مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

له » أي مملى له أو مستدرج أو نحو ذلك و « الصُّنْع » بالضم مصدر قولك صَنَعَ إليه معروفا. وصَنَعَ صَنِيعاً قبيحا : أي فعل. و « الصِّنَاعَة » بالكسر حرفة الصانع وعمله الصَّنْعَة. والتَّصَنُّع : تكلف حسن السمت والعمل ومنه الْحَدِيثُ « مُتَصَنِّعٌ بِالْإِسْلَامِ ».

أي متكلف له ومتدلس به غير متصف به في نفس الأمر. والصَّنِيعَة : الإحسان. واصْطَنَعْتُ عند فلان صَنِيعَةً : أحسنت إليه.

وَفِي الْحَدِيثِ « صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مِيتَةَ السَّوْءِ ».

وَفِي حَدِيثِ آدَمَ عليه السلام وَقَدْ قَالَ لِمُوسَى عليه السلام « أَنْتَ كَلِيمُ اللهِ اصْطَنَعَكَ لِنَفْسِهِ ».

قيل : هذا تمثيل لما أعطاه الله من التقريب والتكريم. والِاصْطِنَاعُ افتعال من الصنعة ، وهي العطية والكرامة والإحسان. والْمُصَانَعَةُ : أن تصنع شيئا له ليصنع لك شيئا. والصِّنْعُ بالكسر : الموضع الذي يتخذ للماء ، والجمع أَصْنَاعٌ ، ويقال له مَصْنَعٌ ومَصَانِعُ. والمَصْنَعُ : ما يصنع لجمع الماء كالبركة ونحوها ، والجمع مَصَانِعُ. و « صَنْعَاءُ » ممدود في الأكثر بلد باليمن ، نقل أنه أول بلد بني بعد الطوفان ، والنسبة إليه صَنْعَانِيٌ على غير القياس ، والقياس بالواو.

( صوع )

قوله تعالى : ( نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ ) [ ١٢ / ٧٢ ] وصَاعُ الملك واحد وهو إناء يشرب فيه ، وقيل الصُّوَاعُ جام كهيئة المكوك من فضة ، وقرىء صوغ الملك بالصاد والمعجمة ذاهبا إلى أنه كان مصوغا فسماه بالمصدر.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ ».

والصَّاعُ : مكيال يسع أربعة أمداد ، وقدر الصَّاعِ بتسعة أرطال بالعراقي وستة بالمدني وأربعة ونصف بالمكي ، والرطل

٣٦١

المكي على وزن رطلين بالعراقي وعلى وزن رطل وثلث بالمدني. وعن بعض شراح الحديث : الصَّاعُ مائة وألف وسبعون درهما وثمانمائة وتسعة عشر مثقالا.

وَفِي مُكَاتَبَةِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام « وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ ـ يَعْنِي الصَّاعَ ـ يَكُونُ بِالْوَزْنِ أَلْفاً وَمِائَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَزْنَةً ».

أي مرة بالوزن يعني درهما ، فيكون منصوبا على التمييز مع احتمال رفعه اسما لكان مؤخرا.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَ صَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله خَمْسَةَ أَمْدَادٍ ».

ولعله كان مخصوصا وإلا فالمشهور أن الصَّاعَ الذي كان في عهده صلى الله عليه وآله أربعة أمداد. وعن الفراء أهل الحجاز يؤنثون الصَّاع ويجمعونها في القلة على أَصْوُع وفي الكثرة على صِيعَان ، وبنو أسد وأهل نجد يذكرون ويجمعون على أَصْوَاع ، ونقل عن المطرزي عن الفارسي أنه يجمع على آصُع بالقلب كما قيل دار وآدر بالقلب. وصُعْتُ الشيء فانْصَاعَ : أي فرقته فتفرق. والتَّصَوُّع : التفرق. ومنه قَوْلُهُ « وَفَاضَ فَانْصَاعَ بِهِ سَحَابُهُ ».

أي تفرق في أمكنة متعددة ليعم نفعه.

باب ما أوله الضاد

( ضبع )

فِي حَدِيثِ الْغَدِيرِ « مَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَ بِضَبْعِ ابْنِ عَمِّهِ ».

الضَّبْعُ كفرخ العضد. وفي القاموس الضَّبْع العضد كلها ، أو وسطها بلحمها ، أو الإبط ، أو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها.

وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي عُثْمَانَ « أَمَامَهُ ثَلَاثَةٌ وَاثْنَانِ خَمْسَةٌ لَيْسَ لَهُمْ سَادِسٌ مَلَكٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ وَنَبِيٌّ أَخَذَ بِضَبْعَيْهِ ».

أي عضديه « وَسَاعٍ مُجْتَهِدٌ وَطَالِبٌ يَرْجُو وَمُقَصِّرٌ فِي النَّارِ ». قال بعض الشارحين : قوله « ثلاثة

٣٦٢

واثنان « ما الفائدة في ذلك. قلت : إن ثلاثة من الخمسة من أصحاب العصمة ، واثنان من صنف آخر ، والمعنى أن من مشى على الأرض من صنف المكلفين خمسة جبرئيل عليه السلام وغيره من الملائكة والمراد من ساع مجتهد الأوصياء عليه السلام ، ومن طالب يرجو شيعتهم ، ومن مقصر ما سوى الأربعة المكلفين الماشين على الأرض. و « الضَّبُع » بضم الباء في لغة قيس وتسكينها في لغة تميم حيوان معروف ، وهي أنثى ، وقيل تقع على الذكر والأنثى وربما قيل في الأنثى ضَبْعَة بالهاء كما قيل سبع وسبعة بالسكون مع الهاء للتخفيف ، والذكر ضِبْعَانُ ، والجمع ضَبَاعِينَ كسِرْحَان وسَرَاحِين. قال في المصباح : ويجمع الضَّبُعُ على ضِبَاعٍ وبسكونها على أَضْبُعٍ.

( ضجع )

قوله تعالى : ( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ) [ ٣٢ / ١٦ ] أي المرقد. ومثله ( وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ ) [ ٤ / ٣٤ ] ولا تدخلوهن تحت اللحف. قوله : ( لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ ) [ ٣ / ١٥٤ ] أي لخرج الذين قدر الله عليهم القتل ، وكتب في اللوح المحفوظ إلى مضاجعهم ومصارعهم ولا تنفع الإقامة في المدينة.

