تنقيح المقال

الشيخ عبد الله المامقاني

تنقيح المقال

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-381-0
ISBN الدورة:
978-964-319-380-5

الصفحات: ٥٣٤

لتجهيزه ، فأخذت أبكي وخرجت من البيت ، ثمّ خرج السيّد والشيخ وسلّياني وسكّتاني ، فرجعت وجلست عند رأسه أفكّر إلى أن انتصف الليل فالتفتّ إلى أنّه دائماً كان يتمنّى زيارة مولانا الرضا عليه الصلاة والسلام وقد بُذل له الزاد والراحلة ثلاث مرات ـ منها شهران قبل ذلك ـ فأبى; معلّلاً بأ نّي أخاف من أن أموت بعد مجاورة هذه المدّة المديدة في خارج هذا المشهد الشريف بالطريق ، ولم يمض في شيء من المرّات الثلاثة أشهر إلاّ وقد تمرّض بمرض مهلك موجب لليأس منه ، فظننت أنّ ذلك من باطن الرضا عليه السلام ، فقلت في نفسي : إنّك آيس منه الآن فلا عليك أن تنذر أخذه إلى زيارة الرضا عليه السلام إن طاب من هذا المرض.

ثمّ فكّرت مدّة في مفاسد ذلك السفر ومصالحه ومصارفه ولوازمه .. فدفعت المفاسد بذكر قيدين في صيغة النذر :

أحدهما : عدم ورود طهران ، والآخر : عدم قبول شيء من أحد .. وعيّنت للمصارف مائة وستّ ليرات وثلاثاً كانت مودعة عند التاجر ، وهي سهمي وسهم والدتي من دار كان لكلّ منّا ثُلثها ، وكانت مبيعة تلك الأيام بسبب إصرار شريك لنا على البيع ، وعزمت على أنّ المبلغ إن قصر عن مصارفنا أستدين وأبيع كتبي بعد الرجوع وأوفي الدين ، فلمّا أن أجريت صيغة النذر ومضى مقدار غلبني النوم وانتبهت في أواخر الليل فخرجت للوضوء فوجدت زوجتي تبكي ـ وهي واقفة وبيدها شيء ـ فسألتها عن سبب البكاء ، فسمّت بنتاً لي كانت صغيرة وأخبرتني بموتها بلا مقتض .. فتعجبت لأ نّها نامت أوّل الليل وليس بها شيء ، فدنوت منها وأتيت بالضياء فوجدتها ميّـتة ، فجزمت بأنّ الله تعالى فدى الشيخ قدّس سرّه بها ، فضحكت ورجعت وأخذت نبض الشيخ قدّس سرّه بيدي فلم أجد من الحمّى أثراً .. فأصبح وهو بريء من

١٢١

المرض.

فلمّا مضت ثلاثة أشهر وفيت بالنذر ـ مع قيديه ـ على ما مرّ إجماله عند ذكر أسفاره قدّس سرّه.

الرابع : مرض موته قدّس سرّه ; وذلك أنّه لما فرغ من الصلاة في الإيوان الشريف جماعة ليلة غرة محرّم الحرام سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وعشرين مضى إلى الدار ، وتأخرت عنه يسيراً لاستماع التعزية ، فلمّا أتيت الدار بعد نصف ساعة اُخبرت أنّه قد عرضته الحمّى ، وكلّما التمسنا منه أكل شيء أبى وبات بلا عشاء ، وكانت الحمّى معه إلى أواخر يوم تلك الليلة ، ثمّ انقطعت وعرضه إسهال الكبد ، وكلمّا سعونا (١) في برئه بجلب الأطباء واستعمال الأدوية لم ينفع شيء من ذلك.

وقد رأيت والدتي قدّس سرّها في المنام ليلة الثامن بالطيف فوجدتها متزينة فوق ما يناسبها ، فقلت لها : إن التزيّن إلى هذه الدرجة لا يناسبكِ! فقالت : ألست تعلم أنّ أباك يريد أن يعرس بي ..! فلمّا انتبهت آيست من برئه قدّس سرّه.

ولما كان ظهر يوم الجمعة انقطع الإسهال وحسن حاله وحصل لنا الاطمئنان ببرئه إلى صبيحة يوم السبت ، فلمّا مضى من نهار السبت يسير انقلبت أحواله ، ولما قرب من الظهر أمر الحضّار بقراءة القرآن ودعاء العديلة ، فاشتغلوا بذلك واشتغل هو بالأذكار ، فلمّا مضى من الزوال يسير نظر بطرف عينه فرأى من كان يكرهه من متعلقيه ، ثمّ نظر إلى يساره فرأى الشيخ هاشماً .. فسأله عني وقد كنت جالساً تحت رجليه ، فدنوت منه فنظر إليّ بحسرة وقلّب

__________________

(١) كذا ، والظاهر : سعينا.

١٢٢

كفّيه وقال بصوت ضعيف : أنا ما هيّأت لكم شيئاً من مال الدنيا وإنّما أوكلتكم إلى الله تعالى .. وأشار بكفّيه إلى السماء وقال : أستودعك الله تعالى. ثمّ نظر إلى السقف من قدّامه .. واستنار وجهه كأ نّه رأى من يحبّ .. ثمّ تشهّد الشهادتين.

