مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

يمينا وشمالا ، والمراد به العلم الذي فُرِضَ على العبد معرفته في أبواب المعارف ، وتحقيقه هو : أن مراتب العلم الشرعي ثلاثة : فَرْضُ عين ، وفَرْضُ كفاية ، وسُنَّةٌ.

فالأول ما لا يتأدى الواجب إلا به ، وعليه حمل « طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ » ، وهو يرجع إلى اعتقاد وفعل وتركه ، فالأول اعتقاد كلمتي الشهادة ، وما يجب لله ويمتنع ، والإذعان بالإمامة للإمام ، والتصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله من أحوال الدنيا والآخرة مما ثبت عنه بالتواتر ، كل ذلك بدليل تسكن النفس إليه ويحصل به الجزم ، وما زاد على ذلك من أدلة المتكلمين فهو فَرْضُ كفاية. وأما الفعل فتعلم واجب الصلاة وأمثالها. وأما الترك فيدخل في بعض ما ذكر.

وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ « فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ » قال بعض الأعلام : أراد بكون الزكاة فريضة واجبة كونها سهما مقتطعا من المال وجوبا ، وإلا لما كان لتخصيصها من بين سائر الْفَرَائِضِ معنى.

والفرق بين الْفَرِيضَةِ والواجب هو أن الْفَرِيضَةَ أخص من الواجب لأنها الواجب الشرعي ، والواجب إذا كان مطلقا يجوز حمله على العقلي والشرعي.

والْفَرِيضَةُ فعيلة بمعنى مفعولة ، والجمع فَرَائِضُ قيل اشتقاقها من الْفَرْضِ الذي هو التقدير ، لأن الْفَرَائِضَ مقدرات ، وقيل هي من فَرْضِ القوس وهو الجزء الذي يقع فيه الوتر.

والْفَرْضُ : الْمَفْرُوضُ ، وجمعه فُرُوضٌ مثل فلس وفلوس.

وَفِي الْحَدِيثِ « السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَرِيضَةٌ وَعَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ سُنَّةٌ » (١) ولعل المراد كَالْفَرِيضَةِ لشدة الاستحباب بخلاف السجود على غيرها.

وَقَوْلُهُ عليه السلام « فَرَضَ اللهُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يَبْدَأْنَ بِبَاطِنِ أَذْرُعِهِنَّ » (٢) أراد بِالْفَرْضِ هنا التقدير على الظاهر لا الوجوب

__________________

(١) في الكافي ج ٣ ص ٣٣١ : السجود على الأرض فريضة وعلى الخمرة سنة.

(٢) من لا يحضر ج ١ ص ٣٠.

٢٢١

للاتفاق على عدمه.

ومثله « ما ذا أقول وأفوض على نفسي وفَرَضَ الله الأحكام فَرْضاً أوجبها ».

وكتاب الْفَرَائِضِ يعني المواريث.

وَفِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ عليه السلام « فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ وَسَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله عَلَيْهِ عَشْرَةَ أَوْجُهٍ : صَلَاةَ السَّفَرِ ، وَصَلَاةَ الْحَضَرِ » ـ إلخ. لعل المعنى أوجب الله تعالى في الكتاب العزيز الصلاة على وجه الإجمال ، وسنها رسول الله صلى الله عليه وآله مفسرة في السنة. وأنت خبير بأن العشرة لا يتم عددها إلا بجعل الكسوف والخسوف صلاتين.

وفَرَضْتُ الخشبة فَرْضاً من باب ضرب حززتها.

وقد اشتهر عند الناس « تعلموا الْفَرَائِضَ وعلموها الناس فإنها نصف العلم » بتأنيث الضمير وإعادته إلى الْفَرَائِضِ ، ونقل وعلموه بالتذكير بإعادته إلى محذوف ، والتقدير تعلموا علم الْفَرَائِضِ ، قيل سماه نصف العلم باعتبار قسمة الأحكام إلى متعلق بالحي ومتعلق بالميت ، وقيل توسعا ، والمراد الحث عليه.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ » يريد العدل في القسمة بحيث تكون على السهام والأنصباء المذكورة في الكتاب والسنة ، وقيل أراد بها أن تكون مستنبطة منهما وإن لم يرد بها نص فيها فتكون معادلة للنص ، وقيل الْفَرِيضَةُ العادلة ما اتفق عليها المسلمون.

وَفِي الْخَبَرِ « طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ » أي بعد الْفَرِيضَةِ المعلومة عند أهل الشرع ، وذلك لأن طلب الحلال أصل الورع وأساس التقوى.

( فضض )

قوله تعالى : ( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها ) [ ٦٢ / ١١ ] هو من فَضَضْتُ القوم فَانْفَضُّوا : أي فرقتهم فتفرقوا ، والمعنى تفرقوا إليها.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ « قَالَ : أَقْبَلَتْ عَيْرٌ وَنَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله الْجُمُعَةَ ، فَانْفَضَ النَّاسُ إِلَيْهَا فَمَا بَقِيَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً أَنَا مِنْهُمْ ».

