تنقيح المقال

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-381-0
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٣٤

ومنها : غاية الآمال

تعليق (١) منه قدّس سرّه على مكاسب شيخه العلاّمة الأنصاري قدّس سرّه وبيعه وجزء على الاختصار من خياراته ، وهي ثلاث مجلّدات :

فالأوّل : في تمام المكاسب.

فرغ من إخراجه إلى البياض سادس عشر شهر ربيع الأوّل سنة ألف ومائتين وثلاث وتسعين ، يبلغ سبعة عشر ألف بيت تقريباً وثلاثمائة وثمانين بيتاً تقريباً.

والثاني : من أوّل البيع إلى آخر مسألة أمر العبد بأن يشتري نفسه من مولاه ، يبلغ ستّة عشر ألف بيت تقريباً.

والثالث : من مسألة الفضولي إلى خيار الرؤية ، يبلغ أربعة عشر ألف بيت تقريباً.

__________________

ـ رقم ١٠٢٢٢ ، والثالث تحت رقم ١٠٢٢٣ ، والرابع تحت رقم ٧٩٢٦ و١٠٢٢٤ ، والثامن تحت رقم ١٠٢٢٥.

كما وهناك نسخة من (البشرى) مصحّحة ومقابلة (قوبلت مع نسخة الأصل) وعليها حواش ، تاريخ الكتابة سنة ١٣٠٨ هـ ، كما جاءت في فهرست مكتبة السيّد النجفي المرعشي قدّس سرّه ٢٨/٣١٢ تحت رقم ٦/١١٢١٥ ضمن مجموعة ، وذكر هناك أنّها كانت مورد استفادة السيّد المرعشي رحمه الله خلال تدريسه في دوراته الاصولية.

واُخرى في نفس المكتبة تحت رقم ٧٩٢٦ ـ ٩٧٢٩ بخطّ محمّد آل بحر العلوم الطباطبائي ، وقد كتبت في عصر المؤلّف مصحّحة ، وعليها بلاغات.

وتوجد في مكتبة الأسرة في النجف دورة كاملة بخطّه قدّس سرّه تركت كبقية مؤلّفاته ومؤلّفات الأسرة ، وعندنا نسخة جيّدة في ثمان مجلّدات مهداة من سماحة ابن العمّة الجليل السيّد محمّد عليّ الميلاني للشيخ الوالد حفظهما الله وصلت له من سماحة والده المرجع الأعظم السيّد الميلاني قدّس سرّه .. هذا وله نسخ اخر كثيرة جداً في المكتبات العامّة والخاصّة اعرضنا عن درجها انظر : آخر فصل من الكتاب.

(١) عدّه في الذريعة شرحاً للمكاسب ، قال : من أوّله إلى خيار الرؤية ..

١٠١

وقد انطبعت [كذا] في بلدة طهران سنة ألف وثلاثمائة وسبع عشرة من الهجرة الشريفة (١).

ومنها : ذرايع الأحلام في شرح شرائع الإسلام (٢)

برز منه أربعة عشر مجلّداً.

فالأوّل : من أوّل الطهارة إلى أوّل الوضوء ، ستّة عشر ألف بيت وأربعة وخمسون بيتاً تقريباً.

والثاني : من أوّل الوضوء إلى آخره ، يبلغ ثمانية عشر ألف بيت وتسعمائة وتسعة وثلاثين ألف بيت تقريباً.

__________________

(١) ذكر في أوّله مقدّمة في ترجمة أحوال الشيخ الأنصاري ، كما قاله في الذريعة ٥/١٦ برقم ٢١ ، واشار له خانبابا مشار في فهرست كتابهاي چاپي عربي (عمود) : ٦٤٥ ، وقال : طهران ، ١٣١٧ ق ، سنگي ، رحلي ، ٥٢١ صفحة ، وذكره في معجم المؤلّفين العراقيين (القرن التاسع عشر والعشرين) كوركيس عواد ١/٣٢٣ ، وكرره في ٣/١٤٠.

وله نسخ كثيرة ، منها ما جاء في فهرست مكتبة السيّد النجفي المرعشي العامّة تحت رقم ٤٤٥٠ ورقم ١٠٢٢٦ للمجلّد الثاني ورقم ١٠٢٢٧ للمجلّد الثالث.

واُخرى تحت رقم ٤٤٥٠ كتبت في عصر المؤلّف. واتم مقابلتها على نسخة المؤلّف محمّد حسين بن أحمد الرشتي في سنة ١٣١٠ هـ.

وقال في التراث العربي المخطوط ٤/١١٤ ، وهذا الشرح من أوّل المكاسب وخيار الرؤية ، وأتمه ابنه الشيخ عبدالله في كتابه : نهاية الآمال.

وقد جدّد طبعها بالاوفست من قبل مجمع الذخائر الإسلامية في قم في حدود سنة ١٤٠٠ هـ ، في ٥٤٢ صفحة.

(٢) أسماه شيخنا في الذريعة : ذرايع الأحلام إلى أسرار شرائع الإسلام ، وكذا جاء في فهرس مخطوطات السيّد محمّد باقر الطباطبائي في كربلاء : ٦٧ ، وفي ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٤ : ذرايع الأعلام [كذا] في شرح شرائع الإسلام. ولعله منه أخذ كوركيس عواد في كتابه معجم المؤلّفين العراقيين (القرن التاسع عشر والعشرين) ١/٣٢٣ ، وكذا في ٣/١٤٠ وقال : ١ ـ ٦ تبريز ١٣١٩ هـ.

١٠٢

والثالث : في الأغسال الأربعة ، يبلغ اثنين وعشرين ألف بيت وخمسمائة وعشرين بيت تقريباً.

فرغ منه في حادي عشر جمادى الأولى سنة ألف وثلاثمائة.

