دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم - ج ١

دكتور محمد بيومي مهران

دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم - ج ١

المؤلف:

دكتور محمد بيومي مهران


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر
المطبعة: دار النهضة العربية
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٠

العظيم ، حين يسره للحفظ ، (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١) ، فكتب له الخلود ، وحماه من التحريف والتبديل ، وصانه من تطرق الضياع إلى شيء منه ، عن طريق حفظه في السطور ، وحفظه في الصدور (٢) مصداقا لقوله تعالى (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٣) ، وقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٤) ، وقوله تعالى (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) (٥).

ولعل من الأفضل هنا أن نشير إلى أن القرآن الكريم ، إنما كان مكتوبا كله عند الصحابة ، قد لا يكون الأمر كذلك عندهم جميعا ، أو عند واحد منهم بعينه ، ولكنه كذلك عند الجميع ، وأن ما ينقص الواحد منهم يكمله الآخر ، ومن ثم فقد تضافروا جميعا على نقله مكتوبا ، وإن تقاصر بعضهم عن كتابته كمل الآخر ، وكان الكمال النقلي جماعيا ، وليس أحاديا

على أن هناك بعض المؤرخين ـ وكذا بعض المستشرقين ـ إنما يذهبون إلى أن القرآن الكريم ، إنما بقي حتى انتقال الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إلى الرفيق الأعلى ، لم يجمع سورا ، ولم ينتظم كتابا ، فبقيت الآيات التي نزلت فرادى لم تضم إلى غيرها على الصورة التي نراها

__________________

(١) سورة القمر. آية ٣٢

(٢) أنظر : الدكتور محمد عبد الله دراز : النبأ العظيم ص ١٢ ـ ١٤

(٣) سورة فصلت : آية ٤١ ـ ٤٢

(٤) سورة الحجر : آية ٩

(٥) سورة القيامة : آية ١٧ ـ ١٩ ، وانظر : تفسير الطبري ١ / ٩٥ ـ ٩٧

(٦) محمد أبو زهرة : القرآن ص ٢٨

(٧) انظر : عبد المنعم ماجد : التاريخ السياسي للدولة العربية ١ / ٢٥٠ ـ ٢٥١

(٨) R.Blachere ,Introduction au Coran ,٩٥٩١ P.٢٢ وكذا.T.Noeldeke ,Geschichte des Quarans ,١٦٩١ ,P.٦١

٢١

اليوم ، فلما كان الجمع رتبت السور ونظمت في كتاب (١) ، بل إن بعضهم ليذهب إلى حد ان ينسب إلى زيد بن ثابت ، أنه قال : «قبض النبي ولم يكن القرآن جمع في شيء» (٢) .... إلى غير ذلك من ادعاءات لا يقصد بها وجه الله ، فضلا عن البحث العلمي لذاته.

والحق أن هؤلاء وأولئك قد جانبهم الصواب فيما ذهبوا إليه ، فالأمر الذي لا شك فيه أن الآيات إنما جمعت سورا على عهد رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وبتوقيفه ، لأسباب كثيرة ، منها (أولا) أن الإمام مالك ـ رضي‌الله‌عنه ـ كان يقول : «إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من رسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (٣)» ، ومنها (ثانيا) أن عبد الله بن مسعود يقول : «قرأت من فيّ رسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، بضعا وسبعين سورة ، وقرأت عليه من (سورة) البقرة إلى قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (٤) (أي إلى آخر الآية : ٢٢٢) ، ومنها (ثالثا) ما رواه البخاري ومسلم ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : «جمع القرآن على عهد النبي ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، أربعة كلهم من الأنصار (٥)».

ومنها (رابعا) أن زيد بن ثابت قد قرأ القرآن كله على رسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، ومنها (خامسا) ما تظاهرت عليه الروايات بأن الأئمة الأربعة قد جمعوا القرآن على عهد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأجل سبقهم

__________________

(١) محمد حسين هيكل : الصديق أبو بكر ص ٣٠٧

(٢) أنظر : Sir William Muir, The Life of Mohammad, Edinburgh, ٣٢٩١

(٣) تفسير القرطبي ١ / ٦٠ ، محمد أبو زهرة : القرآن ص ٤٨ ، قارن : مقدمتان في علوم القرآن ص ٤٩

(٤) نفس المرجع السابق ص ٣٠ ، تفسير القرطبي ١ / ٥٨

(٥) الزركشي : البرهان في علوم القرآن ١ / ٢٤١ ـ ٢٤٣

٢٢

للإسلام ، وإعظام الرسول ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، لهم (١) ، ومنها (سادسا) ما ورد عن رسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ـ من طريق عثمان رضي‌الله‌عنه ـ من أنه «كان (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، تنزل عليه السورة ذات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب ، فيقول : «ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» ، ومنها (سابعا) قول زيد بن ثابت : «كنا عند النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، نؤلف القرآن من الرقاع (٢) ، مما يدل على أن كتبة الوحي كانوا يتحرون أن تكون آيات كل سورة مجموعة مرتبة ، بعضها إلى بعض ، في مكان خاص ، حتى يسهل عليهم تنفيذ أمر النبي عند ما ينزل الوحي ، ليوضع في مكانه المحدد (٣).

ومنها (ثامنا) ما روي عن ابن عباس من أن النبي ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، كان أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ ، يعرض عليه النبي ـ (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) القرآن (٤) ، وفي حديث فاطمة الزهراء ـ رضي‌الله‌عنها وأرضاها ـ قالت : «أسر إلي النبي ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة ، وأنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا حضور أجلي» (٥).

ومنها (تاسعا) ما جاء في قصة إسلام عمر بن الخطاب ، من أن الرجل قد شكا له ما أحدثه الدين الجديد من فرقة بين أهل مكة ،

__________________

(١) محمد حسين هيكل : الصديق أبو بكر ص ٣٠٨ ـ ٣٠٩

(٢) الاتقان في علوم القرآن ١ / ٦٠ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٤١ ـ ٤٢

(٣) عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن. القاهرة ١٩٦٦ ص ٧٨ ـ ٧٩

(٤) نفس المرجع السابق ص ٥٢ ، صحيح البخاري ١ / ٢٨٧ (طبعة المطبعة البهية ١٢٩٩ ه‍).