وأصل الْفَضِ الكسر ، يقال فَضَضْتُ

٢٢٢

الختم فَضّاً من باب قتل كسرته.

وفَضَضْتُ البكارة : أزلتها على التشبيه بالختم.

وفَضَ فاه : أي نثر أسنان فيه.

ولجام مُفَضَّضٌ : أي مرصع بِالْفِضَّةِ. و « الْفِضَّةُ » معروفة.

( فوض )

قوله تعالى : ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ ) [ ٤٠ / ٤٤ ] أي أرده إليه.

ومنه الدُّعَاءُ « فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ » أي رددته إليك وجعلتك الحاكم فيه.

ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « قَدْ فَوَّضَ اللهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله أَمْرَ دِينِهِ وَلَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ تَعَدِّيَ حُدُودِهِ » (١).

وَقَوْلُهُ عليه السلام « إِنَّ اللهَ فَوَّضَ إِلَى الْمُؤْمِنِ أُمُورَهُ كُلَّهَا » (٢) لعل المراد تَفْوِيضُهُ في المباحات ، بمعنى أنه لم يحاسبه على تناولها ، وهو من قبيل إذن للمؤمن في كل شيء إلا في إهانة نفسه ، لكنه مما يفوت ثواب التواضع لله وإذلال النفس.

والْمُفَاوَضَةُ : المساواة والمشاركة في كل شيء ، وهي مفاعلة من التَّفْوِيضِ كان كل واحد منهما رد ما عنده إلى صاحبه. ومنه « تَفَاوَضَ الشريكان في المال » إذا اشتركا فيه أجمع.

وتَفَاوَضَ القوم في الأمر : أي فَاوَضَ إليه بعضهم بعضا.

و « الْمُفَوِّضَةُ » قوم قالوا إن الله خلق محمدا وفَوَّضَ إليه خلق الدنيا فهو الخلاق لما فيها ، وقيل فوض ذلك إلى علي عليه السلام.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ قَالَ بِالتَّفْوِيضِ فَقَدْ أَخْرَجَ اللهَ عَنْ سُلْطَانِهِ ».

وَفِي خَبَرٍ « لَا جَبْرَ وَلَا تَفْوِيضَ وَلَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ ».

وممن قال بِالتَّفْوِيضِ المعتزلة ، بمعنى أن الله تعالى فَوَّضَ أفعال العباد إليهم ، وقد مر تمام البحث في جبر. والتَّفْوِيضُ في النكاح والتزويج بلا مهر

( فيض )

قوله تعالى : ( ثُمَ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) [ ٢ / ١٩٩ ].

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ٣٨٦.

(٢) سفينة البحار ج ٢ ص ٣٨٧.

٢٢٣

أي ادفعوا من حيث دفع الناس. واختلف فيما المراد بِالْإِفَاضَةِ : فقيل المراد إِفَاضَةُ عرفات وإن الأمر لقريش لأنهم كانوا لا يقفون بعرفات مع سائر العرب ويقولون نحن حرم الله فلا نخرج منه فأمرهم الله بموافقة سائر العرب ، وقيل الناس هو إبراهيم عليه السلام أي أَفِيضُوا من حيث أَفَاضَ وسماه بالناس كما سماه أُمَّةً. قوله : ( تُفِيضُونَ فِيهِ ) [ ١٠ / ٦١ ] أي تدفعون فيه بكثرة ، ومنه الْحَدِيثُ « فَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ ».

وأصل الْإِفَاضَةِ الصبر ، فاستعيرت للدفع في السير. وأَفَضْتُ الماء : إذا دفعته بكثرة. وفَاضَ السيل يَفِيضُ فَيْضاً : كثر وسال من شفا الوادي ، و « أَفَاضَ » بالألف لغة. وأَفَاضَ الإناء فَيْضاً : امتلأ. وفَاضَ كل سائر : جرى. وفَاضَ الخبر : إذا شاع وكثر. وفَاضَتْ نفسه : خرجت روحه عن أبي عبيدة. وفَاضَ صدره بالسر : أي باح به. ويَفِيضُ من دموعه : يسيل. وأَفِضْ على رأسك الماء : أي صبه وشيعه عليه. واسْتَفَاضَ الحديث : شاع في الناس وانتشر ، فهو مُسْتَفِيضٌ اسم فاعل. ومنه « أثر مُسْتَفِيضٌ » أي مشهور. و « فَيْضٌ » رجل من رواة الحديث (١) وفِي إِرْشَادِ الْمُفِيدِ « أَنَ الْفَيْضَ بْنَ الْمُخْتَارِ مِنْ شُيُوخِ أَصْحَابِ الصَّادِقِ عليه السلام وَخَاصَّتِهِ وَبِطَانَتِهِ وَثِقَاتِهِ الْفُقَهَاءِ الصَّالِحِينَ ».

