوسا فى خيل وحمارات ، فطلب أهلها الأمان والصلح وسفر بينه وبينهم السمنية فأمنهم ووظف عليهم خرجا وأخذ منهم رهنا وانصرف إلى محمد ومعه من الزط أربعة آلاف فصاروا مع محمد ، وولى سدوسان رجلا ، ثم أن محمدا احتال لعبور مهران حتى عبره مما يلي بلاد راسل ملك قصة من الهند على جسر عقده وداهر

٤٢١

مستخف به لاه عنه ولقيه محمد والمسلمون وهو على فيل وحوله الفيلة ومعه التكاكره فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع بمثله وترجل داهر وقاتل فقتل عند المساء وانهزم المشركون فقتلهم المسلمون كيف شاءوا وكان الذي قتله فى رواية المدائني رجلا من بنى كلاب وقال :

الخيل تشهد يوم داهر والقنا

ومحمد بن القاسم بن محمد

أنى فرجت الجمع غير معرد

حتى علوت عظيمهم بمهند

فتركته تحت العجاج مجدلا

متعفر الخدين غير مؤسد

فحدثني منصور بن حاتم ، قال : داهر والذي قتله مصوران ببروص وبديل بن طهفة مصور بقند وقبره بالديبل.

وحدثني على بن محمد المدائني عن أبى محمد الهندي عن أبى الفرج قال : لما قتل داهر غلب محمد بن القاسم على بلاد السند ، وقال ابن الكلبي : كان الذي قتل داهر القاسم بن ثعلبة بن عبد الله بن حصن الطائي.

قالوا وفتح محمد بن القاسم راور عنوة وكانت بها امرأة لداهر فخافت أن تؤخذ فأحرقت نفسها وجواريها وجميع مالها ، ثم أتى محمد بن القاسم بزهمناباذ العتيقة وهي على رأس فرسخين من المنصورة ، ولم تكن المنصورة يومئذ إنما كان موضعا غيضة ، وكان فل داهر ببرهمناباذ هذه فقاتلوه ففتحها محمد عنوة وقتل بها ثمانية آلاف وقيل ستة وعشرين ألفا وخلف فيها عامله وهي اليوم خراب ، وسار محمد يريد الرور وبغرور فتلقاه أهل ساوندرى فسألوه الأمان فأعطاهم إياه واشترط عليهم ضيافة المسلمين ودلالتهم وأهل ساوندرى اليوم مسلمون ، ثم تقدم إلى بسمد فصالح أهلها على مثل صلح ساوندرى وانتهى محمد إلى الرور وهي من مدائن السند وهي على جبل فحصرهم

٤٢٢

أشهرا ففتحها صلحا على أن لا يقتلهم ولا يعرض لبدهم وقال : ما البد إلا ككنائس النصارى واليهود وبيوت نيران المجوس ووضع عليهم الخراج بالروروينى مسجدا ، وسار محمد إلى السكة وهي مدينة دون يباس ففتحها والسكة اليوم خراب ، ثم قطع نهر يباس إلى الملتان فقاتله أهل الملتان فأبلى زائدة بن عمير الطائي ، وانهزم المشركون فدخلوا المدينة وحصرهم محمد ونفدت أزواد المسلمين فأكلوا الحمر ، ثم أتاهم رجل مستأمن فدلهم على مدخل الماء الذي منه شربهم وهو ماء يجرى من نهر بسمد فيصير فى مجتمع له مثل البركة فى المدينة وهم يسمونه البلاح فغوره ، فلما عطشوا نزلوا على الحكم فقتل محمد المقاتلة وسبى الذرية وسبى سدنة البد وهم ستة آلاف ، وأصابوا ذهبا كثيرا فجمعت تلك الأموال فى بيت يكون عشرة أذرع فى ثماني أذرع يلقى ما أودعه فى كوة مفتوحة فى سطحه فسميت الملتان ، فرج بيت الذهب والفرج الثغر وكان بد الملتان بدا تهدى إليه الأموال وينذر له النذور ويحج إليه السند فيطوفون به ويحلقون رؤسهم ولحاهم عنده ، ويزعمون أن صنما فيه هو أيوب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قالوا : ونظر الحجاج فإذا هو قد أنفق على محمد بن القاسم ستين ألف ألف ووجد ما حمل إليه عشرين ومائة ألف ألف ، فقال : شفينا غيظنا وأدركنا ثارنا وازددنا ستين ألف ألف درهم ورأس داهر ، ومات الحجاج فأتت محمدا وفاته فرجع عن الملتان إلى الرورو بغرور ، وكان قد فتحها فأعطى الناس ووجه إلى البيلمان جيشا فلم يقاتلوا وأعطوا الطاعة وسالمه أهل سرست وهي مغزى أهل البصرة اليوم وأهلها الميد الذي يقطعون فى البحر ، ثم أتى محمد الكيرج فخرج إليه دوهر فقاتله فانهزم العدو وهرب دوهر ، ويقال قتل ونزل أهل المدينة على حكم محمد فقتل وسبى قال الشاعر :

نحن قتلنا داهرا ودوهرا

والخيل تردى منسرا فمنسرا

٤٢٣

ومات الوليد بن عبد الملك ، وولى سليمان بن عبد الملك فاستعمل صالح ابن عبد الرحمن على خراج العراق ، وولى يزيد بن أبى كبشة السكسكي السند فحمل محمد بن القاسم مقيدا مع معاوية بن المهلب ، فقال محمد متمثلا :