(٥) ابن كثير : فضائل القرآن ص ٤٤ ، البرهان ١ / ٢٣٢ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٢٦ ، مدخل إلى القرآن الكريم ص ٣٦ ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام احمد بن تيمية ١٣ / ٣٩٥

٢٣

اضطرت كثيرين منهم إلى الهجرة إلى الحبشة ، فهداه تفكيره إلى أن الخلاص من هذه الأزمة الحادة ، إنما يكمن في «قتل محمد الذي فرق أمر قريش وعاب دينها» ، ومن ثم فقد خرج متوشحا سيفه ، فلقيه نعيم بن عبد الله ، وأخبره أن اخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد بن الخطاب ، قد أسلما وتابعا محمدا ، فما كان من عمر إلا أن أسرع إليهما ، وهناك سمع عندهما من يقرأ القرآن ، فبطش بهما حتى شج أخته ، غير أنه ما لبث غير قليل ، حتى ندم على ما أصابها ، وطلب منها أن تعطيه الصحيفة التي كانوا يقرءون فيها ـ وكان بها سورة طه ـ وقرأ ابن الخطاب ما بالصحيفة ، فأخذه إعجازها وجلالها وسمو الدعوة التي تدعو إليها ، فذهب إلى الرسول ـ (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وأسلم على يديه (١) ، وليس من شك في أن هذه الصحيفة لم تكن إلا واحدة من صحف كثيرة متداولة بين أيدي الذين أسلموا من أهل مكة ، سجلت سورا أخرى من القرآن الكريم ، ولقد ظل الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) بين المسلمين في مكة والمدينة ثلاث عشرة سنة بعد إسلام عمر ، كان يقول خلالها لأصحابه «لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن ، فمن كتب عني شيئا سوى القرآن فليمحه» ، وكان طبيعيا أن يكتب الصحابة كل ما يستطيعون كتابته من القرآن لتلاوته في الصلاة ، ولمعرفة أحكام الدين الذي يؤمنون به ، كما كان يكتب القرآن كذلك أولئك الذين كان يوفدهم النبي إلى القبائل لتعليم أهلها القرآن ، وتفقيههم في الدين ، وهم لم يكونوا يكتبونه آيات متقطعة ، بل سورا متصلة ، يمليها رسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (٢).

ومنها (عاشرا) أن ما كان يوحي إلى النبي متصلا بوحي سبق إليه

__________________

(١) ابن الاثير : الكامل في التاريخ ٢ / ٨٤ ـ ٨٧ ، ابن الجوزي : تاريخ عمر بن الخطاب ص ١١ ـ ١٢ ، محمد حسين هيكل : حياة محمد ص ١٧٣ ـ ١٧٤

(٢) محمد حسين هيكل : الصديق أبو بكر ص ٣٠٩ ـ ٣١٠

٢٤

كان الوحي يلحقه به ، ومن ذلك أن جبريل قال للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) حين أوحى إليه قوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) «يا محمد ضعها في رأس ثمانين ومائتين من البقرة (١)» ، ومنها (حادي عشر) إن ترتيب السور ووضع البسملة في الأوائل ، إنما هو توقيف من النبي ، عليه الصلاة والسلام ، حتى أنه عند ما لم يؤمر بذلك في أول سورة براءة ، تركت بلا بسملة ، والأمر كذلك بالنسبة إلى تقديم سورتي البقرة وآل عمران ، رغم نزول بضع وثمانين سورة قبلهما ، ذلك لأنه (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) كان يقول : «ضعوا هذه السورة موضع كذا وكذا من القرآن (٢)».

ومنها (ثاني عشر) أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، كثيرا ما كان يتلو في الصلاة ـ وفي غير الصلاة ـ سورة كاملة ، منها البقرة وآل عمران والنساء والاعراف والنجم والرحمن والقمر والجن وغيرها ، وهذا كله صريح في الدلالة على أن ترتيب الآيات في السور قد تمّ بتوقيف النبي ، وأنه قبض وهذا الجمع تام معروف للمسلمين ، ثابت في صدور القراء والحفاظ (٣) ، ومنها (ثالث عشر) ما نقله الرواة من أن رسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، قال لعبد الله بن عمرو بن العاص : اقرأ القرآن في كذا ليلة يدعوه إلى التيسير ، وهو يقول : إني اطيق أكثر من ذلك ، إلى أن قال له : اقرأ القرآن في ثلاث ليال (٤) ، ومنها (رابع عشر) أن هناك كثيرا من أحاديث الرسول ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، تتحدث عن فضائل سور معينة (٥).

__________________

(١) نفس المرجع السابق ص ٣١٠ ، تفسير القرطبي ١ / ٦٠ ـ ٦١ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٤١ ،

(٢) تفسير القرطبي ١ / ٥٩ ـ ٦٠ ، ٨ / ٦١

(٣) مقدمتان في علوم القرآن ص ٢٦ ـ ٢٧ ، ٢٩ ـ ٣١ ، الصديق ابو بكر ص ٣١١

(٤) انظر روايات أخرى للحديث الشريف (مقدمتان في علوم القرآن) ص ٢٧ ـ ٢٨

(٥) مقدمتان في علوم القرآن ص ٢٩ ـ ٣٠ ، ٦٤ ـ ٧٤ [مقدمة كتاب المباني ومقدمة ابن عطية ، وقد صححه ونشره الدكتور آرثر جفري ـ القاهرة ١٩٥٤ م]

٢٥

ومنها (خامس عشر) ما تدل عليه الأخبار المروية عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، في تسمية سورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فاتحة الكتاب ، فلو لا أنه (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، أمر اصحابه بأن يرتبوا هذا الترتيب عن أمر جبريل عليه‌السلام ، عن الله عزوجل ، لما كان لتسمية هذه السورة «فاتحة الكتاب» معنى ، إذ قد ثبت بالإجماع أن هذه السورة ليست بفاتحة سور القرآن نزولا ، فثبت أنها فاتحته نظما وترتيبا وتكلما ، (١) ، ومنها (سادس عشر) ما يروى عن ابن عباس أن النبي ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، لم يكن يعلم ختم السورة حتى نزل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، وهذا أيضا من أدل الدليل على أن ترتيب السور التي في أيدينا هو ما كان عليه في اللوح المحفوظ (٢) ، وأن السورة كانت تنزل في أمر يحدث ، والآية جوابا لسؤال ، ويوقف جبريل رسول الله على موضع السورة والآية ، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف ، فكله عن رسول الله ، عن رب العالمين ، فمن أخر سورة مقدمة أو قدم أخرى مؤخرة فهو كمن أفسد نظم الآيات ، وغير الحروف والكلمات (٣).

