مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ) [ ٢٠ / ١٠٨ ] أي خضعت. والخُشُوعُ : الخضوع. ومنه قوله : ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ) [ ٢٣ / ٢ ] والخُشُوعُ في الصلاة : قيل خشية القلب والتواضع ، وقيل هو أن ينظر إلى موضع سجوده ، بدليل

أَنْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله كَانَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةِ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَنَظَرَ إِلَى مُصَلَّاهُ.

قوله : ( تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً ) [ ٤١ / ٣٩ ] أي يابسة متطامنة ، مستعار من الخُشُوع التذلل. قوله : ( خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ ) [ ٦٨ / ٤٣ ] أي لا يستطيعون النظر من هول ذلك اليوم قوله : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ) [ ٨٨ / ٢ ] أي خاضعة ذليلة.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ : سَأَلْتُ الرِّضَا عليه السلام عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ. عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ) قَالَ نَزَلَتْ فِي النُّصَّابِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَالْوَاقِفِيَّةِ مِنْ النُّصَّابِ (١).

وخَشَعَ في صلاته ودعائه : أي أقبل بقلبه على ذلك. والفرق بين الخُشُوع والخضوع هو أن الخُشُوع في البدن والبصر والصوت والخضوع في البدن.

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله رَأَى رَجُلاً يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي صَلَاتِهِ ، فَقَالَ « لَوْ خَشَعَ قَلْبُهُ لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ ».

قال بعض الشارحين : في هذا دلالة على أن الخُشُوع في الصلاة يكون في القلب والجوارح ، فأما في القلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمة لها والإعراض عما سواها ، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود ، وأما في الجوارح فهو غض البصر وترك الالتفات والعبث.

وَعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام : هُوَ أَنْ لَا يَلْتَفِتُ يَمِيناً وَلَا شِمَالاً ، وَلَا يَعْرِفُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ « فَقَالَ بِخُشُوعٍ اللهُ أَكْبَرُ ».

أي بسكون وتذلل واطمئنان وانقطاع إلى الله تعالى.

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص ٤٥٤.

٣٢١

و « الخشوع » نهر الشاش كما وردت به الرواية ، والشاش بشينين معجمتين بلد بما وراء النهر من الأنهر التي خرقها جبرئيل بإبهامه. و « بَخْتِيشُوع » الطبيب رجل نصراني ، وقد كان طبيبا للرشيد ، وله مع علي بن واقد قصة مشهورة حكاها المقداد في الكنز.

( خضع )

قوله تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ) [ ٣٣ / ٣٢ ] الآية هو من الخُضُوع ، وهو التطامن والتواضع. ومنه قوله : خاضِعِينَ [ ٢٦ / ٤ ] أي ذليلين منقادين ، وهو لازم ومتعد.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ « وَخَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ ».

أي ذل وانقاد.

( خلع )

قوله تعالى : ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) [ ٢٠ / ١٢ ] أي انزعهما من رجليك. يقال خَلَعَ الثوبَ خَلْعاً : إذا نزعه ، وكذلك النعل والخف وغيرهما. قيل أمر بخلع نعليه ليباشر الوادي بقدميه متبركا واحتراما. وفي معاني الأخبار ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) ارفع خوفيك ، يعني خوفه من ضياع أهله ، ولقد خلفها تمخض ، وخوفه من فرعون (١). قال :

وَرُوِيَ أَنْ نَعْلَيْهِ كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ.

وَفِي الْفَقِيهِ سُئِلَ الصَّادِقُ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى لِمُوسَى ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً ) قَالَ : كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ (٢).

وكان ذلك مذهبا للعامة ، فتكلم عليه السلام بما يوافقهم للتقية ، يدل على ذلك ما

رَوَاهُ فِي كِتَابِ كَمَالِ الدِّينِ وَتَمَامِ النِّعْمَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْقُمِّيِّ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَائِمِ عليه السلام عَنْ مَسَائِلَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ قَالَ : قُلْتُ فَأَخْبِرْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله عَنْ أَمْرِ اللهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُوسَى ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً ) فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْفَرِيقَيْنِ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ إِهَابِ الْمَيْتَةِ؟ فَقَالَ عليه السلام : مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ

__________________

(١) الْبُرْهَانِ ج ٣ ص ٣٣.

(٢) الْمَصْدَرُ السَّابِقِ وَنَفْسٍ الصَّفْحَةِ.

٣٢٢

افْتَرَى عَلَى مُوسَى عليه السلام وَاسْتَجْهَلَهُ فِي نُبُوَّتِهِ ، لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا مَا خَلَا مِنْ خَصْلَتَيْنِ : إِمَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ مُوسَى فِيهَا جَائِزَةً أَوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ ، فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ جَائِزَةً جَازَ لَهُ لُبْسُهَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ إِذْ لَمْ تَكُنْ مُقَدَّسَةً مُطَهَّرَةً بِأَقْدَسَ وَأَطْهَرَ مِنَ الصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ غَيْرَ جَائِزَةٍ فِيهَا فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفِ الْحَلَالَ مِنَ الْحَرَامِ وَعلم [ لَمْ يَعْلَمْ ] مَا جَازَ فِيهِ الصَّلَاةُ وَمَا لَمْ يَجُزْ ، وَهَذَا كُفْرٌ. قُلْتُ : فَأَخْبِرْنِي يَا مَوْلَايَ عَنْ التَّأْوِيلِ فِيهَا؟ قَالَ : إِنَّ مُوسَى نَاجَى رَبَّهُ بِالْوَادِ الْمَقَدَّسِ فَقَالَ : يَا رَبِّ إِنِّي قَدْ أَخْلَصْتُ لَكَ الْمَحَبَّةَ مِنِّي وَغَسَلْتُ قَلْبِي عَمَّنْ سِوَاكَ وَكَانَ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لِأَهْلِهِ ، فَقَالَ اللهُ ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ) أَيْ انْزِعْ حُبَّ أَهْلِكَ مِنْ قَلْبِكَ إِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُكَ لِي خَالِصَةً ـ انتهى (١). ولعله الحق

وخَلَعَ ربقةَ الإسلام عن عنقه : أي نزعها.

