مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

فِي رُوعِي أَنَّهُ لَا تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا ».

أي ألقى في قلبي ، والمراد بالروح الأمين جبرئيل. والأَرْوَعُ من الرجال : من يعجبك حسنه. ومنه قولهم « مر بي غلام أَرْوَعُ اللون »

( ريع )

قوله : ( أَتَبْنُونَ بِكُلِ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ) [ ٢٦ / ١٢٨ ]. الرِّيعُ بالكسر : الارتفاع من الأرض والطريق ، وقيل هو الجبل ، واحده رِيعَةٌ ، والجمع رِيَاعٌ. والرَّيْعُ بالفتح فالسكون أيضا : النماء والزيادة. ورَاعَتِ الحنطةُ وغيرها رَيْعاً من باب باع : إذا زكت. وأرض مَرِيعَةٌ بفتح الميم : أي مخصبة.

باب ما أوله الزاي

( زبع )

فِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ طَوَارِقِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَزَوَابِعِهِمْ ».

الزَّوْبَعَةُ : اسم شيطان أو رئيس الجن والجمع زَوَابِعُ. وزِنْبَاعٌ بكسر الزاي : اسم رجل.

( زرع )

قوله تعالى : ( أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) [ ٥٦ / ٦٤ ] ء أنتم تنبتونه أم نحن. والزَّرْعُ : الإنبات ، يقال زَرَعَهُ أي أنبته. والزَّرْعُ : واحد الزُّرُوعِ ، وهو ما استنبت بالبذر تسميته بالمصدر ، ومنه يقال « حصدت الزَّرْعَ » أي النبات. قال بعضهم : ولا يسمى زَرْعاً إلا وهو غض طري.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ الْوَاسِطِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنِ الْفَلَّاحِينَ؟ فَقَالَ : هُمْ الزَّرَّاعُونَ

٣٤١

كُنُوزُ اللهِ فِي أَرْضِهِ ، وَمَا فِي الْأَعْمَالِ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الزِّرَاعَةِ ، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلَّا زَرَّاعاً إِلَّا إِدْرِيسَ عليه السلام فَإِنَّهُ كَانَ خَيَّاطاً » (١).

والمُزَارَعَةُ : هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها. والمَزْرَعَةُ : مكان الزرع.

( زعزع )

الزَّعْزَعَةُ : تحريك الشجرة ونحوها أو كل تحريك شديد ، يقال زَعْزَعْتُهُ فَتَزَعْزَعَ ، وريح زَعْزَعٌ.

( زلع )

فِي الْخَبَرِ « كَانَ يُصَلِّي حَتَّى تَزْلَعُ قَدَمَاهُ ».

هو ـ على ما قيل ـ من زَلِعَ قدمُه بالكسر يَزْلَعُ زَلَعاً بالتحريك : إذا تشقق.

( زمع )

فِي الْحَدِيثَ « خُذْ مِنْ شَعْرِكَ إِذَا أَزْمَعْتَ عَلَى الْحَجِّ ».

أي إذا عزمت عليه يقال أجمعت الرأي وأَزْمَعْتُهُ وعزمت عليه بمعنى. وزَمِعَ زَمَعاً من باب تعب : دهش. والزَّمَعُ بفتحتين : ما يتعلق بأظلاف الشاة من خلفها ، الواحدة زَمَعَةٌ كقَصَبٍ وقَصَبَةٍ.

وَ « عَبْدُ اللهِ بْنِ زَمَعَةَ » مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ عليه السلام (٢) ، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ فِي خِلَافَتِهِ يَطْلُبُ مِنْهُ مَالاً ، فَقَالَ لَهُ عليه السلام « هَذَا الْمَالُ لَيْسَ لِي وَلَكَ وَإِنَّمَا هُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ ».

والزَّمَعَةُ بالتحريك : التلعة الصغيرة

وَمِنْهُ « إِنَّكَ مِنْ زَمَعَاتِ قُرَيْشٍ ».

أي لست من أشرافهم.

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص ٥٤٩.

(٢) انظر رجال الطوسي ص ٢٣.

٣٤٢

باب ما أوله السين

( سبع )

قوله : ( إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) [ ٩ / ٨٠ ] نقل أن العرب تضع التَّسْبِيع موضع التضعيف وإن جاوز السبع. قوله : ( وَما أَكَلَ السَّبُعُ ) [ ٥ / ٣ ] بضم الباء الموحدة واحد السِّبَاع واللبوة ، سَبْعَة ، قيل وهي أجرأ من السبع ، وإسكان الباء لغة ، وقرىء بها ، وهو مروي عن جماعة ، ورواه بعضهم عن عبد الله بن كثير أحد السَّبْعَة ، ويجمع على لغة الضم على سباع كرجل ورجال ، وفي لغة السكون على أسبع كفلس وأفلس. قال في المصباح : ويقع السَّبُعُ على كل ما له ناب يعدو به ويفترس كالذئب والفهد والنمر ، وأما الثعلب فليس بسبع وإن كان له ناب لا يعدو به ولا يفترس وكذلك الضبع ـ قاله الأزهري. و « أرض مَسْبَعَة » بفتح الأول والثالث : كثيرة السباع. والسُّبُع بضمتين والإسكان تخفيف جزء من سبعة أجزاء ، والجمع أَسْبَاعٌ.

وَفِي حَدِيثِ شَهْرِ رَمَضَانَ « مَنْ أَدَّى فِيهِ فَرْضاً كَانَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ » (١).

قيل المراد بالسبعين إما العدد الخاص أو معنى الكثرة ، كما قالوه في قوله تعالى : ( إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ). قال بعض شراح الحديث : وقد يقال في تخصيص السبعين من بين سائر الأعداد إنها تكرر ما هو أكمل الآحاد أعني السبعة بعده عدد كامل هو العشرة لاشتماله على جميع مخارج الكسور التسعة ، ولأن جميع ما فوقه يحصل بإضافة الآحاد إليه أو تكريره أو بهما معا ، ووجه أكملية السبعة اشتمالها على جميع أقسام العدد ،

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٦٦.

