تنقيح المقال

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-381-0
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٣٤

كربلاء ، ومكث فيها ما يقرب من سنتين لتهيئة أموره (١) ، فرزقه الله تعالى والدي قدّس سرّه فجلبه مع جدّتي وعمّتي إلى كربلاء ..

وكان يصلّي ليلاً جماعة في الإيوان الشـريف الحسينـي عليه السلام ونهاراً في مسجد صغير قد صار عند بناء البلدة الجديدة جزءاً منه سوقاً وطريقاً ، وجزءاً آخر دكاكين وداراً ، وهو في قبـال دارنا الواقعـة في محلّة باب النجف من محلاّت كربلاء المعلّى الّتي وقفها ـ على جدّي المبرور قدّس سرّه والذكور من ذريته بطناً بعد بطن ـ المرحوم المبرور الحاج محمّد حسين الإسفراني (*) ، وحدودها المميّزة لها ـ على ما يسطر ـ القبلة الشارع العام ، وعكس القبلة خان الهيثمي ، والشرق دار العلويّة بنت السيّد أبي الحسن [الكرمانشاهي] ـ الّتي هي الآن صارت علوة ـ (**) والغرب علوة الحاج عليّ.

وقد صنّف الجدّ قدّس سرّه رسالة عمليّة ، وقلّده جمع من أهل تبريز وأهل طرفنا ـ على ما أخبرني والدي به ، نوّر الله مضجعه ـ في شريعة الكوفة في الليلة الثامنة عشرة من شهر صفر سنة ألف وثلاثمائة وتسع عشرة.

وقد كان قدّس سرّه من أصدقاء الشيخ صاحب الفصول (٢) ، والشيخ الجليل

__________________

ـ وقال السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة ٥/١٥٠ : .. بلدة صغيرة جنوب تبريز بينهما نحو خمسة فراسخ ، كما وقد عدّها في الأعيان ١/٢٠٨ في مقام ذكر البلدان والمدن والأقطار الّتي وجدت فيها الشيعة بكثرة ، قال : مامقان : مدينة في بلاد الترك أهلها شيعة.

واُنظر : لغت نامه دهخدا ٤٥/١١٤٨ ، فرهنگ جغرافيائى ايران ، الجزء الرابع.

(١) هنا زيادة جاءت في التنقيح : .. ولمضي زمان تسقط عنه وصـيّة استاذه بفصلها.

(*) منسوب إلى إسفران ، قرية من قرى تبريز. [منه (قدّس سرّه)].

(**) العَلْوة : في عرف زماننا ، أي الدكان الكبير الّذي يباع فيه الطعام [منه (قدّس سرّه)] هذه حاشية جاءت على تنقيح المقال.

(٢) صاحب الفصول ، الشيخ محمّد حسين بن عبدالرحيم [محمّدرحيم] الإصفهاني ـ

٢١

المولى آغا (*) الدربندي (١) قدّس سرّهما ، وشديد الصداقة مع الشيخ النبيل الشيخ خضر شلاّل النجفي (٢) المعروف الآن مقبرته في النجف الأشرف ، وكان

__________________

ـ الطهراني الرازي الحائري المتوفّى سنة ١٢٦١ هـ ، الفقيه الأصولي ، أخو الشيخ محمّد تقي صاحب حاشية المعالم هداية المسترشدين.

اُنظر عنه : روضات الجنات ١/١٣١ ، الأعلام ٦/٣٣٧ ، أعيان الشيعة ٩/٢٣٣ ، الفوائد الرضويّة : ٥٠١ ، معجم المؤلّفين ٩/٢٤٢ .. وغيرها.

يقول الشيخ الطهـراني في الكرام البررة ١/٧٧٢ : .. وأوصى إلى صديقه صاحب الفصول ، وهو الّذي عنـى بتربية ولده الحسـن وتوجيـهه ، وهو يومئذ ابن ثمان سنوات.

(*) [آغا] معرّب آقا بالفارسية بمعنى السيّد [منه (قدّس سرّه)].

أقول : جاءت هذه الحاشية على ترجمته في تنقيح المقال.

(١) هو : الآغا بن عابد بن رمضان عليّ بن زاهد الشيرواني ، ويقال له : الفاضل الدربندي ، (المتوفّى سنة ١٢٨٥ ، وقيل : ١٢٨٦ هـ) ، عالم متبحّر ، وحكيم بارع ، وفقيه أصولي متتبّع ، فطحل في المعقول والمنقول والحديث والرجال ، تتلمذ على الشيخ عليّ بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء في النجف الأشرف وسكن كربلاء وطهران أخيراً.

له جملة مؤلّفات منها : أسرار الشهادة ، خزائن الأحكام ، وخزائن الأصول ، رسالة في الدراية والرجال ، وقواميس الصناعة في متون الأخبار و .. غيرها.

أعيان الشيعة ٥/٨ ، الفوائد الرضويّة : ٥٤ ، مصفى المقال : ٢ ، معارف الرجال ٢/٢٩٩ ، الكرام البررة ١/١٥٢ ، الكنى والألقاب ٢/٢٢٨ ، المآثر والآثار : ١٣٩ ، معجم المؤلّفين ٢/٣٠٤ ، لباب الألقاب : ١٠٢ ، معجم رجال الفكر ٢/٥٧٢ـ ٥٧٣ ، الأعلام ١/١٧ عن عدّة مصادر و .. غيرها.

