مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

كتاب الظاء

٢٨١
٢٨٢

باب ما أوله الباء

( بهظ )

بَهَظَه الحمل يَبْهَظُه بَهْظاً : أثقله وعجز عنه ، فهو مَبْهُوظٌ. وأَبْهَظَنِي : أثقلني. وهذا أمر بَاهِظٌ : أي شاق.

باب ما أوله الحاء

( حظظ )

قوله تعالى : ( إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) [ ٢٨ / ٧٩ ] أي نصيب واف. ومثله قوله تعالى : ( نَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) [ ٥ / ١٣ ] أي نصيبا وافيا ، والجمع حظوظ

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ أَرَادَ بِالْعِلْمِ الدُّنْيَا فَهُوَ حَظُّهُ ».

أي نصيبه وليس له حظ في الآخرة. ومثله « مِنْ أَنْشَدَ شَعْراً يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ حَظُّهُ ».

وقيل في معناه أي يحبط ثواب أعماله في ذلك اليوم ، ولعله شعر خاص. ومثله « مِنْ أَتَى الْمَسْجِدِ لِشَيْءٍ فَهُوَ حَظُّهُ ».

أي إن أتاه لعبادة فله الثواب ، وإن أتاه لشغل دنيوي لا يحصل له إلا ذاك.

( حفظ )

قوله تعالى : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) [ ٢ / ٢٣٨ ] الْمُحَافَظَة على الصلاة المواظبة عليها والمراقبة لها وشدة الاعتناء بها وعدم تضييعها في أوقاتها ، وتخصيص الصلاة الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها مع أنها داخلة في الصلوات لاختصاصها بمزيد فضل يقتضي رفع شأنها ، وإفرادها بالذكر كإفراد النخل والرمان عن الفاكهة وجبرئيل عن الملائكة.

٢٨٣

قوله : ( ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ) [ ٦ / ١٠٤ ] أي لست أنا الرقيب على أعمالكم. قوله : ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ ) [ ٨٢ / ١٠ ] الآية.

قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللهُ : مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَلَهُ مَلَكَانِ مُوَكَّلَانِ يَكْتُبَانِ عَلَيْهِ جَمِيعَ أَعْمَالِهِ ، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلْهَا وَإِنْ عَمِلَهَا أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنْ تَابَ قَبْلَهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ ، وَالْمَلَكَانِ يَكْتُبَانِ عَلَى الْعَبْدِ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى يَكْتُبَانِ النَّفْخَ فِي الرَّمَادِ ، وَالرَّجُلُ الْمُسْلِمُ يُكْتَبُ مُحْسِناً مَا دَامَ سَاكِتاً فَإِذَا تَكَلَّمَ كُتِبَ إِمَّا مُحْسِناً أَوْ مُسِيئاً ، وَمَوْضِعُ الْمَلَكَيْنِ مِنِ ابْنِ آدَمَ التَّرْقُوَتَانِ ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْيَمِينِ يُكْتَبُ الْحَسَنَاتُ وَصَاحِبَ الشِّمَالِ يُكْتَبُ السَّيِّئَاتُ ، وَمَلَكَا النَّهَارِ يَكْتُبَانِ عَمَلَ الْعَبْدِ بِالنَّهَارِ وَمَلَكَا اللَّيْلِ يَكْتُبَانِ عَمَلَ اللَّيْلِ.

قوله : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) [ ١٥ / ٩ ] قال المفسر هذا رد لإنكارهم واستهزائهم في قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ ) ولذلك قال ( إِنَّا ) فأكد عليهم أنه هو المنزل للقرآن على القطع والثبات وأنه حافظه من كل زيادة ونقصان وتغيير وتحريف ، بخلاف الكتب المتقدمة فإنه لم يتعهد بحفظها وإنما استحفظها الربانيين ولم يكل القرآن إلى غير حفظه. وعن الفراء : يجوز أن يكون الضمير في ( لَهُ ) لرسول الله كقوله ( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ).

قَوْلِهِ : ( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ ) [ ٢٣ / ٩ ] وَقَوْلِهِ ( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) قَالَ عليه السلام : « الْمُرَادُ بِالْأُولَى الْفَرِيضَةُ وَبِالثَّانِيَةِ النَّافِلَةُ » (١).

