ولا حضر إلّا عرفت متى نزلت ، وفيمن نزلت ، وعرفت ناسخها ، ومنسوخها ، ومحكمها ، ومتشابهها ، ومفصّلها ، ومجملها (١). فأين هذا من أبي بكر الذي قال في نفسه على المنبر : أقيلوني فإني ولّيتكم ولست بخيركم (٢).
وقال أيضا : أيّ أرض تقلّني وأيّ سماء تظلّني إذا قلت في القرآن برأيي؟ (٣) ومعلوم أن المجتهد عند تعارض الآيات والسّنن ودلالة الشرع يجب أن يكون له في القرآن رأي.
ومن الظاهر الجلي عند الحشوية أنهم يدّعون أنّ أبا بكر كان أعلم من عمر ، ويروون إنكار عمر لموت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو كما قالوه ؛ فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا مات قام عمر بن الخطاب فقال : إنّ رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات ، وإنّ رسول الله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه. والله (٤) ليرجعنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات. وأقبل أبو بكر فنظر إلى وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم أكبّ عليه وقبّله ثم قال : بأبي أنت وأمي أمّا الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها ، ثمّ ردّ الثوب على وجهه صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم خرج ـ وعمر يكلم الناس ـ فقال : على رسلك يا عمر فأنصت ؛ فأبى إلّا يتكلّم فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلمّا سمع الناس كلامه ، أقبلوا عليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
__________________
(١) القرطبي ١ / ٢٧.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٣١٨.
(٣) ينظر الطبراني مج ١ ج ١ ص ٥٥.
(٤) في (ب) ، (ج) : وو الله.