وَفِي الْحَدِيثِ « عَجِّلُوا مَوْتَاكُمْ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ».

أي إلى قبورهم ومراقدهم.

وَفِيهِ « اخْتَارُوا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ الْخَالَ أَحَدُ الضَّجِيعَيْنِ ».

لعل المعنى فإن أخت الخال أحد الضجيعين ، فإذا كان شريفا كان ابن الأخت أو بنت الأخت كذلك ، وإذا كان وضيعا كان الولد وضيعا. والله أعلم. وضَجِيعُ الرجل : الذي يصاحبه. والمَضْجَعُ بفتح الميم والجيم : موضع الضجوع ، والجمع مَضَاجِعُ. والمُضَاجَعَةُ بين الرجل والمرأة. ومنه الْحَدِيثِ « لَيْسَ فِي الْمُضَاجَعَةِ وُضُوءٌ ».

والضِّجْعَة بالكسر من الِاضْطِجَاعِ ، وهو النوم كالجلسة من الجلوس ، وبفتحها

٣٦٣

المرة الواحدة.

وَفِي الْخَبَرِ « كَانَتْ ضِجْعَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله أَدَماً حَشْوُهَا لِيفٌ ».

أي ما كان يضطجع عليه ، فيكون في الكلام حذف تقديره كانت ذات ضجعة أو نحو ذلك. وضَجَعَ الرجل : أي وضع جنبه بالأرض ضَجْعاً وضُجُوعاً فهو ضَاجِعٌ ، واضْطَجَعَ مثله ، وفي افتعل لغتان للعرب فمنهم من يدغم فيقول اضَّجَعَ ومنهم من لا يدغم فيقول اضْطَجَعَ.

( ضرع )

قوله تعالى : ( لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ) [ ٨٨ / ٦ ] قيل هو نبت بالحجاز مشوم له شوك كبار ، يقال له الشبرق تأكله الإبل يضرها ولا ينفعها. قال الشيخ أبو علي : وإنما سمي ضَرِيعاً لأنه يشتبه عليها أمره فتظنه كغيره من النبت ، والأصل في الْمُضَارَعَةِ المشابهة.

وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله أَنَّهُ قَالَ : الضَّرِيعُ شَيْءٌ يَكُونُ فِي النَّارِ يُشْبِهُ الشَّوْكَ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ وَأَشَدُّ حَرّاً مِنَ النَّارِ.

وتَضَرَّعَ إلى الله : ابتهل إليه وتذلل. وتَضَرَّعَ : خضع وذل. والتَّضَرُّعُ : المبالغة في السؤال والرغبة. وضَرَعَ له يَضْرَعُ بفتحتين ضَراعَةً فهو ضَارِعٌ : ذل وخضع. وضَرِعَ ضَرَعاً من باب تعب لغة. والتَّضَرُّعُ : رفع اليدين والتضرع بهما.

وَفِي الْحَدِيثِ « التَّضَرُّعُ تَحْرِيكُ الْأَصَابِعِ يَمِيناً وَشِمَالاً ».

وفِي آخَرَ « التَّضَرُّعُ تَحَرُّكُ السَّبَّابَةِ الْيُمْنَى يَمِيناً وَشِمَالاً ».

وضَرُعَ ضَرَعاً وزان شرف شرفا : ضعف. والفعل المُضَارِعُ : ما فيه أحد الزوائد الأربع يجمعها قولك « أنيت » أو « نأتي ». والضَّرْعُ لكل ذات ظلف أو خف كالثدي للمرأة. وقولهم « لا سهم للضَّرَعِ » محركة هو الصغير الذي لا يصلح للركوب أو الضعيف.

٣٦٤

( ضعضع )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ تَضَعْضَعَ لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ طَمَعاً فِيهِ كَانَ قَرِينَهُ فِي النَّارِ ».

أي خضع وذل. ومثله فِي آخِرِ « مَا تَضَعْضَعَ امْرُؤٌ لِآخَرَ ».

يريد به غرض الدنيا « إِلَّا ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ ».

و « تَضَعْضَعَ بهم الدهر فصاروا في ظلمات القبور » أي أذلهم. وضَعْضَعَهُ : هدمه حتى الأرض. وتَضَعْضَعَتْ أركانه : أي اتضعت.

( ضفدع )

قوله تعالى : ( وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ ) [ ٧ / ١٣٣ ] هي جمع ضِفْدِعٍ كخنصر حيوان معروف ، والأنثى ضِفْدِعَة ، وربما قيل ضِفْدَع بفتح الدال قيل وأنكره الخليل وجماعة.

نُقِلَ أَنَّهُ لَمَّا نَقَضَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ مَا آمَنُوا بِهِ وَعَادُوا إِلَى خُبْثِ أَعْمَالِهِمْ بَعَثَ اللهُ عَلَيْهِمُ الضَّفَادِعَ فَامْتَلَأَتْ مِنْهَا بُيُوتُهُمْ وَأَبْنِيَتُهُمْ ، وَكَانَتْ تَدْخُلُ فِي فُرُشِهِمْ وَبَيْنَ ثِيَابِهِمْ وَأَطْعِمَتِهِمْ فَلَا يَكْشِفُ أَحَدٌ طَعَاماً وَلَا إِنَاءً إِلَّا وَيَجِدُ فِيهِ الضَّفَادِعَ وَكَانَ الرَّجُلُ يَجْلِسُ فِي الضَّفَادِعِ إِلَى ذَقَنِهِ وَيَهُمُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَيَثِبُ الضِّفْدِعُ فِي فِيهِ ، وَكَانَتْ تُلْقِي نَفْسَهَا فِي الْقِدْرِ وَهِيَ تَغْلِي فَتُفْسِدُ طَعَامَهُمْ وَتُطْفِئُ نِيرَانَهُمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبَلَاءِ الشَّدِيدِ ، فَضَجُّوا وَصَاحُوا وَسَأَلُوا مُوسَى فَقَالُوا : ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفْهَا عَنَّا ، فَدَعَا رَبَّهُ فَرَفَعَ اللهُ عَنْهُمُ الضَّفَادِعَ فَأَقَامُوا شَهْراً فِي عَافِيَةٍ ، ثُمَّ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَعَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ.

وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله عَنْ قَتْلِ سِتَّةٍ » وَعَدَّ مِنْهَا الضِّفْدِعَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أُضْرِمَتِ النَّارُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ شَكَتْ هَوَامُّ الْأَرْضِ إِلَى اللهِ فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَصُبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَلَمْ يَأْذَنْ لِشَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا الضِّفْدِعَ.

( ضلع )

فِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَلْعِ الدَّيْنِ ».

أي ثقله وميله عن الاستواء والاعتدال ، يقال ضَلَعَ بالفتح يَضْلَعُ ضَلْعاً بالتسكين : أي مال عن الحق. وحمل مُضْلِعٌ : أي مثقل.

٣٦٥

والضَّلَعُ بالتحريك الاعوجاج خلقة يقال ضَلِعَ بالكسر يَضْلَعُ ضَلَعاً بالتحريك من باب تعب اعوج ، فهو ضَلِعٌ. والضِّلَع من الحيوان بكسر الضاد وفتح اللام ، وهي أنثى وجمعها أَضْلُع وأَضْلَاع وضُلُوعٌ. وتَضَلَّعَ الرجل : امتلأ شبعا وريا. ومنه حَدِيثُ مَاءِ زَمْزَمَ « شَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ ».

أي أكثر من الشرب حتى تمدد جنبه وأضلاعه. وأَضْلَعَ المضيق : أي جعل مضيق الطريق وعرا مائلا عن الاستقامة. والِاضْطِلَاعُ من الضلاعة ، وهي القوة. واضْطَلَعَ بهذا الأمر : أي قدر عليه ، كأنه قويت عليه ضلوعه بحمله. ومنه « مُضْطَلِعٌ بالإمامة ».

وَفِي وَصَفَهُ صلى الله عليه وآله « إِنَّهُ كَانَ ضَلِيعَ الْفَمِ » (١).

أي عظيمه ، وقيل واسعه ، والعرب تحمد عظم الفم وتذم صغره ، وقيل هو عظم الأسنان.

( ضوع )

فِي الْخَبَرِ « جَاءَ الْعَبَّاسُ فَجَلَسَ عَلَى الْبَابِ وَهُوَ يَتَضَوَّعُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله رَائِحَةً لَمْ يَجِدْ مِثْلَهَا ».

يعني يشم منه رائحة منتشرة لم يجد مثلها ، من قولهم ضَاعَ المسك يَضُوعُ ضَوْعاً من باب قال : فاحت رائحته وانتشرت.

( ضيع )

فِي الْحَدِيثِ « بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لِلنَّاسِ فَضَيَّعُوهُ ».

أي أماتوه ولم يعبئوا به.

وَمِنْهُ « الْعَتَمَةُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَذَلِكَ تَضْيِيعٌ ».

ومنه حَدِيثُ التَّأْخِيرِ فِي الصَّلَاةِ « ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ اللهُ ».

وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الثَّوْبِ « فَضَيَّعْتُ غَسْلَهُ ».

أي قصرت في غسله. والضَّيْعَةُ : الضَّيَاعُ. أعني الهلاك. ومنه قوله « أخاف عليه الضَّيْعَةَ ». وضَاعَ يَضِيعُ ضَيْعَةً وضَيَاعاً بالفتح

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٠.

٣٦٦

أي هلك ، فهو ضَائِعٌ ، والجمع ضُيَّعٌ وضِيَاعٌ مثل ركع وجياع. ومنه الدُّعَاءُ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ مَالٍ يَكُونُ عَلَيَ ضَيَاعاً ».

أي هلاكا. والإِضَاعَةُ والتَّضْيِيعُ بمعنى. والضَّيْعَةُ بالفتح فالسكون : العقار والأرض المغلة ، والجمع ضِيَاعٌ ككلاب ، وضِيَعٌ كسدر. والضَّيْعَةُ أيضا : الحرفة. ومنه « كل رجل وضَيْعَته ». والضِّيَاعُ : العيال ، ومنه قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله « مَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَعَلَيَّ ».

والمَضِيعَة وهي المفازة المنقطعة يجوز فيها كسر الضاد وسكون الياء كمعيشة وسكون الضاد وفتح الياء.

وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ ».

قيل أراد به الحيوان ، أي يحسن إليه ولا يهمل ، وقيل إنفاقه في الحرام والمعاصي وما لا يحبه الله تعالى ، وقيل أراد به التبذير والإسراف وإن كان في مباح.

باب ما أوله الطاء

( طبع )

قوله تعالى : ( طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ) [ ٩ / ٩٣ ] أي ختم عليها فلم توفق للخير. والطَّبْعُ بالسكون الختم ، وبالتحريك العيب ، وأصله الدنس والوسخ يغشيان السيف ، ثم يستعمل فيما يشبه الوسخ والدنس من الآثام والأوزار وغير ذلك من العيوب والمقابح ، وكانوا يرون أن الطَّبَع هو الرين ، وقيل الرين أيسر من الطبع والطَّبَع أيسر من الإقفال والإقفال أشد ذلك كله ، وهو إشارة إلى قوله تعالى : ( بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) وقوله : ( طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ) وقوله : ( أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها ).

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبِهِ ». أي ختم

٣٦٧

عليه وغشاه ومنعه ألطافه ، وهو كما قيل صريح في إضلال الله لبعض عباده من باب المجازاة لا ابتداء كما زعمته الأشاعرة. والطَّبِيعَةُ : مزاج الإنسان المركب من الأخلاط.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام « طَبَائِعُ الْجِسْمِ عَلَى أَرْبَعَةٍ : فَمِنْهَا الْهَوَاءُ الَّذِي لَا تَحْيَا النَّفْسُ إِلَّا بِهِ وَبِنَسِيمِهِ وَيُخْرِجُ مَا فِي الْجِسْمِ مِنْ دَاءٍ وَعُفُونَةٍ ، وَالْأَرْضُ الَّتِي قَدْ تُوَلِّدُ الْيُبْسَ وَالْحَرَارَةَ ، وَالطَّعَامُ وَمِنْهُ يَتَوَلَّدُ الدَّمُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الْمَعِدَةِ فَتَعْمَلُ بِهِ حَتَّى يَلِينَ ثُمَّ يَصْفُوَ فَتَأْخُذُ الطَّبِيعَةُ صَفْوَهُ وَمَا تَمَّ يَنْحَدِرُ مَعَ الثُّفْلِ ، وَالْمَاءُ وَهُوَ يُوَلِّدُ الْبَلْغَمَ ».