٣٤٣

لأنه إما زوج أو فرد ، وإما منطق أو أصم ، وإما مجذور أو غير مجذور ، وإما تام أو زائد أو ناقص ، وإما زوج الزوج أو زوج الفرد ، وقد اشتملت السبعة على جميع هذه الأنواع إلا الزائد والفرد غير الأول. والأُسْبُوعُ من الطواف : سبع طوافات والجمع أُسْبُوعَات وأَسَابِيعُ. والْأُسْبُوعُ من الأيام : سبعة أيام ، وجمعه أَسَابِيع أيضا. وأول أيام الأسبوع عند أهل اللغة الأحد ، وسمي ما بعده بالإثنين لأنه ثانيه ثم الثلاثاء لأنه ثالثه وهكذا. وذهب جمع من الفقهاء والمحدثين إلى أن أوله السبت احتجاجا

بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : « أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بِيَدِي فَقَالَ خَلَقَ اللهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ الْجِنَانَ فِيهَا يَوْمَ الْأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ فِيهَا يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا مِنَ الدَّوَابِّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ اللهُ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتٍ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ».

وَفِي حَدِيثِ الْحَقِّ تَعَالَى « وَلَعْنَتِي تَبْلُغُ السَّابِعَ مِنَ الْوَرَى » وَفِي نُسْخَةٍ « مِنَ الْوَلَدِ ».

وفيه دلالة على سراية اللعن في الأعقاب.

( سجع )

فِي الْخَبَرِ « اسْكُتْ سَجَّاعَةُ ».

أي يا سجاعة. والسَّجْع : الكلام المقفى. ومنه سَجَعَ الرجل كلامه ، كما يقال نظمه إذا جعل لكلامه فواصل كقوافي الشعر ، والجمع أَسْجَاع وأَسَاجِيع. وسَجَعَتِ الحمامة سجعا ـ من باب نفع ـ : أي هدرت وصوتت.

( سرع )

قوله تعالى : ( يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً ) [ ٧٠ / ٤٣ ] أي مسرعين. قوله : ( وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ ) [ ٦ / ٦٢ ] يعني إذا حاسب فحسابه سريع.

وَفِي الْخَبَرِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام

٣٤٤

وَقَدْ سُئِلَ كَيْفَ يُحَاسِبُ اللهُ الْخَلْقَ وَلَا يَرَوْنَهُ؟ قَالَ : كَمَا يَرْزُقُهُمْ وَلَا يَرَوْنَهُ (١).

وَرُوِيَ « أَنَّ اللهَ يُحَاسِبُ جَمِيعَ عِبَادِهِ عَلَى قَدْرِ حَلْبَ شَاةٍ ».

وهو دليل على أنه لا يشغله محاسبة أحد عن محاسبة أحد وأنه يتكلم بلا لسان. قوله : ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) [ ٣ / ١٣٣ ] من المسارعة إلى الشيء ، وهي المبادرة إليه في أول أوقات إمكانه ، والمراد إلى ما هو سبب المغفرة. ومنه الْحَدِيثُ « أَنْهَاكَ عَنِ التَّسَرُّعِ فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ ».

أي الإسراع والمبادرة إليهما من دون تأمل وتدبر. والسُّرْعَة : نقيض البطء ، تقول سَرُعَ بالضم سَرَعاً بالتحريك فهو سَرِيعٌ وزان صغر صغرا فهو صغير. ومن كلامهم « عجبت من سُرْعَة فلان » يعني عجلته. وأَسْرَعَ في السير : خف فيه ، وتَسَرَّعَ في الشر. وسَرَعَانُ الناس بالتحريك أوائلهم.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام عِنْدَ فَقْدِ فاطمة عليها السلام « وَسَرَعَانَ مَا فَرَّقَ بَيْنَنَا وَإِلَى اللهِ أَشْكُو ».

أي ما أسرع ما فرق بيننا بعد الاجتماع ، كقولهم وسرعان ما فعلت كذا : أي ما أسرع ما فعلت.

( سطع )

سَطَعَ الصبح يَسْطَعُ بفتحتين سُطُوعاً : إذا ارتفع. ومنه « النور السَّاطِع » وهو اللامع المرتفع.

( سفع )

قوله تعالى : ( لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ) [ ٩٦ / ١٥ ] أي لنأخذن بناصيته إلى النار يقال سَفَعْتُ بالشيء إذا أخذته وجذبته جذبا شديدا ، والناصية شعر مقدم الرأس والجمع النواصي. وسَفَعَتْهُ النار والسموم : إذا نفحته نفحا يسيرا فغيرت لون البشرة. ومنه الدُّعَاءُ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَفَعَاتِ النَّارِ ».

بالتحريك.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٢٦.

٣٤٥

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا بُعِثَ الْمُؤْمِنُ مِنْ قَبْرِهِ كَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ ، فَإِذَا خَرَجَ سَفَعَ بِيَدِهِ وَقَالَ : أَنَا قَرِينُكَ فِي الدُّنْيَا ».

( سقع )

يقال خطيب مِسْقَع ومصقع بالسين والصاد أي بليغ. وفي القاموس مِسْقَع كمنبر البليغ أو عالي الصوت.

( سكع )

« حج مُتَسَكِّعاً » أي بغير زاد ولا راحلة.

( سلع )

السِّلْعَةُ بالكسر : البضاعة ، والجمع السِّلَعُ مثل سدرة وسدر. و « سَلْع » بفتح المهملة وسكون جبل معروف بالمدينة (١). و « السِّلْعَةُ » بكسر السين أيضا زيادة في الجسد كالغدة وتتحرك إذا حركت. و « السَّلْعَةُ » بالفتح الشجة. والْأَسْلَعُ : الأبرص.

