فتوح البلدان

أبوالحسن البلاذري

فتوح البلدان

المؤلف:

أبوالحسن البلاذري


المحقق: لجنة تحقيق التراث
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٩

تسمع الناس يذكرونه ، فحفروه فوجد الماء منسربا ، فغاص منه إلى وادي بطحان ، قال ومن مهزور إلى مذينيب شعبة يصب فيها. حدثني محمد بن أبان الواسطي ، قال حدثنا أبو هلال الراسبي ، قال حدثنا الحسن ، قال : «دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم للمدينة وأهلها وسماها طيبة» ، وحدثني أبو عمر حفص بن عمر الدوري ، قال حدثنا عباد بن عباد عن هشام ابن عروة ، عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت لما هاجر رسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة مرض المسلمون بها ، فكان ممن اشتد به مرضه أبو بكر ، وبلال وعامر بن فهيرة ، فكان أبو بكر رضى الله عنه يقول فى مرضه :

كل امرئ مصبح فى أهله

والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال رضى الله عنه يقول :

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

بفخ وحولي أذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجنة

وهل تبدون لى شامة وطفيل

وكان عامر بن فهيرة يقول :

لقد وجدت الموت قبل ذوقه

ان الجبان حتفه من فوقه

(كل امرئ مجاهد بطوقه)

كالثور يحمى جلده بروقه

قال فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك ، فقال «اللهم طيب لنا المدينة كما طيبت لنا مكة وبارك لنا فى مدها وصاعها».

حدثنا الوليد بن صالح ، قال حدثنا الواقدي ، عن محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، عن عروة ، أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير بن العوام فى اشراج الحرة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك» وأخبرنى على الأثرم ، عن أبى عبيدة ، قال الاشراج مسائل الماء فى الحرار ، والحرة أرض مفروشة بصخر ، قال وقال

٢١

الأصمعي ، مسائل من الحرار إلى السهولة. حدثني الحسين بن على بن الأسود العجلى ، قال حدثنا يحيى بن آدم ، قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز ، حدثنا هشام ابن عروة عن أبيه ، قال : أقطع عمر رضى الله عنه العقيق حتى انتهى إلى أرض فقال ما أقطعت مثلها ، قال خوات بن جبير أقطعنيها فاقطعه إياها ، وحدثني الحسين ، قال حدثنا يحيى بن آدم ، عن يزيد بن عبد العزيز ، عن هشام بن عروة عن أبيه قال أقطع عمر العقيق ما بين أعلاه إلى أسفله ، وحدثني الحسين ، قال حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة قال خرج عمر يقطع الناس وخرج معه الزبير فجعل عمر يقطع حتى مر بالعقيق ، فقال أين المستقطعون مذ اليوم ما مررت بقطعة أجود منها ، فقال الزبير أقطعنيها فاقطعه إياها.

وحدثني الحسين ، قال حدثني يحيى بن آدم ، قال حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، قال أقطع عمر العقيق كله حتى انتهى إلى قطيعة خوات بن جبير الأنصارى ، فقال أين المستقطعون ، ما أقطعت اليوم أجود من هذه وحدثنا خلف بن هشام البزار ، قال حدثنا أبو بكر ابن عياش ، قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه ، قال أقطع عمر بن الخطاب خوات بن جبير الأنصارى أرضا مواتا فاشتريناها منه ، حدثني الحسين بن الأسود ، قال حدثنا يحيى بن آدم عن أبى بكر بن عياش ، عن هشام عن أبيه بمثله. وحدثني الحسين ، قال حدثني يحيى بن آدم ، حدثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة عن عروة ، قال أقطع أبو بكر الزبير ما بين الجرف إلى قناة ، وأخبرنى أبو الحسن المدائني ، قال قناة واد يأتى من الطائف ويصب إلى الأرحضية ، وقرقرة الكدر ، ثم يأتى سد معاوية ثم يمر على طرف القدوم ويصب فى أصل قبور الشهداء بأحد. وحدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ، قال حدثنا إسحاق بن عيسى ، عن مالك بن أنس ، عن ربيعة ، عن قوم من علمائهم ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقطع بلال

