مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

والْحُمَّاضُ : نبت له نور أحمر ـ قاله الجوهري.

( حوض )

فِي الْحَدِيثِ « أُمُّ إِسْمَاعِيلَ لَمَّا ظَهَرَ لَهَا مَاءُ زَمْزَمَ جَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ ».

أي تجعل له حَوْضاً يجتمع فيه الماء. وروي « تخوطه ». و « الْحَوْضُ » واحد أَحْوَاضِ الماء ، و « الْحِيَاضُ » بالكسر مثل أثواب وثياب. ومنه الْحَدِيثُ « إِنْ لَمْ تَجِدْ مَوْضِعاً فَلَا تُجَاوِزِ الْحِيَاضَ عِنْدَ وَادِي مُحَسِّرٍ ».

والْحَوْضُ : الكوثر.

وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ عليه السلام « أَنَا ابْنُ ذِي الْحَوْضَيْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهَاشِمٍ فِي الْعَامِ السَّغِبْ ».

لعل المراد بهما الحقيقة ، ويحتمل أنه أراد العلم والهدى. ومثله « أَلَا إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍ حَوْضاً ».

( حيض )

قوله تعالى : ( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ) [ ٢ / ٢٢٢ ] قيل الْمَحِيضُ يجيء مصدرا كالمجيء والمبيت ، واسم زمان واسم مكان فَالْمَحِيضُ الأول مصدر لا غير لعود الضمير إليه بقوله : ( هُوَ أَذىً ) أي مستقذر ، وأما الثاني فيحتمل المصدرية فيكون فيه تقدير مضاف أي في زمان المحيض ، ويحتمل اسم الزمان والمكان فلا يحتاج إلى تقدير مضاف. والْحَيْضُ : اجتماع الدم ، وبه سمي الْحَوْضُ لاجتماع الماء فيه. وحَاضَتِ المرأة تَحِيضُ حَيْضاً ومَحِيضاً وتَحَيَّضَتْ : إذا سال دمها في أوقات معلومة فإذا سال الدم من غير عرق الْحَيْضِ فهي مُسْتَحَاضَةٌ. وتَحَيَّضَتْ المرأة : قعدت في أيام حَيْضِهَا تنتظر انقطاعه. ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللهِ سِتّاً أَوْ سَبْعاً ».

وإنما خصهما لأن ذلك هو الغالب في أيام الحيض. وامرأة حَائِضَةٌ وحَائِضٌ : أي ذات حَيْضٍ ، ونساء حُيَّضٌ ـ بضم الحاء والتشديد ـ وجمع الْحَائِضَةُ حَائِضَاتٌ. و « الْحَيْضَةُ » المرة الواحدة من الْحَيْضِ ، وبالكسر الاسم من الْحَيْضِ ،

٢٠١

وهي هيئة الْحَيْضِ ، مثل الجلسة لهيئة الجلوس.

والْحِيضَةُ بالكسر أيضا : الخرقة التي تستثفر بها المرأة. ومنه حَدِيثُ عَائِشَةَ « لَيْتَنِي كُنْتُ حِيضَةً مُلْقَاةً ».

قال في النهاية ويقال لها الْمَحِيضُ وتجمع على الْمَحَايِضِ.

باب ما أوله الخاء

( خضخض )

فِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَضْخَضَةِ؟ فَقَالَ : هِيَ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَنِكَاحُ الْإِمَاءِ خَيْرٌ مِنْهُ ».

وفِي آخَرَ « سُئِلَ عليه السلام عَنِ الْخَضْخَضَةِ؟ فَقَالَ : هُوَ خَيْرٌ مِنْ الزِّنَا وَنِكَاحُ الْأَمَةِ خَيْرٌ مِنْهُ ».

الْخَضْخَضَةُ ـ بخاءين معجمتين وضادين كذلك ـ هي الاستمناء باليد. والْخَضْخَاضُ : ضرب من القطران تهنأ به الإبل ـ قاله الجوهري.

( خفض )

قوله تعالى : ( خافِضَةٌ رافِعَةٌ ) [ ٥٦ / ٣ ] أي تَخْفَضُ قوما إلى النار وترفع آخرين إلى الجنة. قوله : ( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) [ ١٧ / ٢٤ ] يعني تواضع لهما ، أو من المقلوب أي جناح الرحمة من الذل.

وَفِي الْحَدِيثِ « هُوَ أَنْ لَا تَمْلَأَ عَيْنَيْكَ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا وَتَنْظُرَ إِلَيْهِمَا بِرِقَّةٍ وَرَحْمَةٍ وَلَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فَوْقَ أَصْوَاتِهِمَا وَلَا يَدَكَ فَوْقَ أَيْدِيهِمَا وَلَا تَتَقَدَّمْ قُدَّامَهُمَا » (١).

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ [ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَ ] تَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ » (٢).

الْخَفْضُ : الراحة والسكون ، يقال هو في خَفْضِ من العيش أي في سعة وراحة.

__________________

(١) البرهان ج ٢ ص ٤١٣.

(٢) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٤٢.

٢٠٢

ومنه « عيش خَافِضٌ » و « عيش خَفِيضٌ » أي واسع ، والمراد فقد حصل الراحة وطيب العيش. ومنه حَدِيثُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ « يَوْمُ خَفْضٍ وَدَعَةٍ ».

أي يوم سكون وراحة عن طلب المعاش.

وَ « خَفِّضِي عَلَيْكَ الْأَمْرَ » فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ

أي هونيه ولا تحزني. ومنه كَلَامُ عَلِيٍّ عليه السلام لِعُمَرَ حِينَ قَالَ لَهُ أَرَادَكَ الْحَقُّ « وَلَكِنْ أَبَى قَوْمُكَ ـ يَا أَبَا حَفْصٍ خَفِّضْ عَلَيْكَ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا » أي هون عليك ولا تشدد إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً.

