مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

اليهود والنصارى والكفار.

والْكُنَاسَةُ بالضم : القمامة.

واسم موضع بالكوفة صلب فيها زيد بن علي بن الحسين عليه السلام.

و « الْكُنَاسَةُ » مثل الْكَنِيسَةِ.

وكَنَسْتُ البيت أَكْنُسُهُ من باب قتل ، والْمِكْنَسَةُ : ما يُكْنَسُ به.

( كوس )

فِي الْخَبَرِ « وَاللهِ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَكَوَّسَكَ بِالنَّارِ ».

أي قلبك فيها على رأسك يقال كَوَّسْتُهُ على رأسه : إذا قلبته وجعلت رأسه أسفله.

( كهمس )

الْكَهْمَسُ : القصير. وكَهْمَسُ أبو حي من العرب. وأبو كَهْمَسٍ من رواة الحديث من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام (١).

( كيس )

فِي الْحَدِيثِ « الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ».

الْكَيِّسُ : العاقل ، قيل هو من الْكَيْسِ كفلس العقل والفطنة وجودة القريحة ، وقيل الْكَيْسُ مخفف من كَيِّسٍ مثل هَيْنٍ وهَيِّنٍ ، والأول أصح ، لأن الْكَيْسَ مصدر كَاسَ كباع ، والْكَيِّسُ بالتثقيل اسم فاعل ، وجمعه أَكْيَاسٌ مثل جيد وأجياد.

والْكَيْسُ في الأمور : الذي يجري مجرى الرفق فيها.

والْكَيْسُ : ضد العجز ، ومنه الْخَبَرُ « كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ » يعني النشاط.

ويسمى الغدر عند بعض العرب كَيْسَانٌ ، ولعل منه قَوْلَهُمْ عليه السلام « مَا زَالَ سِرُّنَا مَكْتُوماً حَتَّى سَارَ فِي وُلِدَ كَيْسَانَ » (٢) أي أهل كَيْسَانَ ، يعني أهل الغدر فتحدثوا به. و « الْكَيْسَانِيَّةُ » من قال بإمامة محمد بن الحنفية.

وفي الصحاح هم صنف من الروافض وهم أصحاب المختار بن عبيد ، يقال إن

__________________

(١) اسمه الهيثم بن عبد الله أو عبيد ـ انظر منتهى المقال ص ٣٢٥.

(٢) سفينة البحار ج ٢ ص ٥٠٠.

١٠١

لقبه كان كَيْسَانَ (١) والْكِيسُ بالكسر واحد أَكْيَاسِ الدراهم ، وهو ما يخاط من خرق مثل حمل وأحمال ، وما يصنع من أديم وخرق فلا يقال له كِيسٌ بل هو خريطة.

باب ما أوله اللام

( لبس )

قوله تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ) أي لم يخلطوه بظلم ( أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) [ ٦ / ٨٢ ]. قال الشيخ علي بن إبراهيم رحمه‌الله : فمن كان مؤمنا ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها فقد لبس إيمانه بظلم ، فلا ينفعه الإيمان حتى يتوب إلى الله تعالى من الظلم الذي لبس إيمانه حتى يخلص الله إيمانه (٢). قوله : ( وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ ) [ ٦ / ٩ ] أي لو جعلنا الرسول ملكا لمثلناه كما مثل جبرئيل في صورة دحية فإن القوة البشرية لا تقوى على رؤية الملك في صورته ، ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم فيقولون ( ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) قوله : ( أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ) [ ٦ / ٦٥ ] قال المفسر : أي يخلطكم فرقا مختلفي الأهواء لا تكونون شيعة واحدة ، وقيل أن يكلهم إلى أنفسهم فلا يلطف بهم ، وقيل عنى به يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه

__________________

(١) قال في فرق الشيعة ص ٢٣ : وروى بعضهم أنه ـ يعني المختار ـ سمي بكيسان مولى علي بن أبي طالب ، وهو الذي حمله على الطلب بدم الحسين بن علي ودله على قتلته ، وكان صاحب سره ومؤامرته والغالب على أمره.

(٢) لم نجد هذا النص في تفسير علي بن إبراهيم!!.

١٠٢

بينكم من العداوة (١). قوله : ( هُنَ لِباسٌ لَكُمْ ) [ ٢ / ١٨٧ ] أي مسكن لكم ، أو من الْمُلَابَسَةِ وهي الاختلاط والاجتماع ، ولما كان الرجل والمرأة يعتنقان ويشتمل كل منهما على صاحبه شبه بِاللِّبَاسِ ، فالرجل لِبَاسُ المرأة والمرأة لِبَاسُهُ. قوله : ( وَلِباسُ التَّقْوى ) [ ٧ / ٢٦ ] قال المفسر : هو الإيمان ، وقيل ستر العورة. وكل شيء يستر فهو لِبَاسٌ ، ومنه قوله : ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً ) [ ٧٨ / ١٠ ] أي سترا يستتر به. قوله : ( فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ) [ ١٦ / ١١٢ ] سمى الله الجوع والخوف لِبَاساً لأن أثرهما يظهر على الإنسان كما يظهر اللِّبَاسُ ، وقيل إنه شملهم الجوع والخوف كما يشمل اللِّبَاسُ البدن ، فكأنه قال : فأذاقهم ما غشيهم من الجوع والخوف. قوله : ( وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ ) [ ٢ / ٤٢ ] أي لا تخلطوه به.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْعَالِمُ بِزَمَانِهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ اللَّوَابِسُ ».

أي لا تدخل عليه الشُّبَهُ. واللَّبْسُ : الشبه في الأمر. وفي الأمر لَبَّسَهُ : أي شبهه. والْتَبَسَ عليه الأمر : اختلط واشتبه. و « اللُّبْسُ » بالضم مصدر قولك لَبِسْتُ الثوب من باب تعب لُبْساً بالضم. واللِّبْسُ بالكسر واللِّبَاسُ : ما يُلْبَسُ ولَابَسْتُ الأمر : خالطته. والتَّلَبُّسُ كالتدليس والتخليط ، شدد للمبالغة.

( لحس )

اللَّحْسُ باللسان ، يقال لَحِسَ القصعة بالكسرة يَلْحَسُهَا من باب تعب لَحْساً كفلس : أخذ ما علق بجوانبها بالإصبع واللِّسَانُ ، ومنه لَحَسْتُ الإناء لَحْسَةً. ولَحِسَ الدود الصوف : أكله.

