دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم - ج ١

دكتور محمد بيومي مهران

دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم - ج ١

المؤلف:

دكتور محمد بيومي مهران


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر
المطبعة: دار النهضة العربية
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٠

صحة بعض ما ورد في المصادر الإسلامية عن هذه «القبائل البائدة» (١).

أما العرب الباقية ، فلعلنا نعني بهم تلك الجماعات التي كانت تعيش في تلك المنطقة ، وما زالت تعيش حتى الآن ـ وسوف تظل تعيش إن شاء الله إلى أن يغيّر الله هذه الأرض غير الأرض ـ وأن حضارتها مستمرة يتوارثها جيل عن جيل ، وأن كل جيل يضيف إليها ، ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، ومن ثم فإن مهمتنا أن نقوم بدراسة حضارة تلك الجماعات متتبعين دورها في كل طور من أطوار التاريخ.

(٢) قصة عاد في القرآن الكريم

لقد انفرد القرآن الكريم بذكر عاد ، ونبيهم هود عليه‌السلام ،

__________________

(١) يكاد يتفق الرواة وأهل الأخبار على تقسيم العرب من حيث القدم على طبقات : عرب بائدة وعاربة ومستعربة ، أو : عرب عاربة ومتعربة ومستعربة ، على أن هناك من يجعلهم طبقتين فقط : بائدة ، وهم الذين كانوا عربا صرحاء خلصا ذوي نسب عربي خالص ـ نظريا على الأقل ـ ويتكونون من قبائل طسم وجديس وأميم وعبيل وجرهم والعماليق وحضوراء ومدين وغيرهم ، وعرب باقية : ويسمون أيضا متعربة ومستعربة ، وهم ليسوا عربا خلصا ، ويتكون من بني يعرب بن قحطان ، وبني معد بن عدنان. وهناك تقسيم ثالث يعتمد في الدرجة الأولى على النسب ، فهم قحطانية في اليمن ، وعدنانية في الحجاز ، وأما ابن خلدون ، فهو يقسم العرب ، طبقا للتسلسل التاريخي ، إلى طبقات أربع ، فهم عرب عاربة قد بادت ، ثم مستعربة ، وهم القحطانيون ، ثم العرب التابعة لهم من عدنان والأوس والخزرج ، ثم الغساسنة والمناذرة ، وأخيرا العرب المستعجمة ، وهم الذين دخلوا في نفوذ الدولة الإسلامية (أبو الفداء ١ / ٩٩ ، جواد علي ١ / ٢٩٤ ، صاعد الأندلسي : طبقات الأمم ص ٤١ ، عمر فروخ : تاريخ الجاهلية ص ٤٤ ، طه حسين : من الأدب الجاهلي ص ٧٩ ، عبد العزيز سالم : المرجع السابق ص ٨٣ ، مقدمة ابن خلدون ص ٢٨ ، قارن : تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٦ ـ ١٨ ، نهاية الأرب ١ / ٩ ـ ١١ (حيث يقسم العرب الى عرب عاربة ومستعربة وتابعة ومستعجمة) ، ثم انظر : عبد الرحمن الأنصاري : المرجع السابق ص ٨٨ ، جواد علي ١ / ٣٠٦.

٢٤١

فجاء ذكرهم في سور كثيرة من القرآن الكريم (١) ، بل إن هناك سورة كاملة تسمى سورة هود ، كما أن هناك في القرآن الكريم (٢) ما يشير إلى أن هناك عادا الأولى ، وعادا الثانية (٣) وأن عادا الأولى ، إنما هم «عاد إرم» الذين كانوا يسكنون الخيام (٤) ، وأن عادا الثانية إنما هم سكان اليمن من قحطان وسبأ وتلك الفروع ، وربما كانوا هم قوم ثمود ، فيما يرى الأستاذ النجار (٥) ، الأمر الذي ما يزال موضع شك كبير.

وتدل الآيات الكريمة التي وردت عن هؤلاء القوم ـ وعن نبيهم الكريم ـ على أنهم قد استكبروا في الأرض بغير الحق ، واغتروا بقوتهم ، ربما لأنهم كانوا أشداء أقوياء ، ولأن الله ـ جل وعلا ـ قد زادهم بسطة في الجسم ، وربما لأنهم كانوا قد بلغوا شأوا من الحضارة لم يبلغه قوم آخرون من معاصريهم في المنطقة التي كانوا فيها يسكنون ، وعلى أي حال ، فان أمرهم قد انتهى إلى عبادة الأوثان ، وترك عبادة الله الواحد القهار ، ومن ثم فقد أرسل الله إليهم من ينهاهم عن عبادة هذه الأوثان ولينذرهم بعذاب يوم عظيم ، «لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» (٦).

__________________

(١) أنظر : الأعراف (٦٥ ـ ٧٢) وهود (٥٠ ـ ٦٠) والمؤمنون (٣١ ـ ٤٢) والشعراء (١٢٣ ـ ١٤٠) وفصلت (١٥ ـ ١٦) والأحقاف (٢١ ـ ٢٦) والقمر (١٨ ـ ٢١) والحاقة (٢١ ـ ٢٦) والفجر (٦ ـ ٨) ، وقد جاء ذكر عاد كذلك في التوبة (٧٠) وإبراهيم (٩) والفرقان (٣٨) والعنكبوت (٣٨) وص (١٢) والذاريات (٤١ ـ ٤٢) وق (١٣)

(٢) سورة النجم : آية ٥٠ ـ ٥١ ، سورة الفجر : آية ٦ ـ ٧

(٣) مروج الذهب ٢ / ١١ وقارن : ابن كثير ١ / ١٣٠ ، حيث يرى أن ما جاء في الأحقاف كان عن عاد الثانية ، وغير ذلك كله عن عاد الأولى

(٤) ابن كثير ١ / ١٢٥

(٥) عبد الوهاب النجار : قصص الأنبياء ص ٥٣

(٦) سورة النساء : آية ١٦٥ وانظر : تفسير الطبري ٩ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨ (دار المعارف بمصر) ، تفسير الطبرسي ٦ / ٢٩٣ ـ ٢٩٥ (دار مكتبة الحياة ـ بيروت ١٩٦١) ، تفسير روح المعاني ٦ / ١٨ ـ ١٩ ، تفسير الكشاف ١ / ٥٩٠ ـ ٥٩١ ، في ظلال القرآن ٦ / ٢٥ ـ ٢٩

٢٤٢

غير أن القوم سرعان ما كذبوا هودا ، واغتروا بقوتهم ، «فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ، أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ» (١) ، ومن ثم فإن الله أنزل بهم العذاب الشديد ، وذلك بأن أرسل عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر ، سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ، يقول سبحانه وتعالى «وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ ، سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ، فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ ، فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ» (٢).