وخَفْضُ الجارية مثل ختن الغلام ، يقال خَفَضَتِ الْخَافِضَةُ الجارية أي ختنتها ، فالجارية مَخْفُوضَةٌ ، ولا يطلق الْخَفْضُ إلا على الجارية دون الغلام. وخَفَضَ الرجل صوته خَفْضاً من باب ضرب : إذا لم يجهر به. وخَفَضَ اللهُ الكافرَ : أهانه. وخَفَضَ الحرفَ في الإعراب : جعله مكسورا ، والْخَفْضُ والجر واحد ، وهما في الإعراب بمنزلة الكسر في البناء في مواضعات النحويين. والِانْخِفَاضُ : الانحطاط. والله يَخْفَضُ من يشاء ويرفع من يشاء : أي يضع. و « الْخَافِضُ » من أسمائه تعالى ، وهو الذي يَخْفَضُ الجبارين والفراعنة ، أي يضعهم ويهينهم.

( خوض )

قوله تعالى : ( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ) [ ٧٤ / ٤٥ ] أي نسرع في الباطل ونغوي مع الغاوين. قوله : ( وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا ) [ ٩ / ٦٩ ] أي كَخَوْضِهِمْ ، والذي مصدرية وأصل الْخَوْضِ دخول القدم فيما كان مائعا من الماء والطين ، ثم كثر حتى صار في كل دخول فيه أذى وتلويث. قال تعالى : ( ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) [ ٦ / ٩١ ] أي في باطلهم ، فلا عليك بعد التبليغ وإلزام الحجة. وقال تعالى : ( وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا ) [ ٦ / ٦٨ ] أي

٢٠٣

بالتكذيب والاستهزاء بها والطعن فيها. وقال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) [ ٤ / ١٤٠ ] أي يأخذوا في حديث ، يقال خاض الناس في الحديث وتخاوضوا : أي تفاوضوا فيه ، وفيها دلالة على تحريم مجالسة الكفار عند كفرهم بآيات الله واستهزائهم بها ، وعلى إباحة مجالستهم عند خوضهم في حديث غيره. وروي أن هذا منسوخ بقوله تعالى : ( فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ). قال الشيخ أبو علي : وفي الآية دلالة على وجوب

إنكار المنكر مع القدرة على ذلك وزوال العذر ، وإن من ترك ذلك مع القدرة عليه فهو مخطىء آثم ، وفيها أيضا دلالة على تحريم مجالسة الفساق والمبتدعين من أي جنس كانوا ، وبه قال جماعة من المفسرين. قال : ومن ذلك إذا تكلم الرجل في مجلس يكذب ليضحك منه جلساؤه فيسخط الله عليهم. قال :

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ : « إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَيُكَذِّبُ بِهِ وَيَقَعُ فِي أَهْلِهِ فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ وَلَا تُقَاعِدْهُ » (١).

قال : وفي الآية أيضا دلالة على بطلان القول ببقاء الإعراض ، وقولهم ليس هاهنا غير الأجسام لأنه قال : ( حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) فأثبت غيرا لما كانوا فيه وذلك هو العرض.

وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ « يَخُوضُ الرَّجُلُ بِرِجْلَيْهِ الْمَاءَ خَوْضاً ».

أي يدخلهما في الماء ماشيا ، يقال خُضْتُ الماء أَخُوضُهُ خَوْضاً وخِيَاضاً : مشيت فيه. ومنه « الْمَخَاضَةُ » بالفتح وهو موضع خَوْضِ الماء وما جاز الناس فيها مشاة وركبانا وجمعها الْمَخَاضُ والْمَخَاوِضُ أيضا. وخُضْتُ الغمرات : اقتحمتها.

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٤٢٣.

٢٠٤

باب ما أوله الدال

( دحض )

قوله تعالى : ( فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) [ ٣٧ / ١٤١ ] أي قارع فكان من المقروعين المغلوبين المقهورين. قوله : داحِضَةٌ [ ٤٣ / ١٦ ] أي زائلة باطلة. قوله : ( لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ) [ ١٨ / ٥٦ ] أي ليزيلوا به الحق ويذهبوا به.

وَفِي الدُّعَاءِ « خُذْنِي مِنْ دَحْضِ الْمَزَلَّةِ ».

أي أنقذني من مزلقة الخطيئة.

وَفِي الْحَدِيثَ « الْحَجُ مَدْحَضَةٌ لِلذَّنْبِ ».

أي مبطل له. ودَحَضَتِ الْحِجَّةُ دَحْضاً ـ من باب نفع ـ : بطلت ، وأَدْحَضَهَا الله في التعدي. ودَحَضَ الرجل : زلق. ودَحَضَتْ رجله : زلقت. ومكان دَحْضٌ : زلق. والْإِدْحَاضُ : الإزلاق. و « حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ ».

أي تزول.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « وَإِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فِي هَذِهِ الْمَزَلَّةِ فَإِنَّا كُنَّا تَحْتَ ظِلِّ غَمَامَةٍ » (١).

إلى آخره ، وقد مر شرحه في وطا. و « المزلة » بكسر الزاي وفتحها بمعناه وهما بفتح الميم.

__________________

(١) في نهج البلاغة ج ٢ ص ٤٥ : إن ثبتت الوطأة في هذه المزلة فذاك وإن تَدْحَضِ القدم فإنا كنا في أفياء أغصان ومهب رياح وتحت ظل غمام.

٢٠٥

باب ما أوله الراء

( ربض )

فِي الْحَدِيثِ « أَقَلُّ مَا يَكُونُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مَرْبِضُ غَنَمٍ ، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ مَرْبِطُ فَرَسٍ ».

مَرَابِضُ الغنم جمع مَرْبِضٍ بفتح الميم وكسر الباء ، وهو موضع رَبْضِ الغنم ، وهو كالجلوس للإنسان ، وقيل كالاضطجاع له.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « وَالنَّاسُ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ » (١).