قيل : وفي الآية دلالة على أن المؤمن لا يجوز أن يكون مؤمنا ببعض ما أوجب الله عليه دون بعض ، وفيه دلالة على عظم قدر الصلاة ومنزلتها لأنه تعالى خصها

__________________

(١) البرهان ج ٣ ص ١٠٩.

٢٨٤

بالذكر من بين سائر الفرائض ، ونبه على أن من كان مصدقا بالقيامة وبالنبي صلى الله عليه وآله لا يخل فيها ولا يتركها. قوله : ( سَقْفاً مَحْفُوظاً ) [ ٢١ / ٣٢ ] أي الذي حُفِظَ من الشياطين وحجب عنهم.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَتِ الشَّيَاطِينُ لَا تُحْجُبُ عَنْ السَّمَاوَاتِ ، وَكَانُوا يَتَخَبَّرُونَ أَخْبَارَهَا ، فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى عليه السلام مُنِعُوا مِنْ ثَلَاثَ سَمَاوَاتٍ ، فَلَمَّا وُلِدَ مُحَمَّدُ صلى الله عليه وآله مُنِعُوا مِنْ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا ، فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَسْتَرِقُّ السَّمْعَ إِلَّا رُمِيَ بِشَهَابٍ.

فذلك معنى قوله تعالى : ( وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ ) قوله : ( وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) [ ٦ / ٦١ ] الحَفَظَةُ بالتحريك : الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم. قال المفسر : وفي هذا لطف للعباد ليزجروا عن المعاصي إذا علموا أن عليهم حفظة من عند الله يشهدون عليهم يوم القيامة. والحَفِيظُ : الحَافِظُ. واسْتَحْفَظْتُهُ الشيء : سألته أن يحفظه وقيل استودعته إياه ، وبالقولين فسر قوله : ( بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ ) [ ٥ / ٤٤ ]. ويقال اسْتُحْفِظُوا : أمروا بِحِفْظِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورُ « مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثاً بَعَثَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقِيهاً عَالِماً » (١).

قال بعض الأفاضل : الْحِفْظُ بالكسر فالسكون مصدر قولك « حَفِظْتُ الشيء » من باب علم ، وهو الْحِفَاظَةُ عن الاندراس ، ولعله أراد بالحديث هنا ما يعم الْحِفْظَ عن ظهر القلب والكتاب والنقل بين الناس ولو من الكتاب ، وهذا أظهر الاحتمالات في هذا المقام ، و « على » في قوله « على أمتي » بمعنى اللام ، أي لأمتي ، وقيل أراد بالحفظ ما كان عن ظهر القلب ، لما نقل من أن ذلك هو المتعارف المشهور في الصدر السالف لا غير حتى قيل إن تدوين الحديث من المستحدثات المتجددة في المائة الثانية من الهجرة ، والظاهر من ترتب الجزاء كما قيل على

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص ٢٨٦.

٢٨٥

مجرد حِفْظِ الحديث ، وأن معناه غير شرط في حصول الثواب ، فإن حفظ الحديث كحفظ ألفاظ القرآن ، وقد دعا صلى الله عليه وآله لناقل الحديث وإن لم يكن عالما بمعناه في

قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله « رَحِمَ اللهُ امرأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى أَفْقَهَ مِنْهُ ».

وهل يصدق على من حفظ حديثا واحدا يتضمن أربعين حديثا كل يستقل بمعناه أنه حفظ الأربعين؟ احتمالان ، والقول به غير بعيد (١) ويتم الكلام في بقية الحديث في محله إن شاء الله تعالى. والحِفْظُ : ضد النسيان ، واحْتَفَظْتُهُ وحَفِظْتُهُ بمعنى ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « احْتَفِظُوا بِكُتُبِكُمْ ».

والتَّحَفُّظُ : التيقظ والتحرز وقلة الغفلة. ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « إِنْ أُسْعِدَ الْقَلْبُ بِالرِّضَا نَسِيَ التَّحَفُّظَ ».

يعني في الأمور. والحَفِيظَةُ : الغضب والحمية. ومنه الْحَدِيثُ « مِنْ دَعَائِمِ النِّفَاقِ الْحَفَظَةُ ».

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ صَلِّ عَلَى الْمُسْتَحْفَظِينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله ».