قال بعض شراح الحديث : قوله « طَبَائِعُ الجسم » إلخ المراد أن نظام هيكل الإنسان مبني على أربعة : الهواء الذي متابعه دفع الفضلة فإن لتحرك النفس دخلا في الدفع ، والأرض التي تولد اليبس والحرارة في الهيكل لانعكاس أشعة الشمس ، وفيه إشارة إلى تولد المرتين مرة السوداء ومرة الصفراء.

( طلع )

قوله تعالى : ( فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى ) [ ٤٠ / ٣٧ ] أي لعلي أقف على حال إله موسى وأشرف عليه. والطُّلُوعُ والِاطِّلَاعُ : الصعود على الشيء ، قال تعالى : ( فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ ) [ ٣٧ / ٥٥ ]. قوله : ( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) [ ٥ / ٩٧ ] بفتح اللام وكسرها موضع الطلوع ، يقال طَلَعَت الشمس طُلُوعاً من باب قعد ومَطْلَعاً : أي بينت وظهرت. قال الشيخ أبو علي : قرأ الكسائي وخلف مَطْلِعِ بكسر اللام والباقون بفتح اللام. ثم قال : مَطْلَع مصدر بدلالة أن المعنى سَلَامٌ هِيَ حتى وقت طلوعه وإلى وقت طلوعه ، فهو نحو مقدم الحاج وخفوق النجم بجعل المصدر فيه على تقدير حذف المضاف ، والقياس أن يفتح اللام كما أن مصادر سائر ما كان من فعل يفعل مفتوح العين نحو المخرج والمقتل

وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ ».

٣٦٨

بتشديد الطاء المهملة والبناء للمفعول : أمر الآخرة وموقف القيامة الذي يحصل الاطلاع عليه بعد الموت. وفي الصحاح المُطَّلَعُ المأتى ، يقال أين مُطَّلَعُ هذا الأمر أي مأتاه ، وهو موضع الاطلاع من إشراف إلى انحدار. وقال ابن الأثير : المُطَّلَعُ مكان الاطلاع من موضع عال ، يقال مُطَّلَعُ هذا الجبل من مكان كذا : أي مأتاه ومصعده. ومنه حَدِيثِ الْحَسَنِ « إِنَّمَا أَبْكِي لِهَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَفِرَاقِ الْأَحِبَّةِ ».

ومِنْهُ « لَوْ أَنَّ لِي مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ ».

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ عَلِيٍّ عليه السلام مَعَ الصَّحَابَةِ « وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَعْتَعُوا » (١).

التَّطَلُّعُ الإشراف من عال ، وكنى به عن الاهتمام العالي بما ينبغي تحصيله. والتَّتَعْتُعُ : التقبض ، وتَتَعْتَعَ القنفذ : إذا أدخل رأسه في جلده ، وكنى به عن قصورهم وقعودهم عن مقاماته. وطِلَاعُ الأرض : ملؤها. وأَطْلَعْتُ زيدا على كذا : مثل أعلمته وزنا ومعنى. والطَّلْعُ : ما يطلع من النخل ثم يصير بسرا وتمرا إن كانت أنثى ، وإن كانت ذكرا لم تصر تمرا بل يترك على النخلة أياما معلومة حتى يصير فيه شيء أبيض مثل الدقيق ، له رائحة زكية فيلقح به الأنثى.

وَفِي الْحَدِيثِ « الطَّلِيعُ لَيْسَ بِمُحَارِبٍ ».

المراد به عين القوم.

وَفِي الْخَبَرِ « الْمَوْلُودُ مِنْ أُمَّتِي أَحَبُّ عَلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَت ».

أي من جميع ما في الدنيا.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَكْرَهُ أَنْ أَنَامَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، وَأَكْرَهُ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ غَيْرِ مَطْلِعِهَا ».

قال بعض الشارحين : يقرب إلى الذهن قراءة تُطَلَّعَ بتشديد اللام مبنيا للمفعول ليصح المعنى من غير تكلف. والطَّالِعُ : طالع النجوم. ومنه الْحَدِيثُ « كُنْتُ أَنْظُرُ فِي النُّجُومِ

__________________

(١) نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ج ١ ص ٨٤.

٣٦٩

وَأَعْرِفُهَا وَأَعْرِفُ الطَّالِعَ ، فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى الطَّالِعِ الشَّرِّ جَلَسْتُ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِذَا اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرِقِ سَلَكَ بِكُمْ مَنَاهِجَ الرَّسُولِ فَتَدَاوَيْتُمْ مِنَ الْعَمَى ».

قال بعض الشارحين : يحتمل أن يراد بالطَّالِعِ المهدي عليه السلام. لا يقال طُلُوعُهُ من مكة وهي وسط الأرض ، لأنا نقول اجتماع العساكر الكثيرة عليه وتوجهه إلى فتح البلاد إنما يكون من الكوفة وهي شرقي الحرمين وكثير من بلاد الإسلام ، ويحتمل أن يراد به علي أمير المؤمنين لأن محله بالكوفة وهي شرقي الحرمين.

وَمَا رُوِيَ مِنْ « أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ ».

يذكر في محله.

( طمع )

طَمِعَ في الشيء طَمَعاً من باب تعب وطَمَاعَةً وطَمَاعِيَةً بالتخفيف ، فهو طَامِعٌ وطَمِعٌ.

( طوع )

قوله : ( ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ) [ ٤١ / ١١ ] الآية.

سُئِلَ الرِّضَا عليه السلام عَمَّنْ كَلَّمَ اللهَ لَا مِنَ الْجِنِّ وَلَا مِنَ الْإِنْسِ؟ فَقَالَ : السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي قَوْلِهِ ( ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ )(١).

