مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

أبطلها ولم يؤجر عليها. قال بعض المحققين : استحقاق الثواب مشروط بالموافاة لقوله تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَ عَمَلُكَ ) [ ٣٩ / ٦٥ ] ولقوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ ) الآية ، وقوله تعالى : ( فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ ) فمن كان من أهل الموافاة ولم يلبس إيمانه بظلم كان ممن يستحق الثواب الدائم مطلقا ، ومن كان من أهل الكفر ومات على ذلك استحق العقاب الدائم مطلقا ، ومن كان ممن خلط ( عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) فإن وافى بالتوبة استحق الثواب مطلقا ، وإن لم يواف بها فإما أن يستحق ثواب إيمانه أو لا ، والثاني باطل لقوله تعالى ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) فتعين الأول ، فإما أن يثاب ثم يعاقب وهو باطل بالإجماع ، لأن من يدخل الجنة لا يخرج منها ، فحينئذ يلزم بطلان العقاب أو يعاقب ثم يثاب وهو المطلوب ، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ « يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ كَالْحُمَمِ أَوْ كَالْفَحْمِ فَيَرَاهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ فَيُغْمَسُونَ فِي عَيْنِ الْحَيَوَانِ فَيَخْرُجُونَ وَاحِدُهُمْ كَالْبَدْرِ لَيْلَةَ تَمَامِهِ ».

وبما قررناه يتبين أن الإِحْبَاطَ والموازنة باطلان ، وذلك أن الوعيدية ـ وهم الذين لا يجوزون العفو عن الكبيرة ـ اختلفوا على قولين : « أحدهما » ـ قول أبي علي ، وهو أن الاستحقاق الزائد يسقط الناقص ويبقى بكماله ، كما لو كان أحد الاستحقاقين خمسة والآخر عشرة ، فإن الخمسة تسقط وتبقى العشرة ، ويسمى الإِحْبَاطَ. و « ثانيهما » ـ قول أبي هاشم ابنه ، وهو أن يسقط من الزائد ما قابل الناقص ويبقى الباقي ، ففي المثال المذكور يسقط خمسة ويبقى خمسة ويسمى بالموازنة. وقد أبطلهما المحققون من المتكلمين بأن ذلك موقوف على بيان وجود الإضافات في الخارج كالأخوة والبنوة وعدمها ، فقال المتكلمون بالعدم لأنها لو كانت موجودة في الخارج ـ مع أنها عرض

٢٤١

مفتقر إلى محل ـ يكون لها إضافة إلى ذلك المحل ، فنقول فيها كما قلنا في الأول ويلزم التسلسل وهو باطل ، ويلزم منه بطلانها في الخارج ، لأن ما بني على الباطل باطل ، وقول الحكماء بوجودها لا يلزم الوجود الخارجي بل الذهني. وتحقيق البحث في محله ، ولو قيل ببطلان الإحباط والموازنة والقول بالتكفير من باب العفو والتفضل لم يكن بعيدا ، وظواهر الأدلة تؤيده. وحَبِطَ العملُ يَحْبَطُ من باب تعب ومن باب ضرب لغة قرىء بهما في الشواذ.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذَّنْبِ الْمُحْبِطِ لِلْأَعْمَالِ ».

وفسر بالعجب.

( حبطأ )

وَفِي الْحَدِيثِ « تَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ غَداً فِي الْقِيَامَةِ حَتَّى إِنَّ السِّقْطَ لَيَجِيءُ مُحْبَنْطِئاً عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ : ادْخُلْ. فَيَقُولُ : لَا حَتَّى يَدْخُلَ أَبَوَايَ ».

قال أبو عبيدة : المُحْبَنْطِئُ بالهمزة العظيم البطن المنتفخ ، من قولهم احْبَنْطَأَ : انتفخ جوفه إذا امتلأ غيظا. والحَبَنْطَى : القصير البطين ، يعني عظيم البطن يهمز ولا يهمز ، والألف والنون للإلحاق.

( حطط )

قوله : ( وَقُولُوا حِطَّةٌ ) [ ٢ / ٥٨ ] أي حُطَّ عنا أوزارَنا ، ويقال هي كلمة أمر بها بنو إسرائيل لو قالوها لَحَطَّتْ أوزارُهم ، ولكنهم قالوا حنطة في شعير ، أي قيل لهم قولوا حط عنا ذنوبنا فبدلوه حنطة في شعير.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنِ ابْتَلَاهُ اللهُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ ».

أي يحط عنه خطاياه وذنوبه ، وهي فعلة من حَطَّ الشيءَ يَحُطُّهُ : إذا أنزله وألقاه. وحَطَطْتُ الرحلَ وغيره حَطّاً من باب قتل : أنزلته من علو إلى سفل. ومنه « فانْحَطَّ الرجلُ وهو قائم في صلاته ». والاسْتِحْطَاطُ بعد الصفقة : هو أن يطلب المشتري من البائع أن يحط عنه ثمن المبيع ، ويتم الكلام في صفق. والمُحَاطَّةُ في الرماية يجيء ذكرها.

( حنط )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تُسَلِّمْ وَلَدَكَ حَنَّاطاً

٢٤٢

فَإِنَّهُ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ عَلَى أُمَّتِي ».

الحَنَّاطُ بفتح الحاء والتشديد بياع الحِنْطَةِ بالكسر وهي القمح ، والبر بضم الباء والجمع حِنَطٌ

وَمِنْهُ « فَخَرَجَ مِنْ بَابِ الْحَنَّاطِينَ ».

لبيعهم الحنطة هناك ، وقيل لبيعهم الحَنُوطَ. والحَنُوطُ كرسول والحِنَاطُ ككتاب : طيب يوضع للميت خاصة.