وقبض قدّس سرّه العزيز وقد كان قد بقي من نهار السبت أربع ساعات ونصف ، وكان يوم الثامن عشر من شهر محرّم الحرام من سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وعشرين من الهجرة الشريفة على مهاجرها آلاف الصلاة والسلام والتحية (١).

ومن عجيب ما رأيت أنّي كلّ ليلة كنت أعزم على أن أسقيه قدّس سرّه تربة

__________________

(١) وقد نصّ على ذلك الشيخ حرز الدين في معارف الرجال ١/٢٤٥ ، والاوردبادي في مجموعته الكبيرة الخطية وغيرهما ، ومنهم الهروي صاحب كتاب عين الوقائع فيه : ١٦٣ حيث قال : .. وفات حجّة الإسلام شيخ العلماء آقاي شيخ محمّد حسن مامقاني اعلى الله مقامه در يوم شنبه هيجدم محرّم الحرام ١٣٢٣ در نجف اشرف. ثمّ قال : وتعزيه دارى به آن مرحوم در عتبات عاليات وممالك عثمانى وكشور ايران به منتها درجه ..

وسها في نقباء البشر ١/٤١١ حيث ذكر وفاته طاب ثراه : ٢٩ محرّم الحرام سنة ١٣٢٣ ، وقد أخذه عنه في مكارم الآثار ٤/١٠٥٨ حيث قال ما ترجمته : .. توفّي في النجف الأشرف في ٢٩ محرّم الحرام سنة ١٣٢٣ ـ كما جاء في النقباء ـ وذلك مطابق إلى يوم الأربعاء! ١٦ من شهر الحمل ، وعليه فيصبح عمره أربعاً وثمانين سنة وخمسة أشهر وسبعة أيام!.

وقال القمّي في الكنى والالقاب ٣/١٣٤ : .. توفّي في المحرّم سنة ١٣٢٣ عن خمس وثمانين سنة ، ودفن في النجف الأشرف في مقبرته المعروفة.

وقال في ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنية واللقب ٣/٤٣٤ برقم ٦٨٩ ما ترجمته : .. وكان مشتغلاً بالتدريس والتصنيف إلى أن وافته المنيّة في يوم الثامن عشر من محرّم الحرام سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وعشرين هجرية قمريّة في النجف الأشرف ، ودفن في مقبرته المخصوصة الّتي هيأها بعض مقلّديه قبل وفاته بشهرين تقريباً.

والعجب من السيّد النجفي المرعشي حيث ذهب في حاشيته على هداية الأنام للشيخ عبّاس القمّي : ٣٨ إلى أن وفاة الشيخ كانت في ٢٠ شهر محرّم الحرام!.

١٢٣

الشفاء إذا انتبه .. فلمّا كان ينتبه كنت أنسى ذلك إلى أن قبض قدّس سرّه ولم نسقه تربة الشفاء ، فعلمت أنّ الله تعالى كان مُقدّراً فوته (١) فأنساني ذلك حتّى لا نشك في التربة المقدّسة (٢).

ولا يخفى عليك أنّ موته بمرض الإسهال من سعادته قدّس سرّه ، فإنّه مرض مبارك! لأ نّ الميت المبطون ممّن عدّه الإمام عليه السلام شهيداً (٣).

وقد استقرأت فوجدت أكثر صلحاء العلماء متوفين بهذا المرض .. كالشيخ المحقّق الأنصاري (٤) ، ووصيّه السيّد الأجلّ السيّد عليّ التستري (٥) ، والسيّد

__________________

(١) الظاهر : وفاته.

(٢) لاحظ في : مرآة الكمال ٣/٢٣٥ ـ ٢٤٨ للمصنّف قدّس سرّه بحث حول التربة الحسينية حري بالمراجعة.

(٣) راجع من لا يحضره الفقيه ٦/١٦٧ حديث ٣١٨.

أقول : جاء في الموطأ لمالك : ٩٤ برقم ٢٩٠ قوله : إنّه روي عن رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنّه قال : «الشهداء خمسة ، المطعون ، والمبطون ، والغَرِقُ ، وصاحب الهَدم ، والشهيد في سبيل الله».

وعن عبادة الصامت ـ كما في فردوس الاخبار ٣/٢٨٤ حديث ٤٧١٩ قوله : «القتل في سبيل الله عزّوجلّ شهادة ، والطاعون شهادة ، والمبطون شهادة ، والمرأة يقتلها ولدها شهادة ..».

وجاء في دعائم الإسلام ١/٢٢٩ حديث ٧٩٧ ، ومختصراً في الاصابة في معرفة الصحابة ٢/٢٩٨ برقم ٤٦٧٦ .. ـ في ترجمة عبدالله بن رواحة ـ في حديث مفصّل عنه أنّه قال : قال صلّى الله عليه وآله : «ومن الشهيد من أمتي؟» قالوا : أليس هو الّذي يقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر؟» فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : «إنّ شهداء أمتي إذاً لقليل .. الشهيد الّذي ذكرتم ، والطعين ، والمبطون ، وصاحب الهدم ، والغريق ، والمرأة تموت جمعاً». وانظر : تنقيح المقال ٢/١٨١ من الطبعة الحجريّة.