(٣) قصة عاد ومحاولة ربطها بالتوراة

وقصة عاد هذه ـ شأنها في ذلك شأن قصة ثمود ـ لم ترد في التوراة ، وإنما هي قرآنية صرفة ، كما أن شهرتها عند العرب في الجاهلية والإسلام ، كشهرة إبراهيم وقومه (٣) ، ولعل هذا هو السبب في أن كثيرا من المستشرقين قد تعجلوا الأمر ، فأنكروا عادا وثمودا ، وأنكروا الكوارث التي أصابتهم بغير حجة ، إلا أنهم يحسبون أن المنكر لا يطالب بحجة ، ولا يعاب على النفي الجزاف ، فما لبثوا طويلا حتى تبين لهم أن عاداOditae وثموداThamudida مذكورتان في تاريخ بطليموس ، وأن اسم عاد ، مقرون باسم «إرم» في كتب اليونان ، فهم يكتبونها «أدراميت» Adramitae ، ويؤيدون تسمية القرآن الكريم لها بعاد إرم ذات العماد (٤) إلا أن شأن المؤرخين الإسلاميين أغرب من شأن المستشرقين ، فرغم

__________________

(١) سورة فصلت : آية ١٥

(٢) سورة الحاقة : آية ٦ ـ ٨ ، وانظر سورة الأحقاف : آية ٢٤ ـ ٢٥

(٣) تاريخ الطبري ١ / ٢٣٢

(٤) عباس العقاد : مطلع النور ص ٦١

٢٤٣

أن القصة ، كما قلنا ، قرآنية صرفة ، فحاولوا أن يربطوا بينها وبين التوراة ، ثم أوجدوا لها صلة ونسبا بأسماء أعيان وردت في التوراة ، فذهب بعضهم إلى أن عادا ، إنما هو «هدورام» التوراة (١) ، وربما كانت حجتهم في ذلك اقتران عاد بإرم في الكتب العبرية ، وأن بعض القراءات تقرأ الآية الكريمة «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ» (٢) ، على الإضافة أو مفتوحتين ، أو بسكون الراء على التخفيف ، أو بإضافة إرم إلى ذات العماد ، وعلى ما بين «عاد إرم» و «هدورام» من تشابه كبير في النطق ، إلا أن التوراة تشير إلى أن «هدورام» هذا ، إنما هو من نسل يقطان (قحطان في الروايات العربية) ، وهذا لا يستقيم مع الروايات ، ويعلل «جرجي زيدان» ذلك بأن كاتب سفر التكوين إما أنه رأى أن تلك القبيلة إنما تسكن اليمن ، فذهب إلى أنها من نسل قحطان ، لأن الروايات إنما تذهب إلى أن عادا في الأحقاف ، بين حضرموت واليمن ، الأمر الذي سوف نناقشه حالا ، وإما أنه أراد أن يسجل القبائل التي سكنت اليمن ـ وهي في نظره تنسب جميعا إلى يقطان أو قحطان ـ ومن ثم فقد جعل عاد إرم في جملتها (٣).

ويذهب «تشارلس فورستر» إلى أن هناك صلة بين «عادة» زوجة «لامك» ، وبين «عاد» والد «يابال» الذي كان «أبا» لسكان الخيام ورعاة المواشي (٤) ، ونسلها من الأعراب ، وقوم عاد من الأعراب

__________________

(١) سفر التكوين ١٠ : ٢٧ ، أخبار أيام أول ١ : ٢١ ، وأنظر كذلك : الإكليل ٨ / ١٦٢ ، جواد علي ١ / ٣٠٠

(٢) سورة الفجر : آية ٦ ـ ٧

(٣) جرجي زيدان : مجلة الهلال ٢٣ / ٨٩٠ (أغسطس ١٨٩٠ م) ، جواد علي ١ / ٣٠٠ ، ياقوت ١ / ١١٥ ـ ١١٦ ، البكري ١ / ١١٩ ـ ١٢٠

(٤) تكوين ٤ : ٢٠

٢٤٤

كذلك ، ولكنه إنما يذهب كذلك إلى أن القوم الذين ذكرهم بطليموس تحت اسم Oditae إنما كانوا يسكنون في شمال غرب شبه الجزيرة العربية (١) ، وربما عند موضع «بئر إرم» في منطقة «حسمى» ، على مقربة من جبل يعرف بهذا الإسم في ديار جذام ، بين إيله وتيه بني اسرائيل (٢) ، وأن هذا الموقع ليس ببعيد عن ديار ثمود ، الذين ارتبط اسمهم باسم عاد ، كما أن هناك كثيرا من الباحثين ـ ومنهم سبرنجر ـ يؤيدون هذا الرأي إلى حد كبير (٣).

وأخيرا ، فإن إختلاف النسابة في نسب هود عليه‌السلام ، ومكان دفنه ، قد شجع البعض إلى عقد مقارنة لغوية بين هود واليهود (٤) ، وأن هناك شبها بين هود النبي ، وبين «هودا» الواردة في القرآن الكريم بمعنى «يهود» (٥) ، حيث يقول الله سبحانه وتعالى «وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا» (٦) ، وأن «هودا» إنما تعني «التهود» (٧) ، غير أنهم قد اختلفوا في النتيجة فبينما ذهب فريق ـ مستغلا في ذلك أن بعض النسابة يرى أن هودا ، إنما هو «عابر بن شالح بن أرفكشاد جد اليهود» ذهب إلى أن هودا لم يكن اسم رجل ، وإنما اسم جماعة من اليهود هاجرت إلى بلاد العرب ، وأقامت في الأحقاف ، وحاولت تهويد الوثنيين ، الذين عرفوا هناك بيهوذا ، ومنها جاءت كلمة «هود» ، وأنها استعملت من باب

__________________

(١) C. Forster, The Historical Geography of Arabia, ٢, P. ٢٣

(٢) الهمداني : صفة جزيرة العرب ص ١٢٩ ، ياقوت ١ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ، وانظر : EI ,I ,P ,١٢١

(٣) A.Sprenger ,Alte Geographie Arabiens ,P.٧٠٢

(٤) أنظر مناقشتنا الاصطلاح يهود في كتابنا إسرائيل ص ٩ ـ ١١

(٥) لسان العرب ٤ / ٤٥١ ، القاموس المحيط ١ / ٣٤٩ ، EI ,٢ ,P ,٢٧٣

(٦) سورة البقرة : آية ١٣٥

(٧) جواد علي ١ / ٣١١

٢٤٥

التجوز علما لشخص (١) ، وليس من شك في أن هذا الرأي متأثر بأفكار يهود إلى أقصى حد ، إن لم يكن رأيا يهوديا صرفا ، ثم إن التاريخ لم يحدثنا أبدا عن هجرات يهودية إلى منطقة الاحقاف بالذات من بلاد العرب ، وإن حدثنا إلى مناطق أخرى منها.

