مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

باب ما أوله العين

( عرش )

قوله تعالى : ( وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) [ ١١ / ٧ ] أي ما كان خلق تحته إلا الماء قبل خلق السماوات والأرض وارتفاعه فوقها. قال الشيخ أبو علي : وفيه دلالة على أن الْعَرْشَ والماء كانا مخلوقين قبل السماوات والأرض ـ انتهى (١).

وَفِي حَدِيثِ الْمَأْمُونِ وَقَدْ سَأَلَ الرِّضَا عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) الْآيَةِ. قَالَ عليه السلام : إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْمَاءَ وَالْعَرْشَ وَالْمَلَائِكَةَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَدِلَّ بِنَفْسِهَا وَبِالْعَرْشِ وَبِالْمَاءِ عَلَى اللهِ تَعَالَى ، ثُمَّ جَعَلَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ لِيُظْهِرَ بِذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَيَعْلَمُوا ( أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، ثُمَّ رَفَعَ الْعَرْشَ بِقُدْرَتِهِ وَثَقَّلَهُ فَجَعَلَهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ثُمَ ( خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) وَهُوَ مُسْتَوْلٍ عَلَى عَرْشِهِ ، وَكَانَ قَادِراً أَنْ يَخْلُقَهُمَا فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ ، وَلَكِنَّ اللهَ خَلَقَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ لِيُظْهِرَ لِلْمَلَائِكَةِ مَا يَخْلُقُهُ مِنْهَا شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ ، فَتَسْتَدِلَّ بِحُدُوثِ مَا يَحْدُثُ عَلَى اللهِ تَعَالَى مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ، وَلَمْ يَخْلُقِ اللهُ الْعَرْشَ لِحَاجَةٍ بِهِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ الْعَرْشِ وَعَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ ، لَا يُوصَفُ بِالْكَوْنِ عَلَى الْعَرْشِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ تَعَالَى عَنْ صِفَةِ خَلْقِهِ عُلُوّاً كَبِيراً (٢).

وَفِي حَدِيثِ زَيْنَبَ الْعَطَّارَةِ « السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ وَالْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَجِبَالُ الْبَرَدِ وَالْهَوَاءُ وَحُجُبُ النُّورِ وَالْكُرْسِيُّ عِنْدَ الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ ».

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله أَنَّهُ قَالَ : « خَلَقَ اللهُ مَلَكاً تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ ، فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ

__________________

(١) مَجْمَعِ الْبَيَانِ ج ٣ ص ١٤٤.

(٢) الْبُرْهَانِ ج ٢ ص ٢٠٨.

١٤١

سَنَةٍ ، ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ سَنَةٍ أُخْرَى ، ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ثَالِثَةً ، فَأَوْحَى إِلَيْهِ لَوْ طِرْتَ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّوَرِ كَذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى الطَّرَفِ الثَّانِي مِنَ الْعَرْشِ ، فَقَالَ الْمَلَكُ عِنْدَ ذَلِكَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ».

وَفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ عليه السلام « جَعَلَ تَعَالَى الْعَرْشَ أَرْبَاعاً ـ يَعْنِي مِنْ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٍ ـ لَمْ يَخْلُقَ مِنْ قَبْلِهِ شَيْئاً إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ الْهَوَاءَ وَالْعِلْمَ وَالنُّورَ ، ثُمَّ خَلَقَهُ مِنْ أَنْوَارٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ نُورٍ أَخْضَرَ مِنْهُ اخْضَرَّتِ الْخُضْرَةُ ، وَمِنْ نُورٍ أَصْفَرَ اصْفَرَّتِ مِنْهُ الصُّفْرَةُ ، وَمِنْ نُورٍ أَحْمَرَ احْمَرَّتْ مِنْهُ الْحُمْرَةُ وَمِنْ نُورٍ أَبْيَضَ وَهُوَ نُورُ الْأَنْوَارِ وَمِنْهُ ضَوْءُ النَّهَارِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ سَبْعِينَ أَلْفَ طَبَقٍ غِلَظُ كُلِّ طَبَقٍ كَأَوَّلِ الْعَرْشِ إِلَى أَسْفَلِ السَّافِلِينَ ، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ طَبَقٌ ( إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) وَيُقَدِّسُهُ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَلْسِنَةٍ غَيْرِ مُشْتَبِهَةٍ ... لَهُ ثَمَانِيَةُ أَرْكَانٍ يَحْمِلُ كُلَّ رُكْنٍ مِنْهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُحْصِي عِدَّتَهُمْ إِلَّا اللهُ سُبْحَانَهُ يُسَبِّحُونَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ( لا يَفْتُرُونَ ) » (١).

وعَنْهُ عليه السلام « حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَالْعَرْشُ العلِمُ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنَّا وَأَرْبَعَةُ مِمَّا شَاءَ اللهُ ».

وفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فُسِّرَتِ الْأَرْبَعَةُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَبِالْحَسَنَيْنِ وَالْأَرْبَعَةُ الثَّانِيَةُ بِسَلْمَانَ وَالْمِقْدَادِ وَأَبِي ذَرٍّ وَعَمَّارٍ ، و ( يَوْمَئِذٍ ) مَحْمُولٌ عَلَى مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله.

