مجمع البحرين - ج ٤

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٤

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٦

أي تحركت بالنبات عند وقوع الماء عليها. وهَزَزْتُ الشيء هَزّاً فَاهْتَزَّ : أي حركته فتحرك. واهْتَزَّ النبات : إذا حسن واخضر.

وَفِي الْخَبَرِ « اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِكَذَا ».

قيل المراد بالعرش العز ، واهْتَزَّ أي تزلزل. وعن بعض شراح الحديث : اهْتِزَازُ عرش الله المراد حملته ، ويحتمل اهْتِزَازُ نفس العرش حقيقة.

( هزز )

فِي الْحَدِيثِ « الْمُؤْمِنُ وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ ».

الْهَزَاهِزُ هي الفتن وتحريك البلايا والحروب بين الناس.

( همز )

قوله : ( هَمَزاتِ الشَّياطِينِ ) [ ٢٣ / ٩٨ ] نخساتهم وغمزاتهم الإنسان وطمعهم فيه. قوله : هَمَّازٍ [ ٦٨ / ١١ ] أي عياب. وأصل الْهَمْزِ : الغمز والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم. قوله : ( هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) [ ١٠٤ / ١ ] والمعنى واحد ، أي عياب ، وقد سبق فرق بين اللفظين. قوله : ( الَّذِي جَمَعَ ) هو في موضع جر على البدل من الهمزة ، ولا يجوز أن يكون صفة لأنه معرفة ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على إضمار أعني ، وفي موضع رفع على إضمار هو.

وَفِي الْحَدِيثِ « وَمِنَ النِّسَاءِ وَلَّاجَةٌ هَمَّازَةٌ » (١).

أي عيابة تستعيب غيرها وتقع فيه.

( هندز )

« الْهِنْدَازُ » معرب ـ قاله الجوهري وأصله بالفارسية « اندازه » ، ومنه « الْمُهَنْدِزُ » وهو الذي يقدر مجاري القنى والأبنية ، إلا أنهم صيروا الزاي سينا فقالوا « مهندس » (٢).

( هوز )

فِي الْحَدِيثِ « يَخْرُجُ إِلَى الْأَهْوَازِ فِي السُّفُنِ ».

الْأَهْوَازُ بلاد مشهورة في ناحية

__________________

(١) مكارم الأخلاق ٢٢٨.

(٢) وقال الجوهري بعد ما ذكر ما هنا : لأنه ليس في كلام العرب زاي قبله دال.

٤١

البصرة ، ويقال الأهواز سبع كور لكل كورة منها اسم مشهور ، ويجمعهن الأهواز والكورة بالضم المدينة (١). و « هَوَّزْ » حروف وضعت للحساب الجمل.

__________________

(١) قال في معجم البلدان ج ١ ص ٢٨٤ : وكان اسمها في أيام الفرس خوزستان فالأهواز اسم للكورة بأسرها ، وأما البلد الذي يغلب عليه هذا الاسم عند العامة اليوم فإنما هو سوق الأهواز ... عن التوزي أنه قال : الأهواز تسمى بالفارسية هرمشير ، وإنما كان اسمها الأخواز فعربها الناس فقالوا الأهواز ... وقال أبو زيد : الأهواز اسمه هرمز شهر.

٤٢

كتاب السين

٤٣
٤٤

باب ما أوله الألف

( اسس )

قوله تعالى : ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ ) [ ٩ / ١٠٩ ] الآية. قال المفسر : المعنى أفمن أسس بنيان دينه على قاعدة محكمة ، وهو الحق الذي هو تقوى الله ورضوانه ( خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ ) على قاعدة هي أضعف القواعد وأقلها بقاء وهو الباطل. والمسجد الذي ( أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى ) ، وقد تقدم الكلام فيه.

وَفِي الْحَدِيثِ : إِذَا قَامَ الْقَائِمُ رَدَّ الْبَيْتَ إِلَى إِسَاسِهِ وَرَدَّ مَسْجِدَ الرَّسُولِ إِلَى إِسَاسِهِ وَرَدَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ إِلَى إِسَاسِهِ ».

الْإِسَاسُ على فعال بكسر الفاء جمع أُسٍ بالضم كخفاف جمع خف ، والْأُسُ أصل البناء ، وَمِنْهُ « الْإِمَامَةُ أُسُ الْإِسْلَامِ النَّامِي أَصْلُهُ ».

وفي المصباح أُسُ الحائط بالضم وجمعه آسَاسٌ كقفل وأقفال ، وربما قيل إِسَاسٌ مثل عس وعساس ، وجمعه أُسُسٌ مثل عناق وعنق. وفي المصباح الْأَسَاسُ : أصل البناء ، والْأُسُسُ مقصور منه ، وجمع الْإِسَاسِ أُسُسٌ مثل قذال وقذل ، وجمع الأسس آسَاسٌ مثل سبب وأسباب.

( الس )

فِي الدُّعَاءِ « نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَلْسِ ».

الْأَلْسُ هو اختلاط العقل ، يقال أُلِسَ فهو مَأْلُوسٌ ، وقيل هو الخيانة.