(٤) موقع منطقة عاد

يذهب المؤرخون المسلمون إلى أن منطقة عاد ، إنما تقع في الأحقاف ، إلى الشمال الشرقي من حضرموت في جنوب الربع الخالي (٢) ، استنادا إلى الآية الكريمة «وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ» (٣) ، والحقف ـ كما في القاموس ـ المعوج من الرمل ، أو الرمل العظيم المستدير أو المستطيل المشرف ، ولكن الحقف يمكن أن يوجد في أكثر من مكان في شبه الجزيرة العربية ، ولم يحدد القرآن الكريم موضع الأحقاف بالنسبة إلى شبه الجزيرة العربية ، كما أن القاموس العربي لم يحدد وجود الرمل فقط في جنوب الجزيرة ، كصفة من صفاته أكثر من كونه صفة لبقية أنحاء الجزيرة ، بل يمكن أن نقول أن الجزيرة العربية معظمها رمال (٤) ، أما الذي حدد ذلك ، فهم المفسرون ـ كما رأينا ـ ومن ثم فقد ذهبوا إلى أن الأحقاف بناحية الشحر في الجانب الجنوبي الغربي من الربع الخالي بناحية حضرموت اليمن ، وأن في الأحقاف هذه

__________________

(١) مجلة الهلال ٢٣ / ٨٩٤ ، جواد علي ١ / ٣١١ ، وكذاEI ,٢ ,P.٨٢٣

(٢) أبو الفداء ١ / ٩٧ ، ابن كثير ١ / ١٢٠ ، مروج الذهب ٢ / ١٢ ، ابن الأثير ١ / ٨٥ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٩ ، ياقوت ١ / ١١٥ ـ ١١٦

(٣) سورة الأحقاف : آية ٢١

(٤) عبد الرحمن الأنصاري : المرجع السابق ص ٨٨ وأنظر القاموس ٣ / ١٢٩

٢٤٦

كانت منازل عاد (١) ، وزاد بعضهم فذهب إلى أنها إنما كانت فيما بين عمان إلى حضرموت فاليمن كله ، وكانوا مع ذلك قد فشوا في الأرض كلها ، وقهروا أهلها بفضل قوتهم التي آتاهم الله (٢).

هذا وتتجه الآراء الحديثة إلى أن عادا ، إنما تقع في شمال الجزيرة العربية ، وليس في جنوبها ، وأنها ربما كانت تموج في المنطقة الممتدة من منطقة «حسمى» في سيناء ، حتى منطقة «أجأ وسلمى» في منطقة قبيلة شمر (٣) ، ولعل أهم ما يؤيد وجهة النظر هذه ، ما سبق أن ذكرناه (أولا) من أن «فورستر» يرى أن القوم الذين ذكرهم بطليموس تحت اسم Oaditae كانوا يسكنون في شمال غرب الجزيرة العربية (٤) ، وربما عند موضع «بئر إرم» في منطقة حسمى ، ومنها (ثانيا) أننا لو قمنا بمسح الوديان الموجودة في شمال الحجاز ، لوجدنا فعلا أن أحد هذه الوديان يسمى «وادي إرم» ، كما أثبتت الحفريات الأثرية وجود مكان يسمى «إرم» في منطقة جنوب الاردن (٥) ومنها (ثالثا) أن عادا قد اقترن ذكرها بثمود ، «الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ

__________________

(١) عمر فروخ : تاريخ الجاهلية ص ٢٨ ياقوت ١ / ١١٥ ـ ١١٦ ، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ص ٣٢٨ ، المعارف ص ١٤ ، البكري ١ / ١١٩ ـ ١٢٠ ، ياقوت ٥ / ٤٤٢ ، قارن : القسطلاني (٥ / ٣٣٣) حيث يجعل قوم عاد يسكنون حضرموت على المحيط الهندي ، ثم انظر : تفسير المنار (٨ / ٤٩٥ ـ ٤٩٦) حيث يضيف أن عادا إنما كانت بين الشام إلى اليمن ، وأنظر كذلك روح المعاني ٣٠ / ١٢٣ ، وانظر كذلك «أمين مدني» حيث يرى أن المعينيين إنما هم قوم عاد (العرب في أحقاب التاريخ ٢ / ١٢٨ ـ القاهرة ١٩٧١)

(٢) تفسير الطبري ١٢ / ٥٠٧ (دار المعارف) ، تفسير المنار ٨ / ٤٩٥

(٣) عبد الرحمن الانصاري : المرجع السابق ص ٨٨

(٤) C.Forster ,op - cit ,P.٢٣

(٥) عبد الرحمن الانصاري : المرجع السابق ص ٨٨

٢٤٧

بِالْوادِ» (١) ، ولعله ـ فيما يرى البعض ـ وادي القرى (٢) ، أحد الأودية التي تتخلل سلسلة جبال حسمى ، ومن بينها جبل إرم ، والذي يسمى الآن «رمّ» ، ويكوّن الحد الشمالي للحجاز ، وعنده يوجد الكثير من الماء (٣) ، أضف إلى ذلك أن ياقوت قد ذكر جبلا سماه «جش إرم» ـ عند أجأ أحد جبلي طيء ـ أملس الأعلى ، سهل ترعاه الإبل ، وفي ذروته مساكن لعاد وارم ، فيه صور منحوتة من الصخر (٤) ، ورغم أن ياقوت قد فرق هنا بين عاد وإرم ، وجعلهما قومين ، إلا أن «الواو» هنا ربما كانت زيادة من الناسخ (٥) ، ومنها (رابعا) وجود أسماء محلات أخرى ، عثر فيها على نقوش وتماثيل ، وصفت في الكتب العربية بأنها مساكن قوم عاد (٦).