(٢) جمع القرآن في عهد أبي بكر

وجاء الصديق ـ رضي‌الله‌عنه وأرضاه ـ (١١ ـ ١٣ ه‍ ـ ٦٣٢ ـ ٦٣٤ م) ، وكانت حروب الردة التي أبلى المسلمون فيها بلاء حسنا ، وليس من شك في أن أشدها عنفا وضراوة ، تلك التي دارت رحى الحرب فيها بين المسلمين ـ بقيادة خالد بن الوليد من ناحية ، وبين المرتدين ـ بقيادة مسيلمة بن حبيب الكذاب ـ من ناحية أخرى ، في

__________________

(١) نفس المرجع السابق ص ٤١ ـ ٤٢

(٢) نفس المرجع السابق ص ٤١

(٣) تفسير القرطبي ١ / ٥٠ ـ ٥١ ، ٦١ (القاهرة ١٩٦٧)

٢٦

مكان من الصحراء في طرف اليمامة يسمى «عقرباء» (١) ، وانتهت بفرار مسيلمة وأتباعه ، إلا أن المسلمين تبعوه ، واشتبك الفريقان من جديد ، وقتل مسيلمة وعشرة آلاف من أتباعه ، كما استشهد كثير من وجوه المسلمين وقراء القرآن الكريم ـ قيل سبعون ، وقيل قريب من خمسمائة ، وقيل سبعمائة ـ وسمي المكان الذي دارت فيه المعركة «حديقة الموت» ، كما سمي يوم المعركة «بيوم اليمامة» (٢).

وبدأ عمر بن الخطاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ يحس بالخطر الداهم ، الذي لاحت نذره في معركة اليمامة ، ويوشك أن يلتهم كل حفاظ القرآن من الصحابة ـ رضي‌الله‌عنهم ـ وهم الشهود العدول على وثاقة النص المكتوب ، وقد كان مفرقا في لخاف وكرانيف وعسب. أضلاع وأكتاف ، إلى جانب ما كان في الصدور ، ولم يأخذ بعد صورة الكتاب الواحد ، اللهم إلا في صدور الصحابة الذين جمعوه حفظا في عهد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وقد بدأت الحرب تقرضهم واحدا إثر واحد (٣).

وهكذا ـ وكما يروي الإمام البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت (٤) ـ أن الفاروق عمر جاء إلى أبي بكر ، فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستمر القتل بالقراء في كل المواطن ،

__________________

(١) أنظر عن «عقرباء» : ياقوت ٤ / ١٣٥ ، البكري ٣ / ٩٥٠ ، كتاب الحربي ص ٦١٦ (حيث يضعها مكان بلدة الجبيلية الحالية على ضفة وادي حنيفة) ثم قارن : صحيح الأخبار ١ / ١٩٦ ، ٢ / ١٦٩ ، ٥ / ٩٣

(٢) ياقوت ٢ / ٢٣٢ ، ٤ / ٤٤٢ ، مروج الذهب ٢ / ٣٠٣ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٧٤ ـ ٧٦ من القسم الثاني ، صحيح الأخبار ١ / ١٩٦ ، ابن الاثير ٢ / ٣٦٠ ـ ٣٦٧ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٨١ ـ ٣٠١ ، الاتقان ١ / ٥٩ ، تفسير القرطبي ١ / ٥٠ ، فضل القرآن ص ١٥ ـ ١٧ ، الصديق ابو بكر ص ١٥٢ ـ ١٦٨

(٣) عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ١٠٢

(٤) صحيح البخاري ٢ / ١٩٦ (طبعة البهية)

٢٧

فيذهب من القرآن كثير ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن» ، ويتردد الصديق بعض الوقت ، خشية إن يفعل ما لم يفعله رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ثم ما يلبث أن يشرح الله صدره لهذا العمل الجليل ، فيأمر باستدعاء زيد بن ثابت ، حيث يكلفه بجمع القرآن ، ويتردد زيد ـ كما تردد الصديق من قبل ـ لأنه لا يريد كصحابي أن يقوم بعمل ما لم يقم به النبي أو يأمر به ، ولأنه كمؤمن يتحاشى مثل هذا العمل الخطير خشية أبسط الأخطاء وأتفهها في تنفيذ مهمته ، وأخيرا يشرح الله صدره لذلك ، ويتم الأمر بما كان محفوظا في صدور الرجال ، وبما كان يكتب بين يدي رسول الله ـ (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ويحفظ المصحف الشريف عند الصديق ، ثم عند الفاروق عمر (١٣ ـ ٢٣ ه‍ ـ ٦٣٤ ـ ٦٤٤ م) من بعده ، ثم عند أم المؤمنين «حفصة بنت عمر» ـ رضي‌الله‌عنهم أجمعين (١).

ولعل هدف الفاروق ـ رضي‌الله‌عنه وأرضاه ـ من هذه الطريقة لم يقتصر على حفظ المدون من التنزيل في مأمن من الأخطار ، وفي صورة يسهل الرجوع اليها ، وإنما كان يقصد ايضا إقرار الشكل النهائي لكتاب الله الكريم وتوثيقه عن طريق حفظته الباقين على قيد الحياة ، واعتماده من الصحابة الذين كان كل منهم يحفظ منه أجزاء كبيرة أو صغيرة (٢).