أي الغنم الرَّبِضْ ، أي الباركة. ومنه حَدِيثُ الْمُنَافِقِ « إِذَا رَكَعَ رَبَضَ وَإِذَا سَجَدَ نَقَرَ ، وَإِذَا جَلَسَ شَغَرَ ».

ورُبُوضُ الغنم والبقر والكلب وجثوم الطير مثل بروك الإبل. والفصيل الرَّابِضُ : الجالس المقيم. ومنه « كَرَبْضَةِ العنز ».

( رضض )

رَضَضْتُ الشيء من باب قتل : كسرته. والرَّضُ : الدق الجريش.

( رفض )

في الحديث ذكر الرَّافِضَةُ والرَّوَافِضُ ، وهم فرقة من الشيعة رَفَضُوا أي تركوا زيد بن علي عليه السلام حين نهاهم عن الطعن في الصحابة ، فلما عرفوا مقالته وأنه لا يبرأ من الشيخين رَفَضُوهُ ، ثم استعمل هذا اللقب في كل من غلا في هذا المذهب وأجاز الطعن في الصحابة (٢)

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٣١.

(٢) ذكر النوبختي في فرق الشيعة ص ٦٢ ـ ٦٣ وجها غير ما هو مذكور هنا لتسمية الروافض ، وملخصه أن فرقة قالت بإمامة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بعد وفاة أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام ، وكان من جملة المعتقدين بهذه العقيدة المغيرة بن سعيد ، وبرئت منه الشيعة أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ورفضوا المغيرة هذا فزعم أنهم رافضة وأنه هو الذي سماهم بهذا الاسم.

٢٠٦

يقال رَفَضَهُ رَفْضاً من باب قتل : تركه. والشيء مَرْفُوضٌ : أي متروك. وارْفِضَاضُ الدمع : ترششها. ومنه الْحَدِيثُ « ثُمَ ارْفَضَّتْ عَيْنَاهُ وَسَالَتْ دُمُوعُهُ ».

ومنه حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام « لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى يَرْفَضَ عِرْقاً ».

أي يسيل ويجري.

( ركض )

قوله تعالى : ( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ ) [ ٢٨ / ٤٢ ] أي اضرب الأرض برجلك ، من رَكَضْتُ الدابة إذا ضربتها برجلك لتستحثها ، ويقال ( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ) : أي ادفع برجلك والرَّكْضُ : الدفع بالرجل. قوله : ( إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ ) [ ٢١ / ١٢ ] أي يهربون وينهزمون.

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ ) قَالَ : إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَبَعَثَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ بِالشَّامِ هَرَبُوا إِلَى الرُّومِ ، فَيَقُولُ لَهُمُ الرُّومُ لَا نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَتَنَصَّرُوا ، فَيُعَلِّقُونَ فِي أَعْنَاقِهِمُ الصُّلْبَانَ فَيُدْخِلُونَهُمْ ، فَإِذَا نَزَلَ بِحَضْرَتِهِمْ أَصْحَابُ الْقَائِمِ طَلَبُوا الْأَمَانَ وَالصُّلْحَ ، فَيَقُولُ أَصْحَابُ الْقَائِمِ لَا نَفْعَلُ حَتَّى تَدْفَعُوا إِلَيْنَا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنَّا. قَالَ : فَيَدْفَعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ ) قَالَ : يَسْأَلُونَهُمْ عَنِ الْكُنُوزِ وَلَهُمْ عِلْمٌ بِهَا. قَالَ : فَيَقُولُونَ ( يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ ) بِالسَّيْفِ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ صَاحِبُ نَهَرِ سَعِيدٍ بِالرَّحَبَةِ (١).

وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِحَاضَةِ « إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ عَانِدٌ أَوْ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ » (٢).

أي دفعة وحركة من الشيطان ، والمعنى أن الشيطان قد وجد بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى

__________________

(١) البرهان ج ٣ ص ٥٣.

(٢) الكافي ج ٣ ص ٨٤.

٢٠٧

أنساها ذلك عادتها ، وصار في التقدير كأنه رَكْضَةٌ بآلة من رَكَضَاتِهِ ـ كذا في النهاية. وفي المغرب : إنما أضيف ذلك إلى الشيطان وإن كانت من فعل الله تعالى لأنها ضرر وسيئة ، والله تعالى يقول : ( وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) أي بفعلك ، ومثل هذا يكون بوسوسة الشيطان وإسناد الفعل إلى السبب كثير ، وسيجيء مزيد بحث في الحديث في عرق.

( رمض )

قوله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) [ ٢ / ١٨٥ ] فَرَمَضَانُ اسم للشهر ، قيل سمي بذلك لأن وضعه وافق الرَّمَضَ بالتحريك ، وهو شدة وقع الشمس على الرمل وغيره ، وجمعه رَمَضَانَاتٌ وأَرْمِضَاءُ. وفي المصباح قال بعض العلماء : يكره أن يقال جاء رَمَضَانُ وشبهه إذا أريد به الشهر ، وليس معه قرينة تدل عليه ، وإنما يقال جاء شهر رَمَضَانَ ، واستدل

بِحَدِيثِ « لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى ، وَلَكِنْ قُولُوا ( شَهْرُ رَمَضانَ ) ».

قال : وهذا الحديث ضعفه البيهقي ، وضعفه ظاهر لأنه لم ينقل عن أحد من العلماء أن رَمَضَانَ من أسماء الله تعالى فلا يعمل به ، والظاهر جوازه من غير كراهة كما ذهب إليه البخاري وجماعة من المحققين لأنه لم يصح في الكراهة شيء ، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة ما يدل على الجواز مطلقا

كَقَوْلِهِ « إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النِّيرَانِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ».