قوله : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ) [ ١٢ / ١٠٠ ] العرش سرير الملك ، ومنه قوله ( أَهكَذا عَرْشُكِ ) [ ٢٧ / ٤٢ ]. قال المفسر في قوله ( أَهكَذا ) أربع كلمات حرف الاستفهام وحرف التنبيه وكاف التشبيه واسم الإشارة ، أي مثل هذا عَرْشُكِ ، ولم يقل أهذا عَرْشُكِ لئلا يكون تلقينا. ( قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ) ولم تقل هو هو ولا ليس به ، وذلك من رجاحة عقلها إذ لم تقطع في موضع الاحتمال (٢) قوله : ( يَعْرِشُونَ ) [ ٧ / ١٣٧ ] أي يبنون.

__________________

(١) البرهان ج ٢ ص ٢٠٨.

(٢) مجمع البيان ج ٤ ص ٢٢٤.

١٤٢

قوله : ( مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ) [ ٦ / ١٤١ ] أي مرفوعات على ما تحملها يقال عَرَشْتُ الكرم : إذا جعلت تحته قصبا وأشباهه لتميد عليه ، وغير معروشات من سائر الشجر الذي لا يَعْرِشُ. والْعَرِيشُ : ما يستظل به يبنى من سعف النخل مثل الكوخ فيقيمون فيه مدة إلى أن يصرم النخل ، ومِنْهُ عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى عليه السلام في حديث مسجد الرسول صلى الله عليه وآله حين ظلل.

والْعَرِيشُ : خيمة من خشب وثمام ، والجمع عُرُشٌ مثل قليب وقلب. قال الجوهري : ومنه قيل لبيوت مكة الْعُرُشُ لأنها عيدان تنصب ويظلل عليها.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا نَظَرَ إِلَى عُرُشِ مَكَّةَ ».

أي إلى بيوتها ، وكان ذلك قبل معاوية.

( عشش )

« عُشُ الطائر » بالضم والتشديد : موضعه الذي يجمعه من دقاق العيدان أو غيرها ، وجمعه عِشَشَةٌ وعِشَاشٌ وأَعْشَاشُ. قال الجوهري : وهو في أفنان الشجر ، فإذا كان في جبل أو جدار أو نحوهما فهو وكر ووكن ، وإذا كان في الأرض فهو أفحوص وأدحي. وعَشَّشَ الطائر : اتخذ عُشّاً.

( عطش )

فِي الْحَدِيثِ « الرَّجُلُ يُصِيبُهُ الْعُطَاشُ حَتَّى يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ : يَشْرَبُ ».

الْعُطَاشُ بالضم : شدة العطش ، وقد يكون داء يصيب الإنسان يشرب الماء فلا يروى. والْعَطَشُ : خلاف الري. وقد عَطِشَ بالكسر فهو عَطْشَان ، وقوم عَطْشَى وعِطَاشٌ ، وامرأة عَطْشَى ونسوة عِطَاشٌ. ومكان عَطِشٌ : قليل الماء.

( عكرش )

الْعِكْرِشُ بالكسر : نبات من الحمض ، وهو الثيل نفسه ـ قاله في القاموس.

( عمش )

الْعَمَشُ بالتحريك في العين : ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها ،

١٤٣

وهو من باب تعب. والرجل أَعْمَشُ والمرأة عَمْشَاءُ.

( عيش )

قوله تعالى : ( وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً ) [ ٧٨ / ١١ ] أي وقت مَعَاشٍ يَتَعَيَّشُونَ به. قوله : ( وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ ) [ ٧ / ١٠ ] هو جمع مَعْيَشَةٍ على وزن مفعلة وهو ما يُعَاشُ به من النبات وغيره من الحيوان ، والياء أصلية متحركة ، فلا تقلب في الجمع ، فعلى قول الجمهور إن ( مَعايِشَ ) مفاعل من الْعَيْشِ من باب عاشَ فالميم زائدة ، ووزن مَعَايِشُ مفاعل فلا يهمز. قال في المصباح وبه قرأ السبعة. وقيل هو من مَعِيشٍ فالميم أصلية ، فوزن مَعِيشَةٍ فعيلة ووزن مَعَائِشُ فعائل فيهمز ، وبه قرأ أبو جعفر المدني والأعرج. قوله : ( مَعِيشَةً ضَنْكاً ) [ ٢٠ / ١٢٤ ] قال كثير من المفسرين : إن المراد بِالْمَعِيشَةٍ الضنك عذاب القبر بقرينة ذكر القيامة بعدها ، ولا يجوز أن يراد بها سوء الحال في الدنيا ، لأن كثيرا من الكفار لهم في الدنيا مَعِيشَةٌ طيبة هنيئة غير ضنك ، والمؤمنون بالضد كما ورد

فِي الْحَدِيثِ « الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرَ ».

ويتم البحث في ضنك.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَّا لِرَجُلَيْنِ رَجُلٍ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ خَيْراً وَرَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ ».

الْعَيْشُ : الحياة وما يعاش به من أنواع الرزق والخبز ووجوه النعم والمنافع أو ما يتوصل به إلى ذلك ، يقال عَاشَ يَعِيشُ عَيْشاً ومَعَاشاً وعِيشَةً بالكسر. ومِنْهُ « لَوْ لَا ذَلِكَ مَا انْتَفَعَ أَحَدٌ بِعَيْشٍ ».

ومِنْهُ « الرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ ».

وَفِي الدُّعَاءِ « أَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ».

لعل المراد به الحياة الطيبة بعد الموت والتَّعَيُّشُ : تكلف أسباب الْمَعِيشَةِ. و « عَائِشَةُ بنت أبي بكر » زوجة

١٤٤

النبي صلى الله عليه وآله (١) ، وهي مهموزة. قال الجوهري ولا تقل عِيشَةٌ. و « الْعَيَّاشِيُ » نسبة لمحمد بن مسعود بن محمد من رواة الحديث (٢).

