• الفهرس
  • عدد النتائج:

وأما الفصل الثاني وهو أنه تعالى لا يريد الظلم ، ولا يرضى الكفر ، ولا يحب الفساد

فهذه عقيدتنا أهل البيت ، وهي عقيدة العدليّة جميعا. والخلاف في ذلك مع المجبرة القدرية ؛ فإنهم ذهبوا إلى أن الله تعالى مريد لكل ما يحدث في العالم من أفعال المخلوقين ، سواء كان حسنا أو قبيحا ، وأنّه ما أراد ما لم يحدث سواء كان إيمانا أو غيره. وصرّح الحسن بن أبي بشر الأشعري بأنه تعالى رضي الكفر وأحبّه ، وهو مذهب أتباعه (١). والذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه يتّضح بأن نتكلّم في أربعة مواضع : أحدها : أنّ الرضى والمحبّة والإرادة ألفاظ مترادفة على معنى واحد. والثاني : أنّ إرادة القبيح قبيحة. والثالث : أنّه تعالى لا يريد القبيح. والرابع : في إيراد ما يتعلق به المخالفون وإبطاله ، ويدخل في ذلك طرف مما يذكرونه من الآيات المتشابهة.

أما الموضع الأول :

وهو في أنّ الرضى والمحبة والإرادة ألفاظ مترادفة (٢) على معنى واحد.

فالذي يدلّ على ذلك أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينفى باللفظ

__________________

(١) الإبانة ص ١٨٢. والإرشاد للجويني ص ٢١١ حيث قال : ومن أئمتنا من يطلق ذلك عاما ولا يطلقه تفصيلا ، وإذا سئل عن كون الكفر مرادا لله تعالى ، لم يخصص في الجواب ذكر تعلق الإرادة به ، وإن كان يعتقده ، ولكنه يجتنب إطلاقه لما فيه من إيهام الزلل ؛ إذ قد يتوهم كثير من الناس أن ما يريده الله تعالى يأمر به ، ويحرض عليه تعالى الله عن ذلك. قلت : ولله القائل :

وكيف نهانا عنه وهو يريده

مقالة أفاك يقول ولا يدري

(٢) في دعوى ترادف المحبة والإرادة نظر ؛ فإنه يجوز أن يخلق الله تعالى فينا إرادة لما لا داعي إليه كدخول النار فإنها تسمى إرادة ولا تسمى محبة. تمت السيد عبد الرحمن شائم.