(٤) كما قاله في كتاب شخصيت شيخ انصارى : ١٣٨ ـ ١٣٩ وغيره.

(٥) وهو السيّد علي بن السيّد محمّد بن سيّد طيب بن سيّد محمّد بن نورالدين المحدّث الجزائري المعروف بـ : السيّد عليّ الشوشتري صاحب المقامات العالية والكرامات

١٢٤

العلاّمة السيّد عليّ الحلو ، والشيخ العلاّمة ميرزا لطف الله المازندراني ، والشيخ المحقّق الشيخ محمّد حسين الكاظمي ، والشيخ النحرير الشيخ محمّد طه نجف و .. غيرهم ممّن عثرنا على مرض موتهم(١) ، والاعتبار أيضاً يساعد ذلك; حيث إنّه بالإسهال يخرج منه فضلات المعدة ورطوبات الجسد فلا يبقى فيه ما تلوثه في القبر ولا ما يوجب اندراسه ، فذلك من الله اللطيف تهيئة بسبب [كذا] ما شاء من عدم اندراس أبدان الصلحاء .. وهو العالم بالمصالح.

وكيف كان ; فقد غسّل العبد الصالح العدل الشيخ هاشم والدي العلاّمة أنار الله تعالى برهانه بماء الفرات في النهر المعروف بـ : السنيّة ، وشيّعه كافة أهل النجف الأشرف (٢) من العلماء والعوام والكسبة .. وغيرهم تشييعاً عظيماً ، وكفّنته بكفن كنت مطهّره سابقاً في ماء الفرات ومشرّفه باللمس بضريح باب مدينة العلم وسيّد الشهداء وأبي الفضل والجوادين والعسكريين والسرداب المقدّس وضريح الرضا عليهم جميعاً الصلاة والسلام.

ودفنّاه في مقبرة هـي الآن معروفـة (٣) ، وأنا ساكنـها. وفرشت في قبـره إلى الوسط تربة مجلوبة من أرض كربلاء المشرّفة ، ولحدّته بيـديّ ، ووضـعت جبهته على التربة الشـريفة ، وفرغت من دفنه لساعتين مضـتا من ليلة الأحد.

__________________

الباهرة ، وصي الشيخ ومن صلّى عليه ، وقد توفى في النجف الأشرف سنة ١٢٨٣ هـ.

انظر : شخصيت شيخ انصارى : ١٣٥ ـ ١٣٨ وغيره.

(١) وكذا السيّد محسن بن السيّد حسين بحر العلوم ، كما صرّح بذلك في أعيان الشيعة ٨/٤٧ وغيره.

(٢) الظاهر : أهل النجف الأشرف كافة .. لعدم إضافة (كافة) كافة.

(٣) قال في تنقيح المقال ٣/١٠٥ [الطبعة الحجريّة] في ذيل ترجمة الشيخ الجدّ الكبير طاب ثراهما : .. ودفن في مقبرته المعروفة الّتي هيّأها له بعض مقلّديه قبل وفاته بما يقرب من شهرين.

١٢٥

وقد ظهرت عند دفنه وبعده منه كرامات عجيبة ، وعقدت له فاتحة معظّمة في المسجد الجامع ـ الشهير بـ : مسجد الهندي ـ ثلاثة أيام ، وذيّلوا فاتحتنا بثلاث فواتح أخر كلّ منها ثلاثة أيام (١).

وقد أنشد الأدباء الفضلاء في رثائه وتاريخ بناء مرقده الشريف قصائد وأبياتاً كثيرة (٢) ، ولا بأس بنقل عدّة منها ;

__________________

(١) قال في أحسن الوديعة : ١٧٢ : وكان تشيعه تشييعاً عظيماً ، وعقد له ولد المذكور [الشيخ عبدالله] مأتماً عظيماً في المسجد الجامع المشهور بـ : مسجد الهندي ثلاثة أيام ، وذيل بثلاثة مآتم أُخَر كلّ منها ثلاثة أيّام .. ثمّ قال : وقد نظمت الشعراء والاُدباء في رثائه وتاريخ وفاته قصائد فاخرة ..

أقول : جاء في كتاب أجساد جاويدان : ٢٦٨ ما ترجمته : لقد وجد الجسد الطاهر والمطهّر للمرجع العظيم الشأن آية الله الحاج الشيخ محمّد حسن الممقاني قدّس سرّه بعد ٦٥ سنة سالماً وطريّاً ، حتّى أنّه لم يتغيّر لون كفنه أيضاً ..

أقول : وهذا ما شاهدته بنفسي ونقلته لوالدي دام ظله مع البنّاء والعمال ، حيث كان ذلك حدود سنة ١٣٨٨ هـ ، إذ صمّم الشيخ الوالد دام ظله آنذاك إضافة ثمانية لحود إلى ٢٤ لحداً الّتي تحويها مقبرة الأسرة (وفيها الشيخ الجدّ الكبير وزوجته والشيخ الجدّ صاحب التنقيح وإحدى زوجاته ، والجدّة ، والشيخ الكوزكناني أبو زوجة الشيخ عبد الله ، وزوجته ، وبنت الشيخ عبدالله الكبيرة زوجة السيّد محمّد هادي الميلاني قدّس سرّه). وكان غرض الشيخ الوالد هو أن تكون هذه القبور الثمانية لأولاده الثمانية.