باب ما أوله الغين

( غبش )

فِي الْخَبَرِ « إِنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ بِغَبَشٍ ».

يريد أنه قدم صلاة الفجر عند أول طلوعه ، وذلك الوقت هو الْغَبَشُ ، وجمعه أَغْبَاشٌ. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام فِيمَنْ طَلَبَ عِلْماً لِغَيْرِ اللهِ « عَادٍ فِي أَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ » (٣).

أي بظلمتها. والْغَبَشُ بالتحريك : البقية من الليل وفي أول الليل أيضا ـ قاله في النهاية وغيره. وأَغْبَشَ الليل : إذا أظلم ظلمة يخالطها بياض.

( غثمش )

« غَثْمِيشَا » على ما في النسخ وَصِيُّ مَحُوقَ بالقاف ، الذي هو وصي مَجْلَث بالجيم والثاء المثلثة ، وهو وصيُّ شبانَ بن شيث بن آدم.

( غشش )

الْمَغْشُوشُ : الغير الخالص.

وَفِي حَدِيثِ الْقُرْآنِ « وَاغْتَشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ ».

أي اتخذوا أهواءكم غَاشَّةً.

وَقَوْلُهُ عليه السلام « وَكَمْ مِنْ مُسْتَنْصِحٍ لِلْحَدِيثِ مُسْتَغِشٌ لِلْكِتَابِ ».

أي ليس

__________________

(١) توفيت سنة ثمان وخمسين ، وقيل سنة سبع وخمسين الإصابة ص ١٨٨٥.

(٢) كان العياشي في بداية عمره عاميا ثم تشيع وصرف جميع ما ورثه من أبيه في سبيل نشر العلم ، وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو مقابل أو قار أو معلق مملوءة بالناس الكنى والألقاب ج ٢ ص ٤٤٩.

(٣) نهج البلاغة ج ١ ص ٤٨.

١٤٥

بناصح في تعلمه ومعرفته ، من قوله غَشَّهُ : لم يمحضه النصح وأظهر له خلاف ما أضمر. والْغِشُ بالكسر اسم منه ، واغْتَشَّهُ واسْتَغَشَّهُ ضد انتصحه واستنصحه.

وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ».

أي ليس من أخلاقنا ولا على سنننا.

( غطش )

قوله تعالى : ( أَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها ) [ ٧٩ / ٢٩ ] يقال أَغْطَشَهُ الله : أظلمه. وأَغْطَشَ الليل : أظلم بنفسه.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَطْفَأَ بِشُعَاعِهِ ظُلْمَةَ الْغَطْشِ ».

أي ظلمة الظلام. والْغَطَشُ في العين : شبه العَمَشِ. ومنه غَطِشَ الرجل بالكسر ، فهو أَغْطَشُ ، والمرأة غَطْشَاءُ.

( غطمش )

الْغَطَمَّشُ بتشديد الميم : الكليل البصر.

( غمش )

« أحمد بن رزق الْغُمْشَانِيُ » بضم الغين من رواة الحديث (١)

باب ما أوله الفاء

( فتش )

فِي الْحَدِيثِ « يَحْرُمُ عَلَيْكُمْ تَفْتِيشُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ ».

يقال فَتَشْتُ الشيء فَتْشاً من باب ضرب : تصفحته. وفَتَشْتُ عنه : سألت واستقصيت في الطلب وفَتَّشْتُ بالتشديد هو الفاشي في الاستعمال.

( فحش )

قوله تعالى : ( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) [ ٤ / ١٥ ] قيل المراد بِالْفَاحِشَةِ المساحقة والأكثرون المراد بها الزنا.

__________________

(١) بجلي ثقة له كتاب منتهى المقال ص ٣٥.

١٤٦

قوله : ( فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ) قيل المراد صيانتهن عن مثل فعلهن ، فالإمساك كناية عنه ، والأكثر أنه على وجه الحد في الزنا ، وكان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ بآية الجلد. قوله : ( أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) قيل السبيل النكاح المغني عن السفاح ، وهذا لا يتم على تقدير إرادة المحصنات ، وقيل السبيل الحكم الناسخ ، ولهذا

لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجَلْدِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله : قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً.

قوله تعالى : ( إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ ٤ / ١٩ ] قيل معناه إلا أن يزنين فإنها تخرج ليقام عليها الحد ، وقيل إلا أن تظهر بأذى تؤذي به زوجها ، وقيل إلا أن يرتكبن الْفَاحِشَةَ بالخروج بغير إذن. وقد يراد بِالْفَاحِشَةِ النشوز وسوء العشرة. قوله : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) [ ٥٣ / ٣٢ ] أراد بها الزنا والسرقة ، وباللمم الرجل يلم بالذنب فيستغفر منه ، ويتم البحث في لمم. قوله : ( إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ) [ ٧ / ٣١ ] الْفَوَاحِشُ : المعاصي والقبائح ما ظهر منها وما بطن ، مثل قوله ( وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ ).

وَعَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام « مَا ظَهَرَ هُوَ الزِّنَا وَمَا بَطَنَ هُوَ الْمُخَالَّةُ ».

وَعَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ « إِنَّ الْقُرْآنَ لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ ، فَجَمِيعُ مَا حُرِّمَ فِي الْكِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ ، وَالْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ ، وَجَمِيعُ مَا أُحِلَّ فِي الْكِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْحَقِّ » (١).