أضاعونى وأى فتى أضاعوا* ليوم كريهة وسداد ثغر فبكى أهل الهند على محمد وصوروه بالكيرج فحبسه صالح بواسط فقال :

فلئن ثويت بواسط وبأرضها

رهن الحديد مكبلا مغلولا

فلرب فتية فارس قد رعتها

ولرب قرن قد تركت قتيلا

وقال :

لو كنت جمعت القرار لوطئت

إناث أعدت للوغى وذكور

وما دخلت خيل السكاسك أرضنا

ولا كان من عك على أمير

ولا كنت للعبد المزونى تابعا

فيا لك دهر بالكرام عثور

فعذبه صالح فى رجال من آل أبى عقيل حتى قتلهم ، وكان الحجاج قتل آدم أخا صالح ، وكان يرى رأى الخوارج ، وقال حمزة بن بيض الحنفي :

إن المروءة والسماحة والندى

لمحمد بن القاسم بن محمد

ساس الجيوش لسبع عشرة حجة

يا قرب ذلك سوددا من مولد

وقال آخر :

ساس الرجال لسبع عشرة حجة

ولداته عن ذاك فى أشغال

ومات يزيد بن أبى كبشة بعد قدومه أرض السند بثمانية عشر يوما واستعمل سليمان بن عبد الملك حبيب بن المهلب على حرب السند فقدمها وقد رجع ملوك الهند إلى ممالكهم فرجع حليشة بن داهر إلى برهمناباذ ونزل حبيب على شاطئ مهران فأعطاه أهل الرور الطاعة وحارب قوما فظفر

٤٢٤

بهم ، ثم مات سليمان بن عبد الملك وكانت خلافة عمر بن عبد العزيز بعده فكتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام والطاعة على أن يملكهم ولهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ، وقد كانت بلغتهم سيرته ومذهبه فأسلم حليشة والملوك وتسموا بأسماء العرب ، وكان عمرو بن مسلم الباهلي عامل عمر على ذلك الثغر فغزا بعض الهند فظفر وهرب بنو المهلب إلى السند فى أيام يزيد ابن عبد الملك فوجه إليهم هلال بن أحوز التميمي فلقيهم فقتل مدرك بن المهلب بقندابيل وقتل المفضل وعبد الملك وزياد ومروان ومعاوية بنى المهلب وقتل معاوية بن يزيد فى آخرين.

وولى الجنيد بن عبد الرحمن المري من قبل عمر بن هبيرة الفزاري ثغر السند ، ثم ولاه إياه هشام بن عبد الملك فلما قدم خالد بن عبد الله القسري العراق كتب هشام إلى الجنيد يأمره بمكاتبته فأتى الجنيد الديبل ، ثم نزل شط مهران فمنعه حليشة العبور وأرسل إليه أنى قد أسلمت وولاني الرجل الصالح بلادي ولست آمنك فأعطاه رهنا وأخذ منه رهنا بما على بلاده من الخراج ، ثم أنهما ترادا الرهن وكفر حليشة وحارب وقيل أنه لم يحارب ولكن الجنيد يجنى عليه ، فأتى الهند فجمع جموعا وأخذ السفن واستعد للحرب فسار إليه الجنيد فى السفن فالتقوا فى بطيحة الشرقي فأخذ حليشة أسيرا وقد جنحت سفينته فقتله وهرب صصه بن داهر وهو يريد أن يمضى إلى العراق فيشكو غدر الجنيد ، فلم يزل الجنيد يؤنسه حتى وضع يده فى يده فقتله وغزا الجنيد الكيرج ، وكانوا قد نقضوا فاتخذ كباشا نطاحة فصك بها حائط المدينة حتى ثلمه ودخلها عنوة فقتل وسبى وغنم ووجه العمال إلى مرمد والمندل ودهنج وبروص ، وكان الجنيد يقول القتل فى الجزع أكبر منه فى الصبر ، ووجه الجنيد جيشا إلى أزين ووجه حبيب بن مرة فى جيش إلى أرض المالية فأغاروا على أزين وغزوا بهريمد فحرقوا ربضها ، وفتح الجنيد

٤٢٥

البيلمان والجرز ، وحصل فى منزله سوى ما أعطى زواره أربعين ألف ألف وحمل مثلها قال جرير :

أصبح زوار الجنيد وصحبه

يحيون صلت الوجه حما مواهبه

وقال أبو الجويرية :

لو كان يقعد فوق الشمس من كرم

قوم بإحسانهم أو مجدهم قعدوا

محسدون على ما كان من كرم

لا ينزع الله منهم ماله حسدوا

ثم ولى بعد الجنيد تميم بن زيد العتبى فضعف ووهن ومات قريبا من الديبل بماء يقال له ماء الجواميس ، وإنما سمى ماء الجواميس لأنه يهرب بها إليه من دباب زرق تكون بشاطئ مهران ، وكان تميم من أسخياء العرب وجد فى بيت المال بالسند ثمانية عشر ألف ألف درهم طاطرية فاسرع فيها ، وكان قد شخص معه فى الجند فتى من بنى يربوع يقال له خنيس وأمه من طيء إلى الهند فأتت الفرزدق فسألته أن يكتب إلى تميم فى اقفاله وعاذت بقبر غالب أبيه ، فكتب الفرزدق إلى تميم :

