مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

باب ما أوله العين

( عبط )

مات فلان عَبْطَةً بالفتح فالسكون : أي صحيحا شابا. ومنه قول بعضهم :

من لم يمت عَبْطَةً يمت هرما

للموت كأس والمرء ذائقها

وَ فِي الْحَدِيثِ « كَانَ النَّاسُ يَعْتَبِطُونَ اعْتِبَاطاً ـ يَعْنِي قَبْلَ زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام ـ فَقَالَ : يَا رَبِّ اجْعَلْ لِلْمَوْتِ عِلَّةً يُؤْجَرُ بِهَا الْمَيِّتُ وَيُسَلَّى بِهَا عَنِ الْمَصَائِبِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ الْمُومَ وَهُوَ الْبِرْسَامُ ثُمَّ أَنْزَلَ بَعْدَهُ الدَّاءَ » (١).

ويقال لكل من مات من غير علة : اعْتَبَطَ.

( عفط )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « وَلَكَانَتْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ » (٢).

أي ضرطة عنز ، وقيل عطسة عنز.

( عنط )

فِي حَدِيثِ التَّزْوِيجِ « أَيْنَ أَنْتَ مِنَ السَّوْدَاءِ الْعَنَطْنَطَةِ ».

أي الطويلة العنق مع حسن قوام. والعَنَطْنَطُ : الطويل. قال الجوهري : وأصل الكلمة عَنَطَ فكررت.

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ١١١.

(٢) في نهج البلاغة ج ١ ص ٣٢ : ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.

٢٦١

باب ما أوله الغين

( غبط )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يَحْصُدْ غِبْطَةً ».

أي فرحا وسرورا

« وَمَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يَحْصُدْ نَدَامَةً ».

والغِبْطَةُ بالكسر : حسن الحال ، وهي اسم من غَبَطْتُه غَبْطاً من باب ضرب : إذا تمنيت مثل ما له من غير أن تريد زواله منه ، وهذا جائز وليس من الحسد إلا إذا تمنيت زواله.

وَمِنْهُ « إِنْ تَصْبِرْ تُغْتَبَطْ ».

وَمِنْهُ « عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ فَإِنَّهَا غِبْطَةُ الطَّالِبِ الرَّاجِي ».

ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « مَا بَيْنَ مَنْ وَصَفَ هَذَا الْأَمْرَ ـ يَعْنِي الْوَلَايَةَ ـ وَبَيْنَ أَنْ يَغْتَبِطَ وَيَرَى مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ هَذِهِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ « الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ ».

قال بعض شراح الحديث : كل ما يتحلى به من علم وعمل فله عند الله منزلة لا يشاركه فيها غيره ، وإن كان له من نوع آخر ما هو أرفع قدرا فَيَغْبِطُه ، بأن يكون له مثله مضموما إلى ما له ، فالأنبياء قد استغرقوا فيما هو أعلى من دعوة الخلق وإرشادهم ، واشتغلوا به عن العكوف على مثل هذه الجزئيات والقيام بحقوقها ، فإذا رأوهم يوم القيامة ودوا لو كانوا ضامين خصالهم إلى خصالهم.

( غطط )

غَطَّهُ بالماء يَغُطُّهُ غَطّاً من باب قتل : مقله وغوصه فيه. والغَطُّ في الماء : الغوص فيه. والغَطِيطُ : صوت النائم. وغَطَّ النائم غَطِيطاً : تردد نفسه إلى حلقه حتى يسمعه من حوله.

وَمِنْهُ « أَنَّهُ نَامَ حَتَّى سَمِعَ غَطِيطَهُ ».

والغُطَاطُ بالضم : أول الصبح.

٢٦٢

( غلط )

غَلِطَ في منطقه كفرح غَلَطاً بالتحريك : أخطأ وجه الصواب. وغَلَطْتُهُ أنا : قلت له غَلَطْتَ أو نسبته إلى الغَلَط. والأُغْلُوطَة : ما يُغْلَطُ به من المسائل.

( غمط )

غَمَطَ الناس كنصر وسمع : استحقرهم. ومنه الْحَدِيثُ « الْكِبْرُ أَنْ تَسْفَهَ الْحَقَّ وَتَغْمِطَ النَّاسَ ».

غَمَطَ النعمة : لم يشكرها.

( غوط )

قوله تعالى : ( أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ ) [ ٤ / ٤٣ ] الغَائِطُ في الأصل للمطمئن من الأرض : كانوا إذا أرادوا قضاء الحاجة أتوا غَائِطاً وقضوا حاجتهم ، فكنى عن الحدث بِالْغَائِطِ ، فهو من مجاز المجاورة ، والمُغَوِّطَة : الفاعل لذلك ، قيل و « من » للتبيين ، أي جاء موضعا من الغَائِطِ ، وعند الأخفش هي زائدة لتجويزه الزيادة في الإثبات ، فلا حاجة إلى تقدير المفعول ، و « أو » هنا بمعنى الواو.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا دَخَلْتُمُ الْغَائِطَ » (١).

أي موضع التخلي فكذا ، يريد بذلك بيان آداب التخلي. والغَوْطُ : عمق الأرض الأبعد. و « الغُوطَةُ » بالضم موضع بالشام كثير الماء والشجر ، يقال لها « غُوطَةُ دمشق » (٢).

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ١٩.