( لمس )

قوله تعالى : ( أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ) [ ٤ / ٤٣ ] لَمَسْتُمُ النساء و ( لامَسْتُمُ النِّساءَ )

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٣١٥.

١٠٣

كناية عن الجماع ـ قاله الجوهري وغيره ، وإليه ذهب الإمامية.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْآيَةِ؟ فَقَالَ : مَا يَعْنِي إِلَّا الْمُوَاقَعَةَ فِي الْفَرْجِ (١).

واللَّمْسُ : المَسُّ باليد. وقد لَمَسَهُ يَلْمَسُهُ لَمْساً من بابي قتل وضرب : أفضى إليه باليد.

وَقَوْلُهُ عليه السلام « مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً ».

أي يطلب ، واستعار له اللَّمْسُ. والِالْتِمَاسُ : طلب المساوي من المساوي. والِالْتِمَاسُ : الطلب مرة بعد أخرى ومنه حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام « الْتَمِسْ بِيَدِكَ فَمَا وَجَدْتَ مِنْ شَيْءٍ فَادْفَعْهُ إِلَيَّ ».

أي اطلب أنت مرة بعد أخرى ولا تول غيرك.

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ ».

وفسر بأن تقول : إذا لَمَسْتَ المبيع فقد وجب البيع بيننا بكذا ، ووجه النهي لزوم الغرر.

( لهس )

اللهْسُ لغة في اللحس.

( ليس )

لَيْسَ فعل على المشهور ، وقيل حرف بمنزلة ما لعدم تصرفها. واختلف في معناها : فقيل إنها للنفي مطلقا ، وقال الزمخشري لا يصح نفيها للمستقبل ، وقال جماعة لا يجوز نفيها للماضي ولا للمستقبل الكائنين مع قد ، تقول « ليس زيد قد ذهب » ولا قد يذهب ، وذهب أبو علي إلى أنها لنفي الحال في الجملة التي لا تقيد بزمان ، وأما المقيدة فإنه لنفي ما دل عليه التقييد ـ كذا قدره العلامة الحلي. وقال الجوهري : أصله ليس بالكسر فسكنت استثقالا ولم تقلب ألفا لأنها لا تتصرف من حيث استعملت بلفظ الماضي للحال. قال : والذي يدل على أنها فعل وإن لم تتصرف قولهم لَسْتَ ولَسْتُمَا ولَسْتُمْ ، وجعلت من عوامل الأفعال نحو كان وأخواتها التي ترفع الأسماء وتنصب الأخبار إلا أن الباء تدخل في خبرها

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٣٧١.

١٠٤

دون أخواتها تقول زيد لَيْسَ بمنطلق ، فالباء لتعدية الفعل وتأكيد النفي ، وكذلك أن لا تدخلها لأن المؤكد يستغنى عنه ، ولا يجوز تقديم خبرها عليها كما جاز في أخواتها.

باب ما أوله الميم

          ( مجس )

« الْمَجُوسُ » كصبور : أمة من الناس كاليهود. وتَمَجَّسَ : صار مَجُوسِيّاً ودخل في دين الْمَجُوسِ.

وَعَنِ الصَّادِقِ عليه السلام وَقَدْ سُئِلَ لِمَ تُسَمَّى الْمَجُوسُ مَجُوساً؟ قَالَ : لِأَنَّهُمْ تَمَجَّسُوا فِي السُّرْيَانِيَّةِ وَادَّعَوْا عَلَى آدَمَ وَعَلَى شَيْثٍ هِبَةِ اللهِ أَنَّهُمَا أَطْلَقَا نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْخَالاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ، وَلَمْ يَجْعَلُوا لِصَلَوَاتِهِمْ وَقْتاً ، وَإِنَّمَا هُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللهِ وَكِذْبٌ عَلَى اللهِ وَعَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ.

وفي الصحاح الْمَجُوسِيَّةُ نحلة ، والْمَجُوسِيُ منسوب إليها ، والجمع الْمَجُوسُ. وقد تقدم في « هود » ما ينفع هنا.

وَفِي الْخَبَرِ « الْمَجُوسُ » كَانَ لَهُمْ نَبِيٌّ فَقَتَلُوهُ وَكِتَابٌ فَحَرَّقُوهُ أَتَاهُمْ نَبِيُّهُمْ بِكِتَابِهِمْ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ جِلْدِ ثَوْرٍ » (١).

وفِيهِ « الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ » (٢).

ولعل ذلك لأنهم أحدثوا في الإسلام مذهبا يضاهي مذهب الْمَجُوسِ من وجه ما وإن لم يشابهه من كل وجه ، وذلك أن الْمَجُوسَ يضيفون الكوائن في دعواهم الباطلة إلى إلهين اثنين يسمون أحدهما يزدان والآخر أهرمن ، ويزعمون أن يزدان يأتي منه الخير والسرور وأهرمن يأتي منه الفتنة والغم والشرور ، ويقولون ذلك في الأحداث والأعيان ، ويضاهي مذهب القدرية قولهم الباطل في إضافة

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ٥٢٧.

(٢) المصدر السابق ونفس الصفحة.

١٠٥

الخير إلى الله والشر إلى غيره ، غير أن القدرية يقولون ذلك في الأحداث دون الأعيان ، فالأمران معا مضافان إلى الله تعالى خلقا وإيجادا وإلى العباد فعلا واكتسابا.

( مرس )

فِي الْحَدِيثِ « وَهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً » (١).

الْمِرَاسُ : الْمُمَارَسَةُ والمعالجة. ورجل مَرِسٌ : شديد العلاج. ومَارَسَهُ : زاوله وعالجه. ومَرَسَتْ التمر وغيره في الماء من باب قتل : دلكته بالماء حتى تتحلل أجزاؤه. وأَمْرِسُهُ : أدلكه وأذابه. وتَمَارَسُوا : تضاربوا. ومَرَسْتُ يدي بالمنديل : مسحت. والْمَرْمَرِيسُ : الداهية ، يقال داهية مَرْمَرِيسٌ أي شديدة.