( امس )

قال الجوهري : أَمْسِ اسم حرك آخره لالتقاء الساكنين ، واختلفت العرب فيه فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة ، ومنهم من يعربه معرفة ، وكلهم يعربه إذا دخل عليه الألف واللام ، أو صيره نكرة أو إضافة تقول « مضى الْأَمْسُ المبارك » و « مضى أَمْسُنَا » و « كل غد صائر أَمْساً ». ثم قال : قال سيبويه : قد جاء

٤٥

في ضرورة الشعر مذ أَمْسَ بالفتح. قال : ولا يصغر أمس كما لا يصغر غدا والبارحة وكيف وأين ومتى وأي وما وعند وأسماء الشهور والأسبوع (١).

( انس )

قوله تعالى : ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً ) [ ٤ / ٦ ] أي علمتم ووجدتم فيهم رشدا ( فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ). قوله : ( آنَسْتُ ناراً ) [ ٢٠ / ١٠ ] أي أبصرتها. والْإِينَاسُ : الرؤية والعلم والإحساس بالشيء. قال ابن الأعرابي : وبهذا سمي الْإِنْسُ لأنهم يؤنسون ، أي يرون بإنسان العين. قوله : ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ) [ ٢٤ / ٢٧ ] فيه وجهان : « أحدهما » ـ أنه من الِاسْتِينَاسِ خلاف الاستيحاش ، لأن الذي يطرق باب غيره لا يدري يؤذن له أم لا ، فهو كالمستوحش لخفاء الحال عليه ، فإذا أذن له استأنس ، والمعنى حتى يؤذن لكم ، فوضع الاستيناس موضع الإذن. و « الثاني » ـ أنه استفعل من استأنس فلم أر أحدا أي استعملت وتعرفت.

وَفِي الْخَبَرِ « يَا رَسُولَ اللهِ مَا الِاسْتِينَاسُ؟ قَالَ : يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ بِالتَّسْبِيحَةِ وَالتَّحْمِيدَةِ وَالتَّكْبِيرَةِ وَيَتَنَحْنَحُ وَيُؤْذِنُ أَهْلَ الْبَيْتِ » (٢).

قوله : ( وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ) [ ٣٣ / ٥٣ ] أي يستأنس بعضكم ببعض لأجل حديث يحدثه به ، أو مُسْتَأْنِسِينَ حديث أهل البيت عليهم السلام. واسْتِينَاسُهُ تسمّعه. قوله : ( وَأَناسِيَ كَثِيراً ) [ ٢٥ / ٤٩ ] هو جمع إِنْسِيٍ ، وهو واحد الإنس مثل كرسي وكراسي ، والْإِنْسُ جمع الجنس يكون بطرح ياء النسبة مثل رومي وروم ، ويجوز أن يكون أَنَاسِيّ جمع إِنْسَانٍ ، فيكون الياء بدلا من النون ، لأن الأصل أَنَاسِين بالنون مثل سراحين جمع سرحان ، فلما ألقيت النون من آخره عوضت النون بالياء

__________________

(١) في الصحاح : والأسبوع غير الجمعة.

(٢) مجمع البيان ج ٤ ص ١٣٥.

٤٦

قوله : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) [ ٢٣ / ١٢ ] قيل المراد به هنا الهيكل المخصوص. قوله : ( إِنَ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) [ ١٠٣ / ٢ ] الْإِنْسَانُ من الناس اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والواحد والجمع ، واختلف في اشتقاقه مع اتفاقهم على زيادة النون الأخيرة. فقال البصريون : من الْأِنْسِ ، والهمزة أصلية ، وزنه فعلان. وقال الكوفيون : مشتق من النسيان ، فالهمزة زائدة ، ووزنه إفعان على النقص والأصل إنسيان على إفعلان ، ولهذا يرد إلى أصله مع التصغير فيقال أنيسيان. وقد اختلف الناس في معرفته اختلافا كثيرا لا يكاد ينضبط ، لكن يرجع حاصله إلى أنه إما جوهر أو عرض ، والجوهر إما جسماني أو روحاني ، فالأقسام ثلاثة : « الأول « ـ أن يكون عرضا ، فقيل هو المزاج المعتدل ، وقيل الحياة ، وقيل تخاطيط الأعضاء وتشكل البدن ». الثاني » ـ أن يكون جسما أو جسمانيا ، فقيل الهيكل المحسوس ، وقيل الأربعة. وقيل أحد العناصر الأربعة ، فكل ذهب إليه قوم ، وقال النظام جسم لطيف داخل البدن وقال الراوندي جزء لا يتجزى في القلب ، وقيل الروح ، وهو جسم مركب من نارية الأخلاط. والمحققون من المتكلمين قالوا : أنه أجزاء أصلية في البدن باقية من أول العمر إلى آخره ، لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان ، ومن أحب الوقوف على دلائل هذه الأقوال فليطلبها من مظانها. و « الْإِنْسَانُ » على ما قيل مركب من صفات بهيمية وصفات سبعية وشيطانية وربوبية ، فيصدر من البهيمة الشهوة والشره والفجور ، ومن السبعية الغضب والحسد والعداوة والبغضاء ، ومن الشيطانية المكر والحيلة والخداع ، ومن الربوبية الكبر والعز وحب المدح ، وأصول هذه الأخلاط هذه الأربع وقد عجنت في طينة الإنسان عجنا محكما لا يكاد يتخلص منها ، وإنما ينجو من ظلماتها بنور الإيمان المستفاد من العقل والشرع ، فأول ما يخلق في