قال : وقال القاضي عياض وفِي قَوْلِهِ « إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ ».

دليل على جواز استعماله من غير لفظ الشهر خلافا لمن كرهه من العلماء ـ انتهى كلامه. وهو مرغوب عنه ، فإن في كثير من أحاديث أهل الحق النهي عن التلفظ بِرَمَضَانَ من دون إضافة الشهر تعليلا بأنه اسم من أسمائه تعالى (١) ، ووقوعه

__________________

(١) انظر طرفا منها في الكافي ج ٤ ص ٦٩.

٢٠٨

في بعض الأحاديث مجردا عنه غير ضائر لإمكان قصد بيان الإباحة ، وهي لا تنافي الكراهة. قال الشهيد الأول في كتاب نكت الإرشاد ما هذا لفظه : « فائدة » نهي عن التلفظ بِرَمَضَانَ ، بل يقال شهر رَمَضَانَ في أحاديث من أجودها

مَا أَسْنَدَهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ إِلَى الْكَاظِمِ عليه السلام عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عليه السلام قَالَ : « لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ ، مَنْ قَالَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ وَلْيَصُمْ كَفَّارَةً لِقَوْلِهِ وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى ( شَهْرُ رَمَضانَ ) ».

وعن الأزهري العرب تذكر الشهور كلها مجردة من لفظ شهر إلا شهري ربيع ورَمَضَانَ ، ويحكى أن العرب حين وضعت الشهور وافق الوضع الأزمنة ، ثم كثر حتى استعملوها في الأهلة وإن لم يوافق ذلك الزمان ، فقالوا شهر رَمَضَانَ لما أَرْمَضَتِ الأرض من شدة الحر ، وشَوَّالٌ لما شالت الإبل بأذنابها للطروق ، وذو القَعْدَةُ لما ذللوا القعدان للركوب ، وذو الحِجَّةُ لما حجّوا ، والمُحَرَّمُ لما حرموا القتال أو التجارة ، وصَفَرٌ لما غَزَوْا وتركوا دار القوم صِفْراً ، وشهر رَبِيعٌ لما أربعت الأرض وأمرعت ، وجُمَادَى لما جمد الماء ، ورَجَبٌ لما أرجبوا الشجر ، وشَعْبَانُ لما أشعبوا العُود.

وَفِي حَدِيثِ السُّجُودِ « أَخَافُ الرَّمْضَاءَ عَلَى وَجْهِي كَيْفَ أَصْنَعُ؟ » يَعْنِي الْحِجَارَةَ الْحَامِيَةَ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ « قَالَ : تَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِكَ ».

ومثله « شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله الرَّمْضَاءَ فِي جباهنا فَلَمْ يَشْكُنَا ».

أي لم يزل شكايتنا. ورَمِضَ يومنا رَمْضاً من باب تعب : اشتد حره. ورَمَضَتْ قدمه بالحر : احترقت. وأَرْمَضَتْنِي الرَّمْضَاءُ : أحرقتني. ولعل منه قَوْلَهُ عليه السلام « أَرْمَضَنِي اخْتِلَافُ الشِّيعَةِ ».

والرَّمِيضُ : الحديد الماضي. ومنه الْخَبَرُ « إِذَا مَدَحْتَ الرَّجُلَ فِي وَجْهِهِ فَكَأَنَّمَا أَمْرَرْتَ عَلَى حَلْقِهِ مُوسَى رَمِيضاً ».

٢٠٩

( روض )

قوله تعالى : ( فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) [ ٣٠ / ٦٥ ] الرَّوْضَةُ : الأرض الخضرة بحسن النبات ، ومنه « رَوْضَاتُ الجنان » وهي أطيب البقاع وأنزهها. ومنه الْحَدِيثُ « مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ » (١).

أي كَرَوْضَةٍ يجيء في ترع ما ينفع هنا. وجمع رَوْضَاتٍ رَوْضٌ ورِيَاضٌ صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها. ومِنْهُ « بَادِرُوا إِلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ ».

يعني طول الذكر أو حلق الذكر كما جاءت به الرواية. ورُضْتُ الدابةَ : ذللتها ، والفاعل رَائِضٌ ، وهي مَرُوضَةٌ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « لَأَرُوضَنَ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهِشُّ مَعَهَا إِلَى الْقُرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مَطْعُوماً وَتَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً » (٢).

قيل المراد بِالرِّيَاضَةِ هنا منع النفس الحيوانية عن مطاوعة الشهوة والغضب وما يتعلق بهما ، ومنع النفس الناطقة عن متابعة القوى الحيوانية من رذائل الأخلاق والأعمال ، كالحرص على جمع المال واقتناء الجاه وتوابعهما من الحيلة والمكر والخديعة والغلبة والحقد والحسد والفجور والانهماك في الشرور وغيرها ، وجعل طاعة النفس للعقل العملي ملكة لها على وجه يوصلها إلى كمالها الممكن لها إزالة الموانع الدنيوية عن خاطره ، والمعين على ذلك إضعاف القوة الشهوانية والغضبية بإضعاف حواسه بتقليل الأغذية والتنوق فيها ، فإن لذلك أثرا عظيما في حصول الكمال والتشاغل بحضرة ذي الجلال. ويمكن أن يقال : المراد بِالرِّيَاضَةِ منع النفس عن المطلوب من الحركات المضطربة وجعلها بحيث تصير طاعتها لمولاها ملكة لها.

وَقَوْلُهُ عليه السلام « إِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ » (٣).

قال بعض الشارحين :

__________________

(١) من لا يحضر ج ٢ ص ٤٣٩.

(٢) نهج البلاغة ج ٣ ص ٨٣.

(٣) نهج البلاغة ج ٣ ص ٨٠.