والرابع : في أحكام الأموات تبلغ ... (١)

والخامس : في الطهارة الترابية ، يبلغ ثمانية عشر ألف بيت وستّمائة وخمسة وستّين بيتاً تقريباً.

والسادس : في النجاسات وأحكامها ، يبلغ عشرين ألف بيت ومائة وثمانين بيتاً تقريباً.

فرغ منه في ثاني عشر ربيع الثاني سنة ألف وثلاثمائة وأربع (٢).

وقد طبعت هذه الستّ مجلّدات في مجلّدين في بلدة تبريز سنة ألف وثلاثمائة وتسع عشرة (٣).

والسابع : من أوّل الصلاة إلى آخر مبحث القبلة ، يبلغ خمسة عشر ألف بيت وثمانمائة بيت.

فرغ قدّس سرّه منه في السادس والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ألف وثلاثمائة وستّ.

__________________

(١) هنا بياض في الأصل.

(٢) في المجموعة الكبيرة الخطيّة للاوردبادي قال عن الذرايع : برز منه الطهارة في ٦ مجلّدات تبلغ ١٠٠٠٠ بيت تقريباً.

(٣) قال السيّد المرعشي النجفي رحمه الله في الاجازة الكبيرة : ٨٢ برقم ٩٩ ـ في ترجمة السيّد عبدالعظيم الحسيني التبريزي ـ ما نصّه : وهو الّذي قام بتصحيح كتاب ذرايع الأحلام في شرح شرائع الإسلام للعلاّمة الشيخ محمّد حسن المامقاني النجفي ، فإنّه كدّ واجتهد في التصحيح والتهذيب لهذا الكتاب.

أقول : قال خانبابا مشار في فهرست كتابهاى چابي عربي : عمود : ٣٩٢ : ذرايع الاحلام : ممقاني حائري نجفي ، ٢ جلد ، رحل ، ٢٢١ ، ٣٥٥ ، ٣٣٦ ، ٢٥٦ + ٢٨٠ صفحة.

١٠٣

والثامن : من أوّل لباس المصلي إلى آخر مبحث المكان.

فرغ منه قدّس سرّه في الثاني والعشرين من ربيع الثاني سنة ألف وثلاثمائة وثمان.

والتاسع : من أوّل الأذان والإقامة إلى آخر السجدة ، يبلغ ستّة عشر ألف بيت ومائتين وخمسين بيتاً تقريباً.

فرغ قدّس سرّه منه سنة ألف وثلاثمائة واثنتي عشرة.

والعاشر : من التشهد إلى آخر صلاة الجنازة ، يبلغ ستّة عشر ألف بيت تقريباً.

والحادي عشر : الخلل إلى آخر سجدة السهو ، يبلغ اثني عشر ألف وثمانمائة بيت تقريباً.

وقد سقط من قلمه قضاء الصلوات فحرّرتُ مجلّداً في ذلك.

والثاني عشر : من أوّل صلاة الجماعة إلى آخر صلاة المسافر ، يبلغ ثمانية آلاف وتسعمائة وسبعين بيتاً تقريباً.

والثالث عشر : جلد (١) الصوم.

فرغ منه قدّس سرّه في ثالث عشر شهر ذي القعدة الحرام سنة ألف ومائتين وتسع وتسعين (٢).

والرابع عشر : من أوّل الزكاة إلى مسألة إخراج الفطرة من نفسه وعياله ، ومن أوّل الخمس إلى آخر مسألة الكنز.

__________________

(١) الظاهر : مجلّد.

(٢) توجد في المكتبة الوطنية (ملّي) بتبريز كتاب الصوم من ذرايع الأحلام نسخت بتاريخ ١٠٩٩ [كذا] ، ادعي في فهرستها ٢/٧٠٣ تحت رقم ٣٣٦٤ / ٦٥٦ أنّها بخط المؤلّف طاب ثراه! ولا يصحّ هذا; حيث إنّ النسخة الأصليّة (الامّ) محفوظة عند الأسرة في مقبرتها في النجف الأشرف ، وهي بخطه طاب ثراه ، إلاّ أن يقال بالتعدّد ، وهو بعيد.

وقال عنه في الأعيان ٥/١٥١ : .. وهو أوّل ما كتبه .. وهذا غير صحيح كما هو واضح.

١٠٤

وهذا الأخير ليس كما سبق ذكره في الاستيفاء والبسط ، لأ نّه لم يكتبه مستقلا بل ممّا حرّره في بدو أمره تقريراً (١).

ومنها : ما كتبه من تقرير بحث بعض أساتيده (٢) ، وهو مشتمل على مبحث الصيد والذباحة إلى مسألة أنّ ذكاة الجنين ذكاة أمّه (٣) ، وعلى أحكام الدعوى من كتاب القضاء إلى أواخر مسألة سماع الشهادة بالملك القديم من دون تعرض لبقائه أو عدم العلم بزواله في الحال ، وعلى مبحث إحياء الموات إلى شرح قول المحقّق رحمه الله (٤) : (وإن لم يف النهر المباح أو السيل الوارد (٥) بسقي ما عليه) ..

حرّره من تقرير بحث شيخه المحقّق الأنصاري قدّس سرّه وعلى مبحث اللقطة إلى الفصل الخامس في الملتقط (٦).

__________________

(١) قال شيخنا الطهراني في الذريعة ١٠/٢٤ برقم ١١٧ : .. وقد طبع منه في ١٣١٩ المجلّد الأوّل من أوّل الطهارة إلى الدماء ، والمجلّد الثاني من الدماء إلى آخر النجاسات ، وخرج كتاب الصلاة تاماً لكنه لم يطبع بتمامه ، وطبع كتاب الصوم منه مع تعليق ولده الشيخ عبد الله في آخر مجلّد الزكاة والخمس من كتابه منتهى مقاصد الأنام في ١٣٤٨ ، كما طبع بعض كتاب الصلاة منه مع تعليق ولده المذكور في ١٣٤٩ ، وخرج كتاب الزكاة تامّاً ، وكتاب الحجّ ناقصاً ، والجميع بخطّه موجود في مكتبة ولده.