وخَلَعَ الرجلُ امرأتَهُ خُلْعاً. والخُلْعُ بالضم : أن يطلق الرجل زوجته على عوض تبذله له ، وفائدته إبطال الزوجية إلا بعقد جديد ، وهو استعارة من خَلْعِ اللباس ، لأن كل واحد من الزوجين لباس الآخر وإذا فعلا فكان كل واحد نزع لباسه عنه.

واخْتَلَعَتِ المرأةُ : إذا طلقت من زوجها طلاقا بعوض.

والخَلْعُ : ترك المحاسن الظاهرة.

والخِلْعَةُ : ما يعطيه الإنسان غيره من الثياب منحة ، والجمع خِلَعٌ مثل سِدْرَة وسِدَر.

والمَخْلُوع : من يتبرأ أبوه من عند السلطان من ميراثه وجريرته. والمَخْلُوع : أخو الخليفة ومنه « ولما انقضى أمر المخلوع واستوى الأمر للمأمون كان كذا ».

و « الخُلَيْعِي » الشاعر المشهور ، أدرك آخر البرامكة ، وله مع الفضل بن يحيى بن خالد قائد الرشيد قصة غريبة.

__________________

(١) البرهان ج ٣ ص ٣٤.

٣٢٣

( خمع )

خَمَعَ في مشيه : أي ظلع.

( خنع )

فِي الدُّعَاءِ « خَنَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِمُلْكِهِ ».

الخُنْعُ بالضم : الخضوع ، يقال خَنَعَ له خُنُوعاً : أي ذل وخضع. وأَخْنَعَتْهُ الحاجةُ : أي أذلَّتْه وأخضعتْه.

باب ما أوله الدال

( درع )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « وَلَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا وَلَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ : أَلَا تَنْبِذُهَا عَنْكَ؟ فَقُلْتُ : اعْزُبْ عَنِّي فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى » (١).

قال بعض الشارحين هو مثل يضرب لمتحمل المشقة ليصل إلى الراحة ، وأصله أن القوم يسيرون ليلا فيحمدون عاقبة ذلك إذا أصبحوا. والمِدْرَعُ والمِدْرَعَة واحد ، وهو ثوب من صوف يتدرع به. ومنه الْحَدِيثُ « لَمْ يَتْرُكْ عِيسَى عليه السلام إِلَّا مِدْرَعَةَ صُوفٍ وَمِخْذَفَة ».

يعني مقلاعا. والدُّرَّاعَةُ واحدة الدَرَارِيع ، ومِنْهُ « عَلَيْهِ دُرَّاعَةٌ سَوْدَاءُ ».

ورجل دَرَّاعٌ : عليه درع ، أي قميص ودِرْعُ الحديد مؤنثة ، وجمع القلة أَدْرُع وأَدْرَاع ، فإذا كثرت فهي الدُرُوع. ودِرْع المرأة : قميصها ، وهو مذكر والجمع أَدْرَاع.

( دسع )

فِي خَبَرِ قس « ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ ».

أي مجتمع الكتفين ، وقيل العنق. ويقال للجواد : هو واسع الدَّسِيعَةِ ، أي واسع العطية.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٧٦.

٣٢٤

وَفِي الْخَبَرِ « بَنَوْا المصانع وَاتَّخَذُوا الدَّسَائِعَ ».

أي العطايا أو الدساكر أو الجفان والموائد أقوال.

( دعع )

قوله تعالى : ( فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُ الْيَتِيمَ ) [ ١٠٧ / ٢ ] أي يدفعه حقه. والدَّعُ : الدفع بعنف. ومنه قوله تعالى : ( يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ) [ ٥٢ / ١٣ ] أي دفعا في أقفيتهم.

وَفِي حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الشِّيعَةِ « خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ يُدَعْدِعُهُمُ اللهُ فِي بُطُونِ أَوْدِيَةٍ ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ ( يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ) ».

والدَّعْدَعَة : الزعزعة ، ولعل منه الحديث. والدَّعْدَعَة : تحريك المكيال ونحوه.

( دفع )

قوله تعالى : ( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ ) [ ٢٢ / ٤٠ ] الآية ، أي لو لا تسليطه المسلمين على الكفار لاستولى أهل الشرك على أهل الملل وعلى متعبداتهم فهدموها وما تركوا للنصارى بيعا ولا لرهبانهم صوامع ولا لليهود صلوات ولا للمسلمين مساجد.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : إِنْ اللهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يُصَلِّي مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يُصَلِّي وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ لَهَلَكُوا ، وَإِنَّ اللهَ لَيَدْفَعُ بِمَنْ يُزَكِّي مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يُزَكِّي وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ الزَّكَاةِ لَهَلَكُوا ، وَإِنَّ اللهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يَحُجُّ مِنْ شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يَحُجَّ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ لَهَلَكُوا ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى ( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ).

وفيه دلالة على دخول أهل المعاصي في الشيعة. ودَفَعْتُهُ دَفْعاً : نحيته. ودَفَعْتُ عنه الأذى : أزلته. و « دَفَعَ » من عرفات ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها أو دفع ناقته وحملها على السير.

٣٢٥

وتَدَافَعَ القومُ : دفع بعضهم بعضا. ودَفَعْتُ القولَ : رددته بالحجة. ودَفَعْتُ الوديعةَ إلى صاحبها : رددتها إليه. وانْدَفَعَ الفرسُ : أسرع في سيره. والدَّفْعَةُ : الواحد من الدفع ، مثل الدفقة من الدفق. والمُدَافَعَةُ : المماطلة ، ودَافَعَ عنه ودَفَعَ بمعنى. والسلاح مَدْفُوعٌ عنه في حديث الأئمة : أي لا يصيبه ضرر من شيء.

( دقع )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إِلَّا فِي دَيْنٍ مُوجِعٍ أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ ».

ومثله فِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ ».