( مسس )

قوله تعالى : ( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) [ ٥٦ / ٧٩ ] قيل الضمير يعود إلى الكتاب أي لا يَمَسُ الكتاب إلا الملائكة المطهرون من الذنوب ، وَقِيلَ الْمُصْحَفُ الَّذِي بِيَدِ النَّاسِ ، أَيْ ( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْأَخْبَاثِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام وَجَمْعٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ

قوله : ( يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ ) [ ٢ / ٢٧٥ ] قال بعض الأعلام : الْمَسُ هو الذي ينال الإنسان من الجنون ، وهو من فعل الله تعالى بما يحدثه من غلبة السوداء والبلغم فيصرعه ، فنسبه الله تعالى إلى الشيطان وذلك بتمكين الله تعالى من ذلك ، والمعنى أن الذين يأكلون الربا يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين يعرفون بتلك السيماء عند أهل المحشر. قوله : ( لا مِساسَ ) [ ٢٠ / ٩٧ ] أي لا مُمَاسَّةَ ولا مخالطة ، أو لا أَمَسُ ولا أُمَسُ ،

عُوقِبَ السَّامِرِيُّ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ مُنِعَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ مَنْعاً كُلِّيّاً وَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مُكَالَمَتُهُ وَمُتَابَعَتُهُ وَمُجَالَسَتُهُ وَمُؤَاكَلَتُهُ ، فَإِذَا اتَّفَقَ أَنْ يُمَاسَ أَحَداً رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً حُمَ الْمَاسُ وَالْمَمْسُوسُ ، فَكَانَ يَهِيمُ

__________________

(١) نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ج ١ ص ٦٦.

١٠٦

فِي الْبَرِيَّةِ مَعَ الْوَحْشِ ، وَإِذَا لَقِيَ أَحَداً قَالَ ( لا مِساسَ ) أَيْ لَا تَقْرَبْنِي وَلَا تَمَسَّنِي ، وَقِيلَ ذَلِكَ بَقِيَ فِي وُلْدِهِ إِلَى الْيَوْمِ إِنْ مَسَ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ وَاحِداً مِنْهُمْ حُمَّ كِلَاهُمَا فِي الْوَقْتِ.

قوله : ( ذُوقُوا مَسَ سَقَرَ ) [ ٥٤ / ٤٨ ] أي أول ما ينالكم منها. كقولهم « وجد مَسَ الحمى ، وذاق طعم الضرب ، ووجد مَسَ الجوع » لأن النار إذا أصابتهم بحرها وشدتها فكأنها مَسَّتْهُم مَسَّاً كما يَمَسُ الحيوان ما يؤذي ويؤلم. قوله : ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) [ ٥٨ / ٣ ] هو كناية عن الجماع ، يقال مَسَ الرجل مرأته من باب تعب مَسّاً.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلَّا وَيَمَسَّهُ الشَّيْطَانُ ».

أي يصيبه بما يؤذيه وذلك أن الشيطان يتعرض المولود بما لا عهد له به من الإلمام ، فتشمئز عنه نفسه ويضيق بإلمامه صدره وتلقى المكروه طبيعته ، فيصيح صيحة من يجد الماء وينتابه أذى.

وَفِيهِ « مَنْ مَشَى فِي خُفٍّ وَاحِدٍ أَصَابَهُ مَسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ » (١).

أي أذى منه. والْمَسُ : اللَّمْس باليد. ومَسِسْتُهُ من باب تعب ، وفي لغة من باب قتل : أفضيت إليه بيدي من غير حائل ـ هكذا قيدوه. ويقال مَسِسْتُهُ : إذا لاقيته بأحد جوارحك ومَسَ الماء الجسد : أصابه ، ويتعدى إلى اثنين بالهمزة والحرف. والْمَسِيسُ ككريم : الْمَسُ. وحاجة مَاسَّةٌ : أي مهمة. ومِسْتُ الحاجة إلى كذا : ألجأت إليه. وهان عليه الْمَسِيسُ : أي مُمَاسَّةُ الأشياء ومزاولتها والتصرف فيها.

وَفِي الْحَدِيثِ « فَلَا يَمَسَ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ ».

يجوز فتح سينه وكسرها وفك الإدغام وياؤه مفتوحة.

وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ وَقَدْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام أَيَغْتَسِلُ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ؟ قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : فَمَنْ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ؟ قَالَ : لَا إِنَّمَا مَسَ الثِّيَابَ (٢).

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٤٦٨.

(٢) الكافي ج ٣ ص ١٦١.

١٠٧

قال بعض الشارحين : التعليل بقوله « إنما مس الثياب » لا يخلو من غموض ، لأن مس الميت بعد الغسل لا يوجب الغسل ، والتعليل بَمَسِ الثياب يقتضي أنه لو مَسَّ بدن الميت وجب الغسل وهو خلاف المعروف ، واحتمال كون المدخل في القبر غير مغسل في غاية البعد ـ انتهى. والذي يخطر بالبال أن المستفاد من هذا التعليل استحباب الغسل لماس الميت بعد تغسيله ، ويؤيد هذا

مُوَثَّقَةُ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ : يَغْتَسِلُ الَّذِي غَسَّلَ الْمَيِّتَ ، وَكُلُّ مَنْ مَسَ مَيِّتاً فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ غُسِلَ.

وكلمة « فعليه » وإن كانت ظاهرة في الوجوب لكن معارضة الإجماع توجب صرفها إلى الندب كما في كثير من نظائرها.

وَفِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ « وَلَا تُمِسُّوهُ طِيباً » (١).

بضم فوقية وكسر ميم.

( معس )

الْمَعْسُ : الدلك ، يقال مَعَسَهُ كمنعه دلكه دلكا شديدا. ومَعَسَهُ : طعنه.

( مكس )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تُمَاكِسْ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ » (٢).

الْمُمَاكَسَةُ في البيع انتقاص الثمن واستحطاطه ، يقال مَاكَسَهُ يُمَاكِسُهُ مِكَاساً ومُمَاكَسَةً ، ومَكَسَ في البيع من باب ضرب مَكْساً. والْمَاكِسُ : العشار ، ومنه الْخَبَرُ « لَا يَدْخُلُ صَاحِبُ مَكْسٍ الْجَنَّةَ ».

( ملس )

الْمَلَاسَةُ : ضد الخشونة. وشيء أَمْلَسُ : لا خشونة فيه. ومَلِسَ الشيء من باب تعب وقرب : إذا لم يكن له شيء يستمسك.