__________________

(١) الفيض بن المختار الجعفي ، كوفي روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن عليه السلام ، ثقة عين له كتاب يرويه ابنه جعفر رجال النجاشي ص ٢٣٩.

٢٢٤

باب ما أوله القاف

( قبض )

قوله تعالى : ( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) [ ٢٠ / ٩٦ ] أي أخذت ملء كف من تراب موطىء فرس الرسول ـ يعني جبرئيل. قوله : ( يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ) [ ٩ / ٦٧ ] أي يمسكونها عن الصدقة والخير. قوله : ( يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ ) [ ٢ / ٢٤٥ ] أي يضيق على قوم ويوسع على قوم. قوله : ( ثُمَ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً ) [ ٢٥ / ٤٦ ] يريد به الظل المنبسط ، ومعنى قَبَضَهُ إليه أنه ينسخه بوجود الشمس ( قَبْضاً يَسِيراً ) أي على مهل ، أي شيئا بعد شيء ، وفي ذلك منافع غير محصورة ، ولو قَبَضَهُ دفعة واحدة لتعطل أكثر منافع الناس بالظل والشمس جميعا. قوله : ( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ) [ ٦٧ / ١٩ ] أي باسطات أجنحتهن وقابضاتها. قوله : ( وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) [ ٣٩ / ٦٧ ] أي في ملكه ، مثل قولهم « قد صار الشيء في قَبْضَتِكَ » أي في ملكك. وقَبَضْتُ الشيءَ قَبْضاً : أخذته. و « القَابِضُ » من أسمائه تعالى ، وهو الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته ، ويقبض الأرواح عند الممات والباسط القابض والقَابِضُ هو من أسمائه تعالى ، وهو الذي يوسع الرزق على عباده ، ويحسن القران بين هذين الاسمين ، فيقال القَابِضُ الباسطُ ، وكذلك كل اسمين يردان موردهما مثل الخافض الرافع والمعز المذل والضار النافع ، فإن ذلك أنبأ للقدرة وأدل على الحكمة. وقَبَضَ اللهُ الرزق قَبْضاً من باب ضرب : خلاف بسط. ويَقْبِضُ الله الأرض ، ويَقْبِضُ السماءَ : أي يجمعهما.

٢٢٥

وقَبَضْتُ قَبْضَةً من تمر ـ بفتح القاف والضم لغة ـ : أي كفّا منه. وقَبَضَ عليه بيده : ضم عليه أصابعه ومنه « مَقْبِضُ السيف » وزان مسجِد ، وفتح الباء لغة.

وَفِي الْحَدِيثَ « فَقَبَضَ عَلَيْهِنَّ ».

أراد الكلمات الأخروية التي ذكرت في الحديث ولعل المراد بِالْقَبْضِ عدتهن بالأصابع وضما لهن. والقَبَضُ بالتحريك : ما قُبِضَ من أموال الناس. وانْقَبَضَ الشيءُ : صار مقبوضا. والانْقِبَاضُ : خلاف الانبساط. ومنه الْحَدِيثُ « الِانْقِبَاضُ عَنِ النَّاسِ مَكْسَبَةٌ لِلْعَدَاوَةِ ».

يعني من خالط ثم ينقبض عنهم وعن مخالطتهم لا لعلة فقد كسب العداوة. وتَقَبَّضَتِ الجلدةُ في النار : أي انزوت. ومنه الْحَدِيثُ « كُلَّمَا انْقَبَضَ اللَّحْمُ عَلَى النَّارِ فَهُوَ ذَكِيٌّ وَكُلَّمَا انْبَسَطَ فَهُوَ مَيْتَةٌ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « مَا مِنْ قَبْضٍ وَلَا بَسْطٍ إِلَّا وَلِلَّهِ فِيهِ مَشِيَّةٌ وَابْتِلَاءٌ ».

قيل المراد من القَبْضِ والبسط الفرح والألم ، سواء كان بطريق ظلم أحد أم لا. وقُبِضَ فلانٌ : أي مات ، فهو مَقْبُوضٌ ومنه « قُبِضَ موسى » و « قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله ».

( قرض )

قوله تعالى : ( إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ ) [ ٦٤ / ١٧ ] القَرْضُ : ما تعطيه غيرك ليقضيكه ، وأصله القطع ، فهو قطيعة من مالك بإذنه على ضمان رد مثله ، والمعنى ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) [ ٢ / ٢٤٥ ] أي طيبة نفسه ( فَيُضاعِفَهُ لَهُ ) في الجزاء ما بين سبع أو سبعين إلى سبعمائة. وقد استدل بهذه الآية وبقوله ( إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ ) و ( أَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) على أرجحية القَرْضِ للمؤمن ، وإن فيه أجرا عظيما ، وإن الله هو المكافئ عليه ، إذ الحقيقة ممنوعة لاستحالة الحاجة عليه ، فتحمل على إقراض عبيده.