__________________

(١) الاتقان ١ / ٥٩ ـ ٦٠ ، ابن الاثير ٣ / ١١٢ ، تفسير الطبري ١ / ٥٩ ـ ٦٢ ، كتاب المصاحف ص ٥ ـ ١٠ ، ٢٠ ، فضائل القرآن ص ١٤ ـ ١٦ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ١٧ ـ ٢١ وكذا البرهان في علوم القرآن ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، ٢٣٩ ، تفسير القرطبي ١ / ٤٩ ـ ٥٠ ، محمد حسين هيكل : حياة محمد ص ٥٠ ـ ٥١ ، الصديق أبو بكر ص ٣٠٣ ـ ٣١٢ ، محمد أبو زهرة القرآن ص ٣٠ ـ ٣١ ، عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ٢٥١ ـ ٢٥٢ وكذاEI ,٤١ ,PP.١٦٢١ ـ ٢

(٢) محمد عبد الله دراز : مدخل الى القرآن الكريم ص ٣٦ ، وانظر : م. ج رستوفدوني : تاريخ القرآن والمصاحف ص ٢٦ ـ ٢٧ (مترجم).

٢٨

ولعل من الأهمية بمكان هنا الاشارة إلى أن الخليفة الراشد أبا بكر الصديق كان موفقا التوفيق كل التوفيق في مهمته الجليلة ـ والخطيرة كذلك ـ لثقة الناس فيه (١) ، ثم لاختياره للصحابي الجليل «زيد بن ثابت» ، ذلك الاختيار الذي توفرت له كل عوامل النجاح ، لأسباب منها (أولا) أن زيدا كان شابا ، ومن ثم فهو أقدر على العمل من غيره ، وهو لشابه أقل تعصبا لرأيه واعتزازه بعلمه ، وذلك يدعوه إلى الاستماع لكبار الصحابة من القراء والحفاظ ، والتدقيق في الجمع دون إيثار لما حفظه هو ، ومنها (ثانيا) أن زيدا إنما كان من حفاظ القرآن الكريم ، فقد وعاه كله ، ورسول الله حي ، ثم هو (ثالثا) من كتاب الوحي لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وهو فوق ذلك ، كان معروفا بشدة ورعه ، وعظم أمانته ، وكمال خلقه ، واستقامة دينه ، فضلا عن نبوغ وذكاء ، ولعل كل ذلك ، ما كان يعنيه الصديق من قوله : «إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك ، كنت تكتب الوحي لرسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، فتتبع القرآن فأجمعه» (٢) ، ومنها (رابعا) أنه من المتواتر أن زيدا إنما حضر العرضة الاخيرة للقرآن ، حين عرضه رسول الله على جبريل للمرة الثانية ، في السنة التي كانت فيها وفاته ، (٣) ، ومنها (خامسا) أن زيد بن ثابت ـ وإن كان في حداثة من السن في جانب أكابر الصحابة ـ فقد كان من أكابرهم في الفقه والرأي ، وكانت الرئاسة له بالمدينة في القضاء والفتيا ،

__________________

(١) T.Noeldeke ,po - cit ,P.٥٠٢

(٢) الاتقان ١ / ٥٩ البرهان ص ٢٣٣ ، تفسير القرطبي ١ / ٥٠ ، فضائل القرآن ص ١٤ ، تاريخ القرآن للزنجاني ص ١٧ ، مقدمتان في علوم القرآن ١٨ ، ٢٥ ، ٢٦ ، ٥١ ، ٥٢ ، وأنظر لوبلوا حيث يقول ـ بعد أن أورد هذه الرواية ـ «من ذا الذي لم يتمن لو أن أحدا من تلاميذ عيسى الذين عاصروه قام بتدوين تعاليمه بعد وفاته مباشرة» ـ (Leblois, le Koran et la Bible Hebraique, Paris, ٧٨٨١, P. ٧٤)

(٣) تفسير القرطبي ١ / ٥٣ ، محمد أبو زهرة : القرآن ص ٢٨ ، عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ١٠٧ ، محمد حسين هيكل : الصديق أبو بكر ص ٣٢١

٢٩

والقراءة والفرائض في عهد عمر وعثمان وعلي (١).

وبدهي أن عملية جمع القرآن لم يقم بها زيد بن ثابت وحده ، وإنما عاونه فيها الحفظة الكرام من صحابة النبي الاعلام ، وأن زيدا سلك في سبيل الجمع الخطة المثلى ، فما كان ليعتمد على حفظه ـ وإنه لحافظ ـ ولا على حفظ من استعان بهم ـ وانهم لحفاظ أمناء ـ ولكنه كان لا بد أن يعتمد على أمر مادي ، يرى بالحس ولا يحفظ بالقلب وحده ، فكان لا بد أن يرى ما حفظه مكتوبا في عصر النبي ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وأن يشهد شاهدان بأنهما هكذا رأوا ذلك المكتوب في عصر النبي ، وبإملائه عليه الصلاة والسلام ، وقد تتبع القرآن بذلك آية آية ، لا يكتب إلا ما رآه مكتوبا عن النبي ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، في عهده ، ويشهد شاهدان أنهما رأيا ذلك المكتوب في عهد النبي ونقلاه ، أو يرى ذلك المكتوب عند اثنين ، فهو شهادة كاملة منهما (٢) ، ويروي ابن أبي داود ـ من طريق هشام بن عروة عن أبيه ـ أن أبا بكر قال لعمر وزيد : «أقعدا على باب المسجد ، فمن جاء كما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه» (٣).

وهكذا يمكننا القول أن زيدا اتبع طريقة في الجمع نستطيع أن نقول عنها في غير تردد ، أنها طريقة فذة في تاريخ الصناعة العقلية الإنسانية ، وأنها طريقة التحقيق العلمي المألوف في العصر الحديث ، وأن الصحابي الجليل قد اتبع هذه الطريقة بدقة دونها كل دقة ، وأن هذه الدقة في جمع القرآن ، متصلة بايمان زيد بالله ، فالقرآن كلام الله جل شأنه ، فكل تهاون في أمره أو إغفال للدقة في جمعه وزر ما كان أحرص زيدا ـ في حسن إسلامه وجميل صحبته لرسول الله ـ أن يتنزه عنه ، ولقد شهد المنصفون من

__________________

(١) احمد أمين : فجر الاسلام ص ١٧٥ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٥٠ ـ ٥١

(٢) محمد أبو زهرة : القرآن ص ٣١ ـ ٣٢ ، الاتقان في علوم القرآن ١ / ٦٠

(٣) عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ١٠٦ ، الاتقان ١ / ٦٠

٣٠

المستشرقين جميعا بهذه الدقة ، حتى ليقول «سير وليم موير» ، «والأرجح أن العالم كله ليس فيه كتاب غير القرآن ظل أربعة عشر قرنا كاملا بنص هذا مبلغ صفائه ودقته» (١).