( سلفع )

السَّلْفَعُ : من تحيض من حيث لا تحيض النساء.

( سمع )

قوله تعالى : ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) [ ٥ / ٤١ ] أي قائلون للكذب ، كما يقال لا نَسْمَعُ من فلان أي لا نقبل منه ، وجائز أن يكون ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) أي يسمعون منك ليكذبوا عليك. قيل عنى به اليهود ( سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ) أي هم عيون لأولئك الغيب. قوله : ( سَمَّاعُونَ لَهُمْ ) [ ٩ / ٤٧ ] مطيعون ، ويقال أي يتجسسون الأخبار لهم. قوله : ( أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ ) [ ١٩ / ٣٨ ] أي ما أسمعهم وأبصرهم. قوله : ( غَيْرَ مُسْمَعٍ ) [ ٤ / ٤٦ ] أي غير مجاب إلى ما تدعو إليه.

__________________

(١) قال في معجم البلدان ج ٣ ص ٢٣٦ : وسلع جبل بسوق المدينة ، قال الأزهري : سلع موضع بقرب المدينة ، وسلع أيضا حصن بوادي موسى بقرب بيت المقدس ... وسلع جبل في ديار هذيل.

٣٤٦

قوله : ( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ) [ ٢٧ / ٨ ] أي لا تقدر أن توفق الكفار لقبول الحق. قوله : ( إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ) [ ٦ / ٣٦ ] أي يصغون إليك إصغاء الطاعة. قوله : ( كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) [ ١٨ / ١٠١ ] أي لا يقدرون أن يسمعوا القرآن. قوله : ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) [ ٧ / ٢٠٤ ] قال الشيخ أبو علي هذا الظاهر يوجب استماع القرآن والإنصات له وقت قراءته في الصلاة وغير الصلاة ، وقيل أنه في الصلاة خاصة خلف الإمام الذي يؤتم به إذا سمعت قراءته ، وكان المسلمون يتكلمون في الصلاة فنزلت ـ انتهى. وقد مر تمام البحث عن الآية في نصت. قوله : ( خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ ) [ ٢ / ٧ ] السمع يكون واحدا وجمعا ، لأنه في الأصل مصدر قولك سَمِعْتُ الشيء سَمْعاً. وسَمِعْتُ له : أي أصغيت وتسمعت إليه ، فإذا أدغمت قلت اسمعت ، وقرىء لا يَسْمَعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى مخففا. و ( السَّمِيعُ ) من أسمائه تعالى ، وهو الذي لا يعزب عنه إدراك مسموع وأخفى يسمع بغير جارحة ، وفعيل من أبنية المبالغة. وإسماعيل وإسحاق ولدا يعقوب النبي عليه السلام ، واختلف في الأكبر منهما كما يأتي تحقيقه في سحق.

وَفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ : لَمَّا وُلِدَ إِسْمَاعِيلُ حَمَلَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَأُمَّهُ عَلَى حِمَارٍ وَأَقْبَلَ مَعَهُ جَبْرَئِيلُ حَتَّى وَضَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْحِجْرِ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام لِجَبْرَئِيلَ : هُنَا أُمِرْتَ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَمَكَّةُ يَوْمَئِذٍ سَلَمٌ وَسَمُرٌ ، وَحَوْلَ مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ نَاسٌ مِنَ الْعَمَالِيقِ ».

وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام كَانَ أَكْبَرَ إِخْوَتِهِ ، وَكَانَ أَبُوهُ عليه السلام شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لَهُ وَالْبِرِّ وَالْإِشْفَاقِ عَلَيْهِ ، وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الشِّيعَةِ يَظُنُّونَ أَنَّهُ الْقَائِمُ بَعْدَ أَبِيهِ وَالْخَلِيفَةُ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ، فَمَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ بِالْعُرَيْضِ ، وَحُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ

٣٤٧

إِلَى أَبِيهِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى دُفِنَ بِالْبَقِيعِ. رُوِيَ أَنَّ الصَّادِقَ عليه السلام جَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعاً شَدِيداً وَحَزِنَ عَلَيْهِ حُزْناً عَظِيماً ، وَتَقَدَّمَ سَرِيرَهُ بِغَيْرِ حِذَاءٍ وَلَا رِدَاءٍ ، وَأَمَرَ بِوَضْعِ سَرِيرِهِ عَلَى الْأَرْضِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِرَاراً كَثِيرَةً ، وَكَانَ يَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ وَيَنْظُرُ إِلَيْهِ.

يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته من بعده وإزالة المشتبه عنه في حياته ، ولما مات إسماعيل انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه عليه السلام من كان يظن ذلك ويعتقده من أصحاب أبيه ، وأقام على حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه ولا من الرواة عنه ، وكانوا من الأباعد والأطراف ، فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى القول بإمامة موسى الكاظم عليه السلام بعد أبيه ، وافترق الباقون فريقين : فريق رجعوا عن حياة إسماعيل إلى إمامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنهم أن الإمامة كانت في أبيه وأن الابن أحق بمقام الإمامة من الأخ ، وفريق منهم ثبتوا على حياة إسماعيل وهم اليوم شذاذ لا يعرف أحد يومى إليه ، وهذان الفريقان يسميان الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ ، والمعروف منهم الآن يقولون إن الإمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان ـ كذا في كشف الغمة (١). وسَمِعْتُهُ وسَمِعْتُ له وتَسَمَّعْتُ واسْتَمَعْتُ كلها تتعدى بنفسها وبالحرف. واسْتَمَعَ لما كان بقصد ، وسَمِعَ يكون بقصد وبدونه. وسَمِعْتُ كلامه : أي فهمت معنى لفظه. وسَمِعَ الله قولك : علمه. و « سَمِعَ الله لمن حمده » أجاب الله حمد من حمده وتقبله ، لأن غرض السماع الإجابة. ومنه الدُّعَاءُ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ دُعَاءٍ

__________________

(٣) هَذَا النَّصِّ بِعَيْنِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِرْشَادِ لِلْمُفِيدِ ـ انْظُرْ ص ٢٦٧. وَأَقُولُ : تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلَ هَذَا سَنَةً ١٤٣ ه‍ أَوْ سَنَةً ١٣٣ ـ انْظُرْ الْأَعْلَامِ للزركلي ج ١ ص ٣٠٦ ـ ٣٠٧.