وَفِي حَدِيثِ الْأَحْذِيَةِ « لَا تَتَّخِذُوا الْمَلْسَ فَإِنَّهُ حِذَاءُ فِرْعَوْنَ » (٣).

لعل

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٣٦٧.

(٢) من لا يحضر ج ٣ ص ١٢٢.

(٣) الكافي ج ٦ ص ٤٦٣.

١٠٨

المراد غير المحضرة. والله أعلم.

( موس )

فِي حَدِيثٍ طِينَةُ خَبَالٍ صَدِيدٌ يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ الْفَاجِرَةِ.

وتجمع على مِيَاسٍ أيضا. وأصحاب الحديث يقولون « مَيَامِيسُ » ، قيل ولا يصح إلا على إشباع الكسرة لتصير ياء كطفل ومطافيل. وقد اختلف في أصل هذه اللفظة : فبعضهم يجعله من الهمزة ، وبعضهم يجعله من الواو ، وكل منهما تكلف له في الاشتقاق ـ قال في النهاية.

( ميس )

الْمَيْسُ : التبختر ، يقال مَاسَ يَمِيسُ مَيْساً ومَيَسَاناً.

باب ما أوله النون

( نجس )

قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) [ ٩ / ٢٨ ] حصر أوصاف المشركين في النَّجَسِ ، والنَّجَسُ مصدر في الأصل ، تقول نَجِسَ بكسر العين ويَنْجَسُ بفتحها نَجَساً بفتحتين فهو نَجِسٌ بفتح العين وكسرها ، وإذا استعمل مع الرجس كسر أوله ، يقال رجس نِجْسٌ بكسر أولهما وسكون الجيم قال الفراء : وقرئ به شاذا. وفي الآية دلالة على أن المشركين أَنْجَاسٌ نَجَاسَةً عينية لا حكمية ، وهو مذهب أصحابنا ، وبه قال ابن عباس.

قَالَ : إِنَّ أَعْيَانَهُمْ نَجِسَةٍ كَاْلِكَلابِ وَالْخَنَازِيرِ.

وروايات أهل البيت وإجماعهم على نَجَاسَتِهِمْ مشهور ، وخالف في ذلك باقي الفقهاء وقالوا معنى كونهم نَجَساً أنهم لا يغتسلون من الجنابة ولا يجتنبون النَّجَاسَاتِ ، أو كناية عن خبث اعتقادهم. وقال بعض المحققين : وقوع المصدر خبرا عن ذي جثة يمكن أن يكون بتقدير مضاف ، والمراد ذو نَجَسٍ ، أو بتأويل المشتق ، أو هو باق على المصدرية من غير إضمار ولا تأويل طلبا للمبالغة ، فكأنهم

١٠٩

تجسموا بِالنَّجَاسَةِ ، فالكلام مجاز عقلي. قال : وهذا الوجه أولى من الوجهين الأولين كما صرح به محققو علماء المعاني في قول الخنساء :

فإنما هي إقبال وإدبار

وَفِي الْحَدِيثِ « أَلْقُوا الشَّعْرَ عَنْكُمْ فَإِنَّهُ نَجِسٌ ».

أي قذر ، وذلك أنه وجد هناك ونَجِسَ الشيء يَنْجَسُ من باب تعب : إذا كان قذرا غير نظيف ، والاسم النَّجَاسَةُ والظاهر فتح النون فيه ، فإن العرب تبني الشيء على ضده ، وهي في عرف الشرع قذر مخصوص يمنع جنسه الصلاة كالبول والدم ونحوهما. ونَجِسَ يَنْجَسُ من باب قتل لغة. وثوب نَجِسٌ بالكسر : اسم فاعل ، وبالفتح وصف بالمصدر. وقوم أَنْجَاسٌ ، وتَنَجَّسَ الشيء ونَجَّسْتُهُ

( نحس )

قوله تعالى : ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) [ ٥٤ / ١٩ ] النَّحْسُ ضد السعد. وقوله ( نَحْسٍ ) بالجر على الصفة والإضافة أكثر وأجود ، أي استمر عليهم بِنُحُوسَتِهِ أي بشؤمه. قوله : ( أَيَّامٍ نَحِساتٍ ) [ ٤١ / ١٦ ] أي مشومات. قوله : ( مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ ) [ ٥٥ / ٣٥ ] النُّحَاسُ بالضم والفتح دخان لا لهب فيه ، وقيل الصفر المذاب يصب فوق رءوسهم.

وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى أَنْ يُتَخَتَّمُ بِنُحَاسٍ ».

النُّحَاسُ بالضم معروف ، ويقال أصله فضة إلا أن الأرض أفسدته. والنِّحَاسُ بالكسر : الأصل ، ومنه « فلان كريم النِّحَاسِ » أي الأصل. وأعمى نَحْسٌ : أي ناقص.

( نخس )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تُسَلِّمْ ابْنَكَ نَخَّاساً فَإِنَّهُ أَتَانِي جَبْرَئِيلُ عليه السلام فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ شَرَّ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَبِيعُونَ النَّاسَ » (١).

النَّخَّاسُ بالتشديد : هو دلال الدواب والرقيق. ومنه « أبو الأغر النَّخَّاسُ » من رواة

__________________

(١) من لا يحضر ج ٣ ص ٩٦.

١١٠

الحديث ، لمعالجته الدواب (١). ونَخَسَ الدابةَ كنصر وجعل : غرز مؤخرها بعود ونحوه ، ومنه النَّاخِسَةُ والْمَنْخُوسَةُ.

( نسس )

فِي الْحَدِيثِ « النَّسْنَاسُ هُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ » وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جَمَاعَةِ النَّاسِ ، ثُمَّ قَالَ : ( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ).

والنَّسْنَاسُ ويكسر جنس من الخلق يثب أحدهم على رجلٍ واحدةٍ.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنَّ حَيّاً مِنْ عَادٍ عَصَوْا رَسُولَهُمْ فَمَسَخَهُمُ اللهُ نَسْنَاساً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَدٌ وَرِجْلٌ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ ، يَنْقُرُونَ كَمَا يَنْقُرُ الطَّائِرُ وَيَرْعَوْنَ كَمَا تَرْعَى الْبَهَائِمُ » وَقِيلَ أُولَئِكَ انْقَرَضُوا.

