• الفهرس
  • عدد النتائج:

ومما يدل على أن القدرية هم المجبرة إجماع الصحابة (رض) على ذلك ، وإجماعهم حجة. ولو لم يكن في ذلك إلّا ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام لكفى ، فإنه روي أنه عليه‌السلام لمّا انصرف من صفّين قام إليه شيخ فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا هذا إلى الشام أكان بقضاء الله تعالى وقدره؟ فقال : والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ما قطعنا واديا ولا علونا تلعة ولا وطئنا موطئا إلا بقضاء من الله تعالى وقدر. فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي ومسيري ، والله ما أرى لي من الأجر شيئا ، فقال : بلى قد عظّم الله لكم الأجر على مسيركم وأنتم سائرون ، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ، ولا إليها مضطرين. فقال الشيخ : وكيف يكون ذلك والقضاء والقدر اللذان ساقانا ، وعنهما كان مسيرنا؟ فقال أمير المؤمنين : لعلّك ظننت قضاء لازما وقدرا حتما؟ لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، والأمر من الله والنّهي ، ولما كانت تأتي من الله لائمة لمذنب ولا محمدة لمحسن ، ولما كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المسيء ، ولا المذنب كان أولى بعقوبة الذّنب من المحسن. تلك مقالة إخوان الشياطين (١) ، وعبدة الأوثان ، وخصماء الرحمن ، وشهود الزور ، وأهل العمى والفجور ، وهم قدرية هذه الأمّة ، ومجوسها. إنّ الله تعالى أمر تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وكلف يسيرا ، ولم (٢) يكلّف مجبرا ، ولا بعث الأنبياء عبثا ، ولا أرى عجائب الآيات باطلا (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) [ص ٢٧]. فقال الشيخ : ما القضاء والقدر اللّذان ما وطئنا موطئا إلا بهما؟ فقال علي عليه‌السلام : الأمر من الله والحكم ، ثم تلى قول الله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ

__________________

(١) في (ب) ، (ج) و (د) : الشيطان.

(٢) في (أ) : لم.