٢٢٦

واعترض بأن إطلاق القَرْض الذي هو إعطاء شيء ليستعيد عوضه في وقت آخر استعارة للأعمال الصالحة ، فإن الأعمال الصالحة يفعلها العبد ويحصل له العوض في دار الآخرة ، وحينئذ لا دلالة في هاتين الآيتين ونظيرهما على مشروعية القرض. نعم يمكن الاستدلال بغير ذلك من العمومات ، مثل قوله تعالى ( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ) و ( أَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ونحو ذلك ، وهو متجه. قوله : ( وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ ) [ ١٨ / ١٧ ] أي تخلفهم شمالا وتجاوزهم. و « المِقْرَاضُ » واحد المَقَارِيضِ التي يُقْرَضُ بها. ومنه الْحَدِيثُ « كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ قَطْرَةُ بَوْلٍ قَرَضُوا لُحُومَهُمْ بِالْمَقَارِيضِ ».

أي قطعوها ، ولعل ذلك كما قيل لشدة نجاسة البول على الدم ، وكان ذلك من بول يصيب أبدانهم من خارج لا أن الاستنجاء من البول كان بذلك وإلا هلكوا في مدة يسيرة. والقُرَاضَةُ بالضم : ما سقط بالقرض ، ومنه « قُرَاضَةُ الحلي ». والقِرَاضُ والمضاربة بمعنى واحد ، وهو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليعمل به بحصة من ربحه. وقد قَارَضْتُ فلانا قِرَاضاً : إذا دفعت إليه مالا ليتجر فيه ويكون الربح بينكما على ما تشترطان والوظيفة على المال.

وَفِي الْخَبَرِ « إِنْ قَارَضْتَ النَّاسَ قَارَضُوكَ ».

أي إن سببتهم ونلت منهم سبوك. والقَرْضُ : ما أسلفت من إحسان ومن إساءة ، وهو على التشبيه.

وَفِي وَصْفِ الْمُنَافِقِينَ « يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ » (١).

أي يمدح كل واحد منهم الآخر على سبيل القرض ليمدحه الآخر أيضا. واسْتَقْرَضَ : طلب القرض. واقْتَرَضَ : أخذه.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩١.

٢٢٧

( قضض )

قوله تعالى : ( فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ فَأَقامَهُ ) [ ١٨ / ٧٧ ] أي يسقط وينهدم ، من قولهم انْقَضَ الحائطُ : إذا سقط ، وقيل إذا تصدع ولم يسقط ، فإذا سقط قيل انهار وتهور. ويقال انْقَضَ الطائرُ : إذا هوى في طيرانه ، ومنه انْقِضَاضُ الكوكبِ. ويقال جاءوا بِقَضِّهِمْ وقَضِيضِهِمْ : أي بأجمعهم. ومنه الْخَبَرُ « يُؤْتَى بِالدُّنْيَا بِقَضِّهَا وَقَضِيضِهَا ».

أي بكل ما فيها. واقْتَضَ الجاريةَ : افترعها وأزال بكارتها ، والافتضاض بالفاء بمعناه. واقْتَضَ الإداوةَ : فتح رأسها ، ويروى بالفاء أيضا.

( قعض )

فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ « وَتَقْعَضُ أَيَّامَهُ سُرُوراً ».

لعله من قَعَضْتُ العودَ : إذا عطفته كما تعطف عروش الكرم والهودج.

( قوض )

يقال قَوَّضْتُ البناءَ : إذا نقضته من غير هدم.

( قيض )

قوله تعالى : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً ) [ ٤٣ / ٣٦ ] أي نسبب له شيطانا ، أو نقدر له شيطانا من قَيَّضَ له كذا : أي قدره ، فجعل الله ذلك جزاءه ، وقد تقدم الكلام في عشا. قوله : ( قَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ ) [ ٤١ / ٢٥ ].

وَفِي دُعَاءِ التَّزْوِيجِ « وَقَيِّضْ لِي مِنْهَا وَلَداً طَيِّباً ».

أي قدرنا وسببنا له قرناء وقدر لي منها ولدا.

وَفِي الْخَبَرِ « إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ قِيضَتْ هَذِهِ السَّمَاءُ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا ».

أي شقت. وقَايَضْتُ فلانا مُقَايَضَةً : إذا عارضته بمتاع ، يعني أعطيته متاعا وأخذت عوضه سلعة. وقَيْضُ البيضة : قشرها الأعلى.

٢٢٨

باب ما أوله الميم

( محض )

فِي الْحَدِيثِ « لَا يُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ إِلَّا مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً أَوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً » (١).