ومنها (خامسا) أن حفائر «هورسفيلد» في جبل «رم» ـ على مبعدة ٢٥ ميلا إلى الشرق من العقبة ـ وكذا حفائر «سافينياك» واكتشافات «جليدن» ، قد أثبتت أن هذا المكان هو موضع «إرم» ، الوارد ذكره في القرآن الكريم ، وقد حلّ به الخراب قبل الإسلام ، ومن ثم فلم يبق منه عند ظهور الإسلام غير «عين ماء» كان ينزل عليها التجار ورجال القوافل الذين كانوا يمرون بطريق «الشام ـ مصر ـ الحجاز» (٧) ، بل قد يفهم من نص «لأبي شامة» ، أنه في الفترة التي كان الصليبيون يحتلون فيها حصن «الكرك والشويك» ، كان الجيش المصري يعسكر عند جبل

__________________

(١) سورة الفجر : آية ٩

(٢) انظر : ابن كثير ١ / ١٣٠ ، أبو الفداء ١ / ١٢ ، البكري ٢ / ٤٢٦ ، الطبري ١ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧ ، ابن الأثير ١ / ٨٩ ، ياقوت ٢ / ٢٢١ ، المعارف ص ١٤ ، تاريخ الخميس ص ٨٤ ، روح المعاني ٨ / ١٦٢ ، ١٤ / ٧٦

(٣) الويس موسل : شمال الحجاز ص ٥٧ ، ١٣٠

(٤) ياقوت ٢ / ١٤١

(٥) جواد علي ١ / ٣٠٦

(٦) جواد علي ١ / ٣٠٦

(٧) جواد علي ١ / ٣٠٦ ، وكذا Revue Biblique, XLI, ٢٣٩١, P. ١٨٥, XLII, ٣٣٩١, P. ٥٠٤, XLI, II, ٤٣٩١, P. ٢٧٥.

٢٤٨

«رم» ، أثناء مرور الحجيج من إيلة إلى مكة ، وذلك لحماية الحجاج من الهجمات التي كان الصليبيون يشنونها عليهم (١).

ومنها (سادسا) أن بعضا من الكتاب العرب أنفسهم ، إنما يرى أن الأحقاف ـ التي كانت منازل عاد ـ إنما هي جبل الشام ، أو هي حشاف من «حسمى» ، والحشاف الحجارة في الموضع السهل (٢) ، وأن اسم الأحقاف (حقاف) ما تزال تراه باقيا حتى الآن في المنطقة الجنوبية العربية من البدع «مدين» (٣) ، بل إن القلقشندي إنما يضع عاد في مدين (٤).

ومنها (سابعا) أن هناك من يذهب إلى أن هودا ، قد يكون أحد الأنبياء الذين كانوا في منطقة فلسطين وشمال الحجاز ، وأنه قد ارسل إلى قوم عاد ، وإن كل هذه القرائن مجتمعة تجعلنا نعتقد أن عادا إنما كانت في شمال شبه الجزيرة العربية ، وليس في جنوبها (٥).

(٥) مبالغات عن العاديين

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن فريقا من المؤرخين والمفسرين ، قد أسرف كثيرا في الاستنتاج مما ورد في بعض آي الذكر الحكيم ، ففسر بعضهم قوله تعالى «وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً» (٦) ، إلى أن عادا إنما كانوا في هيئة النخل طولا ، وأن الواحد منهم قد يبلغ اثني

__________________

(١) الويس موسل : شمال الحجاز ص ٥٧

(٢) البكري : معجم ما استعجم من أسماء البلدان والمواضع ١ / ١١٩

(٣) الويس موسل : المرجع السابق ص ١٣٧

(٤) القلقشندي : نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ، القاهرة ١٩٥٩ ص ١٩

(٥) عبد الرحمن الانصاري : المرجع السابق ص ٨٨

(٦) سورة الأعراف : آية ٦٩

٢٤٩

عشر ذراعا ـ وربما الطويل منهم اربعمائة ذراع ، وربما خمسمائة (١) ـ كما كان الواحد منهم يأخذ الصخرة العظيمة فيقلبها على الحي فيهلكهم ، وأن الرجل كان يتخذ المصراع من حجارة ، ولو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلوه ، هذا فضلا عن أنهم كانوا في اتصال الأعمار وطولها بحسب ذلك القدر (٢) ، وفي هذا تحميل للآية الكريمة أكثر مما تحتمل ، يشبه ما كانت توصف به فراعنة مصر من الفخامة والطول ، مما كذبه الواقع بعد كشف مومياتهم ، ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن قوم هود كانوا يتميزون بضخامة ، لا تزيد على ما يتميز به بعض الأفراد والعشائر بيننا الآن من بسطة في الخلق (٣).

وأسرف خيال المؤرخين الإسلاميين كذلك في تفسير الآية الكريمة «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ ، إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ» (٤) ، فذهب بعضهم إلى أن «إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ» هذه مدينة وأن الذي بناها إنما هو «شداد بن عاد» في بعض صحارى عدن في ثلاثمائة عام على رواية! وخمسمائة عام على رواية أخرى وكان عمره تسعمائة عام ، وذلك لكي ينافس بها قصور الذهب والفضة من الجنة التي تجري من تحتها

__________________

(١) لاحظ تعارض ذلك مع حديث الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) «أن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في الهواء ، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن» (أنظر : تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٥ ، ابن كثير ١ / ١٤٤ ، مقالنا عن قصة الطوفان بين الآثار والكتب المقدسة)

(٢) مروج الذهب ٢ / ١٢ ، تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٥ (طبعة دار الكتب المصرية القاهرة ١٩٥٠) ، الفخر الرازي ، التفسير الكبير ٣١ / ١٦٨ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٦ ، روح المعاني ٣٠ / ١٢٣

(٣) محمد مبروك نافع : المرجع السابق ص ٣٣

(٤) سورة الفجر : آية ٦ ـ ٨ وانظر : تفسير الفخر الرازي ٣١ / ١٦٦ ـ ١٦٩ ، تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٤ ـ ٤٧ (طبعة دار الكتب المصرية ـ القاهرة ١٩٥٠) ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٥ ـ ١٧٨ (طبعة الحلبي ـ القاهرة ١٩٥٤) تفسير البيضاوي ٢ / ٥٥٧ (طبعة الحلبي ـ القاهرة ١٩٦٨)

٢٥٠

الأنهار ، وأنه كتب إلى عماله ـ وكانوا فيما يصوره خيالهم في جميع ممالك العالم ـ أن يجمعوا له ما في أرضهم من الذهب والفضة والدر والياقوت والمسك والعنبر والزعفران ، فتوجهوا به إليه ، ثم استخرج غواصو الجواهر فجمعوا أمثال الجبال ، وأنه أمر بالذهب فضرب أمثال اللبن ـ وكذا فعل بالفضة ـ ثم بنى المدينة بهما ، ثم زين حيطانها بالدر والياقوت والزبرجد ، ثم جعل لها غرفا من فوقها غرف ، تعتمد على أساطين من الزبرجد والياقوت ، ثم أجرى تحت المدينة واديا طليت حافته بالذهب الأحمر ، وجعل حصاه أنواع الجواهر ، وبنى في المدينة ثلاثمائة الف قصر ، وجعل على بابها مصراعين من ذهب ، مفصصين بأنواع الياقوت ، وجعل ارتفاع البيوت في المدينة ثلاثمائة ذراع ، وبنى خارج السور كما يدور ثلاثمائة ألف قنطرة بلبن الذهب لينزلها جنوده.