( حوط )

قوله تعالى : ( إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ ) [ ٢ / ٦٦ ] أي إلا أن تبلغوا فلا تطيقوا ذلك. قوله : ( أَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ) [ ٦٥ / ١٢ ] أي بلغ منتهى كل شيء وأحاط به علمه. قوله : ( إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ) [ ٤١ / ٥٤ ] أي بالإشراق والإحاطة والقدرة.

وَفِي الْحَدِيثِ « خُذْ بِالْحَائِطَةِ لِدِينِكَ ».

أي بالاحتياط في أمر الدين ، يقال احْتَاطَ بالأمر لنفسه : أي أخذ بما هو أَحْوَطُ له ، أي أوقى مما يخاف. واحْتَاطَ بالشيء : أحدق به. واحْتَاطَ الرجلُ : أخذ بالثقة. وأنا أُحَوِّطُ حولَ ذلك الأمر : أي أدور. وحَاطَهُ يَحُوطُهُ حَوْطاً وحِيَاطَةً : إذا حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه. ومنه الدُّعَاءُ « وَاجْعَلْنِي فِي حِيَاطَتِكَ ».

وحِيَاطَةُ الإسلام : حفظه وحمايته. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ أَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ».

أي أحفظهم وأحماهم له.

قَوْلُهُ « تُحِيطُ دَعْوَتُهُ مِنْ وَرَائِهِمْ ».

أي تحدق بهم من جميع جوانبهم. ومنه « أَحَطْتُ به علما » أي أحدق علمي به من جميع جهاته.

وَفِي حَدِيثِ تَرْغِيبِ الْمَرْءِ وَكَوْنِهِ مَعَ عَشِيرَتِهِ « هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ حِيطَةً مِنْ وَرَائِهِ » (١).

أي حِيَاطَةً وحفظا وَفِي الْحَدِيثِ « كُلُّ مُحِبٍّ لِشَيْءٍ يَحُوطُ حَوْلَ مَا أَحَبَّ ».

يقال حَاطَهُ حَوْطاً وحِيَاطَةً : كلأه ورعاه. والحَائِطُ : الجدار والبستان أيضا من النخيل إذا كان عليه حائطا.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٥٧.

٢٤٣

وَمِنْهُ « دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَهُوَ يَعْمَلُ فِي حَائِطٍ لَهُ » ويجمع على حِيطَانٍ ، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.

وَفِي الْحَدِيثِ « الِاحْتِبَاءُ حِيطَانُ الْعَرَبِ » كأنه بمنزلة الحيطان التي يتكأ عليها ويستعان بها على الراحة والجلوس.

وَكَانَ لِفَاطِمَةَ عليه السلام سَبْعَةُ حَوَائِطَ : مِنْهَا الْعُوَافُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَالْمِثْيَبُ بالثاء الْمُثَلَّثَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التحتانية ، وَالْحُسْنَى ، وَمَالُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام.

باب ما أوله الخاء

( خبط )

قوله تعالى : ( لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ ) [ ٢ / ٢٧٥ ] أي لا يقومون من قبورهم إلا قياما كقيام المصروع ، وزعمت العرب أن المصروع يَتَخَبَّطُهُ الشيطان فيصرعه.

والخَبْطُ : حركة على غير النحو الطبيعي وعلى غير اتساق ، كَخَبْطِ الشعراء من المس : أي من مس الشيطان.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ » والمعنى أعوذ بك أن يمسني الشيطان بنزعاته التي تزول بها الأقدام وتصارع العقول والأحلام.

والخَبْطُ : المشي على غير الطريق.

والخَبْطُ باليدين كالرمح بالرجلين.

وخَبَطَهُ خَبْطاً : ضربه ضربا شديدا.

وخَبَطْتُ الورقَ خَبْطاً من باب ضرب : أسقطته.

واسم الورق الساقط « خَبَطٌ » بالتحريك ، فعل بمعنى مفعول ، وهو من علف الدابة يجفف ويطحن ويخلط بالدقيق ويداف بالماء فيوجر للإبل.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَ أَبِي يَنْزِلُ الْحَصْبَةَ قَلِيلاً وَهُوَ دُونَ خَبْطٍ وَحِرْمَانَ » وهما اسما موضعين.

والمُخْتَبِطُ : طالب الرفد من غير سابق

٢٤٤

معرفة ولا وسيلة ، شبه بِخَابِطِ الورق أو خَابِط الليل.

( خرط )

فِي حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام « فَمَا لَبِثَ إِلَّا أَيَّاماً يَسِيرَةً حَتَّى جَاءَتِ الْخَرِيطَةُ بِنَعْيِهِ ».

الخَرِيطَةُ وعاء من أدم وغيره يشد على ما فيه ، والجمع خَرَائِطُ ككريمة وكرائم. وأَخْرَطْتُ الخريطةَ : أشرجتها ، وخَرَطْتُ الورقَ من بابي ضرب وقتل : حتته من الأغصان ، وهو أن تقبض على أعلاه ثم تمر يدك عليه إلى أسفله. ومنه المثل « دونه خَرْطُ القتاد » وقد مر.

وَمِنْهُ « فَخَرَطَ مَا بَيْنَ الْأُنْثَيَيْنِ وَالْمَقْعَدَةِ ».

وانْخَرَطَ علينا فلانٌ : أي ابتدر بالقول السيء. واخْتَرَطَ سيفَهُ : سله.

( خطط )

فِي الْحَدِيثِ « لَا صُورَةٌ وَلَا تَخْطِيطٌ وَلَا تَحْدِيدٌ ».

وفِيهِ « أَنَّ قَوْماً يَصِفُونَ اللهَ بِالصُّورَةِ وَالتَّخْطِيطِ ».

أي إنه ذو أضلاع والخِطَّةُ بالكسر : الأرض يَخْتَطُّهَا الرجلُ لنفسه ، وهو أن يعلم عليها علامة بالخط ليعلم أنه قد اختارها ليبنيها دارا ـ قاله الجوهري ، ومنه خُطَطُ الكوفةِ والبصرة.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَسْجِدُ الْكُوفَةِ آخِرُ السَّرَّاجِينَ خِطَّةُ آدَمَ ».