المَحْضُ : الخالص الذي لم يخالطه شيء ، ومنه اللبن المَحْضُ والحرير المَحْضُ. والعربي المَحْضُ : الخالص النسب. قال الجوهري : الذكر والأنثى والجمع فيه سواء. ومَحَضْتُهُ المودةَ : أخلصتها له. ومثله أَمْحَضْتُهُ بالألف. ومنه الْحَدِيثُ « امْحَضْ أَخَاكَ الْمَوَدَّةَ ».

وكل شيء أخلصته فقد مَحَضْتَهُ. وقد مَحَضَ الشيءَ : صار محضا.

( مخض )

قوله تعالى : ( فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ ) [ ١٩ / ٢٣ ] هو بالفتح والكسر لغة وجع الولادة ، يقال مَخِضَتِ الناقةُ بالكسر تَمْخَضُ مَخَاضاً من باب تعب : دنا ولادتها وأخذها الطلق ، فهي مَاخِضٌ بغير هاء ، وشاة مَاخِضٌ ونوق مُخَّضٌ. والمَخَاضُ أيضا : الحوامل من النوق ، واحدتها خلفة ولا واحد لها من لفظها كما قيل لواحدة الإبل ناقة من غير لفظها. ومنه قيل للفصيل إذا استكمل الحول ودخل في الثانية « ابن مَخَاضٍ » لأن أمه لحقت بالمُخَّضِ أي الحوامل وإن لم تكن حاملا. قال الجوهري : « وابن مَخَاضٍ » نكرة ، فإذا أردت تعريفه أدخلت عليه الألف واللام ، إلا أنه تعريف جنس. ومَخَضْتُ اللبنَ من باب قتل ونفع : استخرجت زبده بوضع الماء عليه وتحريكه فهو مَخِيضٌ فعيل بمعنى مفعول. والمَخِيضُ والمَمْخُوضُ : اللبن الذي قد

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٣٥.

٢٢٩

مُخِضَ وأخذ زبده. والمِمْخَضَةُ بالكسر : الوعاء الذي يُمْخَض فيه.

( مرض )

قوله تعالى : ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) [ ٢ / ١٠ ] أي شك ونفاق ، ويقال المَرَضُ في القلب الفتور عن الحق ، وفي الأبدان فتور في الأعضاء ، وفي العيون فتور في النظر. والمَرَضُ : السُقم. وعن ابن فارس : المَرَضُ كل ما خرج به الإنسان عن الصحة من علة أو نفاق أو تقصير في أمر. ومَرِضَ كفرح فهو مَرِيضٌ ، والجمع مِرَاضٌ ومَرَاضَى. ومَرَّضْتُهُ تَمْرِيضاً : أقمت عليه في مرضه وتكلفت بمداراته. ومنه الْحَدِيثُ « تَقْعُدُ الْحَائِضُ عِنْدَ الْمَرِيضِ تُمَرِّضُهُ » (١).

أي تكون في خدمته. ويقال شمس مَرِيضَةٌ : إذا لم تكن صافية.

( مضض )

فِي الْحَدِيثِ « وَجَدُوا مَضَضَ حَرِّ النَّارِ ».

أي لدغ حرها وألمها. يقال مَضِضْتُ من الشيء مَضَضاً من باب تعب تألمت ، ويتعدى بالحركة والهمزة فيقال مَضَّنِي الجرحُ مَضّاً وأَمَضَّنِي إِمْضَاضاً : إذا أوجعني. والكحل يُمِضُ العينَ بحدته إِمْضَاضاً : أي يلدغ.

وَمِنْهُ « حَتَّى يَجِدَ مَضَضَ الْجُوعِ ».

أي ألمه ولدغه.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْمَضْمَضَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْوُضُوءِ ».

أي من واجبه وفرضه بل من كمالاته ، وهي إدارة الماء في الفم وتحريكه بالأصابع أو بقوة الفم ثم يمجه ، وتَمَضْمَضْتُ بالماء : فعلت مثل ذلك. ومَضَّهُ الشيء مَضّاً : بلغ من قلبه الحزن به والمَضَضُ : وجع المصيبة.

( معض )

مَعِضَ في الأمر كفرح : غضب.

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ١٣٨.

٢٣٠

وَفِي خَبَرٍ نِكَاحِ الْيَتِيمَةُ « فَإِنْ مَعِضَتْ لَمْ تُنْكَحْ ».

أي شق عليها الأمر. ومَعِضَ من شيء سمعه ، وامْتَعَضَ : إذا غضب وشق عليه الأمر. ومنه حَدِيثُ إِدْرِيسَ « فَامْتَعَضَ فَخَرَّ مِنْ جَنَاحِ الْمَلِكِ ».

وفي نسخة « فامتعص ».

باب ما أوله النون

( نبض )

يقال نَبَضَ العرقُ بالكسر يَنْبِضُ نَبْضاً ونَبَضَاناً : إذا تحرك.