قوله : ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ ) [ ٥ / ٣٠ ] أي شجعته ، ويقال رخصت وسهلت. قوله : ( وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً ) [ ٢ / ١٥٨ ] قيل : أي من تبرع بالسعي بين الصفا والمروة بعد إتيانه بالواجب. قال بعض المفسرين : وليس بشيء لأنه لم يرد استحباب السعي ابتداء ، بل إذا زاد شوطا سهوا استحب له إكمال أسبوعين ، وحينئذ يكون المراد من تَطَوَّعَ بالحج والعمرة بعد الإتيان بالواجب ، أو يكون المراد به الصعود على الصفا وإطالة الوقوف عليه ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُ

__________________

(١) الْبُرْهَانِ ج ٤ ص ١٠٧.

٣٧٠

الْوُقُوفُ عَلَيْهِ قَدْرَ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي تَرْتِيلٍ ، وَرُوِيَ أَنَّهُ يُورِثُ الْغِنَى ، وقال بعضهم أنه على إطلاقه ، أي أي خير كان من القربات ( فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ ) أي مجاز على الشكر بأضعافه عليهم بقدر إيصاله من الجزاء.

قوله : ( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ ) [ ٩ / ٧٩ ] أي المتطوعين في الصدقة فأدغم.

قوله : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) [ ٣ / ٩٧ ] أي من قدر على ذلك ، قيل إنها شاملة للمستطيع بنفسه وغيره ، فيدخل المغصوب الواجد من يحج عنه ، ووجه التناول ـ على ما قيل ـ مع أن فعل الغير مقام فعل الشخص مجاز مبني على إعراب الآية ، وفيه ثلاثة أوجه :

« أحدها » ـ إضافة حج الذي هو مصدر إلى المفعول ومن هو الفاعل ، وتقديره أن يحج المستطيع البيت.

« الثاني » ـ كذلك إلا أن من شرطية جزاؤها محذوف ، التقدير ( مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) فليفعل.

« الثالث » ـ بدل بعض من كل ، والتقدير على الْمُسْتَطِيعِ من الناس حج البيت ، فعلى الأول يكون الحمل على الأمرين جمعا بين الحقيقة والمجاز ، وعلى الثاني والثالث لا يكون جمعا بينهما.

والِاسْتِطَاعَةُ : هي الإطاقة والقدرة ، وربما قالوا اسْطَاعَ يَسْطِيعُ بحذف التاء وفي قراءة حمزة فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ بالإدغام ، فجمع بين الساكنين.

قوله : ( فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) [ ٩٤ / ١٦ ] مر في « وقى ».

قوله : ( لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ) [ ١٨ / ٦٧ ] أي لن تقدر على ما أفعل ، فإني أفعل أمورا ظاهرها مناكير وباطنها ( لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ).

قوله : ( هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ ) [ ٥ / ١١٢ ] أي هل يقدر ربك على ذلك.

قوله : ( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ) [ ١١ / ٨٨ ] أي ما أريد إلا الإصلاح ، وهو أن أصلحكم بموعظتي ونصيحتي.

قال الشيخ أبو علي : ما اسْتَطَعْتُ

٣٧١

ظرف ، أي مدة استطاعتي للإصلاح وما دمت متمكنا منه ، أو بدل من الإصلاح أي المقدار الذي استطعت منه ، ويجوز أن يكون مفعولا للإصلاح ، وكقوله « ضعيف النكاية أعداءه » ، أي ما أريد إلا أن أصلح ما اسْتَطَعْتُ إصلاحه من فاسدكم.

وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِطَاعَةِ « قَالَ الْبَصْرِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام : النَّاسُ مَجْبُورُونَ؟ قَالَ عليه السلام : لَوْ كَانُوا مَجْبُورِينَ لَكَانُوا مَعْذُورِينَ. قَالَ : فَفَوَّضَ إِلَيْهِمْ؟ قَالَ : لَا قَالَ : فَمَا هُمْ؟ فَقَالَ : عَلِمَ مِنْهُمْ فِعْلاً فَجَعَلَ فِيهِمْ آلَةَ الْفِعْلِ ، فَإِذَا فَعَلُوا كَانُوا مَعَ الْفِعْلِ مُسْتَطِيعِينَ » لعل المراد بالاستطاعة هنا الاستطاعة التامة دون المكلف بها ، وإلى هذا نظر بعض شراح الحديث حيث قال : ويمكن الجمع بين الأخبار بأن الِاسْتِطَاعَةَ قسمان ظاهرية وباطنية ، وأن الظاهرية مناط التكليف وأنها متقدمة على التكليف ، ألا ترى أن الحج يجب على من يموت في طريق مكة وأن الِاسْتِطَاعَةَ الجامعة للظاهرية والباطنية إنما تحصل في وقت الفعل والترك.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ ».

يريد أن الطَّاعَةَ لا تسلم لصاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بمعصية وإنما تصح مع اجتنابها. ومثله « لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ».

كما لو أمر بقتل وقطع ونحوه غير مشروع.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ أَطَاعَ رَجُلاً فِي مَعْصِيَةٍ فَقَدْ عَبَدَهُ ».

قال بعض العارفين : لعلك تظن أن ما تضمنه من أن الطَّاعَةَ عبادة لأهل المعاصي على ضرب من التجوز لا الحقيقة ، وليس كذلك بل هو حقيقة فإن العبادة ليست إلا الخضوع والتذلل والطاعة والانقياد ، ولهذا جعل

سبحانه اتباع الهوى والانقياد إليه عبادة للهوى قال : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ) وجعل طَاعَةَ الشيطان عبادة له فقال : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ).