٢٢

ابن الحارث المزني معادن بناحية الفرع. وحدثني عمرو الناقد وابن سهم الأنطاكي ، قالا حدثنا الهيثم بن جميل الأنطاكى ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبى مكين ، عن أبى عكرمة ، مولى بلال بن الحارث المزني ، قال أقطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلالا أرضا فيها جبل ومعدن ، فباع بنو بلال عمر بن عبد العزيز أرضا منها فظهر فيها معدن أو قال معدنان ، فقالوا إنما بعناك أرض حرث ولم نبعك المعادن ، وجاءوا بكتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لهم فى جريدة فقبلها عمر ومسح بها عينه وقال لقيمه : أنظر ما خرج منها وما أنفقت وقاصهم بالنفقة ورد عليهم الفضل. وحدثنا أبو عبيد ، قال حدثنا نعيم ابن حماد ، عن عبد العزيز بن محمد ، عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن ، عن الحارث ابن بلال بن الحارث المزني ، عن أبيه بلال بن الحارث ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقطعه العقيق أجمع وحدثني مصعب الزبيري ، قال : قال مالك بن أنس أقطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلال بن الحارث معادن بناحية الفرع لا اختلاف فى ذلك بين علمائنا ، ولا أعلم بين أحد من أصحابنا خلافا أن فى المعدن الزكاة ربع العشر ، قال مصعب : وروى عن الزهري أنه كان يقول : فى المعادن الزكاة ، وروى عنه أيضا قال ، فيها الخمس مثل قول أهل العراق ، وهم يأخذون اليوم من معادن الفرع ، ونجران وذى المروة ، ووادي القرى ، وغيرها الخمس ، على قول سفيان الثوري ، وأبى حنيفة ، وأبى يوسف وأهل العراق وحدثني الحسين بن الأسود ، قال حدثنا وكيع بن الجراح ، قال حدثنا الحسن ابن صالح بن حي ، عن جعفر بن محمد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقطع عليا رضى الله عنه أربع أرضين الفقيرين ، وبئر قيس ، والشجرة. وحدثني الحسين عن يحيى بن آدم عن الحسن بن صالح ، عن جعفر بن محمد مثله.

وحدثني عمرو بن محمد الناقد ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد

٢٣

عن أبيه ، أنه قال : أقطع عمر بن الخطاب عليا رضى الله عنهما ينبع فأضاف إليها غيرها. وحدثني الحسين ، عن يحيى بن آدم ، عن حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد عن أبيه بمثله ، وحدثني من أثق به ، عن مصعب بن عبد الله الزبيري ، أنه قال : نسبت بئر عروة بن الزبير إلى عروة بن الزبير ، ونسب حوض عمرو إلى عمرو بن الزبير ، ونسب خليج بنات نائلة إلى ولد نائلة بنت الفرافصة الكلبية امرأة عثمان بن عفان ، وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه اتخذ هذا الخليج ، وساقه إلى ارض استخرجها واعتملها بالعرضة ، وأرض أبى هريرة نسبت إلى أبى هريرة الدوسي ، والصهوة صدقة عبد الله بن عباس رضى الله عنهما فى جبل جهينة وقصر نفيس ينسب فيما يقال إلى نفيس التاجر ابن محمد بن زيد بن عبيد بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن زيد من الخزرج وهم حلفاء بنى ذريق بن عبد حارثة من الخزرج وهذا القصر بحرة واقم بالمدينة واستشهد عبيد بن المعلى يوم أحد قال ويقال أنه نفيس بن محمد بن زيد بن عبيد بن مرة مولى المعلى فان عبيدا هذا وأباه من سبى عين التمر ومات عبيد بن مرة أيام الحرة وكان يكنى أبا عبد الله قال : وبئر عائشة نسبت إلى عائشة بن نمير بن واقف. وعائشة رجل وهو من الأوس ، وبئر المطلب على طريق العراق ، نسبت إلى المطلب بن عبد الله بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم ، وبئر ابن المرتفع نسبت إلى محمد بن المرتفع بن النضير العبدري.

حدثني محمد بن سعد ، عن الواقدي عن عبد الله بن جعفر عن شريك ابن عبد الله عن أبى نمر الليثي ، عن عطاء بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث ابن حزن بن بحير الهلالية قال لما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يتخذ السوق بالمدينة قال : هذا سوقكم لا خراج عليكم فيه ، وحدثني العباس بن