(٢) قال في معجم البلدان ج ٤ ص ٢١٩ : الغوطة هي الكورة التي منها دمشق .. وبلد في بلاد طيء لبني لام منهم قريب من جبال صبح لبني فزارة ، وماء يوصف بالرداءة والملوحة لبني عامر ... والغوطة برث أبيض يسير فيه الراكب يومين لا يقطعه ، به مياه كثيرة وغيطان وجبال مطرحة لبني أبي بكر بن كلاب.

٢٦٣

باب ما أوله الفاء

( فرط )

قوله تعالى : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) [ ٦ / ٣٨ ] أي ما تركنا ولا ضيعنا ولا أغفلنا ، واختلف في الكتاب :

فَقِيلَ يُرِيدُ بِهِ الْقُرْآنَ لِأَنَّهُ فِيهِ جَمِيعُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْعِبَادُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ.

وقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى الْمُشْتَمِلُ عَلَى مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ الْمُسَمَّى بِاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.

قوله : ( ما فَرَّطْنا فِيها ) [ ٦ / ٣١ ] الضمير للحياة وإن لم يجر لها ذكر للعلم بها أو للساعة ، أي ما قصرنا في شأنها. قوله : ( ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ ) [ ١٢ / ٨٠ ] أي ما قصرتم في أمره. قوله : ( عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ) [ ٣٩ / ٥٦ ] أي قصرت في جنب الله. قوله : ( وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) [ ٦ / ٦١ ] أي لا يتوانون ولا يقصرون عما أمروا به ولا يزيدون فيه. قوله : مُفْرَطُونَ [ ١٦ / ٦٢ ] أي متروكون ومنسيون في النار. ومُفْرِطُونَ بكسر الراء : المسرفون على أنفسهم في الذنوب. وأمر فُرُط : مجاوز فيه الحد ، ومنه قوله تعالى : ( وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) قيل سرفا وتضييعا ، وقيل ندما. والتَّفْرِيطُ : التقصير عن الحد والتأخير فيه. والإِفْرَاطِ : مجاوزة الحد. قوله : ( إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا ) [ ٤ / ٤٥ ] أي يبادر إلى عقابنا ، يقال فَرَطَ يَفْرُطُ بالضم : إذا تقدم وتعجل. وأَفْرَطَ يُفْرِطُ : إذا أسرف وجاوز الحد. و « اجعله لنا فَرَطاً » بالتحريك أي أجرا وذخرا يتقدمنا. و « على ما فَرَطَ مني » أي تقدم وسبق.

٢٦٤

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « لَا تَرَى الْجَاهِلَ إِلَّا مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً » (١).

هو بالتخفيف المسرف في العمل ، وبالتشديد المقصر. والفَرَطُ بالتحريك : الواردة فيهيء لهم الأرسان والدلاء والحياض ويستقي ، وهو فعل بمعنى فاعل مثل تبع بمعنى تابع ، يقال رجل فَرَط وقوم فَرَط. ومنه خَبَرُ النَّبِيِ « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ » (٢).

والفَرْطُ : العلم المستقيم يهتدى به ، والجمع أَفْرَاط وأَفْرُط ، ولعل منه

حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ « نَحْنُ أَفْرَاطُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَبْنَاءُ الْأَوْصِيَاءِ ».

ولقيته في الفَرْط بعد الفرط : أي الحين بعد الحين. وأتيته فَرْط يومين : أي بعدهما.

وَفِي حَدِيثِ السِّوَاكِ « لَا يَضُرُّكَ تَرْكُهُ فِي فَرْطِ الْأَيَّامِ » (٣).

أي في بعض الأوقات والأحيان. وعن أبي عبيدة : ولا يكون الفَرْط في أكثر من خمس عشرة ليلة.

( فسط )

فِي الْحَدِيثِ « دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فُسْطَاطَهُ ».

هو بالسين والطاءين المهملات ، وفي الأول فاء مضمومة ومكسورة ويقال بفاء مثلثة : البيت من الشعر فوق الخباء ، وفيه لغات الفُسْطَاطُ بطاءين والفستات بتاءين والفُسْتَاطُ بتاء وطاء ، والجمع فَسَاطِيط. ومِنْهُ « كَانَ يَتَخَلَّلُ الْفَسَاطِيطَ ».

فقط

هي من أسماء المعاني بمعنى انته ، وكثيرا ما تصدر بالفاء تنزيلا للفظ منزلة جزاء شرط محذوف قاله التفتازاني. وقال الجوهري إذا كانت قَطُّ بمعنى حسب وهو الاكتفاء فهي مفتوحة ساكنة الطاء يقال رأيته مرة واحدة فَقَطْ يعني فحسب.

( فلط )

كان تلامذة أفلاطون ثلاث فرق ،

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ١٦٥.

(٢) سفينة البحار ج ٢ ص ٣٥٨.

(٣) مكارم الأخلاق ص ٥٣.

٢٦٥

وهم الإشراقيون والرواقيون والمشائيون فالإشراقيون هم الذين جردوا ألواح عقولهم عن النفوس الكونية فأشرقت عليهم لمعات أنوار الحكمة من لوح النفس الأفْلاطُونِيَّة من غير توسط العبارات وتخلل الإشارات ، والرواقيون هم الذين كانوا يحبسون في رواق بيته ويتلقون منه فوائد الحكمة في تلك الحالة ، وكان أرسطو من هؤلاء ، وربما يقال إن المشاءين هم الذين كانوا يمشون في ركاب أرسطو لا في ركاب أفلاطون ـ كذا ذكر الشيخ البهائي رحمة الله عليه.

