فتوح البلدان

أبوالحسن البلاذري

فتوح البلدان

المؤلف:

أبوالحسن البلاذري


المحقق: لجنة تحقيق التراث
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٩

أهل المياه فى الطريق أن يبتنوا منازل فيما بين مكة والمدينة ولم تكن قبل ذلك فإذن لهم واشترط عليهم ان ابن السبيل أحق بالماء والظل.

أمر السيول بمكة

حدثنا العباس بن هشام عن أبيه هشام بن محمد عن ابن خربوز المكي وغيره ، قالوا كانت السيول بمكة أربعة ، منها سيل أم نهشل وكان فى زمن عمر ابن الخطاب أقبل السيل حتى دخل المسجد من أعلى مكة فعمل عمر الردمين جميعا إلا على بين دارببة ، وهو عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف الذي ولى البصرة فى فتنة ابن الزبير اصطلح أهلها عليه ، ودار أبان بن عثمان بن عفان ، والأسفل عند الحمارين ، وهو الذي يعرف بردم آل أسيد فتراد السيل عن المسجد الحرام. قال وأم نهشل بنت عبيدة بن سعيد بن العاصي بن أمية ذهب بها السيل من أعلى مكة فنسب إليها ، ومنها سيل الجحاف والجراف فى سنة ثمانين فى زمن عبد الملك ابن مروان صبح الحاج يوم اثنين فذهب بهم وبأمتعتهم وأحاط بالكعبة فقال الشاعر.

لم تر غسان كيوم الاثنين

أكثر محزونا وأبكى للعين

إذ ذهب السيل بأهل المصرين

وخرج المخبآت يسعين

شواردا فى الجبلين يرقين

فكتب عبد الملك إلى عبد الله بن سفيان المخزومي عامله على مكة ، ويقال بل كان عامله يومئذ الحارث بن خالد المخزومي الشاعر يأمره بعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادي ، وضفائر المسجد ، وعمل الردم على أفواه السكك لتحصن دور الناس ، وبعث لعمل ذلك رجلا نصرانيا فاتخذ الضفائر وردم الردم الذي يعرف بردم بنى قراد ، وهو يعرف ببني جمح ، واتخذت ردوم بأسفل مكة

٦١

قال الشاعر.

سأملك عبرة وأفيض أخرى

إذا جاوزت ردم بنى قراد

ومنها السيل الذي يدعى المخبل أصاب الناس فى أيامه مرض فى أجسادهم وخبل فى ألسنتهم فسمى المخبل ، ومنها سيل أتى بعد ذلك فى خلافة هشام ابن عبد الملك فى سنة عشرين ومائة يعرف بسيل أبى شاكر وهو مسلمة بن هشام وكان على الموسم ذلك العام فنسب إليه ، قال وسيل وادي مكة يأتى من موضع يعرف بسدرة عتاب بن أسيد بن أبى العيص.

قال عباس بن هشام ، وقد كان فى خلافة المأمون عبد الله بن الرشيد رحمه‌الله سيل عظيم بلغ ماؤه قريبا من الحجر ، فحدثني العباس ، قال : حدثني أبى عن أبيه محمد بن السائب الكلبي ، عن أبى صالح عن عكرمة ، قال درس شيء من معالم الحرم على عهد معاوية بن أبى سفيان ، فكتب إلى مروان ابن الحكم ـ وهو عامله على المدينة ـ يأمره إن كان كرز بن علقمة الخزاعي حيا أن يكلفه اقامة معالم الحرام لمعرفته بها ، وكان معمرا فأقامها عليه فهي مواضع الأنصاب اليوم.

قال الكلبي ، هذا كرز بن علقمة بن هلال بن جربية بن عبدنهم بن حليل ابن حبشية الخزاعي ، وهو الذي قفا اثر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين انتهى إلى الغاز الذي استخفى فيه وأبو بكر الصديق معه حين أراد الهجرة إلى المدينة فرأى عليه نسج العنكبوت ورأى دونه قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعرفها ، فقال ، هذه قدم محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وههنا انقطع الأثر.

فتح الطائف

قال لما هزمت هوازن يوم حنين وقتل دريد بن الصمة أتى فلهم أوطاس ،

٦٢

فبعث إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا عامر الأشعرى فقتل ، فقام بأمر الناس أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعرى ، وأقبل المسلمون إلى أوطاس ، فلما رأى ذلك مالك بن عوف بن سعد أحد بنى دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ، وكان رئيس هوازن يومئذ ، هرب إلى الطائف فوجد أهلها مستعدين للحصار ، قد رموا حصنهم وجمعوا فيه الميرة ، فأقام بها ، وسار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمسلمين حتى نزل الطائف فرمتهم ثقيف بالحجارة والنبل ، ونصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منجنيقا على حصنهم ، وكانت مع المسلمين دبابة من جلود البقر فألقت عليها ثقيف سكك الحديد المحماة فأحرقتها فأصيب من تحتها من المسلمين وكان حصار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الطائف خمس عشرة ليلة ، وكان غزوه إياها فى شوال سنة ثمان قالوا : ونزل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رقيق من رقيق أهل الطائف ، منهم أبو بكر بن مسروح مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأسمه نفيع ، ومنهم الأزرق الذي نسبت الأزارقة إليه. كان عبدا روميا حدادا وهو أبو نافع بن الأزرق الخارجي فاعتقوا بترولهم ، ويقال أن نافع بن الأزرق الخارجي من بنى حنيفة. وإن الأزرق الذي نزل من الطائف غيره. ثم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انصرف إلى الجعرانة ليقسم سبى أهل حنين وغنائمهم فخافت ثقيف أن يعود إليهم فبعثوا إليه وفدهم فصالحهم على أن يسلموا ويقرهم على ما فى أيديهم من أموالهم وركازهم. واشترط عليهم أن لا يرابوا. ولا يشربوا الخمر. وكانوا أصحاب ربا وكتب لهم كتابا قال. وكانت الطائف تسمى وج فلما حصنت وبنى سورها سميت الطائف.