ويعلق الاستاذ أبو زهرة على هذا العمل الجليل الذي اشترك فيه الشيخان ـ أبو بكر وعمر ـ وحمل عبأه زيد بن ثابت ، مع جمع من المهاجرين والأنصار ، بحقيقتين هامتين ، تدلان على إجماع الأمة كلها على حماية القرآن الكريم من التحريف والتغيير والتبديل ، وأنه مصون بصيانة الله سبحانه وتعالى له ، ومحفوظ بحفظه ، وإلهام المؤمنين بالقيام عليه وحياطته ، أما أولى الحقيقتين ، فهي أن عمل زيد هذا لم يكن كتابة مبتدأة ، ولكنه إعادة لمكتوب ، فقد كتب القرآن كله في عهد النبي ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وعمل زيد الابتدائي هو البحث عما كتب عليه والتأكد من سلامته ، بشهادة اثنين على الرقعة التي توجد فيها الآية أو الآيتان أو الآيات ، وبحفظ زيد نفسه ، وبالحافظين من الصحابة ـ وقد كانوا الجم الغفير والعدد الكبير ـ فما كان لأحد أن يقول إن زيدا كتب من غير أصل مادي قائم ، بل إنه أخذ من أصل قائم ثابت مادي ، وأما الحقيقة الثانية ، فهي أن عمل زيد لم يكن عملا آحاديا ، بل كان عملا جماعيا من مشيخة صحابة رسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، فقد طلب أبو بكر إلى كل من عنده من القرآن شيء مكتوب أن يجيء به إلى زيد ، وإلى كل من يحفظ القرآن أن يدلي إليه بما يحفظه ، واجتمع لزيد من الرقاع والعظام وجريد النخل ورقيق الحجارة ، وكل ما كتب أصحاب رسول الله ، وعند ذلك بدأ زيد يرتبه ويوازنه ويستشهد عليه ، ولا يثبت آية إلا إذا اطمأن إلى اثباتها ، كما أوحيت إلى رسول الله ، واستمر الأمر كذلك ، حتى إذا ما أتمّ زيد ما

__________________

(١) محمد حسين هيكل : المرجع السابق ص ٣٢٣ ، وكذاSir William Muir, The Life of Mohammad and History of Islam, Edinburgh, ٣٢٩١

٣١

كتب ، تذاكره الناس ، وتعرفوه وأقروه ، فكان المكتوب متواترا بالكتابة ، ومتواترا بالحفظ في الصدور ، وما تمّ هذا لكتاب في الوجود غير القرآن ، وتلك ـ ويم الله ـ عناية من الرحمن خاصة بهذا القرآن العظيم (١).

(٣) مصحف عثمان

وتمر الأيام ، وتمضي السنون ، وفي عهد ذي النورين ـ عثمان بن عفان ، رضي‌الله‌عنه وأرضاه ـ (٢٤ ـ ٣٥ ه‍ ـ ٦٤٤ ـ ٦٥٦ م) تتسع الفتوحات الإسلامية ، ويتفرق المسلمون في الأقطار والأمصار ، ويشرح الله صدر الخليفة الراشد إلى جمع القرآن الكريم في مصحف واحد ، وذلك في العام الرابع والعشرين (أو أوائل الخامس والعشرين) من هجرة المصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ثم كتب منه سبعة مصاحف (٢) ، وبعث منها إلى كل من مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة ، وحبس بالمدينة واحدا (٣) ، ويبدو أن عبد الله بن مسعود ، قد خالطه شيء من غضب ـ كما سنوضح ذلك فيما بعد ـ ومن ثم فقد أمر أصحابه بغل مصاحفهم ، لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام ، غير أن الصحابي الجليل سرعان ما عاد إلى رأي جماعة المسلمين ، ويروى أن الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ قال : «لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا» ، وهكذا يتفق الأئمة الأربعة (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) ، على أن ذلك العمل العظيم ، إنما كان من

__________________

(١) محمد أبو زهرة : القرآن ص ٣٣ ـ ٣٥ ، الصديق أبو بكر ص ٣٢٢ ـ ٣٢٣

(٢) اختلف العلماء في عدد هذه المصاحف ، فمن قائل أنظر أربعة ، وأن الخليفة بعث بها إلى الكوفة والبصرة والشام ، وترك واحدا بالمدينة ، ومن قائل خمسة ، ومن قائل أنها سبعة (الاتقان ١ / ٦٢ ، البرهان ٢ / ٢٤٠ وكذاT.Noeldeke ,op - cit ,P.٤٣٢)

(٣) كتاب المصاحف ص ٣٤

٣٢

مصلحة الدين (١)

ويرى العلماء أن الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان ، أن الأول كان عبارة عن جمع القرآن وكتابته في مصحف واحد مرتب الآيات على ما وقفهم عليه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) خشية أن يذهب من القرآن شيء ، بسبب موت كثير من الحفاظ بعد موقعة اليمامة ، وأن الثاني كان عبارة عن نسخ عدة نسخ من المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر لترسل إلى البلاد الإسلامية ، وأن السبب في ذلك ، إنما هو إختلاف بعض القراء في قراءة آيات من القرآن الكريم ، ذلك أن «حذيفة بن اليمان» ـ فيما يروي الإمام البخاري في باب فضل القرآن ، عن أنس بن مالك ـ قدم علي على عثمان بن عفان ، بعد غزوة في أذربيجان وأرمينية ، رأى فيها القوم من أهل العراق والشام مختلفين على قراءة القرآن ، فأخبره بالذي رأى ، وطلب منه أن يدرك الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن إختلاف اليهود والنصارى في الكتب ، ومن ثم فإن الخليفة سرعان ما يرسل في طلب المصحف الذي عند حفصة ، ويأمر زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن هشام ، أن ينسخوها في المصاحف ، وقال لهم : «إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن ، فاكتبوها بلسان قريش ، فإن القرآن أنزل بلسانهم» ، ففعلوا ذلك حتى كتبت في المصاحف (٢) ، ويروى أن هناك خلافا قد حدث على كتابة كلمة