وفي أحد الأيام حيث كان العمال يحفرون في أحد جوانب المقبرة وكنّا آنذاك خمسة في السرداب (الحاج هادي عليّ بيك ، (المعمار) ، وأستاذ حمزة البنّاء ، والشيخ رضا العامل وعامل آخر لا أذكر اسمه) فأصاب معول أستاذ حمزة بزاوية لحد المرحوم الجدّ الكبير فسقط مقدار مثلث منه ، أمكن من خلاله رؤية الكفن الشريف ، ـ ولم يكن قد تغير لونه ـ ومقدار ضئيل من الوجه حيث كان متجهاً إلى طرف الحائط (القبلة) ، وقد أرادوا أن يرفعوا الباقي من الجدار فمنعتهم والشيخ رضا العامل من ذلك ..

(٢) يقول في الأعيان ٥/١٥١ : .. ومدحه في حياته السيّد جعفر الحلّي وغيره ، ولمّا توفّي رثاه جماعة من الشعراء كالسيّد مهدي البغدادي ، والشيخ عبد الرحيم السوداني وآخرون غيرهم.

١٢٦

فمن ذلك ما أنشده السيّد الحسيب والسند الأديب والفاضل اللبيب السيّد مهدي البغدادي (١) في رثائه قدّس سرّه ، وهي هذه (٢) :

ما شئتَ يا دهرُ لاتبقي ولا تذرُ(٣)

فقد أطاعك (٤) فيما شئته القدرُ

وقد رميت بني الدنيا بصاعقة

كادت لرنّتها (٥) الأفلاك تنحدرُ

__________________

(١) هو : أبو صالح السيّد مهدي بن محمّد بن حسن البغدادي الكراري النجفي الشهير بـ : أبي الطابو (١٢٧٧ ـ ١٣٢٩ هـ) من أحفاد الإمام الكاظم عليه السلام ، شاعر معروف ، وأديب جريء ، وفاضل أديب ، ولد ببغداد ونشأ. في بلد العلم ومهد الأدب ، وكانت داره ندوة أدبية للشعراء وروّاد الأدب ، له جملة مؤلّفات منها : اللّؤلؤ والمرجان ، ومجموعة من الأراجيز في المعاني والبيان والنسب.

وقال في المعارف ٢/١٤٢ : توفّي في النجف في شهر رجب سنة ١٣٢٧ وأقبر فيه.

له ترجمة مفصّلة في معارف الرجال ٢/١٣٦ ـ ١٤٢ برقم ٤٨٢.

شعراء الغري ١٢/١٧ ـ ١٠٨ ، وأخرى مفصّلة في الحصون ٢/٦٩ ، الروض النضير للنقدي : ٢٢٢ ، معارف الرجال ٢/١٣٦ ـ ١٤٢ برقم ٤٨٢ .. وغيرها.

(٢) جاءت الأبيات الثلاث الأوّل في معارف الرجال ٢/١٣٩ وبعض أبياتها في ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٤ ـ ٢٥٥ ، وجلّها في شعراء الغري ١٢/٦٥ ـ ٦٦. وكلّ القصيدة بزيادة بيت ونقص آخر ـ كما أشرنا له ـ جاء في المجموعة الكبيرة المخطوطة للشيخ الاردوبادي رحمه الله.

(٣) جاء صدر البيت في شعراء الغري هكذا : يا دهر ما شئت من تبقي ومن تذر .. وكذا في معارف الرجال ٢/١٣٩ ، إلاّ أنّ ذيله : .. فقد أطاعك فيما شنّه القدَر.

وفي ماضي النجف وحاضرها جاء صدر البيت هكذا : ما شئت يا دهر من تبقي ومن تذر ..

(٤) في المجموعة الكبيرة : اطاعتك .. وهاهنا أولى وزناً ومعنى.

(٥) في شعراء الغري : لرميتها.

١٢٧

 [وقد رميت بني الدّنيا بصاعِقة

كادت لرُمتِها الأفلاك تنحدرُ] (١)

وقد طويت عن الدنيا محاسنها

فأصبحت وهي لا سمع ولا بصرُ

وقد نفضت على الدنيا بها تُرباً

فكلّ وجه عليها أشعثُ كدرُ(٢)

اليوم قوّض ظلّ الله وانفصمت

عُرى النبوة لا عين ولا أثرُ

اليوم جفّت غياض العلم واندرست

منه الرسوم فلا وردُ ولا صَدَرُ

مَن للعلوم ومَن يبدي مشاكلها

مَن للشريعة مَن للدين ينتصرُ

علمت ويحك من أردَتْ نوازلها

فإنّ قلب الهدى والدين منفطرُ

هذا الكتاب كتاب الله قد طويت

آياته وانمحت في طيّها السورُ

حسبت يا دهر إذ أرديتَه ظَفِراً

ولو عقلت لكان الخسر لا الظَفَرُ

حسبت يا دهر إذ أرديتَه ظَفِراً

ولو عقلت لكان الخسر لا الظَفَرُ

__________________

(١) الزيادة من المجموعة الكبيرة للاردوبادي رحمه الله ومن الواضح أنّه تكرار للسالف مع تغير بسيط ، وقد كررناه لتكرره هناك.