٢٤

هشام الكلبي ، عن أبيه عن جده ، محمد بن السائب ، وشرقى بن القطامي الكلبي ، قالا لما هدم بختنصر بيت المقدس ، وأجلى من أجلى وسبى من سبى من بنى إسرائيل لحق قوم منهم بناحية الحجاز فنزلوا وادي القرى ، وتيماء ويثرب ، وكان بيثرب قوم من جرهم ، وبقية من العماليق قد اتخذوا النخل والزرع ، فأقاموا معهم وخالطوهم فلم يزالوا يكثرون وتقل جرهم والعماليق ، حتى نفوهم عن يثرب واستولوا عليها ، وصارت عمارتها ومراعيها لهم فمكثوا على ذلك ما شاء الله ، ثم ان من كان باليمن من ولد سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان بغوا وطغوا وكفروا نعمة ربهم فيما آتاهم من الخصب ورفاهة العيش ، فخلق الله جرذانا جعلت تنقب سدا كان لهم بين جبلين فيه أنابيب يفتحونها إذا شاءوا فيأتيهم الماء منها على قدر حاجتهم وإرادتهم ، والسد العرم ، فلم تزل تلك الجرذان تعمل فى ذلك العرم حتى خرقته ، فأغرق الله تعالى جنانهم ، وذهب بأشجارهم وأبدلهم خمطا واثلا وشيئا من سدر قليلا ، فلما رأى ذلك مزيقيا ، وهو عمر بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس ابن مازن بن الأزد بن غوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان ، باع كل شيء له من عقار وماشية وغير ذلك ودعا الأزد متى صاروا معه إلى بلادعك فأقاموا بها. وقال عمرو : الانتجاع قبل العلم عجز ، فلما رأت عك غلبة الأزد على أجود مواضعهم غمها ذلك ، فقالت للأزد انتقلوا عنا ، فقام رجل من الأزد أعور أصم يقال له جذع ، فوثب بطائفة منهم فقتلهم ونشبت الحرب بين الأزد وعك ، فانهزمت الأزد ثم كرت فقال جذع فى ذلك :

نحن بنو مازن غير شك

غسان غسان وعك عك

سيعلمون أينا أرك

وكانت الأزد نزلت بماء يقال له غسان ، فسموا بذلك ، ثم إن الأزد

٢٥

سارت حتى انتهت إلى بلاد حكم بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زيد ابن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، فقاتلوهم فظهرت الأزد على حكم. ثم انه بدا لهم الانتقال عن بلادهم فانتقلوا وبقيت طائفة منهم معهم ، ثم أتوا نجران فحاربهم أهلها فنصروا عليهم فأقاموا بنجران ثم رحلوا عنها إلا قوم منهم تخلفوا بها لأسباب دعتهم إلى ذلك فأتوا مكة وأهلها جرهم فنزلوا بطن مر ، وسأل ثعلبة بن عمرو مزيقيا جرهم أن يعطوهم سهل مكة فأبوا ، فقاتلهم حتى غلب على السهل ، ثم أنه والأزد استؤبوا مكانهم ورأوا شدة العيش به فتفرقوا. فأنت طائفة منهم عمان ، وطائفة السراة وطائفة الأنبار والحيرة ، وطائفة الشام ، وأقامت طائفة منهم بمكة ، فقال جذع! كلما صرتم يا معاشر الأزد إلى ناحية انخزعت منكم جماعة يوشك أن تكونوا أذنابا فى العرب ، فسمى من أقام بمكة خزاعة ، وأتى ثعلبة بن عمرو ، مزيقيا وولده ومن تبعه يثرب ، وسكانها اليهود فأقاموا بها خارج المدينة ، ثم انهم عفوا وكثروا وعزوا حتى أخرجوا اليهود منها ودخلوها فنزلت اليهود خارجها ، فالأوس والخزرج ابنا حارثة ابن ثعلبة بن عمرو مزيقيا بن عامر وأمهما قيلة بنت الأرقم بن عمرو ، ويقال أنها غسانية من الأزد ويقال أنها عذرية ، وكانت للأوس والخزرج قبل الإسلام وقائع وأيام تدربوا فيها بالحروب واعتادوا اللقاء ، حتى شهر بأسهم ، وعرفت نجدتهم ، وذكرت شجاعتهم ، وجل فى قلوب العرب أمرهم ، وهابوا حدهم فامتنعت حوزتهم وعز جارهم ، وذلك لما أراد الله من إعزاز نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإكرامهم بنصرته ، قالوا ولما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة كتب بينه وبين يهود يثرب كتابا ، وعاهدهم عهدا ، وكان أول من نقض ونكس منهم ، يهود بنى قينقاع ، فاجلاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن المدينة ، وكان أول أرض افتتحها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرض بنى النضير.

٢٦

أموال بني النضير

قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنى النضير من يهود ومعه أبو بكر ، وعمر ، وأسيد بن حضير ، فاستعانهم فى دية رجلين من بنى كلاب ابن ربيعة موادعين له كان عمرو بن أمية الضمري قتلهما فهموا بأن يلقوا عليه رحا فانصرف عنهم وبعث إليهم يأمرهم بالجلاء عن بلده إذ كان منهم ما كان من الغدر والنكث ، فأبوا ذلك وأذنوا بالمحاربة ، فزحف إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فحاصرهم خمس عشرة ليلة ، ثم صالحوه على أن يخرجوا من بلده ، ولهم ما حملت الإبل إلا الحلقة والآلة ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرضهم ونخلهم والحلقة وسائر السلاح (والحلقة الدروع) فكانت أموال بنى النضير خالصة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان يزرع تحت النخل فى أرضهم فيدخل من ذلك قوت أهله وأزواجه سنة ، وما فضل جعله فى الكراع والسلاح وأقطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أرض بنى النضير ، أبا بكر ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبا دجانة سماك ابن خرشة الساعدي وغيرهم ، وكان أمر بنى النضير فى سنة أربعة من الهجرة ، قال الواقدي وكان مخيريق أحد بنى النضير حبرا عالما ، فآمن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعل ماله له وهو سبعة حوائط ، فجعلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صدقة ، وهي الميثب والصافية والدلال ، وحسنى ، وبرقة ، والأعوف ، ومشربة أم ابراهيم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهي مارية القبطية.