٤٧

الآدمي البهيمية ، فيغلب عليه الشره والشهوة كما في الصبي ، ثم يخلق فيه السبعية فيغلب عليه المعاداة والمنافسة ، ثم يخلق فيه الشيطانية فيغلب عليه المكر والخداع ، ثم تظهر بعد ذلك صفات الربوبية وهو الكبر والاستيلاء ، ثم بعد ذلك يخلق العقل فيه ويظهر الإيمان ، وهو من حزب الله وجنود الملائكة ، وتلك الصفات من جنود الشيطان ، وجنود العقل تكمل عند الأربعين ويبدو أصله عند البلوغ ، وأما سائر جنود الشيطان تكون قد سبقت إلى القلب قبل البلوغ واستولت عليه وألفتها النفس واسترسلت في الشهوات متابعة لها إلى أن يرد نور العقل فيقوم القتال والتطارد في معركة القلب ، فإن ضعف جند العقل ونور الإيمان لم يقو على إزعاج جنود الشيطان ، فتبقى جنود الشيطان مستقرة في القلب آخرا كما سبقت إلى النزول فيه أولا ، وقد سلم للشيطان مملكة القلب. وقال بعض الأفاضل : اعلم أيها الإنسان أنك نسخة مختصرة من العالم ، فيك بسائطه ومركباته ومادياته ومجرداته ، بل أنت العالم الكبير بل الأكبر كما قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ :

دَوَاؤُكَ فِيكَ وَمَا تَشْعُرُ

وَدَاؤُكَ مِنْكَ وَمَا تُبْصِرُ

وَتَزْعُمُ أَنَّكَ جِرْمٌ صَغِيرٌ

وَفِيكَ انْطَوَى الْعَالَمُ الْأَكْبَرُ.

والإنس : خلاف الجن ، سمي إِنْساً لظهورهم ، وكذلك الإنسان سمي إِنْسَاناً لظهوره. والْإِنْسِيُ : خلاف الوحشي. والْأَنَسَةُ بالتحريك : ضد الوحشة. والْأَنَسُ بالتحريك لغة في الإنس.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ ».

أي سرهم ذكرك. والْأُنَاسُ بضم الفاء لغة في الناس ، وهو في الأصل فحذف. واسْتَأْنَسْتُ بفلان وتَأَنَّسْتُ بمعنى. والْأَنِيسُ : المؤانس ، وكل ما يؤنس به. وما بالدار من أَنِيسٍ : أي أحد. والِاسْتِينَاسُ : التَّأَنُّسُ. ومن أمثلتهم « الِاسْتِينَاسُ بالناس من

٤٨

الإفلاس « قيل : أي من العلم والعمل لا من المال. و « يُونُسُ بن متى » المرسل إلى أهل نِينَوَى من أرض موصل ـ كذا في التواريخ.

وَ « أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ » صَحَابِيٌ (١) قَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ كَانَ بَعَثَهُ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ لَمَّا جَاءَا إِلَى الْبَصْرَةِ يُذَكِّرُهُمَا شَيْئاً سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فِي مَعْنَاهُمَا ، فَلَوَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي نَسِيتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَقَالَ عليه السلام « إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَضَرَبَكَ اللهُ بَيْضَاءَ لَامِعَةً لَا تُوَارِيهَا الْعِمَامَةُ » يَعْنِي الْبَرَصَ ، فَأَصَابَ أنس [ أَنَساً ] هذَا الدَّاءُ فِي وَجْهِهِ ، فَكَانَ لَا يُرَى فِيمَا بَعْدُ إِلَّا مُتَبَرْقَعاً.

( اوس )

« أوس » أبو قبيلة من اليمن ، وهو أوس بن قيلة أخو الخزرج ، وقيلة أمهما. و « أُوَيْسٌ القرني » أحد الزهاد الثمانية ، وفي القاموس أُوَيْسُ بن عامر القرني من سادات التابعين (٢). والْآسُ : شجر معلوم.

( أيس )

أَيَسَ من الشيء بمعنى يئس. وأَيِسَ أَيَساً من باب تعب ، وكسر المضارع لغة ، حكاها في المصباح. وآيَسَنِي منه فلان مثل أَيْأَسَنِي.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْمَرْأَةُ الَّتِي تَيْأَسُ مِنَ الْمَحِيضِ كَذَا ».

__________________

(١) أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي النجاري البصري ، اختلف كثيرا في وقت وفاته ، فقيل سنة إحدى وتسعين ، وقيل سنة ثلاث وتسعين ، وكان عمره يوم مات مائة سنة وثلاث سنين وقيل مائة وعشر سنين ـ انظر الإستيعاب ج ١ ص ١١٠.

(٢) هو من بني قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، وأصله من اليمن ، وكان يسكن القفار والرمال ، وأدرك حياة النبي ( ص ) ولم يره ، وشهد وقعة صفين مع علي ويرجح الكثيرون أنه قتل فيها الأعلام للزركلي ج ١ ص ٣٧٥.