( فلسط )

« فَلَسْطِين » قيل هو موضع بمكة ويقال إنه مولد النبي صلى الله عليه وآله.

وفي القاموس « فَلَسْطِين » كورة بالشام (١) وقرية بالعراق.

باب ما أوله القاف

( قبط )

فِي الْحَدِيثِ « الْفَجْرُ الصَّادِقُ هُوَ الْمُعْتَرِضُ كَالْقَبَاطِيِ » (٢).

بفتح القاف وتخفيف الموحدة قبل الألف وتشديد الياء بعد الطاء المهملة ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر ، واحدها قُبْطِي بضم القاف نسبة إلى القِبْطِ بكسر القاف وهم أهل مصر ، والتغيير في النسبة هنا للاختصاص كما في الدهري بالضم نسبة إلى الدهر بالفتح ، وهذا التغيير إنما اعتبر في الثياب فرقا بين الإنسان وغيره ، فأما في الناس فيبنى على اعتبار الأصل فيقال رجل قِبْطِي وجماعة قِبْطِيَّة بالكسر لا غير. ومنه حَدِيثُ « مَنْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِمْ

__________________

(١) قَالَ فِي معجم الْبُلْدَانِ ج ٤ ص ٢٧٤ : هِيَ آخَرَ كَوْرِ الشَّامِ مِنْ نَاحِيَةِ مِصْرَ ، قصبتها الْبَيْتِ الْمُقَدَّسُ ... وَأَكْثَرَهَا جِبَالِ وَالسَّهْلَ فِيهَا قَلِيلٌ.

(٢) مِنْ لَا يَحْضُرَ ج ١ ص ١٤٣.

٢٦٦

أَعْمَالَهُمْ فَجَعَلَهَا ( هَباءً مَنْثُوراً ). قَالَ عليه السلام : أَمَا وَاللهِ وَكَانَتْ أَعْمَالُهُمْ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الْقَبَاطِيِ ، وَلَكِنْ إِذَا فُتِحَ لَهُمْ بَابٌ مِنَ الْحَرَامِ دَخَلُوا ».

ومنه حَدِيثُ أُسَامَةَ « كَسَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله قِبْطِيَّةً ».

( قحط )

القحط بالتحريك : الجدب. وقَحَطَ المطر يَقْحَطُ من باب نفع : إذا احتبس. وحكي عن الفراء قَحِطَ المطر من باب تعب. وأَقْحَطَ القوم : أصابهم القَحْطُ ، وقُحِطُوا على ما لم يسم فاعله. و « قَحْطَان » أبو اليمن ـ قاله الجوهري.

( قرط )

فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام حِينَ أَرَادَ ذِبْحَ ابْنِهِ « فَوَضَعَ لَهُ قُرْطَاطَ الْحِمَارِ فَأَضْجَعَهُ عَلَيْهِ ».

هو بالضم البردعة ، وكذلك القُرْطَان بالنون. وعن الخليل هو الحلس الذي يلقى تحت الرحل. و « القُرْط » بالضم فالسكون : هو الذي يعلق في شحمة الأذن ، والجمع قُرَطَة وقِرَاط أيضا كرمح ورماح. والقِيرَاطُ : نصف دانق ، وعن بعض أهل الحساب القِيرَاطُ في لغة اليونان حبة خرنوب ، وأصله قِرَّاط بالتشديد لأن جمعه قَرَارِيطُ ، فأبدل. قال الجوهري : وأما القِيرَاط الذي جاء في الحديث فقد جاء تفسيره فيه أنه مثل جبل أحد. وفي النهاية : القِيرَاط جزء من أجزاء الدينار ، وهو نصف عشر في أكثر البلاد ، وأهل الشام يجعلونه جزءا من أربعة وعشرين.

( قرمط )

القَرْمَطَة : دقة الكتابة ، وفي المشي مقاربة الخطو. و « القَرْمَطِي » واحد القَرَامِطَة ، وهم فرقة من الخوارج. ومنه « تحول الرجل قَرْمَطِيّاً ».

وَعَنِ الشَّيْخِ الْبَهَائِيِ أَنَّهُ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلَاثِمَائَةٍ دَخَلَتِ القَرَامِطَةُ إِلَى مَكَّةَ فِي

٢٦٧

أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَأَخَذُوا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَبَقِيَ عِنْدَهُمْ عِشْرِينَ سَنَةً وَقَتَلُوا خَلْقاً كَثِيراً ، وَمِمَّنْ قَتَلُوا عَلِيَّ بْنَ بَابَوَيْهِ (١) ، وَكَانَ يَطُوفُ فَمَا قَطَعَ طَوَافَهُ فَضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ وَأَنْشَدَ :

تَرَى الْمُحِبِّينَ صَرْعَى فِي دِيَارِهِمْ

كَفِتْيَةِ الْكَهْفِ لَا يَدْرُونَ كَمْ لَبِثُوا.