أتتنى فعاذت يا تميم بغالب

وبالحفرة السافي عليها ترابها

فهب لى خنيسا واتخذ فيه منة

لحوبة أم ما يسوغ شرابها

تميم بن زيد لا تكونن حاجتي

بظهر ولا يجفى عليك جوابها

فلا تكثر الترداد فيها فإننى

ملول لحاجات بطيء طلابها

فلم يدر ما اسم الفتى أهو خنيش أم خنيس فأمر أن يقفل كل من كان اسمه على مثل هذه الحروف ، وفى أيام تميم خرج المسلمون عن بلاد الهند ورفضوا مراكزهم فلم يعودوا إليها إلى هذه الغاية ، ثم ولى الحكم بن عوانة الكلبي وقد كفر أهل الهند إلا أهل قصة فلم ير للمسلمين ملجأ يلجأون إليه فبنى من وراء البحيرة مما يلي الهند مدينة سماها المحفوظة وجعلها مأوى لهم

٤٢٦

ومعاذا ومصرها ، وقال لمشايخ كلب من أهل الشام ما ترون أن نسميها ، فقال بعضهم دمشق ، وقال بعضهم حمص ، وقال رجل منهم سمها تدمر ، فقال : دمر الله عليك يا أحمق ولكنى أسميها المحفوظة ونزلها ، وكان عمرو ابن محمد بن القاسم مع الحكم ، وكان يفوض إليه ويقلده جسيم أموره وأعماله ، فأغزاها من المحفوظة ، فلما قدم عليه وقد ظفر أمره فبنى دون البحيرة مدينة وسماها المنصورة فهي التي ينزلها العمال اليوم ، وتخلص الحكم ما كان فى أيدى العدو مما غلبوا عليه ورضى الناس بولايته ، وكان خالد يقول وا عجبا وليت فتى العرب فرفض يعنى تميما ووليت أبخل الناس فرضي به ، ثم قتل الحكم بها ، ثم كان العمال بعد يقاتلون العدو فيأخذون ما استطف لهم ويفتحون الناحية قد نكث أهلها ، فلما كان أول الدولة المباركة ولى أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم مغلسا البعدى ثغر السند وأخذ على طخارستان وسار حتى صار إلى منصور ابن جمهور الكلبي وهو بالسند فلقيه منصور فقتله وهزم جنده ، فلما بلغ أبا مسلم ذلك عقد لموسى بن كعب التميمي ثم وجهه إلى السند ، فلما قدمها كان بينه وبين منصور بن جمهور مهران ، ثم التقيا فهزم منصورا وجيشه وقتل منظورا أخاه وخرج منصور مفلولا هاربا حتى ورد الرمل فمات عطشا ، وولى موسى السند فرم المنصورة وزاد فى مسجدها وغزا وافتتح ، وولى أمير المؤمنين المنصور رحمه‌الله هشام بن عمرو التغلبي السند ففتح ما استغلق ، ووجه عمرو بن جمل فى بوارج إلى نارند ووجه إلى ناحية الهند فافتتح قشميرا وأصاب سبابا ورقيقا كثيرا ، وفتح الملتان وكان بقندابيل متغلبة من العرب فأجلاهم عنها ، وأتى القندهار فى السفن ففتحها وهدم البد وبنى موضعه مسجدا ، فأخصبت البلاد فى ولايته فتبركوا به ودوخ الثغر وحكم أموره ، ثم ولى ثغر السند عمر بن حفص بن عثمان هزار مرد ثم داود بن يزيد بن حاتم ، وكان معه أبو الصمة

٤٢٧

المتغلب اليوم وهو مولى لكندة ، ولم يزل أمر ذلك الثغر مستقيما حتى وليه بشر بن داود فى خلافة المأمون فعصى وخالف فوجه إليه غسان بن عباد وهو رجل من أهل سواد الكوفة فخرج بشر إليه فى الأمان وورد به مدينة السلام ، وخلف غسان على الثغر موسى بر يحيى بن خالد بن برمك ، فقتل باله ملك الشرقي وقد بذل له خمسمائة ألف درهم على أن يستبقه ، وكان باله هذا التوى على غسان وكتب إليه فى حضور عسكره فيمن حضره من الملوك فأبى ذلك ، وأثر موسى أثرا حسنا ومات سنة إحدى وعشرين واستخلف ابنه عمران بن موسى فكتب إليه أمير المؤمنين المعتصم بالله بولاية الثغر فخرج إلى القيقان وهم زط فقاتلهم فغلبهم ، وبنى مدينة سماها البيضاء وأسكنها الجند ، ثم أتى المنصورة وصار منها إلى قندابيل وهي مدينة على جبل وفيها متغلب يقال له محمد بن الخليل فقاتله وفتحها وحمل رؤساءها إلى قصدار ، ثم غزا الميد وقتل منهم ثلاثة آلاف وسكر سكرا يعرف بسكر الميد وعسكر عمران على نهر الرور ثم نادى بالزط الذين بحضرته فأتوه فختم أيديهم وأخذ الجزية منهم وأمرهم بأن يكون مع كل رجل منهم إذا اعترض عليه كلب ، فبلغ الكلب خمسين درهما ، ثم غزا الميد ومعه وجوه الزط ، فحفر من البحر نهرا أجراه فى بطيحتهم حتى ملح ماءهم وشن الغارات عليهم ، ثم وقعت العصبية بين النزارية واليمانية فمال عمران إلى اليمانية فسار إليه عمر بن عبد العزيز الهبارى فقتله وهو غار ، وكان جد عمر هذا ممن قدم السند مع الحكم بن عوانة الكلبي.