٤٩

باب ما أوله الباء

( بأس )

قوله تعالى : ( نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ ) [ ٢٧ / ٣٣ ] الْبَأْسُ : الشدة في الحرب. والْبَأْسُ : العذاب ، ومنه قوله تعالى : ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا ) [ ٤٠ / ٨٤ ] أي عذابنا. وقوله تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ) [ ٥٧ / ٢٥ ]. وقوله : ( وَحِينَ الْبَأْسِ ) [ ٢ / ١٧٧ ] أي وقت مجاهدة العدو ، وجمع الْبَأْسِ بُئُوسٌ كفلس وفلوس. قوله تعالى : ( فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ ) [ ٦ / ٤٢ ] الْبَأْسَاءُ من الْبَأْسِ أو الْبُؤْسِ ، والضراء من الضر ، وقيل الْبَأْسَاءُ القحط والجوع ، والضراء المرض ونقصان الأنفس والأموال. قال الأخفش : بني على فعلاء ، وليس له أفعل لأنه اسم كما يجيء أفعل في الأسماء ليس معه فعلاء نحو أحمد. والْبُؤْسِىُ خلاف النعمى. قوله : ( الْبائِسَ الْفَقِيرَ ) [ ٢٢ / ٢٨ ] الْبَائِسُ الذي أصابه بُؤْسٌ ، أي شدة ، وهو القتال في الحرب ، ويقال أيضا بُؤْسٌ أي فقر وسوء حال. وفي المغرب : الْبَائِسُ هو الذي به الزمانة إذا كان محتاجا ، والفقير المحتاج الذي لا يطوف بالأبواب ، والمسكين الذي يطوف ويسأل.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْبَائِسُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ لِزَمَانَتِهِ » (١).

وهو تصديق لما في المغرب. قوله : « ولا تَبْأَسْ » أي ولا تحزن ولا تشتك ، من الْبُؤْسِ ، وهو الضر والشدة أي لا يلحقك ما يضرك ولا يلحقك بُؤْسٌ بالذي فعلوا. والْمُبْتَئِسُ : الكاره والحزين ، ومنه

__________________

(١) تفسير البرهان ج ٣ ص ٨٧.

٥٠

الدُّعَاءُ « فَكُنْتَ رَجَاءَ الْمُبْتَئِسِ ».

و « بِئْسَ » كلمة ذم كما أن نعم كلمة مدح ، ومنه قرأ نافع بعذاب بِئْسَ بفتح السين ، وقرأ نافع وابن عامر بعذاب بِئْسٍ على فعل بكسر الفاء بالتنوين إلا أن نافعا لا يهمز. قال الكسائي : أصلها بَئِيسٍ على فعيل ثم خففت الهمزة فاجتمعت ياءان فحذفوا إحداهما وألقوا حركتها على الياء. وقال محمد : أصلها بَئِسٌ ثم كسر الباء لكسرة الهمزة فصار بِئِسٌ ثم حذفت الكسرة لثقلها. وقال علي بن سليمان : معنى بعذابٍ بِئْسٍ أي رديء. وقرأ بعضهم بعذاب بَئِسٍ مثل حذر. وقرأ بعضهم بَئِيسٍ على فعيل ، أي شديد ، وهو اختيار أبي عبيدة والكوفيين و « الْبُؤْسُ » بضم الفاء : الفقر والخوف وشدة الإفلاس وسوء الحال للقوة ، يقال بَئِسَ الرجل يَبْأَسُ كسمع يسمع : اشتدت حاجته. فهو بَائِسٌ. والْبُؤْسُ : ضد النعيم. ومنه الْحَدِيثُ « مَا أَقْرَبَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعِيمِ ».

لعله يريد نعيم الآخرة. ويوم بُؤْسٍ : ضد يوم نعمة.

وَفِيهِ « إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَالتَّجَمُّلَ وَيُبْغِضُ الْبُؤْسَ وَالتَّبَؤُّسَ ».

كان المراد إظهار الفقر والحاجة للناس. وبِئْسَ الرجل زيد وبِئْسَتِ المرأة هند ، وهما فعلان ماضيان لا يتصرفان لأنهما أزيلا عن موضعهما ، فنعم منقول من قولك نعم فلان إذا أصاب نعمة ، وبِئْسَ منقول من قولك بئس فلان إذا أصاب بؤسا ، فنقلا إلى المدح والذم فشابها الحروف فلم يتصرفا ، وفيهما لغات يجيء ذكرها في نعم. والْبَأْسُ : الخضوع والخوف ، ومنه قوله « ومن المكارم صدق الْبَائِسِ ». وقد تكرر فِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ بِذَلِكَ ».

ومعناه الإباحة والجواز.

( بجس )

قوله تعالى : ( فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ) [ ٧ / ١٦٠ ] أي انفجرت منه ، من قولهم انْبَجَسَ الماء. وتَبَجَّسَ : تفجر. وبَجَسْتُ الماء فَانْبَجَسَ من باب قتل : أي فجرته فانفجر. وبَجَسَ الماء بنفسه يتعدى ولا يتعدى.

٥١

وَفِي دُعَاءِ الْغَيْثِ « مُنْبَجِسَةٌ بُرُوقُهُ ». أي منفجرة بالماء.

( بخس )

قوله تعالى : ( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ ) [ ١٢ / ٢٠ ] أي ناقص ، من البخس مثلثة : النقصان ، أي شروه بثمن ذي ظلم ، لأنه كان حرا وكان ثمنه دراهم لا دنانير قليلة تعد عدا ولا توزن.

قِيلَ وَهِيَ قِيمَةُ كَلْبِ الصَّيْدِ إِذَا قُتِلَ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ دِرْهَماً.

قوله : ( لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ ) [ ٧ / ٧٥ ] أي لا تنقصوهم أشياءهم ، من قوله بخسه حقه يبخسه بخسا من باب نفع : إذا نقصه ، يتعدى إلى مفعولين كما في الآية.