وأما مصير المدينة بعد ذلك ، فموضع خلاف بين هؤلاء القصاصين ، فمنهم من يذهب إلى أنها طارت بعد بنائها في السماء وأن بعض الناس يلمحونها وهي طائرة ، ومنهم من يذهب إلى أنه لا يراها إلا من كتب الله له ذلك ، بل ويروي بعضهم أن رجلا يدعى «عبد الله بن قلاية» رآها على أيام معاوية بن أبي سفيان (٤١ ـ ٦٠ ه‍) ، وأنه حمل إلى الخليفة منها بعض الأحجار الصغيرة ، فضلا عن المسك والكافور واللؤلؤ ، غير أن هذه الأشياء سرعان ما تحولت إلى تراب عند ما تعرضت للهواء ، ومن ثم فقد استدعى معاوية كعب الأحبار ، وسأله عن خبر هذه المدينة ، فأجاب كعب على الفور ـ كعادته ـ أنها إرم ذات العماد ، وسوف يدخلها رجل من المسلمين في زمانك ، أحمر أشقر قصير على حاجبه خال ، وعلى عقبه خال ، يخرج في طلب إبل له ، ثم التفت فأبصر «ابن قلاية»

٢٥١

فقال : هذا والله ذاك الرجل (١)

وهكذا يبلغ الخيال ببعض المؤرخين حدا لا نجد له مثيلا إلا في الأساطير ، وإلا في التوراة حين تتحدث عن عجائب «يهوه» لشعبه المختار ، ولست أدري من أين جاءوا بكل هذا ، ثم من أين جاء «كعب الأحبار» بأساطيره هذه ، والقصة ـ كما قلنا ـ قرآنية صرفة ، وليس في التوراة ـ على فرض أنه خبير بما في التوراة ـ أية إشارة من قريب أو بعيد عن هذه القصة ، ولعل الذي دفع المؤرخين الإسلاميين إلى هذا الغلو في الوصف ، أن القوم بعد الفتوحات الإسلامية المجيدة ، رأوا آثار الفراعين على أرض الكنانة ، والأشوريين ثم البابليين في بلاد الرافدين فضلا عن آثار الرومان في الشام ، ومن ثم فقد أنفوا أن تكون مدينة عاد أقل من هذه الآثار ، إن لم تفقها إلى أقصى الحدود ، فكان الخيال ، وكان السخف الذي ينزل بكتاباتهم من مستوى حقائق التاريخ ، إلى مبالغات الأساطير.

وعلى أي حال ، فلقد اختلفوا في مكان مدينة «إرم» هذه ، فذهب بعضهم إلى أنها «تيه أبين» بين عدن وحضرموت ، وذهب فريق ثان إلى

__________________

(١) جرجي زيدان : العرب قبل الاسلام ص ٦٤ ـ ٦٦ ، محمد مبروك نافع : المرجع السابق ص ٣٤ ـ ٣٥ ، مروج الذهب ٢ / ١٣ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٩ ـ ٢١ ، ياقوت : معجم البلدان ١ / ١٥٥ ـ ١٥٧ (طبعة بيروت ١٩٥٥) ، روح المعاني ٣٠ / ١٢٣ تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٧ ، محمود أبو رية : أضواء على السنة المحمدية ص ١٥٨ ـ ١٥٩ ، دائرة المعارف الإسلامية ٣ / ١٦ قارن : ابن كثير ١ / ١٢٥

٢٥٢

أنها «دمشق» (١) ، وزعم فريق ثالث أنها الاسكندرية (٢)] ، وهكذا وجد الأخباريون في دمشق وفي الاسكندرية كل ما تخيلوه عن «إرم ذات العماد» وبخاصة المباني الضخمة والمنشآت العظيمة ذات العمد ، فضلا عن تاريخ تليد مجيد ، للعاصمتين العظيمتين ، ومع ذلك فقد كان لكل من اختيار المدينتين الكبيرتين ، سبب يختلف عن اختيار الأخرى.

كانت دمشق من أهم مراكز الآراميين (٣) ، ثم عاصمة لهم منذ القرن

__________________

(١) مروج الذهب ٢ / ١١٠ ـ ١١١ ، ياقوت ١ / ١٥٥ ، ٢ / ٤٦٤ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٥ ، الفخر الرازي : التفسير الكبير ٣١ / ١٦٧ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٩ ، البكري ١ / ١٤٠ ، ٢ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ، تفسير الألوسي ٣٠ / ١٢٣ ، الهمداني : المرجع السابق ص ٨٠ ، الإكليل ٨ / ٣٣

(٢) مروج الذهب ٢ / ٤١٠ ، البكري ٢ / ٤٠٩ ، ياقوت ١ / ١٥٥ ، ١٨٣ ، روح المعاني ٣٠ / ١٢٣ ، تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٦ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٥ ، التفسير الكبير ٣١ / ١٦٧ ، الهمداني : صفة جزيرة العرب ص ٨٠ ، ابن عبد الحكم : فتوح مصر والمغرب ص ٦٠ ، السيوطي : حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ١ / ٣٧ ، وكذا H. W. Glidden, Koranic Iram, Legendary and Historical

(٣) يمثل الآراميون الموجة الثالثة من موجات الهجرات السامية من شبه الجزيرة العربية ـ بعد موجة الآراميين والكنعانيين ـ وكانوا في بادئ الأمر يجوبون أنحاء وادي الجزيرة من ناحية الشمال ، ويتحركون إلى الشرق من ناحية العراق ، وإلى الغرب من ناحية سورية ، حتى بدءوا يستقرون في العراق الأوسط ، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن الآراميين يرجعون إلى أزمنة موغلة في القدم ، إذ يذكر نقش من عهد الملك البابلي «نرام سن» ، ويرجع إلى القرن ٢٣ ق. م .. إقليما يدعى «أرام» يقع في أعالي بلاد الرافدين ، ثم على لوحة تجارية ترجع إلى عام ٢٠٠٠ ق. م. ، والتي تشير إلى مدينة أو دولة «أرام» بالقرب من «اشنونا» (تل الأحمر الحالية) في وادي الدجلة الأسفل ، ثم يتكرر اسم «أرام» في عام ١٧٠٠ ق. م. في نصوص ماري ، وكذا حوالي عام ١٤٠٠ ق. م. في نصوص أوجاريت. ويستدل من نصوص بلاد النهرين على أن جماعات آرامية قد اجتاحت قسما كبيرا من هذه البلاد وشمال سورية ووسطها في القرنين ١٤ ، ١٣ ق. م. ، وقد سادت العناصر الآرامية فيها باستثناء بعض الجيوب القليلة التي كان يسطر عليها الحيثيون ، ثم بلغ الآراميون ذروة سلطانهم السياسي في القرنين ١١ ، ١٠ ق. م. ، بسبب ضعف الإمبراطوريات الكبرى (مصر والعراق) في تلك الفترة ، فغزت قبائلهم الجزء الشمالي من أرض الرافدين ، وأسست هناك سلسلة من الدويلات ، مثل