حدثنا القاسم بن سلام ، قال حدثنا عبد الله بن صالح ، قال أخبرنا الليث ابن سعد عن عقيل عن الزهري ، أن وقيعة بنى النضير من يهود كانت على ستة أشهر من يوم أحد ، فحاصرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى نزلوا

٢٧

على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة إلا الحلقة فأنزل الله فيهم (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) إلى قوله (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) وحدثنا الحسين بن الأسود قال حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن أبى زائدة ، عن محمد بن اسحاق فى قوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) ، قال من بنى النضير (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) ، قال أعلمهم انها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالصة دون الناس ، فقسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى المهاجرين إلا أن سهل بن حنيف ، وأبا دجانة ذكرا فقرا فأعطاهما ، قال وأما قوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) إلى آخر الآية ، قال : هذا قسم آخر بين المسلمين على ما وصفه الله. وحدثني محمد بن حاتم السمين ، قال حدثنا الحجاج بن محمد عن ابن جريح ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع عن ابن عمر ، قال أحرق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نخل بنى النضير وقطع وفى ذلك يقول حسان ابن ثابت :

لهان على سراة بنى لؤي

حريق بالبويرة مستطير

قال ابن جريح وفى ذلك نزلت (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) «اللينة النخلة». وحدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج ، عن ابن جريح ، عن موسى عن نافع ، عن ابن عمر بمثله وقال أبو عمر الشيبانى ، الراوية وغيره من الرواة أن هذا الشعر لأبى سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب وإنما هو.

لعز على سراة بنى لؤي

حريق بالبويرة مستطير

ويروى بالبويلة. فأجابه حسان بن ثابت فقال :

أدام الله ذلكم حريقا

وضرم فى طوائفها السعير

٢٨

هم أوتوا الكتاب فضيعوه

فهم عمى عن التوراة بور

وحدثني عمرو بن محمد الناقد ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن معمر ، عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : قال عمر بن الخطاب كانت أموال بنى النضير مما أفاء الله على رسوله ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت له خالصة فكان ينفق منها على أهله نفقة سنة ، وما بقي جعله فى الكراع والسلاح عدة فى سبيل الله.

حدثنا هشام بن عمار الدمشقي ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا أسامة بن زيد ، عن ابن شهاب ، عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه أخبره أن عمر بن الخطاب ، قال كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاث صفايا ، مال بنى النضير وخيبر ، وفدك ، فأما أموال بنى النضير فكانت حبسا لنوائبه ، وأما فدك فكانت لأبناء السبيل ، وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء ، فقسم جزأين منها بين المسلمين وحبسر جزءا لنفسه ونفقة أهله ، فما فضل من نفقتهم رده الى فقراء المهاجرين وحدثنا الحسين بن الأسود ، قال حدثنا يحيى بن آدم ، قال حدثنا سفيان عن الزهري قال. كانت أموال بنى النضير مما أفاء الله على رسوله ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالصة فقسمها بين المهاجرين ولم يعط أحدا من الأنصار منها شيئا إلا رجلين كانا فقيرين ، سماك بن خرشة أبا دجانة ، وسهل بن حنيف. وحدثنا الحسين ، قال حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، أبى الكلبي ، قال لما ظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أموال بنى النضير ، وكانوا أول من أجلى قال الله تبارك وتعالى (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) والحشر الجلاء ، فكانت مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم للأنصار ليست لإخوانكم

٢٩

من المهاجرين أموال ، فإن شئتم قسمت هذه وأموالكم بينكم وبينهم جميعا ، وإن شئتم أمسكتم أموالكم وقسمت هذه فيهم خاصة ، فقالوا. بل قسم هذه فيهم واقسم لهم من أموالنا ما شئت فنزلت (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) فقال أبو بكر : جزاكم الله يا معشر الأنصار خيرا ، فو الله ما مثلنا ومثلكم إلا كما قال الغنوي

جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت

بنا نعلنا فى الوطأتين فزلت

أبوا أن يملونا ولو أن أمنا

تلاقى الذي يلقون منا لملت

فذو المال موفور وكل معصب

إلى حجرات أدفأت وأظلت

وحدثنا الحسين ، قال حدثنا يحيى بن آدم ، قال أخبرنا قيس بن الربيع ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، قال أقطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الزبير بن العوام أرضا من أرض بنى النضير ذات نخل. وحدثنا الحسين ، قال حدثنا يحيى ، قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز ، عن هشام بن عروة عن أبيه. قال أقطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أموال بنى النضير. واقطع الزبير. وحدثني محمد بن سعد. كاتب الواقدي. قال حدثنا أنس بن عياض. وعبد الله بن نمير قالا حدثنا هشام بن عروة عن أبيه ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقطع الزبير أرضا من أموال بنى النضير فيها نخل. وأن أبا بكر أقطع الزبير الجرف. قال أنس فى حديثه أرضا مواتا. وقال عبد الله بن نمير فى حديثه. وان عمر أقطع الزبير العقيق أجمع.

أموال بني قريظة

قالوا حاصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنى قريظة لليال من ذى القعدة وليال من ذى الحجة سنة خمس. فكان حصارهم خمس عشرة ليلة وكانوا ممن

٣٠

أعان على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غزوة الخندق ، وهي غزوة الأحزاب ثم انهم نزلوا على حكمه ، فحكم فيهم سعد بن معاذ الأوسى ، فحكم بقتل من جرت عليه المواسى ، وبسبي النساء والذرية ، وان يقسم ما لهم بين المسلمين ، فأجاز رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك ، وقال : لقد حكمت بحكم الله ورسوله. حدثني عبد الواحد بن غياث ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما فرغ من الأحزاب دخل مغتسلا ليغتسل ، فجاءه جبريل ، فقال : يا محمد قد وضعتم أسلحتكم وما وضعنا أسلحتنا بعد ، انهد إلى بنى قريظة فقالت عائشة يا رسول الله لقد رأيته من خلل الباب ، وقد عصب التراب رأسه.

وحدثني عبد الواحد بن غياث ، قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبى جعفر الخطمي ، عن عمارة بن خزيمة ، عن كثير بن السائب أن بنى قريظة عرضوا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمن كان منهم محتلما أو قد نبتت عانته قتل ، ومن لم يكن احتلم ولا نبتت عانته ترك.

وحدثني وهب بن بقية ، قال حدثنا يزيد بن هارون ، عن هشام عن الحسن قال : عاهد حيي بن أخطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أن لا يظاهر عليه أحدا وجعل الله عليه كفيلا ، فلما أتى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم قريظة وبابنه ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لقد أوفى الكفل ، ثم أمر به فضربت عنقه وعنق ابنه ، حدثني بكر بن الهيثم ، قال حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر قال سألت الزهري ، هل كانت لبنى قريظة أرض ، فقال سديد اقسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين المسلمين على السهام. وحدثني الحسين بن الأسود قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن أبى بكر بن عياش ، عن الكلبي ، عن أبى صالح ، عن ابن عباس ، قال : قسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أموال بنى قريظة وخيبر بين المسلمين حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ،

٣١

كاتب الليث عن الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن الزهري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حاصر بنى قريظة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فقضى بأن تقتل رجالهم ، وسبى ذراريهم ، وتقسم أموالهم ، فقتل منهم يومئذ كذا وكذا رجلا.

غزوة خيبر

قالوا غزا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خيبر فى سنة سبع ، فطاوله أهلها وماكثوه وقاتلوا المسلمين ، فحاصرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قريبا من شهر ، ثم أنهم صالحوه على حقن دمائهم ، وترك الذرية على أن يجلوا ويخلوا بين المسلمين وبين الأرض والصفراء والبيضاء والبزة ، إلا ما كان منها على الأجساد وأن لا يكتموه شيئا ، ثم قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ان لنا بالعمارة والقيام على النخل علما فأقرنا ، فأقرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعاملهم على الشطر من الثمر والحب ، وقال : أقركم ما أقركم الله ، فلما كانت خلافة عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ظهر فيهم الوباء ، وتعبثوا بالمسلمين ، فأجلاهم عمر ، وقسم خيبر بين من كان له فيها سهم من المسلمين.