وحدثني منصور بن حاتم ، قال : كان الفضل بن ماهان مولى بنى سامة فتح سندان وغلب عليها وبعث إلى المأمون رحمه‌الله بفيل وكاتبه ودعا له فى مسجد جامع اتخذه بها ، فلما مات قام محمد بن الفضل بن ماهان مقامه فسار

٤٢٨

فى سبعين بارجة إلى ميد الهند فقتل منهم خلقا وافتتح فالى ورجع إلى سندان وقد غلب عليها أخ له يقال له ماهان بن الفضل ، وكاتب أمير المؤمنين المعتصم بالله وأهدى إليه ساجا لم ير مثله عظما وطولا ، وكانت الهند فى أمر أخيه فمالوا عليه فقتلوه وصلبوه ، ثم أن الهند بعد غلبوا على سندان فتركوا مسجدها للمسلمين يجمعون فيه ويدعون للخليفة.

وحدثني أبو بكر مولى الكريزبين : أن بلدا يدعى العسيفان بين قشمير والملتان ، وكابل ، كان له ملك عاقل ، وكان أهل ذلك البلد يعبدون صنما قد بنى عليه بيت وأبدوه ، فمرض ابن الملك فدعى سدنة ذلك البيت ، فقال لهم : أدعوا الصنم أن يبرئ ابني فغابوا عنه ساعة ، ثم أتوه فقالوا قد دعوناه وقد أجابنا إلى ما سألناه فلم يلبث الغلام أن مات ، فوثب الملك على البيت فهدمه وعلى الصنم فكسره وعلى السدنة فقتلهم ، ثم دعا قوما من تجار المسلمين فعرضوا عليه التوحيد فوحد وأسلم ، وكان ذلك فى خلافة أمير المؤمنين المعتصم بالله رحمه‌الله.

فى أحكام أرض الخراج

قال بشر بن غياث ، قال أبو يوسف : إنما أرض أخذت عنوة مثل السواد ، والشام. وغيرهما فإن قسمها الإمام بين من غلب عليها فهي أرض عشر وأهلها رقيق ، وأن لم يقسمها الإمام وردها للمسلمين عامة ، كما فعل عمر بالسواد فعلى رقاب أهلها الجزية ، وعلى الأرض ، وليسوا برقيق ، وهو قول أبى حنيفة ، وحكى الواقدي عن سفيان الثوري مثل ذلك ، وقال الواقدي قال مالك بن أنس ، وابن أبى ذئب : إذا أسلم كافر من أهل العنوة أقرت أرضه فى يده يعمرها ويؤدى الخراج عنها ولا اختلاف فى ذلك وقال مالك وابن

٤٢٩

أبى ذنب ، وسفيان الثوري ، وابن أبى ليلى عن الرجل يسلم من أهل العنوة الخراج فى الأرض والزكاة من الزرع بعد الخراج ، وهو قول الأوزاعى ، وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجتمع الخراج والزكاة على رجل ، وقال مالك ، وابن أبى ذئب ، وسفيان ، وأبو حنيفة : إذا زرع الرجل أرضه الخراجية مرات فى السنة لم يؤخذ منه إلا خراج واحد ، وقال ابن أبى ليلى : يؤخذ منه الخراج كلما أدركت له غلة ، وهو قول ابن أبى سبرة ، وأبى شمر ، وقال أبو الزناد ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وسفيان ، ويعقوب ، وابن أبى ليلى ، وابن أبى سبر ، وزفر ، ومحمد بن الحسن ، وبشر بن غياث : إذا عطل رجل أرضه قيل له أزرعها وأد خراجها وإلا فادفعها إلى غيرك يزرعها. فأما أرض العشر فانه لا يقال له فيها شيء إن زرع أخذت منه الصدقة ، وإن أبى فهو أعلم ، وقالوا : إذا عطل رجل أرضه سنتين ثم عمرها أدى خراجا واحدا وقال أبو شمر : يؤدى الخراج للسنتين.

وقال أبو حنيفة ، وسفيان ، ومالك ، وابن أبى ذئب ، وأبو عمرو الأوزاعى : إذا أصابت الغلات آفة أو غرق سقط الخراج عن صاحبها وإذا كانت أرض من أراضى الخراج لعبد أو مكاتب او امرأة فإن أبا حنيفة قال عليها الخراج فقط ، وقال سفيان ، وبن أبى ذئب. ومالك : عليها الخراج وفيما بقي من الغلة العشر.

وقال أبو حنيفة ، والثوري فى أرض الخراج بنى مسلم أو ذمي فيها بناء من حوانيت أو غيرها أنه لا شيء عليه فإن جعلها بستانا ألزم الخراج وقال مالك وابن أبى ذئب : نرى إلزامه الخراج لأن انتفاعه بالبناء كانتفاعه بالزرع فأما أرض العشر فهو أعلم ما اتخذ فيها. وقال أبو يوسف فى أرض موات من أرض العنوة يحييها المسلم إنها له وهي أرض خراج إن كانت تشرب من ماء الخراج فإن استنبط لها عينا أو سقاها من ماء السماء فهي أرض عشر ، وقال بشر : هي أرض عشر شربت من ماء الخراج أو غيره. وقال أبو حنيفة. والثوري

٤٣٠

وأصحابهما ومالك ، وبن أبى ذئب ، والليث بن سعد فى أرض الخراج التي لا تنسب إلى أحد تقعد المسلمون فيها فيتبايعون ويجعلونها سوقا أنه لا خراج عليهم فيها ، وقال أبو يوسف : إذا كانت فى البلاد سنة أعجمية قديمة لم يغيره الإسلام ولم يبطلها فشكاها قوم إلى الإمام لما ينالهم من مضرتها فليس له أن يغيرها ، وقال مالك ، والشافعي : يغيرها وإن قدمت لأن عليه نفى كل سنة جائرة سنها أحد من المسلمين فضلا عن ما سن أهل الكفر.