ويحتمل خَطَّهُ آدمُ عليه السلام على صيغة الفعل. وخَطَّ الرجلُ الكتاب من باب قتل : كتب. والخُطَّةُ بالضم من الخَطّ كالنقطة من النقط. وكساء مُخَطَّطٌ : أي فيه خُطَطٌ. و « الخَطّ » موضع باليمامة ، وهو خَطّ هَجَر تنسب إليه الرماح الخَطِّيَّة لأنها تحمل من بلاد الهند فتقوم به فتنسب إليه على لفظه ، فيقال رماحٌ خَطِّيَّةٌ. وعن الخليل : إذا جعلت النسبة اسما لازما قلت « خِطِّيَّةٌ » بكسر الخاء ولم تذكر الرماح ، وهذا كما قالوا ثياب قِبْطِيَّة بالكسر ، فإذا جعلوه اسما حذفوا الثياب وقالوا « قِبطية » فرقا بين الاسم

٢٤٥

والنسبة.

( خلط )

قوله تعالى : ( خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) [ ٩ / ١٠٢ ].

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِ : هُمْ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَبُو لُبَابَةَ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَأَوْسٍ بْنِ حِزَامٍ وَثَعْلَبَةَ بْنِ وَدِيعَةً ( خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ).

وفيه دلالة على بطلان القول بالإحباط ، لأنه لو كان أحد العملين محبطا لم يكن لقوله ( خَلَطُوا ) معنى ، لأن الخَلْطَ يستعمل في المجمع مع امتزاج كخلط الماء واللبن وبغير امتزاج كخلط الدنانير والدراهم. قوله : ( أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ) [ ٦ / ١٤٢ ] الاخْتِلَاطُ بالشيء : الامتزاج به ، سواء كان مع التمييز وعدمه. قيل : والمراد به شحم الألية لاتصالها بالعصعص. قوله : الْخُلَطاءِ [ ٣٨ / ٢٤ ] يعني شركاء ، وهو جمع خَلِيطٍ بمعنى الشريك. والخَلِيطُ : المخالط كالنديم والجليس والمُخْلِطُ : هو الذي يحب عليا عليه السلام ولا يبرأ من عدوه ، ومن هذا الباب قول بعضهم « إن صاحبي كان مُخْلِطاً كان يقول طورا بالجبر وطورا بالقدر وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه ». والخِلْطُ بالكسر : طيب معروف ، والجمع أَخْلَاطٌ كحمل وأحمال. وخُولِطَ في عقله خِلَاطاً : إذا اختل عقله. واخْتَلَطَ فلانٌ : فسد عقله.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَبْرَارِ « يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَمَا خُولِطُوا وَلَكِنْ خَالَطَ قلبَهُم هَمٌّ عَظِيمٌ ».

هو من خُولِطَ في عقله : إذا اختلط عقله. وخَلَطَ الشيءَ بغيره : إذا ضمه إليه وبابه ضرب. وقد يكنى بِالْمُخَالَطَةِ عن الجماع ، ومنه قولهم « وخَالَطَهَا مُخَالَطَةَ الأزواج » يريدون الجماع.

( خمط )

قوله تعالى : ( ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ ) [ ٣٤ / ١٦ ] الخَمْطُ على ما نقل عن أبي عبيدة كل شجر ذي شوك.

٢٤٦

وقال غيره الخَمْطُ ضرب من الأراك له حمل يؤكل. قال الجوهري : ذَواتَيْ أُكُلِ خَمْطٍ!!

( خيط )

قوله تعالى : ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) [ ٢ / ١٨٧ ] الخَيْطُ الأبيضُ بياض النهار والخَيْطُ الأسودُ سواد الليل ، وقِيلَ الْخَيْطُ الْأَسْوَدُ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ وَالْأَبْيَضُ الْفَجْرُ الْمُعْتَرِضُ. قوله : ( حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِ الْخِياطِ ) [ ٧ / ٤٠ ] الخِيَاطُ ككتاب الإبرة ، والمِخْيَطُ بكسر الميم مثله. والخَيْطُ : السلك ، وجمعه خُيُوطٌ وخُيُوطَةٌ مثل فحول وفحولة. ومنه قوله :

خُيُوطَةُ ماري تغار وتفتل

ومنه الْحَدِيثُ « وَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ الْمَدَنِيَّةِ » فَكَتَبَ : صَلِّ عَلَى مَا كَانَ فِيهَا مَعْمُولاً بِخُيُوطَةٍ لَا بِسُيُورَةٍ ».

وَقَوْلُهُ عليه السلام فِي وَصْفِ الْإِمَامَةِ « لِأَنَّ خَيْطَ فَرْضِي لَا يَنْقَطِعُ وَحُجَّتِي لَا تَخْفَى ».

هو على الاستعارة. ومثله « أَخَافُ عَلَى خَيْطِ عُنُقِي ».

أي على رقبتي ، ويعني به القتل. وخَاطَ الرجلُ الثوبَ خِيَاطَةً من باب باع فهو مَخِيطٌ ، والياءُ في مَخِيط ياءُ مفعول وقيل إن الياء في مَخِيط أصلية والمحذوف واو مفعول. قال الجوهري : والقول هو الأول ، لأن الواو مزيدة للبناء فلا ينبغي لها أن تحذف ، وكذلك القول في كل مفعول من ذوات الثلاثة إذا كان من بنات الياء ، فإنه يجيء بالنقصان والتمام ، وأما من بنات الواو فلم يجئ على التمام إلا حرفان مسك مدووف وثوب مصووت فإن هذين جاءا نادرين.