حدثني الحسين بن الأسود ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال حدثنا زياد بن عبد الله بن طفيل ، عن محمد بن إسحاق ، قال سألت بن شهاب عن خيبر ، فأخبرنى أنه بلغه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم افتتحها عنوة بعد القتال ، وكانت مما أفاء الله على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخمسها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقسمها بين المسلمين ، ونزل من ترك من أهلها على الجلاء ، فدعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المعاملة ففعلوا. وحدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي ، قال حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : أتى رسول الله صلى الله عليه

٣٢

وسلم أهل خيبر فقاتلهم حتى ألجاهم إلى قصرهم وغلبهم على الأرض والنخل وصالحهم على أن يحقن دماءهم ويجلوا ولهم ما حملت ركابهم ، ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة ، واشترط عليهم أن لا يكتموا ، ولا يغيبوا شيئا فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد ، فغيبوا مسكا فيه مال وحلى لحيي ابن أخطب ، وكان احتمله معه الى خيبر حين أجليت بنو النضير ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لسعية بن عمرو ما فعل مسك حيي الذي جاء به من قبل بنى النضير قال أذهبته الحروب والنفقات ، قال : العهد قريب ، والمال كثير ، وقد كان حيي قتل قبل ذلك ، فدفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سعية إلى الزبير فمسه بعذاب ، فقال رأيت حييا يطوف فى خربة ههنا ، فذهبوا الى الخربة ففتشوها فوجدوا المسك ، فقتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابني أبى الحقيق ، وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب ، وسبى نساءهم وذراريهم ، وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا فأراد أن يجليهم عنها ، فقالوا دعنا نكن فى هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها ، ولم يكن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه غلمان يقومون بها ، وكانوا لا يفرغون للقيام عليها بأنفسهم ، فأعطاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء ما بدا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان عبد الله بن رواحة يأتيهم فى كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر ، فشكوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شدة خرصه وأرادوا أن يرشوه فقال با أعداء الله أتطعمونني السحت والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلى وأنكم لأبغض إلى من عدتكم من القرود والخنازير. ولن يحملني بغضي لكم وحبى إياه على أن لا أعدل عليكم ، فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض. قال ورأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعين صفية بنت حيي خضرة فقال يا صفية ما هذه الخضرة

٣٣

فقالت كان رأسى فى حجر ابن أبى الحقيق وأنا نائمة ، فرأيت كأن قمرا وقع فى حجري ، فأخبرته بذلك فلطمني ، وقال أتمنين ملك يثرب ، قالت : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبغض الناس إلى قتل زوجي وأبى وأخى ، فما زال يعتذر ويقول ان أباك ألب على العرب وفعل وفعل حتى ذهب ذلك من نفسي ، قال وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعطى كل امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر كل عام ، وعشرين وسقا من شعير من خيبر ، قال نافع فلما كان عمر بن الخطاب عاثوا فى المسلمين وغشوهم وألقوا ابن عمر من فوق بيت وفدغوا يديه ، فقسمها عمر رضى الله عنه بين المسلمين ممن كان شهد خيبر من أهل الحديبية.

وحدثنا الحسين بن الأسود ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن زياد البكائى ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، قال حصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أهل خيبر فى حصنيهم الوطيح وسلالم ، فلما أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم ويحقن دماءهم ففعل ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد حاز الأموال كلها الشق والنطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلا ما كان فى هذين الحصنين ، حدثنا الحسين بن الأسود قال حدثنا يحيى بن آدم ، قال حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبى ليلى فى قوله تعالى : ((وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)) ، قال خيبر (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) فارس والروم.

حدثنا عمر والنقد ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قسم خيبر على ستة وثلاثين سهما وجعل كل سهم مائة سهم فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به وقسم النصف الباقي بين المسلمين فكان سهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما قسم الشق والنطاة وما حيز

٣٤

معهما ، وكان فيما وقف الكتيبة وسلالم ، فلما صارت الأموال فى يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يكن له من العمال من يكفيه عمل الأرض فدفعها إلى اليهود ويعملونها على نصف ما خرج منها فلم يزل على ذلك حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبى بكر ، فلما كان عمرو كثر المال فى أيدى المسلمين وقووا على عمارة الأرض أجلى اليهود إلى الشام وقسم الأموال بين المسلمين.

حدثني بكر بن الهيثم ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما فتح خيبر كان سهم الخمس منها الكتيبة ، وكان الشق والنطاة وسلالم والوطيح للمسلمين ، فاقرها فى يد يهود على الشطر فكان ما أخرج الله منها للمسلمين يقسم بينهم ، حتى كان عمر فقسم رقبة الأرض بينهم على سهامهم. وحدثنا أبو عبيد ، قال حدثنا على بن معبد ، عن أبى المليح عن ميمون بن مهران ، قال : حصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أهل خيبر ما بين عشرين ليلة إلى ثلاثين ليلة.

حدثنا الحسين بن الأسود ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال أخبرنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار. أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قسم خيبر على ستة وثلاثين سهما ، لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمانية عشر سهما ، لما ينوبه من الحقوق ، وأمر الناس ، والوفود ، وقسم ثمانية عشره سهما كل سهم لمائة رجل. وحدثنا الحسين ، قال حدثنا يحيى بن آدم. عن عبد السلام ابن حرب ، عن يحيى بن سعيد ، قال سمعت بشير بن يسار يقول قسمت سهمان خيبر على ستة وثلاثين سهما جمع كل سهم مائة سهم ، فكان من ذلك للمسلمين ثمانية عشر سهما اقتسموها بينهم ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل سهم أحدهم. وثمانية عشر سهما لمن نزل برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الناس. والوفود. وما نابه.