(٢) هنا تقديم وتأخير في بيت جاء به الخاقاني ، وهو يأتي بعد هذا : علمت ـ ويحك ـ من أردت نوازلها .. إلى آخره.

١٢٨

لله مُحتمَلٌ فوق السرير ولى(١)

كالبدر دارت عليه الأنجم الزهرُ

كأنّ نعشك والدنيا قد ازدحمت

ليرمقوه هلال الصوم(٢) يُنتظرُ

تطاولت نحوه الأبصار رامقةً

وقد تطرّقها من هولها العورُ

سار السرير على غُلب الرقاب(٣) وهم

من دهشة خُرس تعلوهم الفِكرُ

ساروا وقد طأطأوا الأعناق تحسبه

حيّاً تصدّر في النادي إذا حضِروا(٤)

أيعلم القبر من وارى بتربته

فإنّما واحد الدنيا به قبروا

لو لم يكن قبرُه في الأرض لانقلبت

بأهلها ولكاد النجم ينتثرُ

إنّ الإمامة قد أقوت معالمها

وهذه الغيبة الكبرى الّتي ذكروا

والناس في هرج ماجوا وعَمّهُم

ليل الضلال وبالدهماء قد غمروا

__________________

(١) في شعراء الغري : ولو ، وفي المجموعة الكبيرة : ولا.

(٢) في شعراء الغري : العيد ، بدلاً من : الصوم.

(٣) في المصدر السالف : الرجال ، بدلاً من : الرقاب.

(٤) لم يرد هذا البيت في المجموعة الكبيرة للشيخ الاردوبادي طاب رمسه.

١٢٩

والخلق في حيرة لا يبصرون هُدىً

والرشد يفقد أمّا يفقد البصرُ

هون عليك وإن جلّ المصاب فقد

أبقى لها مَن به يستدفع الخطرُ

وما على الناس إلاّ أنّهم فقدوا

منه المحيا وبالأفعال قد ظفروا

فكلّ ما فيه من فضل تورّثه

بنوه ما نكبوا عنه وما قصروا

فنورهم وهداهم منه مقتبس

والأصل إن طاب طاب الفرعُ والثمرُ

هذا (أبوالقاسم) المحمود غرتُه

إمّا دجا الخطب في الدنيا هي القمرُ

وقد تطلع (عبدالله) شمس هدىً

على الشريعة فيها تكشف(١) السترُ

أماط في فكره الوقّاد غيهبها

حتّى تجلّت وراحت فيه تفتخرُ

يا نيّراً بهداه يهتدي السفر

في كلّ واد به ليل العمى دُجرُ

يا ذاهباً كانت الدنيا بأجمعها

على نداه عيالاً أينما ذكروا

__________________

(١) في المجموعة الكبيرة : نكشف.

١٣٠

فأصبحتْ وعلى من لا يعول بها

كادت تعول لو لم ينجها الحذرُ

إنّا فقدناك حقّاً غير أنّ به

وإن فقدناك لمّا يفقد الأثرُ

جاشت لفقدك لكن قد تداركها

نهج سننت لها زالت به الخورُ

فردت الأمر قهراً لابن بجدتها(١)

وأذعنت إذ بخبر صُدّق الخَبَرُ

واليوم جاؤوا و (عبدالله) موئلهم

إن ينههم ينتهوا أويأمر ائتمروا

موقوفة بين قوليه ولو عدلت

ضلّت بليلة غيّ كلّها حيرُ

لسوف يهديهم النهج القويم إذا

دانوا لمن شرع الميثاق واعتبروا(٢)

نور الهداية قد نادى بطلعته

أمر الإمامة فيه سوف ينحصرُ

فانهض بأعبائها فالله سلّمها

حقّاً إليك ولا تعبأ بمن نكروا

__________________

(١) في المجموعة الكبيرة : نجدتها ، ولعله تصحيف.

(٢) هذا آخر بيت جاء به الشيخ الخاقاني في شعراء الغري ١٢/٦٥ ـ ٦٦ من مجموع ٢٩ بيتاً ، مع تقديم وتأخير في الأبيات وحذف واختلاف يسير ، أشرنا لبعضه ، وما هنا ٣٩ بيتاً.

١٣١

ويا سقى جدَثَاً وارته تربته

صوب من العفو والغفران ينهمرُ

والقصائـد الخاليـة من التاريخ كثيرة لا يسع هذا المختصر نقلها برمّتها (١).