٣٤٨

لَا يُسْمَعُ ».

أي لا يستجاب ولا يعتد به ، يقال دعوت الله حتى خفت أن لا يكون الله ليسمع ما أقول : أي لا يجيب ما أدعو به.

وَ « أَيُّ دُعَاءٍ أَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللهِ ».

أي أرجى للإجابة وأخلق.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْمُؤْمِنِ « يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ وَيَشْنَأُ السُّمْعَةَ » (١).

أي يبغض أن يسمع بعمله الذي عمل لله.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ سَمِعَ فَاحِشَةً فَأَفْشَاهَا فَكَذَا ».

قيل المراد بسماعها ما يشتمل سماعها من أهلها أو فاعلها ، كأن يسمع من أحد كذبا أو قذفا أو غيبة ، ولا ريب أن المراد في غير المواضع المستثناة

وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللهُ بِهِ مَسَامِعَ خَلْقِهِ » وَفِي رِوَايَةٍ « أَسَامِعَ خَلْقِهِ ».

قيل هو من سمعت بالرجل تسميعا : إذا شهرته ، وقيل أراد من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس وكان ذلك ثوابه. والْمَسَامِعُ جمع مِسْمَعٍ ، وهي آلة السمع والْمَسْمَعُ بالفتح خرقها. ومنه حَدِيثِ الْمَيِّتِ « لَا يُقَرِّبُ مَسَامِعَهُ الْكَافُورَ » (٢).

يعني إذا حنط. والْمَسَامِعُ جمع سَمْعٍ بغير قياس.

( سمدع )

السَّمَيْدَعُ بفتح السين الموطوء الأكناف قال الجوهري : ولا تقل بضم السين.

( سوع )

قوله تعالى : ( يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ) [ ٣٠ / ١٢ ] يعني القيامة. والسَّاعَة : جزء من أجزاء الزمان يعبر بها عن القيامة لوقوعها بغتة ، أو لأنها على طولها عند الله كساعة من ساعات الخلق ، وهي من الأسماء الغالبة كالنجم والثريا.

وَرُوِيَ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ : سَأَلْتُ سَيِّدِي الصَّادِقَ : هَلْ لِلْمَأْمُونِ الْمُنْتَظَرِ الْمَهْدِيِّ مِنْ وَقْتٍ يَعْلَمُهُ النَّاسُ؟ فَقَالَ : حَاشَ لِلَّهِ أَنْ يُوَقِّتَ ظُهُورَهُ بِوَقْتٍ يَعْلَمُهُ شِيعَتُنَا. قُلْتُ : يَا سَيِّدِي وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ هُوَ السَّاعَةَ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) الْآيَةَ

__________________

(١) نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ج ٣ ص ٢٣٢.

(٢) الْكَافِي ج ٣ ص ١٤٢.

٣٤٩

، وَتَلَا غَيْرَهَا مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي بِهَا لَفْظُ السَّاعَةَ.

و « سُوَاعٌ » اسم صنم كان يعبد في زمن نوح عليه السلام ثم صار لهذيل. والسَّاعَة : الوقت من ليل أو نهار ، والعرب تطلقها وتريد بها الحين والوقت وإن قل.

وَفِي الْخَبَرِ « بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ هَكَذَا أَوْ كَهَاتَيْنِ ».

هو شك من الراوي ، يريد ما بيني وبين الساعة بالنسبة إلى ما مضى مقدار فضل الوسطى على السبابة.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ سَاعَاتِ الْجَنَّةِ ».

يعني تشبه ساعات الجنة في ظهور الفيض فيها ، ومن تلك الجملة أن قسمة الأرزاق كل يوم تكون فيها. والمؤمن كل ما أراد في الجنة يحصل له في كل ساعة.

وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام وَقَدْ سُئِلَ أَيُّ سَاعَةٍ لَا مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَلَا مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا « مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهِيَ مِنْ سَاعَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ».

فهي وإن خالفت الظاهر في الدلالة لكنها كما قيل تحتمل التأويل ، أي ليست من ساعات الليل البينة ولا من ساعات النهار البينة ، أو أجاب السائل النصراني على معتقده. وما قاله بعض أئمة الحديث إنما صارت الصلاة في اليوم والليلة خمسين ركعة لأن ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة وما بين طلوع الشمس ساعة فجعل الله لكل ركعتين ، فهو خلاف الظاهر ، ولعله جار على من اعتقد ذلك من أهل الملل. والله أعلم.

( سيع )

سَاعَ الماء يَسِيعُ سَيْعاً : أي جرى واضطرب على وجه الأرض. والسِّيَاعُ : الطين بالتبن الذي يطين به البيوت.

٣٥٠

باب ما أوله الشين

( شبع )

فِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ».

أي حريصة تتعلق بالآمال البعيدة. والشبع بالفتح وكعنب : ضد الجوع. والشبع بالكسر وكعنب : ما أشبعك. وشبعة من الطعام بالضم : قدر ما يشبع به مرة. ومنه حَدِيثُ الْمُحْرِمِ الَّذِي يَمَسُّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ « فَلْيَتَصَدَّقْ بِقَدْرِ شُبْعَةٍ ».