٢١٠

قوله « إنما هي نفسي » أي إنما همتي وحاجتي « أَرُوضُهَا » ورِيَاضَةُ النفس مأخوذة من رِيَاضَةِ البهيمة ، وهي منعها عن الإقدام على حركات غير صالحة لصاحبها ، فالقوة الحيوانية هي مبدأ الإدراكات والأفعال إذا لم تكن مطيعة للقوة العاقلة كانت بمنزلة البهيمة لم تُرَضْ ، فهي تتبع الشهوة تارة والغضب أخرى ، وتستخدم القوة العاقلة في تحصيل مراداتها ، فتكون هي أمارة والعاقلة مؤتمرة ، وأما إذا رَاضَتْهَا القوة العاقلة حتى صارت مؤتمرة لها متمرنة على ما يقتضيه العقل العملي تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه كانت العاقلة مطمئنة لا تفعل أفعالا مختلفة المبادئ وكانت باقي القوى سالمة لها. ثم قال الشارح : لما كان الغرض الأقصى من رِيَاضَةِ نفسه نيل الكمال الحقيقي فلا بد له من الاستعداد ، وكان ذلك الاستعداد موقوفا على زوال الموانع الخارجية والداخلية كانت لِلرِّيَاضَةِ أغراض ثلاثة : الأول حذف كل مرغوب ومحبوب وهو حذف الموانع الخارجية ، الثاني تطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة فينجذب التخيل والتوهم عن الجانب السفلي إلى العلوي وتتبعها سائر القوى فتزول الدواعي الحيوانية وهو حذف الموانع الداخلية ، الثالث توجيه السر إلى الجنبة العالية لتلقي السوانح الإلهية واقتناصها. ويعين على الأول الزهد الحقيقي ، وهو الإعراض عن متاع الدنيا وطيباتها بالقلب ، وعلى الثاني العبادة المشفوعة بالفكر في ملكوت السماوات والأرض وعظمة الله تعالى والأعمال الصالحة المنوية لوجهه خالصا ، وعبر عن هذه الأمور المعنوية بالتقوى التي يَرُوضُ نفسه بها. ورَاضَ نفسه : بمعنى حلم فهو رَيِّضٌ. والرَّيِّضُ في العلم : المذلل نفسه لذلك من رَاضَ المهر رِيَاضَةً ذلله فهو مَرُوضٌ. وقوم رَوَاضٍ ورَاضَةٌ. ومنه حديث

أَحَدِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ فِي بَغْلِ الْمُسْتَعِينِ « كَانَ قَدْ جَمَعَ عَلَيْهِ الرَّاضَةَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حِيلَةٌ فِي رُكُوبِهِ ».

وقوله : « حتى نَتَرَاوَضَ على أمر »

٢١١

أي نستقر على أمر. واسْتَرَاضَ المكان : أي اتسع. ومنه قولهم « افعل ذلك ما دامت النفس مُسْتَرِيضَةً » أي متسعة.

باب ما أوله العين

( عرض )

قوله تعالى : ( لا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) [ ٢ / ٢٢٤ ] الْعُرْضَةُ فعلة بمعنى المفعول ، أطلق على ما يُعْرَضُ دون الشيء وعلى الْمُعْرِضِ للأمر ، فمعنى الآية على الأول لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير بل مخالفته

لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وآله لِابْنِ سَمُرَةَ « إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ».

وعلى الثاني ولا تجعلوه مَعْرَضاً لأيمانكم فتبذلوه بكثرة الحلف به.

وَفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي كُلِّ حَالَةٍ « لَا وَاللهِ وَبَلَى وَاللهِ » (١).

قوله : ( عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ ) [ ٢ / ٢٣٥ ] التَّعْرِيضُ خلاف التصريح ، وهو الإيماء والتلويح ولا تبيين فيه ، وهو كثير في الكلام ، وقد تقدم الفرق بينه وبين الكناية. وعَرَضْتُ لفلان وبفلان : إذا قلت قولا وأنت تعنيه. ومنه « الْمَعَارِيضُ في الكلام » وهي التورية عن الشيء بالشيء ، كما إذا سألت رجلا هل رأيت فلانا وقد رآه ويكره أن يكذب فيقول إن فلانا ليرى ، فيجعل كلامه مِعْرَاضاً فرارا من الكذب. ومنه المثل « إن في الْمَعَارِيضِ لمندوحةً عن الكذب » أي سعة. قوله : ( جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) [ ٣ / ١٣٣ ] قيل كل جنة من الجنان ( عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) لو وضع بعضها على بعض ، وخص الْعَرْضُ لأنه أقل من الطول غالبا ، فشبهت بأوسع ما علم الناس.

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ٦٣.

٢١٢

قوله : ( فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ ) [ ٤١ / ٥١ ] استعار الْعَرْضَ لكثرة الدعاء ودوامه كما استعار الغليظ لشدة العذاب. قوله : ( وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً ) [ ١٨ / ١٠٠ ] أي أظهرناها حتى رآها الكفار ، يقال عَرَضْتُ الشيء فَأَعْرَضَ : أي أظهرته فظهر. قوله : ( هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا ) [ ٤٦ / ٢٤ ] أي سحاب يمطرنا أو ممطر لنا ، ولا يجوز أن يكون صفة لِعَارِضِ النكرة ، وسمي عَارِضاً لأنه يَعْرِضُ في الأفق. قوله : ( يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى ) [ ٨ / ١٦٩ ] مر في دنا. قوله : ( يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) [ ٤٠ / ٤٦ ] أي صباحا ومساء ، أي يعذبون في هذين الوقتين وفيما بين ذلك الله أعلم بحالهم ، فإذا قامت القيامة قيل لهم ( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ) قوله : ( تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) [ ٤ / ٩٤ ] أي تطلبون عَرَضَ الحياة الدنيا ، أي طمع الدنيا وما يُعْرَضُ منها يعني الغنيمة والمال ومتاع الحياة الدنيا الذي لا بقاء له.