(٢) الشيخ جعفر بن الشيخ شلاّل بن حطّاب الشيباني الباهلي العفكاوي النجفي (نحو ١١٨٠ ـ ١٢٥٥ هـ).

كان من أعاظم علماء الإماميّة في القرن الثالث عشر الهجري ، ومشاهير الفقهاء المعروفين بالبراعة في الفقه والحديث ، وهو يُعدّ من أتقى أهل عصره ، فقيه أصولي ثقة. كان من تلامذة الشيخ جعفر كاشف الغطاء ونجله الشيخ موسى وأخيه الشيخ عليّ ، وصحب السيّد بحر العلوم في سفره وحضره ، وتخرج عليه جمع من الأعلام .. له جملة مؤلّفات فقهية وعقائديّة. ـ

٢٢

كلّ منهما إذا انتقل إلى وطن الآخر للزيارة ينزل عند صاحبه ، فكان الجدّ قدّس سرّه عند تشرّفه إلى زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ينزل في دار الشيخ خضر المتصلة بمقبرته المعروفة ، وكان الشيخ [خضر] قدّس سرّه حيثما تشرّف إلى كربلاء ينزل عند الجدّ قدّس سرّه (١).

ثمّ إنّه لمّا عمَّ بلاء الطاعون (٢) العراق مرّتين بفاصلة ستّة أشهر توفّت (٣) جدّتي في الأوّل وجدّي في الثاني رحمهما الله تعالى ، وبقي الوالد قدّس سرّه يتيما ً(٤).

__________________

ـ اُنظر عنه : الكرام البررة ٢/٤٩٣ ، ماضي النجف وحاضرها ٢/٢٦٤ ، معارف الرجال ١/٢٩٥ ، معجم المؤلّفين ٤/١٠٠ ، مكارم الآثار ٥/١٠٠٦ و .. غيرها.

(١) يقول الشيخ محمّد حرز الدين في معارف الرجال ٢/١٤ : .. وعاصر الشيخ محمّد حسين الإصفهاني صاحب الفصول المتوفّى سنة ١٢٨٥ هـ ، والمقدّس الشيخ خضر بن شلاّل العفكاوي النجفي المتوفّى سنة ١٢٥٥ ، وكان بينهم أخاء صادق وتزاور ، حيث إنّ هؤلاء العلماء إذ قدموا النجف لزيارة مرقد أمير المؤمنين عليه السلام حلّوا ضيوفاً على الشيخ خضر وبالعكس إنّ الشيخ خضراً يحلّ عندهم ضيفاً ، هكذاروى معاصروناالأجلاّء.

وترجمه الشيخ جعفر آل محبوبة في كتابه ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٨٥ برقم ٤ ، آخذاً ممّا ذكر هنا ملخّصاً.

(٢) حدث طاعون جارف في كربلاء ـ بل عموم العراق وإيران ـ مرّتين بين سنتي : ١٢٤٥ ـ ١٢٤٦ بفاصلة ستّة أشهر ، ذهب ضحيته جمع كبير من العلماء الأعلام منهم شريف العلماء الآملي ، والشيخ محمّد عليّ النجفي ، والحاج ملا أحمد المراغي ، والشيخ عبد الله المامقاني الكبير ، والسيّد محمّد باقر القزويني ، والشيخ جعفر آل محيي الدين ، والشيخ خلف الكربلائي ، والسيّد عبدالغفور اليزدي ، والسيّد كاظم الكاظميني .. وغيرهم قدّس الله أسرارهم.

(٣) الأُولى : تُوفِّيت.

(٤) وأضاف في تنقيح المقال هنا : وقد دفن الجدّ في محلّ سجادته [يعني مصلاه ومحل إمامته للجماعة] عند الإمامة في الإيوان الشريف ، وهو إلى جنب الاسطوانة الثانية من طرف الشرق ، ودفنت جدّتي محاذية لها في الصحن الشريف.

٢٣

وقد أرّخ الطاعـون في آخر نكاح الجواهر(١) بسنة الستّ والأربعين بعد الألف والمائتين ، حيث قال : وقـد كان ذلك ـ أي الفراغ من كتاب النـكاح [عند العصر] (٢) تقريباً ـ في يوم الأربعاء رابع عشر [من] ربيع الثاني من السنة السابعة والأربعين بعد الألف والمائتين ، وهي السنـة الّتي أدّب الله تعالى في شوال سابقتها ـ أي السادسة والأربعين ـ أهل بغداد ، وفي ذي القعدة منها أهل الحلّة وأهل النجف وأهل كربلاء وغيرهم بالطاعون العظيم الّذي قد منَّ علينا وعلى عيالنا وأطفالنا وبعض متعلقينا بالنجاة منه. انتهى موضع الحاجة.

والمعروف على الألسن أنّ تاريخ الطاعون كلمة (مرغز) الّتي هي ألف ومائتان وسبع وأربعون (٣) ، ولكن قول الشيخ صاحب الجواهر أضبط وأوثق ، إلاّ أن يكون قد وقع طاعون آخر بعد تأريخ حضرة الشيخ قدّس سرّه له (٤).

__________________

(١) جواهر الكلام ٣١/٣٩٨.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) قاله في معارف الرجال ٢/١٥ ، والطبقات ـ الكرام البررة ـ ٢/٧٧١ ـ ٧٧٢ برقم ١٤٣٣ .. وغيرهما.