أقول : وتوجد بعض مجلّدات ذرايع الأحكام في مكتبة حفيده آية الله الميلاني قدّس سرّه في مشهد الرضا عليه السلام ، منها مجلّد في الطهارة وآخر في الزكاة وثالث في الصوم بخطّ ملا محمّد الكاشاني ، تاريخ التأليف فيها سنة ١٣٠٠ هـ ، وتاريخ الكتابة ١٣١٦ هـ ، وكتاب الصوم تاريخ التأليف ١٢٩٩ هـ ، والكتابة سنة ١٣١٦ أيضاً.

(٢) الظاهر : اساتذته.

(٣) قال عنه في الأعيان ٥/١٥١ : وكتاب الصيد والذباحة تقرير بحث شيخيه الشيخ مرتضى الأنصاري والسيّد حسين إلى مسألة أنّ ذكاة الجنين ذكاة أمّه.

(٤) شرائع الإسلام ٣/٢٨٠ ، ماقبل آخر كتاب إحياء الموات.

(٥) في المصدر : الوادي.

(٦) جاء في فهرست المكتبة الوطنية بطهران ١٢/٣٠ مجموعة تحت رقم ٤٣١٦ تحوي ـ

١٠٥

وأمّا ما ألّفه قدّس سرّه :

فقد ألّف ما يقرب من عشرين ألف بيت في المواعظ من غير ترتيب (١).

واستنسخ قدّس سرّه رسائل هي في مجلّد عندي وتفصيلها على ما يسطر :

رسالة لمحمّد بن محمّد زمان في تحقيق صيغ النكاح ، مفصّلة.

ورسالة أخرى في تحقيق صيغ النكاح.

ورسالة في جواز المسافرة في شهر رمضان قصداً للترخص ، للشهيد الأوّل.

ورسالة لكاشف الغطاء قدّس سرّه تتضمن بيان قاعدة نفي السبيل ، وقاعدة أنّ كلّ مأخوذ من مال محترم مضمون ، وقاعدة رجوع المغرور على من غرّه ، وقاعدة الاعتداء بمثل ما اعتدى ، وقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، وقاعده المؤمنون عند شروطهم ، وقاعدة في خواص الإمام عليه السلام ، وقاعدة إعطاء فعل النائب حكم المنوب ، وقاعدة أنّه يغتفر في التوالي ما لا يغتفر في الأوائل ، وقاعدة في بيان ما يقبل النقل بالشرط أو الصلح من الحقوق والأعيان والمنافع ، وقاعدة نفي الضرر والضرار ، وقاعدة نفي الحرج ، وقاعدة أنّ الإذن في ترك الواجب لا يفيد سوى رفع الوجوب ، وقاعدة أنّ حكم الحرام في الابتداء ينجر إلى أثره في البقاء في الحال وفي الإخراج ، وقاعدة أنّ المقدور بالواسطة مقدور.

ورسالة في مسألة منجزات المريض لصاحب الرياض قدّس سرّه.

__________________

ـ أربع رسائل فقهية ، والخامسة : مقابس الأنوار ونفائس الأسرار في علم الحديث ومعرفة كتبه واصطلاحات الفقهاء عليها حواش ادعى مفهرس المكتبة أنّها امضاء الشيخ محمّد حسن المامقاني ، وذلك برمز (م ح ن) .. لم اوفق لرؤيتها بعد.

(١) ذكره في ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٤ وقال : .. فقد.

١٠٦

ورسالة ـ أظن أنّها ممّا كتبه قدّس سرّه تقريراً ـ تتضمن مسألة جواز استئجار المرأة للرضاع مدّة مضبوطة ، ومسألة الاستئجار للصوم والصلاة ، ومسألة اشتراط كون المنفعة المستأجرة مقدورة ، ومسألة سلطنة المستأجر على فسخ الإجارة بانهدام المسكن المستأجر إلاّ إذا أعاده المالك ومكّنه منه ، ومسألة سلطنة المستأجر على فسخ الإجارة لو وجد عيباً سابقاً على العقد ، ومسألة ضمان المستأجر بالتعدي في العين المستأجرة ، ومسألة عدم جواز تقبيل عمل تقبّله هو من آخر من دون اشتراط المباشرة من غيره ، ومسألة وجوب سقي الدابة وعلفها على المستأجر ، ومسألة ضمان الصانع بالإفساد ، ومسألة ضمان المولى ما أفسده عبده الصانع في صنعته ، ومسألة أنّ نفقة الأجير المنفذ في الحوائج على المستأجر ، ومسألة صحّة العقد والإجارة جميعاً لو آجر عبداً ثمّ أعتقه ، ومسألة ضمان المستأجر الأجير إن هلك بتفريط المستأجر في حفظه ، ومسألة استحقاق المأمور بعمل أجرته ، ومسألة ما يجب على الأجير من الآلات وما لا يجب ، ومسألة تداعيهما في تلف العين.

ورسالة لبعض شرّاح قواعد الشهيد رحمه الله في بيان وجه الفرق بين مسائل متشابهة فرّقوا بينها في الحكم.

ورسالة في الرضاع من شيخه المحقّق الأنصاري قدّس سرّه.

وأجزاء في الرجال (١) حرّرها ، من تقرير بحث شيخه الجليل الشيخ

__________________

() كان الأولى عدّ هذه وما يليها ممّا ألفه طاب ثراه أو قرّره لا ما استنسخه.

وقد ذكر له شيخنا الطهراني في الذريعة ٢/١١٤ برقم ٤٥٢ ومصفى المقال : عمود ١٣٨ ـ ١٣٩ قال : .. من فوائده كراريس في الرجال ، كما وذكر له سيّد الأعيان ٥/١٥١ كتاب باسم أصالة البراءة ، قال : الأوّل توجد [كذا] في مكتبة الحسينية [أي الشوشترية] في النجف من موقوفة الحاج عليّ محمّد النجف آبادي النجفي .. ونصّ عليه في معارف الرجال ١/٢٤٤.