__________________

(١) فضائل القرآن ص ١٨ ـ ١٩ البرهان ١ / ٢٣٠ ، تفسير القرطبي ١ / ٥٢ ـ ٥٥ ، فتاوى ابن تيمية ٤ / ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ، محمد أبو زهرة : القرآن ص ٤٤ ـ ٤٦ ، وكذاSchwally, Geschichte des Qurans, ٨٣٩١. ٢, P. ٢٩

(٢) الإتقان ١ / ٦٠ ـ ٦٣ ، فتاوى ابن تيمية ١٥ / ٢٥١ ـ ٢٥٢ ، تفسير القرطبي ١ / ٦٠ ـ ٦٢ ، السجستاني ص ١٨ ـ ٢٦ صحيح البخاري ٦ / ٩٨ ، فضائل القرآن ص ١٩ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٥١ ـ ٥٢ ، فتاوى ابن تيمية ١٣ / ٣٩٦ ، قارن ١٣ / ٤٠٩ ـ ٤١٠ ، وكذاR.Blachere ,op - cit ,P.٣٥ وكذاEI ,P.٨٧٠١ وكذا عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ٢٥٠ ـ ٢٥٢

٣٣

«التابوت» التي جاءت في قوله تعالى : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) (١) ، أيكتبونه بالتاء أو الهاء ، فقال زيد : إنما هو «التابوة» ، وقال الثلاثة القرشيون : إنما هو «التابوت» ، فتراجعوا إلى عثمان ، فقال : اكتبوه بلغة قريش ، فإن القرآن نزل بلغتهم» (٢).

والقضية التي ينبغي أن نناقشها الآن ـ فيما يرى الدكتور عبد الصبور شاهين ـ هي أهمية عمل عثمان من الناحية القرائية ، فإذا كان عمل عثمان مقتصرا على نسخ مصاحف عدة من المصحف الذي كتبه زيد في عهد أبي بكر ، فأية قيمة يمكن أن تكون لهذا العمل؟ وقد يزداد الأمر أهمية ، إذا ما علمنا أن مصحف أبي بكر كان مكتوبا ـ كما هو المنطق ـ على حرف واحد ، والأمر كذلك بالنسبة إلى كتاب الوحي على عهد رسول الله ، وإذا كان زيد بن ثابت ـ طبقا لما ورد في الأحاديث الصحيحة ـ من أكثر كتاب الوحي ملازمة لرسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ثم هو قد قام بكتابته على عهد أبي بكر ، وعلى عهد عثمان ، فان ذلك يدلنا على أن منهج الكتابة كان واحدا في المراحل الثلاثة تقريبا ، إلا ما ارتآه عثمان من تجريد رسمه من الإعجام حتى يتسع الرسم لكثير من الوجوه التي صح نقلها عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، أي إضفاء صفة الشرعية على القراءات المختلفة التي كانت تدخل في إطار النص المدون ، ولها أصل نبوي مجمع عليه ، ثم إن هدفا آخر قد تحقق بعمل عثمان ، هو التقريب اللغوي ما بين وجوه القراءة المتلوة آنذاك في الأمصار المختلفة ، والقضاء على الخلاف الذي كاد أن يعصف

__________________

(١) سورة البقرة : آية ٢٤٨ وانظر : وتفسير الطبري ٥ / ٣١٥ ـ ٣٢٨ ، تفسير الكشاف ١ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤ (دار الكاتب العربي ـ بيروت) ، تفسير ابن كثير ١ / ٤٤٥ ـ ٤٤٦ ، تفسير وجدي ص ٥١

(٢) تفسير القرطبي ١ / ٥٤ ، فضائل القرآن ص ٢٠ ، البرهان ١ / ٣٧٦ ، الاتقان ١ / ٩٨ ، مدخل الى القرآن الكريم ص ٣٨ ـ ٣٩ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ١٩ ، محمد أبو زهرة ص ٣٩

٣٤

بوحدة الجماعة ، أي أن عمل عثمان كان من مقاصده أساسا نشر النص القرآني بلسان قريش ، وإرساء هذا التقليد اللغوي الذي سبقته مقدمات كثيرة في عهد أبي بكر وعمر ، رضي‌الله‌عنهما ، ذلك لأن الخليفة الراشد إنما كان يعتبر التمارى في القرآن نوعا من الكفر (١).

ومن ثم فليس صحيحا ما ذهب إليه البعض من أنه قد يكون هناك غرض سياسي بقصد التقليل من نفوذ القراء الذي تزايد بسبب أنهم وحدهم الذين يعرفون مضمون القرآن ، بأن يوجد له نصا مقروءا (٢) ، فما كان للسياسة دخل عند صحابة رسول الله في شئون القرآن الكريم.

وعلى أي حال ، فلقد ساعد عثمان على تحقيق أهدافه من جمعه للقرآن ، أنه قد أمر بإحراق كل ما عدا مصحفه من صحف أو مصاحف كان قيّدها الصحابة والآخذون عنهم ، وقد انصاع الناس لأمره في سائر الأمصار ، فيما عدا ما روي عن عبد الله بن مسعود من أنه عارض ذلك ، وأمر الناس في الكوفة بالتمسك بمصحفه ـ كما أشرنا آنفا ـ لشبهة اعترته ، هي ظنه أن زيدا قد انفرد بالعمل ، وقد كان هو أولى من يقوم به ، فلما علم بعد ذلك أن موقفه قائم على شبهة لا أكثر ، وأن المصحف الذي أرسله عثمان هو نسخة من جمع أبي بكر ، الذي أخذ عن صدور الرجال ، وعن العسب واللخاف ، التي كتبت على عهد رسول الله وبإملائه ، وإن زيدا لم ينفرد بالعمل ، بل شاركه فيه جمع كبير من الصحابة ، وأجمع عليه المسلمون جميعا ، وافق اقتناعا أولا ، وحفاظا على وحدة الأمة ثانيا ، وبذلك تمت موافقة الأمة كلها على مصحف عثمان ، حتى قال مصعب بن

__________________

(١) عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ١١٦ ـ ١١٧ ، البرهان ١ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، البخاري ٣ / ١٩٦ ـ ١٩٧

(٢) عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ٢٥٢ ، قارن R.Blachere ,oc - cit PP.٦٥ ـ ٠٦

٣٥

سعد : «أدركت الناس متوافرين حين أحرق عثمان المصاحف ، فأعجبهم ذلك ، وقال : لم ينكر ذلك منهم أحد» ، وقال الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ لرجل كوفي عاب عثمان بجمع الناس على المصحف ، «اسكت ، فمن ملأ منا فعل ذلك ، فلو وليت منه ما وليّ عثمان لسلكت سبيله» (١).