( برجس )

فِي الْخَبَرِ « سُئِلَ عَنِ الْكَوَاكِبِ الْخُنَّسِ؟ فَقَالَ : هِيَ الْبِرْجِيسُ وَزُحَلُ وَعُطَارِدُ وَبَهْرَامُ وَالزُّهْرَةُ ».

وفسر الْبِرْجِيسُ بالمشتري وبهرام بالمريخ.

( برس )

فِي الْخَبَرِ « أَحْلَى مِنْ مَاءِ بُرْسٍ ».

بُرْس بضم الباء قرية معروفة بالعراق ، ويريد بمائها ماء الفرات (١). و « الْبُرْنُسُ » بالضم كبرسن قلنسوة طويلة كان العبّاد يلبسونها في صدر الإسلام من البرس بكسر الباء وهو القطن والنون زائدة ، وقيل إنه غير عربي. ومنه حَدِيثُ الْعَالِمِ الْمَرْضِيِ « قَدْ تَحَنَّكَ فِي بُرْنُسِهِ وَقَامَ اللَّيْلَ فِي حِنْدِسِهِ ».

أي تعمد للعبادة وتوجه بها وصار في ناحيتها وتجنب الناس وصار في ناحية منهم. وتَبَرْنَسَ الرجل : إذا لبس البرنس. والْبُرْنُسُ : شيء تلبسه النصارى على رءوسهم. والْبُرْنُسُ : كل ثوب رأسه منه ملزوق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَ لَهُ بُرْنُسٌ يَتَبَرْنَسُ

__________________

(١) فِي معجم الْبُلْدَانِ ج ١ ص ٣٨٤ : برس بِالضَّمِّ مَوْضِعٍ بِأَرْضِ بَابِلَ بِهِ آثَارَ لبخت نَصْرٍ ، وَتَلٍّ مُفَرِّطٌ الْعُلُوِّ يُسَمَّى صَرَّحَ البرس.

٥٢

بِهِ ». أي يلبسه على رأسه.

( بسس )

قوله تعالى : ( وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا ) [ ٥٦ / ٥ ] أي فتت حتى صارت كالدقيق. والسويق الْمَبْسُوسِ : أي المبلول. وقيل حطمت. الْبَسُ : الحطم. ومنه سميت مكة « الْبَاسَّةُ » لأنها تحطم من أخطأ فيها ، وتسمى « الْبَسَّاسَةُ » لأنهم كانوا إذا ظلموا بَسَّتْهُمْ أي أهلكتهم وروي بالنون من النس وهو الطرد (١) والْبَسُ : اتخاذ البسيسة ، وهو أن يلت السويق أو الدقيق أو الأقط المطحون بالسمن أو الزيت ثم يؤكل ولا يطبخ ـ كذا قاله الجوهري. وعن ابن السكيت بَسَسْتُ السويق أو الدقيق أَبُسُّهُ بَسّاً : إذا بللته بشيء من الماء ، وهو أشد من اللت (٢). وعن الأصمعي الْبَسِيسَةُ كل شيء خلطته بغيره مثل السويق بالأقط مع بلة أو بالرب ، أو مثل الشعير بالنوى للإبل. بَسْ في معنى : حسب والْبَسُ : السويق اللين. وقد بَسَسْتُ الإبل أَبُسُّهَا بالضم بَسّاً.

( بلس )

قوله تعالى : ( وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ) [ ١٧ / ٦١ ].

رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وآله أَنَّهُ قَالَ : « أَمَرَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَدَخَلَ فِي أَمْرِهِ الْمَلَائِكَةُ وَإِبْلِيسُ ، فَإِنَ إِبْلِيسَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ يَعْبُدُ اللهَ وَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَلَمَّا أَمَرَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ خَرَجَ مَا كَانَ فِي قَلْبِ إِبْلِيسَ مِنَ الْحَسَدِ فَعَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ. فَقِيلَ لَهُ : فَكَيْفَ وَقَعَ الْأَمْرُ عَلَى إِبْلِيسَ وَمَا أَمَرَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ

__________________

(١) عَدَّ فِي معجم الْبُلْدَانِ مِنْ جُمْلَةٍ أَسَامِيَ مَكَّةَ ج ٥ ص ١٨٢ : النساسة ، وَالناسة وَالْبَاسَّةُ ـ بتشديد السِّينَ فِي الْأَخِيرَيْنِ.

(٢) فِي الصِّحَاحِ ( بسس ) وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ اللت بَلَلاً.

٥٣

لِآدَمَ؟ فَقَالَ : كَانَ إِبْلِيسُ مِنْهُمْ بِالْوَلَاءِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَلَائِكَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقاً قَبْلَ آدَمَ وَكَانَ إِبْلِيسُ فِيهِمْ فِي الْأَرْضِ ، فَاعْتَدَوْا وَأَفْسَدُوا وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ ، فَبَعَثَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ فَقَتَلُوهُمْ وَأَسَرُوا إِبْلِيسَ وَرَفَعُوهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَكَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ يَعْبُدُ اللهَ إِلَى أَنْ خَلَقَ اللهُ آدَمَ ».