قرئت بوجهين : بالبناء للفاعل والمعنى اسْتُحْفِظُوا الأمانة أي حفظوها ، والبناء للمفعول والمعنى استحفظهم الله إياها ، والمراد بهم الأئمة من اهل البيت عليهم السلام لأنهم حفظوا الدين والشريعة.

وَرُوِيَ « أَنَّهُمْ سُمَّوْا مُسْتَحْفِظِينَ لِأَنَّهُمْ اسْتُحْفِظُوا الِاسْمَ الْأَكْبَرَ ».

وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شيء الذي كان مع الأنبياء الذي قال تعالى : ( رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ ) و ( أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ ) فالكتاب الاسم الأكبر.

__________________

(١) هذا الكلام بطوله مع بسط أكثر مذكور في سفينة البحار ج ١ ص ٢٨٦ فراجعه.

٢٨٦

باب ما أوله الشين

( شظظ )

فِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ بِلُقَطَةِ الْعَصَا وَالشِّظَاظِ وَالْوَتِدِ ».

الشِّظَاظُ : عود يشد به الجوالق ، ومنه قولهم « شَظَظْت الجوالق » إذا شددت عليه شِظَاظَهُ ، والجمع أَشِظَّةُ.

( شوظ )

قوله تعالى : ( يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ ) [ ٥٥ / ٣٤ ] هو بالضم اللهب من النار الذي لا يخالطه دخان.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ سَاقَهُمْ شُوَاظٌ إِلَى الْمَحْشَرِ.

باب ما أوله العين

( عكظ )

« عُكَاظ » اسم سوق للعرب بناحية مكة ، كانوا يجتمعون به في كل سنة فيقيمون شهرا يتبايعون به ويتناشدون الأشعار ويتفاخرون ، وكل متاع فاخر يباع في ذلك الشهر هناك وينقل إلى أطراف الأرض ، وينسب إليه فيقال أديم عُكَاظِي ، فلما جاء الإسلام هدم ذلك السوق (١).

__________________

(١) قال الأصمعي : عكاظ نخل في واد بينه وبين الطائف ليلة وبينه وبين مكة ثلاث ليال ، وبه كانت تقام سوق العرب بموضع منه يقال له الأثيداء ، وبه كانت أيام الفجار ، وكان هناك صخور يطوفون بها ويحجون إليها. قال الواقدي : عكاظ بين نخلة والطائف وذو المجاز خلف عرفة ومجنة بمر الظهران ، وهذه أسواق قريش والعرب ولم يكن فيه أعظم من عكاظ. قالوا : كانت العرب تقيم بسوق عكاظ شهر شوال ثم تنتقل إلى سوق مجنة فتقيم فيه عشرين يوما من ذي القعدة ثم تنتقل إلى سوق ذي المجاز فتقيم فيه إلى أيام الحج معجم البلدان ج ٣ ص ١٤٢.

٢٨٧

باب ما أوله الغين

( غلظ )

قوله تعالى : ( وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ ) [ ١٤ / ١٧ ] أي ومن بين يديه عذاب أشد مما قبله وأَغْلَظ. قوله : ( وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) [ ٩ / ٧٣ ] كان المراد شدد عليهم. قوله : ( فَاسْتَغْلَظَ ) [ ٤٨ / ٢٩ ] أي اشتد زرعه. وغَلُظَ الشيء بالضم يَغْلُظُ غِلَظاً : خلاف دق ، والاسم الغِلَظُ بالكسر. ومنه الْحَدِيثُ فِي وَصْفِ عَلِيِّ عليه السلام « كُنْتُ عَلَى الْكَافِرِينَ غِلْظَةً وَغَيْظاً ».

أي شدة وقلة رحمة. وأَغْلَظَ له في القول إِغْلاظاً : عنفه. وغَلَّظْتُ عليه في اليمين تَغْلِيظاً : شددت ووكدت. واسْتَغْلَظْتَ الشيء : رأيته غَلِيظاً.

( غيظ )

قوله تعالى : ( تَغَيُّظاً وَزَفِيراً ) [ ٢٥ / ١٢ ] التَّغَيُّظُ : الصوت الذي يهمهم به المُغْتَاظُ ، والزفير صوت يخرج من الصدر. وعن ابن عرفة : أي من شدة الحريق يقال تَغَيَّظَتِ الهاجرة إذا اشتد حميمها ، فكان المراد بالتَّغَيُّظِ الغليان. قوله : ( مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ) [ ٣ / ١١٩ ] هو مصدر من غَاظَهُ الأمر من باب سار. قوله : ( هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ ) [ ٢٢ / ١٥ ] أي غيظه. والغَيْظُ : الغضب المحيط بالكبد ، وغَاظَهُ فهو مَغِيظٌ. وعن ابن السكيت ولا يقال أغاظه. واغْتَاظَ فلان من كذا ، ولا يكون الغيظ إلا بوصول مكروه إلى المُغْتَاظِ.