ويقرر «نولدكه» أن ذلك كله يعد أقوى دليل على أن النص القرآني على أحسن صورة من الكمال والمطابقة (٢) ، كما يؤكد «لوبلوا» أن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير (٣) ، وكان «سيروليم موير» قد أعلن من قبل : أن المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد ليد حتى وصل إلينا بدون أي تحريف ، ولقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر ، بل نستطيع أن نقول إنه لم يطرأ عليه أي تغيير على الإطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الإسلامية الواسعة ، فلم يوجد إلا قرآن واحد لجميع الفرق الإسلامية المتنازعة ، وهذا الاستعمال الإجماعي لنفس النص المقبول من الجميع حتى اليوم يعد أكبر حجة ودليل على صحة النص المنزل الموجود معنا (٤).

وهكذا يبدو واضحا ـ من كل ما سبق ـ أنه ليس صحيحا ما يزعمه البعض من أن جمع القرآن قد تأخر إلى عهد الخليفة عثمان بن عفان (٥) ،

__________________

(١) عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ١١٧ ، كتاب المصاحف ص ١٣ ـ ١٨ ، فضائل القرآن ص ٢٢ ـ ٢٣ ، تفسير القرطبي ١ / ٥٢ ـ ٥٤ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٤٥ ـ ٤٦ ، ابن الاثير ٣ / ١١١ ـ ١١٢ ، محمد أبو زهرة : القرآن ص ٤٤ ، مدخل الى القرآن الكريم ص ٤٩ ـ ٥٠

(٢) T.Noeldeke ,op - cit ,P.٣٩

(٣) مدخل إلى القرآن الكريم ص ٤٠ وكذا ، Leblois op - cit ,

(٤) محمد عبد الله دراز : المرجع السابق ص ٤٠ ، وكذا B. St. Hilaire, Mahomet W. Muir, The Life of Mohammad وكذاet le Koran ,P.٣٣

(٥) عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ١٨ ، وكذاA.Guiltaume ,Islam.P.P.٥٥ ـ ٩٥

٣٦

ذلك لأن القرآن الكريم كان كله مسجلا في صحف ـ وإن كانت مفرقة ـ وفي صدور الصحابة ، قبل أن ينتقل الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) إلى الرفيق الأعلى ، وأنه قد جمع في مصحف واحد على أيام الصديق ، وأن هذا المصحف قد أودع عنده ، ثم عند الفاروق من بعده ، ثم عند حفصة أم المؤمنين (١) ، وفي عهد عثمان ـ رضي‌الله‌عنهم أجمعين ـ نسخت منه عدة نسخ أرسلت إلى الآفاق الإسلامية ، بمشورة من حضره من صحابة رسول الله ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، وأن الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ قد ارتضى هذا العمل الجليل وحمد أثره (٢) ، ومعنى هذا ببساطة أن المصحف الذي كتب على أيام أبي بكر ـ هو نفس المصحف الذي كتب على أيام الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وهو نفسه الذي كتب على أيام عثمان (٣) ، وبالتالي فإن كل قراءة قرآنية يجب أن تكون متفقة مع نصه ، وأن الشك فيه كفر ، وأن الزيادة عليه لا تجوز ، وأنه القرآن المتواتر الخالد إلى يوم القيامة (٤).

__________________

(١) فضائل القرآن ص ١٥ ، كتاب المصاحف ص ٥ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٢٣ ، البرهان ١ / ٥٩

(٢) هناك رواية تنسب فضل السبق في جمع القرآن إلى الإمام علي كرم الله وجهه ، إذ يروي أشعث عن ابن سيرين أنه لما توفي الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، أقسم على ألا يرتدي برداء إلا لجمعة ، حتى يجمع القرآن في مصحف ، ففعل ، فأرسل أبو بكر إليه بعد أيام : أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ قال : لا والله ، إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة ، فبايعه ثم رجع ، ويقول السجستاني : أن أحدا لم يذكر كلمة مصحف إلا أشعث ، وهو لين الحديث ، وإنما رووا حتى أجمع القرآن ، يعني أتم حفظه ، فإنه يقال للذي يحفظ القرآن ، قد جمع القرآن (انظر : كتاب المصاحف ص ١٠ ، الاتقان ١ / ٥٩ ، تاريخ القرآن ص ١٠٤ ـ ١٠٥) والأمر كذلك بالنسبة الى جمع عمر بن الخطاب (كتاب المصاحف ص ١٠ ـ ١١) إلا إذا كان المراد أول من أشار بجمعه (الاتقان ١ / ٥٨)

(٣) للمقارنة بين تدوين القرآن الكريم وغيره من الكتب المقدسة ، أنظر عن التوراة (كتابنا إسرائيل ص ٢٤ ـ ٤٥) وعن الانجيل (المدخل الى الكتاب المقدس ، احمد شلبي : المسيحية ص ١٥٣ ـ ١٦٠)

(٤) محمد أبو زهرة : القرآن ص ٤٣ ، تفسير القرطبي ١ / ٨٠ ـ ٨٦ ، فتاوى ابن تيمية ١٣ / ٤٢٠ ـ ٤٢١ ، محمد حسين هيكل : حياة محمد ص ٥١ ـ ٥٥ ، وكذاW.Muir ,op - cit ,P.XIV - XIXX

٣٧

(٤) القرآن كمصدر تاريخي

القرآن الكريم كمصدر تاريخي لا ريب أنه أصدق المصادر وأصحها على الاطلاق ، فهو موثوق السند ـ كما بينّا آنفا ـ ثم هو قبل ذلك وبعده كتاب الله الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (١) ، ومن ثم فلا سبيل إلى الشك في صحة نصه (٢) بحال من الأحوال ، لأنه ذو وثاقة تاريخية لا تقبل الجدل ، فقد دون في البداية بإملاء الرسول ، (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، وتلي فيما بعد وحمل تصديقه النهائي قبل وفاته (٣) ، ولأن القصص القرآني إنما هو أنباء وأحداث تاريخية ، لم تلتبس بشيء من الخيال ، ولم يدخل عليها شيء غير الواقع (٤) ، وأنه كما يقول سبحانه وتعالى (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) (٥) ، ثم أن الله عزوجل قد تعهد ـ كما أشرنا من قبل ـ بحفظه دون تحريف أو تبديل.