(٤) أقول : اضاف العلاّمة المصنّف طاب ثراه على آخر ترجمة جدّه رحمه الله في موسوعته الرجاليّة تنقيح المقال ٢/٢٠٦ ـ ٢٠٧ [من الطبعة الحجريّة] ما نصّه :

عبدالله بن محمّد باقر بن عليّ أكبر بن رضا المامقاني

رضوان الله تعالى عليهم أجمعين

ثمّ ذكر ما جاء هنا متناً والحقنا تعقيباً ، ثمّ قال :

ثمّ إنّ الشيخ الوالد قدّس سرّه لمّا مـات والده ـ وهو صغـير ـ وتلفت كتب الجدّ قدّس سرّه عند أمين ائتمنه الوالـد قدّس سرّه عليها ، لم نكن ملتفتـين إلى أشـهر قبل هذا ـ

٢٤

__________________

ـ إلى أن له مصنّفاً ، وقبل أشهر أتاني بعض التلامذة بكتاب في الفقه على سبيل الاستدلال يتضمن الزكاة والخمس والصوم والاعتكاف والحج ـ بخط الجدّ المعروف عندنا ـ ينقل فيه من كلمات أستاذه صاحب الرياض رحمه الله ، وقد كتب في آخر كتاب الاعتكاف ما نصّه :

قد فرغ الآثم عبدالله بن محمّد باقر المامقاني التبريزي بعون الله سبحانه من تسويد هذه الجملة في صبح يوم السبت في اثني عشر شهر رجب من شهور سنة خمس وأربعين والمائتين بعد الألف من الهجرة النبويّة عليه وآله أفضل صلاة وسلام وتحية ، ويتلوه كتاب الحجّ إن شاء الله تعالى.

ولابدّ عادة من أن يكون لهذا الكتاب جزء آخر في الطهارة والصلاة ، والله العالم بمن عنده الآن. انتهى كلامه رفع الله مقامه.

ويقول شيخنا الطهراني رحمه الله في الكرام ٢/٧٧١ :

الشيخ عبد الله المامقاني (الكبير) :

هو الشيخ عبد الله بن محمّد باقر بن عليّ أكبر بن رضا المامقاني الحائري التبريزي النجفي ، من علماء وفقهاء عصره.

كان من تلاميذ السيّد عليّ الطباطبائي صاحب الرياض في كربلاء ، وقد رأيت بعض الكتب الّتي استنسخها بخطّه في كربلاء ، منها الفوائد الحائريّة للوحيد البهبهاني كتبه سنة ١٢٢٤ هـ ، وكتب عليه أنّ تاريخ ولادة ابنه العلاّمة الشيخ محمّد حسن المامقاني ٢٢ شعبان ١٢٣٨ ، ومنها شرح اللمعة تام ، فرغ منه في سنة ١٢٢٥ هـ ، رأيته بخطّه [كذا] عند حفيده العلاّمة الشيخ عبد الله المامقاني.

عاد إلى بلاده بعد التكميل وصار مرجعاً هناك في التقليد لبعض أهالي تبريز ومامقان ، وأ لّف رسالة عمليّة ، غير أنّه أحبّ سكنى العتبات فهاجر إلى كربلاء في سنة ١٢٣٩ هـ ، وصار من أئمّة الجماعة هناك ، وكان يصلّي ليلاً في الإيوان الحسيني الكبير إلى أن توفّي في الطاعون سنة ١٢٤٦ هـ ، وأوصى إلى صديقه صاحب الفصول ، وهو الّذي عنى بتربية ولده الحسن وتوجيهه ، وهو يومئذ ابن ثمان سنوات ... إلى آخره.

وقال في معارف الرجال ٢/١٤ : حدّث أساتيذنا أنّه كان عالماً مجتهداً تقياً ثقة ـ

٢٥

__________________

ـ محترماً وجيهاً في كربلاء ، تربى في بيت ثروة ووجاهة ، هاجر إلى العراق لينال درجة الاجتهاد وقد ظفر بها أخيراً ، وأقام في الحائر الحسيني الأقدس ، وحطّ رحله به وحضر على مدرّسيه ، ثمّ رجع إلى مامقان .. وعاد إلى كربلاء مستوطناً فيها ، وكان موضع طمأنينة في النفوس.

وقد أقام الصلاة جماعة في الإيوان الكبير في الحرم الحسيني ليلاً تقتدي به الأخيار من الكسبة وجملة من طلبة الترك و .. غيرهم.

ورجع إليه في التقليد جماعة من تبريز ومامقان ، وصنّف رسالة عمليّة لمقلديه.

ثمّ قال :

أساتيذه : تتلمذ على السيّد محمّد المجاهد المتوفّى سنة ١٢٤٢ هـ ، وشريف العلماء المازندراني الحائري المتوفّى سنة ١٢٤٦ هـ ، وكان مجازاً من السيّد عليّ صاحب الرياض المتوفّى سنة ١٢٣١ هـ.

وكان معاصراً للآغا الدربندي ابن عابد بن رمضان الشيرواني الدربندي صاحب إكسير العبادات المتوفّى سنة ١٢٨٥ هـ في إيران ، والمدفون في كربلاء مع جملة من فحول العلماء منهم صاحب الفصول والرياض والضوابط .. وقد سبق ذكره ، ثمّ ذكر عبارته السالفة قريباً.