أي شديد يفضي بصاحبه إلى الدَّقْعَاء وزان حمراء ، أعني التراب ، يقال دَقِعَ الرجلُ بالكسر يَدْقَعُ : أي لصق بالتراب فيكون المُدْقَعُ هو الذي لا يكون عنده ما يتقي به التراب. ويحتمل أن يكون المُدْقَعُ الذي يفضى به إلى الدَّقَعُ ، وهو سوء احتمال الفقر. والدَّقَعُ بالتحريك : الرضا بالدون من المعيشة. والدَّقَعُ : الخضوع في طلب الحاجة. والدَّوْقَعَةُ : هي الفقر والذل.

( دلع )

فِي الْحَدِيثِ « شَارِبُ الْخَمْرِ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْلِعاً لِسَانَهُ يَسِيلُ لُعَابُهُ عَلَى صَدْرِهِ » (١).

يقال دَلَعَ الرجلُ لسانَه كمَنَعَ فانْدَلَعَ أخرجه ، ويقال أيضا أَدْلَعَ الرجلُ لسانَهُ أي أخرجه.

وَفِي الدُّعَاءِ « يَا مَنْ دَلَعَ لِسَانَ الصَّبَاحِ بِنُطْقِ تَبَلُّجِهِ ».

هو عبارة عن الشمس عند طلوعها ، أو النور المرتفع عن الأفق قبل طلوعها. والتبلج : الإشراق ، والإضافة بيانية.

( دمع )

الدَّمْعُ : دمع العين. والدَّمْعَةُ : القطرة منه. ودَمِعَتْ عينُه تَدْمَعُ من باب تَعِبَ لغة.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَيْنٍ

__________________

(١) الْكَافِي ج ٦ ص ٣٩٦.

٣٢٦

لَا تَدْمَعُ ».

يريد بها الجامدة عن البكاء من خشية الله تعالى. و « الدَّامِعَةُ » من الشجاج بالعين المهملة هي التي تدمي وتسيل الدم منها قطرا كالدمع ، بخلاف الدامية وهي التي تدمي ولا تسيل. والمَدَامِعُ : المآقي ، وهي أطراف العين.

باب ما أوله الذال

( ذرع )

قوله : ( فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً ) [ ٦٩ / ٣٢ ] أي طولها إذا ذرعت ويتم الكلام في سلك إن شاء الله. قوله : ( وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً ) [ ١١ / ٧٧ ] أي ضاق بهم صدرا ، وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه والاحتيال فيه ، كما قالوا رَحْبُ الذِّرَاعِ لمن كان مطيعا.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَنَا مَسْأَلَةٌ وَقَدْ ضِقْنَا بِهَا ذَرْعاً ».

أي ضعفت طاقتنا عن معرفتها ولم نقدر عليها. والذَّرْعُ : الوسع والطاقة ، ومعنى ضيق الذَّرْعِ والذِّرَاعِ قصرها ، كما أن معنى سعتها وبسطها طولها ، ووجه التمثيل أن القصير الذراع لا ينال ما يناله الطويل الذراع ولا يطيق طاقته ، فضرب به المثل للذي سقطت قوته دون بلوغ الأمر ، والاقتدار عليه. والذَّرْعُ : بسط اليد ومدها ، وأصله من الذِّرَاع وهو الساعد. والذِّرَاعُ من المرفق إلى أطراف الأصابع. والذِّرَاعُ ست قبضات ، والقبضة أربع أصابع.

وَقَوْلُهُ عليه السلام « مَصِيرُكُمْ إِلَى أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ ».

يريد به القبر.

وَفِي صِفَتِهِ عليه السلام « كَانَ ذَرِيعُ الْمَشْيِ ».

أي سريعه. ومنه « فأكل أكلا ذَرِيعاً » أي سريعا

٣٢٧

كثيرا.

وَفِي حَدِيثِ اهل البيت عليهم السلام « أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ مَوَالِينَا بِالْبَطَنِ الذَّرِيعِ ».

يعني السريع ، وكأنه يريد الإسهال. والذَّرِيعَةُ : الوسيلة. وتَذَرَّعَ بذريعة : توسل ، والجمع الذَّرَائِعُ.

وَفِي خَبَرِ النِّسَاءِ « خَيْرُكُنَ أَذْرَعُكُنَ للمغزل ».

أي أخفكن به ، وقيل أقدركن عليه. و « الأَذْرِعَاتُ » بكسر الراء موضع بالشام (١). قال الجوهري : تنسب إليه الخمر.

( ذعذع )

فِي حَدِيثِ اهل البيت عليهم السلام « لَا يُحِبُّنَا المُذَعْذَعُ ».

قال : والمُذَعْذَعُ ولد الزنا. والذَّعْذَعَةُ : التفريق. وذَعْذَعَهُمُ الدهر : فرقهم.

( ذيع )

قوله تعالى : ( أَذاعُوا بِهِ ) [ ٤ / ٨٣ ] أي أفشوه ، من قولهم ذَاعَ الحديثُ ذَيْعاً إذا انتشر وظهر. وأَذَاعَهُ غيرُهُ : أفشاه وأظهره. ومنه الْحَدِيثُ « مَنْ أَذَاعَ عَلَيْنَا حَدِيثَنَا سَلَبَهُ اللهُ الْإِيمَانَ » (٢).

أي من أفشاه وأظهره للعدو. ومثله « إِنْ رَأَى سِرّاً أَذَاعَهُ ».

أي أفشاه ولم يكتمه. والمِذْيَاعُ : الذي لا يكتم السر ، وجمعه مَذَايِيعُ. ومنه الْحَدِيثُ فِي وَصْفِ أَوْلِيَاءِ اللهِ « لَيْسُوا بِالْمَذَايِيعِ الْبُذُرِ » (٣).

والإِذَاعَةُ ضدها : التقية.

__________________

(١) قال في معجم البلدان ج ١ ص ١٣٠ : هو بلد في أطراف الشام يجاور أرض البلقاء وعمان ، ينسب إليه الخمر.

(٢) سفينة البحار ج ١ ص ٤٩١.

(٣) المصدر السابق ونفس الصفحة.