حدثني المدائني ، عن أبى إسماعيل الطائفي ، عن أبيه. عن أشياخ من أهل الطائف. قال كان بمخلاف الطائف قوم من اليهود طردوا من اليمن ويثرب

٦٣

فأقاموا بها للتجارة فوضعت عليهم الجزية ومن بعضهم ابتاع معاوية أمواله بالطائف. قالوا وكانت للعباس بن عبد المطلب رحمه‌الله أرض بالطائف. وكان الزبيب يحمل منها فينبذ فى السقاية للحاج ، وكانت لعامة قريش أموال بالطائف يأتونها من مكة فيصلحونها فلما فتحت مكة وأسلم أهلها طمعت ثقيف فيها حتى إذا فتحت الطائف أقرت فى أيدى المكيين ، وصارت أرض الطائف مخلافا من مخاليف مكة. قالوا وفى يوم الطائف أصيبت عين أبى سفيان بن حرب.

حدثنا الوليد بن صالح. قال حدثنا الواقدي ، عن محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر أن تخرص أعناب ثقيف كخرص النخل ثم يأخذ زكاتهم زبيبا كما تؤدى زكاة النخل ، قال الواقدي ، قال أبو حنيفة لا يخرص ولكنه إذا وضع بالأرض أخذت الصدقة من قليله وكثيره ، وقال يعقوب إذا وضع بالأرض فبلغت مكيلته خمسة أوسق ففيه الزكاة العشر أو نصف العشر. وهو قول سفيان بن سعيد الثوري. والوسق ستون صاعا. وقال مالك بن أنس. وابن أبى ذئب : السنة أن تؤخذ منه الزكاة على الخرص كما يؤخذ التمر من النخل.

حدثنا شيبان بن أبى شيبة. قال حدثنا حماد بن سلمة قال : حدثنا يحيى ابن سعيد. عن عمرو بن شعيب أن عاملا لعمر بن الخطاب رضى الله عنه على الطائف كتب إليه أن أصحاب العسل لا يرفعون إلينا ما كانوا يرفعون إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو من كل عشرة زقاق زق ، فكتب إليه عمر إن فعلوا فأحموا لهم أوديتهم وإلا فلا تحموها. حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، قال حدثنا إسماعيل بن ابراهيم ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمر أنه جعل فى العسل العشر.

حدثنا داود بن عبد الحميد قاضى الرقة عن مروان بن شجاع عن خصيف

٦٤

عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عماله على مكة والطائف : أن فى الخلايا صدقة فخذوها منها قال : والخلايا الكواثر وقال الواقدي وروى عن ابن عمر أنه قال ليس فى الخلايا صدقة ، وقال مالك والثوري : لا زكاة فى العسل وإن كثر ، وهو قول الشافعي ، وقال أبو حنيفة فى قليل العسل وكثيره إذا كان فى أرض العشر ، العشر ، وإذا كان فى أرض الخراج فلا شيء عليه ، لأنه لا يجتمع الزكاة والخراج على رجل ، وقال الواقدي : أخبرنى القاسم بن معن ، ويعقوب ، عن أبى حنفية أنه قال فى العسل يكون فى أرض ذمي وهي من أرض العشر أنه لا عشر عليه فيه وعلى أرضه الخراج ، وإذا كان فى أرض تغلبى أخذ منه الخمس ، وقول زفر مثل قول أبى حنيفة ، وقال أبو يوسف : إذا كان العسل فى أرض الخراج فلا شيء فيه وإذا كان فى أرض العشر ففي كل عشرة أرطال رطل ، وقال محمد بن الحسن ليس فيما دون خمسة أفراق صدقة ، وهو قول ابن أبى ذئب.

وروى خالد بن عبد الله الطحان عن ابن أبى ليلى أنه قال إذا كان فى أرض الخراج أو العشر ففي كل عشرة أرطال رطل ، وهو قول الحسن بن صالح ابن حي. وحدثني أبو عبيد ، قال : حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعى ، عن الزهري ، قال : فى كل عشرة زقاق زق ، وحدثنا. الحسين بن على بن الأسود قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرقاشي ، عن جعفر بن نجيح المديني ، عن بشر بن عاصم ، وعثمان بن عبد الله بن أوس ، أن سفيان بن عبد الله الثقفي كتب إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وكان عاملا له على الطائف يذكر إن قبله حيطانا فيها كروم وفيها من الفرسك والرمان ، وما هو أكثر غلة من الكروم أضافا واستأمره فى العشر ، فقال فكتب إليه عمر : ليس عليها عشر.