١٠٧

ملا عليّ ابن المرحوم الحاج ميرزا خليل قدّس سرّهما (١).

وأجزاء في الصوم حررها قدّس سرّه من تقرير بحث شيخه الّذي حضر عنده في تبريز الشيخ عبدالرحيم البروجردي تلميذ صاحب الجواهر رحمه الله (٢).

فرغ من تحريرها في تبريز في عاشر شهر رمضان المبارك من شهور سنة ألف ومائتين وثلاث وستّين.

ورسالة للشيخ أبي الحسن التنكابني في الكلّي الطبيعي(٣).

__________________

(١) وقد مرّت ترجمته في أساتذته قدّس سرّهما.

(٢) وقد سلفت ترجمته في أساتذته قدّس سرّهما.

(٣) وهذا من مستنسخاته رحمه الله لا تقريراته .. كما هو واضح.

أقول : عدّ له طاب رمسه كتاب منتخب المسائل ، وهي رسالة عمليّة فارسيّة مطابقة لفتاوى الآقا سيّد حسين الترك ، والحاج ميرزا محمّد حسن الشيرازي. قال في الذريعة ٢٢/٤٣٤ برقم ٧٧٦١ : .. جمعها الشيخ محمّد حسن بن عبد الله المامقاني في سنة ١٢٩٧ وطبع [كذا] في تلك السنة ، وذكره في آخره [كذا] أنّه مقصور في المسائل المتفرّقة على فتاوى آية الله الشيرازي.

وله أيضاً : الرسالة العمليّة ، وهي في العبادات طبعت سنة ١٣٠٦ هـ ، كما ذكره العلاّمة الطهراني في الذريعة ١١/٢١٤ برقم ١٢٨٤.

كما وقد ذكر في الأعيان ٩/١٤٩ في ترجمة صاحب الجواهر ما نصه : .. وله في الفقه مجموعة رسائل عمليّة جارية مجرى المتون سمّاها : نجاة العباد في يوم المعاد ... علّق عليها أهل الرأي والفتوى من الفقهاء المتأخرين عن مؤلّفها لتكون مرجعاً لمقلّديهم .. وعدّ منهم شيخنا الجدّ الأكبر رحمه الله.

١٠٨

الفصل السابع

في أسفاره قدّس سرّه

بعد مراجعته إلى النجف الأشرف من سفره

المتقدّم ذكره في الفصل الثاني

أمّا أسفاره إلى كربلاء المشرّفة فلا تعدّ ، وله أربعون ليلة جمعة متواصلة الزيارة ماشياً إلى كربلاء المشرّفة في زمان شبابه ، وله أسفار أخر :

فمنها : سفره إلى سرّ من رأى في زمان شيخه المحقّق الأنصاري قدّس سرّه للزيارة.

ومنها : سفره الآخر إلى سرّ من رأى ، وقد كنت بخدمته فمشينا أواخر جمادى الثانية من سنة ألف وثلاثمائة وإحدى وعشرين ، وزرنا أوّل شهر رجب كربلاء المشرّفة ، ثمّ مضينا إلى بلدة الكاظمين عليهما السلام وبقينا بها أياماً ، ثمّ توجهنا إلى سرّ من رأى ومكثنا بها أياماً ، ثمّ رجعنا إلى النجف الأشرف لزيارة مبعث النبيّ صلّى لله عليه وآله .. وله في هذه السفرة عطايا جميلة.

ومنها : سفره إلى خراسان ، كان منشأه نذري ـ الآتي ذكره عند بيان أمراضه قدّس سرّه ـ فإنّي بعد ما نذرت وعوفي قدّس سرّه من المرض ـ الآتي ذكره ـ عزمت على الوفاء بالنذر وأخذه إلى زيارة مولانا الرضا عليه السلام ،

١٠٩

فهيّأت ما يقتضيه (١) مسافرتنا ، ثمّ قبل أن نتحرك بأيّام عثر على عزمنا بعض الأصحاب فمنعوني! فاعتذرت بأ نّي ناذر ذلك .. فألحوا عليّ بالاستخارة .. فاستخرت الله تعالى على أخذه قدّس سرّه ومن معه إلى هذا السفر .. فاستخرت وإذا في صدر الصفحة قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُم طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً ولا تَخْشى) (٢) واستخرت على الترك ـ بإلزامهم ـ فإذا في أوّل الصفحة قوله جلّ من قائل : (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ ولِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٣) ثمّ أصرّ آخرون على استخارة أخرى على الترك! فإذا في صدر الصفحة قوله جلّ شأنه : (إنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٌ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الأَلِيمَ) (٤) فجزمنا بالممشى [كذا] .. ومشينا لأربع ساعات خلون من يوم الثلاثاء رابع شهر محرّم الحرام سنة ألف ومائتين واثنتين وعشرين إلى مسجد السهلة ، ثمّ إلى كربلاء المشرّفة ، وتوجهنا من كربلاء يوم الحادي عشر ووردنا الكاظمين (ع) خفاءً حذراً من الازدحام ، وقد كان أهل البلدة مستغيثين إلى الله تعالى من عدم الأمطار ، فحين ورودنا أمطرت السماء مطراً غزيراً فوق ما يحتاجون إليه ، فعدّ من اطلع على وروده قدّس سرّه ذلك من كراماته .. وبقينا هناك يومين وتحركنا يوم الرابع عشر من محرّم الحرام ..

وبيان تفصيل هذا السفر يحتاج إلى كتاب مستقل ، ومجمله ; أنّا ما وردنا قرية ولا مررنا بأهل بادية إلاّ وقد استقبلونا وأتوا بذبائح من غنم وبقر ، وما وردنا بلدة أو قرية وفيها حاكم أو متموّل إلاّ وقد أتانا بهديّة من دنانير

__________________

(١) الظاهر : تقتضيه.