٣٢٨

باب ما أوله الراء

( ربع )

قوله تعالى : ( وَلَهُنَ الرُّبُعُ ) [ ٤ / ١٢ ] هو بضمتين وإسكان الموحدة والتخفيف جزء من أربعة أجزاء ، والجمع أَرْبَاعٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ « النِّسَاءُ لَا يَرِثْنَ مِنْ الرِّبَاعِ شَيْئاً ».

أي من الدور. والرَّبْعُ كسَهْمٍ : الدار نفسها حيث كانت ، والجمع رِبَاعٌ كسِهَام. ورِبَاعُ مكة زيدت شرفا : دورها. و « المَرْبَعُ » كجَعْفَر : منزل القوم في الربيع. والرًبِيعُ : ضد الخريف. والرَّبِيعُ : المطر في الربيع ، سمي رَبِيعاً لأن أول المطر يكون فيه وبه ينبت الربيع. والرَّبِيعُ المغدق : ذو المطر الكثير الماء والرَّبِيعُ عند العرب رَبِيعَانِ : رَبِيع شهور ، ورَبِيع زمان ، فربيع الشهور اثنان قالوا ولا يقال فيهما إلا شهر رَبِيعٍ الأول وشهر رَبِيعٍ الآخر بزيادة شهر ، وتنوين ربيع والأول والآخر وصفا تابعا في الإعراب ، ويجوز فيه الإضافة ، وهو من إضافة الشيء إلى نفسه مثل حق اليقين. وأما رَبِيعُ الزمان فاثنان أيضا : الأول الذي يأتي فيه الكمأة والنور ، والثاني الذي تدرك به الثمار ، وهو بحساب المنجمين تسعون يوما ونصف ثمن ، وهو النصف من شباط وآذار ونيسان ونصف أيار.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ اجْعَلْ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ».

جعله ربيعا له لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان ويميل إليه. والنسبة إلى ربيع الزمان « رِبْعِيٌ » بكسر الراء وسكون الباء على غير القياس للفرق بينه وبين الأول. و « الرَّبِيعُ بن خُثَيم » بالخاء المعجمة

٣٢٩

المضمومة والثاء المثلثة قبل الياء المنقطة نقطتين تحتها أحد الزهاد الثمانية ـ قاله الكشي (١).

وَفِي شَرْحِ النَّهْجِ لِابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ خُطْبَتِهِ عليه السلام عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَى صِفِّينَ قَالَ نَصْرٌ : فَأَجَابَ عَلِيّاً عليه السلام إِلَى السَّيْرِ جُلٌّ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَتَوْهُ وَفِيهِمْ عُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا : إِنَّا نَخْرُجُ مَعَكُمْ وَلَا نَنْزِلُ عَسْكَرَكُمْ وَنُعَسْكِرُ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى نَنْظُرَ فِي أَمْرِكُمْ وَأَمْرِ أَهْلِ الشَّامِ ، فَمَنْ رَأَيْنَاهُ أَرَادَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَوْ بَدَا لَنَا مِنْهُ بَغْيٌ كُنَّا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ عليه السلام : مَرْحَباً وَأَهْلاً وَهَذَا هُوَ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ وَالْعِلْمُ بِالسُّنَّةِ ، مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَذَا فَهُوَ خَائِنٌ جَائِرٌ ، وَأَتَاهُ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِيهِمُ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ ، فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا قَدْ شَكَكْنَا فِي هَذَا الْقِتَالِ عَلَى مَعْرِفَتِنَا بِفَضْلِكَ وَلَا غِنَى بِنَا وَلَا بِكَ وَلَا بِالْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ ، فَوَلِّنَا بَعْضَ هَذِهِ الثُّغُورِ نَكُنْ ثَمَّ نُقَاتِلُ عَنْ أَهْلِهِ ، فَوَجَّهَ عَلِيٌّ عليه السلام بالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَلَى ثَغْرِ الرَّيِّ ، فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ عَلِيٌّ عليه السلام بِالْكُوفَةِ لِوَاءَ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ.

انتهى. وعلى هذا فيكون الربيع ـ والعياذ بالله ـ داخلا في جملة المشككين. وأبو الرَّبِيعِ الشامي اسمه خليد بن أوفى (٢). وقولهم « كنت أَرْبَعَ أَرْبَعَةٍ » أي واحدا من أربعة.

وَفِي حَدِيثِ بِنْتِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيَّةِ وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ « تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ ».

قال في شرح ذلك في المغرب : عنى بالأَرْبَعِ عكن وبالثمان أطرافها ، لأن لكل عكنة طرفين إلى جانبها ، ونظير هذا قولهم « تمشي على ست » إذا أقبلت

__________________

(١) انظر رجال الكشي ص ٩٠.

(٢) خليد ـ وقيل خالد وقيل خليل بن أوفى أبو الربيع الشامي المعتزي ، روى عن أبي عبد الله عليه السلام ـ انظر منتهى المقال ص ١٢٧.

٣٣٠

ويعني بالست اليدين والرجلين والثديين والرُّبَعُ كرُطَبٍ : الفصيل ينتج في الربيع ، والجمع رِبَاعٌ وأَرْبَاعٌ مثل رُطَبٍ ورِطَابٍ وأَرْطَابٍ. والرَّبَاعِيَةُ بالفتح : السن التي بين الثنية والناب من كل جانب ، والجمع رَبَاعِيَاتٌ بالتخفيف ، وللإنسان أربع رَبَاعِيَاتٍ. ومنه حَدِيثُ وَصْفِ الْإِمَامِ عليه السلام « يَقَعُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَرَبَاعِيَتَاهُ مِنْ فَوْقٍ وَأَسْفَلَ وَنَابَاهُ وَضَاحِكَاهُ ».

ومِنْهُ « فِي الرَّبَاعِيَةِ مِنْ الْأَسْنَانِ كَذَا ».