وَفِي الْخَبَرِ « أَنَّ جَبْرَئِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَأَنَّهُ عَارَضَهُ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ ».

أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن ، من الْمُعَارَضَةِ : المقابلة. ومنه « عَارَضْتُ الكتاب بالكتاب » أي قابلته. ويقال عَارَضْتُهُ في السير : أي مررت حياله. وعَارَضْتُهُ بمثل ما صنع : أي أتيت إليه بمثل ما أتى.

وَفِي الْخَبَرِ « أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله عَارَضَ جِنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ ».

أي أتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطريق ولم يتبعه من منزله. والْعَرَضُ : متاع الدنيا وحطامها. ومنه الْخَبَرُ « الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « فَإِنْ عَرَضَ فِي قَلْبِكَ مِنَ الْمَاءِ شَيْءٌ فَكَذَا ». أراد إن ظهر وخطر في قلبك شيء من استعماله فأفرج الماء

٢١٣

بأصابعك واستعمله ليزول ذلك المنفر ، من عَرَضْتُ الشيء من باب ضرب : أظهرته له وأبرزته إليه. والْإِعْرَاضُ : الصد عنه. وأَعْرَضَ لك الخير : إذا أمكنك. واعْتَرَضَ الشيء : صار عَارِضاً كالخشبة الْمُعْتَرِضَةِ في النهر. واعْتَرَضَ الشيء دون الشيء : أي حال دونه. واعْتَرَضَتِ الشهر : إذا ابتدأته من غير أوله ، ومنه « اعْتَرَضَ القرآن ». واعْتَرَضَ فلان فلانا : وقع فيه. و « الْعَارِضَةُ » واحدة الْعَوَارِضِ ، وهي الحاجات. وعَارِضَةُ الباب : الخشبة التي تمسك عضادتيه. وعَرَضَ في الطريق عَارِضٌ : أي منعني مانع صدني عن المضي فيه. ومنه اعتراضات الفقهاء ، لأنها تمنع من التمسك بالدليل.

وَفِي الدُّعَاءِ « تَعَرَّضَ لَكَ فِي هَذَا اللَّيْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ ».

أي تصدى لطلب فضلك وإحسانك الْمُتَعَرِّضُونَ.

وَفِي الْحَدِيثِ « صُونُوا أَعْرَاضَكُمْ ».

الْأَعْرَاضُ جمع عِرْضٍ بالكسر ، قيل هو موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سلفه أو من يلزمه أمره ، وقيل هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويعاب. وعَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عِرْضُ الرَّجُلِ : نَفْسُهُ وَبَدَنُهُ لَا غَيْرُ.

ومنه الْحَدِيثُ « مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ».

أي احتاط لنفسه. ومنه الدُّعَاءُ « اللهُمَّ إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى مَنْ ذَكَرَنِي ».

ومنه حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ « أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ ».

أي من عابك وذمك فلا تجازه واجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة.

وَفِي حَدِيثِ أَهْلِ الْجَنَّةِ « إِنَّمَا هُوَ عَرَقٌ يَسِيلُ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ ».

أي أجسادهم. وعَرَضْتُ البعير على الحوض من المقلوب ومعناه عَرَضْتُ الحوض على البعير. وعَرَضَهُ عَارِضٌ من الحمى ونحوها.

٢١٤

وعَرَضَ الرجلُ : إذا أتى الْعَرُوضَ ، وهي مكة والمدينة وما حولهما ، ويقال مكة والمدينة (١). ومنه قول الشاعر (٢) :

فيا راكبا إما عرضت فبلغن

نداماي من نجران أن لا تلاقيا

قال الجوهري : قال أبو عبيدة أراد فيا راكباه للندبة فحذف الهاء ، كقوله تعالى : ( يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ ) ولا يجوز يا راكبا بالتنوين لأنه قصد بالنداء راكبا بعينه.

ويقال الْعُرَيْضُ والنقب من قبل مكة لا من حدود المدينة (٣).

و « عُرَيْضٌ » كزبير واد بالمدينة فيه أموال لأهلها.

و « الْعَرْضُ » بالفتح فالسكون : المتاع ، وكل شيء فهو عَرْضٌ سوى الدراهم والدنانير فإنهما عين ، والجمع عُرُوضٌ كفلس وفلوس.

وعن أبي عبيدة الْعُرُوضُ : الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن ولا يكون حيوانا ولا عقارا.

والْعَرَضُ بالتحريك : ما يحل في الاسم ولا وجود له ولا شخص له في اصطلاح المتكلمين ما لا يقوم بنفسه ولا يوجد في محل يقوم به ، وهو خلاف الجوهر وذلك نحو حمرة الخجل وصفرة الوجل.

ورجل عِرِّيضٌ كفسيق : أي يَتَعَرَّضُ للناس بالشر.

وتَعَرَّضَ بمعنى تعوج ، ومنه « تَعَرَّضَ

__________________

(١) اختلفوا كثيرا في موقع العروض وما يسمى بهذا الاسم ، فقيل العروض المدينة ومكة واليمن ، وقيل مكة واليمن ، وقيل مكة والطائف وما حولهما ، وقيل العروض خلاف العراق ، وقيل العروض طريق في عرض الجبل ، وقيل بلاد اليمامة والبحرين وما والاهما العروض وفيها نجد وغور ـ انظر معجم البلدان ج ٤ ص ١١٢.

(٢) البيت ( لعبد يغوث الحاربي ).

(٣) في معجم البلدان ج ٤ ص ١١٤ : فالعريض جبل ، وقيل اسم واد ، وقيل موضع بنجد.

٢١٥

الْجَمَلُ فِي الْجَبَلِ » إذا أخذ في مسيره يمينا وشمالا لصعوبة الطريق.