قال يحيى بن آدم ، وهو قول سفيان بن سعيد ، سمعته يقول ليس فيما

٦٥

أخرجت الأرض صدقة إلا أربعة أشياء الحنطة ، والشعير ، والتمر والزبيب إذا بلغ كل واحد من ذلك خمسة أوسق ، قال وقال أبو حنيفة فيما أخرجت أرض العشر العشر ولو دستجة بقل ، وهو قول زفر ، وقال مالك ، وابن أبى ذئب ويعقوب. ليس فى القبول وما أشبهها صدقة ، وقالوا ليس فيما دون خمسة أوسق من الحنطة والشعير ، والذرة ، والسلت ، والزوان ، والتمر والزبيب ، والأرز ، والسمسم ، والجلبان ، وأنواع الحبوب التي تكال وتدخر مع العدس ، واللوبيا ، والحمص ، والماش ، والدخن ، صدقة ، فإذا بلغت خمسة أوسق ففيها صدقة ، قال الواقدي ، وهذا قول ربيعة بن أبى عبد الرحمن وقال الزهري. التوابل والقطاني كلها تزكى ، وقال مالك. لا شيء فى الكمثرى والفرسك. وهو الخوخ. ولا فى الرمان وسائر أصناف الفواكه الرطبة من صدقة. وهو قول ابن أبى ليلى. قال أبو يوسف ليس الصدقة إلا فيما وقع عليه القفيز. وجرى عليه الكيل. وقال أبو الزناد. وابن أبى ذئب. وابن أبى سبرة لا شيء فى الخضر والفواكه من صدقة ولكن الصدقة فى أثمانها ساعة تباع وحدثني عباس بن هشام. عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم استعمل عثمان بن أبى العاصي الثقفي على الطائف.

فتح تبالة وجرش

حدثني بكر بن القيثم ، عن عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ، قال : أسلم أهل تبالة وجرش من غير قتال ، فأمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على ما أسلموا عليه وجعل على كل حالم ممن بهما من أهل الكتاب دينارا. واشترط عليهم ضيافة المسلمين. وولى أبا سفيان بن حرب جرش

٦٦

غزوة تبوك وأيلة وذرح ومقنا والجرباء

قالوا : لما توجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى تبوك من أرض الشام لغزو من انتهى إليه أن قد تجمع له من الروم وعاملة ولخم وجذام وغيرهم وذلك فى سنة تسع من الهجرة لم يلق كيدا ، فأقام بتبوك أياما فصالحه أهلها على الجزية وأتاه وهو بها يحنة بن رؤبة صاحب أيلة فصالحه على أن جعل له على كل حالم بأرضه فى السنة دينارا فبلغ ذلك ثلاثمائة دينار ، واشترط عليهم قرى من مر بهم من المسلمين ، وكتب لهم كتابا بأن يحفظوا ويمنعوا.

فحدثني محمد بن سعد ، قال : حدثنا الواقدي ، عن خالد بن ربيعة ، عن طلحة الأبلى أن عمر بن عبد العزيز كان لا يزداد من أهل أيلة على ثلاثمائة دينار شيئا ، وصالح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أهل اذرح على مائة دينار فى كل رجب ، وصالح أهل الجرباء على الجزية وكتب لهم كتابا ، وصالح أهل مقنا على ربع عروكهم وغزولهم والعروك خشب يصطاد عليه وربع كراعهم وحلقتهم وعلى ربع ثمارهم ، وكانوا يهودا وأخبرنى بعض أهل مصر أنه رأى كتابهم بعينه فى جلد أحمر دارس الخط فنسخه وأملى نسخته

بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى بنى حبيبة ، وأهل مقنا ، سلم أنتم فإنه أنزل على انكم راجعون إلى قريتكم ، فإذا جاءكم كتابي هذا فإنكم آمنون ولكم ذمة الله وذمة رسوله ، وإن رسول الله قد غفر لكم ذنوبكم. وكل دم اتبعتم به لا شريك لكم فى قريتكم إلا رسول الله. أو رسول رسول الله. وانه لا ظلم عليه ولا عدوان. وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يجيركم مما يجير منه نفسه فإن لرسول الله بزتكم ورقيقكم والكراع والحلقة الا ما عفا عنه رسول الله ، أو رسول رسول الله ، وإن عليكم بعد ذلك ربع ما أخرجت نخيلكم

٦٧

وربع ما صادت عرككم ، وربع ما اغتزلت نساؤكم. وانكم قد ثريتم بعد ذلكم ورفعكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن كل جزية وسخرة. فإن سمعتم وأطعتم فعلى رسول الله أن يكرم كريمكم ويعفو عن مسيئكم ، ومن ائتمر فى بنى حبيبة ، وأهل مقنا من المسلمين خيرا فهو خير له. (١) ومن أطلعهم بشر فهو شر له ، وليس عليكم أمير إلا من أنفسكم أو من أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكتب على بن أبو طالب فى سنة تسع

فتح دومة الجندل

قال. بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي ثم السكوني بدومة الجندل فأخذه أسيرا وقتل أخاه وسلبه قباء ديباج منسوجا بالذهب. قدم بأكيدر على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلم وكتب له ولأهل دومة كتابا نسخته

هذا كتاب من محمد رسول الله لاكيدر. حين أجاب إلى الإسلام ، وخلع

__________________

(١) نشك بصحة الرواية القائلة أن هذه الرسائل بخط الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، ونرجح أنها من «الإسرائيليات» التي غزت الكتب والتاريخ الإسلامي لتملأها سموما ومزاعم تحاول تزوير التاريخ والنيل من الإسلام ورجاله.