٢٤٧

باب ما أوله الراء

( ربط )

قوله تعالى : ( وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ ) [ ١٨ / ١٤ ] أي ثبتنا قلوبهم وألهمناهم الصبر ومثله قوله ( لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ ) [ ٨ / ١١ ] و ( رَبَطْنا عَلى قَلْبِها ) [ ٢٨ / ١٠ ]. والرَّبْطُ على القلب : تسديده وتقويته ورِبَاطُ الخيلِ : مرابطتها. قوله : ( صابِرُوا وَرابِطُوا ) [ ٣ / ٢٠٠ ] أي رابطوا من ارتباط الخيل في سبيل الله وقيل وكل العبادات رِبَاطٌ في سبيل الله ، وأصل الرِّبَاطِ الملازمة والمواظبة على الأمر وملازمة ثغر العدو كالمرابطة. والمُرَابَطَةُ : أن يربط كل من الفريقين خيلا لهم في ثغره وكل معد لصاحبه ، فسمي المقام في ثغر رِبَاطاً ، وهي مستحبة ولو مع فقد الإمام.

وَمِنْهُ « مَنْ رَبَطَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَهُ كَذَا » (١).

أي أعدها للجهاد. والمُرَابَطَةُ أيضا : حبس الرجل نفسه على تحصيل معالم الدين ، بل هو أبلغ في اسم المرابطة ، فإن مهام الدين أولى بالاهتمام من مهام الأبدان. والمُرَابَطَةُ أيضا : انتظار الصلاة بعد الصلاة ، لِقَوْلِهِ عليه السلام « فَذَلِكُمُ الْمُرَابَطَةِ ».

يعني أن هذه الأعمال هي المرابطة ، لأنها تسد طريق الشيطان عن النفس وتمنعها عن الشهوات ، وهو الجهاد الأكبر لما فيه من قهر أعدى عدو الله تعالى. ورَبَطْتُ الشيءَ أَرْبُطُهُ وأَرْبِطُهُ بضم الباء وكسرها رَبْطاً من باب ضرب ومن باب قتل لغة أي شددته ، والموضع مَرْبطٌ بكسر الباء وفتحها ، والجمع مَرَابِطُ. ومَرَابِطُ الخيلِ : موضعها التي تربط فيها. والرِّبَاطُ : ما تشد به القربة ، والجمع رُبُطٌ ككتاب وكتب.

__________________

(١) الكافي ج ٥ ص ٤٨.

٢٤٨

والرِّبَاطُ أيضا : واحد الرِّبَاطَاتِ المبنية للفقراء ، مولد ، والجمع رُبُطٌ بضمتين ورِبَاطَاتٌ. وفلانٌ رَابِطُ الجأشِ ورَبِيطُ الجأشِ : أي شديد القلب ، كأنه يربط نفسه عن الفرار. ويقال للمصاب : رَبَطَ على قلبه بالصبر أي ألهمه.

( رقط )

فِي الْحَدِيثِ « إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الرَّقْطَاءِ دُونَ الرَّدْمِ فَلَبِّ ».

الرَّقْطَاءُ موضع دون الرَّدْم ، ويسمى مَدْعَا (١) ، ومَدْعَى الأقوامِ مجتمع قبائلهم ، والجمع المَدَاعِي ، يقال تداعت القوم عليهم من كل جانب : أي اجتمعت عليهم. وفي حواشي بعض الفضلاء « فإذا انتهيت إلى الرمضاء » بالميم بدل القاف. و « الرُّقْطَةُ » سواد يشوبه نقط بياض ومنه « دجاجة رَقْطَاءُ » و « حية رَقْطَاءُ ».

( رهط )

قوله تعالى ( وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ ) [ ١١ / ٩١ ] أي قومك وعزتهم عندنا لكونهم على ملتنا. والرَّهْطُ ـ ويحرك ـ ما دون العشرة من الرجال ، ولا واحد له من لفظه ، والجمع أَرْهُط وأَرَاهِط وأَرْهَاط ، وقيل من الثلاثة إلى العشرة ، وقيل إلى التسعة وعن ابن السكيت الرَّهْطُ والعترةُ بمعنى ، وقيل الرَّهْطُ ما فوق العشرة إلى الأربعين ، وعن تغلب الرَّهْطُ والنفر والقوم والمعشر والعشيرة معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم ، وهو للرجال دون النساء. وعن ابن فارس رَهطُ الرجلِ قومه وقبيلته الأقربون ، وسكون الهاء أفصح من فتحها ، وهو جمع لا واحد له من لفظه ، قال تعالى : ( وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ) [ ٢٧ / ٤٨ ].

( ريط )

فِي حَدِيثِ وَصْفِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي الْجَنَّةِ « وَعَلَيْهِ رَيْطَتَانِ : رَيْطَةٌ مِنْ أُرْجُوَانِ النُّورِ ، وَرَيْطَةٌ مِنْ كَافُورٍ ».

ومثله فِي وَصْفِ رَسُولِ اللهِ صلى الله

__________________

(١) انْظُرْ ج ١ ص ١٤٣ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ حَوْلَ « مدعا ».

٢٤٩

عليه وآله « مُرْتَدٍ بِرَيْطَتَيْنِ ».

الرَّيْطَةُ بالفتح : كل ملاءة إذا كانت قطعة واحدة وليست لفقين أي قطعتين ، والجمع رِيَاطٌ مثل كلبة وكلاب ، ورَيْطٌ مثل تمرة وتمر.

باب ما أوله الزاي

( زطط )

فِي الْحَدِيثِ « فَخَرَجَ عَلَيْنَا قَوْمٌ أَشْبَاهُ الزُّطِّ ».

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ الْبَصْرَةِ « أَتَاهُ سَبْعُونَ رَجُلاً مِنَ الزُّطِّ فَكَلَّمُوهُ بِلِسَانِهِمْ فَكَلَّمَهُمْ وَقَالُوا لَعَنَهُمُ اللهُ بَلْ أَنْتَ أَنْتَ » (١).