والْعَرُوضُ كرسول ميزان الشعر لأنه يُعَارِضُ بها ، وهي مؤنثة ، ولا يجمع لأنها اسم جنس.

ويقال للرساتيق بأرض الحجاز « الْأَعْرَاضُ » واحدها عِرْضٌ بالكسر (١).

والْعَارِضُ من اللحية : ما ينبت على عِرْضِ اللحى فوق الذقن.

وَفِي الْخَبَرِ « مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ عَارِضَيْهِ » قيل أراد بخفة الْعَارِضَيْنِ خفة اللحية.

قال النهاية وما أراه مناسبا ، وقيل عَارِضَا الإنسان صفحتا خديه ، وخفتهما كناية عن كثرة الذكر وحركتهما به.

وعن ابن السكيت فلان خفيف الشفة : إذا كان قليل السؤال.

وفلان من عُرْضِ النَّاسِ : أي من العامة.

وفلان عُرْضَةٌ للناس لا يزالون يقعون فيه.

وَقَوْلُهُمْ عليه السلام « فَاضْرِبْ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ ».

أي جانباً منه أي جانب كان ، مثل قولهم « خرجوا يضربون الناس عن عَرْضٍ » أي شق وناحية كيف ما اتفق لا يبالون من ضربوا.

وعَرُضَ الشيءُ بالضم : اتسع عَرْضُهُ ، وهو تباعد حواشيه ، فهو عَرِيضٌ.

واسْتَعْرَضْتُهُ : أي قلت له اعْرِضْ علي ما عندك.

و « الْمِعْرَاضُ » كمفتاح وهو السهم الذي لا ريش له.

( عضض )

فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ « وَعَضَّتْنَا الصَّعْبَةُ عَلَائِقَ الشَّيْنِ » كأنه من عَضَ الرجلُ صاحبَهُ يَعَضُ عَضِيضاً : لزمه. والشين السبب خلاف الدين ، والعلائق جمع علاقة وهو ما يتعلق بشيء كعلاقة الحب ونحوه ،

__________________

(١) الأعراض هي قرى بين الحجاز واليمن والسراة ، وقال الأصمعي أعراض المدينة قراها التي في أوديتها ، وقال شمر أعراض المدينة هي بطون سواد حيث الزرع والنخل معجم البلدان ج ١ ص ٢٢٠.

٢١٦

والصعبة الشديدة خلاف السهلة ، والمعنى ألزمتنا السنة الصعبة علائق الذل والمعايب.

وعَضَضْتُ اللقمة وبها وعليها عَضَّاً : أمسكتها بالأسنان. قال في المصباح : وهو من باب تعب في الأكثر لكن المصدر ساكن ، ومن باب نفع لغة قليلة ».

وعَضَ عليه بالنواجذ « مثل في شدة الاستمساك به. والنواجذ هي أواخر الأسنان ، وقيل التي بعد الأنياب

( عوض )

الْعِوَضُ كعنب واحد الْأَعْوَاضِ كأعناب وأَعَاضَنِي وعَوَّضَنِي بالتشديد وعَاوَضَنِي : أعطاني الْعِوَضَ وهو البدل ، ومنه « يُعَوِّضُونَ بالدرهم ألف درهم ».

واعْتَاضَ : أخذ الْعِوَضَ ، وتَعَوَّضَ مثله ، واسْتَعَاضَ سأل الْعِوَضَ.

وقولهم « لا آتيك عِوَضَ الْعَائِضِينَ » كما يقال لا آتيك دهر الداهرين.

و « عِيَاضاً » على ما في النسخ عبد لعلي عليه السلام أعتقه على عمالة.

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ « عِيَاضُ بْنُ حَمَّازٍ أَوْ حَمَّادٍ الْمُجَاشِعِيُّ » (١) كان قاضيا لأهل عكاظ في الجاهلية.

وفي كتب العامة عِيَاضُ بنُ حِمَارٍ بالراء المهملة صحابي (٢).

باب ما أوله الغين

( غرض )

فِي الدُّعَاءِ « لَا تَجْعَلْنِي لِلْبَلَاءِ غَرَضاً ».

الْغَرَضُ بالتحريك : الهدف الذي يرمى إليه ، والجمع أَغْرَاضٌ كسبب وأسباب ، والمعنى لا تجعلني هدف بلاء.

__________________

(١) ذكر في السفينة ج ٢ ص ٣٠٢ رواية عن الصادق عليه السلام أن عياض هذا أتى النبي ( ص ) وأسلم ، ولا يبعد أنه يكون هو المذكور فيما بعد هذا الكلام.

(٢) انظر ترجمته في الإصابة ج ٣ ص ١٢٣٢ ، إلا أنه لم يذكر أنه هو القاضي لأهل عكاظ.

٢١٧

ومنه الْحَدِيثُ « أَنَّ اللهَ جَعَلَ وَلِيَّهُ غَرَضاً لِعَدُوِّهِ ».

و « لحم غَرِيضٌ » أي طري.

ومنه الْحَدِيثُ « نَهَى أَنْ يُؤْكَلَ اللَّحْمُ غَرِيضاً » يعني نِيّاً وَقَالَ : « إِنَّمَا تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ وَلَكِنْ حَتَّى تُغَيِّرَهُ الشَّمْسُ أَوِ النَّارُ » (١).

( غضض )

قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ) [ ٢٤ / ٣٠ ] أي ينقصوا من نظرهم عما حرم الله عليهم ، وقد أطلق لهم ما سوى ذلك ، يقال غض طرفه غِضَاضاً بالكسر وغَضَاضَةً بفتحتين : خفضه وتحمل المكروه ، ومقول القول محذوف ، أي قل لهم غَضُّوا يَغُضُّوا فيكون في ( يَغُضُّوا ) الآية جوابا لأمر محذوف ، وكذا ( يَحْفَظُوا ) ومن عند الأخفش زائدة.