__________________

(١) كما وقد اورد العلاّمة الاوردبادي رحمه الله في وريقاته الّتي جمعها سبطه السيّد مهدي الشيرازي حفظه الله تحت عناوين مختلفة ، منها : المجموعة الكبيرة في التراجم ، وهي لازالت خطية تنتظر رؤية النور بإذن الله ، وأخذت هذه القصيدة منها : وهي للشيخ محمّد الشيخ أسد الله الكاظمي ـ هو ابن الشيخ عبدالحسين آل أسد الله المتوفّى ١٣٣٤ ـ أيضاً في رثاء المامقاني ولم يذكر غيرها والسالفة :

سهمَ المنونِ رَمَيْتَ أيَّ حُمامِ

وأَصبتَ أيَّ مهذّب قمقامِ

فلقد أصبتَ الدينَ والدنيا معاً

ولقد صدَعتَ حشاشةَ الإسلامِ

اعظِم بُرزء هدّ أركان الهدى

ومن الشريعةِ دكّ كُلَّ شمامِ

فهوى من الشرعِ الشريفِ عمادُهُ

ومن الهدايةِ خرَّ كلُّ دعامِ

رُزءٌ عرا فتكوّرت شمسُ الضّحى

وتجلببت منه ببدرِ ظلامِ

رُزءٌ لقد اورى بكلّ حشاشة

داءً وخلّف كُلَّ قلب دامِ

رُزءٌ ويا أعظِم به رُزْءً لقد

اقذى العيونَ وطاش بالأحلامِ

رُزءٌ لقد ترك الأَنام بسكرة

فكأ نّهم شربوا كؤوسَ مدامِ

لا دَرّ درُّكَ يازمان ولا سقى

ايّامك الغيثُ الملثُّ الهامي

فلقد صدمتَ من المكارم رُكْنَها

ودككت العليا ذراها السامي

هَدَّتْ يدُ الأَيّام اطوادَ التقى

والعلم يا شَلَّتْ يدُ الأَيّامِ

وسطت على من كان نعم الملتجا

للعالمين وكانَ خيرَ إمامِ

ورمت حشا من كان كهفاً للورى

وأباً رؤوفاً كانَ للأيتامِ

فتكت ويا أَعْظِم بها من فتكة

تركت عيونَ الشرع وهي دوامي

لله من يوم نعى الناعي به

كهفَ الشريعة مرجع الأَحكامِ

يوم به أَيدى المنون رمت حشا

عَلَم الهدى (حَسَن) بسهم حِامِ

ذاك الّذي مازال ما بين الورى

عَلَماً بتأبيد من العلاّم

هو حجةُ الاسلام والعَلَم الّذي

عمّ الورى بالفضل والإنعام

١٣٢

وأمّا ما تضمّن مادة التاريخ فمنها قصيدة بيتها الأخير هذا :

في ساعة (حسن) قضى أرّخت : (قد

بات التقى منها بقلب دام)

(١٣٢٣)

ومنها :

هدّمت أركان التّقى(١)

شلّت يمينك يا زمن

 ودككت أطواد الهدى

وذوي المكارم والسنن

وصدعت دين محمّد (ص)

وكسوتَه برد الحزن

وفجعت قلب الشرع في

يوم قضى فيه (الحسن)(٢)

__________________

يا أيّها العَلَمُ الّذي قد كان للا

سلام أىَّ مشيد وقِوامِ

قد كنت نورَ هدىً تَلألأ في سما

التقوى ضياه وبحر علم طامي

ان شك سهمُ الموت قلبكَ أنّه

قد شك أحشاءَ الهدى بسهامِ

عزّ التعزى بعد يومكَ إنّه

يوم جليل الخطب في الأيام

ما بعد يومك قطّ ما يسلو به

السال ولا ما يطفي حرّ أُوامِ

الاّ بـ (عبدالله) من قد قام بالـ

علياء بعد أبيه خير قيامِ

ذاك الّذي ان سل صارمَ عزمه

ازرى بكلِّ مهند وحسامِ

هو عيلمٌ في علمه وهو السحا

بُ بجوده واللّيث في الإقدام

إسلم ودُم راق على افق العُلا

واصدع بأَمر اللهِ غيرَ مُضامِ

صبراً على ما نابكم من حادث

تَرَك الورى في حيرة وحيام

في ساعة (حَسَنٌ) قضى ارّخت قُلْ :

بات التّقى منها بقلب دام

(١) في علماء معاصرين : الهدى ، وهو سهو لما يأتي ، وقد نقل الأبيات ناقصة.

وبدون مادة تاريخ. وحكاها في أحسن الوديعة : ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٢) وجاء بعض هذه الأبيات في كتاب ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٤.

١٣٣

أقذى العيون وفي الحشى

أدوى(١) الكآبة والشجن

ذاك الّذي كان الحمى

للعالمين لدى المحن

ذاك الإمام العالم الــ

ـعلم التقي المؤتمن

لله من يوم قضت

فيه الفرائض والسنن

في ساعة أرّخت قل :

(فيها قضي الزاكي حسن)

(١٣٢٣)

ومنها :

هدّت رواسي الدين كهف الزّمن

يا لا سقاه قطّ ثوب المزن

وقد رمى شلّت يداه حشى

فرائض الدين وقلب السّنن

لله من يوم به قد قضى

كهف البرايا العلم المؤتمن

أعظم به يوماً كسارزؤه الـ

ـدّنيا مع الدين برود الحزن

أفّ ليوم السّبت إذ أرّخوا :

(يوم قضى فيه الإمام الحسن) (٢)

[١٣٢٣ هـ]

ومنها :

يا ناعياً للدين روح الهدى

قصّر تركت الناس أيدي سبا

ألبست يا ويحك برد الأسى

في نعيك المشرق والمغربا

لله من يوم به العالم الــ

ـعلوي والسّفلي صارا هبا

__________________

(١) في أحسن الوديعة : اروى.

(٢) ذكر البيت الأخير الشيخ جعفر آل محبوبة في كتابه ٣/٢٥٤.