الزُّطّ بضم الزاي وتشديد المهملة جنس من السودان أو الهنود ، الواحد زُطِّيّ مثل زنج وزنجي. ومنه « ميسر بياع الزُّطِّيّ » رجل من رواة الحديث (٢). وفي القاموس « الزُّطّ » بالضم جيل من الهند معرب جَتّ بالفتح ، الواحد زُطِّيّ (٣).

__________________

(١) رجال الكشي ص ١٠١.

(٢) ذكر في منتهى المقال ص ٣١٥ و ٣١٦ رجلين باسم ميسرة ولم يصفهما بما هو موجود هنا.

(٣) وزاد في القاموس بعد قوله « بالفتح » : والقياس يقتضي فتح معربه أيضا.

٢٥٠

باب ما أوله السين

( سبط )

قوله تعالى : ( وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً ) [ ٧ / ١٦٠ ] قال الجوهري وإنما أنث لأنه أراد اثنتي عشرة فرقة ، ثم أخبر أن الفرق أَسْبَاطٌ وليس الأسباط بتفسير ولكنه بدل من ( اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ) ، لأن التفسير لا يكون إلا واحدا منكورا ، كقولك « اثني عشر درهما » ولا يجوز دراهم. والأَسْبَاطُ : أولاد الولد جمع سِبْطٍ مثل حمل وأحمال. والأَسْبَاطُ في بني يعقوب كالقبائل في ولد إسماعيل ، وهم اثنا عشر ولدا ليعقوب ، وإنما سموا هؤلاء بالأَسْبَاطِ وهؤلاء بالقبائل ليفصل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق ، وقد بعث منهم عدة رسل كيوسف وداود وسليمان وموسى وعيسى. وعن ابن الأعرابي الأَسْبَاطُ خاصة الأولاد.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سِبْطَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله » (١).

أي طائفتان وقطعتان.

وَفِي الْخَبَرِ « الْحُسَيْنُ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاطِ ».

أي أمة من الأمم في الخير. ويحتمل أن يراد بِالسِّبْطِ القبيلة ، أي يتشعب منهما نسله. والسَّبَطُ : شجرة لها أغصان كثيرة وأصلها واحد. وشعر سَبْطٌ : أي مسترسل غير جعد ، وقد سَبِطَ شعرُهُ بالكسر فهو سَبِطٌ بالكسر أيضا ، وربما قيل سَبَطٌ بالفتح.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِهِ عليه السلام « شَعْرُهُ لَيْسَ بِالسَّبْطِ وَلَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ ».

القَطَطُ الشديد الجعودة ، أي كان شعره بينهما. والسَّابَاطُ : سقيفة بين حائطين تحتها طريق ، والجمع سَوَابِيط وسَابَاطَات.

__________________

(١) الإرشاد للمفيد ص ١٨٠.

٢٥١

و « سَابَاط » قرية من قرى المدائن (١) و « يوم سَابَاط » من أيام الحسن بن علي عليه السلام مشهور. و « عمار بن موسى السَّابَاطِيّ » من رواة الحديث (٢).

( سخط )

« السَّخَطُ » بالتحريك وبضم أوله وسكون ثانيه : الغضب ، وهو خلاف الرضا ، يقال سَخِطَ سَخَطاً من باب تعب : أي غضب ، فهو سَاخِطٌ. وأَسْخَطَهُ : أي أغضبه ، وإذا أسند إلى الله تعالى يراد منه ما يوجب السخط من العقوبة كما مر في نظائره.

( سرط )

قوله تعالى : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) [ ١ / ٦ ] أي الطريق المستوي عن الاعوجاج و « السِّرَاطُ » لغة في الصراط بالصاد ، ويتم الكلام في صرط. وفي الحديث ذكر السَّرَطَانُ بالتحريك وهو خلق من خلق الماء ، وقيل هو أبو جنيب (٣). وفي حياة الحيوان السَّرَطَانُ ويسمى عقرب الماء ، وهو جيد المشي كثير العدو كثير الأسنان صلب الظهر ، من رآه رأى حيوانا بلا رأس ولا ذنب ، عيناه في كتفيه وفمه في صدره ، له ثمانية أرجل ، وهو يمشي على جانب واحد ويستنشق الماء والهواء معا (٤).

وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ السَّرَطَانُ يَقُولُ « اسْتَغْفِرُوا اللهَ يَا مُذْنِبُونَ ».

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٣ ص ١٦٦ : ساباط كسرى بالمدائن موضع معروف ، وبالعجمية بلاس آباذ ، وبلاس اسم رجل ... وساباط بليدة معروفة بما وراء النهر قرب أشروسنة على عشرين فرسخا من سمرقند.

(٢) عمار بن موسى الساباطي روى عن أبي عبد الله الصادق وأبي الحسن موسى عليه السلام ، وكان ثقة في الرواية رجال النجاشي ص ٢٢٣.

(٣) وفي حياة الحيوان : وكنيته أبو بحر.

(٤) حياة الحيوان ج ٢ ص ١٩.

٢٥٢

و « السَّرَطَانُ » برج في السماء ، وداء يخرج في رسغ الدابة وييبسه حتى يقلب حافره ـ قاله الجوهري. وسَرِطْتُ الشيءَ سَرَطاً من باب تعب ونصر : بلعته. ومن أمثالهم « لا تكن حلوا فَتُسْتَرَط ولا مُرّاً فَتُعْقَى » قال الجوهري : هو من أَعْقَيْتُ الشيء : إذا أزلته من فيك لمرارته.

( سعط )

سَعَطَهُ الدواءُ كمنعه ونصره : أدخله في أنفه ، والسَّعُوطُ كصبور ذلك الدواء. و « المُسْعُطُ المِسْعَطُ » بالضم ويكسر : ما يجعل فيه ويصب منه في الأنف.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَسْتَعِطَ » (١).

وفِي آخَرَ « يُكْرَهُ السُّعُوطُ لِلصَّائِمِ » (٢).

وأَسْعَطْتُ الرجلَ فَاسْتَعَطَ بنفسه ، والسُّعُوطُ كقعود مصدر.