٢٨٨

باب ما أوله الفاء

( فظظ )

قوله تعالى : ( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ ) [ ٣ / ١٥٩ ] هما بمعنى السيء الخلق القاسي القلب. وفَظَّ يَفَظُّ من باب تعب فَظَاظَة : إذا غلظ.

( فيظ )

« فَاظَتْ نفسه » أي خرجت روحه. ونقل عن الأصمعي عن أبي عمرو العلا أنه يقول : لا يقال فاظت نفسه ولكن يقال فَاظَ إذا مات ، وقد تقدمت الكلمة في كتاب الضاد.

باب ما أوله القاف

( قرظ )

فِي الْخَبَرِ « أُتِيَ بِهَدِيَّةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ ».

أي مدبوغ بالقرظ. والقَرَظُ بالتحريك : ورق السلم يدبغ به الأديم. قال الجوهري : وكبش قَرَظِيّ منسوب إلى بلاد القَرَظِ وهي اليمن لأنها منابت القرظ (١).

وَ « سَعْدُ الْقَرَظِ » مُؤَذِّنٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : كَانَ بِقُبَاءَ فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرَ أَنْزَلَهُ الْمَدِينَةَ فَوُلْدُهُ إِلَى الْيَوْمِ يُؤَذِّنُونَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ.

قال : و « قُرَيْظَةُ » كجهينة والنضير

__________________

(١) وقال في معجم البلدان ج ٤ ص ٣٢٥ : القرظ بالتحريك وآخره ظاء معجمة ، وهو ورق شجر يقال له السلم يدبغ به الأدم ، وذوقرظ ويقال له ذوقريظ موضع باليمن عن الأزهري.

٢٨٩

حي من يهود خيبر ، وقد دخلوا في العرب على نسبهم إلى هارون أخي موسى.

( قيظ )

القَيْظُ : صميم الصيف ، وهو على ما قيل من طلوع الثريا إلى طلوع سهيل ، والجمع أَقْيَاظ وقُيُوظ. وقَاظَ يوما : اشتد حره. وقَاظَ بالمكان قَيْظاً من باب باع : أقام به أياما.

باب ما أوله الكاف

( كظظ )

فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْإِنْسَانِ « إِنْ أَفْرَطَ فِي الشِّبَعِ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ » (١).

أي بهضته والكِظَّة بالكسر : شيء يعتري الإنسان من الامتلاء من الطعام حتى لا يطيق التنفس ، ومنه قولهم « كَظَّ الطعام فاكْتَظَّ ». وكَظَّهُ الأمر كَظّاً : بهضه وأجهده وشق عليه.

باب ما أوله اللام

( لحظ )

فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ صلى الله عليه وآله « جُلُّ نَظَرِهِ المُلاحَظَةُ ».

وهي النظر بمؤخر العين مما يلي الصدغ ، يقال لَحَظَهُ ولَحَظَ إليه : نظر إليه بمؤخر عينيه.

وَمِنْهُ « فَلَحَظَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ».

واللَّحَاظُ بالفتح مؤخر العين ، وبالكسر مصدر لاحَظْتَهُ : إذا رعيته.

( لفظ )

قوله تعالى ( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ) [ ٥٠ / ١٨ ] أي لا يتكلم به ، يقال لَفَظَ بكلام حسن وتَلَفَّظَ به تكلم كذلك.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ١٧٥.

٢٩٠

وَفِي الْحَدِيثِ « اذْكُرُوا اللهَ عَلَى الطَّعَامِ وَلَا تَلْفِظُوا فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ » (١).