١٣٤

إن سألتك الناس ويلاك عن

أعظم يوم ساء أهل العبا

فاهمل حيا الدمع وأرّخ وقل :

(يوم توفى الحسن المجتبى)

ومنها :

ضعضعت يا ناعيَ الأحكام قاعدة

قد قام سرح الهدى في أسّها وبنى

أضحت كثانية للصور ما تركت

للدين من سند يلفى ولا ركن

سننت فيها على الإسلام حدّ أسىً

ما كان أقطعه للدين والسّنن

وقلت للمسمع اسمع قرع واعية

لم يلفّها (١) السلف الماضون في أذن

احضر حواسك في يوم يقال

به أرّخ : (تداعى بناء الشرع للحسن)

[١٣٢٣]

ومنها :

حجّة الإسلام بدر

كان للدين فغيّب

وعليه الدين أضحى

ثاكلاً يدعو ويندب

وبكته الناس طرّاً

وعليه الجنّ تنحب

حزن الشرع عليه

وحشى الحقّ تلهّب

__________________

(١) كذا ، والظاهر : يألفها.

١٣٥

مفرد غاب فأرّخ :

(هو بدرالدين غيّب)(١)

(١٣٢٣)

وأنشد بعض في تاريخ القبر الشريف :

على قائم العرش لا في التراب

أرّخ : (يقوم ضريح الحسن)(٢)

(١٣٢٣)

وأنشد بعضهم :

فأذبت قلب الناس قلت منادياً

أرخ : (قضى حسن السني سعيدا)

__________________

(١) ومنها : ما انشده العالم الجليل ميرزا عليّ أصغر رضائية المتخلّص بـ : (محيط) ابن الحاج ميرزا عليّ صدر الذاكرين المتخلص بـ : (وال) صاحب ديوان : توان روان ، المطبوع في تبريز سنة ١٣٣٥ :

سالت دموعي كالسيول واغتدى

منها بناء سلوتي مهدّداً

إذ جاءني اليوم البريد ناعياً

والدمع في عينيه كالغيث ودى

فقلت من تنعاه قال العالم النبـ

ـيه والشيخ الفقيه المقتدى

بموته في الدين ثلمة بدت

فلا ترى سدّاً لها أو سددا

والله في كلّ صباح ومسا

سقى ثراه بشآبيب الندى

وبعض أهل العلم من احبتي

تاريخ ذاك الخطب مني قد جدى

ورّخته من قول جبريل وقد :

تهدمت والله أركان الهدى (١٣٢٣)

وقد حكاه عنه المرحوم الحاج ملا عليّ واعظ خياباني تبريزي في كتابه علماء معاصرين : ٨٢ ـ ٨٣.

(٢) وقد ذكره صاحب الأعيان في الأعيان ٥/١٥٠.

   وقال في ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٥ : وقال بعضهم مادحاً بقعته الّتي دفن بها :

يا بقعة شرفت في جسم من بزغت

له بأفق المعاني أنجم زهر

(محمّد الحسن) الحبر العظيم ومن

بفضله قد أقرّ البدو والحضر

علاّمة الدهر والجاري إلى أمد

من العلوم عشا من دونها البصر

المتقي الله في سرّ وفي علن

يأتي الجميل وفي أحشائه ذعر

١٣٦

وقال آخر :

فإن استعنت بواحد أرّخ : (ألا

أثكلت عبدالله يا حسن الزكيّ)

.. إلى غير ذلك من القصائد والأبيات العربية والعجمية الّتي لو جمعت بأجمعها لكانت رسالة مستقلة .. (١)

ونقتصر من القصائد العجمية [كذا] على ما في بعضها من مادّة التاريخ مقتصراً على البيت الأخير أو ما قبله المتعلّق به.

فمنها :

رخت بربست زين سراى غرور

مسند انداخت صدردار خلود

گفت هشيار سال رحلت او :

(مامقانى به خلد كرد ورود)

ومنها :

دريغ ودرد كه چون شيخ مامقانى رفت

كه بُد ز بودش بنيان شرع استحكام

مه محرّم وقتل حسين وفوت حسن

از اين دو واقعـه برخلق خورد وخواب حرام

بمقتضاى قضا چونكه كرد جان تسليم

كميت روحش بسوى بهشت چون زد گام

فأذبت قلب الناس قلت منادياً

هزار وسيصد وبيست وسه از عدد الهام

__________________

(١) قال الاوردبادي رحمه الله في المجموعة الكبيرة المخطوطة في التراجم : .. ورثاه شعراء العصر كالشيخ جواد شبيب والسيّد مهدي البغدادي .. واندادهما.

١٣٧

ومنها :

زمان ارتحال وى بتاريخش شدم ملهم

(حسن آن افقه اعلم جوار حق شده منعم)

(١٣٢٣)

ومنها :

هويدا شورش ديگر شد اندر موسم ماتم

ز فوت آن فقيهى كه زجودش روشن اين عالم

خرد آگه بتاريخ از نداى هاتف غيبى

(به خلد آمد حسن نزد حسين ماه محرّم)

[١٣٢٣]

.. إلى غير ذلك ممّا لا يسع هذا المختصر استقصاءه.