العطاء في خلافة عمر بن الخطاب

رضى الله عنه

حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم العجلى ، قال : حدثنا إسماعيل بن المجالد عن أبيه مجالد بن سعيد عن الشعبي قال : لما افتتح عمر العراق والشام وجبى الخراج جمع أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال إنى قد رأيت أن أفرض العطاء لأهله ، فقالوا نعم رأيت الرأى يا أمير المؤمنين ، قال : فبمن أبدأ قالوا : بنفسك ، قال لا ولكنى أضع نفسي حيث وضعها الله. وأبدأ بآل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ففعل فكتب عائشة أم المؤمنين يرحمها الله فى اثنى عشر ألفا ، وكتب سائر أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى عشرة آلاف ، وفرض لعلى بن أبى طالب فى خمسة آلاف ، وفرض مثل ذلك لمن شهد بدرا من بنى هاشم.

وحدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة عن الحجاج ابن أرطاة عن حبيب بن أبى ثابت أن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كن يتتابعن إلى العطاء ، محمد بن سعد عن الواقدي عن عائذ بن يحيى عن أبى الحويرث عن جبير بن الحويرث بن نقيذ أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه استشار المسلمين فى تدوين الديوان ، فقال له على بن أبى طالب : تقسم كل سنة

٤٣١

ما اجتمع إليك من مال ولا تمسك منه شيئا ، وقال عثمان : أرى مالا كثيرا يسع الناس وأن لم يحصوا حتى يعرف من أخذ ممن لم يأخذ حسبت أن ينتشر الأمر فقال له الوليد بن هشام بن المغيرة : قد جئت الشام فرأيت ملوكها قد دونوا ديوانا وجندوا جندا فدون ديوانا وجند جندا ، فأخذ بقوله فدعا عقيل ابن أبى طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم ، وكانوا من لسان قريش فقال : اكتبوا الناس على منازلهم فبدءوا ببني هاشم ، اتبعوهم أبا بكر وقومه ثم عمر وقومه على الخلافة ، فلما نظر إليه عمر ، قال : وددت والله أنه هكذا ولكن ابدءوا بقرابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الأقرب فالأقرب حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله تعالى ، محمد عن الواقدي عن أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده ، قال : جاءت بنو عدى إلى عمر فقالوا : أنت خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وخليفة أبى بكر ، وأبو بكر خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلو جعلت نفسك حيث جعلك هؤلاء القوم الذين كتبوا.

قال : بخ بخ بنى عدى أردتم الاكل على ظهري وأن أهب حسناتي لكم : لا والله حتى تأتيكم الدعوة ، وأن يطبق عليكم الدفتر ـ يعنى ولو أن تكتبوا آخر الناس أن لى صاحبين سلكا طريقا فإن خالفتهما خولف أبى ، والله ما أدركنا الفضل فى الدنيا وما نرجو الثواب على عملنا إلا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهو شرفنا وقومه أشرف العرب ثم الأقرب فالأقرب ، والله لئن جاءت الأعاجم بعمل وجئنا بغير عمل لهم أولى بمحمد منا يوم القيامة ، فان من قصر به عمله لم يسرع به نسبه ، محمد بن سعد عن الواقدي عن محمد ابن عبد الله عن الزهري عن سعيد عن قوم آخرين سماهم الواقدي ، دخل حديث بعضهم فى حديث بعض ، قالوا : لما أجمع عمر على تدوين الديوان وذلك فى المحرم سنة عشرين بدأ ببني هاشم فى الدعوة ، ثم الأقرب فالأقرب برسول الله

٤٣٢

صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكان القوم إذا استووا فى القرابة قدم أهل السابقة ، ثم انتهى إلى الأنصار فقالوا بمن نبدأ فقال ابدءوا برهط سعد بن معاذ الأشهلى من الأوس ثم الأقرب فالأقرب لسعد ، وفرض عمر لأهل الديوان ففضل أهل السوابق والمشاهد فى الفرائض ، وكان أبو بكر قد سوى بين الناس فى القسم فقيل لعمر فى ذلك ، فقال : لا أجعل من قاتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كمن قاتل معه ، فبدأ بمن شهد بدرا من المهاجرين والأنصار وفرض لكل رجل منهم خمسة آلاف درهم فى كل سنة حليفهم ومولاهم معهم بالسواء ، وفرض لمن كان له إسلام كاسلام أهل بدر ومن مهاجرة الحبشة ممن شهد أحدا أربعة آلاف درهم لكل رجل ، وفرض لأبناء البدريين ألفين ألفين إلا حسنا وحسينا فإنه ألحقهما بفريضة أبهما لقرابتهما برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف ، وفرض للعباس بن عبد المطلب خمسة آلاف لقرابته برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال بعضهم : فرض له سبعة آلاف درهم ، وقال سائرهم لم يفضل أحدا على أهل بدر إلا أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنه فرض لهن اثنى عشر ألفا اثنى عشر ألفا وألحق بهن جويرية بنت الحارث وصفية بنت حيي بن أخطب ، وفرض لمن هاجر قبل الفتح لكل رجل منهم ثلاثة آلاف درهم وفرض لمسلمة الفتح لكل رجل منهم ألفين وفرض لغلمان أحداث من أبناء المهاجرين كفرائض مسلمة الفتح ، وفرض لعمر بن أبى سلمة أربعة آلاف. فقال محمد بن عبد الله بن جحش : لم تفضل عمر علينا فقد هاجر آباؤنا وشهدوا بدرا. فقال عمر : أفضله لمكانه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فليأت الذي يستغيث بأم مثل أم سلمة أغيثه. وفرض لأسامة ابن زيد أربعة آلاف. فقال عبد الله بن عمر : فرضت لى فى ثلاثة آلاف وفرضت لاسامة فى أربعة آلاف وقد شهدت ما لم يشهد أسامة. فقال عمر :