والرَّبَاعِيُ من الإبل : ما دخل في السنة السابعة ، لأنه ألقى رباعيته ـ كذا في معاني الأخبار. والأَرْبَعَةُ في عدد المذكر والأَرْبَعُ في عدد المؤنث. و « ارْبَعْ على نفسك » أي ارْفُقْ بنفسك وكُفَّ وتَمَكَّثْ ولا تعجل. والرِّبْعُ في الحُمَّى : أن تأخذ يوما وتدع يومين وتجيء في اليوم الرابع. ورِبْعٌ بالكسر رجل من هذيل. وتَرَبَّعَ في جلوسه : جلس مُتَرَبِّعاً ، وهو أن يقعد على وركيه ويمد ركبته اليمنى إلى جانب يمينه وقدمه إلى جانب يساره واليسرى بالعكس ـ قاله في المجمع. ومنه الْحَدِيثُ « كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله يَجْلِسُ ثَلَاثاً الْقُرْفُصَاءَ وَعَلَى رُكْبَتَيْهِ وَكَانَ يَثْنِي رِجْلاً وَاحِدَةً وَيَبْسُطُ عَلَيْهَا الْأُخْرَى ، وَلَمْ يُرَ صلى الله عليه وآله مُتَرَبِّعاً قَطُّ » (١).

وما رَوَاهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّهُ رَأَى أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَأْكُلُ مُتَرَبِّعاً.

فيمكن حمله على الضرورة أو بيان الجواز. وتَرْبِيعُ الجنازة : حملها بجوانبها الأربع ، بأن يبدأ بالجانب الأيمن من مقدم السرير فيضعه على كتفه الأيمن ، ثم يضع القائمة اليمنى من عند رجليه على كتفه الأيمن ، ثم يضع القائمة اليسرى من عند رجليه على كتفه الأيسر ، ثم يضع القائمة اليسرى من عند رأسه على كتفه الأيسر ، وهو الذي جاءت به

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ٢٦.

٣٣١

الرواية ، وكان الأكمل في التربيع ما ذكرناه ، والقول باستحباب التَّرْبِيعِ كيفما اتفق لاختلاف الأحاديث في ذلك غير بعيد ، ويكون المراد بالتربيع المعنى اللغوي. ورَبِيعَةُ ومُضَرُ مر القول فيهما والنسبة إليهم رَبَعِيٌ بالتحريك.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ خَلَّى عَلَى جِيرَانِهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ مِثْلَ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ ».

يضرب المثل بهما في الكثرة. و « الأَرْبِعَاءُ » من أيام الأسبوع. والرَّبِيعُ : جدول أو ساقية تجري إلى النخل أو الزرع ، والجمع أَرْبِعَاءُ بكسر الموحدة. ومنه الْحَدِيثُ « لَا تَسْتَأْجِرِ الْأَرْضِ بِالْأَرْبِعَاءِ وَلَا بِالنِّطَافِ. قُلْتُ : وَمَا الْأَرْبِعَاءُ؟ قَالَ : الشِّرْبُ ، وَالنِّطَافُ فَضْلُ الْمَاءِ ».

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ « الْأَرْبِعَاءُ أَنْ يُسَنِّيَ مُسَنَّاةً فَيَحْمِلَ الْمَاءَ وَيَسْقِيَ بِهِ الْأَرْضَ ».

وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُرَبَّعاً ».

أي عاما يغني عن الارتياد. و « الناس يَرْبَعُونَ حيث شاءوا » أي يقيمون ولا يحتاجون إلى الانتقال في طلب الكلإ ، أو يكون من أَرْبَعَ الغيثُ إذا أنبت الربيعَ. وروي الحديث بالياء المثناة من المراعة بفتح الميم ، يقال مكان مريع ، أي خصب. والمَرْبُوعُ : المتوسط ، وهو ما بين الطويل والقصير ومنه الْحَدِيثُ « تَزَوَّجْ مِنَ النِّسَاءِ الْمَرْبُوعَةَ ».

ومنه فِي وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « أَطْوَلُ مِنْ المَرْبُوعِ ».

و « اليَرْبُوعُ » بالفتح واحد اليَرَابِيعِ في البر ، وهو حيوان طويل الرجلين قصير اليدين جدا وله ذنب كذنب الجرذ يرفعه صعدا لونه كلون الغزال.

( رتع )

قوله تعالى : ( أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ) [ ١٢ / ١٢ ] قرئ نَرْتَعْ ونَلْعَبْ بالنون فيهما وبالياء فيهما والجزم ، وقرئ الأول بالنون والثاني بالياء ، وقرئ

٣٣٢

يَرْتَعِ بكسر العين ( وَيَلْعَبْ ) بالياء فيهما والنون من ارتعى يرتعي ويَرْتَعْ بدون الكسر في العين رُتُوعاً أي يتسع في أكل الفواكه ونحوها ، وكذلك بالنون من الرَّتَعَةِ وهي الخصب ، يقال نَرْتَع أي تَرْتَع إبلُنا ، يقال رَتَعَتِ الماشية تَرْتَعُ رُتُوعاً من باب نفع ورِتَاعاً بالكسر أي أكلت ما شاءت ، يقال خرجنا نَرْتَعُ ونَلْعَبُ أي نتنعم ونلهو ، ويقال المراد باللعب هنا اللعب المباح مثل الرمي والاستباق لا مطلق اللعب. ومَنْ يَرْتَعْ حولَ الحِمَى : أي يطوف به ويدور حوله.

( رجع )

قوله تعالى : ( إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ ) [ ٨٦ / ٨ ] أي بعد موته ، وقيل رجعه في الإحليل. قوله : ( وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ) [ ٨٦ / ١١ ] أي ذات المطر عند أكثر المفسرين ، وقيل يعني بالرَّجْعِ شمسها وقمرها ونجومها. قوله : ( فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) [ ٢ / ١٧ ] أي لا ينطقون ( وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) و ( ما ذا يَرْجِعُونَ ) ، أي ما ذا يردون من الجواب. ومنه قوله ( يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ ) [ ٣٤ / ٣١ ] وقيل يتلاومون. والرُّجْعَى : الرجوع ، وكذلك المَرْجِعُ. ومنه قوله : ( إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ ) [ ٦ / ١٤٦ ] قال الجوهري : وهو شاذ لأن المصادر من فَعَلَ يَفْعِلُ يكون بالفتح. قوله : ( ثُمَ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) أي ردده وكرره ( هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ )(١) وليس المراد التثنية كما في قوله : ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) أي مرة بعد مرة ، وليس المراد التثنية.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام قَالَ : قُلْتُ لَهُ يَا أَبَهْ أَلَيْسَ اللهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ؟ فَقَالَ : بَلَى

__________________

(١) الْمَذْكُورِ هُنَا هُوَ آيَتَيْنِ هُمَا قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ )[ ٦٧ / ٣ ـ ٤ ].