يعني من طعام. وشَبِعَ بكسر الباء شِبَعاً بفتحها وسكونها تخفيف ، وبعضهم يجعل الساكن اسما لما يشبع به من خبز ولحم وغيره. ورجل شَبْعَان وامرأة شَبْعَى. وأَشْبَعْتُهُ : أطعمته حتى شبع.

وَفِي الْخَبَرِ « مُوسَى عليه السلام آجَرَ نَفْسَهُ بِشِبْعِ بَطْنِهِ ».

وهو ما أَشْبَعَ به بطنه من طعام.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَشْبَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ خَيْرٍ يَسْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةَ ».

وهذا لأن سماع الخير سبب للعمل وهو سبب لدخولها.

( شجع )

فِي الْحَدِيثِ « سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِ شُجَاعاً أَقْرَعَ ».

الشُّجَاعُ بالكسر والضم الحية العظيمة التي تواثب الفارس والرجل وتقوم على ذنبها ، وربما قلعت رأس الفارس ، تكون في الصحاري ، والشُّجَاعُ الأقرع حية قد تمعط فروة رأسها لكثرة سمها. والشَّجَاعَةُ : شدة القلب عند البأس. وقد شَجُعَ الرجل بالضم شَجَاعَةً : قوي قلبه واستهان بالحروب جرأة وإقداما وقوم شجعان بالضم مثل جريب وجربان ، وشجعان بالكسر مثل غلام وغلمان. وتَشَجَّعَ : تكلف الشجاعة. وشَجِعَ شَجَعاً من باب تعب : طال.

٣٥١

والْأَشَاجِعُ : أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف ، الواحدة أَشْجَعُ

( شرع )

قوله تعالى : ( شَرَعَ لَكُمْ ) [ ٤٢ / ١٣ ] أي فتح لكم وعرفكم طريقه قوله : ( شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ) [ ٥ / ٤٨ ] الشِّرْعَة بالكسر الدين والشَّرْعُ والشَّرِيعَةُ مثله ، مأخوذ من الشَّرِيعَةِ وهو مورد الناس للاستسقاء سميت بذلك لوضوحها وظهورها ، وجمعها شَرَائِعُ. والمنهاج : الطريق الواضح المستقيم. فقوله ( شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ) أي دينا وطريقا واضحا. قوله : ( عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ ) [ ٤٥ / ١٨ ] أي سنة وطريقة ، وقيل على دين وملة ومنهاج. قوله : شُرَّعاً [ ٧ / ١٦٣ ] أي ظاهرة ، ويقال حيتان شُرَّعٌ للرافعة رءوسها ، واحدها شَارِعٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ شَرَعٌ سَوَاءٌ ».

هو مصدر يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث وتفتح الراء وتسكن ، أي متساويان في الحكم لا فضل لأحدهما على الآخر. وقَوْلُهُ : « شَرَعٌ سَوَاءٌ ».

كأنه من عطف البيان ، لأن الشَّرَعَ هو السواء ، ومثله « وأنتم بشر سواء » أي واحد. والشَّرِيعَةِ : ما شرع الله لعباده وافترضه عليهم. وقد شَرَعَ لكم شَرْعاً : أي سن. وشَرَعْتُ في هذا الأمر : أي خضت فيه. وشَرَعَ الله لنا كذا : أظهره وأوضحه والشَّارِعُ : الطريق الأعظم. والشَّارِعُ هو النبي ، والْمُتَشَرِّعَةُ ما عداه. و « الْمَشْرَعَة » بفتح الميم والراء : طريق الماء للواردة. وأَشْرَعْتُ بابا : فتحت. والشِّرَاعُ ككتاب للسفينة ما يرفع من فوقها من ثوب فيجريها.

( شسع )

فِي الْحَدِيثِ « لَا يَسْتَحِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ وَلَوْ شِسْعَ نَعْلٍ ».

وفِيهِ « إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلَا

٣٥٢

يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ ».

هو بالكسر واحد شُسُوعِ النعل ، وهو ما يدخل بين الإصبعين في النعل العربي ممتد إلى الشراك ، والجمع شُسُوعٌ كحمل وحمول. وشَسَعَ المكان يَشْسَعُ بفتحتين بعد فهو شَاسِعٌ. والشَاسِعُ : البعيد.

( شعع )

شُعَاعُ الشمس بالضم : ما يرى من ضوئها عند ذرورها كالقضبان.

( شفع )

قوله تعالى : ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) [ ٨٩ / ٣ ] مر شرحه في وتر. والشَّفِيعُ : صاحب الشفاعة. قال تعالى : ( مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها ) [ ٤ / ٨٥ ] قيل معناه من يصلح بين اثنين يكن له جزء منها ( وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً ) أي يمشي بالنميمة مثلا ( يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها ) أي إثم منها ، وقيل المراد بالشَّفَاعَةِ الحسنة الدعاء للمؤمنين ، وبالشفاعة السيئة الدعاء عليهم. قوله : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) [ ٢١ / ٢٨ ] وهو! مروي عن الرضا عليه السلام ، وعن بعض المفسرين ولا يشفعون إلا لمن ارتضى دينه من أهل الكبائر والصغائر ، فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة. قال الصدوق : المؤمن من تسره حسنته وتسوؤه سيئته ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ».

ومتى ساءته سيئته ندم عليها والندم توبة والتائب مستحق الشفاعة والغفران ، ومن لم تسوءه سيئته فليس بمؤمن ، ومن لم يكن مؤمنا لم يستحق الشفاعة ، لأن الله تعالى غير مرتض دينه قوله : ( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) [ ٧٤ / ٤٨ ] قيل في معناه لا شافع ولا شفاعة ، فالنفي راجع إلى الموصوف والصفة كقوله ( لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ). وفي الحديث تكرر ذكر الشفاعة فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة ، وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم. ومنه قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله

٣٥٣

« أَعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ ».