قَوْلُهُ عليه السلام « هَوًى مُتَّبَعٌ وَشُحٌ مُطَاعٌ ». أي يطيعه صاحبه في منع حقوق

٣٧٢

واجبة عليه في ماله. والمُطَاوَعَةُ : الموافقة. ورجل مِطْوَاعٌ : أي مطيع. وانْطَاعَ له : انقاد. وطَاعَهُ طَوْعاً من باب قال ، وفي لغة من بابي باع وخاف أي أذعن وانقاد ، والطَّاعَةُ اسم ، ومنه اسم الفاعل من الرباعي مُطِيعٌ ، ومن الثلاثي طَائِعٌ. ولساني لا يَطُوعُ كذا : أي لا ينقاد. وأتينا طَوْعاً أو كرها : أي انقيادا. والطَّوَاعِيَةُ : الطاعة ، ومنه الدُّعَاءُ « اللهُمَّ ارْحَمْنِي بِطَوَاعِيَتِي إِيَّاكَ وَطَوَاعِيَتِي رَسُولَكَ ».

. باب ما أوله الظاء

( ظلع )

ظَلَعَ البعير يَظْلَعُ ظَلْعاً من باب نفع : غمز في مشيه ، وهو شبيه بالعرج اليسير.

باب ما أوله الفاء

( فجع )

الْفَجِيعَةُ : الرزية ، والجمع فَجَائِعُ ، وهي الْفَاجِعَةُ أيضا : والجمع فَوَاجِعُ. وفَجَعْتُهُ في المال فَجْعاً من باب نفع فهو مَفْجُوعٌ ، وتَفَجَّعْتُ له : توجعت.

( فدع )

الْفَدَعُ بفتحتين : اعوجاج الرسغ من اليد والرجل الكف أو القدم إلى الجانب الأيسر ، وذلك الموضع الْفَدَعَةُ مثل النزعة والصلعة. ورجل أَفْدَعُ وامرأة فَدْعَاءُ مثل أحمر وحمراء. والْأَفْدَعُ : الذي يمشي على ظهور قدميه.

( فرع )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « مَضَتْ

٣٧٣

أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا (١) ».

أراد بالأصول الآباء وبِالْفُرُوعِ الأبناء. وفَرْعُ كل شيء : أعلاه ، وهو ما يتفرع عن أصله. ومنه قوله « فَرَّعْتُ على هذا الأصل مسائل » أي استخرجت.

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ زُرَارَةَ وَأَبِي بَصِيرٍ عَنِ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ عليه السلام قَالا : « عَلَيْنَا أَنْ نُلْقِيَ إِلَيْكُمُ الْأُصُولَ وَعَلَيْكُمْ أَنْ تُفَرِّعُوا ».

ومعناه بحسب التبادر ـ والله أعلم ـ علينا أن نلقي إليكم نفس أحكامه تعالى بأصول من الكلام يفرع عليها غيرها من متعلقاتها عليكم ، أي ويلزمكم أن تفرعوا عليها لوازمها وما يتعلق بها ، كأن يقول مثلا « حرمت الخمر لإسكاره » فَيُفَرَّعُ على هذا الأصل تحريم سائر المسكرات ، لوجود علة الأصل التي هي سبب التحريم في الفرع ، أو يأمر بواجب مطلقا مثلا يَتَفَرَّعُ عليه وجوب مقدماته التي يتوقف حصوله عليها إذ هو معنى التَّفْرِيعُ الذي هو استنباط أحكام جزئية من قواعدها وأصولها. وقال بعض الأفاضل : معناه علينا أن نلقي إليكم نفس أحكامه تعالى بقواعد كلية وعليكم استخراج تلك الصور الجزئية من تلك القواعد الكلية ، مثل

قَوْلِهِمْ عليه السلام « كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْرِفَ الْحَرَامَ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ ».

وَقَوْلِهِمْ « إِذَا اخْتَلَطَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ».

فإن تلك الصور الجزئية المشار إليها هي نفس ما أمر بها في تلك القواعد الكلية ، فإن الأحكام الشرعية لا تجري على القواعد الكلية إلا باعتبار تلك الجزئيات ، فالأمر بالكليات في الحقيقة ليس إلا أمرا بتلك الجزئيات ، فلا معنى للتفريع حينئذ.

وَفِي حَدِيثٍ فِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « كَانَ أَفْرَعَ ».

هو ضد الأصلع. وافْتَرَعْتُ البكر : افتضضتها.

وَمِنْهُ « فَلَمَّا افْتَرَعَهَا غَلَبَ الدَّمُ ».

ومِنْهُ « إِذَا فُرِعَتِ الْمَرْأَةُ ذَهَبَ جُزْءٌ مِنْ حَيَائِهَا ».

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٣٨.

٣٧٤

وَفِي الْحَدِيثِ « إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ الْمُفْتَرَعَ قِيلَ لَهُ : وَمَا الْكَذِبُ الْمُفْتَرَعُ؟ قَالَ : يُحَدِّثُكَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ فَتَتْرُكُهُ فَتَرْوِيهِ عَنْ غَيْرِ الَّذِي حَدَّثَكَ بِهِ » (١).

و « الفُرْع » وزان قفل من أعمال المدينة ، والصفراء وأعمالها من الفرع ، وكانت ديار عاد (٢). و « فِرْعَوْن » على وزن برذون ، فالواو والنون زائدتان ، وهو لا ينصرف لأنه اسم أعجمي ومعرفة عرف في حال تعريفه لأنه نقل من الاسم العلم ولو عرف في حال تنكيره لانصرف ، وجمعه فَرَاعِنَةٌ. قال ابن الجوزي : وهو ثلاثة فِرْعَوْنُ الخليل واسمه سنان ، وفِرْعَوْنُ يوسف واسمه الريان بن الوليد ، وفِرْعَوْنُ موسى واسمه الوليد بن مصعب ، وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر واليوم الذي دخلها موسى عليه السلام رسولا أربعمائة عام. وكل عات فِرْعَوْن ، والعتاة الفَرَاعِنَةُ. وقد تَفَرْعَنَ وهو ذو فَرْعَنَةٍ : أي ذو دهاء ومكر.

( فزع )

قوله تعالى : ( حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ) [ ٣٤ / ٢٣ ] بالتشديد ، أي جلي الفزع عن قلوبهم وكشف ، أي عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم.

قَوْلُهُ : ( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ) [ ٢١ / ١٠٣ ] قِيلَ هُوَ إِطْبَاقُ بَابِ النَّارِ حِينَ تُغْلَقُ عَلَى أَهْلِهَا ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام والفَزَعُ : الذعر ، وهو في الأصل مصدر. قال الجوهري : وربما جمع على

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٥٢.

