• الفهرس
  • عدد النتائج:

ومنها ما لا يتعلق بشرعه. ثم منها ما يتعلق بمعجزته ، وذلك أنه يعصم عن الإحسان (١) لجنسها والإتيان به ؛ لأن ذلك يؤثّر في سكون النفس إلى معجزته ، وكونه يحسن جنس معجزته يوهن أمرها ؛ فيجب أن يعصم عن ذلك. ومنها ما لا يتعلق بمعجزته ، وهو أشياء : منها ما يرجع إلى أخلاقه. ومنها ما يرجع إلى غيرها ممّا يتعلق بفعله ومما لا يتعلق بفعله ؛ فيجب أن يعصم عن الفظاظة والغلظة على المؤمنين ، ويعصم عن سوء الأخلاق. ويجب أن لا يكون ولد زنا ، ولا يكون لقيطا ، ولا حجّاما ، ولا حمّاميّا ، ونحو ذلك من الخدم التي يستنكرها (٢) القوم الذين يرسل إليهم ، ويسترذلونها. ويجب أن يعصم عن الكبائر قبل النبوة وبعدها ، وعن الكذب صغيرا كان أو كبيرا ، وعن الصغائر المسخّفة المنفّرة كالأكل على الطرقات. خلافا للحشوية والكرّامية فإنهم يجوّزون على الأنبياء الكبائر قبل النبوة وبعدها. وعندنا أنهم لا يأتون بشيء من الصغائر إلا على سبيل التأويل دون العمد (٣).

والذي يدل على اعتبار ما تقدم أن الغرض بالبعثة للرسول هو الأخذ عنه والقبول ؛ لتنزاح به علّة المكلّفين. فكما أنه يجب في الحكمة أن يمكّنه الله من الأداء والتبليغ ؛ لئلّا يكون ذلك مفوّتا لمصالح المكلّفين ـ كذلك يجب في الحكمة أن يعصمه عن كل منفّر ليكون المكلّف أقرب إلى القبول ؛ لأن اللطف ينبغي أن يفعل على أبلغ الوجوه.

__________________

(١) في هامش (ب) : حاشية نصها : ينظر والذي ظهر من قوله عن الإحسان ، في سياق الكلام أنه يشترط أن لا يحسن النبيّ أن يأتي بمثل معجزته من ذات نفسه ؛ لأنه يكون توهينا لشأن المعجزة ، وتلبيسا للمعجز بغيره ، فلا وجه للنظر على كلام الأمير فهو مستقيم ؛ فتأمل ، تمت كاتبها. والخلاصة أن النبي يجب أن لا يحسن جنس معجزته.

(٢) في (ب) و (ج) : يستكرهها.

(٣) ينظر الفخر الرازي مج ٢ ج ٣ ص ٩.