قوله : ( وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ) [ ٢ / ٢٦٨ ] الْفَحْشَاءُ : الْفَاحِشَةُ وكل مستقبح من الفعل والقول ، ويقال ( يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ) أي البخل ، ويقال للبخل فَاحِشٌ وكل سوء جاوز حده فهو فاحش.

__________________

(١) البرهان ج ٢ ص ١٣.

١٤٧

وفَحُشَ الشيء فُحْشاً مثل قبح قبحا وزنا ومعنى ، وفي لغة من باب قتل.

وَفِي الْخَبَرِ « إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ » (١).

الْفَاحِشُ ذو الفحش في كلامه وفعاله ، والْمُتَفَحِّشُ من يتكلمه ويتعمده قال في النهاية : قد تكرر ذكر الْفُحْشُ والْفَاحِشَةُ والْفَوَاحِشُ في الحديث ، وهو كلما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي. وقد يكون الْفُحْشُ بمعنى الزيادة والكثرة ، ومنه حَدِيثُ دَمِ الْبَرَاغِيثِ « إِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشاً فَلَا بَأْسَ بِهِ ».

ومثله « إِنْ كَانَ الِالْتِفَاتُ فَاحِشاً فِي الصَّلَاةِ » (٢).

أي كثيرا.

( فرش )

قوله تعالى : ( جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً ) [ ٢ / ٢٢ ] أي ذللها لكم للاستقرار عليها.

وَعَنِ الرِّضَا عليه السلام قَالَ : « جَعَلَهَا مُلَائِمَةً لِطِبَاعِكُمْ مُوَافِقَةً لِأَجْسَادِكُمْ ، لَمْ يَجْعَلْهَا شَدِيدَةَ الْحُمَّى وَالْحَرَارَةِ فَتُحْرِقَكُمْ وَلَا شَدِيدَةَ الْبُرُودَةِ فَتُجْمِدَكُمْ ، وَلَا شَدِيدَةَ طِيبِ الرِّيحِ فَتُصَدِّعَ هَامَاتِكُمْ ، وَلَا شَدِيدَةَ النَّتْنِ فَتَعْطِبَكْم ، وَلَا شَدِيدَةَ اللِّينِ كَالْمَاءِ فَتُغْرِقَكُمْ ، وَلَا شَدِيدَةَ الصَّلَابَةِ فَتَمْتَنِعَ عَلَيْكُمْ فِي دُورِكُمْ وَأَبْنِيَتِكُمْ وَقُبُورِ مَوْتَاكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ فِيهَا مِنَ الْمَتَانَةِ مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ وَتَتَمَاسَكُونَ وَتَتَمَاسَكُ عَلَيْهَا أَبْدَانَكُمْ وَبُنْيَانُكُمْ وَمَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ لِدُورِكُمْ وَقُبُورِكُمْ وَكَثِيرٍ مِنْ مَنَافِعِكُمْ ، فَلِذَلِكَ جَعَلَ ( الْأَرْضَ فِراشاً ) » (٣).

قوله : ( حَمُولَةً وَفَرْشاً ) [ ٦ / ١٤٢ ] الْفَرْشُ بالفتح : الإبل التي لا تطيق أن يحمل عليها ، وهي الصغار من الإبل ، وقيل هو من الإبل والبقر والغنم ما لا يصلح للذبح ، وقدم الحمولة على الفرش لأنها أعظم في الانتفاع. قال الفراء نقلا عنه : ولم أسمع الْفَرْشَ يجمع ، ويحتمل أن يكون مصدرا سمي به. قوله : ( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٣٢٤.

(٢) الكافي ج ٣ ص ٣٦٥.

(٣) البرهان ج ١ ص ٦٧ باختلاف يسير في بعض الألفاظ.

١٤٨

الْمَبْثُوثِ ) [ ١٠١ / ٤ ] الْفَرَاشُ بالفتح وتخفيف الراء جمع الفراشة ، وهو صغار البق ، وقيل شبيهة بالبعوض تتهافت في النار ، وذلك لضعف أبصارها ، فهي نسيت ضوء النهار ، فإذا رأت المسكينة ضوء السراج بالليل ظنت أنها في بيت مظلم ، فلا تزال تطلب الضوء وترمي بنفسها إلى النار حتى تحترق. قال الغزالي : ولعلك تظن أن هذا لنقصان فهمها وجهلها. ثم قال : اعلم أن جهل الإنسان أعظم من جهلها ، بل صورة الإنسان في الانكباب على الشهوات والتهافت فيها أعظم جهلا منها ، لأنه لا يزال يرمي نفسه في النار بانكبابه على الشهوات والمعاصي إلى أن يغمس في النار ويهلك هلاكا مؤبدا ، فليت جهل الآدمي كان كجهل الفراش ، فإنها باغترارها بظاهر الضوء احترقت وتخلصت في الحال والآدمي يبقى في النار أبد الآبدين أو مدة مديدة ، ولذلك

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله « إِنَّكُمْ تَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ تَهَافُتَ الْفِرَاشِ ».

والْفِرَاشُ بالكسر واحد الْفَرْشِ ، وقد يكنى به عن المرأة ، ومنه قوله تعالى : ( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) [ ٥٦ / ٣٤ ] أي نساء مرتفعة الأقدار.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْكَ ».

يعني في سجودك ، أي لا تبسطهما

« وَلَكِنْ جَنِّحْ بِهِمَا ».

وفِيهِ « الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ».