وعبّر عنه في مفاخر آذربايجان بـ : الأوّل ، وقال ١/١٢٩ ـ ١٣٠ برقم (٦٥) ما ترجمته : عالم مجتهد موثّق محترم وموجه في كربلاء ... كان من بيت علم وفضيلة ، وهاجر إلى العراق وحضر درس السيّد المجاهد (المتوفّى سنة ١٢٤٢) ، وشريف العلماء المازندراني (المتوفّى سنة ١٢٤٦ هـ) ..

أقول : ثمّ إنّ الشيخ الجدّ الكبير كان له خطّ جيّد ، توجد في مكتبة الأسرة نسخة من اللمعة الدمشقية بخطّه موشاة بحواشيه الدقيقة.

كان ثرياً جدّاً ممّا ورثه من أجداده.

وبعد وفاة أستاذه السيّد عليّ الطباطبائي تفرق تلامذته ، وعاد شيخنا لفترة وجيزة إلى مامقان. قيل : السبب في ذلك أنّ أستاذه السيّد عليّ قد أوصى بعدم تفرق تلامذته عن حضور درس ولده السيّد محمّد ـ كما قاله في قصص العلماء في ترجمة ملا عبد الكريم الإيرواني ـ فلذا سافر الشيخ إلى مامقان كي لا يعصي أمر أستاذه ، وبعد مرور مدة وانتفاء الوصيّة ـ بوفاة السيّد ـ عاد مع عياله إلى كربلاء وقطن في محلّة ـ

٢٦

__________________

ـ دروازة [باب] النجف ، وكان يصلّي في تلك المحلة نهاراً وفي الإيوان الحسيني ليلاً. وكان مرجعاً لتقليد جمع من أهالي آذربايجان ، وكان له صحبة تامة مع الشيخ محمّد حسين صاحب الفصول والشيخ خضر شلال ، ولذا جعل الأوّل وصياً على ولده الشيخ محمّد حسن .. كذا في مكارم الآثار.

وله رسالة عمليّة ، وكتاب في الفقه الاستدلالي مشتمل على مباحث الزكاة والخمس والصوم والاعتكاف والحجّ ، فرغ من كتاب الاعتكاف في صبيحة يوم السبت ١٢ رجب ١٢٤٥ هـ.

توفّي بالطاعون في سنة ١٢٤٦ هـ ، ودفن في الإيوان الحسيني في المحل الّذي كان يصلّي فيه ، ودفنت زوجته عنده.

وقال المرحوم الاوردبادي في ترجمة ولده الشيخ محمّد حسن :

وأمّا والده المولى عبدالله ، فكان أيضاً من العلماء ، كان مقلداً ببلدته ، وله رسالة عمليّة ، وكان من أهل اليسار والسعة ، مثرياً ، تأوي إليه العلماء على طبقاتهم ، قاطناً بالحائر الحسيني سلام الله على مشرفها ، ثمّ لعبت بثروته أيدي سبأ بعد وفاته سنة ١٢٤٦ أو سنة ١٢٦٧ [كذا] عام الطاعون ـ على اختلاف النقل فيه ـ!

وقال السيّد القاضي الطباطبائي : عالم عامل فقيه كامل ... قلده جمع من أهالي أذربايجان.

مكارم الآثار ٤/١٢٨٠ ، برقم ٦٨٠ ، معارف الرجال ٢/١٣ ـ ١٥ برقم ٢٠١ ، المجموعة المجمعة من وريقات وكتب الشيخ محمّد عليّ الأُوردبادي المسمّاة بـ : المجموعة الكبيرة في التراجم (الخطية عند سبطه السيّد مهدي الشيرازي) ، الكرام البررة ٢/٧٧١ ـ ٧٧٢ برقم ١٤٣٣ ، الأعلام الشرقية ٢/١٣٦ ، رجال آذربايجان : ١٨٧ ، علماء معاصرين : ١٥٨ ، آئينه رستگاري (ترجمة مرآة الرشاد) : ٢١٣ معجم المطبوعات النجفية الشيخ هادي الأميني : ١٣٠ ، معلومات خاصّة وترجمة عن الجدّ ، مقدّمة كتاب مقباس الهداية ١/١٢ ـ ٢٨.

٢٧
٢٨

[الشيخ محمّد حسن المامقاني قدّس سرّه]

[١٢٣٨ ـ ١٣٢٣ هـ ق]

[١٢٠١ ـ ١٢٨٤ هـ ش]

[١٨٢٢ ـ ١٩٠٥ م]

٢٩
٣٠

وأمّا الفصول :

في ترجمة الشيخ الوالد قدّس سرّه :

الفصل الأوّل

في ولادته إلى أن يسافر إلى تبريز

ولد طاب رمسه في مامقان في اليوم الثاني والعشرين من شهر شعبان سنة ألف ومائتين وثمان وثلاثين ـ على ما أرّخه به جدّي قدّس سرّه في ظهر الفوائد الحائريّة المتقدّم الإشارة إليها ـ ثمّ جُلب إلى كربلاء وعمره الشريف عدّة أشهر ، فلمّا توفّي الجدّ بعد الجدّة رحمة الله عليهما ، وكان عمره الشريف حينئذ ثمان سنين وثلاثة أو أربعة أشهر ـ على ما يكشف عن ذلك الجمع بين تاريخ ولادته وتاريخ الطاعون ـ.

ومات وصي (١) الجدّ أيضاً; بعد ذلك نصب صاحب الفصول قدّس سرّه للوالد طاب رمسه قيّماً ، فربّاه القيّم في نهاية العزّ والاحترام والعفة جزاه الله تعالى خير الجزاء ، وحشره مع الأئمّة الأصفياء صلوات الله عليهم أجمعين.