وحجتنا في ذلك أن هذه الرسائل لا يمكن أن تكون بخط الإمام علي بن أبي طالب (ع) نظرا لاختلاف أسلوبها عن أسلوب الإمام (ع) وهو الذي أوجد الكلام في علم النحو من جهة ، ولكون الإمام علي بن أبي طالب (ع) لم يكن بصحبة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم إبان غزوة تبوك التي تمّ فيها صلح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأهل مقنا.

ولهذه الأسباب يمكننا أن نشك بصحة هذه الرسائل المنحولة والمدسوسة.

المحققون

٦٨

الأنداد والأصنام ، ولأهل دومة أن لنا الضاحية من الضحل ، والبور والمعامى. (١) وأغفال (٢) الأرض والحلقة (٣) والسلاح والحافر (٤) والحصن ، ولكم الضامنة (٥) من النخل ، والمعين (٦) من المعمور ، لا تعدل سارحتكم (٧) ولا تعد فاردتكم (٨) ، ولا يحظر عليكم النبات (٩) ، تقيمون الصلاة لوقتها ، وتؤتون الزكاة بحقها ، عليكم بذلك عهد الله والميثاق ، ولكم به الصدق والوفاء ، شهد الله ومن حضر من المسلمين. وحدثني العباس بن هشام الكلبي ، عن أبيه عن جده ، قال : وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر ، فقدم به عليه فاسلم ، فكتب له كتابا ، فلما قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم منع الصدقة ونقض العهد وخرج من دومة الجندل فلحق بالحيرة ، وابتنى بها بناء سماه دومة بدومة الجندل ، وأسلم حريث بن عبد الملك أخوه على ما فى يده ، فسلم ذلك له ، فقال سويد بن شبيب الكلبي :

لا يأمنن قوم عثار جدودهم

كما زال من خبت ظعائن اكدرا

قال : وتزوج يزيد بن معاوية ابنة حريث أخى أكيدر ، قال العباس

__________________

(١) المعالي : الأرض الغير معروفة.

(٢) الاغفال : التي لا أثر فيها.

(٣) الجلقة : الدروع.

(٤) الحافر : الخيول.

(٥) الضامنة : النخل.

(٦) المعين : الماء.

(٧) سارحتكم : ماشيتكم.

(٨) فاردتكم : الزائدة على ما تجب فيه الزكاة.

(٩) لا يحظر عليكم النبات : لا تمنعون من الزراعة.

٦٩

وأخبرنى أبى عن عوانة بن الحكم أن أبا بكر كتب إلى خالد بن الوليد وهو بعين التمر يأمره أن يسير إلى أكيدر ، فسار اليه فقتله ، وفتح دومة ، وكان قد خرج منها بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم عاد إليها ، فلما قتله خالد مضى إلى الشام ، وقال الواقدي. لما شخص خالد من العراق يريد الشام مر بدومة الجندل ففتحها وأصاب سبايا ، فكان فيمن سبا منها ليلى بنت الجودي الغساني ويقال أنها أصيبت فى حاضر من غسان أصابتها خيل له ، وابنة الجودي هي التي كان عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق هويها وقال فيها :

تذكرت ليلى والسماوة بيننا

وما لابنة الجودي ليلى وماليا

فصارت له فتزوجها وغلبت عليه حتى أعرض عمن سواها من نسائه ثم انها اشتكت شكوى شديدة فتغيرت فقلاها ، فقيل له متعها وردها إلى أهلها ففعل ، وقال الواقدي : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم غزا دومة الجندل فى سنة خمس فلم يلق كيدا ووجه خالد بن الوليد إلى أكيدر فى شوال سنة تسع بعد إسلام خالد بن الوليد بعشرين شهرا ، وسمعت بعض أهل الحيرة يذكر أن أكيدر وأخوته كانوا ينزلون دومة الحيرة ، وكانوا يزورون أخوالهم من كلب فيتغربون عندهم ، فإنهم لمعهم وقد خرجوا للصيد إذ رفعت لهم مدينة متهدمة لم يبق إلا بعض حيطانها ، وكانت مبنية بالجندل فأعادوا بناءها وغرسوا فيها الزيتون وغيره وسموها دومة الجندل ، تفرقة بينها وبين دومة الحيرة.

وحدثني عمرو بن محمد الناقد ، عن عبد الله بن وهب المصري ، عن يونس الأيلي ، عن الزهري ، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد ابن الوليد ابن المغيرة إلى أهل دومة الجندل ، وكانوا من عباد الكوفة فأسر أكيدر رأسهم فقاضاه على الجزية.