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَابْنِ جَرِيرٍ وَالزَّجَاجِ وَابْنِ الْأَنْبَارِيِ : كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ طَائِفَةٍ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ ، وَكَانَ اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ عَزَازِيلَ ـ بِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ ـ فَلَمَّا عَصَى اللهُ لَعَنَهُ وَجَعَلَهُ شَيْطَاناً مَرِيداً ، وَبِالْعَرَبِيَّةِ الْحَارِثَ ، وَكَانَ رَئِيسَ مَلَائِكَةِ الدُّنْيَا وَسُلْطَانَهَا وَسُلْطَانَ الْأَرْضِ ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ اجْتِهَاداً وَأَكْثَرِهَا عِلْماً ، وَكَانَ يَسُوسُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَيَرَى بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ شَرَفاً عَظِيماً وَعِظَماً ، فَذَلِكَ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الْكِبْرِ فَعَصَى وَكَفَرَ ، فَمَسَخَهُ اللهُ شَيْطَاناً رَجِيماً مَلْعُوناً.

و « إِبْلِيسُ » إفعيل من أَبْلَسَ أي يئس من رحمة الله ، يقال إنه اسم أعجمي فلذلك لا ينصرف ، وقيل عربي. وفي حياة الحيوان : وكنية إبليس « أبو مرة ». قوله : ( فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ ) [ ٦ / ٤٤ ] أي آيسون من النجاة والرحمة ، وقيل متحيرون. والْمُبْلِسُ : النادم ، ويقال الساكت المنقطع الحجة. ومثله قوله : ( لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) [ ٤٣ / ٧٥ ] أي يائسون ملقون بأيديهم. والْإِبْلَاسُ بالكسر : الحيرة ، يقال أَبْلَسَ يُبْلِسُ : إذا تحير. ومنه الْخَبَرُ « أَلَمْ تَرَ إِلَى الْجِنِّ وَإِبْلَاسِهَا ».

أي تحيرها ودهشها. ومنه الدُّعَاءُ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يُلْبِسُ بِهِ إِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ ».

والْأَبَالِسَةُ : الشياطين. قال الكفعمي وهم ذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون في الدنيا كما يخلد إبليس. قال : وإِبْلِيسُ هو أب الجن ، والجن

٥٤

ذكور وإناث يتوالدون ويموتون ، وأما الجان فهو أب الجن ، وقيل إنه مسخ الجن كما أن القردة والخنازير مسخ الناس ، والكل خلقوا قبل آدم عليه السلام.

وقد سبق في « شطا » ما يناسب المقام.

وَفِي كُتُبِ السِّيَرِ : رُوِيَ أَنَ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللهُ تَمَثَّلَ لِيَحْيَى عليه السلام فَقَالَ لَهُ : أَنْصَحُكَ. قَالَ : لَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ بَنِي آدَمَ. قَالَ : هُمْ عِنْدَنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ : صِنْفٌ مِنْهُمْ ـ وَهُمْ أَشَدُّ الْأَصْنَافِ عِنْدَنَا ـ نُقْبِلُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ نَفْتِنُهُ عَنْ دِينِهِ وَنَتَمَكَّنُ مِنْهُ ثُمَّ يَفْزَعُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ فَلَا نَحْنُ نَيْأَسُ مِنْهُ وَلَا نَحْنُ نُدْرِكُ حَاجَتَنَا فَنَحْنُ مَعَهُ فِي عَنَاءٍ ، وَأَمَّا الصِّنْفُ الْآخَرُ مِنْهُمْ فَهُمْ فِي أَيْدِينَا كَالْكُرَةِ فِي أَيْدِي صِبْيَانِكُمْ نَتَلَقَّفُهُمْ كَيْفَ شِئْنَا قَدْ كَفَوْنَا مَئُونَةَ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَمَّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ فَهُمْ مَعْصُومُونَ لَا نَقْدِرُ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ.

وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرِقَّ قَلْبُهُ فَلْيُدِمْ أَكْلَ الْبَلَسِ ».

هو بفتح لام وقيل بضمها : التين (١). والْبَلَاسُ كسلام : هو المسح ، وأهل اليمن يسمون المسح بَلَاساً ، وهو فارسي معرب ، والجمع بُلُسٌ بضمتين مثل عناق وعنق. و « الْبَلَسَانُ » شجر كثير الورق ينبت بمصر ، وله دهن معروف.

( بلقس )

« بِلْقِيسُ » فعليل ملكة سبأ بن الهداهد بن شرجيل ، مر ذكرها في مرا. ومما نقل أنها كانت كثيرة الشعر ، فقال سليمان للشياطين اتخذوا لها شيئا يذهب عنها هذا الشعر ، فعملوا الحمامات وطبخوا النورة والزرنيخ ، فالحمامات والنورة مما اتخذته الشياطين لِبِلْقِيسَ ، وكذا الأرحية تدور عليها الماء.

( بوس )

الْبَوْسُ : التقبيل ـ قاله الجوهري ، فارسي معرب. وقد بَاسَهُ يَبُوسُهُ

( بيس )

فِي الْحَدِيثِ « شَرُّ الْيَهُودِ يَهُودُ بَيْسَانَ ».

__________________

(١) في الصحاح ( بلس ) : والبلس بالتحريك شيء يشبه التين يكثر باليمن.

٥٥

قال الجوهري بَيْسَانُ موضع تنسب إليها الخمر (١) ، وأنشد عليه قول حسان بن ثابت :

من خمر بَيْسَانَ تخيرتها

ترياقة توشك فتر العظام

باب ما أوله التاء

( ترس )

فِي الْحَدِيثِ « التَّقِيَّةُ تُرْسُ اللهِ بَيْنَ خَلْقِهِ ».