قيل إنه مضارع محذوف منه إحدى التاءين ، والمعنى لا تتكلموا وتصوتوا بغير ذكر الله ، فإنه نعمة من نعم الله ومقتضاها الشكر وعدم الغفلة عن ذكر المنعم. ولَفَظْتُ الشيء من فمي أَلْفِظُهُ لَفْظاً من باب ضرب : رميت به. ومثله « لَفَظَهُ البحر » و « لَفَظَ ريقه » وذلك الشيء لُفَاظَةٌ ولَفَظَتِ الميتَ الأرضُ : أي قذفته من بطنها. واللَّفْظُ واحد الأَلْفَاظ ، وهو في الأصل مصدر

( لمظ )

فِي الْحَدِيثِ « الْإِيمَانُ يَبْدُو لُمْظَةً فِي الْقَلْبِ كُلَّمَا ازْدَادَ الْإِيمَانُ ازْدَادَتْ اللُّمْظَةُ » (٢).

قال بعض الشارحين : اللُّمْظَةُ مثل النكتة ونحوها من البياض ، ومنه قيل فرس أَلْمَظ : إذا كان بجحفلته شيء من البياض. وقَوْلِهِ : « الْإِيمَانُ يَبْدُو لُمْظَةً ».

تقديره علامة الإيمان تبدو كنكتة بياض في قلب من آمن أول مرة ، ثم إذا أقر باللسان ازدادت تلك النكتة ، وإذا عمل بالجوارح عملا صالحا ازدادت تلك وهكذا ، فلا بد من إضمار المضاف على ما قدرناه ، لأن الإيمان هو التصديق بالله وبرسوله في جميع الأوامر والنواهي ، وذلك لا يتصور فيه الازدياد. ولَمَظَ يَلْمُظُ بالضم لَمْظاً : إذا تتبع بلسانه بقية الطعام في فمه أو أخرج لسانه فمسح به شفتيه ، وكذلك التلمظ.

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١١.

(٢) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢١٣.

٢٩١

باب ما أوله الميم

( مظظ )

فِي الْحَدِيثِ « إِيَّاكُمْ وَمُمَاظَّةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ ».

أي منازعتهم ، يقال مَاظَظْتُ الرجل مُمَاظَةً ومُظَاظاً : شاررته ونازعته. ومنه « تَمَاظَّ القوم » إذا تنازعوا. ومُمَاظَةُ العدو : منازعته.

باب ما أوله النون

( نعظ )

فِي الْحَدِيثِ « لَيْسَ فِي الْإِنْعَاظِ وُضُوءٌ ».

هو الشبق بالتحريك ، يقال نَعَظَ الذكر من باب نفع : إذا انتشر وأَنْعَظَهُ صاحبه. وأَنْعَظَ الرجل : إذا اشتهى الجماع.

باب ما أوله الواو ( وعظ )

قوله تعالى : ( مَوْعِظَةً ) [ ٢ / ٦٦ ] أي تخويف بسوء العاقبة. قوله : ( الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) [ ١٦ / ١٢٥ ] قيل هي القرآن.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَجْعَلَنِي عِظَةً لِغَيْرِي ».

أي موعظة بأن يتعظ بي. والمَوْعِظَةُ أيضا : عبارة عن الوصية بالتقوى والحث على الطاعات والتحذير عن المعاصي والاغترار بالدنيا وزخارفها ونحو ذلك. والوَعْظُ : النصح والتذكير بالعواقب ، تقول وَعَظْتُهُ وَعْظاً وعِظَةً فاتَّعَظَ أي قبل الموعظة.

٢٩٢

و « لأجعلنك عظة لغيرك » أي موعظة وعبرة لغيرك.

( وكظ )

المُوَاكَظَةُ : المداومة على الأمر. قال الجوهري : وقوله تعالى : ( إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ) قال مجاهد : أي مُوَاكِظاً.

باب ما أوله الياء

( يقظ )

أَيْقَظْتُ الرجل من نومه : أي نبهته فَتَيَقَّظَ واسْتَيْقَظَ ، فهو يَقْظَانُ ، والاسم الْيَقْظَةُ. ورجل يَقِظٌ : أي مُتَيَقِّظٌ حذر.

٢٩٣
٢٩٤

كتاب العين

٢٩٥
٢٩٦

باب ما أوله الألف

( إمع )

الإِمَّعَةُ بكسر الهمزة والتشديد في الميم : الذي لا رأي له ، فهو يتابع كل أحد على رأيه ، والهاء للمبالغة ، ويقال فيه إِمَّعٌ أيضا ، وهمزته أصلية. ومنه الْخَبَرُ « كُنَّ عَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً وَلَا تَكُنْ إِمَّعَةً ».