٣٥

حدثنا عمرو الناقد. والحسين بن الأسود ، قالا حدثنا وكيع بن الجراح ، قال حدثني العمرى. عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. بعث ابن رواحة إلى خيبر ، فخرص عليهم النخل ، ثم خيرهم أن يأخذوا أو يردوا ، فقالوا هذا الحق وبه قامت السماوات والأرض. وحدثنا إسحاق بن أبى إسرائيل ، قال : حدثنا الحجاج بن محمد ، عن ابن جريح ، عن رجل من أهل المدينة : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صالح بنى أبى الحقيق على أن لا يكتموا كنزا ، فكتموه ، فاستحل دماءهم.

حدثنا أبو عبيد ، قال حدثنا على بن معبد ، عن أبى المليح عن ميمون بن مهران أن أهل خيبر أخذوا الأمان على أنفسهم. وذراريهم. على أن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كل شيء فى الحصن ، قال : وكان فى الحصن أهل بيت فيهم شدة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال لهم : قد عرفت عداوتكم لله ، ولرسوله ، ولن يمنعني ذلك من أن أعطيكم ما أعطيت أصحابكم ، وقد أعطيتمونى أنكم إن كتمتم شيئا حلت لى دماؤكم ، ما فعلت آنيتكم ، قالوا استهلكناها فى حربنا ، قال فأمر أصحابه فأتوا المكان الذي هي فيه فاستثناؤها ثم ضرب أعناقهم.

حدثنا عمرو الناقد ، ومحمد بن الصباح ، قالا : حدثنا هشيم ، قال أخبرنا ابن أبى ليلى ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال دفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خيبر بأرضها ونخلها إلى أهلها مقاسمة على النصف حدثنا محمد بن الصباح ، قال : حدثنا هشيم بن بشير ، قال أخبرنا داود بن أبى هند ، عن الشعبي ، قال : دفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خيبر إلى أهلها بالنصف ، وبعث عبد الله بن رواحة لخرص التمر ـ أو قال النخل ـ فحرص عليهم وجعل ذلك نصفين. فخيرهم أن يأخذوا أيهما شاءوا. فقالوا بهذا قامت السماوات

٣٦

والأرض ، وحدثنا بعض أصحاب أبى يوسف ، قال حدثنا أبو يوسف ، عن مسلم الأعور ، عن أنس أن عبد الله بن رواحة قال لأهل خيبر ، ان شئتم خرصت وخيرتكم ، وان شئتم خرصتم وخيرتموني فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض وحدثنا القسم بن سلام ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح المصري ، عن ليث ابن سعد ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتح خيبر عنوة بعد قتال ، فخمسها ، وقسم أربعة أخماسها بين المسلمين. وحدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي ، قال قرأت على مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا يجتمع دينان فى جزيرة العرب ، ففحص عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن ذلك حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : لا يجتمع دينان فى جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر.

حدثني الوليد بن صالح ، عن الواقدي عن أشياخه ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أطعم من سهمه بخيبر طعما فجعل لكل امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر ، وعشرين وسقا من شعير ، وأطعم عمه العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه مائتي وسق ، وأطعم أبا بكر وعمر والحسن والحسين وغيرهم وأطعم بنى المطلب بن عبد مناف أوساقا معلومة ، وكتب لهم بذلك كتابا ثابتا وحدثني الوليد ، عن الوافدى عن أفلح بن حميد. عن أبيه. قال : ولاني عمر ابن عبد العزيز الكتيبة فكنا نعطي ورثة المطعمين. وكانوا محصين عندنا وحدثنا محمد بن حاتم السمين ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن ليث عن نافع ، قال : أعطى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خيبر أهلها بالشطر فكانت فى أيديهم حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبى بكر ، وصدرا من خلافة عمر ثم أن عبد الله بن عمر أتاهم فى حاجة فبيتوه فأخرجهم منها وقسمها بين

٣٧

من حضرها من المسلمين وجعل لأزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها نصيبا وقال أيتكن شاءت أخذتالثمرة وأيتكن شاءت أخذت الضيعة فكانت لها ولورثتها. وحدثني الحسين بن الأسود. قال : حدثنا أبو بكر بن عياش عن الكلبي ، عن أبى صالح عن ابن عباس قال : قسمت خيبر على ألف وخمسمائة سهم وثمانين سهما. وكانوا ألفا وخمسمائة وثمانين رجلا. الذين شهدوا الحديبية منهم ألف وخمسمائة وأربعون. والذين كانوا مع جعفر بن أبى طالب بأرض الحبشة أربعون رجلا.