( نضض )

فِي الْحَدِيثِ « كَانَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْ نَاضِ الْمَالِ ».

هو ما كان ذهبا أو فضة عينا أو ورقا ، من نَضَ المالُ : تحول نقدا بعد ما كان متاعا. ونَضَ الماءُ يَنِضُ نَضِيضاً : سال قليلا قليلا. والنَّضِيضُ : الماء القليل

( نغض )

قوله تعالى : ( فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ ) [ ١٧ / ٥١ ] أي يحركونها استهزاء منهم. يقال أَنْغَضَ رأسَهُ : حركه كالمتعجب من الشيء. ونَغَضَ رأسُهُ يَنْغِضُ بالكسر نَغْضاً : أي تحرك.

وَفِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « نَغَّاضُ الْبَطْنِ ».

وفسر بمُعَكَّن البطن ، وكان عكنه أحسن من سبائك الذهب.

( نفض )

فِي الْحَدِيثِ « ثُمَ نَفَضَ يَدَهُ وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ ».

هو من نَفَضْتُ الثوبَ والشجرَ أَنْفُضُهُ نَفْضاً : إذا حركته لينتفض. والنُّفَاضَةُ بالضم : ما سقط عن النفض. ونَفَضَهُ نَفْضاً : من باب قتل ليزول عنه الغبار ونحوه.

وَفِي حَدِيثٍ « مَنْ طَافَ خَمْسَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ غَمَزَهُ بَطْنُهُ فَخَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَنَفَضَ ».

أي نفض عن نفسه الأذى ودفعه عنه. ونَفَضْتُ الورقَ من الشجر : أسقطته.

٢٣١

والنَّفَضَةُ محركة : الجماعة يَنْفُضُون في الأرض لينظروا هل فيها عدو أم لا ـ قاله في القاموس.

( نقض )

قوله تعالى : ( يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ ) [ ٢ / ٢٧ ] قال الزمخشري النَّقْضُ الفسخُ وفك التركيب. فإن قلت : فمن أين ساغ استعمال النَّقْضِ في العهد؟ قلت : من حيث تسميتهم العهد بالحبل على الاستعارة ، لما فيه من ثبات الوصلة بين المتعاهدين ، ومنه قَوْلُ ابْنِ التَّيِّهَانِ فِي بِيعَةِ الْعَقَبَةِ « يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ حِبَالاً وَنَحْنُ قَاطِعُوهَا ».

قال : وهذا من أسرار البلاغة ولطائفها أن يسكتوا عن ذكر الشيء المستعار ثم يومئوا إليه بذكر شيء من روادفه ، فينبهوا بتلك الرمزة على مكانه. قوله : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها ) [ ١٦ / ٩٢ ] أي لا تكونوا في نقض الإيمان كالمرأة التي نقضت غزلها بعد إمراره وإحكامه ، فجعلته أنكاثا ، وهي ريطة بنت سعد بن تيم بن مرة من قريش ، كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ثم تأمرهن فَيَنْقُضْنَ ما غزلن. قوله : ( أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ) [ ٩٤ / ٣ ] أي أثقله حتى جعله نقضا. والنِّقْضُ : البعير المهزول الذي أتعبه السير والسفر والعمل فَنَقَضَ ظهرَه ، فيقال حينئذ نقض. والنَّقْضُ بالفتح فالسكون : نَقْضُ البناء والحبل والعهد من باب قتل. ونَقَضْتُ الحبلَ نَقْضاً : حللت برمه ، وانْتَقَضَ هو بنفسه. وانْتَقَضَتِ الطهارةُ : بطلت وفسدت. وانْتَقَضَ الوضوءُ كذلك. وانْتَقَضَ الأمرُ بعد الاستقامة : فسد. والإِنْقَاضُ : صوت كالنقر. وإِنْقَاضُ الأصابع : تصويتها وفرقعتها. وأَنْقَضَ أصابعَه : ضرب بها لتصوت. ومنه الْحَدِيثُ « لَا يُنْقِضُ الرَّجُلُ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ ».

والنّقْضُ بالضم والكسر بمعنى المنقوض واقتصر الأزهري على الضم وبعضهم على

٢٣٢

الكسر ، والجمع نُقُوضٌ.

ومنه حَدِيثُ مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا « وَيُقَوَّمُ النِّقْضُ وَالْأَبْوَابُ ».

( نهض )

فِي الدُّعَاءِ « مِنْ نَهَضَاتِ النَّصَبِ » بالنون والمراد بها الترددات البدنية الموجبة للنصب أعني التعب ، وَيُرْوَى « بهضات » بالباء الموحدة من بهضه الحمل أثقله.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام اسْتَنْهَضَ النَّاسَ فِي حَرْبِ مُعَاوِيَةَ » أي طلب النهوض منهم.