وقِيلَ النَّسْنَاسُ هُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ.

وقِيلَ هُمْ عَلَى صُوَرِ النَّاسِ أَشْبَهُوهُمْ فِي شَيْءٍ وَخَالَفُوهُمْ فِي شَيْءٍ ، وَلَيْسُوا مِنْ بَنِي آدَمَ.

والنَّسْاسَةُ بالنون وسينين مهملتين ، وقيل النَّاسَّةُ بسين واحدة من أسماء مكة شرفها الله تعالى ، سميت بذلك لقلة مائها إذ ذاك ، أو لأن من بغى بها ساقته أي أخرج عنها ـ قاله في القاموس.

( نطس )

التَّنَطٌسُ : المبالغة في التطهير. وكل من أدق النظر في الأمور واستقصى علمها فهو مُتَنَطِّسٌ.

( نعس )

قوله تعالى : ( ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً ) [ ٣ / ١٥٤ ]( نُعاساً ) أبدل من ( أَمَنَةً ) أو هو مفعول له ، لأن النُّعَاسَ سبب حصول الأمن. والنُّعَاسُ بالضم : الوسن وأول النوم وهي ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ تغطي العين ولا تصل إلى القلب ، فإذا وصلت إليه كان نوما. وقد نَعَسْتُ بالفتح أَنْعُسُ نُعَاساً ، ونَعَسَ يَنْعُسُ من باب قتل. ورجل نَاعِسٌ : أي وَسْنَان.

__________________

(١) قال في منتهى المقال ص ٣٣٩ : والظاهر من النسخ أنه الأعز بالعين المهملة والزاي ، وربما قرئ بالغين المعجمة والراء.

١١١

( نفس )

قوله تعالى : ( وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ) [ ٧٩ / ٤٠ ] أي النفس الأمارة بالسوء عن الهوى المردي ، وهو اتباع الشهوات وضبطها بالصبر. قوله : ( تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ ) [ ٥ / ١١٦ ] أي تعلم جميع ما أعلم من حقيقة أمري ولا أعلم حقيقة أمرك عبارة عن جملة الشيء وحقيقته ، وقيل تعلم سرى ولا أعلم سرك ، وقيل تعلم مني ما كان في دار الدنيا ولا أعلم ما يكون منك في دار الآخرة. قوله : ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ) [ ٨٩ / ٢٧ ]

عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ « قَالَ : فَيُنَادِي رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَيَقُولُ : ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وَأَهْلِ بَيْتِهِ ( ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً ) بِالْوَلَايَةِ ( مَرْضِيَّةً ) بِالثَّوَابِ ، ( فَادْخُلِي فِي عِبادِي ) يَعْنِي مُحَمَّداً وَأَهْلَ بَيْتِهِ عليه السلام ( وَادْخُلِي جَنَّتِي ) ، فَمَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلَالِ رُوحِهِ وَاللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي » (١).

قوله : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) [ ٤ / ٢٩ ] قال الشيخ أبو علي : فيه أقوال : « أحدها » ـ أن معناه لا يقتل بعضكم بعضا لأنكم أهل دين واحد وأنتم كَنَفْسٍ واحدة. كقوله ( فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ ). و « ثانيها » ـ أنه نهى الإنسان عن قتل نَفْسِهِ في حال غضب أو ضجر. و « ثالثها » ـ أن معناه ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) بأن تهلكوها بارتكاب الآثام والعدوان وغير ذلك من المعاصي التي تستحقون بها العذاب. و « رابعها » ـ لا تخاطروا بنفوسكم في القتال فتقاتلوا من لا تطيقونه (٢). قوله : ( مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص ٤٦٠.

(٢) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٧.

١١٢

جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) [ ٥ / ٣٢ ] هو على أقوال : « أحدها » ـ هو أن الناس كلهم خصماؤه في قتل ذلك الإنسان ، وقد وترهم وتر من قصد لقتلهم جميعها وأوصل إليهم من المكروه ما أشبه به القتل الذي أوصل إلى المقتول ، فكأنه قتلهم كلهم ، ومن استنقذها من غرق أو حرق أو هدم أو استنقذها من ضلال ، ( فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) أي أجره على الله أجر من أحياهم أجمعين ، كأنه في إسدائه المعروف إليهم بإحيائه أخاهم المؤمن بمنزلة من أحيا كل واحد منهم. قال الشيخ أبو علي : وهذا المعنى مروي عن أبي عبد الله عليه السلام. ثم قال : وأفضل ذلك أن يخرجها من ضلال إلى هدى. و « ثانيها » ـ أن من قتل نبيا أو إمام عدل ( فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ) ، ثم يعذب عليه كما لو قتل الناس كلهم ، ومن شد على عضد نبي أو إمام عدل ( فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) في استحقاق الثواب. و « ثالثها » ـ من قتل نفسا بغير حق فعليه مأثم كل قاتل من الناس ، لأنه سن القتل وسهله لغيره فكان بمنزلة المشارك فيه ، ومن زجر عن قتلها بما فيه حياتها على وجه يقتدى به فيه ـ بأن يعظم تحريم قتلها كما حرمه الله تعالى ولم يقدم على قتلها لذلك ـ فقد أحيا الناس جميعا بسلامتهم منه ، فذلك إحياؤه إياها (١). قوله : ( رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) [ ٣ / ١٦٤ ] أي من جنسهم عربيا مثلهم ، وقيل من ولد إسماعيل كما أنهم كانوا من ولده. ووجه المنة عليهم في ذلك أنه إذا كان منهم كان اللسان واحدا فيسهل عليهم أخذ ما يجب أخذه عنه وفي كونه من أنفسهم شرف لهم ، كقوله ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ).

قَالَ فِي الْكَشَّافِ : وَفِي قِرَاءَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَقِرَاءَةِ فاطمة عليها السلام مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

أي من

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ١٨٦ ، وزاد وجهين آخرين لم يذكرهما الطريحي هنا.

١١٣

أشرافهم ، لأن عدنان ذروة ولد اسماعيل ، ومضر ذروة نزار بن معد بن عدنان ، وخندف ذروة مضر ، ومدركة ذروة خندف ، وقريش ذروة مدركة ، وذروة قريش محمد صلى الله عليه وآله (١). قوله : ( فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) [ ٢ / ٥٤ ] أي ليقتل بعضكم بعضا ، أمر من لم يعبد العجل أن يقتل من عبده. قوله تعالى : ( وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ) [ ٨١ / ١٨ ] مر في صبح.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ نَفْسٌ ».