٢٥٣

الحادي عشر ق. م. ، وحتى احتلال الأشوريين لها في عام ٧٢٢ ق. م. ، وأن «عاد إرم» ، إنما تعني «عاد أرام» ، فضلا عن الآراميين ـ كما نعرف ، وكما توصل إلى ذلك «مورتز» بعد دراسة لأسمائهم ـ لم يكونوا إلا عربا ، هاجروا من شبه الجزيرة العربية إلى منطقة الهلال الخصيب (١) ، ومن ثم فقد التبس الأمر على المؤرخين المسلمين بين عاد إرم ، وعاد أرام ، وظنوا أن ذات العماد صفة ، فزعموا أنها مدينة بناها عاد ، أو شداد بن عاد (٢) ، كما أنه ليس هناك من دليل حتى الآن يثبت أن «إرم» هنا ، إنما تعني «أرام» (٣) ، وإن كان من الممكن هنا أن تكون «إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ» هي التي أوحت إلى النسابين فكرة جعل «عاد» من نسل «عوص بن إرم» ، لتشابه الاسمين ، ومن ثم فقد كان «عاد» من الآراميين في رأي البعض (٤) ، على أساس أن «ذات العماد» صفة لدمشق ، وأن «جبرون بن سعد بن عاد» نزل بها ، وابتنى مدينة تحليها

__________________

«بيت أديني» ومركزها «تل برسب» ومثل «بيت بخياني» ومركزها «جوزانا» (تل حلاف) ، ثم استولى المغتصب الآرامي «أدد ـ أبل ـ أدن» على عرش بابل في أول القرن الحادي عشر ق. م. ، وفي الغرب نشأت في «كليكيا» دولة «سمأل» ، وفي سورية نشأت حول أرفد وحلب دولة «بيت أجوشي» وتحدثنا التوراة عن سبع دويلات آرامية في سورية وشرق الأردن ، فهناك دويلة أرام النهرين ودولة أرام دمشق ودويلة أرام صوبة وإمارة معكة وإمارة جشور وإمارة بيت رحوب وإمارة طوب (انظر : كتابنا إسرائيل ص ٣٣٧ ـ ٣٤٢ ، صموئيل ثان ١٠ : ١٦ ، ١٥ : ٨ ، ١٣ : ٣٧ ، يشوع ١٢ : ٥ ، ١٣ : ١١ ، تثنية ٣ : ١٤ ، عدد ١٣ : ١٢ ، قضاة ١٨ : ٢٨ ، موسكاتي : المرجع السابق ص ١٧٧ ـ ١٧٨ ، احمد فخري : المرجع السابق ص ١٠٣ ، قاموس الكتاب المقدس ١ / ٤٢ ـ ٤٣ وكذاG. Roux, op - cit, P. P. ٧٤٢ ـ ٩٤ R. H. Pfeift Introdn - tion to the Old Testament, P. ٧٨٦

(١) R. A. Bowm, Arameans, Aramaic and the Bible, JNES, ٧, ٨٤٩١, P. P. ٦٦ ـ ٧٦

(٢) البكري ١ / ١٤٠ ، ابن سعد ١ / ١٩ ، ياقوت ١ / ١٥٥ ـ ١٥٧ ، جواد علي ... ٣

(٣) Ency ,of Islam ,I ,P.١٢١

(٤) جواد علي ١ / ٣٠٣

٢٥٤

عمد من الرخام ، وقد استغل «لوث» هذه الرواية في تدعيم رأيه القائل بأن اسم «إرم» لا يتصل إلا بالروايات الآرامية (١) ، بخاصة وأن هناك اتجاها يذهب إلى أن عادا ، إنما كانت في شمال بلاد العرب وليس في جنوبها ـ كما أشرنا آنفا ـ على أن «دمشق» وكذا الاسكندرية ـ ليستا من بلد الأحقاف والرمال (٢).

وأما اختيار الاسكندرية ، فقد كان ـ فيما يرى المستشرقون ـ بسبب انتشار قصص الإسكندر الأكبر (٣٥٦ ـ ٣٢٣ ق. م.) في الأساطير العربية الجنوبية ، وبخاصة في كتابات وهب بن منبه ، ومن ثم فقد غدا «شداد بن عاد» بانيا للإسكندرية وأصبح الاسكندر المقدوني ليس إلا مكتشفا لها (٣) ، ويروي المسعودي أن الاسكندر المقدوني إنما اكتشف في موقع الاسكندرية أثرا لكتابة بخط المسند يسجل فيها «شداد بن عاد» أنه كان يبغي أن يبني هنا مدينة كمدينة إرم ، غير أنه كان في عجلة من أمره ، ولعل هذا يفيد أن الإسكندرية ليست إرم ، وإنما مجرد مدينة أراد شداد أن تكون كإرم (٤).

على أن هناك من يرى أنه ليست هناك مدينة في الأصل اسمها «إرم» ، وأن كل ذلك لا يعدو أن يكون أثرا من خيال القصص الذي لعب دورا هاما في ضعاف المفسرين ، ومن ثم فإن «إرم» هي الأمة ـ وربما القبيلة ـ ولكنها ليست المدينة (٥).