(٢) سورة طه (٢٠) : ٧٧.

(٣) سورة العنكبوت (٢٩) : ٦٦.

(٤) سورة يونس (١٠) : ٩٦ ـ ٩٧.

١١٠

وغيرها ، ولم أقبل منها شيئاً .. لما يأتي من أنّي كنت مقيّداً في صيغة النذر بعدم قبول شيء من أحد حفظاً لشؤون الشيخ قدّس سرّه والشرع الشريف.

ومجموع ما اُتينا به ورددته من الهدايا تجاوز مائة ألف تومان ، وأتانا في خراسان من مقلّديه قدّس سرّه في سائر بلاد الترك حقوق تبلغ أربعة آلاف تومان قسّمناها على العلماء وأهل المدارس الثمان عشرة ، ولم نخرج من خراسان فلساً واحداً منها ، وكانت عمدة أشغالنا في هذا السفر كتابة أجوبة الإستفتاءات ، وكم سهرت لذلك ليالي ـ كليلة خروجنا من كرمانشاهان ، وإحدى عشر [ة] ليلة متفرّقة في خراسان غير الأيام وسائر الليالي ـ الّتي كنت أكتب فيها إلى نصف الليل ، ولو كنا مستنسخين لتلك الاستفتاءات لكانت كتباً كبيرة حاوية لجميع أبواب الفقه ، لكن فاتنا ذلك.

وقد أتانا في بلدة الشاهزاده عبدالعظيم كثير من أهل طهران وكافة علمائها (١) ، وأتانا الوزير الثاني أيضاً يوم ورودنا ، واجتمع معي في مكان مخلّى وقدّم مقدّمات يريد بها جلبنا إلى طهران لملاقاة سلطان إيران فأبيت ، وطال بيننا الكلام وأكثرت عليه العتاب في تركهم لحفظ حدود الشرع والالتزام به كما هو حقه .. وأبيت من الرواح ، فرجع خائباً ، وبنينا على الحركة في نصف الليل ، ثمّ استخرت الله تعالى في ذلك فلم يساعد ، فبقينا يومنا فلمّا أصبحنا جاء الوزير الأوّل فلم نعتن به لكشف صورته المنكرة عن عدم انقياده للشرع على ما ينبغي ، ثمّ أتانا ابن السلطان ، ثمّ أتانا الوزير الثاني أيضاً يخبرني عن بناء السلطان على التشرف إلى زيارة الشيخ قدّس سرّه ، فاشترطت عليه أن لا يتوقع المضي إليه بعد مجيئه فأبى .. ثمّ رضي بعد اليأس ، وطلب منّا البقاء يوماً آخر فأبيت.

__________________

(١) الظاهر : علماؤها كافة .. إذ لا تضاف كافة.

١١١

والحاصل جاءنا عصر ذلك اليوم واجتمعنا معه في إيوان الشاهزاده عبد العظيم ، وكان من هيبة الشيخ قدّس سرّه مرعوباً ، وكانت أمارات الرعب ظاهرة عليه; فقبّل يد الشيخ وهنّأه ، ثمّ هنّأني ، ثمّ التمس الشيخ قدّس سرّه أن يقرأ على قلبه دعاء لما كان به من قفقان (١) القلب ، فوضع قدّس سرّه يده على قلبه ، وقرأ دعاء ثمّ التمسه قراءة دعاء على رأسه لما كان يجد به من الثقل فوضع يده على رأسه وقرأ آية ، ثمّ أخبر الوزير الثاني أنّ الشاه يلتمس أن تقبلوا وجهه ليتبرك وجهه فقبّل قدّس سرّه وجهه ، ثمّ التمس الشيخ قدّس سرّه أن يزور ثانياً الشاهزاده عبدالعظيم حتّى يزور هو بخدمته لعلّه تقبل زيارته ، فأجابه قدّس سرّه ، ومضينا إلى الحرم الشريف والشيخ متقدّم عليه .. وزرنا وكان السلطان عند اشتغال الوالد قدّس سرّه بالدعاء فوق الرأس ينظر إليه وتدمع عيونه .. وكلّ ذلك [قد] يكشف عن تشرعه وحسن فطرته غفر الله تعالى لنا وله.

ثمّ توادع معه قدّس سرّه وقبّل يده ثانياً ، ثمّ توادع معي وتصافح ، فلمّا أتينا إلى المنزل أتى الوزير الثاني بهدايا ودنانير وواجهني في ذلك ـ لأ نّ الشيخ قدّس سرّه ومن معه كانوا في ضيافتي ، وكنت أنا المرجع في جميع الأمور ـ وكان مجموع الهدايا نقداً وجنساً سبعة آلاف تومان .. فأبيت القبول ، فأصرّ علىَّ .. فأمرته بأن يأخذها إلى مدارس طهران ويسلّم عنّا إلى كلّ مشتغل ثلاثة توامين.

ثمّ تحركنا المغرب ليلة الثاني من شهر ربيع الأوّل وظهرت ساعة الحركة

__________________

(١) كذا ، والظاهر : خفقان ، واصله من الخفق : التحرك ، وتحريك الرأس بسبب النعاس ، يقال خفق برأسه خفقة او خفقتين .. اذا أخذته سِنة من النعاس فمال برأسه دون سائر جسده ، لاحظ : النهاية ٢/٥٥ ـ ٥٦ ، ومجمع البحرين ٥/١٥٤ ، وغيرهما.