التُّرْسُ جمعه تِرَسَةٌ بالكسر كعنبة وتُرُوسٌ وتِرَاسٌ مثل فلوس وسهام ، وربما قيل أَتْرَاسٌ. وتَتَرَّسَ بالشيء : جعله كالترس وتستر به. والْمَتْرَسُ : خشبة توضع خلف الباب.

( تعس )

التَّعْسُ : الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد والانحطاط. ويقال التَّعْسُ : أن يخر الرجل على وجهه ، والنكس أن يخر على رأسه. وتَعْساً لهم : أي عثارا وسقوطا. وتَعْساً له : أي ألزمه الله هلاكا. وتَعَسَ يَتْعَسُ تَعْساً من باب نفع ومن باب تعب لغة : إذا عثر وانكب على وجهه وهو دعاء.

( تيس )

فِي الْحَدِيثِ « لِي تَيْسٌ أَكْرِيهِ ».

التَّيْسُ من المعز ، والجمع تُيُوسٌ وأَتْيَاسٌ. قال الجوهري : ويقال للذكر من الضأن أيضا وللأنثى عنز. والتَّيْسُ أيضا من الظباء والوعول إذا أتى عليه سنة.

__________________

(١) عدد في معجم البلدان ج ١ ص ٥٢٧ عدة أمكنة تعرف باسم بيسان فقال : مدينة بالأردن بالغور الشامي وهي بين حوران وفلسطين وإليها فيما أحسب ينسب الخمر ، وموضع في جهة خيبر من المدينة ، وموضع معروف بأرض اليمامة ، وقرية من قرى الموصل لها مزرعة كبيرة ، ومن قرى مر والشاهجان.

٥٦

باب ما أوله الجيم

( جدس )

فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ « مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ جَادِسَةٌ قَدْ عُرِفَتْ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَسْلَمَ فَهِيَ لِرَبِّهَا ».

الْجَادِسَةُ الأرض التي لم تعمر ولم تحرث.

( جرس )

فِي الْخَبَرِ « لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رِفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ ».

الْجَرَسُ الذي يعلق في عنق البعير. والْجَرَسُ : الصوت الخفي ، ومنه يقال « سمعت جَرَسَ الطير » إذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأكله.

( جرجس )

« الْجِرْجِسُ » لغة في القرقس ، وهو البعوض الصغار ، والذي يسمى « الولع » أصغر من الجرجس ، وقد جاء في الحديث و « جِرْجِيسُ » اسم نبي من الأنبياء من أهل فلسطين ، بعثه الله بعد المسيح إلى ملك موصل (١).

( جسس )

قوله تعالى : ( وَلا تَجَسَّسُوا ) [ ٤٩ / ١٢ ] التَّجَسُّسُ التفتيش عن بواطن الأمور وتتبع الأخبار ، وأكثر ما يقال في الشر ، ومنه الْجَاسُوسُ ، وهو صاحب سر الشر ، كما أن الناموس صاحب سر الخير. وقيل التَّجَسُّسُ بالجيم أن يطلبه لغيره وبالحاء أن يطلبه لنفسه. وقيل بالجيم البحث عن العورات ، وبالحاء الاستماع لحديث القوم ، وقيل معناهما واحد في تطلب معرفة الأخبار. ويقال في معنى ( وَلا تَجَسَّسُوا ) خذوا ما ظهر ودعوا ما تستتر.

وَفِي الْحَدِيثِ « النَّاسُ جَوَاسِيسُ الْعُيُوبِ فَاحْذَرُوهُمْ ».

__________________

(١) في حديث عن ابن عباس أن جرجيس بعث إلى ملك في الشام ـ انظر سفينة البحار ج ١ ص ١٤٨.

٥٧

وجَسَّهُ بيده جَسّاً : مسه.

( جفس )

« جِفْسِيَةُ » بالجيم والفاء والسين المهملة بعدها الياء ـ على ما صح في النسخ ـ : أحد الأوصياء السابقين على إبراهيم الخليل ، ويقال إنه وصي برة الذي هو وصي يافث ، وبينه وبين إبراهيم عليه السلام عمران الذي دفع الوصية إلى إبراهيم عليه السلام.

( جلس )

قوله تعالى : ( تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ ) [ ٥٨ / ١١ ] الْمَجَالِسُ جمع مجلس بالكسر وهو موضع الجلوس ، والْمَجْلَسُ بفتح اللام المصدر.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِ مَجَالِسَ ».

وربما كانت هذه العادة للرؤساء والمترفين. والْجَلْسَةُ بالفتح المرة من الجلوس ، وبالكسر النوع والحال التي تكون عليها ، كَجَلْسَةِ الاستراحة والتشهد. والْجُلُوسُ : هي الانتقال من سفل إلى علو ، والقعود هو الانتقال من علو إلى سفل ، فعلى الأول يقال لمن هو نائم اجْلِسْ ، وعلى الثاني لمن هو قائم اقعد. وقد يستعمل جَلَسَ بمعنى قعد ، كما يقال جلس متربعا وقعد متربعا ، وقد يفارقه ومنه « جَلَسَ بين شعبيها » أي حصل وتمكن ، إذ لا يسمى هذا قعودا. والْجَلِيسُ : من يُجَالِسُكَ ، فعيل بمعنى فاعل ، ومنه الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُ « أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي ».

والْمُجَالَسَةُ : الألفة والمخالطة والمصاحبة.