( قسط )

قوله تعالى : ( وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ) [ ٧٢ / ١٥ ] أي الجائرون من القُسُوطِ وهو الجور. والإِقْسَاطُ : العدل ، ومنه قوله تعالى : ( قائِماً بِالْقِسْطِ ) [ ٣ / ١٨ ] وقوله : ( أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ ) [ ٣٣ / ٥ ] كله بمعنى العدل. قال المفسر : والضابط أن ما كان من قَسَطَ فهو بمعنى الجور ، وما كان من أَقْسَطَ فهو بمعنى العدل. قوله : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ) [ ٤ / ٣ ] الآية.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِ : لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى خَافَ الْأَوْلِيَاءُ أَنْ يُلْحِقَهُمْ الحَوْبُ بِتَرْكِ الإِقْسَاطِ فِي حُقُوقِ الْيَتَامَى ، وَتَحَرَّجُوا مِنْ وَلَايَتِهِمْ ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ رُبَّمَا كَانَ تَحْتَهُ الْعَشْرُ مِنْ الْأَزْوَاجِ أَوْ أَقَلَّ فَلَا يَقُومُ بِحُقُوقِهِنَّ ، فَقِيلَ لَهُمْ إِنْ خِفْتُمْ تَرْكَ الْعَدْلِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى فَحَرَجْتُمْ فِيهَا فَخَافُوا أَيْضاً تَرْكَ الْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ ، لِأَنَّ مَنْ تَابَ مِنْ ذَنْبٍ وَهُوَ مُرْتَكِبٌ مِثْلَهُ فَهُوَ غَيْرُ تَائِبٍ.

وقيل معناه إن خفتم الجور في حق اليتامى فخافوا الزنا أيضا ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ) أي ما حل

__________________

(١) ورد في هامش بعض النسخ الخطية هذه الملاحظة نثبتها بألفاظها هنا : إن كان المراد بعلي بن بابويه والد الصدوق فالظاهر من كلمات علماء الرجال خلافه ، لأن المستفاد منهم أنه توفي سنة تناثر النجوم ، وأنه لم يقتل بل مات حتف أنفه ، وأنه لم يكن في الحج بل مرقده في بلدة قم معروف وبقعته مشهورة فيها تزار ، ويحتمل أن يكون المراد غيره وأنه أحد أهل التصوف كما يظهر من شعره المذكور ـ لمحرره محمد هاشم الموسوي عفي عنه.

٢٦٨

لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ولا تَحُومُوا حَوْلَ المُحَرَّمَاتِ

وَفِي الْحَدِيثِ « لَيُنْفِقُ الرَّجُلُ بِالْقِسْطِ ».

أي بالعدل وبلغة الكفاف. والقَاسِطُون : الذين قَسَطُوا أي جاروا حين حاربوا إمام الحق كمعاوية وأتباعه وأعوانه الذين عدلوا عن أمير المؤمنين عليه السلام وحاربوه في وقعة صفين ، أخذا من القُسُوطِ الذي هو العدول عن الحق.

وَفِي حَدِيثِ مَسْجِدِ غَنِي بِالْكُوفَةِ « وَاللهِ إِنَّ قِبْلَتَهُ لَقَاسِطَةٌ ».

أي عدلة ، من قولهم قَسَطَ قِسْطاً من باب ضرب : جار وعدل من الأضداد ، ولم يرد المعنى الآخر لأن المسجد المذكور الظاهر أنه من المساجد المحمودة.

( قشط )

قشطته قَشْطاً من باب ضرب : نحيته ، وقيل لغة في الكشط.

( قطط )

قوله تعالى : ( وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ ) [ ٣٧ / ١٦ ] القِطُّ بالكسر الحساب عند أبي عبيدة ، والقِطُّ : الكتاب والصك بالجائزة ، والمعنى عجل لنا صحيفتنا. والقِطُّ : النصيب. والقِطُّ : السنور ، والأنثى قِطَّةُ ، والجمع قِطَاطُ وقِطَطَةُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَا فَعَلَتْهُ امْرَأَةٌ قَطُّ إِلَّا عُوفِيَتْ ».

يقال ما فعلت ذلك قَطُّ : أي في الزمان الماضي ، وفيها لغات ضم الطاء مشددة مع فتح القاف وضمها وكذلك هي مع تخفيف الطاء. قال الجوهري : هذا إذا كانت بمعنى الدهر ، وأما إذا كانت بمعنى حسب وهو الاكتفاء فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء يقال رأيته مرة واحدة فَقَط ـ انتهى. وقال التفتازاني : من أسماء الأفعال بمعنى انته ، وكثيرا ما تصدر بالفاء تنزيلا للفظ منزلة جزاء شرط محذر. وشعر قط وقَطَطُ بفتحتين شديد الجعودة ، ويقال القَطَطُ شعر الزنجي ، وقد قَطَطَ شعره بالكسر ، وهو أحد ما جاء على الأصل بإظهار التضعيف. وقَطَّ السعر بالسين المهملة يَقِطُّ بالكسر قَطّاً : غلا وارتفع.

٢٦٩

وقَطَطَت القلم قَطّاً من باب قتل : قطعت رأسه عرضا في بريه. والمِقَطُّ بالكسر : ما يُقَطُّ عليه القلم.

( قعط )

فِي الْحَدِيثِ « نَهَى عَنِ الِاقْتِعَاطِ ».

هو شد العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك ، يقال تعمم ولم يَقْتَعِطْ وهي العمة الطابقية.