* * *

وقد وقـفت مقبرته قدّس سرّه في ظهر يوم الخميس سابع عشر شهر صـفر من شهور سنة ألف وثلاثمائة وأربع وعشرين ، ولا بأس بنقل صورة ورقة الوقف حتّى يطّلع عليها كلّ أحـد ويبعـد عن الخـفاء والإخفاء ، وهذه صورتها :

الحمد لله الّذي لا تحصى نعمه ولا تعدّ مواهبه ، والصلاة والسلام على أشرف رسله وأكرم بريّـته وعلى الأطهار المعصومين من أهل بيته وذرّيته سيّما ابن عمّه وصهره وخليفته ، والرحمة والرضوان على فقهائنا حاملي شرعه وحافظي طريقته.

وبعد ; فيقول العبد الأقل المفتقر إلى الله الغني عبدالله المامقاني

١٣٨

عفا عنه ربّه ابن الشيخ قدّس سرّه : إنّه لمّا كانت الأخبار الكثيرة إلى الصدقة الجارية نادبة ، وبعدم انقطاعها عن ولد آدم ناطقة ، وكانت المصالح والحكم السامية بإيقاعها قاضية ، وقفت في حال الاختيار ـ من غير كره ولا إجبار ـ في سبيل الله تعالى وتقرباً إليه وطلباً لمرضاته ، النصف المقدّم الّذي هو مائة وعشرة أذرع من داري المنتقلة إليّ بالشّراء الشرعي من شيخ عليّ نجل المرحوم الحاج حسن دخيل ـ على ما تحكيه الورقة المستقلة ـ المحدود ذلك النصف قبلة بدار السادات الأخويّة الموقوفة على التعزية ويتّم بيسير من دار الكرماني ، وعكساً ببرّاني المرحوم الحاج ميرزا جواد الطبيب ، وشرقاً بالنصف المؤخّر الّذي حدّه ما ينتهي إليه عرض البئر ووسط الحوض (*) ، وغرباً بالطريق العام الّذي منه شروع الباب; المشتمل ذلك النصف على حجرة المقبرة للشيخ المرحوم الوالد العلاّمة أنار الله تعالى برهانه وأعلى في الروضات مقرّه ومقامه ، وساحة الدار وطارمة في طرف القبلة وبئر فيها وقبة عليها وسردابين في طرفي القبلة وعكسها وطارمة في طرف الشرق وفردة حوض فيها مع جميع توابعه ولواحقه من تخوم الأرض إلى عنان السماء أرضاً وبناء وآلات التعمير وغيرها بعد استثناء حقّ العبور إلى الدخلاني .. وقفاً صحيحاً شرعياً بتّاً باتّاً على أن يقام فيه التعزية ، وعلى أن يزور المسلمون قبر الشيخ المبرور قدّس سرّه ويترحّموا عليه ويأتوا بما شاؤوا من العبادات

__________________

(*) هذا الحوض قد طُمّ والبناء تحت الأرض باق لوقت الحاجة إلى الكشف عن حد الوقف.

[منه (قدّس سرّه)] ..

١٣٩

والمباحات إلاّ مع نهي المتولي عن شخص خاصّ أو عمل خاصّ ، فإنّ له ذلك وعلى أن يدفن في الأرض من شاء المتولي دفنه فيها من الذرية والأقارب والأجانب مجاناً أو بعوض يصرفه في تعمير المقبرة وإن كان تعميراً له دخل في حسن نظارة المقبرة ، وصحنها وما يتعلّق بها أو يشترى بالعوض ملكاً ويوقفه على المقبرة ، لكن يشترط في الأجنبي أن لا يكون مَن يوجب دفنه هناك نسبة المقبرة إليه مستقلاً ، وعلى أن ينتفع المتولي بذلك النصف الموقوف بسكنى ونحوه في قبال مصارف المقبرة الّتي منها الضياء على القبر الشريف ولو واحداً ، وقراءة القرآن على قبر والدَىّ قدّس سرّهما ولو نصف جزء في اليوم والليلة.

ومنها : إقامة التعزية هناك ولو في كلّ أسبوع مرّة ولو على سبيل الاختصار ، فإن لم يكن المتولي متكفلاً للمصارف آجرها من غيره وشرط عدم الاسكان للعيال والأطفال فيها وصرف الإجرة في المصارف المزبورة ، وقد جعلت التولية مادامت الحياة لنفسي ومن بعدي للأرشد الأفقه الأتقى الأبر بوالديه من أولادي الذكور نسلاً بعد نسل ، وبطناً بعد بطن ، فإن لم يكن ـ والعياذ بالله ـ ذكرٌ أصلاً حتّى ولد الولد فنازلاً فللأرشد الأفقه الأتقى الأبرّ من الأولاد الذكور للإناث من ذريتي ، ومع فقدهم أيضاً فللأرشد الأتقى من إناث ذريتي نسلاً بعد نسل ، ومع فقدهم أيضاً بحيث لم يبق من نسلي أحد وإن نزل لا ذكراً ولا أنثى ، فالتولية لحضرة التقي النقي والمهذب الصفي الأخ الأمجد الشيخ أبي القاسم وفخر المخدرات أختي من أبي وأمي والدة قرة العيون السيّد عميد الدين

١٤٠