__________________

(١) دائرة المعارف الإسلامية ٣ / ١٥

(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٨ ، تفسير الألوسي ٣٠ / ١٢٣ ، تفسير الفخر الرازي ٣١ / ١٦٧

(٣) BASOR ,٣٧ ,٩٣٩١ ,P ,٣١

(٤) تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٦ ـ ٤٧ ، تفسير الألوسي ٨ / ١٥٦ ـ ١٥٧ ، دائرة المعارف الاسلامية ٣ / ١٥ ـ ١٦ ، مروج الذهب ١ / ٤١٠ ، ياقوت ١ / ١٨٤ ـ ١٨٥

(٥) تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٩ ، جرجي زيدان : المرجع السابق ص ٦٥ ، قارن : تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٥ ـ ٤٦ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٥ ـ ١٧٧ ، الفخر الرازي : التفسير الكبير ٣١ / ١٦٧ ـ ١٦٨

٢٥٥

(٦) هود عليه‌السلام

اختلف المفسرون في اسم النبي الكريم ـ هود عليه‌السلام ـ وفي نسبه كذلك ، فهو «هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح» على رأي ، وهو «هود بن خالد بن الخلود بن العيص بن عمليق بن عاد» على رأي ثان ، وهو «عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح» على رأي ثالث (١) ، وربما كان الرأي الأول ـ حدسا عن غير يقين ـ أقرب إلى الصواب ، لأن الرأي الثاني يجعله من العماليق ، ولأن الرأي الثالث يجعله ذا صلة قريبة بيهود ، لأن «عابر» إنما هو جد اليهود (٢) ـ طبقا لرواية التوراة (٣) ـ فضلا عن أن الأثر الإسرائيلي يبدو واضحا في هذا الرأي.

والأمر كذلك بالنسبة إلى مكان دفنه ، فهناك رواية تذهب إلى أنه إنما كان في دمشق (٤) ، غير أن هذه الرواية ـ كما يبدو ـ متأثرة بالعلاقة التي أشرنا إليها بين «إرم» و «أرام» ، وربما بالظروف السياسية وقت كتابتها ، ذلك لأن أصحاب هذه الرواية قد حددوا المسجد الأموي مكانا للدفن ، بل لقد ذهب البعض إلى أن هودا قد بنى الحائط القبلي للجامع ، ولعل السبب في ذلك الاسرائيليات التي انتشرت بين المفسرين ـ على أيام

__________________

(١) المقدسي ٣ / ٣٢ ، روح المعاني ٨ / ١٥٤ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٢٠ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٢٢ ، الأخبار الطوال ص ٤ ـ ٥ ، المعارف ص ١٦ ، نهاية الأرب للقلقشندي ص ٣٢٩ ، ابن حبيب : المحير ص ٣٨٥ ، تفسير المنار ٨ / ٤٩٥ ـ ٤٩٧ ، تاريخ الخميس ص ٨٤ ، الإكليل ١ / ٨٧ ، عبد الوهاب النجار : المرجع السابق ص ٤٩

(٢) انظر كلمة عبري : وصلتها بعابر في كتابنا إسرائيل ص ١ ـ ٦

(٣) تكوين ١٠ : ١ ، ٢١

(٤) ابن كثير ١ / ١٣٠ ، تفسير الألوسي ٨ / ١٦١ ، رحلة ابن بطوطة ١ / ٢٠٥ ، ٢ / ٢٠٣ ، ياقوت ١ / ١٥٦ ، ٢ / ٤٦٣ ـ ٤٦٥ ، جواد علي ١ / ٣١٣

٢٥٦

بني أمية ـ بهدف تفضيل الشام على بقية المناطق الإسلامية ، حتى جعلوا «دمشق» واحدة من مدائن أربعة ، زعموا أنها من مدائن الجنة (١) ، وربما كان ذلك تمجيدا للمسجد الأموي ، في وقت كان فيه «عبد الله بن الزبير» يتحصن بالمسجد الحرام في مكة المكرمة ، وكان أهل الحجاز في شبه تحزب عام ضد بني أمية (٢) ، وربما أن المسجد الأموي كان في بادئ أمره كنيسة بها قبور بعض قديسي أهل دمشق ، فلما تحولت إلى مسجد ، تحولت قبور قديسيها بعواطف الناس إلى قبور للأنبياء (٣) ، وهنا لعبت السياسة دورها ، فاستغلت عواطف الناس ـ أو قل عواطف السذج منهم ـ وضعاف الكتاب الأخباريين ، فجعلت منه شيئا يرجع في قداسته إلى أبعد العهود ، وما أكثر ما لعبت السياسة هذا الدور في تاريخ الشرق الأدنى في كثير من عصوره.

وهناك رواية أخرى تذهب إلى أن اليمن ، إنما كانت مكان دفن النبي الكريم (٤) ، بينما تذهب رواية ثالثة إلى أنه قد دفن في حضرموت ، في كثيب أحمر ، عند رأسه سمرة (٥) ، وأن هناك قرية تسمى حتى الآن «قبر هود» (٦) ، أو في «وادي برهوت» على مقربة من مدينة «تريم» ، غير

__________________

(١) فتح الباري ١٣ / ٦٩ ، روح المعاني ٣٠ / ١٢٣ ، تاريخ ابن عساكر ١ / ١٤ ، ٥٧ ، وأنظر : أضواء على السنة المحمدية ص ١٢٩ ـ ١٣٥ ، ١٧٠ ـ ١٧٢

(٢) أنظر : عبد المنعم ماجد ٢ / ٧٩ ـ ٩١ ، ابن الاثير ٣ / ٢٦٥ ـ ٣١٦ ، الأزرقي ١ / ١٩٦ ـ ٢٠٠ ، التنبيه والاشراف ص ٤٠٢ ـ ٤٠٤ ، الأخبار الطوال ص ٢٦٠

(٣) جواد علي ١ / ٣١٣

(٤) ابن كثير ١ / ١٣٠

(٥) نهاية الأرب للنويري ١٣ / ٦٠ ، تفسير المنار ٨ / ٤٩٦ ، روح المعاني ٨ / ١٦١ ، تفسير الطبري ١٢ / ٥٠٧ (دار المعارف) ، ابن سعد ١ / ٢٥ ، ياقوت ٢ / ٢٧٠ ، وكذاC ,Forster ,op - cit ,P ,٤٧٣ وكذا : تاريخ اليعقوبي ١ / ٢٧٠ ، صفة جزيرة العرب ص ٨٧ ، ياقوت ١ / ١١٦ ، قصص القرآن ص ٢٧

(٦) مبروك نافع : المرجع السابق ص ٣٣

٢٥٧

بعيد عن «بئر برهوت» (١) ، التي اشتهرت في الجاهلية بأنها شر بئر في الأرض ، ماؤها أسود ، ورائحتها كريهة ، حتى ذهب الخيال بالبعض إلى أنها موضع تتعذب فيه أرواح الكافرين ، وأنها تقذف بألوان من الحمم ، يسمع لها أزيز راعب (٢) ، وهكذا نشأت قصة قبر هود ، وهكذا حيكت الروايات الساذجة عن عذاب عاد (٣).