قال الشيخ أبو علي : واختلفت الأمة في كيفية شَفَاعَةِ النبي يوم القيامة : فقالت المعتزلة ومن تابعهم يشفع لأهل الجنة ليزيد في درجاتهم ، وقال غيرهم من فرق الأمة بل يشفع لمذنبي أمته ممن ارتضى الله دينهم ليسقط عقابهم بشفاعته.

وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ « وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَضْعَفُ بِسَبِيلٍ مِنْكَ فَاسْتَغْفِرِ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَلَايَةِ ».

وَفِي الْخَبَرِ « اشْفَعْ تُشَفَّعْ ».

أي تقبل شفاعتك.

وَفِيهِ « أَنْتَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ».

هو بفتح الفاء ، أي أنت أول من يشفع وأول من تقبل شفاعته.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَشْفَعْ فِي حَقِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ ».

وفِيهِ « يَشْفَعُونَ الْمَلَائِكَةُ لِإِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ يَسْعَى فِي الْمَسْعَى ».

كأنهم يقولون : اللهم استجب دعاء هذا العبد. والشُّفْعَةُ كغرفة قد تكرر ذكرها في الحديث ، وهي في الأصل التقوية والإعانة ، وفي الشرع استحقاق الشريك الحصة المبيعة في شركة ، واشتقاقها على ما قيل من الزيادة ، لأن الشفيع يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به ، كأنه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا. والشَّافِعُ : الجاعل الوتر شفعا ، ويقال الشُّفْعَةُ اسم للملك المشفوع مثل اللقمة اسم للشيء الملقوم ، وتستعمل بمعنى التملك لذلك الملك. قال في المصباح : ومنه قولهم « من تثبت له شُفْعَةٌ فأخر الطلب بغير عذر بطلت شُفْعَتُهُ » ففي هذا جمع بين المعنيين ، فإن الأولى للمال والثانية للملك ، ولا يعرف لها فعل ، واسم الفاعل شَفِيعٌ ، والجمع شُفَعَاءُ مثل كريم وكرماء ، وشَافِعٌ أيضا. وشَفَعْتُ الشيء شَفْعاً من باب نفع : ضممته إلى الفرد. وشَفَعْتُ الركعة : جعلتها ركعتين ، ومنه قول بعض الفقهاء والشَّفْعُ ركعتان والوتر واحدة بعد ثماني صلاة الليل.

( شمع )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ تَتَبَّعَ الْمَشْمَعَةَ يُشَمَّعُ

٣٥٤

بِهِ ».

الْمَشْمَعَةُ اللعب والمزاح. ومنه امرأة شَمُوعٌ كصبور : المزاحة اللعوب ، والمعنى من عبث بالناس أصاره الله إلى حالة يعبث به فيها ويستهزأ منه. والشَّمَعُ بالتحريك : الذي يستصبح به ، وعن الفراء المولدون يقولون شَمْع بالتسكين. و « شَمْعُون بن حمون » بالحاء المهملة وصي عيسى بن مريم.

( شنع )

فِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ عليه السلام « عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ مِنَ السُّلْطَانِ شُنْعَةٌ ».

هي بالضم القباحة والفظاعة ، وكذلك الشَّنَاعَةُ ، يقال شَنُعَ الشيء بالضم شَنَاعَةً قبح فهو شَنِيعٌ والجمع شُنُعٌ كبَرِيد وبُرُد ، وشَنَّعْتُ عليه تَشْنِيعاً. وشَنَّعْتُ فلانا : أي استقبحته وسئمته.

( شيع )

قوله تعالى : ( ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِ شِيعَةٍ ) [ ١٩ / ٦٩ ] أي من كل فرقة. قوله : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ) [ ١٥ / ١٠ ] أي في فرقهم وطوائفهم. والشِّيعَةُ : الفرقة إذا اختلفوا في مذهب وطريقة. قوله : ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ ) [ ٥٤ / ١٥ ] أي أشباهكم ونظراءكم في الكفر. قوله : ( كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ) [ ٣٤ / ٥٤ ] أي بأمثالهم من الشيع الماضية. قوله : ( الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ) [ ٢٤ / ١٩ ] أي يشيعونها عن قصد الإشاعة ومحبة لها.

وَرُوِيَ فِيمَا صَحَّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ : مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْ عَيْنَاهُ وَسَمِعَتْ أُذُنَاهُ كَانَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ ) الْآيَةَ (١).

وقال أبو علي : في الآية دلالة على أن العزم على الفسق فسق. قوله : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ )

__________________

(١) البرهان ج ٣ ص ١٢٨.

٣٥٥

[ ٣٧ / ٨٣ ] قيل : أي وإن من شيعة نوح إبراهيم ، يعني أنه على منهاجه وسنته في التوحيد والعدل واتباع الحق. قيل : وإن من شيعة محمد صلى الله عليه وآله إبراهيم كما قال ( أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ ) أي من هو أب لهم فجعلهم ذرية وقد سبقوهم.