ويرى الدكتور دراز أن تسمية القرآن الكريم ، بالقرآن وبالكتاب ، إنما تعني الأولى كونه متلوا بالألسن ، بينما تعني الثانية كونه مدونا بالأقلام ، وأن في تسمية القرآن الكريم بهذين الاسمين ، إشارة إلى أن الله سوف يحفظه في موضعين ، لا في موضع واحد ، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا ، أن تضل إحداهما فتذكر الأخرى ، فلا ثقة لنا لحفظ حافظ ، حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب ، المنقول إلينا جيلا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة ، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح

__________________

(١) سورة فصلت : آية ٤٢

(٢) طه حسين : في الأدب الجاهلي ـ القاهرة ١٩٣٣ ص ٦٨

(٣) محمد عبد الله دراز : المرجع السابق ص ٤٩

(٤) عبد الكريم الخطيب : القصص القرآني ، القاهرة ١٩٦٤ ص ٥٢

(٥) سورة الإسراء : آية ١٠٥

٣٨

المتواتر (١).

وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيها ، بقي القرآن محفوظا في حرز حريز ، إنجازا لوعد الله الذي تكفل بحفظه ، حيث يقول (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٢) ، ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند ، حيث لم يتكفل الله بحفظها ، بل وكلها إلى حفظ الناس ، فقال تعالى : (وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ) (٣) ، أي بما طلب إليهم حفظه ، والسر في هذه التفرقة أن سائر الكتب السماوية جيء بها على التوقيت لا التأييد ، وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليها ، فكان جامعا لما فيها من الحقائق الثابتة ، زائدا عليها بما شاء الله زيادته ، وكان سادا مسدها ولم يكن شيء فيها يسد مسده ، فقضى الله أن يبقى حجة إلى قيام الساعة ، وإذا قضى الله أمرا يسر له أسبابه ، وهو الحكيم العليم (٤).

غير أني أودّ أن أنبه ـ بعد أن أستغفر ربي العظيم كثيرا ـ إلى أن القرآن الكريم لم ينزّل كتابا في التاريخ ، يتحدث عن أخبار الأمم ، كما يتحدث عنها المؤرخون ، وإنما هو كتاب هداية وإرشاد للتي هي أقوم (٥) ، أنزله الله ، سبحانه وتعالى ـ ليكون دستورا للمسلمين ، ومنهاجا يسيرون

__________________

(١) محمد عبد الله دراز : النبأ العظيم ، ونظرات جديدة في القرآن من ١٢ ، ١٣

(٢) سورة الحجر : آية ٩

(٣) سورة المائدة : آية ٤٤

(٤) محمد عبد الله دراز : النبأ العظيم ص ١٣ ، ١٤

(٥) سورة الإسراء : آية ٩

٣٩

عليه في حياتهم ، يدعوهم إلى التوحيد (١) وإلى تهذيب النفوس ، وإلى وضع مبادئ للأخلاق (٢) ، وميزان للعدالة في الحكم (٣) ، واستنباط لبعض الأحكام (٤) ، فإذا ما عرض لحادثة تاريخية ، فإنما للعبرة والعظة (٥).

وفي الواقع إن في القرآن الكريم لقصصا شتى من غير قصص الدعوة ، أو قصص الجهاد في تبليغ الرسالة ، ولكنها تراد كذلك لعبرتها ، ولا تراد لأخبارها التاريخية ، ومنها قصة يوسف ، وقصة إسماعيل عليهما‌السلام ، فقصة يوسف قصة إنسان قد تمرس منذ طفولته بآفات الطبائع البشرية ، من حسد الأخوة ، إلى غواية المرأة ، إلى ظلم السجن ، إلى تكاليف الولاية وتدبير المصالح في إبان الشدة والمجاعة ، وقصة إسماعيل تتخللها هذه التجارب الإنسانية من عهد الطفولة كذلك ، فيصاب بالغربة المنقطعة عن العشيرة وعن الزاد والماء ، وإن كان الأخطر من ذلك كله أن تكتب عليه التجارب الإنسانية ضريبة الفداء ، وهي في مفترق الطرق بين الهمجية التي كانت ـ في معظم مجتمعات الشرق القديم ـ لا تتورع عن الذبائح البشرية ، وبين الإنسانية المهذبة التي لا تأبى الفداء بالحياة ، ولكنها تتورع عن ذبح الإنسان ، ثم يكتب لهذا الغلام الوحيد بواد غير ذي زرع عند البيت المحرم ، أن تنتمي إليه أمة ذات شعوب وقبائل تتحول على يديها تواريخ العالم على مدى الأيام (٦).

__________________

(١) انظر مثلا في قصة نوح (سورة نوح آية ٢ ـ ٢٠) وفي قصة يوسف (يوسف : آية ٣٧ ـ ٤٠) وفي قصة عيسى (النساء : آية ١٧١ ـ ١٧٢ ، آل عمران : آية ٥٩ ، المائدة : آية ٧١ ، ٧٦)

(٢) أنظر مثلا (البقرة : آية ٤٤ ، الاعراف : آية ٨٥ ـ ٨٧ ، هود : آية ٨٤ ـ ٨٨)

(٣) أنظر مثلا في قصة داود (ص : آية ٢١ ـ ٢٦)

(٤) أنظر مثلا في قصة هابيل وقابيل (المائدة : آية ٢٧ ـ ٣٢ ، ٤٢ ـ ٥٠ ، البقرة : آية ١٧٨ ـ ١٧٩)

(٥) راجع عن أهداف القرآن ومقاصده : تفسير المنار ١ / ٢٠٦ ـ ٢٩٣

(٦) عباس العقاد : الإسلام دعوة عالمية ص ٢١٨ ـ ٢١٩

٤٠