وكان الوالد قدّس سرّه في غاية الجودة والفطانة والشوق إلى الاشتغال ،

__________________

(١) أقول : ما ذكره هنا ينافي كون صاحب الفصول وصيّاً ، إلاّ أن يكون المراد من الوصي القيّم.

٣١

حتّى نقل قدّس سرّه أنّه كان آخر من ينام بالليل من بين سكّان مدرسة حسن خان (١) ـ الّتي هي إلى جنب الصحن الشريف الحسيني صلوات الله على من حلّ به وأصحابه ـ.

وكان صاحب الفصول رحمه الله مواظباً لأموره ، حاثّاً له على الاشتغال ، وكان يعيّن للتدريس له خاصّة فضلاء تلامذته.

ومن لطيف ما نقله قدّس سرّه : إنّه مضى يوماً إلى الشيخ صاحب الفصول ـ بعد فراغه قدّس سرّه من التدريس ـ فالتمس منه تعيين أستاذ يباحث له الشرح المطوّل للتفتازاني ، فقال له الشيخ قدّس سرّه : هل في نظرك أحد؟ فقال : نعم ، أرجوكم تأمرون الشيخ عبدالرحيم ـ وهو من أجلّ تلامذته ـ بذلك ، فأرسل الشيخ رحمه الله إليه وجلبه وأمَره بأن يباحث له المطوّل ، قائلا : إنّ أباه كان عالماً نحريراً وأرجو أن يكون هو كذلك .. فامتثل المأمور وأخذ يباحث له المطوّل ، وقد كان محل مباحثته في اليوم الأوّل مشتملا على قول التفتازاني في شرح قول الشاعر :

هذا أبوالصقر فرداً في محاسنه(٢)

…………………….

إنّ (فرداً) حال أو صفة مقطوعة.

فأورد عليه الشيخ الوالد قدّس سرّه بأنّ المطابقة بين الصفة والموصوف في أربعة من عشرة لازمة ، و (فرداً) هنا نكرة و (أبو الصقر) معرفة ، فعجز الأستاذ عن الجواب ، وقد كان الوالد قدّس سرّه قبل ذلك قد وجد في حاشية

__________________

) ذهبت هذه المدرسة في الشارع المحيط بالصحن الحسيني الشريف وبقيت منها بقية ملاصقة للصحن الشريف من جهة الشرق ، قاله الشيخ جعفر محبوبة في ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٢ (الحاشية).

(٢) المطوّل : ٧٧ (من طبعة قم ـ مكتبة السيّد المرعشي) ، والبيت لابن الرومي ، وعجزه : من نسل شيبان بني الضال والسلم.

٣٢

لسعد الدين على الأنموذج أنّ المطابقة لا تعتبر بين الصفة المقطوعة وبين موصوفها ، فلمّا وجد عجز أستاذه عمّا هو عارف به أعرض عنه.

ثمّ إنه قدّس سرّه لمّا توفّي صاحب الفصول سنة ألف ومائتين وخمس وخمسين ـ وكان عمره الشريف يومئذ سبع عشرة سنة ـ انتقل إلى النجف الأشرف وسكن الحجرة الشريفة (١) من الصحن المطهّر ـ الّتي هي فوق باب المدرسة (٢) ، الّتي هي في عكس القبلة (٣) ـ. وكانت حجرات الصحن الشريف مجمع الفضلاء ومسكن المشتغلين ، كما أنّ أصل بنائه كان لذلك ، فأخذ يشتغل قدّس سرّه بها ، وكان يومئذ زمان رئاسة الشيخ الأجلّ صاحب الجواهر قدّس سرّه (٤).

__________________

(١) كذا ، والظاهر : الشرقية.

(٢) يحدّثنا عنها السيّد النجفي القوچاني في كتابه سياحت شرق : ٢٩٢ ـ ما ترجمته ـ : .. في ذلك الضلع الشمالي قرب باب المرافق العامّة باب تنتهي إلى مدرسة حقيرة وخربة ، تحوي عشر غرف في طابقيها ، ينفتح بابها على الصحن ..

ويقول الشيخ محبوبة في ماضي النجف وحاضرها عنها ٢/٢٥٢ : .. وهي الحسينية الحاضرة اليوم! ..

وقال في نقباء البشر ١/٤٠٩ : .. ونزل في مدرسة الصحن الغروي يوم كان [كذا] من أهم مدارس النجف ، وكانت حجره مكتظة بالأعلام والفطاحل والأفاضل ..

(٣) يقول الشيخ حرز الدين في ترجمة الشيخ محمّد حسن نقلاً عن الشيخ الجدّ ـ كما في معارف الرجال ١/٢٤٤ ـ : .. وإنّ الشيخ والده ـ كان في حادثة نجيب باشا العثماني سنة ١٢٥٨ في أهالي كربلاء ـ في النجف بقرينة سنة حجه ، وشاع في الأوساط النجفية أنّ الأستاذ الفاضل الإيرواني هو الّذي التمس الشيخ حسن على أن يعدل عن إقامة كربلاء إلى النجف الأشرف ، ثمّ قال : وقد هيأ الشيخ الإيرواني كلّ ما يحتاج إليه المترجم له.