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ جَلَسَ لَيْلاً يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : يَا قَوْمِ إِذَا ذَكَرْتُمُ الْأَنْبِيَاءَ الْأَوَّلِينَ فَصَلُّوا عَلَيْهِمْ ، وَإِذَا ذَكَرْتُمْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ فَصَلُّوا عَلَيْهِ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ. قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ بِمَا نَالَ إِبْرَاهِيمُ ذَلِكَ؟ قَالَ : اعْلَمُوا أَنَّ لَيْلَةَ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَرَقِيتُ السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ نُصِبَ لِي مِنْبَرٌ مِنْ نُورٍ فَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ الْمِنْبَرِ وَجَلَسَ إِبْرَاهِيمُ تَحْتِي بِدَرَجَةٍ وَجَلَسَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ الْأَوَّلِينَ حَوْلَ الْمِنْبَرِ ، فَإِذَا بِعَلِيٍّ قَدْ أَقْبَلَ وَهُوَ رَاكِبٌ نَاقَةً مِنْ نُورٍ وَوَجْهُهُ كَالْقَمَرِ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ كَالنُّجُومِ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : يَا مُحَمَّدُ هَذَا أَيُّ نَبِيٍّ مُعَظَّمٍ وَأَيُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ؟ قُلْتُ : لَا نَبِيٌّ مُعَظَّمٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ هَذَا أَخِي وَابْنُ عَمِّي وَصِهْرِي وَوَارِثُ عِلْمِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ : وَمَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَوْلَهُ كَالنُّجُومِ؟ قُلْتُ : شِيعَتُهُ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ ، فَأَتَى جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ).

والشِّيعَةُ : الأتباع والأعوان والأنصار مأخوذ من الشياع ، وهو الحطب الصغار التي تشتعل بالنار وتعين الحطب الكبار على إيقاد النار ، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة ، ثم صارت الشيعة جماعة مخصوصة ، والجمع شِيَعٌ مثل سدرة وسدر. وفي النهاية : أصل الشِّيعَة الفرقة من الناس ، وتقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد ، وغلب هذا الاسم على كل من يزعم أنه يوالي عليا وأهل بيته حتى صار لهم اسما خاصا. فإذا قيل فلان من الشيعة عرف أنه منهم ، وفي مذهب الشيعة [ كذا أي عندهم ] ، وأصلها من الْمُشَايَعَةِ [ وهي ] المتابعة والمطاوعة ـ انتهى كلامه (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « طَالَ مَا اتَّكَئُوا عَلَى

__________________

(١) الزِّيَادَاتِ مِنْ النِّهَايَةِ ( شَيَّعَ ).

٣٥٦

الْأَرَائِكِ وَقَالُوا نَحْنُ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ ».

ولعل هذا الحديث وغيره مما يقتضي بظاهره نفي الاسم عمن ليس فيهم أوصاف مخصوصة زيادة على المذكور المتعارف مخصوص بنفي الكمال من التشيع. وتَشَيَّعَ الرجل : إذا ادعى دعوى الشيعة. وشَاعَ الخبر تَشِيعُ شُيُوعَةً وشُيُوعاً : أي ذاع وظهر ، ويتعدى بالحرف وبالألف فيقال شِعْتُ به وأَشَعْتُهُ. وسهم مُشَاعٌ : أي غير مقسوم. والمُشَايِعُ للشيء : أي اللاحق له كالمشيع. ومنه الْحَدِيثُ « مَنْ سَافَرَ قَصَّرَ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُشَيِّعاً لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ لَاحِقاً بِهِ وَتَابِعاً لَهُ ».

وشَيَّعَ الجنازة : لحقها وتبعها. وفلان من أَشْيَاعِ السلطان : أي من أتباعه. وشَيَّعْتُ الضيف : خرجت معه عند رحيله إكراما له ، وهو التوديع. وشَايَعْتُهُ على الأمر مُشَايَعَةً مثل تابعته متابعة وزنا ومعنى.

باب ما أوله الصاد

( صبع )

قوله تعالى : ( جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ) [ ٧١ / ٧ ] أي أنامل أصابعهم فعبر بها عنها. والأصابع : جمع إِصْبَع يؤنث ويذكر وبعضهم يقتصر على التأنيث ، وكذلك سائر أسمائها كالخنصر والبنصر ، وفي الإِصْبَع كما قيل عشر لغات والمشهور كسر الهمزة وفتح الباء ، وهي التي ارتضاها الفصحاء ، وهي تثليث الهمزة مع تثليث الباء ، والعاشرة أُصْبُوع كعصفور.

( صدع )

قوله : ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) [ ١٥ / ٩٤ ] المعنى ـ والله أعلم ـ أبن

٣٥٧

الأمر إبانة لا تنمحي كما لا يلتئم صدع الزجاجة ، والكلام استعارة والمستعار منه كسر الزجاجة والمستعار له التبليغ والجامع التأثر ، وقيل أفرق بين الحق والباطل ، وقيل شق جماعاتهم بالتوحيد أو بالقرآن. قوله : ( وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ ) [ ٨٦ / ١٢ ] أي تصدع بالنبات والصَّدْعُ : الشق ، يقال صَدَعْتُهُ فَانْصَدَعَ من باب نفع : أي انشق. قوله : يَصَّدَّعُونَ [ ٣٠ / ٤٣ ] أي يتفرقون فريقا في الجنة وفريقا في السعير. قوله : ( لا يُصَدَّعُونَ عَنْها ) [ ٥٦ / ١٩ ] أي بسببها لا يصدر صُدَاعُهُمْ عنها. قوله : ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) [ ٥٩ / ١٢ ] قال بعض المفسرين : الغرض منه توبيخ القارىء على عدم تخشعه عند قراءة القرآن لقساوة قلبه وقلة تدبر معانيه.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَوَتَرَى أَحَداً أَصْدَعَ بِالْحَقِّ مِنْ زُرَارَةَ ».

قيل أراد كثرة إظهاره للحق وبيانه له ، من قولهم صَدَعْتُ بالحق أظهرته وتكلمت به جهارا. وصَدَعْتُ الشيء : بنيته وأظهرته. والصَّدِيعُ : الصبح. ومنه الْحَدِيثُ « صَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حِينَ يَعْتَرِضُ الْفَجْرُ وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الصَّدِيعَ ».