ونَهَضَ يَنْهَضُ نَهْضاً ونُهُوضاً : أي قام. والنَّاهِضُ : فرخ الطائر الذي وفر جناحاه ونهض للطيران.

باب ما أوله الواو ( وفض )

قوله تعالى : ( كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ) [ ٧٠ / ٤٣ ] أي يسعون ويسرعون ، أي إلى الداعي ، يقال أَوْفَضَ واسْتَوْفَضَ : إذا أسرع.

والأَوْفَاضُ : الفِرَق من الناس والأخلاط من قبائل شتى ، كأصحاب الصفة.

( ومض )

فِي الْخَبَرِ « هَلَّا وَمَضْتَ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله » أي هلا أشرت إلي إشارة خفية ، من قولهم أَوْمَضَ البرقُ ووَمَضَ إِيمَاضاً ووَمْضاً ووَمِيضاً : إذا لمع لمعا خفيا ولم يعترض.

باب ما أوله الهاء

( هيض )

هَاضَ العظمَ يَهِيضُ هَيْضاً : أي كسر بعد الجبور ، فهو مَهِيضٌ.

قال الجوهري : وكل وجع على وجع فهو مَهِيضٌ ، يقال هَاضَنِي الشيءُ : إذا ردك إلى مرضك.

ومنه يقال « رجل هِيضَةٌ » بالكسر.

٢٣٣
٢٣٤

كتاب الطاء

٢٣٥
٢٣٦

باب ما أوله الألف

( ابط )

فِي الْخَبَرِ « كَانَتْ رِدْيَتُهُ التَّأَبُّطُ » وهو أن يدخل الثوب تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الأيسر.

والإِبْطُ كحمل : ما تحت الجناح يذكر ويؤنث ، والجمع آبَاطٌ كأحمال.

ومنه « تَأَبَّطَ شرّاً » وزعموا كان السيف لا يفارقه (١).

( أرط )

في الحديث ذكر الأَرْطَى وهو شجر معروف ينبت بالرمل عروقه حمر ، وهمزته على ما قيل أصلية لقولهم « أديم مَأْرُوطٌ » إذا دبغ بذلك ، وقيل زائدة للإلحاق وليست للتأنيث لأن الواحدة أرطاة.

( أقط )

الأَقِطُ بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها : لبن يابس مستحجر يتخذ من مخيض الغنم.

باب ما أوله الباء

( بربط )

فِي الْحَدِيثِ « لَا يُقَدِّسُ اللهُ أُسْرَةً فِيهَا بَرْبَطٌ يُقَعْقِعُ وَفَايَةٌ تُفَجِّعُ » البَرْبَطُ كجعفر شيء من ملاهي العجم يشبه صدر البط ،

__________________

(١) هو أبو زهير ثابت بن سفيان الفهمي ، كان من فتاك العرب في الجاهلية ، وهو من أهل تهامة ، وكان شاعرا فحلا مشهورا ، ويقال إنه كان ينظر إلى الظبي في الفلاة فيجري خلفه فلا يفوته ، قتل في بلاد هذيل سنة ٨٠ قبل الهجرة وألقي في غار يقال له رخمان ، فوجدت جثته بعد مقتله فيه الأعلام للزركلي ج ٢ ص ٨٠.

٢٣٧

معرب بربت أي صدر البط ، لأن الصدر يقال له بالفارسية بر والضارب به يضعه على صدره. قال في القاموس : ويقال له العود. و « الفاية » بالفاء أو غيرها على اختلاف النسخ شيء من ملاهي العجم.

( بسط )

قوله : ( وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً ) [ ٧ / ٦٩ ] أي طولا وتماما ، يُقَالُ كَانَ أَطْوَلُهُمْ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَأَقْصَرُهُمْ سَبْعِينَ ذِرَاعاً ، وَقِيلَ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعاً.

وَعَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام « كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَنْحِتُ الْجَبَلَ بِيَدِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قِطْعَةً » (١).

قوله : ( وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ) [ ٢ / ٢٤٧ ] أي زاده سعة وامتدادا في العلم والجسم ، وكان أعلم بني إسرائيل في وقته وأتمهم جسما وأشجعهم. قوله : ( اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ ) [ ١٣ / ٢٦ ] أي يقدره ويوسعه دون غيره ، وقد مر الكلام فيه. قوله : ( بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ ) [ ٥ / ٦٤ ] كناية عن الجود ، وتثنية اليد مبالغة في الرد ، ونفي البخل عنه وإثبات لغاية الجود ، فإن غاية ما يبلغه السخي من ماله أن يعطيه بيديه ولا يريد حقيقة اليد والجارحة ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. قوله : ( وَلا تَبْسُطْها كُلَ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) [ ١٧ / ٢٩ ]

قَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله كَانَ لَا يَرُدُّ أَحَداً يَسْأَلُهُ شَيْئاً عِنْدَهُ ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَحْضُرْهُ شَيْءٌ ، فَقَالَ : يَكُونُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله أَعْطِنِي قَمِيصاً فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى الْآيَةَ (٢).