ورجل إِمَّعٌ وإِمَّعَةٌ : ضعيف الرأي.

باب ما أوله الباء

( بتع )

فِي الْخَبَرِ « سُئِلَ عَنْ الْبِتْعُ؟ فَقَالَ : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ».

البِتْعُ بكسر الموحدة وإسكان الفوقانية وبالمهملة : نبيذ العسل وهو خمر أهل اليمن ، وقد تحرك التاء كعنب. و « أَبْتَعُ » كلمة يؤكد بها.

( بجع )

البُجْعَةُ بالضم : طلب الكلاء من مواضعه. ومنه حَدِيثُ « الدُّنْيَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ وَلَيْسَتْ بِدَارِ بُجْعَةٍ ».

أي مرعى.

( بخع )

قوله تعالى : ( فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ ) [ ١٨ / ٦ ] أي قاتل نفسك بالغم والوجد عليهم ، هو من قولهم بَخَعَ نفسه بَخْعاً : أي قتلها غما ووجدا. وبَخَعَ بالحق بُخُوعاً كمنع : أقر به وخضع له ، وكذلك بَخِعَ بالكسر بُخُوعاً وبَخَاعَةً.

وَفِي الْخَبَرِ « أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَرَقُ

٢٩٧

قُلُوباً وَأَبْخَعُ طَاعَةً ».

أي أبلغ وأنصح في الطاعة من غيرهم « كأنهم بالغوا في بَخْعِ أنفسهم » أي قهرها وإذلالها بالطاعة. قال الزمخشري في الفائق : وهو من بَخَعَ الذبيحة : إذا بالغ في ذبحها ، وهو أن يقطع عظم رقبتها ويبلغ بالذبح البِخَاعَ بالباء ، وهو العرق الذي في الصلب ، والنخع بالنون دون ذلك ، وهو أن يبلغ بالذبح النخاع وهو الخيط الأبيض الذي يجري في الرقبة ، هذا أصله ثم كثر حتى استعمل في كل مبالغة.

( بدع )

قوله تعالى : ( ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ ) [ ٤٦ / ٩ ] أي ما كنت بدءا من الرسل ، أي ما كنت أول من أرسل من الرسل قد كان قبلي رسل كثيرة. قوله : ( وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ) [ ٥٧ / ٢٧ ] أي أحدثوها من عند أنفسهم وقد تقدم في كتب ما يتم به الكلام. قوله : ( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) [ ٢ / ١١٧ ] أي مُبْدِعُهُمَا وموجد لهما من غير مثال سابق. ونوقش بأن فعيل بمعنى مفعل لم يثبت في اللغة ، وإن ورد فيها فشاذ لا يقاس عليه. وأجيب بأن الإضافة فيه إضافة الوصف بحال المتعلق ، فهي من قبيل حسن الغلام : أي إن السماوات والأرض بَدِيعَةٌ أي عديمة النظير. و « البَدِيعُ » من أسمائه تعالى ، وهو الذي فطر الخلق مُبْدِعاً لا على مثال سبق. وبَدِيعُ الحكمة : غرائبها. ومنه الْحَدِيثُ « رَوِّحُوا أَنْفُسَكُمْ بِبَدِيعِ الْحِكْمَةِ فَإِنَّهَا تَكِلُّ كَمَا تَكِلُّ الْأَبْدَانُ ».

والبَدِيعُ : المُبْتَدَعُ بالفتح ، ومنه شيء بَدِعَ بالكسر أي مبتدع.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَلَا بِبِدْعٍ مِنْ وَلَايَتِكَ ».

هو بإسكان الدال ، والمراد أن العطية التي لا يحتاج معها إلى غيرك ليست أمرا بعيدا غريبا لم يعهد مثله من ولايتك بفتح الواو أي من إمدادك وإعانتك ، « ولا ينكر » أي منكر ومستبعد ذلك. و « البِدْعَةُ » بالكسر فالسكون الحدث في الدين ، وما ليس له أصل في

٢٩٨

كتاب ولا سنة ، وإنما سميت بدعة لأن قائلها ابتدعها هو نفسه ، والبِدَعُ بالكسر والفتح جمع بِدْعَة. ومنه الْحَدِيثُ « مَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثاً فَقَدْ أَبْدَعَ ».