قوله : ( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ) [ ٣١ / ١٩ ] أي نقص منه ، يقال غَضَ صوته أي خفضه ولم يرفعه بصيحة.

وغَضَ طرفه : أي كسره.

ومنه الْحَدِيثُ « كَانَ إِذَا فَرِحَ غَضَ طَرْفَهُ » (٢) يعني كسره وأطرق ولم يفتح عينيه ، وإنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الأشر والمرح.

ومنه حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مَعَ عَائِشَةَ « حُمَادَيَاتُ النِّسَاءِ غَضُ الْأَطْرَافِ » يعني كسرها ، والأمر منه في لغة الحجاز اغْضُضْ ، ومنه الآية ، وأهل نجد يقولون غُضَ طَرْفِكَ بالإدغام.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا انْكَشَفَ أَحَدُكُمْ لِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَغُضُ بَصَرَهُ » (٣).

وأَغَضَ الرجل العين بالألف : قارب بين جفنيها ، ثم استعمل في الحلم فقيل « غَضَ على القذى » إذا أمسك عفوا عنه.

وقولهم « ليس عليك في هذا الأمر غَضَاضَةٌ » أي ذلة ومنقصة.

ومثله « عليه في دينه غَضَاضَةٌ » و « ما علي من غَضَاضَةٍ ».

وشيء غَضٌ : أي طري ، والباب ضرب

__________________

(١) الكافي ج ٦ ص ٣١٣.

(٢) مكارم الأخلاق ص ١١.

(٣) من لا يحضر ج ١ ص ١٨.

٢١٨

وقولهم غَضَّاً جديدا : أي طريا وجديدا كالمفسر له.

( غمض )

قوله تعالى ( وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ) [ ٢ / ٢٦٨ ] أي تُغْمِضُوا عن عيب فيه ، أي لستم بآخذي الخبيث من الأموال ممن لكم قبله حق إلا على إِغْمَاضٍ ومسامحة ، فلا تؤدون من حق الله ما لا ترضون مثله من غرمائكم.

يقال غَمَضْتُ عن فلان : إذا تساهلت عليه.

ومنه الْحَدِيثُ « أَصَبْتُ مَالاً أَغْمَضْتُ فِي مَطَالِبِهِ » أي تساهلت في تحصيله ولم أجتنب فيه الحرام والشبهات ، ومحصله جمعته من حرام أو حلال وشبهة ، وأصله من إِغْمَاضِ العين.

والْغَامِضُ : خلاف الواضح.

وانْغِمَاضُ الطرف : انغضاضه.

وما اكتحلت غِمَاضاً : أي ما نمت ولا اغْتَمَضَتْ عيناي.

ومثله « لا أكتحل بِغَمْضٍ حتى ترضى عني ».

وما في الأمر غَمِيضَةٌ : أي عيب.

وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ « أَنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِيَائِي عِنْدِي مَنْ كَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ » أي من كان خفيا عنهم لا يعرف سوى الله تعالى.

و « نسب غَامِضٌ » أي لا يعرف.

وغَمَضَ الحقُّ ـ من باب قعد ـ خفي مأخذه ، وغَمُضَ بالضم لغة.

( غيض )

قوله تعالى : ( وَغِيضَ الْماءُ ) [ ١١ / ٤٤ ] إذا نقص ، يقال غَاضَ الماء يَغِيضُ غَيْضاً من باب سار ، ومَغَاضاً أي قل ونضُب في الأرض ، وانغاض مثله.

وغِيضَ الماء : فعل به ذلك.

قوله : ( وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ ) [ ١٣ / ٨ ] أي تنقص عن مقدار الحمل الذي يسلم معه الولد.

وغَيَّضْتُ الدمع بالتشديد : نقصته وحبسته.

وغَاضَهُ الله وأَغَاضَهُ الله يتعدى ولا يتعدى.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى « لَا يُغِيضُهُ

٢١٩

سُؤَالُ السَّائِلِينَ » أي لا ينقصه.

والْغَيْضَةُ : الأجمة ، وهي مَغِيضُ ماء يجتمع فيه الشجر ، والجمع غِيَاضٌ وأَغْيَاضٌ مثل كلبة وكلاب وأكلاب ، وغَيْضَاتٌ مثل بيضة وبيضات.

باب ما أوله الفاء

( فرض )

قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) [ ٢٨ / ٨٥ ] أي أوجب عليك تلاوته بتبليغه والعمل بما فيه.

والفرض : التوقيت ، ومنه قوله : ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ ) [ ٢ / ١٩٧ ] أي وقته أو أوجبه.

قوله : ( فَرِيضَةً مِنَ اللهِ ) [ ٤ / ١١ ] نصب نصب المصادر ، أي فرض الله فريضة.

قوله : ( وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ) [ ٤ / ٢٤ ] أي من استيناف عقد آخر بعد انقضاء مدة الأجل.

قوله : ( أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها ) [ ٢٤ / ١ ] أي فَرَضْنَا ما فيها والزمناكم العمل بها ، وقرئ فَرَّضْناها بالتشديد أي فصلناها.

قوله : ( لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ ) [ ٢ / ٦٨ ] الْفَارِضُ المسنة ، يقال للشيء القديم فَارِضٌ ، ومنه فَرَضَتِ الشاة فهي فَارِضٌ.

وفَرَضَ الله علينا كذا وافْتَرَضَ : أي أوجب ، والاسم الْفَرِيضَةُ ، وسمي ما أوجبه الله الْفَرْضَ لأن له معالم وحدودا.

ومنه قوله : ( لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) [ ٤ / ١١٨ ] أي مقتطعا محدودا.

وَفِي الْحَدِيثِ « طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ » (١).

قال بعض شراح الحديث : قد أكثر الناس الأقاويل فيه وضربوا

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٨٢.

٢٢٠