( قمط )

فِي الْحَدِيثِ « إِذَا اشْتَرَيْتَ أُضْحِيَّتَكَ وَقَمَطْتَهَا وَصَارَتْ فِي رَحْلِكَ فَقَدْ بَلَغَ ( الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) ».

أي شددتها بِالْقِمَاطِ بالكسر ، وهو حبل يشد به الأخصاص وقوائم الشاة للذبح ، والقِمْطُ بالكسر فالسكون مثله ، يقال قَمَطَه يَقْمُطُه من باب قتل : شد يديه ورجليه كما يفعل بالصبي في المهد. والقِمَاطُ : خرقة عريضة تُقْمَطُ بها الصغير ، وجمعه قُمُطٌ مثل كتاب وكتب. وقَمَطَ الطائر أنثاه يَقْمُطُهَا : سفدها.

( قنط )

قوله تعالى : ( لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ) [ ٣٩ / ٥٣ ] القُنُوطُ من رحمة الله : الإياس منها ، وقيل أشد الإياس من الشيء ، يقال قَنَطَ يَقْنِطُ من بابي جلس وقعد. قال الجوهري : وفي لغة ثالثة قَنِطَ يَقْنَطُ قَنَطاً من باب تعب يتعب تعبا فهو قَنِطٌ وقَانِطُ وقُنُوطُ ، والقنوط بالضم المصدر.

وَفِي وَصْفِ الشَّيْطَانِ « إِنْ مَنَّانِي قَنَّطَنِي ».

أي لا يفي لي بما مناني به فييئسني.

باب ما أوله الكاف

( كشط )

قوله تعالى : ( وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ ) [ ٨١ / ١١ ] أي كشفت وأزيلت كما يَكْشِطُ الإهاب عن الذبيحة. والكَشْطُ : الكشف والقشط لغة فيه ، وهو قراءة عبد الله.

٢٧٠

وفي الغريبين كُشِطَتْ أي أقلعت كما يقلع السقف. وانْكَشَطَ الشيء : ذهب ، ومنه انكشط روعه.

باب ما أوله اللام

( لغط )

اللَّغَطُ ويحرك : الصوت والجلبة ، وأصوات مبهمة لا تفهم.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَا زَادَ قَوْمٌ عَلَى سَبْعَةٍ إِلَّا كَثُرَ لَغَطُهُمْ ».

ولَغَطَ لَغْطاً من باب نفع ، وأَلْغَط بالألف لغة. وفِيهِ « لَهُمْ لَغَطٌ فِي أَسْوَاقِهِمْ ».

أراد به الهواء من القول وما لا طائل تحته من الكلام ، فأحل ذلك محل الصوت والجلبة الخالية عن الفائدة.

( لقط )

قوله تعالى : ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ) [ ٢٨ / ٨ ] قال ابن عرفة : الالْتِقَاط وجودك للشيء على غير طلب ، ومنه قوله تعالى : ( يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ) [ ١٢ / ١٠ ] أي يجده من غير قصد. ومنه قولهم « لقيته الْتِقَاطاً » إذا وردته وهجمت عليه بغتة. ولَقَطَ الطريق : إذا مشى على بصيرة وتؤدة. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « إِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْتَقِطُه الْتِقَاطاً » (١).

يعني أمشي على بصيرة. وفي الحديث ذكر اللَّقَطَةُ هي بالتحريك المال المَلْقُوطُ في الأصح الأغلب ، ومن هنا قال بعض الأعلام : اختلف أهل اللغة في المال الملقوط فقال قوم : إنه اللَّقَطَة بفتح القاف ، وهو الذي يستعمله الأكثرون ويتعارفه المتفقهون قديما وحديثا ، وقال الخليل إنما اللَّقَطَة بفتح القاف اسم الملتقط قياسا على نظائرها كهمزة لمزة ، فأما اسم المال الملقوط فبسكون القاف ، وفي

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ١٨٩ ، وفيه « ألقطه لقطا ».

٢٧١

المصباح اللَّقْطَة وزان رطبة ما تجده من المال الضائع. وقال الأزهري : اللَّقَطَة بفتح القاف اسم الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه. قال : وهذا قول جميع أهل اللغة وحذاق النحويين. وقال الليث : هي بالسكون ، ولم أسمعه لغيره. واقتصر ابن فارس والفارابي وجماعة على الفتح ، ومنهم من يعد السكون من لحن العوام. وفي النهاية اللُّقَطَة بضم اللام وفتحها اسم المال الملقوط ، وقال بعضهم هي اسم المال المُلْتَقَط كالضحكة والهمزة ، وأما المال الملقوط فهو بسكون القاف ، والأول أكثر وأصح. ولَقَطْتُ الشيء لَقْطاً من باب قتل : أخذته ، فهو ملقوط ولقيط. ولَقَطْتُ العلم من الكتب : أخذته منها. والتَقَطْت الشيء : جمعته. و « اللَّقِيط » قد غلب على المولود والمنبوذ.

( لوط )

« لُوطٌ النَّبِيِّ » وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام ، قِيلَ هُوَ ابْنِ هاران بْنِ تَارُخَ ابْنِ أَخِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السلام ، وَقِيلَ ابْنِ خَالَتِهِ ، وَكَانَتْ سَارَةُ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ أُخْتَ لُوطٍ.