(٤) أقول : الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب الجواهر (١٢٠٢ ـ ١٢٦٦ هـ) ابن الشيخ باقر بن الشيخ عبد الرحيم بن الأغا محمّد الصغير بن الأغا عبد الرحيم النجفي.

الفقيه الأعظم ، ورئيس الإماميّة في عصره ، أستاذ العلماء والمحقّقين ، من فقهاء الشيعة الاثني عشرية ، له ترجمة مبسوطة في كتب التراجم وعرف بالجواهر الّتي بقي في ـ

٣٣

__________________

ـ تصنيفه لها نحواً من ثلاثين عاماً.

وقد تتلمذ على الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي ، وولده الشيخ موسى ، وصاحب مفتاح الكرامة السيّد محمّد جواد العاملي ، وصاحب الرياض وله الرواية عنهم.

كما وقد تتلمذ عليه أكابر العلماء ومحقّقو الفقه منهم الشيخ محمّد حسن المامقاني كما جاء في معارف الرجال.

توفّي في النجف عند الزوال يوم الأربعاء غرة شعبان سنة ١٢٦٦ هـ ، ودفن بمقبرته الشهيرة الّتي أعدّها لنفسه جنب مسجده.

له جواهر الكلام ـ وهو العمدة وبه عرف ـ ، ونجاة العباد ، وهديّة الناسكين ، ورسالة في المواريث.

معارف الرجال ٢/٢٢٥ ـ ٢٢٩ برقم ٣٢٦ ، الكرام البررة ١/٣١٠ ـ ٣١٤ برقم ٦٣٢ ، ريحانة الأدب ٣/٣٥٩ ، الفوائد الرضويّة : ٤٥٢ ، المآثر والآثار : ١٣٥ ، ماضي النجف وحاضرها ٢/١٢٨ ، الكنى والألقاب ٢/٦٨ ، مكارم الآثار ٥/١٨٢٦ ، لباب الألقاب : ٥٠ ، هديّة الأحباب : ١٧١ ، مستدرك الوسائل ٣/٣٩٧ الطبعة الحجريّة [٢/١١١ من الخاتمة] و .. غيرها.

ثمّ إنّه قد قال شيخنا العلاّمة الطهراني طاب ثراه في الكرام البررة ١/٣١٢ في ترجمة صاحب الجواهر ما نصه :

.. ويمتاز عن البعض بأنّ كافة تلاميذه فطاحل غطارف فحول أعلام ، فقد خرج من معهد درسه جمّ غفير انتشروا في الأنحاء والأرجاء الشيعية ، ونالوا المرجعية بعده ، وصاروا من رجال الفتيا والتقليد .. وعدّ منهم الشيخ محمّد حسن المامقاني.

وقال في أعيان الشيعة ٥/١٤٩ ـ ١٥٠ في ترجمته : .. أجاز بالاجتهاد عدداً كبيراً من تلامذته رأّسوا من بعده ، نسمّي أشهرهم ، وإليك أسماءهم : .. ثمّ عدّد منهم الشيخ محمّد حسن المامقاني ..

وذكر هذا غيرهم ، ولم يثبت لي ذلك ، خصوصاً مع ملاحظة الفصل الأوّل من هذه الرسالة (مخزن المعاني).

أقول : الظاهر أنّ هذا اشتباه منهم طاب رمسهم ; حيث لم يحظ قدّس سرّه قبل سفره ـ

٣٤

وقد نقل لي ـ نوّر الله مضجعه ـ مراراً أنّه كان في ذلك الزمان بعد نصف الليـل في البلدة دويّ كدويّ النحل ، وأنّ الناس كانوا بين مصلّ وداع ومتضـرع وباك .. فوا أسفاه عـلى ذلك الزمان وواسوأتاه على هذا العصر (١)!!.

ثمّ إنّه قدّس سرّه منذ كان مشغولا بالتحصيل إذ وقعت وقعة كربلاء ـ الّتي هي إحد] ى [وقعات تلك البلدة المطّهرة ـ وهي الغارة المعروفة بـ : النجيب باشائية (٢) الواقعة ساعتين قبل الصبح تقريباً من ليلة الجمعة

__________________

ـ إلى إيران بذلك ، ولو كان فلم يكن من مبرزي تلامذته وقد وافى العراق بعد رحيل صاحب الجواهر بأربع سنين (سنة ١٢٧٠ هـ) فلا نعلم متى تتلمذ عليه ، ولو كان لأشار له شيخنا الجدّ طاب ثراهما هنا.

(١) لقد حدّثني أكثر من واحد نقلاً عن الشيخ الجدّ الأكبر أنّه قال : لقد تشرّفت سحر ليلة من شهر رمضان إلى الحرم العلوي الشريف على صاحبه وآله آلاف التحية والثناء ، وهو مكتظ بالمصلّين لصلاة الليل وغيرها ، فكان أن عدّدت منهم أكثر من خمسين مصلّياً ممّن يقرأ دعاء أبي حمزة الثمالي رحمه الله في قنوت صلاة الوتر عند رأس مولى الموحّدين أمير المؤمنين عليه السلام عدا ما كان يقرؤه من كتب الدعاء ..!