(٢) قال في معجم البلدان ج ٤ ص ٢٥٢ : والفرع قرية من نواحي المدينة عن يسار السقيا ، بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة ، وقيل أربع ليال ، بها منبر ونخل ومياه كثيرة ، وهي قرية غناء كبيرة ، وهي لقريش الأنصار ومزينة ، وبين الفرع والمريسيع ساعة من نهار ، وهي كالكورة ....

٣٧٥

أَفْزَاعٍ. والإِفْزَاعُ : الإخافة والإغاثة أيضا ، يقال فَزِعْتُ إليه فَأَفْزَعَنِي : أي لجأت إليه من الفزع فأغاثني. ومنه الْحَدِيثُ « إِذَا انْكَسَفَ الشَّمْسُ فَافْزَعُوا إِلَى مَسَاجِدِكُمْ ».

« وَفِي حَدِيثِ كُسُوفَيِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ » أَلَا إِنَّهُ لَا يَفْزَعُ لَهُمَا إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا ».

ووجهه على ما قيل إنهم يقولون بوجوب الصلاة لهاتين الآيتين ، وأما غيرهم فيقولون باستحباب ذلك. والمَفْزَعُ : الملجأ. وفلان مَفْزَعُ الناس : إذا دهمهم أمر فزعوا إليه ، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث.

( فظع )

فَظُعَ الأمر ككرم فَظَاعَةً فهو فَظِيعٌ : أي شديد شنيع جاوز المقدار في ذلك كأفظع. وأَفْظَعَهُ واسْتَفْظَعَهُ : وجده فظيعا.

( فقع )

قوله تعالى : ( فاقِعٌ لَوْنُها ) أي شديدة الصفرة ( تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ) [ ٢ / ٦٩ ]. والْفُقَّاعُ كرمان : شيء يشرب يتخذ من ماء الشعير فقط ، وليس بمسكر ولكن ورد النهي عنه ، قيل سمي فُقَّاعاً لما يرتفع في رأسه من الزبد. والفَقْعُ : ضرب من الكمأة ، وهي البيضاء الرخوة ، وكذلك الفِقْعُ كقرد.

باب ما أوله القاف

( قبع )

قَبَعَ الرجل يَقْبَعُ قُبُوعاً : إذا أدخل رأسه في قميصه. وقَبِيعَةُ السيف : ما على مقبضه من فضة أو حديد.

( قدع )

قَدَعْتُ فرسي : كففته. وقَدَعْتُ نفسي عما تريده وتطلب.

٣٧٦

( قرع )

قوله تعالى : ( الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ ) [ ١٠١ / ٢ ] القَارِعَةُ : البلية التي تقرع القلب بشدة المخافة. والقَرْعُ : الضرب بشدة الاعتماد. وقَوَارِعُ الدهر : دواهيه. و « القَارِعَةُ » اسم من أسماء القيامة لأنها تقرع القلوب بالفزع وتقرع أعداء الله بالعذاب. قوله : ( مَا الْقارِعَةُ ) هو تهويل لأمرها وتعظيم لشأنها ، ومعناه وأي شيء القارعة. وقَرَعَتْهُمْ قَوَارِعُ الدهر : أصابتهم. وقَوَارِعُ القرآن الآيات التي يقرؤها الإنسان إذا فزع من الجن والإنس نحو آية الكرسي لأنها تقرع الشيطان وتهلكه وقارعة الدار : ساحتها وقَارِعَةُ الطريق : أعلاه ، وهو موضع قرع المارة. ومنه الْحَدِيثُ « نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ ».

وقَرَعْتُ الباب قَرْعاً : طرقته. وقَرَعَ ناقتَه : ضربها بالسوط. وقَرَعَ رأسَه بالعصا وقَرَعْتُهُ بالمقرعة : ضربته بها. والمِقْرَعَةُ بالكسر فالسكون : ما يقرع به الدابة. وقَارَعْتُهُ : أي ضاربته وجادلته ، فَقَرَعْتُهُ أي غلبته بالمجادلة. وقَرَعْتُهُ أَقْرَعُهُ بفتحتين : غلبته. و « القُرْعَةُ » بالضم فالسكون معروفة ومنه الْحَدِيثُ « كُلُّ مَجْهُولٍ فَفِيهِ الْقُرْعَةُ ».

ولها تفصيل حررناه في القواعد الأصولية. وأَقْرَعْتُ بينهم من القرعة ، واقْتَرَعُوا وتَقَارَعُوا بمعنى. والمُقَارَعَةُ : المساهمة.

وَمِنْهُ « اقْتَرَعُوا عِنْدَ التنافس ( أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) وَكَانُوا يَلْقَوْنَ الْأَقْلَامَ بِالنَّهَرِ فَمَنْ عَلَا سَهْمُهُ » أَيْ ارْتَفَعَ « كَانَ لَهُ الْحَظُّ ».

والأَقْرَعُ من الحيات : الذي قرع السم في رأسه أي جمعه فذهب شعره. وقَرَعَ الفحل الناقة من باب نفع.

٣٧٧

والقَرَعُ محركة : البثر الأبيض يخرج بالفصال ودواه الملح. والْأَقْرَعُ : الذي ذهب شعر رأسه من آفة ، وقد قَرِعَ فهو أَقْرَعُ. وأرض قَرْعَاءُ : لا نبات فيها.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ قَرَعِ الْفَنَاءِ ».

وقد مر شرحه. و « القَرْعُ » بالفتح فالسكون وبالتحريك في لغة : حمل اليقطين ، الواحدة قَرْعَة بالفتح أيضا ، وتسمى الدباء. ومنه الْحَدِيثُ « لَيْسَ فِي حَبِ الْقَرْعِ وُضُوءٌ ».

و « قَارِع » اسم جبل على يسار الطريق لمريد الحج. ومنه الْحَدِيثُ « بَانِي قَارِعٍ وَهَادِمُهُ يُقَطَّعُ إِرْباً إِرْباً ».