أي فعل خلاف السنة ، لأن ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله فهو بدعة. قال بعض شراح الحديث : البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار ، وما كان تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه أو رسوله فهو في حيز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله قَدْ جَعَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ثَوَاباً فَقَالَ : « مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا ».

وقَالَ فِي ضِدَّهِ « مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا ».

وذلك إذا كان على خلاف ما أمر الله به ورسوله.

( برع )

التَّبَرُّعُ : التطوع. ومنه فعلت كذا مُتَبَرِّعاً : أي متطوعا وبَرَعَ الرجل يَبْرَعُ بفتحتين ، وبَرُعَ بَرَاعَةً وزان ضخم ضخامة : فاق أصحابه في العلم وغيره ، فهو بَارِعٌ.

( برذع )

« البَرْذَعَةُ » بالذال والدال : الحلس الذي يلقى تحت الرحل والجمع البَرَاذِعُ. هذا في الأصل وفي عرف زماننا هي للحمار ما يركب عليه بمنزلة السرج للفرس.

( برقع )

البُرْقُعُ للدواب ونساء الأعراب. قال الجوهري : وكذلك البُرْقُوعُ.

( بشع )

فِي الْخَبَرِ « كَانَ صلى الله عليه وآله يَأْكُلُ الْبَشِعَ ».

أي الخشن من الطعام الكريه الطعم. وشيء بَشِعٌ : أي كريه الطعم والرائحة يأخذ بالحلق ، بيّن البَشَاعَة ، يريد أنه لم يكن يذم طعاما.

٢٩٩

وبَشِعَ الرجل من باب تعب بَشَاعَة : إذا ساء خلقه في عشيرته.

( بضع )

قوله تعالى : ( اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ ) [ ١٢ / ٦٢ ] البِضَاعَة بكسر الباء قطعة من المال ، والمراد بها هنا التي شروا بها الطعام ، وكانت على ما نقل نعالا وأدما. قوله : ( فِي بِضْعِ سِنِينَ ) [ ١٢ / ٤٢ ] البِضْع بالكسر وقد يفتح ، يقال لما بين الثلاثة إلى التسع ، وقيل ما بين الثلاثة إلى العشرة ، وهو قطعة من العدد يستوي فيه المذكر والمؤنث من الأربعة إلى التسعة ، تقول بِضْعُ رجال وبِضْعُ سنين ولا يستوي من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر فتقول بِضْعَةَ عشر رجلا وبِضْعَ عشرة امرأة ، وأصح الأقوال أن يوسف عليه السلام لبث في السجن سبع سنين عدد حروف الكلمتين. وجمع البضع [ البَضْعَةِ ] بَضْع وبَضَعَات كتَمْر وتَمَرات.

وَفِي الْخَبَرِ « أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله هَرِيسَةٌ مِنْ هَرَائِسِ الْجَنَّةِ فَزَادَتْ فِي قُوَّتِهِ صلى الله عليه وآله بُضْعَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً ».

وفِيهِ « صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْوَاحِدِ بِبِضْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ».

فهذا ونحوه يخالف ما ذكره الجوهري حيث قال : فإذا جاوزت العشر ذهب البِضْع ، لا تقل بضع وعشرون. والبُضْعُ بالضم : يطلق على عقد النكاح وعلى الجماع وعلى الفرج ، والجمع أَبْضَاع مثل قُفْل وأَقْفَال. والمُبَاضَعَة : المجامعة ، وَمِنْهُ « الْكُحْلُ يَزِيدُ فِي الْمُبَاضَعَةِ » (١).

وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ « فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي » (٢).

بفتح الباء ، أي أنها جزء مني كما أن القطعة من اللحم جزء من اللحم. والبَاضِعَة من الشجاج وهي التي تشق اللحم وتَبْضَعُهُ بعد الجلد وتدمي إلا أنها لا تسيل الدم. ومنه الْحَدِيثُ « وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ » (٣).

و « أَبْضَعَة » وزان أَرْنَبَة ملك من كندة ، وقيل أبصعة بالمهملة ، ومنه الْحَدِيثُ

__________________

(١) مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ ص ٤٩.

(٢) سَفِينَةٍ الْبِحَارُ ج ٢ ص ٣٧٤.

(٣) الْكَافِي ج ٧ ص ٣٢٦.

٣٠٠