(٢) وهي من أشهر وقائع كربلاء ، حيث طغى الوالي العثماني نجيب پاشا يوم الغدير من سنة ١٢٥٨ [١٨٤٢م] وسمّي بـ : غدير الدم ، بعد أن هجم على أرض كربلاء المقدّسة ، وسلطت القوات العثمانية مدافعها على سور البلد من جهة باب الخان ، وفتحت ثغرة واسعة فيه ، وبعد معركة طاحنة دامية فتحها وقتل أهلها ، ونهب وأحرق أموال مجاوريها ، قيل : يزيد من قتل فيها على العشرة آلاف مابين مسلم ومسلمة ، بل قيل سقط فيها من القتلى ثمانية عشر ألفاً ، وقيل : أربعة وعشرون ألفاً. وأسر ونهب وسلب و ..

لاحظ : صور من تاريخ الواقعة في العصور المظلمة لجعفر الخيّاط ١/٣٠٨ ، ومفصّلاً في العبقات العنبريّة في الطبقات الجعفريّة لكاشف الغطاء : ٣٠٦ ـ ٣١٦ ، وتسخير كربلاء : ٤٧ وغيرها.

يحدّثنا الشيخ حرز الدين في معارف الرجال ١/٢١٤ عنها ، حيث قال أنّه : ـ

٣٥

الحادية عشرة من ذي الحجّة الحرام سنة ألف ومائتين وثمان وخمسين ، المؤرّخة بــ : (غدير دم) ، حيث هجم النجيب [كذا] باشـا مع العساكـر بـأمـر الدولة العثمانية على البلدة ، وقتل أهلها قتلا عاماً حتّى جرى الدم في الصحن الشريف والسكك ـ كوقعة الطفّ ـ ، ووقعت قبلها وقعة الوهّابي ، حيث خرج من أرض نجد واخترع ما اخترع في الدين ، وأباح دماء المسلمين ، وأغار سنة ألف ومائتين وستّ عشرة على مشهد الحسين عليه السلام ، وقتل الرجال والأطفال وأخذ الأموال ، وعاث في الحضرة المقدّسة فخرّب بنيانها ، وهدم أركانها ـ على ما أرّخه السيّد الجليل صاحب مفتاح الكرامة في آخر جلد الضمان (١) ـ ، وجاء بعد ذلك مراراً أُخر

__________________

ـ كتب الوالي نجيب باشا إلى المترجم ـ أي الشيخ حسن بن جعفر صاحب كشف الغطاء (١٢٠١ ـ ١٢٦٢ هـ) كتاباً وفيه : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ) [سورة الرحمن (٥٥) : ٣١؟] .. عندئذ خرج المترجم له لملاقاة الوالي في كربلاء وبصحبته جماعة من أهل الفضل والدين ، ومنهم الفقيه الشيخ حسن الفرطوسي ـ وكان كهلاً ـ ، ولمّا قاربوا كربلاء رجع البعض لما شاهدوه من الجيوش المجمّعة وبقي نفر يسير .. في قصة طويلة من أراد راجعها ، وفصل القصة ولد الشيخ عبّاس الصغير ولد الشيخ حسن كاشف الغطاء في رسالة خاصّة عن حياة أبيه سمّاها : نبذة الغري في أحوال الحسن الجعفري ـ وقد استعارها شيخنا الطهراني ـ ونقل الواقعة عنها مفصّلاً في الكرام البررة ١/٣١٨ ، فراجع.

(١) مفتاح الكرامة ٥/٥١٢ آخر كتاب الصلح قال : .. لإتمام هذا الجلد في أوّل شهر ربيع الأوّل سنة ١٢٢١ ـ ألف ومائتين وإحدى وعشرين من الهجرة ـ مع تشتت الأهوال ، واشتغال البال بما نابنا من الخارجي الملعون في أرض نجد ، فإنّه اخترع ما اخترع في الدين ، وأباح دماء المسلمين ، وتخريب قبور الأئمّة المعصومين عليهم صلوات رب العالمين ، فأغار سنة ١٢١٦ ـ ستّة عشر ـ على مشهد الحسين عليه السلام وقتل الرجال والأطفال ، وأخذ الأموال وعاث في الحضرة المقدسة ، فخرّب بنيانها ، وهدّم أركانها .. وفي السنة الحادية والعشرين في الليلة التاسعة من شهر صفر قبل الصبح بساعة هجم ـ

٣٦

رجع خائباً ـ على ما أرّخها السيّد قدّس سرّه في آخر جلد الشفـعة (١) والوكالة (٢) والإقرار والـهبات (٣) من مفتاح الكرامةـ.

والغرض ; أنّ الشيخ الوالد قد كان في وقعة النجيب [كذا] باشا في النجف الأشرف ، وكانت الزوّار من أهل مامقان يومئذ في الكاظمين عليهما السلام (٤) ، فلّما انطفت تلك النائرة زاروا كربلاء ثمّ أتوا إلى النجف الأشرف ،

__________________

ـ علينا في النجف الأشرف ونحن في غفلة ; حتّى أنّ بعض أصحابه صعدوا السور وكادوا يأخذون البلد ، فظهرت لأمير المؤمنين عليه السلام المعجزات الظاهرة ، والكرامات الباهرة ، فقتل من جيشه كثير ورجع خائباً .. وله الحمد على كّل حال.