أي للزوج فإن كل واحد من الزوجين يسمى فِرَاشاً للآخر كما يسمى كل واحد منهما لباسا للآخر. وفِرَاشُ الهام : عظام رقيقة تلي قحف الرأس. وكل عظم رقيق فِرَاشَةٌ مثل سحاب وسحابة ، ومِنْهُ « فِرَاشَةُ الْقُفْلِ ».

وهو ما ينشب فيه. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « ضَرْبٌ يَطِيرُ مِنْهُ فِرَاشُ الْهَامِ » (١).

وفَرَشْتُ البساطَ وغيره فَرْشاً من باب ضرب ، وفي لغة من باب قتل : بسطته.

( فنش )

فَنَشَ في الأرض فَنْشاً : استرخى.

__________________

(١) في نهج البلاغة ج ١ ص ٨٠ « ضرب بالمشرفية تطير منه فراش الهام ».

١٤٩

باب ما أوله القاف

( قرش )

قوله تعالى : ( لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ) [ ١٠٦ / ١ ] قُرَيْشٌ قبيلة وأبوهم النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ، وكل من كان ولدا لنضر بن كنانة فهو قرشي. وقيل قُرَيْشٌ هو فهر بن مالك ، ومن لم يلده فليس بقرشي. واختلف في سبب التسمية : فقيل هو من الْقَرْشِ وهو الكسب والجمع ، وقيل سميت قُرَيْشاً لاجتماعها بعد تفرقها في البلاد ، وقِيلَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ رَكِبَ فِي بَحْرِ الْهِنْدِ فَقَالُوا قُرَيْشٌ [ نوع من السمك يعرف بكلب البحر يقطع الحيوان بأسنانه ] كَسَرَ مَرْكَبَنَا فَرَمَاهَا النَّضْرُ بِالْجِرَابِ فَقَتَلَهَا وَحَزَّ رَأْسَهَا وَكَانَ لَهَا آذَانٌ كَالشِّرَاعِ تَأْكُلُ وَلَا تُؤْكَلُ تَعْلُو وَلَا تُعْلَى ، فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَنَصَبَهُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَكَانَ النَّاسُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ عِظَمِهِ فَيَقُولُونَ قَتَلَ النَّضْرُ قُرَيْشاً.

وقُرَيْشٌ أهل الشرف والرئاسة ، وهم قبائل متفرقة منهم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر وكان يدعى مُجَمِّعاً ، ومنهم هاشم الذي قيل فيه :

عمرو الذي هَشَمَ الثريد لقومه

و رجال مكة مسنتون عجاف

ومنهم شيبة الحمد المطعم طير السماء الذي كان في وجهه قمر يضيء ليلة الظلام الداجي. وينسب إلى قُرَيْشٍ بحذف الياء ، فيقال قُرَشِيٌ ، وربما نسب إليه في الشعر من غير تغيير فيقال قُرَيْشِيٌ.

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ « امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ ».

يريد العلوية. قال بعض الأفاضل : الْقُرَشِيَّةُ ما انتسبت بالأب والأم أو بالأب على المختار. ومقابر قُرَيْشٍ ببغداد معروفة (١).

__________________

(١) وهي التي دفن بها الإمام موسى بن جعفر عليه السلام والإمام محمد الجواد عليه السلام واشتهرت بعد ذلك باسم الكاظمين.

١٥٠

( قرقش )

القرقش [ القِرْقِس ] بكسر القاف : البعوض.

( قش )

فِي الْحَدِيثِ « أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ لِسُورَتَيْ ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) و » (١).

قال في القاموس والصحاح : وَالْإِخْلَاصُ ، أي الْمُبْرِئَتَانِ من النفاق والشرك تبرئان كما يُقَشْقِشُ الهناءُ الجرب.

( قمش )

فِي الْحَدِيثِ « رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلاً » (٢).

أي جمعه ، من الْقَمْشِ بالفتح فالسكون وهو جمع الشيء من هنا ومن هنا ، وكذلك التَّقَمُّشُ. وقُمَاشُ البيت بالضم : متاعه.

باب ما أوله الكاف

( كبش )

فِي الْخَبَرِ « قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : لَقَدْ عَظَّمْتُمْ مُلْكَ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ».

كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَنْسُبُونَ النَّبِيَّ إِلَى أَبِي كَبْشَةَ ، وَكَانَ أَبُو كَبْشَةَ رَجُلاً مِنْ خُزَاعَةَ خَالَفَ قُرَيْشاً فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَعَبَدَ الشِّعْرَى ، فَلَمَّا خَالَفَهُمْ النَّبِيُّ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ شَبَّهُوهُ بِهِ.

وقيل هو نسبة إلى جد النبي عليه السلام لأمه ، فأرادوا أنه نزع إليه في الشبه. والْكَبْشُ : فحل الضأن في أي سن كان ، وقيل الحمل إذا ثنى وإذا خرجت رباعيته ، والجمع كِبَاشٌ ككتاب. وكَبْشُ القوم : سيدهم ـ قاله الجوهري

وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ « هُوَ أَبُو الْأَكْبُشِ الْأَرْبَعَةِ » (٣).

وكان له أربعة ذكور لصلبه : عبد الملك ووُلِّيَ الخلافة ، وعبد العزيز ووُلِّيَ مصر ،

__________________

(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٥٦٠.

(٢) نهج البلاغة ج ١ ص ٤٧.

(٣) نهج البلاغة ج ١ ص ١٢٠.

١٥١

وبِشْرٌ ووليَ العراق ، ومحمد وولي الجزيرة ولم يَلِ الخلافةَ أربعةُ إِخوةٍ إِلَّا هُمْ.