( سفط )

« السَّفَطُ » محركة واحد الأَسْفَاطُ التي يعبى فيه الطيب ونحوه ، ويستعار للتابوت الصغير ، ومنه فأخرج في سَفَطٍ.

( سقط )

قوله تعالى ( وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ) [ ٧ / ١٤٩ ] بالبناء للمفعول ، والظرف نائبه ، يقال لكل من ندبه وعجز عن الشيء قد سقط في يده وأسقط في يده لغتان ، ومعنى ( سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ) ندموا على ما فاتهم. وفي الصحاح وقرأ بعضهم سَقَطَ بالفتح كأنه أضمر الندم. قوله : ( أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ) [ ٩ / ٤٩ ] أي وقعوا فيها ، وهي فتنة التخلف عن الجهاد ، والفتنة هي الإثم. قوله : ( تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا ) [ ١٩ / ٢٥ ] قال الشيخ أبو علي : قرىء تَسَّاقَطْ بالتاء والياء والتشديد ، والأصل تتساقط ويتساقط فأدغم ، و ( تُساقِطْ ) بضم التاء وكسر القاف والتاء للنخلة والياء للجذع.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَأَنْ أُقَدِّمَ سُقْطاً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ مُسْتَلْئِمٍ ».

[ السقْط ] هو بالحركات الثلاث والضم أكثر الولد الذي يَسْقُطُ من بطن

__________________

(١) من لا يحضر ج ٢ ص ٦٩.

(٢) الكافي ج ٤ ص ١١٠.

٢٥٣

أمه قبل تمام الحمل ، فمنه تام وهو ما بلغ أربعة أشهر ومنه غير تام وهو من لم يبلغ الأربعة ، والمُسْتَلْئِمُ لابس عدة الحرب ، يعني ثواب السقط أكثر من ثواب الكبير من الأولاد ، لأن فعل الكبير يخصه أجره وثوابه وإن شاركه الأب في بعضه ، وثواب السقط مقصور على الأب. والسُّقُوطُ في الشيء : الوقوع فيه ، يقال سَقَطَتِ الفأرةُ في الإناء : إذا وقعت فيه. ومنه المثل « على الخبير بها سَقَطْتَ » أي على العارف بها وقعت. وسَقَطَ سُقُوطاً : وقع من أعلى إلى أسفل ، ويتعدى بالألف ، فيقال أَسْقَطْتُهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَيُّ قَاضٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَضَى فَأَخْطَأَ سَقَطَ أَبْعَدَ مِنَ السَّمَاءِ » (١).

يعني عن درجة أهل الثواب أبعد مما بين السماء والأرض ، ويريد المبالغة في السقوط. والسَّاقِطُ من الناس : اللئيم في حسبه ونسبه. والسَّقَطَةُ : المحتقرون الساقطون عن غير الناس. والسَّقَطُ بالتحريك : رديء المتاع والخطأ من القول والفعل. والسَّقَّاطُ بتشديد القاف : الذي يبيع السَّقَطَ من المتاع. والسَّقْطَةُ : العثرة والزلة ، وهي بإسكان القاف ، ومن أمثالهم « لكل سَاقِطَةٍ لاقطة ». قال الأصمعي وغيره « السَّاقِطَةُ » الكلمة التي يسقط بها الإنسان ، و « اللاقطة » الحامل لها ، أي لكل كلمة يخطىء بها الإنسان لاقط حامل آخذ ، وأدخل الهاء للازدواج مع ساقط (٢). والمَسْقِطُ كمجلس : موضع السقوط ، ومنه يقال « هذا مَسْقِطُ رأسي » حيث ولد فيه. ومنه الْحَدِيثُ « لَا يُخْرَجُ الرَّجُلُ مِنْ مَسْقِطِ رَأْسَهُ ».

يعني في الدين. والمَسْقَطُ بالفتح : السُّقُوط.

( سقلط )

« سَقْلَاط » بلد بالروم تنسب إليه الثياب.

__________________

(١) الكافي ج ٧ ص ٤٠٨.

(٢) انظر كتاب الفاخر ص ١٠٩.

٢٥٤

( سلط )

قوله تعالى : ( وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً ) [ ٢٨ / ٣٥ ] أي غلبة وتَسْلِيطاً أو حجة وبرهانا ، وأصل السَّلْطَنَة القوة. قوله : ( وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ ) [ ١٤ / ٢٢ ] أي من حجة وبرهان ، ولا يجمع لأن مجراه مجرى المصدر كغفران. قوله : ( فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) [ ١٧ / ٣٣ ] أي تسلطا على القصاص وأخذ الدية. والسُّلْطَان فعلان يذكر ويؤنث ، يقال أتينا سُلْطَاناً جائرة. والسُّلْطَان بضم اللام لغة ، والجمع السَّلَاطِين. والسَّلِيط : هو الزيت عند عامة العرب ، وعند أهل اليمن هو دهن السمسم ومنه خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ « رَأَيْتُ عَلِيّاً وَكَأَنَّ عَيْنَيْهِ سِرَاجَا سَلِيطٍ ».

والسَّلَاطَة : حدة اللسان ، يقال رجل سَلِيط أي صخاب بذيء اللسان ، وامرأة سَلِيطَة كذلك. ومنه الْحَدِيثُ « الْبَذَاءُ وَالسَّلَاطَةُ مِنَ النِّفَاقِ » (١).

وسَلَّطْتُه على الشيء تَسْلِيطاً : مكنته فَتَسَلَّطَ ، أي تحكم وتمكن.

( سمط )

فِي الْحَدِيثِ « حَتَّى انْتَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إِلَى الْبَيْدَاءِ فَصُفَّ النَّاسُ لَهُ سِمَاطَيْنِ فَلَبَّى بِالْحَجِّ ».