وَالْمَحْسُورُ : الْعُرْيَانُ قَالَهُ الصَّادِقُ عليه السلام (٣).

. وبَسْطُ اليدِ : مدها إلى البطش ، قال تعالى ( إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ) [ ٦٠ / ٢ ]

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٤٣٧.

(٢) تفسير علي بن إبراهيم ص ٣٨١.

(٣) نفس المصدر والصفحة.

٢٣٨

وقال : ( لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ) [ ٥ / ٢٨ ]

قِيلَ كَانَ هَابِيلُ أَقْوَى مِنْهُ وَلَكِنْ تَحَرَّجَ عَنْ قَتْلِهِ وَاسْتَسْلَمَ خَوْفاً مِنَ اللهِ تَعَالَى ، لِأَنَّ الدَّفْعَ لَمْ يُبِحْ بَعْدَ أَوْ تَحَرِّياً لِمَا هُوَ الْأَفْضَلُ.

قوله : ( وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ ) [ ٦ / ٩٣ ] أي لقبض أرواحهم كالمتقاضي المسلط ، وهذا عبارة عن العنف بالسياق والتغليظ في الإزهاق ، فعل الغريم الملح يبسط يده إلى من عليه الحق ، ويقال أخرج لي ما عليك أو بالعذاب ( أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ) أي خلصوها من الدنيا وهم لا يقدرون على الخلاص. قوله : ( كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ ) [ ١٣ / ١٤ ] يومىء إليه فلا يجيبه. و « البَاسِطُ » من أسمائه ، وهو الذي يبسط الرزق لعباده ويوسعه عليهم بجوده ورحمته ، ويبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة.

وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ « لَا تَبْسُطْ ذِرَاعَيْكَ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ ».

أي لا تفترشهما على الأرض في الصلاة. والانْبِسَاطُ مصدر انْبَسَطَ لا بسط فحمله عليه. والانْبِسَاطُ : ترك الاحتشام. وبَسْطُ الشيءِ وبالصاد أيضا : نشره. والبَسْطَةُ : السعة. والبِسَاطُ بالكسر : ما يُبْسَطُ ، أي ينشر.

( بطط )

« البَطّ » من طير الماء والبَطَّةُ واحدته وليست الهاء للتأنيث وإنما هي للواحد من الجنس ، يقال هذه بَطَّة للذكر والأنثى جميعا مثل حمامة ودجاجة. و « البَطّ » عند العرب صغارُهُ وكباره الإوزّ. والبَطّ أيضا : شق الدمل والجراح ونحوهما ، يقال بَطَّ الرجلُ الجرحَ بَطّاً من باب قتل : أي شقه.

( بقط )

« البَاقَطَانِيّ » بالباء الموحدة والقاف والطاء المهملة والنون ثم الياء على ما في نسخ متعددة أفيد أنه أحد وزراء بني العباس

٢٣٩

( بلط )

البَلَاطُ بالفتح : كل شيء فرشت به الدار من حجر وغيره ، ومنه « أرض مُبَلَّطَةٌ » أي مفروشة بالحصى. وَالْبَلَاطَةُ الْحَمْرَاءُ : هِيَ حَجَرٌ تُسَمَّى حَجَرَ السُّمَاقِ ، وُلِدَ عَلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام فِي بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ ، وَقَدْ كَانَتْ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ ثُمَّ غُيِّرَتْ وَجُعِلَتْ فِي ضِلْعِ الْبَيْتِ عِنْدَ الْبَابِ.

وَفِي الْخَبَرِ « كَانَ الْبَلَاطُ حَيْثُ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ سُوقاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يُسَمَّى الْبَطْحَاءَ ».

قال في النهاية البَلَاطُ ضرب من الحجارة يفرش به الأرض ، ويسمى المكان بَلَاطاً اتساعا. والمُبَالَطَةُ : المضاربة بالسيوف. وتَبَالَطُوا : تجالدوا. و « البَلُّوطُ » كتنور شجر معروف له حمل يؤكل ويدبغ بقشره.

باب ما أوله الثاء

( ثبط )

قوله تعالى : فَثَبَّطَهُمْ [ ٩ / ٤٦ ] أي حبسهم بالجبن ، يقال ثَبَّطَهُ عن الأمر أي أثقله وأقعده. وثَبَّطَهُ عن الأمور : إذا حبسه وشغله عنها. ومنه الدُّعَاءُ « إِنْ هَمَمْتُ بِصَالِحٍ ثَبَّطَنِي ».

باب ما أوله الحاء

( حبط )

قوله تعالى : ( حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ) [ ٢ / ٢١٧ ] أي بطلت. و ( فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ ) [ ٣٣ / ١٩ ]

٢٤٠