• الفهرس
  • عدد النتائج:

وأما الاصطلاحي فهو في عرف المتكلمين ما يدعوا المكلّف إلى فعل ما كلّف فعله ، وترك ما كلّف تركه ، أو إلى أحدهما مع تمكنه في الحالين. والذي يدل على صحته أنه يكشف عن معناه على جهة المطابقة ؛ ولهذا يطّرد المعنى فيه وينعكس. وهو أمارة صحة الحد.

وأما الموضع الثاني : وهو في قسمته

فله قسمتان : قسمة باعتبار فاعله ، فهو باعتبارها على ضربين : أحدهما من فعل الله سبحانه وتعالى. والثاني من فعل غيره. فالذي من فعل الله تعالى : منه ما يكون متقدما على التكليف. ومنه ما يكون مقارنا له. ومنه ما يكون متأخرا عنه. أمّا ما كان متقدما على التكليف ؛ فإنه لا يجب على الله تعالى ؛ لأنه إذا لم يجب عليه التكليف لم يجب عليه ما هو من توابعه. وأما ما كان متأخرا عن التكليف ؛ فإنه متى كان حسنا فإنه تعالى يفعله لا محالة من حيث إن في تركه مفسدة ، وفي الإخلال به ترك إزالة العلة ، وكلّ ذلك قبيح ، وهو تعالى لا يفعل القبيح على ما تقدم بيانه.

وأما اللطف الذي هو من فعل غير الله سبحانه فهو على ضربين : أحدهما ما يكون من فعل العاقل ، فهذا يجب على العاقل فعله ؛ لانه يجرى مجرى دفع الضرر عن النفس. ودفع الضرر عن النفس واجب إذا كان المدفوع به دون المدفوع ، سواء كان الضرر مظنونا أو معلوما كما تقدم تحقيقه. وإن كان من فعل غير العاقل لم يجب عليه فعله ؛ لانه جار مجرى جلب النفع إلى النفس ، وذلك

__________________

ومثله قول الشاعر :

لو سار ألف مدجج في حاجة

ما نالها إلا الذي يتلطف

وقول آخر :

قد ينال الحليم بالرفق ما لي

س ينال الكمي يوم الجلاد