( كدش )

الْكَدْشُ : الخدش. وكَدَشَهُ : خدشه.

( كرش )

لكل مجتر : بمنزلة المعدة للإنسان ، وفيه لغتان كَرِشٌ وكِرْشٌ مثل كبد وكبد.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْبَغْلُ كَرِشُهُ سِقَاؤُهُ ».

وجمع الْكَرِشِ كُرُوشٌ كحمل وحمول ويسمى الْكَرِشُ إنفحة ما لم يأكل الجدي ، فإن أكل يسمى كَرِشاً. والكرش أيضا الجماعة من الناس.

وَفِي خَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « الْأَنْصَارُ كَرِشِي ».

أي أنهم مني في المحبة والرأفة بمنزلة الأولاد الصغار ، لأن الإنسان مجبول على محبة ولده الصغير. وكَرِشُ الرجل : عياله من صغار ولده.

( كشش )

« الْكَشُ » بالفتح قرية من جرجان (١) والْكَشُ : الكشك. ومنه حَدِيثُ الْمَنِيِ « وَلَهُ رَائِحَةُ الْكُشِ ».

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي ذَمِّ قَوْمِهِ فِي الْحَرْبِ « كَأَنِّي بِكُمْ أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ تَكِشُّونَ كشَيِشَ الضِّبَابِ صَوْتَهَا » (٢).

أي تصيحون صيحة ضعيفة. وكَشِيشُ الأفعى : صوتها من جلدها لا من فمها ، كنى بذلك عن حالهم في الازدحام في الهزيمة.

( كمش )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تُوَارِ ـ يَعْنِي مِنَ الْقَتْلَى ـ إِلَّا كَمِيشاً ».

يعني من كان ذكره صغيرا. قيل ولا يكون ذلك إلا في كرام الناس. والْكَمِيشُ : السريع أيضا.

__________________

(١) في معجم البلدان ج ٤ ص ٤٦٢ : كَشُّ قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على جبل ... وقال أبو الفضل المقدسي : الكشي منسوب إلى موضع بما وراء النهر .. قال أبو موسى : وكش قرية من قرى أصفهان إلا أنه يكتب فيما أظن بالجيم بدل الكاف.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ٤.

١٥٢

والْكَمُوشُ : الصغيرة الضرع ، سميت بذلك لِانْكِمَاشِ ضرعها وتقلصه.

وَفِي حَدِيثِ الْمَوَاعِظِ « وَاكْمُشْ فِي فَرَاغِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْصَدَ قَصْدُكَ وَيُنْحَى نَحْوُكَ فَلَا تَقْدِرَ حِينَئِذٍ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا طُلِبَ مِنْكَ ».

أي شمر وجد في الطلب ، يقال انْكَمِشْ في هذا الأمر : شمر وجد فيه. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « بَادِرْ مِنْ وَجَلٍ وَاكْمُشْ فِي مَهَلٍ » (١).

وهو من قبيل « هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ ».

باب ما أوله الميم

( محش )

الْمُحَاشُ بالضم : المحرف. والْمَحَاشُ بالفتح : المتاع.

وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وآله « مَحَاشُ نِسَاءِ أُمَّتِي حَرَامٌ ».

قد مر في حشش.

( مرش )

الْمَرْشُ : الخدش بأطراف الأصابع ـ قاله في القاموس.

( مشش )

فِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « عَظِيمُ مُشَاشَةِ الْمَنْكِبَيْنِ ».

الْمُشَاشَةُ بالضم واحد الْمُشَاشِ كغراب ، وهي رءوس العظام اللينة التي يمكن مضغها كالمرفقين والكفين والركبتين ، ومنه « جليل الْمُشَاشِ » أي عظيمها. ومنه حَدِيثُ شَارِبِ الْخَمْرِ « إِذَا شَرِبَ بَقِيَ فِي مُشَاشِهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً » (٢).

و « الْمِشْمِشُ » بالكسر الذي يؤكل وحكى الفتح في الصحاح عن أبي عبيدة.

( ميش )

« الْمَاشُ » حب معروف معرب أو مولد. و « مُوشَا بن يوسف » وولد له ابن يقال له موسى نبىء قبل موسى ـ كذا في التاريخ.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ١٣٩.

(٢) الكافي ج ٦ ص ٤٠٢.

١٥٣

باب ما أوله النون

( نبش )

نَبَشْتُ الميت نَبْشاً من باب قتل : استخرجته من الأرض ، ومنه النَّبَّاشُ. ونَبَشْتُ الشر : أفشيته.

( نجش )

فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ « نَهَى عَنِ النَّجْشِ ».

النَّجَشُ بفتحتين هو أن يمدح السلعة في البيع لينفقها ويروجها أو يزيد في قيمتها وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها ، يقال نَجِشَ الرجل نَجْشاً من باب قتل ، والاسم النَّجْشُ ، والفاعل نَاجِشٌ ونَجَّاشٌ مبالغة ، قيل والأصل فيه تنفير الوحش من مكان إلى مكان ، والنهي للتحريم لما فيه من إدخال الضرر على المسلم. ومثله الْخَبَرُ « لَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَدَابَرُوا ».

والنَّاجِشُ : الخائن. و « النَّجَاشِيُ » بالفتح والتخفيف في غير موضع وهو الأكثر :

اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْحَبَشَةِ ، وَاسْمُهُ أَضْمَخَةُ ، آمَنَ بِرَسُولِ اللهِ غَائِباً ، وَكَانَ عَبْداً لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ ، فَمَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِالْإِيمَانِ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله أَنَّهُ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ.