١١٢

كرامة عظيمة له قدّس سرّه ، وهي أنّ السكة الحديدة من الشاهزاده إلى طهران صائرة خلف الشارع العام المسمّى عندهم بـ : (الخيابان) ، وقد كان سكّانچي الشمندفر(١) معلناً بالآلة المنبهة حركته ، والمشايعين المحتّفين بتخت الشيخ رحمه الله غير سامعين ، فلمّا أن صار التخت في وسط السكة قربت منه عربات الشمندفر بحيث كانت تصل إليهم عادة وكانت تقتل الشيخ رحمه الله وجماعة ، فلطم الأفرنجي الّذي بيده سكان العربة بيديه على رأسه لخروج الاختيار من يده ، فانكسر چرخ العربة السائقة للعرباين (٢) الأخير بغير سبب قبل وصوله إلى الجمعية بخطوتين ; فصاحت الناس بالصلاة على النبي وآله وتعجبوا من ذلك ، ولا عجب من ألطاف الله تعالى : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيْم) (٣).

ثمّ إنّا وردنا خراسان سلخ ربيع الأوّل ، واستقبلنا إلى ستّ منازل جمع ، وإلى خمس آخرون .. وهكذا ، والمستقبلون إلى طرق (٤) ـ وهومسير فرسخين من مشهد مولانا الرضا عليه السلام ـ فوق العشرة آلاف من العلماء وأهل العتبة المقدّسة والتجار والأعيان ، وكان قد هيأ تاجرباشي ايران رحمه الله تعالى في طرق غداء عشرة آلاف وصرف ذلك اليوم ألفاً وخمسمائة تومان .. ولو رمت تحرير جزئيات ذلك لكانت رسالة مستقلة ، وقد تحركنا من طرق لأربع ساعات قبل الغروب ، فلمّا وصلنا إلى رأس الفرسخ حمل أهل العلم

__________________

(١) كلمة تركية يراد منها : سائق القطار.

(٢) الأفضل : للعربات.

(٣) سورة البقرة (٢) : ٢٥٥.

(٤) طرق ، كلمة لها عدّة معاني ، كما وتطلق على عدّة أمكنة ، ويراد بها هنا محلّة في جنوب مشهد الرضا عليه السلام بخراسان بينها وبين جيم آباد ـ لمن قصد مشهد من طريق نيشابور ـ على بعد نحو ١٧ كيلومتراً (زيادة فرسخين) ، لاحظ : لغتنامه دهخدا ٣٢/٢١٩.

١١٣

تخت الشيخ قدّس سرّه على أيديهم وتوجه الناس إليّ وازدحموا عليّ وكنت راكباً ، فلمّا وصلنا إلى الـ (بست) (١) نزلت وأخذني الضعف من أوّل الـ (بست) إلى الصحن الشريف ثلاث مرّات من كثرة الازدحام علىّ ، ونزلنا في دار استأجرناها بباب المسجد المعروف بـ : مسجد گوهر شاد ، وجلسنا ثلاثة أيام مجلساً عاماً ، ثمّ اشتغلت بكتابة أجوبة الاستفتاءات ولم يمكن لنا لكثرة الاستفتاءات زيارة أحد من أهل البلد ، ولم نَرَ غير الحرم الشريف والمسجد ودارنا.

وقد كان قدّس سرّه يصلّي ليلاً في المسجد باثني عشر الف نفس تقريباً على ما ذكروا (٢).

وقد بقيت ليلة من ليالي الخميس وحدي في الحرم الشريف إلى الصبح أغلقوا عليّ الباب .. فيا لها من ليلة مباركة! ويا لها من لذة روح عظيمة!

وقد كنت منشداً أرجوزة ـ هي شعر عالم غير شاعر ـ قرأتها إخفاتاً أوّل الورود ، وأسأل الله تعالى إجابة ما طلبته منه فيها (٣).

__________________

(١) كلمة فارسية لها عدّة معاني ، ويراد بها هنا المنطقة أو الفضاء المحاذي لأحد المراقد المقدّسة أو بيوت السلاطين أو العلماء والّتي يَلْتجي اليها من يستحق العقوبة القانونية ليحفظ نفسه من أيدي الحكام ويتحصّن بها ، لاحظ تفصيل ذلك في لغتنامه دهخدا ١٠/١٦ ـ ١٩.

(٢) بذا يحدّثنا صاحب عين الوقائع : ١٥٦ حيث يقول : في وقائع سنة ١٣٢٢ هجري مطابق ١٩٠٤ [ميلادي] : .. ورود جناب مستطاب حجّة الإسلام ميرزا حسن مجتهد مماقاني] كذا [جهت زيارت به أرض أقدس رضوى عليه السلام در ماه جمادى الاولى [كذا] كه در مسجد گوهرشاد هنگام اداى نماز اغلب أوقات تعداد مقتديات به بيست هزار نفر مى رسيد ، ومكبر متعدد در بين صفوف جمعيت روي منبرها براى اعلان تكبير حاضر بودند.

(٣) قال في معارف الرجال ٢/٢٠ ـ ٢١ في ترجمة الشيخ عبد الله طاب ثراه : .. وزار

١١٤

وخرجنا من مشهد الرضا عليه الصلاة والسلام ثاني ليلة جمادى الأولى وأصابنا في الرجوع نصب وعناء كثير من جهة مرض الوالدة رضي الله عنها وفوتها (١) ، ومرض الشيخ مولى أحمد الكوزه كناني ـ جد أولادي ـ ومرض ابنه ، ومرض بعض آخر ممّن كان معنا.

ووردنا النجف الأشرف في الخامس والعشرين من شهر رجب ، وقد استقبلنا من أهل العلم جمع إلى الكاظمين (ع) وآخرون إلى كربلاء المشرّفة ، وجم غفير إلى ثلاثة فراسخ .. وكافة أهل النجف الأشرف (٢) رجالاً ونساءً وعلماءً وكسبةً و .. غيرهم من خارج البلد إلى الفرسخ ، وقد حملوا تخت الشيخ قدّس سرّه على الأيدي من نصف فرسخ إلى باب الدار ، ولم يُرَ مثل ذلك الاستقبال في النجف الأشرف لأحد قبله ولا بعده إلى الآن (٣).