وهو اسم منصرف مع العجمة والتعريف كنوح لسكون وسطه. وكل شيء لصق بشيء فقد لَاطَ به يَلُوطُ لَوْطاً ويَلِيطُ لَيْطاً ، وأصل اللَّوْطِ اللصوق. و « هذا شيء لا يَلْتَاطُ بقلبي » أي لا يلصق به. واللِّيَاطُ : الزنا ، وجمعه ليط ، وأصله لوط. ولَاطَ الرجل ولَاوَطَ : إذا عمل عمل قوم لوط ، ومنه اللِّوَاط أعني وطء الدبر.

وَفِي الْحَدِيثِ « اللِّوَاطِ مَا دُونَ الدُّبُرِ وَالدُّبُرُ هُوَ الْكُفْرُ » (١).

ولُطْتُ الحوض بالطين لَوْطاً : أي

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ٥١٧.

٢٧٢

ملطته وطينته. و « لُوطُ بن يحيى » أبو مخنف من أهل السير ـ قاله الشيخ المفيد في الإرشاد (١).

( ليط )

اللِّيطَة : هي قشر القصبة والقناة. وكل شيء له صلابة ومتانة ، والجمع لِيطٌ.

باب ما أوله الميم

( مخط )

المُخَاطُ بضم الميم : ما يسيل من أنف الحيوان من الماء. وتَمَخَّطَ : استنشر المخاط. وقد مَخَطَ وامْتَخَطَ : رمى به من أنفه

( مرط )

فِي الْحَدِيثِ « كَانَ يُصَلِّي فِي مُرُوط ».

هي جمع مرط كحمل وحمول. والمِرْطُ : كساء من صوف أو خز كان يؤتزر به. والمَرَطُ بالفتح : نتف الشعر. ومَرَطَ شعره يَمْرُطُه : نتفه.

( مشط )

فِي الْحَدِيثِ « لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمِشْطَةِ ».

هي بالكسر فالسكون كالركبة والجلسة نوع من المُشْطِ. وقَوْلُهُ « لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمِشْطَةِ ».

يعني في زمن النبي صلى الله عليه وآله والزمن السابق إنما كن يجمعنه جمعا. ومَشَطَت الشعر مَشْطاً من بابي ضرب وقتل : سرحته ، والتثقيل مبالغة ، وأَمْشَطَتِ المرأة ، ومَشَّطَتْهَا المَاشِطَة. والمُشَاطَة بالضم : ما يخرج من الشعر عند مشطه. والمُشْطُ بالضم وقد يكسر : آلة

__________________

(١) هو لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سلم الأزدي الغامدي ، شيخ من أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم ، وكان يسكن إلي ما يرويه ، وصنف كتبا كثيرة في السير والتاريخ منتهى المقال ص ٢٤٨ ـ ٢٤٩.

٢٧٣

يُتَمَشَّطُ بها ، والجمع أَمْشَاط. والمُشْطُ : سلاميات ظهر القدم ، وهي عظام طول إصبع في اليد والرجل.

( مطط )

فِي حَدِيثِ الْكَذَّابِ « كُلَّمَا أَفْنَى أُحْدُوثَةً مَطَّهَا بِأُخْرَى ».

أي مدها بأخرى ، يقال مَطَّهُ يَمُطُّه مَطّاً : أي مده. ومَطَّ حاجبيه : مدهما وتكبر. وفي بعض النسخ « مطرها بأخرى » وكأنه بهذا المعنى. والمُطَيْطَاء بالمد : مد اليدين في المشي.

( معط )

رجل أَمْعَطَ : بين المَعَط ، وهو الذي لا شعر على جسده ، وقد مَعِطَ الرجل مَعَطاً من باب تعب. وتَمَعَّطَ : أي تساقط من داء ونحوه قال الجوهري : وكذلك امَّعَطَ ، وهو انفعل. ومَعَطَ السيف : سله كامْتَعَط.

( مغط )

فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ المَمَّغِطِ وَلَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدُ ».

قوله المُمَّغِط يعني الذي مد مدا من طوله ، والمَغْطُ المد ، يقال مَغَطَهُ فامْتَغَطَهُ ، والقصير المتردد الذي انضم بعضه إلى بعض.

( ملط )

فِي الْحَدِيثِ « الْجَنَّةُ مِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرِ ».

المِلَاطُ : الطين الذي يجعل بين ساقي البناء يُمْلَطُ به الحائط ، أي يخلط. والمِلْطَاط : شاطىء الفرات. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « وَلَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِلُزُومِ هَذَا المِلْطَاطِ ».

( ميط )

فِي حَدِيثِ الاسْتِنْجَاءِ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاطَ عَنِّي الْأَذَى » (١).

أي أبعده عني ونحاه وأزاله وأذهبه ، ويريد بالأذى الفضلة ، يقال مَطَتُ عنه وأَمْطَتُ عنه : إذا تنحيت عنه. ومَاطَ مِيطاً من باب باع ويتعدى بالهمزة والحرف ، فيقال أَمَاطَه غيره.

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ١٦.

٢٧٤

وَ « أَمِيطَا عَنِّي » (١).