و « النَّجَاشِيُ » أبو أحمد بن علي المكنى بأبي العباس صاحب كتاب الرجال المشهور ، سمع كثيرا عن أبي عبد الله المفيد (١).

( نشش )

فِي الْحَدِيثِ « النَّبِيذِ إِذَا نَشَ فَلَا يَشْرَبُ ».

أي إذا غلا ، يقال نَشَّتِ الخمرة تَنِشُ نَشِيشاً. ومثله « إِنْ نَشَ الْعَصِيرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ فَدَعْهُ حَتَّى يَصِيرَ خَلًّا ».

ومثله « إِذَا نَشَ الْعَصِيرُ أَوْ غَلَى

__________________

(١) وُلِدَ النَّجَاشِيُّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ٣٧٢ ، وَتُوُفِّيَ بِمَطِير آبَادَ مِنْ نَوَاحِي سُرَّ مَنْ رَأَى سَنَةً ٤٥٠ الْكُنَى وَالْأَلْقَابِ ج ٣ ص ١٩٩.

١٥٤

حَرُمَ » (١).

والنَّشِيشُ : صوت الماء وغيره إذا غلى. ونَشَ الكوز الجديد : إذا صوت. وفِيهِ « مُهُورُ نِسَاءِ آلِ مُحَمَّدِ اثْنَا عَشَرَ أُوقِيَّةً وَنَشٌ ».

أي نصف أوقية ، لأن النَّشَ بالفتح والشين المشددة عشرون درهما نصف أوقية ـ قاله الجوهري وغيره. فيكون الجمع خمسمائة درهم. والنَّشُ من كل شيء : نصفه.

( نعش )

تكرر في الحديث ذكر النَّعْشُ ، وهو سرير الميت إذا كان عليه ، سمي بذلك لارتفاعه ، فإذا لم يكن عليه ميت فهو سرير. وميت مَنْعُوشٌ : محمول على النَّعْشِ.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَسْأَلُكَ نِعْمَةً تَنْعَشُنِي بِهَا وَعِيَالِي ».

أي ترفعني بها عن مواطن الذل ، من قولهم نَعَشَهُ الله يَنْعَشُهُ نَعْشاً : رفعه. قال الجوهري ولا تقل أَنْعَشَهُ الله. وقوله : « تَنْعَشُ الضعيفَ » أي تقويه وتقيمه ، من قولهم نَعَشَهُ وأَنْعَشَهُ : أي أقامه. وانْتَعَشَ العاش : نهض من عثرته. و « بنات نَعْشٍ » نجوم سبعة معروفة لا تغيب بل ينحط بعضها إلى جانب المغيب انحطاطا.

( نفش )

قوله تعالى : ( إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ) [ ٢١ / ٧٨ ] أي رعته ليلا ، ولا يكون النَّفْشُ إلا بالليل ، والهمل يكون ليلا ونهارا ، يقال نَفَشَتِ الغنم والإبل تَنْفُشُ نُفُوشاً : إذا رعت ليلا بلا راع. ومنه الْحَدِيثُ « عَلَى صَاحِبِ الْمَاشِيَةِ حِفْظُهَا بِاللَّيْلِ فَمَا فَسَدَتْ بِاللَّيْلِ ضَمِنُوا وَهُوَ النَّفَشُ ».

ونَفَشْتُ القطن نَفْشاً من باب قتل : إذا هيجته.

( نقش )

الْمُنَاقَشَةُ هي الاستقصاء في الأمر والحساب ، يقال نَاقَشَهُ مُنَاقَشَةً : إذا استقصيت في حسابه. والنَّقْشُ كفلس هو تلوين الشيء

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٤١٩.

١٥٥

بلونين أو زائد ، والشيء مَنْقُوشٌ ، يقال نَقَشْتُ الشيء نَقْشاً من باب قتل : لونته بألوان. والنَّقْشُ : النتف بِالْمِنْقَاشُ ، ومنه « نَقْشُ الخاتم ».

( نمش )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ ذَرَّ عَلَى أَوَّلِ لُقْمَةٍ مِنْ طَعَامِهِ الْمِلْحَ ذَهَبَ عَنْهُ بِنَمَشِ الْوَجْهِ » (١).

النَّمَشُ محركة : نقط بيض وسود تقع في الجلد يخالف لونها لونه ، ومنه ثور نَمِشٌ بكسر الميم.

( نوش )

قوله تعالى : ( وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ) [ ٣٤ / ٥٢ ] التَّنَاوُشُ : التناول يقول أنى لهم تناول الإيمان في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا ، ولك أن تهمز الواو كما يقال أقتت ووقتت. قال الجوهري وقرئ بهما جميعا. والْمُنَاوَشَةُ : المناولة. والْمُنَاوَشَةُ في القتال : تداني الفريقين وأخذ بعضهم بعضا.

( نهش )

فِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « كَانَ مَنْهُوشَ الْقَدَمَيْنِ ».

أي دقيقهما. ونَهَشَتْهُ الحية من بابي ضرب ونفع : لسعته وعضته.

باب ما أوله الواو ( وبش )

الْأَوْبَاشُ من الناس : الأخلاط. قال الجوهري : هو جمع مقلوب من البوش. ومنه الْحَدِيثُ « قَدْ وَبَّشْتْ قُرَيْشٌ لِحَرْبِهِ أَوْبَاشاً ».

بموحدة مشددة وشين معجمة ، أي جمعت له جموعا من قبائل شتى وهم الْأَوْبَاشُ والأوشاب أيضا.

