• الفهرس
  • عدد النتائج:

البغدادية من المعتزلة (١). ومنهم من قطع على أنه لو لم يقتل لمات في ذلك الوقت لا محالة ، وهذا هو قول الشيخ أبي الهذيل ومن تابعه من المعتزلة ، وهو قول الحشوية (٢). ومنهم من توقف في ذلك فلم يقطع على واحد من الأمرين ، وجوّزهما جميعا ، وهذا هو قول الشيخين أبي علي وأبي هاشم ومن تابعهما من البصريين (٣) ، وهو الظاهر من قول جماهير الزيدية وهو الصحيح. وينبغي أن نورد ما يحتج به كل واحد من الفريقين على صحة ما قطع عليه ، ونتكلم على ذلك ؛ لأن ذلك هو حال المتوقف. وبتمام ذلك يتم غرضنا من أن الصحيح في هذه المسألة هو التوقف : أمّا من قطع على أنه لو لم يقتل لبقي حيّا لا محالة ، فاحتجوا في ذلك بقول الله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) [البقرة : ١٧٩] قالوا : فدلّ على أن المقتول قصاصا لو لم يقتل لبقي حيّا لا محالة (٤).

والجواب ـ إن هذا عدول عن الظاهر ؛ لأنه لا خلاف فيه بين العلماء ، وليس فيه ذكر لما يدّعونه ، لا بإثبات ولا بإبطال ؛ لأن الآية دلّت على حياة منكّرة ما ، وإذا سقط تعلقهم بظاهر الآية فهو المطلوب. ويجوز أن تكون تلك الحياة المنكّرة هي أنّ من عزم على قتل الغير ثم علم بثبوت القصاص ، وأنه إذا قتله قتل به لم يقدم على قتله خوفا للقصاص ؛ فيكون في علمه بثبوت القصاص حياة له من حيث صرفه علمه ، وكان لطفا له في ترك القبيح ، ثم

__________________

(١) المغني ١١ / ٣ ، وشرح الأصول الخمسة ٧٨٣.

(٢) المغني ١١ / ٣ ، وشرح الأصول الخمسة ٧٨٣.

(٣) المغني ١١ / ٤.

(٤) في هامش الأصل : ليس احتجاج البغدادية على الوجه الذي ذكره رحمه‌الله. وقد احتج بالآية الإمام القاسم بن محمد رحمه‌الله في الأساس على الوجه الآخر الذي ذكره.