السِمَاط ككتاب : الصف من الناس ، والسماطان : صفان. ومثله حَدِيثُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ عليه السلام مَعَ الْمُوَفِّقُ « فَقَامُوا ـ يَعْنِي الْحِجَابَ وَالْبَوَّابَ سِمَاطَيْنِ ».

والسِّمَاطَان من النخل : الجانبان ، يقال مشى بين السماطين.

وَفِي الْحَدِيثِ « بَنَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله مَسْجِدَهُ بِالسَّمِيطِ ، ثُمَّ زِيدَ فِيهِ فَبَنَاهُ بِالسَّعِيدَةِ ، ثُمَّ زِيدَ فِيهِ فَبَنَاهُ بِالْأُنْثَى وَالذَّكَرِ ».

أراد بِالسَّمِيطِ لبنة لبنة كما جاءت به الرواية ، وكذلك يستفاد من اللغة ، لأن فيها الآجر القائم بعضه فوق

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٣٢٥.

٢٥٥

بعض ، وبالسعيدة لبنة ونصف ، وبالأنثى والذكر لبنتان متخالفتان. والسِّمْط كحمل : الخيط ما دام الخرز فيه وإلا فهو خيط.

وَفِي حَدِيثِ الْأَرْضِ « وَحِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا ».

سُمِّطَتْ : زيّنت بالسمط ، وهو العقد ورُوِيَ بالشين المعجمة أي خُلِطَتْ.

( سوط )

قوله تعالى : ( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ ) [ ٨٩ / ١٣ ] السَّوْطُ هو العذاب ، ولم يكن ثمة ضرب بسوط ، ويقال أي نصيب عذاب ، ويقال شدته لأن العذاب قد يكون بالسوط ، ويقال ( سَوْطَ عَذابٍ ) أي ألم سوط عذاب. قوله : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) [ ١٧ / ٦٤ ] أي بوسوستك (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « لَوَدِدْتُ أَصْحَابِي تُضْرَبُ رُءُوسُهُمْ بِالسِّيَاطِ حَتَّى يَتَفَقَّهُوا ».

هي جمع سَوْط ، وهو الذي يجلد به ، والأصل سواط فقلبت لكسرة ما قبلها ، وتجمع على الأصل أَسْوَاط كثوب وأثواب وثياب

وَفِي حَدِيثِ فاطمة عليها السلام « مَسُوطٌ لَحْمُهَا بِدَمِي وَلَحْمِي ».

أي ممزوج ومخلوط.

وَفِي خَبَرِ سَوْدَةَ « أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْهُ الْمِسْوَطَ ».

يعني الشيطان ، سمي به من سَاطَ القدر بِالْمِسْوَطِ. والمِسْوَاطُ : خشبة يحرّك بها ما فيها ليختلط ، كأنه يحرك الناس للمعصية ويجمعهم فيها. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « لَتُسَاطُنَ سَوْطَ الْقِدْرِ » (٢).

قال بعض شراح الحديث « لَتُشَاطُنَ » بالشين المعجمة بمعنى غليان القِدر أظهر.

__________________

(١) هذه الآية مذكورة هنا اشتباها ، وهي مذكورة أيضا في مادة ( صوت ) في هذا الكتاب ج ٢ ص ٢٠٩ ، وقد ذكرها المصنف أيضا في كتابه غريب القرآن في مادة صوت وسوط انظر ص ١٣٣ و ٣٤٧.

(٢) نهج البلاغة ج ١ ص ٤٣.

٢٥٦

باب ما أوله الشين

( شبط )

« الشَّبُّوطُ » كتنور ضرب من السمك دقيق الذنب عريض الوسط لين المس صغير الرأس ، وهذا النوع قليل الإناث كثير الذكور. وفيه ذكر شُبَاط ، وهو أحد أشهر السنة بعد كانون الثاني.

( شحط )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ جَلَسَ فِيمَا بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَالْإِقَامَةِ كَانَ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ».

أي المقتول المضطرب المتمرغ بدمه في سبيل الله ، من قولهم يَتَشَحَّطُ بدمه : أي يتخبط فيه ويضطرب ويتمرغ.

( شرط )

قوله تعالى : ( فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها ) [ ٤٧ / ١٨ ] أي جاء علاماتها التي تدل على قربها. والشَّرَطُ بفتحتين : العلامة.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام لِعَبْدِ اللهِ بْنِ يَحْيَى الْحَضْرَمِيِّ يَوْمَ الْجَمَلِ « أَبْشِرْ يَا ابْنَ يَحْيَى فَإِنَّكَ وَأَبَاكَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيسِ » (١).

أي من نخبه وأصحابه المتقدمين على غيرهم من الجند. و « الشُّرْطَة » بالسكون والفتح الجند والجمع شُرَطٌ مثل رطب. و « الشُّرَطُ » على لفظ الجمع أعوان السلطان والولاة وأول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت ، سموا بذلك لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها للأعداء ، الواحدة شُرْطَة كغرف وغرفة. و « صاحب الشُّرْطَة » يعني الحاكم ، وإذا نسب إلى هذا قيل شُرْطِيّ بالسكون ردّا إلى واحدة كتركي ، والخَمِيسُ : الجيش.

وَفِي حَدِيثِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ « وَقَدْ

__________________

(١) مُنْتَهَى الْمَقَالَ ص ١٩٥.

٢٥٧

سُئِلَ : كَيْفَ تَسَمَّيْتُمْ شُرْطَةَ الْخَمِيسِ يَا أَصْبَغُ؟ قَالَ : لِأَنَّا ضَمِنَّا لَهُ الذَّبْحَ وَضَمِنَ لَنَا الْفَتْحَ » يعني أميرَ المؤمنين عليه السلام.

والشَّرْطُ : معروف ، وجمعه شُرُوط كفلس وفلوس.

وشَرَطَ الحاجمُ شَرْطاً من باب ضرب وقتل.