وأقمنا فاتحة الوالدة قدّس سرّها ثلاثة أيام في المسجد الجامع المشهور بـ : مسجد الهندي.

وقد اتفق علماء العراقين وعقلاؤهما على أنّ سفرنا ذلك أحيا دوارس الشرع المبين ، وأزال الانكسار الّذي كان معه إلى خمسين سنة ، ولكنهم لم يكونوا يعلمون أنّه تحدّث بعده قدّس سرّه فتنة عمياء وعدنا بها في آخر الزمان .. تفني الإسلام والدين ، وتقوّي الكفار والمنافقين ، وتضعف الإيمان والمؤمنين ، وتفني الأخيار والمتقين ، وتظهر البدع بين المسلمين .. حتّى

__________________

الرضا عليه السلام مع والده الحجّة في أواخر أيام والده ، واستقبله أهل طهران وخراسان ، وصار له ولوالده أكمل الإكرام والتبجيل ، واستقبله التجار والوجوه والمعارف وأرباب الدولة سيما موجهو] بمعنى وجهاء [الترك ، وقد سمعناه عن غير واحد ، وحدّثنا المترجم له بعد وفاة والده.

(١) الاولى : وفاتها.

(٢) الأولى : أهل النجف الاشرف كافة.

(٣) قال في الأعيان ٥/١٥١ : .. وعاد إلى النجف فاستقبل استقبالاً عظيماً.

١١٥

يدعهم كأ نّهم سكارى : (وَما هُم بِسُكارى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ) (١) ، انتقم الله تعالى ممّن أسّسها ومن سعى فيها وشيّدها ، وعجّل فرج من يمحيها ، وجعلنا من كلّ مكروه فداه بحقّ النبيّ الأمين وآله الغر الميامين صلوات الله عليه وعليهم اجمعين. آمين يا إلـهَ طه ويس(٢).

__________________

(١) سورة الحجّ (٢٢) : ٢.

(٢) كذا ، ولعله : بإله طه ويس.

١١٦

الفصل الثامن

في أمراضه قدّس سرّه

قد تمرّض بأربعة أمراض صعبة آخرها مرض مفارقته الدنيا :

الأوّل : مرض المحرقة (١) ; تمرّض بها في أواخر ذي القعدة سنة ألف وثلاثمائة وخمس عشرة ، وكان مرضاً شديداً أعيا عنه الأطباء وأيسنا منه ولم يبرئه إلاّ دعاء الفقراء والسادات ، وختم : (أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوْءَ ..) (٢).

ومن غريب ما رأيت منه في ذلك المرض أنّه عرضه السرسام (٣) يوماً وليلة

__________________

(١) مرض المحرقة ، ويقال له : التيفوئيد والتيفوس ، مرض ميكروبي مسري ، وهو شبيه الحصبة اليوم ، وفيه حمى مع ارتفاع في حرارة البدن ، لاحظ عنه : فرهنگ معين ـ فارسي ـ ١/١١٨١ ـ ٣/٣٩٠٣ ، ولغتنامه دهخدا ٤٢/٥٢٥.

(٢) سورة النمل (٢٧) : ٦٢.

   ولعلّه هو الّذي أشار إليه في كتابه القيّم مرآة الكمال في باب التوسلات ٣/١٤٣ بقوله : ومنها قراءة قوله تعالى ... اثنى عشر ألف مرّة ، ثمّ قال : فأ نّي لم أجد فيها خطأ حتّى مع تعاون جمع من الاخيار على قراءتها.

(٣) السرسام : كلمة فارسية مركبة من (سر) بمعنى الرأس ، و (سام) بمعنى الورم والمرض ، إلاّ أنّ الزمخشري في الفائق ٢/١٤٤ ذهب إلى أنّ البرسام معناه : ابن الموت ، و (بر) بالسريانية : الابن ، وقد تصرفت فيه العرب فقالوا : باسام ، وحرسام ، .. وعلى كل فهو الهذيان ، ويقال له : متثريت ، مرض يبدأ بزكام وصداع وحمى ووجع في العظام ، ثمّ

١١٧

ولم يتكلم في سرسامه بكلمة غير مربوطة ، ولا تحرك بحركة منافية ، ولم يؤثر فيه السرسام إلاّ كثرة الصلاة تارة ، وطلب كتابته (١) ليمضي إلى التدريس أخرى .. وكان عند عروض السرسام يصلي قائماً فإذا خفّ سرسامه اعتراه الضعف ووقع ، وقد طلب منّي في أثناء السرسام قلماً وحبراً وقرطاساً .. فأتيت بالقلم والحبر وكان في جيبي مكتوب كتبه إلىّ شخص يظهر فيه فقره وحاجته ويطلب ما يدفع ضرورته ، وكان مطوياً ففضّه وطالع فيه وانتقل إلى مراد كاتبه ، واخذ القلم بيده وكتب في صدر الصفحة ماصورته :

بسم الله تعالى

أعطيت الرجل المسطور في المتن عشرين قراناً .. تقبل الله منّي.

حرّره الأقل محمّد حسن المامقاني. انتهى.

فأخذني التعجب من أنّه في سرسامه أيضاً لا يغفل عن الله تعالى ، ويلحق الإخبار بالعطاء بدعاء القبول.

والثاني : مرض النوبة الكراثية (٢) ; تمرّض بها بعد مرض المحرقة بسنة ، واشتدّ مرضه إلى أن آيست منه ليلة ، وكان قد مضى من الليل قرب ثلاث ساعات فلم أجد بداً إلاّ أنّي اغتسلت ولبست أطهر ثيابي ومضيت إلى الحضرة الشريفة العلويّة .. فوجدتهم يريدون غلق الباب ، فلمّا رأوني عرفوا أنّي أتيت طالباً للشفاء .. ففتحوا الباب ودخلت ولزمت القفل الشريف وأخذت

__________________

يشتد ، ويكون في الرأس يحدث ورماً فيه ويصاحبه هذيان ، وقد يكون بدون هذه العوارض .. لاحظ عنه فرهنگ معين ٢/١٨٦٦ ، ٤/٤٤٠٩ـ ٤٤١٠ وفرهنگ دهخدا ٢٩/٤٥٥ وغيرهما.