٧٠

صلح تجران

حدثني بكر بن الهيثمي ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد عن يونس بن يزيد الابلى ، عن الزهري ، قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم السيد والعاقب وفد أهل نجران اليمن فسألاه الصلح ، فصالحهما عن أهل نجران على ألفى حلة فى صفر وألف حلة فى رجب ، ثمن كل حلة أوقية والأوقية وزن أربعين درهما ، فان أدوا حلة بما فوق الأوقية حسب لهم فضل ذلك ، وأن أدوها بما دون الأوقية أخذ منهم النقصان ، وعلى أن يأخذ منهم ما أعطوا من سلاح أو خيل أو ركاب أو عرض من العروض بقيمته قصاصا من الحلل ، وعلى أن يضيفوا رسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شهرا فما دونه ، ولا يحبسوهم فوق أن شهر ، وعلى عليهم عارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا ، وثلاثين بعيرا أن كان باليمن كيد ، وأن ما هلك من تلك العارية فأرسل ضامنون له حتى يردوه ، وجعل لهم ذمة الله وعهده ، وأن لا يفتنوا عن دينهم ومراتبهم فيه ولا يحشروا ولا يعشروا واشترط عليهم أن لا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به.

حدثني الحسين ابن الأسود : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال جاء راهبا نجران إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعرض عليهما الإسلام ، فقالا أنا قد أسلمنا قبلك ، فقال : كذبتما يمنعكما من الإسلام ثلاث ، أكلكما الخنزير وعبادتكما الصليب ، وقولكما الله ولد قالا فمن أبو عيسى ، قال الحسن ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يعجل حتى يأمره ربه فأنزل الله تعالى (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) إلى قوله (الْكاذِبِينَ) فقرأها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهما ثم دعاهما إلى المباهلة وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين ، فقال أحدهما لصاحبه

٧١

اصعد الجبل ولا تباهله فإنك إن باهلته بؤت باللعنة ، قال فما ترى ، قال : أرى أن نعطيه الخراج ولا نباهله.

حدثني الحسين ، قال. حدثني يحيى بن آدم ، قال أخذت نسخة كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأهل نجران من كتاب رجل ، عن الحسن بن صالح رحمه‌الله ، وهي. بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما كتب النبي رسول الله محمد لنجران إذ كان له عليهم حكمة فى كل ثمرة وصفراء وبيضاء وسوداء رقيق فأفضل عليهم وترك ذلك الفى حلة حلل الأواقي ، فى كل رجب ألف حلة ، وفى كل صفر ألف حلة كل حلة أوقية ، وما زادت حلل الخراج أو نقصت عن الأواقى فبالحساب ، وما نقصوا من درع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم بالحساب وعلى نحران مثواة رسلي شهرا فدونه ، ولا يحبس رسلي فوق شهر وعليهم عارية ثلاثين درعا ، وثلاثين فرسا ، وثلاثين بعيرا ، إذا كان كيد باليمن ذو مغدرة أى إذا كان كيد بغدر منهم ، وما هلك مما أعاروا رسلي من خيل أو ركاب فهم ضمن حتى يردوه إليهم ، ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم ، وملتهم ، وأرضهم ، وأموالهم. وغائبهم وشاهدهم وعيرهم وبعثهم. وأمثلتهم لا يغير ما كانوا عليه ولا يغير حق من حقوقهم. وأمثلتهم لا يفتن أسقف من أسقفيته. ولا راهب من رهبانيته. ولا واقه من وقاهيته على ما تحت أيديهم من قليل أو كثير ، وليس عليهم رهق ولا دم جاهلية ، ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيش. من سأل منهم حقا فبينهم النصف. غير ظالمين ولا مظلومين بنجران. ومن أكل منهم ربا من ذى قبل فذمتي منه بريئة. ولا يؤخذ منهم رجل بظلم آخر ولهم على ما فى هذه الصحيفة جوار الله. وذمة محمد النبي أبدا حتى يأتى أمر الله ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مكلفين شيئا بظلم شهد أبو سفيان بن حرب وغيلان بن عمرو ومالك

٧٢

ابن عوف من بنى نصر ، والأقرع بن حابس الحنظلي ، والمغيرة وكتب.

وقال يحيى بن آدم ، وقد رأيت كتابا فى أيدى النجرانيين كانت نسخته شبيهة بهذه النسخة وفى أسفله ، وكتب على بن أبى طالب ، ولا أدرى ما أقول فيه ، قالوا ولما استخلف أبو بكر الصديق رضى الله عنه حملهم على ذلك فكتب لهم كتابا على نحو كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما استخلف عمر بن الخطاب رضى الله عنه أصابوا الربا وكثر فخافهم على الإسلام فاجلاهم وكتب لهم.