٣٣٣

تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً. قُلْتُ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى عليه السلام لِرَسُولِ اللهِ ( ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ )؟ فَقَالَ : مَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ ( إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي ) وَمَعْنَى قَوْلِ مُوسَى ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى ) وَمَعْنَى ( فَفِرُّوا إِلَى اللهِ ) يَعْنِي حُجُّوا إِلَى بَيْتِ اللهِ ، يَا بُنَيَّ الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللهِ فَمَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ فَقَدْ قَصَدَ إِلَى اللهِ وَالْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ فَمَنْ سَعَى إِلَيْهَا فَقَدْ سَعَى إِلَى اللهِ وَقَصَدَ إِلَيْهِ ، وَالْمُصَلِّي مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ فَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ ، وَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَاعاً فِي سَمَاوَاتِهِ فَمَنْ عُرِجَ إِلَى بُقْعَةٍ مِنْهَا فَقَدْ عُرِجَ بِهِ إِلَيْهِ.

وَفِي الْخَبَرِ « سَيَجِيءُ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِي يُرَجِّعُونَ الْقُرْآنَ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ ».

تَرْجِيعُ الصوت ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان آ آ آ آ ، وهذا هو المنهي عنه ، وأما التَّرْجِيعُ بمعنى تحسين الصوت في القراءة فمأمور به ، ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « رَجِّعْ بِالْقُرْآنِ صَوْتَكَ فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ ».

وما رُوِيَ « أَنَّهُ يَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ يُرَجِّعُ فِي قِرَاءَتِهِ ».

ومنه الدُّعَاءُ « اللهُمَّ اجْعَلْهُ لِقُلُوبِنَا عِبْرَةً عِنْدَ تَرْجِيعِهِ ».

والاسْتِرْجِاعُ : ترديد الصوت في البكاء. والتَّرْجِيعُ في الأذان : تكرار الفصول زيادة على الموظف. وقيل هو تكرار التكبير والشهادتين في أول الأذان. والرَّجْعَةُ بالفتح هي المرة في الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدي عليه السلام ، وهي من ضروريات مذهب الإمامية ، وعليها من الشواهد القرآنية وأحاديث اهل البيت عليهم السلام ما هو أشهر من أن يذكر ، حتى أنه

وَرَدَ عَنْهُمْ عليه السلام « مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِرَجْعَتِنَا وَلَمْ يُقِرَّ بِمُتْعَتِنَا فَلَيْسَ مِنَّا ».

وقد أنكر الجمهور حتى قال في النهاية الرَّجْعَةُ مذهب قوم من العرب في الجاهلية وطائفة من فرق المسلمين وأهل البدع والأهواء ، ومن جملتهم طائفة من الرافضة. وفلان يؤمن بالرَّجْعَةِ : أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت.

٣٣٤

وأما الرجْعَةُ بعد الطلاق فتقرأ بالفتح والكسر على المرة والحالة ، وبعضهم يقتصر فيها على الفتح. قال في المصباح وهو الأصح. وطلاق رجْعِيٌ يقرأ بالوجهين أيضا. ورَجَعَ من سفره وعن الأمر يَرْجِعُ رَجْعاً رُجُوعاً ومَرْجِعاً. قال ابن السكيت : هو نقيض الذهاب ، ويتعدى بنفسه في اللغة الفصيحة. قال تعالى : ( فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ ). قال في المصباح : وهذيل تعديه بالألف. ورَجَعْتُ الكلامَ وغيرَهُ : رددته. ورَجَعَ في هبته : إذا أعادها في ملكه.

وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ ».

الرَّجِيعُ هو العذرة والروث لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا ، قيل ويلحق بالرجيع جنس النجس وبالعظم جميع المطعومات ، وعلل العظم بأنه زاد الجن وقيل لأنه يؤكل في الشدائد والرجيع بأنه علف دوابهم. والمُرَاجَعَةُ : المعاودة. واسْتَرْجَعْتُ منه الشيءَ : إذا أخذت منه ما دفعت إليه. واسْتَرْجَعْتُ عند المصيبة : قلت ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، فقولك ( إِنَّا لِلَّهِ ) إقرار منك بالملك ، وقولك ( وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) إقرار منك بإلهلك. والاسْتِرْجَاعُ أيضا : ترديد الصوت في البكاء.

( ردع )

فِي الْحَدِيثِ « الْمُحْرِمَةُ لَا تَلْبَسُ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَاتِ إِلَّا صِبْغاً لَا يَرْدَعُ ».

أي لا يروج عنه الأثر. والرَّدْعُ : الزعفران أو لطخ منه ، أو من الدم وأثر الطيب في الجسد. وثوب رَدِيعٌ : مصبوغ بالزعفران. وثوب مَرْدُوعٌ : مزعفر. ورَادِعٌ ومُرْدَّعٌ كَمُعَظَّم : فيه أثر الطيب ـ قاله في القاموس. ورَدَعْتُهُ عن الشيء رَدْعاً : منعته وزجرته عنه.

وَفِي الْحَدِيثِ « الدُّنْيَا ردع [ رَدِغٌ ] مَشْرَبُهَا ».

أي وحل من الردعة [ الرَّدْغَةِ ].

٣٣٥

والرِّدَاعُ : الطين الرقيق.

( رسع )

فِي الْحَدِيثِ « شِعَارُنَا يَوْمَ الْمُرَيْسِيعِ كَذَا ».

