• الفهرس
  • عدد النتائج:

قلنا : ولا يكون في الحكم كأنّه من جهة غير فاعل الضرر سواء كان هو المضرور أو غيره ؛ لأنه متى كان ذلك (١) لم يكن ظلما ؛ ولهذا فإن من بطش بغيره بغير حق ولم يندفع ضرره إلّا بقتله جاز قتله دفعا للضّرر الحادث منه. ولا يكون قتله ظلما لمّا كان في الحكم كأنّه من جهة غير فاعل الضرر ، بل من جهة المضرور ، كذلك فإنّ من رمى بصبي في النار فاحترق فإنّ الاحتراق من الله تعالى ، وليس بظلم لمّا كان في الحكم كأنّه من جهة غيره بل من جهة الطّارح للصبي في النار. والذي يدلّ على صحة هذا الحد أنه يكشف عن معنى المحدود على جهة المطابقة ؛ ولذلك يطّرد المعنى فيه وينعكس ، وذلك من دلائل صحّة الحد ؛ فثبت أنّ العقاب لمن لا يستحقه يكون ظلما. وإنما قلنا بأن الظلم قبيح لما تقدم بيانه في أوّل مسائل العدل. وأما أنّ المجازاة بالثواب لمن لا يستحقه تكون قبيحة ؛ فلأنها تتضمن التعظيم لمن لا يستحقه. وتعظيم من لا يستحقّ التعظيم قبيح. وإنما قلنا : بأنها تتضمن التعظيم لمن لا يستحقه ؛ لأنّ الثواب هو المنافع العظيمة الخالصة الدائمة المفعولة على جهة الإجلال والتعظيم على ما يأتي بيانه في الوعد والوعيد إن شاء الله تعالى. وإنما قلنا : بأنّ تعظيم من لا يستحق التعظيم قبيح ؛ لأنه يقبح السجود للجمادات. وقبح ذلك معلوم بفطرة العقل ، وإنّما قبح ذلك لكونه تعظيما لمن لا يستحق التعظيم بدليل أن الحكم الذي هو القبح يثبت بثبوت ذلك ، نحو السجود للأصنام ، وينتفي بانتفائه ، نحو السجود لله تعالى. وليس هناك ما تعليق الحكم به أولى. وقد شاركه المجازاة بالثواب لمن لا يستحقه في كونها تعظيما لمن لا يستحق التعظيم فيحب

__________________

(١) في الأصل : كذلك ، تعليقة كأنه من باب الظن.