يعني بذلك جعفر بن يحيى البرمكي ، وقد أمر أن يبنى له ثم مجلس يجلس عليه ثم لما رجع من مكة صعد إليه ثم أمر بهدمه ، فلما انصرف إلى العراق قطع إربا إربا. وقَرِيعَةُ البيت : خير موضع فيه. والتَّقْرِيعُ : التعنيف.

( قرثع )

القَرْثَعُ من النساء : البلهاء. وسئل أعرابي عن القَرْثَعُ؟ فقال : هي التي تكحل إحدى عينيها وتترك الأخرى وتلبس قميصا مقلوبا.

( قزع )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍ « فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ » (١).

ومثله فِي أَصْحَابِ الْقَائِمِ « يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ ».

أي قطع السحاب المتفرقة ، قيل وإنما خص الخريف لأنه أول الشتاء والسحاب فيه يكون متفرقا غير متراكم ولا مطبق ، ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك. والقَزَعُ بالتحريك : أن يحلق رأس الصبي ويترك في مواضع منه متفرقة غير محلوقة تشبيها بقزع السحاب. ومنه الْحَدِيثُ « نَهَى عَنِ الْقَزَعِ ».

وَرُوِيَ « أَنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ شَيْطَاناً ».

والقَزَعَةُ : القطعة من الغنم ، وجمعها قَزَعٌ

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٩٥.

٣٧٨

مثل قصبة وقصب.

و « القُنْزُعَة » بضم القاف والزاي وسكون النون واحدة القَنَازِع ، وهي أن يحلق الرأس إلا قليلا ويترك وسط الرأس.

ومنه الْحَدِيثُ « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمْرَضُ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا حَطَّ اللهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ بَلَغَتْ قُنْزُعَةَ رَأْسِهِ ».

والْقُنْزُعُ : الديوث الذي لا يغار على أهله.

( قشع )

تَقَشَّعَ السحابُ : أي تصدع وأقلع. وقَشَعَتِ الريحُ السحابَ من باب نفع : أي كشفته ، فَانْقَشَعَ وتَقَشَّعَ.

( قصع )

في الحديث ذكر القَصْعَة هي كبدرة وهي معروفة ، والجمع قِصَعٌ كبدر ، وقِصَاع ككلاب ، وقَصَعَات كسجدات ، وهي عربية ، وقيل معربة ، وعن الكسائي أعظم القِصَاع الجفنة ثم القَصْعَة تليها تشبع العشرة ثم الصَّحْفَة تشبع الخمسة ثم المكيلة تشبع الرجلين ثم الصحيفة تشبع الرجل.

وقَصَعَهُ قَصْعاً : صغره وحقره.

والقَصْعُ : ابتلاع الماء.

( قضع )

« قُضَاعَة » أبو حي من اليمن ـ قاله الجوهري ، وذكر نسبه إلى عدنان.

( قطع )

قوله تعالى : ( لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ) [ ٦ / ٩٤ ] أي وقع التقطع بينكم ، كما تقول جمع بين الشيئين أي أوقع الجمع بينهما على إسناد الفعل إلى مصدره ، وقرىء بَيْنُكُمْ على إسناد الفعل إلى الظرف

قوله : ( وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ ) [ ١٣ / ٤ ] أي متجاورة متلاصقة طيبة إلى سبخة وصلبة إلى رخوة وصالحة للزرع والشجر إلى أخرى على عكسها مع انتظام الجميع في جنس الأرضية ، وكذلك الكروم والزروع والنخيل الثابتة في هذه القطع مختلفة الأجناس والأنواع ، وهي تسقى بماء واحد تراها متغايرة الثمار في الأشكال والنبات والطعوم والروائح متفاضلة فيها ، وفي ذلك دلالة على صنع القادر العالم الموقع أفعاله على وجه دون وجه.

قوله : ( تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ )

٣٧٩

[ ٢١ / ٩٣ ] أي تقسموه واختلفوا في الاعتقاد والمذاهب.

قوله : ( إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ) [ ٩ / ١١٠ ] أي قطعا بحيث لا يبقى لها قابلية الإدراك.

قوله : ( قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ ) [ ١٣ / ٣١ ] أي تصدعت من خشية الله عند قراءته وشققت فجعلت أنهارا وعيونا

قوله : ( لِيَقْطَعَ طَرَفاً ) [ ٣ / ١٢٧ ] أي يهلك جماعة.

قوله : ( ثُمَ لْيَقْطَعْ ) [ ٢٢ / ١٥ ] أي ليختنق ، ويسمى الاختناق قطعا لأن المختنق يَقْطَعُ نفسه بحبس مجاريه ( قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ ) بالتحريك جمع قِطْعَة ، ومن قرأ قِطْعاً بتسكين الطاء أراد اسم ما قطع.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ ».

كما لو حلف لا يكلم أباه مثلا ، ويمكن أراد بالقَطِيعَة الأخ في الدين أيضا.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ مُقَطَّعَاتِ النِّيرَانِ ».

قال بعض الشارحين : المُقَطَّعَاتُ كل ثوب يقطع كالقميص والجبة ونحوهما لا ما لا يقطع كالإزار والرداء. قال : ولعل السر في كون ثياب النار مُقَطَّعَاتٍ كونها أشد لاشتمالها على البدن والعذاب بها أشد ـ انتهى.

وعن بعض اللغويين : أن المُقَطَّعَاتِ جمع لا واحد له من لفظه وواحدها ثوب ، وبعضهم بدل القاف فاء والطاء ظاء جمع مفظعة بسكون الفاء ، من فظع الأمر فظاعة فهو فظيع : أي شديد شنيع ، والأول أشهر.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ ».

وقد مر شرحها في رجا. و « القَطِيعَة » محال ببغداد أقطعها المنصور أناسا من أعيان دولته ليعمروها ويسكنوها (١).

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٤ ص ٣٧٦ ذكر أن غير المنصور من الخلفاء أيضا أقطع القطائع ، وعد عدة أمكنة من هذه القطائع ومن بينها قطيعة الربيع فقال : هي منسوبة إلى الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه ، وكانت قطيعة الربيع بالكرخ مزارع الناس من قرية يقال لها بياوري من أعمال بادوريا ، وهما قطيعتان خارجة وداخلة ....

٣٨٠