حدثنا الحسين بن الأسود. قال حدثني يحيى بن آدم قال : حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال : أقطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الزبير أرضا بخيبر فيها نخل وشجر.

فتح فدك

قالوا : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أهل فدك منصرفه من خيبر محيصة بن مسعود الأنصارى يدعوهم إلى الإسلام. ورئيسهم رجل منهم ، يقال له يوشع بن نون اليهودي ، فصالحوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على نصف الأرض بتربتها فقيل ذلك منهم ، فكان نصف فدك خالصا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنه لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، وكان يصرف ما يأتيه منها إلى أبناء السبيل. ولم يزل أهلها بها إلى أن استخلف عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وأجلى يهود الحجاز فوجه أبا الهيثم مالك بن التيهان ـ ويقال النيهان ـ وسهل بن ابى حثمة ، وزيد بن ثابت الأنصاريين. فقوموا بصف تربتها بقيمة عدل. فدفعها إلى اليهودي وأجلاهم إلى الشام.

٣٨

حدثنا سعيد بن سليمان. عن الليث بن سعد. عن يحيى بن سعيد أن أهل فدك صالحوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على نصف أرضهم ونخلهم. فلما أجلاهم عمر بعث من أقام لهم حظهم من النخل والأرض فأداه إليهم.

حدثني بكر بن الهيثم ، : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمرى عن الزهري أن عمر بن الخطاب أعطى أهل فدك قيمة نصف أرضهم وتخلهم.

حدثنا الحسين بن الأسود قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا ابن أبى زائدة عن محمد بن إسحاق. عن الزهري وعبد الله بن أبى بكر. وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا : بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا وسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك ، وكانت فدك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصة لأنه لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب.

وحدثنا الحسين عن يحيى بن آدم عن زياد البكائى عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبى بكر بنحوه وزاد فيه ، وكان فيمن مشى بينهم محيصة ابن مسعود.

حدثنا الحسين ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثني ابراهيم بن حميد عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن مالك بن أوسى بن الحدثان عن عمر رضى الله عنه ، قال : كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاث صفايا فكانت أرض بنى النضير حبسا ، وكانت لنوائبه ، وجزأ خيبر على ثلاثة أجزاء وكانت فدك لأبناء السبيل.

حدثنا عبد الله بن صالح العجلى ، قال : حدثنا صفوان بن عيسى عن أسامة ابن زيد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير ، أن أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلن عثمان بن عفان إلى أبى بكر يسألنه مواريثهن من سهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخيبر وفدك ، فقالت لهن عائشة أما تتقين الله ، أما سمعتن

٣٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا نورث ما تركنا صدقة إنما هذا المال لآل محمد ، لنائبتهم وضيفهم ، فإذا مت فهو إلى والى الأمر بعدي ، قال : فأمسكن»

حدثنا أحمد بن ابراهيم الدورقي ، حدثنا صفوان بن عيسى الزهري عن أسامة عن ابن شهاب عن عروة بمثله. حدثني ابراهيم بن محمد عن عرعرة عن عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي ، ان بنى أمية اصطفوا فدك وغيروا سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها ، فلما ولى عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه ردها إلى ما كانت عليه.

وحدثنا عبد الله بن ميمون المكتب ، قال : أخبرنا الفضيل بن عياض عن مالك بن جعونة عن أبيه ، قال : قالت فاطمة لأبى بكر ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جعل لى فدك فأعطنى إياها وشهد لها على بن أبى طالب فسألها شاهدا آخر فشهدت لها أم أيمن ، فقال قد علمت يا بنت رسول الله أنه لا تجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين فانصرفت.

وو حدثني روح الكرابيسي قال : حدثنا زيد بن الحباب ، قال : أخبرنا خالد بن طهمان ، عن رجل حسبه روح جعفر بن محمد أن فاطمة رضى الله عنها قالت لأبى بكر الصديق رضى الله عنه أعطني فدك فقد جعلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لى فسألها البينة فجاءت بأم أيمن ورباح مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فشهدا لها بذلك فقال إن هذا الأمر لا تجوز فيه إلا شهادة رجل وامرأتين.

حدثنا ابن عائشة التيمي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبى صالح باذام ، عن أم هانئ أن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتت أبا بكر الصديق رضى الله عنه ، فقالت له من يرثك إذا مت قال ولدي وأهلى ، قالت فما بالك ورثت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دوننا ، فقال يا بنت رسول الله والله ما ورثت أباك ذهبا ولا فضة ولا كذا ولا كذا.

٤٠