الْمُرَيْسِيعُ مصغر مَرْسُوعٍ بئر أو ماء لخزاعة على يوم من الفرع (١) ، وإليه يضاف غزوة بني المصطلق ، وفيها سقط عقد عائشة ونزلت آية التيمم.

( رصع )

التَّرْصِيعُ : التركيب. وتاج مُرَصَّعٌ بالجواهر ، وسيف مُرَصَّعٌ أي محلى بالرَّصَائِعِ وهي حلي يحلى بها ، الواحدة رَصِيعَةٌ.

( رضع )

قوله تعالى : ( وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ ) [ ٢٨ / ١٢ ] جمع مُرْضِعٍ ، وهي التي تُرْضِعُ الولدَ ، يقال رَضِعَ الصبيُّ من باب تَعِبَ لغة ورَضَاعَةً بفتح الراء ، ورَاضَعْتُهُ مُرَاضَعَةً ورِضَاعاً ورِضَاعَةً بالكسر ـ قاله في المصباح. ويقال امرأة مُرْضِعٌ بلا هاء إذا أريد الصفة مثل حائض وحامل ، فإذا أريد الفعل قالوا مُرْضِعَة بالهاء ، فلذلك قال عز من قائل ( يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ) [ ٢٢ / ٢ ] أي كل مشتغلة بِالْإِرْضَاعِ عما هي مرضعة إياه بالفعل عن إِرْضَاعِهَا إياه ، ولعله تمثيل لشدة الهول فلا تراد الحقيقة.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ » (٢).

ومعناه ـ على ما في الرواية ـ إذا رَضِعَ الصبيُّ حولين كاملين ثم شرب بعد ذلك من امرأة أخرى ما شرب لم يحرم ذلك الرضاع ، لأنه رضاع بعد فطام. وقد تكرر فيه ذكر الرَّضِيعِ ، والمراد به في كلام أكثر الفقهاء من لم يتغذ بالطعام كثيرا بحيث يساوي اللبن ، فلا يضر القليل سواء نقص عن الحولين أو بلغهما. قيل ولا يلحق به الرَّضِيعَةُ في نزح البئر لعدم النص.

__________________

(١) قال في معجم البلدان : كأنه تصغير المرسوع ، وهو الذي انسلقت عينه من السهر ، وهو اسم ماء في ناحية قديد إلى الساحل ـ انظر ج ٥ ص ١١٨.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٤٣.

٣٣٦

وقال ابن إدريس : المراد بالرَّضِيعِ من كان في الحولين وإن اغتذى بالطعام ومن جاوز الحولين نزح لبوله سبع وإن لم يتغذ بالطعام.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَلَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْراً فَأَتَمَّ اللهُ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ ».

( رعع )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « وَسَائِرُ النَّاسِ هَمَجٌ رَعَاعٌ » (١).

الرَّعَاعُ كسَحَاب : العوام والسفلة وأمثالهم ، الواحد رَعَاعَة.

وَمِنْهُ « أَنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ ».

أي أسقاطهم وأخلاطهم. وتَرَعْرَعَ الصبيُّ : تحرك ونشأ. ومنه الْحَدِيثُ « فَلَمَّا تَرَعْرَعْتُ وَكَبِرْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ».

أي تحركتُ ونشأتُ.

( رفع )

قوله تعالى : ( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) [ ٥٦ / ٣٤ ] قيل أراد نساء أهل الجنة ذوات الفرش المرفوعة. ومَرْفُوعَةٌ : رفعت بالجمال عن نساء أهل الدنيا. وقيل ( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) أي مقربة لهم ، ومنه قولهم « رَفَعْتُهُ إلى السلطان ». وعن الفراء ( فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) أي بعضها فوق بعض. وقيل نساء مكرمات ، من قولك « والله يَرْفَعُ من يشاء ويخفض ». قوله : ( وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ) [ ٢ / ٦٣ ] قال الشيخ أبو علي : وذلك أن موسى جاءهم بالألواح فرأوا ما فيها من التكاليف الشاقة فأبوا قبولها ، فأمر جبرئيل فقلع الطور من أصله ورَفَعَهُ فوقهم وقال لهم موسى : إن قبلتم وإلا ألقي عليكم حتى قبلوا وسجدوا لله ملاحظين إلى الجبل فمن ثم تسجد اليهود على أحد شقي وجوههم. قوله : ( وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ) [ ١٩ / ٥٧ ] المكان العلي شرف النبوة والقربة لله. وقيل لأنه رفع إلى السماء الرابعة أو السادسة. قوله : ( وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) [ ٣٥ / ١٠ ] الضمير إما أن يعود إلى

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ١٨٦.

٣٣٧

العمل الصالح أي يتقبله ، وإما إلى الكلم الطيب أي العمل الصالح يرفع الكلم الطيب ، وقيل هو من باب القلب أي الكلم الطيب يرفع العمل الصالح. قوله : ( وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ) [ ٥٢ / ٥ ] المراد به السماء. وفي الحديث تكرر ذكر الرَّفْعِ وهو خلاف الوضع ، يقال رَفَعْتُهُ فَارْتَفَعَ ، والفاعل رَافِعٌ. و « رَفَعَ الله عمله » قبله. ورَفَعَ يده في الركوع والسجود : أي خضع وتذلل لله ، وقد تقدم القول فيه في « عبد ». والرَّفْعُ في الأجسام حقيقة في الحركة والانتقال ، وفي المعاني محمول على ما يقتضيه المقام.

وَمِنْهُ « رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ ، وَالنَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَالْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ ».

والقلم لم يوضع على الصغير ولا المجنون ولا النائم وإنما معناه لا تكليف فلا مؤاخذة ، وقيل المراد برَفْعِ القلم عدم المؤاخذة في الآخرة ، بمعنى أنه لا إثم عليهم بما يأتونه من الأفعال المخالفة للشرع ، وليس المراد رفع غرامات المتلفات أو تخصيص الحديث بالعبادات ويصير المعنى لا تجب عليهم العبادات.

وَمِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ « يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ ».