٤٣٣

زدته لأنه كان أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منك ، وكان أبوه أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أبيك ، ثم فرض للناس على منازلهم وقراءتهم القرآن وجهادهم ، ثم جعل من بقي من الناس بابا واحدا ، فالحق من جاءه من المسلمين بالمدينة فى خمسة وعشرين دينارا لكل رجل ، وفرض لآخرين معهم ، وفرض لأهل اليمن وقيس بالشام والعراق لكل رجل ما بين ألفين إلى ألف إلى تسعمائة إلى خمسمائة إلى ثلاثمائة ولم ينقص أحدا من ثلاثمائة وقال : لئن كثر المال لا فرض لكل رجل أربعة آلاف درهم ألفا لسفره وألفا لسلاحه وألفا يخلفه لأهله وألفا لفرسه ونعله ، وفرض لنساء مهاجرات فرض لصفية بنت عبد المطلب ستة آلاف درهم ولأسماء بنت عميس ألف درهم ولأم كلثوم بنت عقبة ألف درهم ، ولأم عبد الله بن مسعود ألف درهم.

وقال الواقدي : فقد روى أنه فرض للنساء المهاجرات ثلاثة آلاف درهم لكل واحدة ، قال الواقدي فى إسناده : وأمر عمر فكتب له عمال أهل العوالي ، فكان يجرى عليهم القوت ، ثم كان عثمان فوسع عليهم فى القوت والكسوة ، وكان عمر يفرض للمنفوس مائة درهم ، فإذا ترعرع بلغ به مائتي درهم ، فإذا بلغ زاده ، وكان إذا أتى باللقيط فرض له مائة ، وفرض له رزقا يأخذه وليه كل شهر بقدر ما يصلحه ثم ينقله من سنة إلى سنة ، وكان يوصى بهم خيرا ويجعل رضاعهم ونفقتهم من بيت المال.

وحدثنا محمد بن سعد عن الواقدي ، قال حدثني : حزام بن هشام الكعبي عن أبيه ، قال : رأيت عمر بن الخطاب يحمل ديوان خزاعة حتى ينزل قديد فتأتيه بقديد فلا يغيب عنه امرأة بكر ولا ثيب فيعطيهن فى أيديهن ، ثم يروح فينزل عسفان فيفعل ذلك أيضا حتى توفى ، محمد بن سعد عن الواقدي عن أبى بكر بن أبى سبرة عن محمد بن زيد ، قال : كان ديوان حمير على عهد عمر على

٤٣٤

حده ، محمد بن سعد قال : حدثنا الواقدي ، قال : حدثني عبيد الله بن عمر العمرى عن جهم بن أبى جهم ، قال قدم خالد بن عرفطة العذرى على عمر ، فسأله عما وراءه ، فقال : تركتهم يسألون الله لك أن يزيد فى عمرك من أعمارهم ما وطئ أحد القادسية إلا وعطاؤه ألفان أو خمس عشرة مائة ، وما من مولود ذكرا كان أو أنثى إلا الحق فى مائة وجريبين فى كل شهر ، قال عمر : إنما هو حقهم وأنا أسعد بأدائه إليهم لو كان من مال الخطاب ما أعطيتهموه ، ولكن قد علمت أن فيه فضلا ، فلو أنه إذا خرج عطاء أحد هؤلاء ابتاع منه غنما فجعلها بسوادهم فإذا خرج عطاؤه ثانية ابتاع الرأس والرأسين فجعله فيها فإن بقي أحد من ولده كان لهم شيء قد اعتقدوه ، فإنى لا أدرى ما يكون بعدي ، وإنى لأعم بنصيحتى من طوقني الله أمره ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : من مات غاشا لرعيته لم يرح ريح الجنة.

وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن محمد بن عمرو عن الحسن ، قال : كتب عمر إلى حذيفة أن أعط الناس أعطيتهم وأرزاقهم ، فكتب إليه انا قد فعلنا وبقي شيء كثير ، فكتب إليه : أنه فيئهم الذي أفاءه الله عليهم ليس هو لعمر ولا لآل عمر فأقسمه بينهم قال : وحدثنا وهب بن بقية ومحمد بن سعد ، قالا : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أنبأنا محمد بن عمر عن أبى سليمة عن أبى هريرة أنه قدم على عمر من البحرين ، قال : فلقيته فى صلاة العشاء الآخرة فسلمت عليه ، فسألنى عن الناس ، ثم قال لى : ما جئت به ، قلت : جئت بخمسمائة ألف ، قال : هل تدرى ما تقول قلت : جئت بخمسمائة ألف ، قال : ما ذا تقول؟ قلت مائة ألف ومائة ألف ، ومائة ألف ، فعددت خمسا ، فقال : أنك ناعس ، فأرجع إلى أهلك فنم ، فإذا أصبحت فأتنى ، قال أبو هريرة فغدوت إليه فقال ما جئت به قلت خمسمائة ألف ، قال : أطيب؟ قلت : نعم لا أعلم إلا ذاك