أي دم سائل ، وما لا نَفْسَ له كالذباب ونحوه فلا بأس فيه والنَّفْسُ جاءت لمعان : الدم كما يقال سالت نَفْسُهُ أي دمه ، والروح كما يقال خرجت نَفْسُهُ ، والجسد وعليه قول الشاعر :

نبئت أن بني سحيم أدخلوا

أبياتهم تامور نَفْسِ المنذر

والتامور : الدم ـ قاله في الصحاح ، والعين يقال أصابت فلان نفس أي عين. ونَفْسُ الشيء عينه يؤكد به. وفلان يؤامر نَفْسَهُ : إذا تردد في الأمر واتجه له رأيان وداعيان لا يدري على أيهما يعرج. والنَّفْسُ أنثى إن أريد بها الروح ، قال تعالى : ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ) [ ٤ / ١ ] وإن أريد الشخص فمذكر ، وجمعها أَنْفُسٌ ونُفُوسٌ مثل فلس وأفلس وفلوس ، وهي مشتقة من التَّنَفُسٌ لحصولها بطريق النفخ في البدن. ولها خمس مراتب باعتبار صفاتها المذكورة في الذكر الحكيم : « الأولى » ـ الأمارة بالسوء ، وهي التي تمشي على وجهها تابعة لهواها. « الثانية » ـ اللوامة ، وقد أشير إليها بقوله : ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) [ ٧٥ / ٢ ] وهي التي لا تزال تلوم نَفْسَهَا وإن اجتهدت في الإحسان ، وتلوم على تقصيرها في التعدي في الدنيا والآخرة. « الثالثة » ـ المطمئنة ، وهي النَّفْسُ الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن ،

__________________

(١) الكشاف ج ١ ص ٣٥٩.

١١٤

أو المطمئنة إلى الحق التي سكنها روح العلم وثلج اليقين ، فلا يخالجها شك « الرابعة » ـ الراضية ، وهي التي رضيت بما أوتيت « الخامسة » المرضية ، وهي التي رضي عنها وبعضهم يذكر لها مرتبة أخرى : وهي الملهمة بكسر الهاء على المشهور ، والظاهر فتحها لكونها مأخوذة من قوله تعالى : ( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) والملهم الله أو الملك. وفي تجرد النَّفْسِ وكيفية تعلقها بالبدن وتصرفها فيه أبحاث مشهورة مذكورة مقررة في محالها.

وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ عليه السلام « مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ » (١).

أقوال : « منها » ـ أنه كما لا يمكن التوصل إلى معرفة النفس لا يمكن التوصل إلى معرفة الرب.

وَفِي حَدِيثِ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ : سَأَلْتُ مَوْلَانَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قُلْتُ : أُرِيدُ أَنْ تُعَرِّفَنِي نَفْسِي؟ قَالَ : قَالَ : يَا كُمَيْلُ أَيَ نَفْسٍ تُرِيدُ؟ قُلْتُ : يَا مَوْلَايَ هَلْ هِيَ إِلَّا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ ، فَقَالَ : يَا كُمَيْلُ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ : النَّامِيَةُ النَّبَاتِيَّةُ وَالْحِسِّيَّةُ الْحَيَوَانِيَّةُ ، وَالنَّاطِقَةُ الْقُدْسِيَّةُ ، وَالْكَلِمَةُ الْإِلَهِيَّةُ. وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ خَمْسُ قُوًى وَخَاصَّتَانِ : فَالنَّامِيَةُ النَّبَاتِيَّةُ لَهَا خَمْسُ قُوًى : مَاسِكَةٌ ، وَجَاذِبَةٌ ، وَهَاضِمَةٌ ، وَدَافِعَةٌ ، وَمُرَبِّيَةٌ. وَلَهَا خَاصَّتَانِ الزِّيَادَةُ ، وَالنُّقْصَانُ. وَانْبِعَاثُهَا مِنَ الْكَبِدِ وَهِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ الْحَيَوَانِ. وَالْحَيَوَانِيَّةُ الْحِسِّيَّةُ ، وَلَهَا خَمْسُ قُوًى : سَمْعٌ ، وَبَصَرٌ ، وَشَمٌّ ، وَذَوْقٌ ، وَلَمِّسٌ. وَلَهَا خَاصَّتَانِ : الرِّضَا ، وَالْغَضَبُ. وَانْبِعَاثُهَا مِنَ الْقَلْبِ ، وَهِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ السِّبَاعِ. وَالنَّاطِقَةُ الْقُدْسِيَّةُ ، وَلَهَا خَمْسُ قُوًى : فِكْرٌ ، وَذِكْرٌ ، وَعِلْمٌ ، وَحِلْمٌ ، وَنَبَاهَةٌ. وَلَيْسَ لَهَا انْبِعَاثٌ ، وَهِيَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِ الْمَلَائِكَةِ ، وَلَهَا خَاصَّتَانِ : النَّزَاهَةُ ، وَالْحِكْمَةُ. وَالْكَلِمَةُ الْإِلَهِيَّةُ ، وَلَهَا خَمْسُ قُوًى : بَقَاءٌ فِي فَنَاءٍ ، وَنَعِيْمٌ فِي شَقَاءٍ ، وَعِزٌّ فِي ذُلٍّ ، وَفَقْرٌ فِي غِنًى ، وَصَبْرٌ

__________________

(١) سَفِينَةِ الْبِحَارِ ج ٢ ص ٦٠٣.

١١٥

فِي بَلَاءٍ. وَلَهَا خَاصَّتَانِ : الْحِلْمُ ، وَالْكَرَمُ. وَهَذِهِ الَّتِي مَبْدَؤُهَا مِنَ اللهِ وَإِلَيْهِ تَعُودُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا ) وَأَمَّا عَوْدُهَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ) وَالْعَقْلُ وَسَطُ الْكُلَّ لِكَيْلَا يَقُولَ أَحَدُكُمْ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَّا لِقِيَاسٍ مَعْقُولٍ » (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ » (٢).