وذلك تنزيها لنفسه عن رذيلة الكبر. والرَّفْعُ في الإعراب كالضم في البناء وهو من أوضاع النحويين. و « الرَّافِعُ » من أسمائه تعالى ، وهو الذي يرفع المؤمنين بالإسعاد وأولياءه بالتقريب ، وهو ضد الخفص. والرَّفِيعُ : الشريف ، ومنه الدرجات الرَّفِيعَةُ ، والبيت الرَّفِيعُ. ورَفُعَ رِفْعَةً : ارْتَفَعَ قدرُه. ورَفُعَ الثوبُ فهو رَفِيعٌ : خلاف غَلُظَ. ورَافَعْتُهُ إلى الحاكم : قربته إليه. ومنه « تَرَافَعْتُ إليه ».

( رقع )

الرُّقْعَةُ بالضم : الخرقة التي يُرْقَعُ فيها الثوب ، يقال رَقَعْتُ الثوبَ رَقْعاً من باب نَفَعَ : إذا جعلت مكان القطيع خرقة

٣٣٨

واسمها رُقْعَةٌ وجمعها رِقَاعٌ كبُرْمَةٍ وبِرَامٍ. ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « وَلَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي » (١).

إلخ ، وقد مر. والرُّقْعَةُ أيضا واحدة الرِّقَاعِ التي يكتب فيها. ومنها استخارة ذات الرِّقَاعِ.

وَغَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ مَشْهُورَةٌ ، وَهِيَ غَزْوَةٌ غَزَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ غَطَفَانَ فَخَافَ الْجَمْعَانِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله صَلَاةَ الْخَوْفِ.

وسميت الغزوة غزوة ذات الرِّقَاعِ لوجوه : قيل لأنهم كانوا يلفون على أرجلهم الخرق من شدة الحر أو يعصبونها من حيث تنصب أقدامهم من المشي ، وقيل لأن الأرض التي التقوا فيها كانت قطعا بيضاء وحمراء وسوداء كالرِّقَاعِ المختلفة الألوان. وقيل لأنهم رَقَعُوا راياتِهِم فيها ، وقيل هي اسم شجرة بذلك الموضع ، وقيل اسم جبل قريب من المدينة فيه بقع حمر وسود وبيض (٢). ويقال للواهي العقل رَقِيعٌ تشبيها بالثوب الخلق ، كأنه رُقِعَ.

( ركع )

قوله تعالى : ( وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) [ ٢ / ٤٣ ] أي مع المسلمين ، لأن اليهود لا ركوع لهم ، قيل الأولى حمل الآية على الأمر بصلاة الجماعة ، فتكون إما وجوبا كما في الجمعة والعيدين أو استحبابا كما في باقي الصلوات الواجبة ، وهو قول أكثر المسلمين ، وقول أحمد بوجوبها على الكفاية محتجا بأنه صلى الله عليه وآله توعد جماعة تركوها بإحراق

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٧٦.

(٢) قال في معجم البلدان ج ٣ ص ٥٦ : والأصح أنه موضع لقول دعثور « حتى إذا كنا بذات الرقاع » ... وقال الواقدي : ذات الرقاع قريبة من النخيل بين السعد والشقرة وبئرار ما على ثلاثة أميال من المدينة ، وهي بئر جاهلية ... وقال نصر : ذوات الرقاع مصانع بنجد تمسك الماء لبني أبي بكر بن كلاب ، ووادي الرقاع بنجد أيضا.

٣٣٩

بيوتهم لا يدل على مطلوبه لاحتمال اعتقادهم عدم المشروعية ، أو إصرارهم على ترك السنن ، أو على شدة الاستحباب الذي لا نزاع فيه. قوله : ( وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ) [ ٣ / ٤٣ ] قيل أمرت بالصلاة في الجماعة بذكر أركانها مبالغة في المحافظة عليها. والرُّكُوعُ لغة : الانحناء ، يقال رَكَعَ الشيخُ أي انحنى من الكِبَر. وفي الشرع انحناء مخصوص. والرَّاكِعُ : هو الفاعل لذلك. وقد يتجوز بالرُّكُوعِ عن الصلاة كما نص عليه البعض.

قَوْلُهُ : « وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ السَّجْدَةَ » (١).

أي من أدرك الركوع فقد أدرك السجدة ، أي الرَّكْعَةَ.

( رمع )

فِي الْحَدِيثِ « أَوَّلُ مَنْ رَدَّ شَهَادَةَ الْمَمْلُوكِ رُمَعُ ، وَأَوَّلُ مَنْ أَعَالَ الْفَرَائِضِ رُمَعُ ».

والكلمة مقلوبة فلا تغفل (٢).

( روع )

قوله تعالى : ( فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ ) [ ١١ / ٧٤ ] الرَّوْعُ بالفتح فالسكون الفزع ، يقال رَاعَنِي الشيءُ من باب قال أفزعني ، ورَوَّعَنِي مثله. ورُعْتُ فلانا : أفزعته.

وَمِنْهُ « لَا يُرَوِّعُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالنَّارِ وَلَا يُصِيبُهُمْ مِنْهُ فَزَعٌ ».

ومنه « آمن رَوْعَتِي » ، وجمع الرَّوْعَةِ رَوْعَاتٌ. وقولهم « لا تُرَعْ » على بناء المجهول أي لا تخف ولا يلحقك خوف ، ويجيء الرَّوْعُ للإعجاب ، يقال رَاعَنِي الشيءُ : أعجبني. والرُّوْعُ بالضم فالسكون : العقل والقلب ، يقال وقع ذلك في رُوعِي أي في خلدي وبالي ، ومنه حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله « إِنْ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ

__________________

(١) الْكَافِي ج ٣ ص ٢٨٢.

(٢) أَيُّ مَقْلُوبَةً عَنْ اسْمُ عُمَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٍ بِلَا قَلْبِ فِي عِدَّةٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ انْظُرْ الْكَافِي ج ٧ ص ٣٩٠ وَمَنْ لَا يَحْضُرَ ج ٣ ص ٣٠.

٣٤٠