(١) مفتاح الكرامة ٦/٥٣٤ قال : .. وقد تّم كتاب الشفعة ... ليلة الخميس الثامنة والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ١٢٢٣ ... وفي هذه السنة جاء الخارجي الّذي اسمه : سعود في جمادى الآخرة من نجد بما يقرب من عشرين ألف مقاتل أو أزيد ، فجاءنا النذر بأ نّه يريد أن يدهمنا في النجف الأشرف غفلة ، فتحذّرنا منه وخرجنا جميعاً إلى سور البلد ، فأتانا ليلاً فرآنا على حذر قد أحطنا بالسور بالبنادق والأطواب [أي المدافع] فمضى إلى الحلّة فرآهم كذلك ، ثمّ مضى إلى مشهد الحسين عليه السلام على حين غفلة نهاراً فحاصرهم حصاراً شديداً فثبتوا له خلف السور ، وقتل منهم وقتلوا منه ، ورجع خائباً .. إلى آخره.

(٢) قال في مفتاح الكرامة ٧/٦٥٣ من كتاب الوكالة : .. من الليلة التاسعة من شهر رمضان المبارك سنة ألف ومائتين وخمس وعشرين .. وكان من تشويش البال واختلال الحال ، وقد أحاطت الأعراب ـ من عنيزة القائلين بمقالة الوهابي الخارجي ـ بالنجف الأشرف ومشهد الحسين عليه السلام ، وقد قطعوا الطرق ، ونهبوا زوار الحسين عليه السلام بعد منصرفهم من زيارة نصف شعبان ، وقتلوا منهم جماعة غفيراً [كذا] وأكثر القتلى من العجم ، وربما قيل إنّهم مائة وخمسون ... ونحن الآن كأ نّا في حصار ، والأعراب إلى الآن ما انصرفوا وهم من الكوفة إلى مشهد الحسين عليه السلام .. إلى آخره.

(٣) مفتاح الكرامة ٩/٢١٠ كتاب الاقرار ، وفيه : .. في اليوم السابع عشر من جمادى الأولى سنة ألف ومائتين وستّ وعشرين ، وقد كان جاءنا عسكر الوهابيين ... وكنّا حينئذ في النجف الأشرف كالمحاصرين .. إلى آخره.

(٤) وقد حدّد تاريخها الشيخ محبوبة في ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٢ بـ : سنة

٣٧

فاستخبروا حال الوالد قدّس سرّه إلى أن عثروا به ، وألحّوا عليه بالمضيّ إلى مامقان فامتنع ، فالتجؤوا إلى صاحب الجواهر قدّس سرّه شفقة على الوالد قدّس سرّه وخوفاً عليه من اغتشاش العراق ، فلمّا فهم صاحب الجواهر قدّس سرّه أنّ الوالد قدّس سرّه ابن المرحوم المولى عبدالله أثنى على الجدّ وبيّن للزوّار بعض مراتبه ، واشتاق إلى لقاء الوالد قدّس سرّه وأتى إلى حجرته وألزمه بالانتقال مع الزوّار ـ حيث كان شاباً غريباً ، وكانت [كذا] العراق يومئذ مخطورة ـ فامتثل للأمر المطـاع ، وانتقل معهم إلى تبريز في التأريخ المذكور (١).

وقد ورّث من أبيه قرب الخمسمائة مجلّد كتباً نفيسة فاستودعها عند شخص ، فمات الأمين قبل رجوع الوالد طاب ثراه وتلفت الكتب ولم يصله منها شيء ، ولم يأخذ معه إلى تبريز إلاّ شرح اللمعة الدمشقية والفوائد الحائريّة اللّذين هما بخطّ الجدّ قدّس سرّه على ما مرّ ، وهما الآن عندي نقلهما إليّ

__________________

ـ ١٢٥٥ ، قال : .. جاء كثير من أهالي تبريز للزيارة ، وقد سمعوا بواقعة نجيب باشا الدامية .. إلى آخره ، إلاّ أنّ شيخنا الطهراني في نقباء البشر ١/٤٠٩ قال : .. فواصل دراسته إلى ١٢٥٨ حيث أخذه زوار أهل بلاده معهم فقضى زمناً ..

(١) قال في معارف الرجال ١/٢٤٤ : .. وسمعنا من البعض أنّ الشيخ ارتحل من كربلاء إلى النجف أيام رئاسة صاحب الجواهر المتوفّى سنة ١٢٦٦ ، وسافر إلى تبريز بالتماس من رئيس الإماميّة يومئذ الشيخ صاحب الجواهر ، حيث إنّ جماعة من وجوه أهل تبريز قدموا النجف زائرين وطلبوا من المرجع الأعلى أن يلزم الشيخ حسناً بالذهاب معهم ليكون لهم إماماً ومرشداً إلى طريق الحق ، وسافر أيضاً من هناك إلى قفقاز وعاد إلى النجف حدود سنة سبعين بعد المائتين والألف هجرية بعد وفاة صاحب الجواهر.

   أقول : عبارة الجدّ طاب ثراه هنا صريحة في ما سلف منّا من عدم تتلمذ والده قدّس سرّه على صاحب الجواهر ، فتدبّر.

٣٨

بالعقد اللازم مع تمام مصنّفاته وجميع ما هو بخطّه الشريف وخطّ الجدّ ـ من مصنّف وغيره ـ في ذي القعدة سنة ألف وثلاثمائة وستّ عشرة ، وقد وقفتها مع مصنّفاتي وكلّ ما هو بخطّي على متولي مقبرته قدّس سرّه .. (١) على ما يأتي شرحه إن شاء الله تعالى.

__________________

([١]) وقد جاء الكتابان سهواً ضمن كتب الوالد حفظه الله إلى إيران ، وهي عندنا فعلاً ترى صورة لهما في آخر الكتاب.

٣٩
٤٠