وقد مر البحث عنه ، ونذكر مزيد بحث وهو أن النَّفْسَ الإنسانية ـ على ما حققه بعض المتبحرين ـ واقعة بين القوة الشهوانية والقوة العاقلة فبالأولى يحرص على تناول اللذات البدنية البهيمية كالغذاء والسفاد والتغالب وسائر اللذات العاجلة الفانية ، وبالأخرى يحرص على تناول العلوم الحقيقية والخصال الحميدة المؤدية إلى السعادة الباقية أبد الآبدين ، وإلى هاتين القوتين أشار تعالى بقوله ( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) وقوله تعالى ( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) فإن جعلت أيها الإنسان الشهوة منقادة للعقل فقد فزت فوزا عظيما واهتديت صراطا مستقيما ، وإن سلطت الشهوة على العقل وجعلته منقادا لها ساعيا في استنباط الحيل المؤدية إلى مراداتها هلكت يقينا وخسرت خسرانا مبينا. واعلم أن النَّفْسَ إذا تابعت القوة الشهوية سميت « بهيمية » ، وإذا تابعت الغضبية سميت « سبعية » ، وإن جعلت رذائل الأخلاق لها ملكة سميت « شيطانية » وسمى الله تعالى هذه الجملة في التنزيل « نَفْساً أمارة بالسوء » إن كانت رذائلها ثابتة ، وإن لم تكن ثابتة بل تكون مائلة إلى الشر تارة وإلى الخير أخرى وتندم على الشر وتلوم عليه سماها « لوامة » ، وإن كانت منقادة للعقل العملي سماها « مطمئنة » ، والمعين على هذه المتابعات قطع العلائق البدنية كما قال بعضهم :

إذا شئت أن تحيا فمت عن علائق

من الحس خمس ثم عن مدركاتها

__________________

(١) سفينة البحار ج ٢ ص ٦٠٣.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٩.

١١٦

وقابل بعين النَّفْسِ مرآة عقلها

فتلك حياة النَّفْسِ بعد مماتها

وَ فِي حَدِيثِ السَّفَرِ « وَابْدَأْ بِعَلَفِ دَابَّتِكَ فَإِنَّهَا نَفْسُكَ ».

بإسكان الفاء أي كَنَفْسِكَ ، فكما تحتفظ على نَفْسِكَ احتفظ عليها ، ويرويها بعض من يدعي الفضيلة فِي الْحَدِيثِ « فَإِنَّهَا نَفَسُكَ ».

بالتحريك من النَّفَسِ بفتحتين ، يعني الفرح والعيش والسعة والروح والراحة كما في « اللهُمَ نَفِّسْ كُرْبَتِي » وهو كما ترى. والنَّفَسُ بالتحريك واحد الْأَنْفَاسِ ، ومنه الْحَدِيثُ « يُجْزِي بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ نَفَسٌ » (١).

والجمع أَنْفَاسٌ كسبب وأسباب والنَّفَسُ أيضا : الْجُرعة من الماء ، يقال اكرع من الماء نَفَساً أو نَفَسَيْنِ أي جرعة أو جرعتين « وأنت في نَفَسٍ من أمرك » أي في سعة منه.

وَفِي الْخَبَرِ « لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ ».

أي تفرج الكرب وتنشيء السحاب وتنشر الغيب وتذهب الحزن.

وَفِيهِ « بُعِثْتُ أَنَا مِنْ نَفَسِ السَّاعَةِ ».

أي حين قيامها وقربها ، إلا أنها أخرت قليلا قليلا فأطلق النَّفَسُ على القرب.

وَفِيهِ « نَهَى عَنِ الشُّرْبِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ ».

وحمل على الكراهة لأنه يكابس الماء في موارد حلقه فتثقل معدته.

وَرُوِيَ « أَنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ » (٢) و « أَنَّهُ شُرْبُ الشَّيْطَانِ ».

والنَّفْسُ الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عليه السلام (٣) ، وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الصَّادِقُ عليه السلام حِينَ أُمِرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ فَقَالَ : « وَكَأَنِّي بِكَ وَقَدْ حَمَلَ عَلَيْكَ فَارِسٌ مُعَلَّمٌ فِي يَدِهِ طِرَادَةٌ فَطَعَنَكَ الْفَارِسُ الْمُعَلَّمِ الَّذِي لَهُ عَلَامَةُ الشُّجْعَانِ ».

وقَالَ فِيهِ أَيْضاً : « سَمِعْتُ عَمَّكَ وَهُوَ خَالُكَ يَذْكُرُ أَنَّكَ وَبَنِي أَبِيكَ سَتُقْتَلُونَ ».

وإنما كان عمه وخاله لأن بنت الحسين عليه السلام أم عبد الله بن الحسن. والنَّفْسُ الزكية يطلق على شخص

__________________

(١) الإستبصار ج ١ ص ٣٠٩.

(٢) مكارم الأخلاق ص ١٨٠.

(٣) قال المسعودي في مروج الذهب : وكان يدعى ( بِالنَّفْسِ ) الزكية لزهده ونسكه.

١١٧

يخرج قريبا من خروج القائم كما نبه عليه ابن بابويه في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ، حيث

قَالَ : إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ عليه السلام بِخَمْسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً.

وتَنَفَّسْتُ عنه تَنْفِيساً : أي رفهت ، يقال نَفَّسَ الله عنه كربته أي فرجها ، والأصل في التَّنَفُّسِ التفريج ، كأنه مأخوذ من قولهم « أنت في نَفَسٍ من أمرك » أي في سعة ، والذي يفرج عنه كأنه في سعة من أمره بحذف الكروب عنه.

وَمِنْهُ « أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ إِشْبَاعُ جَوْعَةِ الْمُؤْمِنِ وَتَنْفِيسُ كُرْبَتِهِ ».

ومِنْهُ « مَنْ أَعَانَ مُؤْمِناً نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ ثَلَاثاً وَسَبْعِينَ كُرْبَةً » (١).

وقَوْلُهُ « نَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلُهُ ».