٤٣٥

فقال للناس : أنه علينا مال كثير ، فإن شئتم أن نعده لكم عددا ، وإن شئتم أن نكيله لكم كيلا فقال له رجل. يا أمير المؤمنين أنى قد رأيت هؤلاء الأعاجم يدونون ديوانا يعطون الناس عليه ، قال : فدون الديوان وفرض للمهاجرين الأولين فى خمسة آلاف ، وللأنصار فى أربعة آلاف ، ولأزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى اثنى عشر ألفا.

قال يزيد ، قال محمد : فحدثني ابن خصيفة عن عبد الله بن رافع عن برزة بنت رافع ، قالت : لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها ، فلما أدخل إليها ، قالت : غفر الله لعمر ، غيرى من أخواتي كانت أقوى على قسم هذا منى ، قالوا : هذا كله لك ، قالت : سبحان الله واستترت منه بثوب ، ثم قالت صبوه واطرحوا عليه ثوبا. ثم قالت لى : ادخلى يديك واقبضى منه قبضة فاذهبي بها إلى بنى فلان وبنى فلان من ذوى رحمها وأيتام لها. فقسمته حتى بقيت منه بقية تحت الثوب. قالت برزة بنت رافع : فقلت غفر الله لك يا أم المؤمنين ، والله لقد كان لنا فى هذا المال حق ، قالت فلكم ما تحت الثوب فوجدنا تحته خمسمائة وثمانين درهما ، ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا ، قال فماتت.

حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن محمد بن عجلان ، قال : لما دون عمر الدواوين. قال : بمن نبدأ قالوا : بنفسك قال : لا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أما منا فبرهطه نبدأ ثم بالأقرب فالأقرب.

حدثنا عمرو الناقد. قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ألحق الحسن والحسين بأبيهما ففرض لهما خمسة آلاف درهم وحدثنا الحسين بن على بن الأسود. قال : حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه. قال : لما وضع عمر الديوان استشار

٤٣٦

الناس بمن يبدأ ، فقالوا : ابدأ بنفسك. قال لا ولكنى أبدأ بالأقرب فالأقرب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فبدأ بهم.

حدثنا الحسين بن الأسود. قال : حدثنا وكيع عن سفيان عن أبى إسحاق عن مصعب بن أسعد : أن عمر فرض لأهل بدر فى ستة آلاف ستة آلاف. وفرض لأمهات المؤمنين فى عشرة آلاف عشرة آلاف. وفضل عائشة بألفين لحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إياها. وفرض لصفية وجويرية فى ستة آلاف ستة آلاف. وفرض لنساء من المهاجرات فى ألف ألف. منهن أم عبد وهي أم عبد الله بن مسعود.

حدثنا الحسين. قال حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم. قال : فرض لأهل عمر بدر عربهم ومواليهم فى خمسة آلاف خمسة آلاف. وقال لأفضلنهم على من سواهم.

حدثنا الحسين. حدثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر. قال كان فيهم خمسة من العجم. منهم تميم الداري. وبلال. قال وكيع. الدار من لحم ولكنى الشعبي قال هذا.

حدثنا الحسين. قال حدثنا وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس عن شيخ لهم. قال : سمعت عمر يقول لئن بقيت إلى قابل لألحقن سفلة المهاجرين فى ألفين ألفين.

وحدثنا أبو عبيد. قال : حدثنا عبد الله بن صالح المصري عن الليث بن سعد عن عبد الرحمن بن خالد الفهمي عن ابن شهاب : ان عمر حين دون الدواوين فرض لأزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اللاتي نكح نكاحا اثنى عشر ألف درهم اثنى عشر ألف درهم. وفرض لجويرية وصفية بنت حيي بن أخطب ستة آلاف درهم ستة آلاف درهم. لأنهما كانتا مما أفاء الله على رسوله.

٤٣٧

وفرض للمهاجرين الذين شهدوا بدرا خمسة آلاف خمسة آلاف ، وفرض للأنصار الذين شهدوا بدرا أربعة آلاف أربعة آلاف ، وعم بفريضته كل صريح وحليف ومولى شهد بدرا فلم يفضل أحدا على أحد.

حدثنا عمرو الناقد وأبو عبيد ، قال : حدثنا أحمد بن يونس عن أبى خيثمة قال : حدثنا أبو إسحاق عن مصعب بن سعد : أن عمر فرض لأهل بدر من المهاجرين والأنصار ستة آلاف ستة آلاف ، وفرض لنساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عشرة آلاف عشرة آلاف ، وفضل عليهن عائشة ففرض لها اثنى عشر ألف درهم ، وفرض لجويرية وصفية ستة آلاف ستة آلاف ، وفرض للمهاجرات الأول أسماء بنت عميس ، وأسماء بنت أبى بكر ، وأم عبد الله بن مسعود ألفا ألفا.