في مخاطبة الملكين : أي اذهبا عني وتنحيا. وإِمَاطَة الأذى عن طريق المسلمين لها معنيان : « الأول » ـ وهو الأظهر ، أن ينحى عن الطريق ما يتأذون منه إيمانا واحتسابا. « الثاني » ـ هو أن لا يتعرض لهم في طرقهم بما يؤذيهم ، مثل التخلي في قارعة الطريق وإلقاء النتن والجيف ونحو ذلك ، فإنه إذا ترك ذلك إيمانا واحتسابا كان كمن أَمَاطَ الأذى عن الطريق.

باب ما أوله النون

( نبط )

قوله تعالى : ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) [ ٤ / ٨٣ ] أي يستخرجونه والاسْتِنْبَاط : الاستخراج بالاجتهاد. و « النَّبَطُ » قوم ينزلون البطائح بين العراقين ، والجمع أَنْبَاط كسبب وأسباب ، والنَّبَطِّيَة منسوبة إليهم ، قيل إنهم عرب استعجموا أو عجم استعربوا. وفي المصباح : « النَّبَط » جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق ، ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم. وفي المجمع النَّبَط بفتحتين والنَبِط بفتح فكسر تحتية : قوم من العرب دخلوا في العجم والروم واختلفت أنسابهم وفسدت ألسنتهم ، وذلك لمعرفتهم بإِنْبَاط الماء ، أي استخراجه لكثرة فلاحتهم (٢).

( نشط )

قوله تعالى : ( وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً ) [ ٧٩ / ٢ ] قيل هم الملائكة% تَنْشَطُ أرواح المؤمنين ، أي تحلها برفق كما ينشط

__________________

(١) من لا يحضر ج ١ ص ١٧.

(٢) ونبط بفتح الباء وسكونه : شعب من شعاب هذيل معجم البلدان ج ٥ ص ٢٥٨.

٢٧٥

العقال من يد البعير ، وهو أن يحل برفق.

ومنه الْحَدِيثُ « كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ » وروي نُشِطَ وليس بصحيح ، يقال نَشَطْتُ العقدة ، إذا عقدتها وأنشطتها إذا حللتها ، وقيل يعني النجوم تَنْشَط من برج إلى برج كالثور النَاشِط من بلد إلى بلد.

وَفِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْمَرْوِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « قَالَ : وَلَا تَمْزِقْنَ النَّاسَ فَتُمَزِّقَكَ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ( وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً ) أَفَتَدْرِي مَا النَّاشِطَاتُ؟ هِيَ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ تَنْشَطْ اللَّحْمَ وَالْعَظْمَ » (١).

ونَشِطَ في عمله يَنْشَط من باب تعب : خف وأسرع ، فهو نَشِيطٌ.

ومنه الدُّعَاءِ « اللهُمَّ ارْزُقْنِي الْقُوَّةَ وَالنَّشَاطَ » بالفتح.

( نفط )

جَاءَ فِي الْحَدِيثِ « الْكِبْرِيتُ وَالنَّفْطُ » بفتح النون والكسر أفصح : هو دهن معروف له معدن في بلاد العراق.

( نقط )

فِي حَدِيثِ الْجِمَارِ « خُذْهَا كُحْلِيَّةً مُنَقَّطَةً » (٢) أي فيها نقط.

والنُقْطَة بالضم فالسكون واحدة نَقَطَ الكتاب والدم ونحوه ، والنِّقَاط ككتاب جمع نُقْطَة كبرمة وبرام.

( نمط )

فِي حَدِيثِ اهل البيت عليهم السلام « نَحْنُ النَّمَطَ الْأَوْسَطِ لَا يُدْرِكُنَا الْغَالِي وَلَا يَسْبِقُنَا التَّالِي ».

النَّمَطُ بالتحريك الجماعة من الناس أمرهم واحد.

ومثله حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « خَيْرٌ هَذِهِ الْأُمَّةِ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ » قال في النهاية كره علي عليه السلام الغلو والتقصير في الدين.

والنَّمَطُ : الطريقة من الطرائق والضرب من الضروب ، يقال ليس هذا من ذلك النَّمِط أي من ذلك الضرب.

و « النَّمَط » ثوب من صوف ذو لون من الألوان ولا يكاد يقال للأبيض نَمَط ، والجمع أَنْمَاط كسبب وأسباب.

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص ٤٢٤.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٧٨.

٢٧٦

وفي الغريبين : النَّمَط ما يفرش من مفارش الصوف الملونة ، وعليه يحمل قول الصدوق (ره) في كيفية ترتيب الكفن « تبدأ بالنَّمَطِ فتبسطه » (١) يريد به الفراش الذي يفرش تحت الكفن ليبسط الكفن عليه.

( نيط )

فِي حَدِيثِ بِلَالٍ فِي الْأَذَانِ « وَيْحَكَ قُطَعْتَ نِيَاطَ قَلْبِي » (٢).

النِّيَاطُ ككتاب : عرق غليظ ينط به القلب إلى الوتين ، فَنِيَاط القلب هو ذلك العرق الذي يعلق القلب به.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام لَوَدَّ مُعَاوِيَةُ « أَنَّهُ مَا بَقِيَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ نَافِخُ ضَرْمَةٍ إِلَّا طَعَنَ فِي نَيْطِهِ ».