والصُّدَاعُ بالضم : وجع الرأس. وصُدِّعَ تَصْدِيعاً بالبناء للمجهول ، وتَصَدَّعَ السحاب صَدْعاً : أي تقطع وتفرق. وأَصْدَعَهَا صِدْعَيْنِ بالكسر : أي نصفين. وصَدَعْتُ الرداء صَدْعاً من باب نفع : إذا شققته ، والاسم الصِّدْع بالكسر. ومنه الْحَدِيثُ « أَنَّ الْمُصَدِّقَ يَجْعَلُ الْغَنَمَ صِدْعَيْنِ » أَيْ فِرْقَتَيْنِ « ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهَا الصَّدَقَةَ ».

( صرع )

فِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ عَمَّا صَرَعَ الْمِعْرَاضُ

٣٥٨

مِنَ الصَّيْدِ ».

أي طرحه ، من الصَّرْع ويكسر : الطرح على الأرض. وصَرَعَتْهُ الدابة صَرْعاً من باب نفع : طرحته.

وَفِي الْحَدِيثِ « فَقَمَصَتِ الرَّاكِبَةُ فَصُرِعَتِ الْمَرْكُوبَةُ ».

ومنه قوله « وصَرِيعٌ يتلوى »

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ سُقْمٍ مُصَرِّعٍ ».

وهو المفضي بصاحبه إلى الصرعة. والصُّرَعَة بضم الصاد وفتح الراء المبالغ في الصراع الذي يغلب. والصَّرْعُ بالفتح : علة معروفة تشبه الجنون لأنها تصرع صاحبها. وصَرَعْتُهُ صَرْعاً بالفتح والكسر ، وصَارَعْتُهُ مُصَارَعَةً. ومِصْرَاعُ الباب : الشطر ، وهما مِصْرَاعَانِ. و « أَوَّلُ مَنْ عَلَّقَ عَلَى بَابِهَا ـ يَعْنِي الْكَعْبَةَ مِصْرَاعَيْنِ مُعَاوِيَةُ ».

ومَصَارِعُ الشهداء : أمكنتهم التي صرعوا فيها.

وَفِي الْحَدِيثِ « صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ ».

( صعصع )

« صَعْصَعَةُ » أبو قبيلة من هوازن. و « صَعْصَعَةُ بنُ صَوْحَان » من أصحاب علي عليه السلام ، وله مسجد بالكوفة معروف.

وَعَنِ الصَّادِقِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : مَا كَانَ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَعْرِفُ حَقَّهُ إِلَّا صَعْصَعَةُ وَأَصْحَابُهُ.

( صقع )

فِي حَدِيثِ الْمَفْقُودِ يُكْتَبُ إِلَى الصُّقْعِ الَّذِي فُقِدَ فِيهِ.

هو بالضم الناحية من البلاد والجهة أيضا والمحلة. وقَوْلُهُ : « وَهُوَ فِي صُقْعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ».

أي في ناحيتهم ، والصَّقْعُ بالفتح : الغم يأخذ بالنفس من شدة الحر. والصَّقْعَاءُ : الشمس. والصُّقْعَةُ بالضم : موضعها من الرأس. والْأَصْقَعُ من الخيل والطير وغيرهما : الذي في رأسه بياض. والصُّقْعَةُ بالضم : موضعها.

٣٥٩

( صلع )

فِي الْخَبَرِ « سُئِلَ عَنِ الصُّلَيْعَاءِ وَالْقُرَيْعَاءِ ».

أراد بِالصُّلَيْعَاءِ الأرض السبخة. وبالقريعاء الأرض التي لا تعطي بركتها ولا تخرج نبتها ولا يدرك ما أنفق فيها. والأَصْلَعُ من الرجال : الذي انحسر مقدم شعر رأسه ، وموضعه الصَّلَعَةُ بالتحريك وبالإسكان لغة. وصَلِعَ الرأس صَلَعاً من باب تعب : انحسر الشعر من مقدمه. وعن ابن سيناء ولا يحدث الصَّلَع للنساء لكثرة رطوبتهن ، ولا للخصيان لقرب أمزجتهم من أمزجة النساء.

( صلمع )

صَلْمَعَ الرجل رأسه : أي حلقه.

( صمع )

قوله تعالى : ( لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ ) [ ٢٢ / ٤٠ ] الصَّوَامِعُ جمع صَوْمَعَة النصارى دقيقة الرأس ، وقد مر شرح الآية.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْمُؤْمِنُ مَجْلِسُهُ مَسْجِدُهُ وَصَوْمَعَتُهُ بَيْتِهِ ».

قال في القاموس : الصَّوْمَعَةُ كجوهرة بيت للنصارى ، ويقال هي نحو المناصرة ينقطع فيها رهبان النصارى. والصَّوْمَعَةُ : العقاب لأنها أبدا مرتفعة على أشرف مكان تقدر عليه.

( صنع )

قوله تعالى : ( صُنْعَ اللهِ ) [ ٢٧ / ٨٨ ] أي فعل الله. قوله : ( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) [ ١٨ / ١٠٤ ] أي عملا. والصُّنْعُ والصَّنِيعُ والصَّنْعَةُ واحد. قوله : ( وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي ) [ ٢٠ / ٣٩ ] أي تربى وتغذى بمرأى مني لا أكلك إلى غيري. قوله ( تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ ) [ ٢٦ / ١٢٩ ] أي أبنية ، واحدها مَصْنَعَةٌ. قوله : اصْطَنَعْتُكَ [ ٢٠ / ٤١ ] أي لنفسي اتخذتك صنعي وخالصتي واختصصتك بكرامتي.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَرْبَعَةٌ يَذْهَبْنَ ضِيَاعاً مِنْهَا الصَّنِيعَةُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا ».

أي الصنع والإحسان إلى غير أهله. وفيه « ورب مغرور في الناس مَصْنُوعٌ

٣٦٠