«أما بعد» فمن وقعوا به من أهل الشام والعراق فليوسعهم من حرث الأرض ، وما اعتملوا من شيء فهو لهم مكان أرضهم باليمن ، فتفرقوا فنزل بعضهم الشام ونزل بعضهم النجرانية بناحية الكوفة ، وبهم سميت ودخل يهود نجران مع النصارى فى الصلح ، وكانوا كالأتباع لهم ، فلما استخلف عثمان بن عفان كتب إلى الوليد بن عقبة بن أبى معيط وهو عامله على الكوفة.

«أما بعد» فإن العاقب ، والأسقف ، وسراة نجران ، أتونى بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأرونى شرط عمر ، وقد سألت عثمان بن حنيف عن ذلك فأنبأنى أنه كان بحث عن أمرهم فوجده ضارا للدهاقين ، لردعهم عن أرضهم ، وإنى قد وضعت عنهم من جزيتهم مائتي حلة لوجه الله ، وعقبى لهم من أرضهم ، وإنى أوصيك بهم ، فإنهم قوم لهم ذمة ، وسمعت بعض العلماء يذكر أن عمر كتب لهم.

«أما بعد» فمن وقعوا به من أهل الشام والعراق فليوسعهم من حرث الأرض ، وسمعت بعضهم يقول من خريب الأرض ، وحدثني عبد الأعلى ابن حماد النرسي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل ابن حكيم ، عن عمر بن عبد العزيز أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فى مرضه : لا يبقين دينان فى أرض العرب ، فلما استخلف عمر بن الخطاب

٧٣

رضى الله عنه أجلى أهل نجران إلى النجرانية ، واشترى عقاراتهم وأموالهم.

وحدثني العباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده ، قال : سميت نجران اليمن بنجران بن زيد بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وحدثني الحسين بن الأسود ، قال حدثنا وكيع بن الجراح ، قال حدثنا الأعمش عن سالم بن أبى الجعد. قال : كان أهل نجران قد بلغوا أربعين ألفا فتحاسدوا بينهم : فاتوا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقالوا : أجلنا ، وكان عمر قد خافهم على المسلمين فاغتنمها فاجلاهم فندموا بعد ذلك وأتوه فقالوا : أقلنا فأبى ذلك ، فلما قام على بن أبى طالب رضى الله عنه أتوه فقالوا : ننشدك خطك بيمينك وشفاعتك لنا عند نبيك إلا أقلتنا ، فقال إن عمر كان رشيد الأمر ، وأنا أكره خلافه.

وحدثني أبو مسعود الكوفي ، قال حدثني محمد بن مروان ، والهيثم بن عدى ، عن الكلبي ، أن صاحب النجرانية بالكوفة كان يبعث رسله إلى جميع من بالشام والنواحي ، من أهل نجران ، فيجبونهم مالا يقسمه عليهم لإقامة الحلل ، فلما ولى معاوية أو يزيد بن معاوية ، شكوا إليه تفرقهم وموت من مات وإسلام من أسلم منهم وأحضروه كتاب عثمان بن عفان بما حطهم من الحلل وقالوا إنما ازددنا نقصانا وضعفا ، فوضع عنهم مائتي حلة يتمه أربعمائة حلة ، فلما ولى الحجاج بن يوسف العراق ، وخرج ابن الأشعث عليه اتهم الدهاقين بموالاته واتهمهم معهم فردهم إلى ألف وثمانمائة حلة وأخذهم بحلل وشى فلما ولى عمر بن عبد العزيز شكوا إليه فناءهم ونقصانهم وإلحاح الأعراب بالغارة عليهم وتحميلهم إياهم المؤمن المجحفة بهم وظلم الحجاج إياهم ، فأمر فأحصوا فوجدوا على العشر من عدتهم الأولى ، فقال أرى هذا الصلح جزية على رؤسهم وليس هو بصلح عن أرضهم وجزية الميت والمسلم ساقطة فألزمهم مائتي حلة قيمتها ثمانية ألف درهم ، فلما ولى يوسف بن عمر العراق ، فى أيام

٧٤

الوليد بن يزيد ردهم إلى أمرهم الأول عصبية للحجاج ، فلما استخلف أمير المؤمنين أبو العباس رحمه‌الله عمدوا إلى طريقه يوم ظهر بالكوفة فألقوا فيه الريحان ونثروا عليه وهو منصرف إلى منزله من المسجد ، فأعجبه ذلك من فعلهم ، ثم أنهم رفعوا إليه فى أمرهم وأعلموه قلتهم وما كان من عمر بن عبد العزيز ويوسف بن عمر وقالوا : أن لنا نسبا فى أخوالك بنى الحارث بن كعب ، وتكلم فيهم عبد الله بن الربيع الحارثي ، وصدقهم الحجاج بن أرطاة فيما أدعوا ، فردهم أبو العباس صلوات الله عليه إلى مائتي حلة قيمتها ثمانية ألف درهم.

قال أبو مسعود : فلما استخلف الرشيد هارون أمير المؤمنين ، وشخص إلى الكوفة يريد الحج رفعوا إليه فى أمرهم ، وشكوا تعنت العمال إياهم ، فأمر فكتب لهم كتاب بالمائتى حلة قد رأيته ، وأمر أن يعفوا من معاملة العمال وأن يكون مؤداهم بيت المال بالحضرة.