(١) أي أوراق ملاحظاته الّتي اعدها لإلقاء دروسه.

(٢) مرض النوبة الكراثية : وهي نوع من الحمى يتاخمها رجف وألم شديد يتناوب على المريض شدّة وضعفاً ، لاحظ : لغتنامه دهخدا ٤٧/٨٢٢ ، نقلاً عن عدّة مصادر.

١١٨

في البكاء قائلاً :

لم (١) يخب الآن من رجاك ومن

حرك من دون بابك الحلقه

أنت جواد وأنت معتمد

وأنت (٢) قد كنت قاتل الفجره

لولاك لولاك يا أبا حسن (٣)

كانت علينا الجحيم منطبقه (٤)

فلمّا بكيت مقداراً غلبني الضعف وجاء نائب الكليدار(٥) جناب السيّد الجليل التقي الصالح السيّد داود رحمه الله تعالى والتمس منّي السكون ، فصلّيت ركعتين وخرجت وأتيت الدار فبشّروني بأ نّه عرقَ عرقْ الصحّة منذ كم دقيقة.

والثالث : مرضه الحادث بعد الغرق في الحمّام ; وذلك إنّا قد أشرنا سابقاً (٦) إلى أنّه قدّس سرّه ـ من زهده وانكسار نفسه ، وعدم حبّه لأمارات الجلالة ـ كان يمضي إلى الحمام وحده ، فاتفق أنّ عصر يوم الثامن والعشرين من شهر رمضان من سنة ألف وثلاثمائة وإحدى وعشرين مضى إلى الحمّام ـ وهو

__________________

(١) كذا ، والظاهر : لن .. وإلاّ لنصبت ما بعدها ولم تؤد المراد منها.

(٢) في المصدر : أبوك قد كان .. وهو الظاهر .. إلاّ أن يكون هنا قد غيّر البيت بمقتضى المقام.

(٣) كذا ، والصحيح :

لولا الّذي كان من أوائلكم

 .......................................

ولعلّ الجدّ غيّرها بما يناسب المقام ، اذ أصلها خطاب للإمام الحسين عليه السلام ، وهنا المناجاة مع أبيه عليه السلام.

(٤) الأبيات لأعرابي وفد المدينة ، فسأل عن أكرم الناس بها ، فدُلَّ على الحسين عليه السلام ، فدخل المسجد فوجده مصلّياً .. فوقف بإزائه وأنشأ هذه الأبيات .. والقصة بطولها جاءت في المناقب لابن شهرآشوب ٤/٦٥ ـ ٦٦ ، وأوردها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٤٤/١٩٠ ، فراجعها.

(٥) الظاهر : الكليتدار; نسبة للكليت ، فارسي ، وهو المفتاح ، ولعله نوع ترخيم والله أعلم.

(٦) في صفحة : ٧٩.

١١٩

صائم ـ ليحلق رأسه ، فالتمسوه أن يوقظوني من النوم فأبى ، فأمروا الخادم أن يمضي من خلفه فمضى ، فلمّا التفت قدّس سرّه إليه نهاه عن اتّباعه ، فوقف الخادم يسيراً ثمّ لحقه ، فالتفت قدّس سرّه ثانياً ووجده خلفه فنهره وأمره بالرجوع ، فرجع الخادم ، ومضى قدّس سرّه وحده ودخل الحمّام ونزع ثيابه ، ومضى إلى داخل الحمّام ، فلمّا حلق رأسه مضى إلى الخزانة ـ وكان ماء الخزانة في غاية الحرارة ، وهو في غاية الضعف العارض من صوم ثمانية وعشرين يوماً ، وهو بذلك السن (١) ـ ، فلمّا أن دخل الخزانة أخذه الماء وأغرقه ولم يكن في الخزانة غيره .. فلمّا أن رسب مرّتين أو ثلاثاً أتى قصاب اسمه ـ كمسمّاه ـ : صالح ، فأخرجه من دون أن يعرفه ، فلمّا أخرجه وعرفوه أرسلوا خلفي فأتيت مسرعاً ووجدتهم ملقين له على دكة المسلخ فلم أجد فيه نفساً ولا نبضاً ، فأرسلت فجاؤوا بماء ورد وصندل مسحوق والطين المختوم ومزجتها ولطختها على جبهته ورأسه وقلبه ، فلمّا أن مضى مقدار ردّت نفسه .. وأمرنا قدّس سرّه أن نحمله إلى الدار فحملناه فتمرض واشتدت به الحمى ، وزالت شاهيته إلى ليلة سابع شوال ـ حيث كان في غاية الشدة ـ فدخل عليه من خواصّه حضرة السيّد العلاّمة والحبر الفهّامة السيّد عبدالرزاق الحلو والشيخ العدل الفاضل الشيخ هاشم (٢) مقسّم بيت المال ، فجلسا قدامه وجلست عند رأسه; فسأله الشيخ هاشم عن حاله بالتركي وأجاب بمقتضى الحكمة بالعربي ليفهم السيّد أيضاً ، فقال : كيف حال من تهيّأ للموت؟

وحيث إنّي لم أكن سامعاً منه إلى ذلك الوقت كلمة على غير وجه الحقيقة جزمت بأ نّه انكشف له ببعض الأسباب أنّه راحل فيريد بتلك الكلمة أن نتهيأ

__________________

(١) الظاهر : بتلك السن.

(٢) ستأتي لهما ترجمة مفصّلة في تلامذة الشيخ الكبير ، فراجع.

١٢٠