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٣٢٦.

١٥٦

( وحش )

قوله تعالى ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) [ ٨١ / ٥ ] قد مر تفسيره. والْوُحُوشُ : الْوَحْشُ ، وهو الحيوان البري ، الواحد الْوَحْشِيُ ، ويقال جمع الْوَحْشِ وُحُوشٌ ، وكل شيء يَسْتَوْحِشُ من الناس فهو وَحْشٌ ووَحْشِيٌ. وكان الياء فيه للتأكيد كما في قوله :

والدهر بالإنسان دواري

أي كثير الدوران. ويقال إذا أقبل الليل : استأنس كل وَحْشِيٍ واستوحش كل إنسي. والْوَحْشَةُ بين الناس : الانقطاع وبعد القلوب عن المودات.

وَفِي الْحَدِيثِ « قُلُوبُ الرِّجَالِ وَحْشِيَّةٌ ».

أي متباعدة بعضها من بعض ، من الْوَحْشَةُ التي هي عدم الأنس

« فَمَنْ تَأَلَّفَهَا أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ ».

وَفِي حَدِيثِ عَطِيَّةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ « وَكَانَ فِيهِ إِيحَاشٌ لِلْبَاقِينَ ».

أي بعد وتباعد لهم من الْوَحْشَةِ. وقد اضطربت النسخ في هذه اللفظة ، ولعل ما ذكرنا هو الصواب. والْوَحْشَةُ : الخلوة. وبلد وَحْشٌ بالتسكين : أي قفر. و « وَحْشِيٌ » قاتل حمزة عم النبي صلى الله عليه وآله آمن بعد قتل حمزة (١). ومنه الْحَدِيثُ « حَمْزَةُ وَقَاتِلُهُ فِي الْجَنَّةِ ».

( ورش )

فِي الْحَدِيثِ « مَنِ اتَّخَذَ طَيْراً فَلْيَتَّخِذْ وَرَشَاناً » (٢).

هو بفتح الواو والراء والشين المعجمة : الحمام الأبيض. والْوَرَشَانُ أيضا : سَاقُ حُرٍّ ، وهو ذكر القماري. و « الْوَرَشَانُ » قيل طائر يتولد من الفاختة والحمامة.

__________________

(١) وحشي بن حرب الحبشي من سودان مكة ، قتل حمزة بن عبد المطلب يوم أحد ، وقتل مسيلمة المتنبي الكذاب ، وكان وحشي يقول : قتلت بحربتي هذه خير الناس وشر الناس الإصابة ج ٤ ص ١٥٦٤.

(٢) الكافي ج ٦ ص ٥٥٠.

١٥٧

وقال بعض الأعلام : الْوَرَشَانُ الحمام الأبيض ، والقماري الأزرق ، والدباسي الأحمر ، والجمع وراشين ، ويجمع على وِرْشَانٍ بكسر الواو ككروان جمع كروان للطائر المعروف.

وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ : يَقُولُ الْوَرَشَانُ « لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ ».

و « ورش » لقب رجل من القراء (١).

( وشوش )

الْوَشْوَشَةُ : كلام في اختلاط ، يقال بين القوم وَشْوَشَةٌ ووَشَاوِشُ.

باب ما أوله الهاء

( هشش )

قوله تعالى : ( وَأَهُشُ بِها عَلى غَنَمِي ) [ ٢٠ / ١٨ ] أي أضرب الأغصان ليسقط ورقها على غنمي ، من قولهم هَشَشْتُ الورق أَهُشُّهُ هَشّاً : خبطته بعضا ليتخلف. والْهَشَاشَةُ : الارتياح والخفة للمعروف. وقد هَشِشْتُ بفلان بالكسر أَهِشُ هَشَاشَةً : إذا خففت إليه وارتحت له. و « هَشٌ بش » لمن اتصف بذلك ، يقال هَشَ الرجل هَشّاً : إذا تبسم وارتاح من بابي تعب وضرب. و « الْمُؤْمِنِ هَشَّاشٌ بَشَّاشٌ ».

من الْهَشَاشَةِ ، وهي طلاقة الوجه. وشيء هَشٌ وهَشِيشٌ : أي رخو لين

( همش )

هَمْشَارِيجُ الرجل : أهل بلده ، فارسي معرب. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ « أَعْطِ هَمْشَارِيجَهُ ».

__________________

(١) هو أبو سعيد عثمان بن سعيد المصري ، شيخ القراء وإمام الأدباء المرتلين بمصر ، ولد سنة ١١٠ وتوفي سنة ١٩٧ ه‍ الكنى والألقاب ج ٣ ص ٢٣٥.

١٥٨

( هوش )

فِي الْحَدِيثِ « لَيْسَ فِي الْهَايِشَاتِ عَقْلٌ وَلَا قِصَاصٌ ».

هي الفزعة تقع بالليل والنهار فَيُشَجُّ الرجل فيها أو يقتل لا يدرى من شَجَّهُ أو قتله.

وَفِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ « إِيَّاكُمْ وَهَوْشَاتِ الْأَسْوَاقِ ».

أي فتنتها وهيجانها.

وَفِي خَبَرِ الْإِسْرَاءِ « فَإِذَا بَشَرٌ يَهُوشُونَ ».

أي يدخل بعضهم في بعض ، من الْهَوْشِ ، وهو الاختلاط.

( هيش )

الْهَيْشَةُ : الجماعة من الناس وهَاشَ القوم يهيشون هَيْشاً : إذا تحركوا وهاجوا.

١٥٩
١٦٠