وَفِي حَدِيثِ عِيسَى عليه السلام « يَا رُوحَ اللهِ لِمَنْ نُجَالِسُ؟ فَقَالَ : مَنْ يُذَكِّرُكُمُ اللهَ رُؤْيَتُهُ ، وَيَزِيدُ فِي عَمَلِكُمْ مَنْطِقُهُ ، وَيُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ » ـ الحديث. قال بعض الأفاضل من المعاصرين : فيه إشعار بأن من لم يكن على هذه الصفات لا ينبغي مجالسته ولا مخالطته ، فكيف من كان موصوفا بأضدادها كأكثر أبناء زماننا ، فطوبى لمن وفقه الله تعالى لمباعدتهم والاعتزال عنهم ، والأنس بالله وحده والوحشة منهم ، فإن مخالطتهم تميت

٥٨

القلب وتفسد الدين ويحصل بسببها للنفس ملكات مهلكة مؤدية إلى الخسران المبين

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ « فِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ » ـ انتهى. ولبعض العارفين :

الزم الوحدة تنجو

ما بقي في الناس خله

إن ود الناس أضحى

لنفاق أو لعله

واترك الأصحاب إلا

صاحبا يصحبك لله

ومن الرزق تقنع

إن في الحرص مذله

وإذا اللمة شابت

فالهنا فات محله

آخر الدنيا إلى

الموت ويبقى الملك لله

( جمس )

« الْجَامُوسُ » هو واحد الْجَوَامِيسِ فارسي معرب ، وهو حيوان عنده شجاعة وشدة بأس ، وهو مع ذلك أجزع خلق الله ، يفرق من عض بعوضة ويهرب منها إلى الماء ، والأسد يخافه ، ويقال إنه لا ينام أصلا لكثرة حراسته لنفسه. و « جَامَاسُ » بالجيم والميم بعد الألف وبالسين المهملة والتاء المثناة الفوقانية كما في الحديث اسم كتاب لليهود كان يقع في اثني عشر ألف جلد ثور فحرقوه ـ كذا ذكره الصدوق رحمه‌الله.

( جنس )

الْجِنْسُ الضرب من الشيء ، وهو أعم من النوع ، وإن شئت قلت الْجِنْسُ اللفظ الدال على الحقيقة النوعية ، ولك أن تقول هو اللفظ الجامع لأفراد الحقيقة. وقد فرق بين اسم الْجِنْسِ وعلم الْجِنْسِ بأن اسم الجنس ما وضع لمعنى مشترك بين أفراد الطبيعة باعتبار اشتراكها ، وعلم الجنس ما وضع لنفس الطبيعة باعتبار تميزها عن الغير ، فالوضع على الطبيعة باعتبار كليتها اسم جِنْسٍ كأسد ، وباعتبار جزئيتها علم جِنْسٍ كأسامة. والأجناس على ما حقق سبعة : الوجود ، والماهية ، والجوهر ، والجسم والنبات ، والحيوان ، والإنسان.

٥٩

وفصولها على الترتيب : الممكن ، القائم بالذات ، القابل للأبعاد ، النامي ، الحساس ، الناطق.

( جوس )

قوله تعالى ( فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ ) [ ١٧ / ٥ ] أي تخللوها ، فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها ، أي طلبوا هل يجدون أحدا لم يقتلوه. وقيل الْجَوْسُ : الدوس. ويقال جَاسُوا وعاثوا وقتلوا ، وكذلك حاسوا وهاسوا وداسوا

باب ما أوله الحاء

( حبس )

فِي الْحَدِيثِ « أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بِرَدِّ الْحَبِيسِ وَإِنْفَاذِ الْمَوَارِيثِ ».

ومثله فِي الْخَبَرِ « جَاءَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله بِإِطْلَاقِ الْحُبُسِ ».

الْحُبُسُ بالضم جمع الحبيس وأراد به ما كان أهل الجاهلية يحبسونه ويحرمونه من ظهور الحامي والسائبة والعجيرة وما أشبهها مما نزل القرآن بإحلال ما حرموا منها وإطلاق ما حبسوه. وحَبَسْتُهُ فهو حَبِيسٌ ، والجمع حُبُسٌ مثل بريد وبرد ، بمعنى وقفته. والْحَبْسُ مصدر حبسه من باب ضرب ، ثم أطلق على الموضع ، والجمع حُبُوسٌ كفلس وفلوس.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ » وَهِيَ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ عليه السلام : سُوءُ النِّيَّةِ ، وَخُبْثُ السَّرِيرَةِ ، وَالنِّفَاقُ مَعَ الْإِخْوَانِ ، وَتَرْكُ التَّصْدِيقِ بِالْإِجَابَةِ ، وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى تَذْهَبَ أَوْقَاتُهَا.

وَقَالَ عليه السلام فِي الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْبِسُ غَيْثَ السَّمَاءِ « هِيَ جَوْرُ الْحُكَّامِ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، وَكِتْمَانُ الشَّهَادَةِ ، وَمَنْعُ الزَّكَاةَ ، وَالْمُعَاوَنَةُ عَلَى الظُّلْمِ ، وَقَسَاوَةُ الْقَلْبِ عَلَى الْفُقَرَاءِ ».

وأَحْبَسْتُ فرسا في سبيل الله : أي وقفت ، فهو مُحْبَسٌ وحَبِيسٌ.

وَفِيهِ « مَنْ أَحْبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللهِ

٦٠