حدثنا عمرو الناقد ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهب المصري ، عن يونس ابن يزيد ، عن ابن شهاب الزهري. قال : أنزلت فى كفار قريش والعرب (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) وأنزلت فى أهل الكتاب (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ. وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ) إلى قوله (صاغِرُونَ). فكان أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران فيما علمنا. وكانوا نصارى. ثم أعطى أهل أيلة. وأذرح. وأهل أذرعات الجزية فى غزوة تبوك.

وفود أهل اليمن إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإسلامهم

قالوا : لما بلغ أهل اليمن ظهور رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وعلو حقه أتته وفودهم. فكتب لهم كتابا بإقرارهم على ما أسلموا عليه من أموالهم ،

٧٥

وأرضيهم ، وركازهم ، فأسلموا ووجه إليهم رسله وعماله ، لتعريفهم شرائع الإسلام وسننه. وقبض صدقاتهم. وجز رءوس من أقام على النصرانية واليهودية والمجوسية منهم.

حدثنا الحسين بن الأسود ، قال : حدثنا وكيع بن الجراح ، قال : حدثنا يزيد ابن ابراهيم التستري ، عن الحسن ، قال : كتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أهل اليمن ، من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا. وأكل ذبيحتنا. فذلكم المسلم له ذمة الله وذمة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومن أبى فعليه الجزية * وحدثني هدبة ، قال : حدثنا يزيد بن ابراهيم ، عن الحسن بمثله ، قال الواقدي : وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن سعيد ابن العاص أميرا إلى صنعاء وأرضها قال ، وقال بعضهم : ولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المهاجرين أبى أمية ابن المغيرة المخزومي صنعاء فقبض وهو عليها ، قال وقال آخرون إنما ولى المهاجر صنعاء أبو بكر الصديق رضى الله عنه ، وولى خالد بن سعيد مخاليف أعلى اليمن.

وقال هشام بن الكلبي ، والهيثم بن عدى : ولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المهاجر كندة والصدف. فلما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كتب أبو بكر إلى زياد بن لبيد البياضي من الأنصار بولاية كندة والصدف إلى ما كان يتولى من حضرموت. وولى المهاجر صنعاء ثم كتب إليه بإنجاد زياد بن لبيد. ولم يعزله عن صنعاء.

وأجمعوا جميعا : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولى زياد بن لبيد حضرموت. قالوا وولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا موسى الأشعرى زبيد. ورمع وعدن والساحل : وولى معاذ بن جبل الجند وصير إليه القضاء وقبض جميع الصدقات باليمن : وولى نجران عمرو بن حزم الأنصارى ، ويقال : إنه ولى أبا سفيان بن حرب نجران بعد عمرو بن حزم.

٧٦

وأخبرنى عبد الله بن صالح المقرئ ، قال : حدثني الثقة ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب إلى ذرعة بن ذى يزن.

«أما بعد» فإذا أتاكم رسولي معاذ بن جبل وأصحابه فاجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية فأبلغوه ذلك ، فإن أمير رسلي معاذ وهو من صالحي من قبلي ، وأن مالك بن مرارة الرهاوي حدثني أنك قد استلمت أول حمير ، وفارقت المشركين ، فابشر بخير ، وأنا آمركم يا معشر حمير ألا تخونوا ، ولا تحادوا ، فإن رسول الله مولى غنيكم وفقيركم ، وأن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآله ، إنما هي زكاة تزكون بها : هي لفقراء المسلمين والمؤمنين ، وأن مالكا قد بلغ الخبر وحفظ الغيب وأن معاذا من صالحي أهلى وذوى دينهم ، فآمركم به خيرا فإنه منظور إليه والسلام.

وحدثني الحسين بن الأسود ، قال حدثني يحيى بن آدم ، قال : حدثنا يزيد بن عبد العزيز ، عن عمرو بن عثمان بن موهب ، قال : سمعت موسى بن طلحة يقول : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذ بن جبل على صدقات اليمن ، وأمره أن يأخذ من النخل والحنطة والشعير والعنب أو قال الزبيب العشر ونصف العشر. وحدثني الحسين ، قال حدثني يحيى بن آدم ، قال : حدثنا زياد عن محمد بن إسحاق أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن.

بسم الله الرحمن الرحيم : هذا بيان من الله ورسوله (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) : عهد من محمد النبي رسول الله ، لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن ، أمره بتقوى الله فى أمره كله ، وان يأخذ من المغانم خمس الله ، وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار عشر ما سقى البعل وسقت السماء ونصف

٧٧

العشر مما سقى الغرب. وحدثني الحسين ، قال : حدثني يحيى بن آدم ، قال : حدثنا زياد بن عبد الله البكائى ، عن محمد بن إسحاق ، قال : كتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى ملوك حمير.

بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد النبي رسول الله ، إلى الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، وشرح بن كلال ، وإلى النعمان قيل ذى رعين ، ومعافر وهمدان ، أما بعد فإن الله قد هداكم بهدايته ، أن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله وأقمتم الصلاة ، وأتيتم الزكاة ، وأعطيتم من المغانم خمس الله ، وسهم النبي وصفيه وما كتب الله على المؤمنين من الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء وما سقى بالغرب نصف العشر. وقال هشام بن محمد الكلبي ، كان كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى عريب ، والحارث ابني عبد كلال بن عريب بن ليشرح. وحدثنا يوسف ابن موسى القطان ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد قال : حدثنا منصور عن الحكم ، قال : كتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى معاذ بن جبل وهو باليمن أن فيما سقت السماء أو سقى غيلا العشر ، وفيما سقى بالغرب والدالية نصف العشر ، وإن على كل حالم دينارا أو عدل ذلك من المعافر ، وإن لا يفتن يهودي عن يهوديته ، قالوا الغيل السيح : والغرب الدلو يعنى ما سقى بالسواني ، والدوالي. والدواليب ، والغرافات ، والبعل السيح أيضا : والمعافر ثياب لهم.

حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الأعمش ، عن أبى وائل عن مسروق ، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذ إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا ، ومن كل أربعين مسنة ، ومن كل حالم دينارا أو عدل ذلك من المعافر.

وحدثني الحسين بن الأسود ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثني شيبان البرجمي ، عن عمرو ، عن الحسن ، قال : أخذ رسول الله صلى الله

٧٨

عليه وسلم الجزية من مجوس هجر ، ومجوس أهل اليمن ، وفرض على كل من بلغ الحلم من مجوس اليمن من رجل أو امرأة دينارا أو قيمته من المعافر.

حدثنا عمرو الناقد ، عن عبد الله بن وهب ، عن مسلمة بن على ، عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرض الجزية على كل محتلم من أهل اليمن دينارا.

حدثنا شيبان بن أبى شيبة الإبلى ، قال : حدثنا قزعة بن سويد الباهلي ، قال : سمعت زكريا بن إسحاق يحدث عن يحيى بن صيفي ، أو أبى معبد «عن ابن عباس ، قال : لما بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذ ابن جبل إلى اليمن قال : أما أنك تأتى قوما من أهل الكتاب ، فقل لهم. إن الله فرض عليكم فى اليوم والليلة خمس صلوات ، فإن أطاعوك فقل : إن الله فرض عليكم فى السنة صوم شهر رمضان ، فإن أطاعوك فقل : إن الله فرض عليكم حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، فإن أطاعوك فقل : إن الله قد فرض عليكم فى أموالكم صدقة تؤخذ من أغنيائكم فترد فى فقرائكم ، فإن أطاعوك فإياك وكرائم أموالهم. وإياك ودعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ولا ستر».

حدثنا شيبان ، قال : حدثنا حماد بن مسلمة. قال : حدثنا الحجاج بن أرطاة. عن عثمان بن عبد الله. أن المغيرة بن عبد الله قال : قال الحجاج صدقوا كل خضراء. فقال أبو بردة بن أبى موسى : صدق. فقال موسى بن طلحة لأبى بردة : هذا الآن يزعم أن أباه كان من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فأمره أن يأخذ الصدقة من التمر والبر والشعير والزبيب. وحدثني عمرو الناقد. قال : حدثنا وكيع عن عمرو بن عثمان. عن موسى بن طلحة بن عبيد الله. قال : قرأت كتاب معاذ بن جبل حين بعثه رسول الله صلى الله

٧٩

عليه وسلم إلى اليمن فكان فيه ، أن تؤخذ الصدقة من الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والذرة.

حدثنا على بن عبد الله المديني ، قال : حدثنا سفيان بن عبينة عن ابن أبى نجيح ، قال : سألت مجاهدا لم وضع عمر بن الخطاب رضى الله عنه على أهل الشام من الجزية أكثر مما وضع على أهل اليمن ، فقال لليسار. حدثنا الحسين بن على بن الأسود ، قال حدثنا وكيع عن سفيان عن ابراهيم بن ميسرة عن طاوس ، قال : لما أتى معاذ اليمن أتى بأوقاص البقر ، والعسل ، فقال لم أومر فى هذا بشيء.

وحدثنا الحسين بن الأسود ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن يحيى بن قيس المازني عن رجل عن أبيض ابن حمال أنه استقطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الملح الذي بما رب ، فقال رجل إنه كالماء العد ، فأبى أن يقطعه إياه. وحدثني القاسم بن سلام وغيره عن إسماعيل بن عياش عن عمرو بن يحيى بن قيس المازني عن أبيه عمن حدثه عن أبيض بن حمال بمثله. وحدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، قال حدثنا شعبة عن سماك عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقطعه أرضا بحضرموت. وحدثني على بن محمد بن عبد الله بن أبى سيف ، مولى قريش ، عن مسلمة ابن محارب ، قال : لما ولى محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف اليمن ، أساء السيرة ، وظلم الرعية ، وأخذ أراضى الناس بغير حقها ، فكان مما اغتصبه الحرجة ، قال : وضرب على أهل اليمن خراجا جعله وظيفة عليهم ، فلما ولى عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله يأمره بالغاء تلك الوظيفة والاقتصار على العشر ، وقال : والله لأن لا تأتينى من اليمين حفنة كتم أحب إلى من اقرار هذه الوظيفة ، فلما ولى يزيد بن عبد الملك أمر بردها.

٨٠