حدثنا الحسين بن الأسود ، قال حدثنا وكيع عن محمد بن قيس الأسدى قال : حدثني والدتي أم الحكم أن عليا الحقها مائة من العطاء. وحدثنا الحسين قال : حدثنا وكيع عن سفيان عن الشيبانى عن يسير بن عمرو : أن سعدا فرض لمن قرأ القرآن فى ألفين ألفين ، قال : فكتب إليه عمر لا تعط على القرآن أحدا.

حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا سعيد بن أبى مريم عن ابن لهيعة عن يزيد ابن أبى حبيب : أن عمر جعل عمرو بن العاصي فى مائتين لأنه أمير ، وعمير بن وهب الجمحي في مائتين ، لصبره على الضيق ، وبسر بن أبى أرطاة فى مائتين ، لأنه صاحب فتح. وقال رب فتح قد فتحه الله على يده ، فقال أبو عبيد : يعنى بهذا العدد الدنانير.

وقال أبو عبيد : حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبى حبيب أن عمر كتب إلى عمرو بن العاصي أن افرض لمن بايع تحت الشجرة فى مائتين من العطاء ، قال : يعنى مائتي دينار ، وأبلغ ذلك لنفسك بأمارتك ، وافرض لخارجة بن حذافة فى شرف العطاء لشجاعته.

٤٣٨

وحدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن محمد ابن عجلان : أن عمر فضل أسامة بن زيد على عبد الله بن عمر فلم يزل الناس لعبد الله حتى كلم عمر ، فقال : أتفضل على من ليس بأفضل منى؟ فرضت له فى ألفين ولى فى ألف وخمسمائة درهم! فقال عمر : فعلت ذلك لأن زيد بن حارثة كان أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من عمر ، وأن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من عبد الله بن عمر.

وحدثني يحيى بن معين ، قال. حدثنا يحيى بن سعيد عن خارجة بن مصعب عن عبيد الله بن عمر عن نافع أو غيره عن ابن عمر أنه كلم أباه فى تفضيل أسامة عليه فى العطاء ، وقال : والله ما سبقني إلى شيء ، فقال عمر : أن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أبيك ، وأنه كان أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منك.

حدثنا محمد بن الصباح البزار : حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن ، قال : أن قوما قدموا على عامل لعمر بن الخطاب فأعطى العرب منهم وترك الموالي فكتب إليه عمر : أما بعد فبحسب المرء من الشر أن يحقر أخاه المسلم والسلام.

حدثنا أبو عبيد حدثنا خالد بن عمرو عن إسرائيل عن عمار الدهني عن سالم بن أبى الجعد أن عمر جعل عطاء عمار بن ياسر ستة آلاف درهم.

حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا خالد عن إسرائيل عن إسماعيل بن سميع عن مسلم البطين : أن عمر جعل عطاء سلمان أربعة آلاف درهم. وحدثنا روح بن عبد المؤمن ، قال : حدثني يعقوب عن حماد عن حميد عن أنس ، قال : فرض عمر للهرمزان فى ألفى من العطاء.

حدثني العمرى ، قال حدثني أبو عبد الرحمن الطائي عن المجالد عن الشعبي ، قال : لما هم عمر بن الخطاب فى سنة عشرين بتدين الدواوين ، دعا بمخرمة بن نوفل

٤٣٩

وجبير بن مطعم ، فأمرهما أن يكتبا الناس على منازلهم فكتبوا بنى هاشم ، ثم اتبعوهم ، أبا بكر وقومه ، وعمر وقومه. فلما نظر عمر فى الكتاب ، قال : وددت أتى فى القرابة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كذا ابدءوا بالأقرب فالأقرب ، ثم ضعوا عمر بحيث وضعه الله ، فشكر العباس بن عبد المطلب رحمه‌الله على ذلك وقال : وصلتك رحم ، قال فلما وضع عمر الديوان ، قال أبو سفيان بن حرب : أديوان مثل ديوان بنى الأصفر ، أنك إن فرضت للناس اتكلوا على الديوان وتركوا التجارة ، فقال عمر : لا بد من هذا فقد كثر فى المسلمين ، قال : وفرض عمر لدهقان نهر الملك ولابن النخيرخان ، ولخالد وجميل ابني بصبهرى دهقان الفلاليج ، ولبسطام بن نرسى دهقان بابل وخطرنية ، وللرفيل دهقان العال ، والهرمزان ، ولجفينة العبادي فى ألف ألف ، ويقال أنه فضل الهرمزان ففرض له ألفين.

وحدثنا أبو عبيد عن إسماعيل بن عياش عن أرطاة بن المنذر عن حكيم ابن عمير أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد ومن أعتقتم من الحمراء فأسلموا فألحقوهم بمواليهم لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ، وأن أحبوا أن يكونوا قبيلة وحدهم فأجعلهم اسوتهم فى العطاء.

حدثنا هشام بن عمار عن بقية عن أبى بكر بن عبد الله بن أبى مريم عن أبيه عن أبى عبيدة أن رجالا من أهل البادية سألوه أن يرزقهم ، فقال والله لا أرزقكم حتى أرزق أهل الحاضرة. وحدثنا أبو عبيدة قال حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا صفوان بن عمرو ، قال. كتب عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن حصين : أن مر للجند بالفريضة ، وعليك بأهل الحاضرة.

حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا سعيد بن أبى مريم عن عبيد الله بن عمر العمرى عن نافع عن ابن عمر أن عمر كان لا يعطى أهل مكة عطاء ولا يضرب عليهم بعثا ، ويقول : كذا وكذا.

٤٤٠