أي وسعوا له. والتَّنَفُّسُ : ذهاب الهم والغم. وتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ مر القول فيه. وشيء نَفِيسٌ : يُتَنَافَسُ فيه ويرغب. وهذا شيء نَفِيسٌ : أي جيد في نوعه ، ومنه « جارية نَفِيسَةٌ ». ونَفُسَ الشيء بالضم نَفَاسَةً : أي صار مرغوبا فيه. ونَافَسْتُ في الشيء مُنَافَسَةً ونِفَاساً : إذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم. ومثله التَّنَافُسُ في الشيء ، ومنه « تَنَافَسُوا في الشيء » ومنه « تَنَافَسُوا في زيارة الحسين عليه السلام ». والنِّفَاسُ بالكسر : ولادة المرأة إذا وضعت فهي نُفَسَاءُ ، وقد نَفِسَتِ المرأة كفرح والولد مَنْفُوسٌ. ومنه الْحَدِيثُ « الْمَنْفُوسُ لَا يَرِثُ شَيْئاً حَتَّى يَصِيحَ ».

وجمع النُّفَسَاءِ نِفَاسٌ. قال الجوهري : ليس في كلام العرب فعلاء يجمع على فعال غير نُفَسَاءَ وعُشَرَاءَ ، ويجمع أيضا على نَفْسَاوَاتٍ وعشراوات. ونُفِسَتِ المرأة بالبناء للمفعول ، وهو من النَّفْسِ ، وهو الدم. والنَّفِيسُ : المال الكثير. والنَّافِسُ : أحد القداح العشرة من قداح الميسر ـ قاله في الحديث.

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ١٩٩.

١١٨

( نقس )

النَّاقُوسُ : الذي يضرب به النصارى لأوقات الصلاة ، وهو خشبتان طويلة وقصيرة يضعهما بين أصابعه لهما صوت حسن.

( نقرس )

النِّقْرِسُ : ورم ووجع في مفاصل القدمين وأصابع الرجلين ، ومن خاصته أنه لا يجمع مدة ولا ينضح لأنه في عضو غير لحم.

( نكس )

قوله تعالى : ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ) [ ٣٦ / ٦٨ ] أي نقلبه في الخلق ، فنخلقه على عكس ما خلقناه قبل إذ كان يتزايد في القوة والعقل والعلم إلى أن استكمل قوته وبلغ أشده ، وإذا انتهى نَكَّسْنَاهُ في الخلق فجعلناه يتناقص حتى يرجع في حالة شبيهة بحال الصبي في ضعف الجسد وقلة العقل والعلم ، كما قال تعالى ( يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ). يقال : نَكَسْتُ الشيء أَنْكُسُهُ نَكْساً من باب قتل : قلبته على رأسه فَانْتَكَسَ ونَكَّسْتُهُ تَنْكِيساً ، وقد مر مزيد بحث في الآية في عمر. قوله : ( نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ ) [ ٢١ / ٦٥ ] أي ثبتت الحجة عليهم. والنَّاكِسُ : المطأطىء رأسه. والْمَنْكُوسُ : المقلوب.

وَفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ عليه السلام « لَا يُحِبُّنَا ذُو رَحِمٍ مَنْكُوسَةٍ ».

قيل هو المأبون لانقلاب شهوته إلى دبره. والنَّكْسُ بالضم : عود المرض بعد النقه. وقد نَكَسَ الرجل نَكْساً وتَعْساً ونُكْساً ، وقد يفتح هنا للازدواج ـ قاله الجوهري لأنه لغة.

( نمس )

فِي الْحَدِيثِ « يَا فُلَانُ هَاتِ النَّامُوسَ فَجَاءَ بِصَحِيفَةٍ كَبِيرَةٍ يَحْمِلُهَا ، فَنَشَرَهَا » ـ الحديث. ويستفاد منه أن النَّامُوسَ هنا صحيفة فيها ديوان الشيعة ، وفيها أسماؤهم وأسماء آبائهم.

١١٩

وفِيهِ « أَنَّ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ قَالَ لِخَدِيجَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا وَكَانَ نَصْرَانِيّاً : لَئِنْ كَانَ مَا تَقُولِينَ حَقّاً إِنَّهُ لَيَأْتِيهِ النَّامُوسُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى عليه السلام » يعني به جبرئيل عليه السلام.

وَفِي حَدِيثِ الْيَهُودِيِّ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام « أَشْهَدُ أَنَّكَ نَامُوسُ مُوسَى ».

أي صاحب سره. قال بعض الشارحين : الناموس صاحب سر الملك ، ويقال النَّامُوسُ صاحب سر الخير والجاسوس صاحب سر الشر. وناموس الرجل : صاحب سره الذي يطلعه على باطن أمره ويخصه بما يستره عن غيره. قال الجوهري : وأهل الكتاب يسمون جبرئيل عليه السلام النَّامُوسَ.

( نوس )

قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ ) [ ٢ / ٨ ] قيل في معناه : أي بعض الناس يقول آمنا على أن يكون الجار والمجرور مبتدأ والموصول خبر ، ولو عكس لانتفت الفائدة. و « النَّاسُ » قد يكون من الجن والإنس. قال الجوهري : أصله أُنَاسٌ فخفف ولم يجعلوا الألف واللام فيه عوضا من الهمزة المحذوفة ، لأنه لو كان كذلك لما اجتمع مع المعوض منه في قوله :

إن المنايا يطلعن

على الْأُنَاسِ الآمنينا

وَ فِي الْحَدِيثِ « إِنَ النَّوَاوِيسَ شَكَتْ إِلَى اللهِ شِدَّةَ حَرِّهَا ، فَقَالَ لَهَا تَعَالَى : اسْكُنِي فَإِنَّ مَوَاضِعَ الْقُضَاةِ أَشَدُّ حَرّاً مِنْكِ ».

النَّوَاوِيسُ موضع في جهنم وفي المغرب إن النَّاوُوسَ على فاعول مقبرة النصارى. و « النَّاوُوسِيَّةُ » من وقف على جعفر بن محمد الصادق أتباع رجل يقال له نَاوُوسٌ (١) وقيل نسبوا إلى قرية نَاوُوسَاءَ (٢).

__________________

(١) قيل سميت بذلك لرئيس لهم من أهل البصرة يقال له عجلان بن ناووس ـ فرق الشيعة ص ٦٧.

(٢) لم نقف على قرية اسمها ناووساء ، وذكر في معجم البلدان « ناووس الظبية » موضع قرب همذان ، و « الناووسة » من قرى هيت ـ انظر معجم البلدان ج ٥ ص ٢٥٤.

١٢٠