وهناك رواية رابعة تذهب إلى أن النبي الكريم إنما دفن في فلسطين (٤) ، بينما تذهب رواية خامسة إلى أن هودا قد ذهب مع من آمن به إلى مكة ـ وعددهم ثلاثة آلاف على زعم ، وأربعة على زعم آخر ـ وأنه أقام هناك ، ودفن بالحجر من مكة ، فقبره إذن بمكة ، بجوار قبور ثمانية وتسعين نبيا (٥).

هذا ويقدم لنا الأخباريون رواية ، مؤداها : أن وفدا من سبعين رجلا من عاد ، يذهب إلى مكة ليستسقي لهم ، وأن هذا الوفد قد نزل عند معاوية بن بكر ـ وكان بظاهر مكة خارجا عن الحرم ـ وأنه أقام عنده شهرا ، يشرب الرجال فيه الخمر ، وتغنيهم الجواري ، وأن معاوية حين رأى طول مقامهم عنده ، أوعز إلى جاريته أن تغنيهم شعرا يذكرهم بمأساة قومهم ، وحين فعلت الجاريتان تذكر القوم مهمتهم (٦).

__________________

(١) ياقوت ١ / ٤٠٥ ، روح المعاني ٨ / ١٥٦ ، تاريخ حضرموت السياسي ١ / ٦٥

(٢) نفس المرجع السابق ص ٦٧ ، ياقوت ٢ / ٢٧٠ ، لسان العرب ١ / ١٤٣ ، ٢ / ٣١٤ ، جواد على ١ / ٣١٢

(٣) أنظرVon Kramer ,Uber die Suedarabische Sage ,P.١٢ وكذا : صفة جزيرة العرب ص ٧٠

(٤) الصابوني : النبوة والأنبياء ص ٢٤٠ ، النجار : قصص الأنبياء ص ٥٣

(٥) روح المعاني ٨ / ١٦١ ، أبو الفداء ١ / ١٢ ، جواد علي ١ / ٣١٣ ، وكذا ٢ ، P.٧٢٣ Ency.oflslam ,

(٦) تاريخ الطبري ١ / ٢١٧ ـ ٢٢٦ تاريخ ابن خلدون ٢ / ٢٠ ، ابن كثير : البداية والنهاية ١ / ١٢٦ ـ ١٢٨

٢٥٨

وليس يهمنا هنا أن تكون الرواية صحيحة ، أو لا تكون ، فذلك شأن من يعتقدون أن لهذا القصص نصيبا من صواب ، وإنما الذي يهمنا هنا أن الذين يروون هذا القصص هم أنفسهم الذين يضعون هودا وقومه في مرحلة تاريخية سابقة لعهد الخليل عليه‌السلام ، وهم في الوقت نفسه يرون أن مكة لم تعمر إلا منذ عهد إبراهيم ، وربما بعده ، «رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ، رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ، وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» (١) ، فضلا عن أن الشعر الذي يرونه في هذه المناسبة ، لا يمكن أن يكون من ذلك العهد الغابر ، ولعله في أغلب الظن شعر منحول.

وأما قصة قبره عليه‌السلام في فلسطين ، فربما كانت ترتبط بالروايات التي تجعل قوم عاد من شمال شبه الجزيرة العربية ، وليس من جنوبها ، فإذا كان ذلك كذلك ، فربما كانت تحمل نصيبا من صواب.

(٧) عصر قوم هود

لا شك أن الحديث عن تحديد عصر لقوم هود ، إنما هو أمر بالغ الصعوبة ، فالقصة ـ كما قلنا ـ قرآنية صرفة ، وليس في القرآن الكريم ـ أو في السنة النبوية الشريفة ـ إشارة صريحة إلى ذلك ، والآثار صامتة تماما في هذا المجال ، وليس هناك أي نوع من الوثائق التاريخية التي يمكن للمؤرخ أن يعتمد عليها في الوصول إلى نتيجة يظن أنها الصواب ، أو

__________________

(١) سورة إبراهيم : آية ٣٧ ، وانظر تفسير النسفي ٢ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ، تفسير القرطبي ٩ / ٣٦٨ ـ ٢٧٤ ، تفسير الكشاف ٢ / ٣٨٠ ، تفسير ابن كثير ٤ / ١٤١ ـ ١٤٢ ، تفسير الطبري ١٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٥ ، الدرر المنثور ٤ / ٨٦ ـ ٨٧.

٢٥٩

حتى قريبا من الصواب ، ومن ثم فإن المحاولة لا تعدو أن تكون حدسا عن غير يقين.

على أننا ربما نستطيع أن نحدد ذلك العصر بالألف الثانية قبل الميلاد ، على وجه التقريب ، ذلك لأن القرآن الكريم إنما يذكر عادا بعد ثمود ـ وهي دون شك أوضح تاريخا من عاد ـ هذا إلى جانب أنه إنما يذكر عادا كذلك بعد قوم لوط أما ثمود ، فهي واحدة من القبائل العربية التي جاء ذكرها في الكتابات الآشورية ، على أنها كانت تعيش في شمال شبه الجزيرة العربية منذ القرن الثامن قبل الميلاد ، وأما قوم لوط ، فقد كانوا معاصرين للخليل عليه‌السلام ، وهو الذي حددنا لعهده من قبل ـ وكما جاء في كتابنا اسرائيل (١) ـ الفترة (١٩٤٠ ـ ١٧٦٥ ق. م.) ، على وجه التقريب ، ومن ثم فإننا ربما نستطيع أن نقول ، أن عادا إنما كانت في الفترة ما بين عهد إبراهيم الخليل ، وبين عهد ثمود ، ومن هنا فربما لو وضعنا قوم عاد في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد ، لما تجاوزنا الصواب بكثير.

على أن الأمر ، قد يختلف كثيرا ، إذا ما كان صحيحا ما ذهب إليه بعض الباحثين ـ كما أشرنا من قبل ـ من الربط بين «إرم» و «أرام» ، وأن «إرم» إنما تتصل بالأراميين ، وبمعنى آخر أن هناك صلة بين قوم عاد وبين الآراميين عن طريق «عاد إرم» ، فإذا كان ذلك كذلك ، فإن قوم عاد إنما يرجعون إلى ما قبل ظهور الآراميين في العراق القديم في القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد ، كما أشرنا من قبل ـ وهذا يتفق مع وجهة نظر بعض المؤرخين والمفسرين الإسلاميين من أن عادا إنما أتوا قبل إبراهيم عليه‌السلام ، أي قبل القرن العشرين قبل الميلاد.

__________________

(١) أنظر ما سبق «عصر إبراهيم» ، وكذا كتابنا إسرائيل ص ١٧١ ـ ١٧٦

٢٦٠