• الفهرس
  • عدد النتائج:

المحاريب المعروف بين المسلمين قد وجد ونزل على محمد الأمين صلوات الله عليه وعلى آله الأكرمين وهذا معلوم بالاضطرار ، فلا يخلو أن يكون لوجوده أوّل ، أم لا. وهذه قسمة صحيحة لترددها بين النفي والإثبات ، فإن كان لوجوده أوّل فهو محدث ، وإن لم يكن لوجوده أوّل ؛ فهو قديم ؛ فبطل بذلك قول المطرفية ؛ لأنهم خرجوا في حكم واحد عن النفي والإثبات ، وهذا خروج عن قضايا العقول.

وقد تكلمنا في كتاب نظام درر الأقوال النبوية في بيان كفر المطرفية بما فيه كفاية كافية ، وأدلة بتوفيق الله واضحة شافية. ولا يجوز أن يكون قديما لما بيّنّا فيما تقدم أنه لا قديم إلا الله تعالى ، وبذلك يبطل قول الحشوية أنه قديم ؛ ولأن الله تعالى قد أشار إليه فقال : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) .. الآية. [الحشر : ٢١] ، وقال : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [النمل : ٧٦] ، إلى غير ذلك من الإشارات. ولا إشكال في حدوث هذا المشار إليه.

ومما يوضح حدوثه قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) .. الآية [الأنبياء : ٢]. وما شاكلها. والذكر هو القرآن ؛ لقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) [الزخرف : ٤٤] ، ولقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩] ؛ ولأنه فعل من أفعال الله تعالى ، والفعل محدث ؛ لأنه لا بد من تقدّم فاعله عليه ، وما تقدم عليه غيره فهو محدث بالضرورة.

ومما يدل على حدوثه قول الله تعالى : (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) [الأحقاف : ١٢]. وما كان قبله غيره فهو محدث بالضرورة ؛ وإنما قال ذلك عزوجل ردا على الكفار وتكذيبا لهم حيث قالوا : بأنه إفك قديم.