وشَرَطْتُ عليه كذا شَرْطاً ، واشْتَرَطْتُ عليه ، ومنه حَدِيثُ بَرِيرَةَ « شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ ».

يريد ما أظهره وما بينه من حكم الله

بِقَوْلِهِ « الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ».

وقيل هو إشارة إلى قوله تعالى : ( فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ ).

والشَّرِيطَةُ في معنى الشرط ، وجمعها شَرَائِط.

( شطط )

قوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً ) [ ٧٢ / ٤ ] أي جورا وعلوا في القول وغيره ، يقال شَطَّ في حكمه شُطُوطاً وشَطَطاً : جار.

ومنه « كلفتني شَطَطاً » أي أمرا شاقا.

قوله : ( وَلا تُشْطِطْ ) [ ٣٨ / ٢٢ ] أي لا تجر وتسرف.

والشَّطَطُ : الجور والظلم والبعد عن الحق.

والشَّطُّ : جانب النهر الذي ينتهي إليه حد الماء ، والجمع شُطُوط كفلس وفلوس.

والشَّطُّ : جانب الوادي.

وشَاطِئُ الوادي : جانبه ، وقد مرّ.

وشَطَّتِ الدار : بعُدت.

( شمط )

فِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ بِجَزِّ الشَّمَطِ وَنَتْفِهِ وَجَزُّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَتْفِهِ » هو بالتحريك بياض شعر الرأس يخالط سواده ، والرجل أَشْمَط والمرأة شَمْطَاء.

ومنه الْحَدِيثُ « الشُّؤْمُ لِلْمُسَافِرِ فِي طَرِيقِهِ ، فِي الْمَرْأَةِ الشَّمْطَاءِ تَلْقَى فَرْجَهَا » والشؤم : الشر وعدم اليمن.

وَفِي خَبَرِ أَنَسٍ « لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فَعَلْتُ » أراد الشعرات البِيض ، ويريد قلَّتها.

٢٥٨

( شوط )

الشَّوْط : هو الجري إلى الغاية مرة واحدة ، والجمع أَشْوَاط.

وَمِنْهُ « طَافَ صلى الله عليه وآله بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ ».

و « الشَّوْطُ » اسم حائط من بساتين المدينة.

( شيط )

شَاطَتِ القِدْرُ : إذا احترقت ولصِق بها الشيءُ. وغضب فلان واسْتَشَاطَ كأنه التهب في غضبه.

باب ما أوله الصاد

( صرط )

قوله تعالى : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) [ ١ / ٦ ] بالصاد ، وهي اللغة الفصيحة ، والصراط المستقيم هو الدين الحق الذي لا يقبل الله من العباد غيره ، وإنما سمي الدين صراطا لأنه يؤدي من يسلكه إلى الجنة كما أن الصراط يؤدي من يسلكه إلى مقصده.

وَفِي عُيُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا عَنْهُ عليه السلام عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قَدْ يَقُولُ أَرْشِدْنَا لِلُزُومِ الطَّرِيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَحَبَّتِكَ وَالْمُبَلِّغِ دِينَكَ وَالْمَانِعِ مِنْ أَنْ نَتَّبِعَ أَهْوَاءَنَا فَنَعْطَبَ أَوْ نَأْخُذَ بِآرَائِنَا وَنَهْلِكَ (١).

وصِرَاطٌ مستقيم : دِين واضح. قوله : ( لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) [ ٧ / ١٦ ] أي في الطريق الذي يسلكونه

وَفِي حَدِيثِ زُرَارَةَ « يَا زُرَارَةُ إِنَّمَا يَصْمُدُ لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ ، وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَقَدْ فَرَغَ مِنْهُمْ » (٢).

قوله : ( وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِ صِراطٍ تُوعِدُونَ ) [ ٧ / ٨٦ ] قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا

__________________

(١) الْبُرْهَانِ ج ١ ص ٥١.

(٢) تَفْسِيرُ الْبُرْهَانِ ج ٢ ص ٥.

٢٥٩

يَقْعُدُونَ عَلَى طَرِيقِ مَنْ قَصَدَ شُعَيْباً لِلْإِيمَانِ ، فَيُخَوِّفُونَهُ بِالْقَتْلِ (١).

باب ما أوله الضاد

( ضبط )

ضَبَطَ الشيء ضَبْطاً من باب ضرب : حفظه حفظا بليغا. والضَبْطُ : الحزم. ومنه رجل ضَابِطٌ : أي حازم.

( ضرط )

الضُّرَاطُ معروف ، وهو بالضم ، وضَرِطَ ضَرَطاً من باب تعب.

( ضغط )

فِي الْحَدِيثِ « قَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ ».

أي من عصرته وشدته. الضُّغْطَة بالضم : الشدة والمشقة. وضَغَطَهُ ضَغْطاً من باب نفع : زحمه إلى حائط ونحوه وعصره ، ولعل منه الحديث لأنه يضيق على الميت ويوسع له.

وَفِي الْخَبَرِ « لَتُضْغَطُنَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ ».

أي لتزاحمون عليها.

وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ فِي الْحَجِ « قُلْتُ : كَيْفَ صَارَ التَّكْبِيرُ يَذْهَبُ بِالضِّغَاطِ هُنَاكَ؟ قَالَ : لِأَنَّ قَوْلَ الْعَبْدِ اللهُ أَكْبَرُ مَعْنَاهُ اللهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْأَصْنَامِ الْمَنْحُوتَةِ وَالْآلِهَةِ الْمَعْبُودَةِ دُونَهُ ، وَأَنَّ إِبْلِيسَ وَشَيَاطِينَهُ يُضَيِّقُ عَلَى الْحَاجِّ مَسْلَكَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ، فَإِذَا سَمِعَ التَّكْبِيرَ طَارَ مَعَ شَيَاطِينِهِ وَتَبِعَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يَقَعُوا فِي اللُّجَّةِ ».

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٤٤٧.

٢٦٠