أي مات. قال في النهاية : ويروى « طعن » على ما لم يسم فاعله. والنَّيْطُ : نِيَاط القلب. ونَاطَ الشيء يَنُوطُ نَوْطاً : علقه. وكل شيء علق في شيء فهو نَوْطٌ ومَنُوط بمعاء من سرّته أي معلّق. والنَّوْطُ المذبذب : هو ما يُنَاطُ برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك ، فهو أبدا يتقلقل إذا حث مركوبه واستعجل سيره.

باب ما أوله الواو

( ورط )

فِي الدُّعَاءِ « أَسْأَلُكَ النَّجَاةَ مِنْ كُلِ وَرْطَةٍ ».

وهي بالتحريك : الهلاك. ومنه « وقع في وَرْطَة » والأصل في الورطة : الهوة العميقة من الأرض ، ثم أستعير للبلية التي يعسر منها المخرج. ووَرَّطَهُ تَوْرِيطاً : أوقعه في الورطة فَتَوَّرَطَ فيها.

وَفِي الْحَدِيثِ « مِنْ فَرَّطَ تَوَرَّطَ ».

__________________

(١) من لا يحضر ج ١ ص ٨٧.

(٢) من لا يحضر ج ١ ص ١٩١.

٢٧٧

( وسط )

قوله تعالى ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) [ ٢ / ٢٣٨ ] قيل هي صلاة العصر ، وهي خيرة المرتضى لأنها بين صلاتين بالليل وصلاتين بالنهار.

وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْ الْبَاقِرِ عليه السلام « هِيَ صَلَاةُ الظُّهْرِ ، وَهِيَ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وَهِيَ وَسَطُ صَلَاتَيْنِ بِالنَّهَارِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ » (١).

وإلى هذا ذهب الشيخ. قوله : ( جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) [ ٢ / ١٤٣ ].

قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام « نَحْنُ الْأُمَّةُ الْوُسْطَى ، وَنَحْنُ شُهَدَاءُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ وَحُجَجُهُ فِي أَرْضِهِ ، وَالرَّسُولِ شَاهِدٌ عَلَيْنَا » (٢).

قوله : ( قالَ أَوْسَطُهُمْ ) [ ٦٨ / ٢٨ ] أي أعدلهم. والأَوْسَطُ من كل شيء : أعدله.

وَفِي الْحَدِيثِ « خَيْرٌ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا ».

قال بعض الأعلام : كل خصلة محمودة لها طرفان مذمومان كالسخاء مثلا ، فإنه وسط بين البخل والتبذير ، والشجاعة فإنها وسط بين الجبن والتهور ، والإنسان مأمور أن يتجنب كل وصف مذموم ويتعرى عنه ، وكلما ازداد بعدا ازداد تعريا ، وأبعد الجهات والمقادير والمعاني من كل طرفين وسطهما ، وهو غاية البعد عنهما ، فإذا كان في الوسط فقد بعد عن الأطراف المذمومة بقدر الإمكان. وأَوْسَط أصابع اليد والرجل أطولها غالبا. و « جلست وَسَطَ القوم » قال الجوهري : بالتسكين لأنه ظرف. قال : و « جلست في وسط الدار » بالتحريك لأنه اسم. ثم قال : وكل موضع صلح فيه بين فهو وسط ـ يعني بسكون السين ـ وإن لم يصلح فيه بين فهو وَسَطٌ بالتحريك (٣). وفي قواعد الشهيد : والكوفيون لا يفرقون بينهما ويجعلونهما ظرفين.

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٢٣١.

(٢) البرهان ج ١ ص ١٦٠.

(٣) ثم قال : وربما سكن وليس بالوجه.

٢٧٨

( وطوط )

فِي الْحَدِيثِ « الْوَطْوَاطُ مِنْ الْمُسُوخِ كَانَ يَسْرِقُ تُمُورَ النَّاسِ » (١).

الْوَطْوَاطُ الخطاف ، وقيل الخفاش ، والجمع الْوَطَاوِط ولما أحرق بيت المقدس كانت الوطواط على ما نقل تطفيه بأجنحتها.

باب ما أوله الهاء

( هبط )

قوله تعالى : ( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً ) [ ٢ / ٣٨ ] الهُبُوطُ يقال للانحطاط من علو إلى أسفل ، أي انزلوا من الجنة جميعا. ومنه قوله : ( يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ ) [ ١١ / ٤٨ ]. وقوله : ( اهْبِطُوا مِصْراً ) [ ٢ / ٦١ ] أي انزلوا مصرا ، وانحدروا إليها من التيه ، فيمكن أن يريد العلم وصرفه مع اجتماع السببين العلمية والتأنيث لسكون وسطه ، وإن يريد البلد فما فيه إلا سبب واحد. قوله : ( لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) [ ٢ / ٧٤ ] أي ينحدر من مكانه. والهَبُوط بالفتح : الحدور. وهَبَطَ الماء وغيره من باب ضرب : نزل ، وفي لغة نادرة من باب قعد.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ أَمَامَكَ عَقْبَةً كَئُوداً أَنْتَ هَابِطُهَا ».

أي نازلها ، وأن مَهْبِطَهَا إما على جنة أو نار. وهَبَطْتُ من موضع إلى موضع : انتقلت. و « مكة مَهْبِطِ الوحي » وزان مسجد أي منزله. وهَبَطَت الوادي هُبُوطاً : نزلته.

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ٦٦٨.

٢٧٩
٢٨٠