• الفهرس
  • عدد النتائج:

فثبت الأصل الأول وهو أنه ظهر على يديه المعجز عقيب ادّعائه للنبوة ـ وإن كان ثابتا ؛ لأنّه معلوم ضرورة بطريق التواتر ـ إلّا أنّا ذكرناه هكذا على طريقة التّبيين والاستظهار.

وأما الأصل الثاني ـ وهو أنّ كل من جاء بالمعجز عقيب ادعائه للنبوة فهو نبي صادق ؛ فالذي يدل على ذلك أن المعجز تصديق من الله سبحانه لمن ظهر على يديه ؛ لأنه لو قال : الذي يدل على صدقي أنكم لا تحرّكون أيديكم ، أو أن الله تعالى يقلب هذه العصا حيّة ثم فعل الله له ذلك ـ كان (١) ذلك جاريا مجرى أن يقول له : صدقت. دليل ذلك ما نعلمه في الشاهد أن أحدنا لو ادّعى بحضرة السلطان أنه قد ولّاه على الرعية يتصرف كيف شاء ، ثم قال : والذي يدل على صدقي أن السلطان ينزع خاتمه من يده فيجعله في يدي ، أو ينزع تاجه من فوق رأسه فيجعله فوق رأسي ؛ ثم فعل السلطان له ذلك ؛ فإنّ كلّ عاقل يعلم أن ذلك يكون تصديقا له ، وأنه جار مجرى أن يقول له :صدقت فيما ادعيت من الولاية.

فإذا ثبت ذلك وجب أن يكون من ظهر عليه المعجز صادقا ، وإلا وجب أن يكون كاذبا ؛ لكون القسمة في ذلك دائرة بين النفي والإثبات. ولا يجوز أن يكون كاذبا ؛ لأنّ الله تعالى لو صدّقه وهو كاذب كان ذلك قبيحا ؛ لأن تصديق الكاذب قبيح ، والله تعالى لا يفعل القبيح كما تقدم بيانه ؛ فثبت بذلك نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجب تصديقه فيما جاء به من شرائع الإسلام.

الوجه الثاني : أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء بالأخبار الكثيرة عن الغيوب الماضية والمستقبلة على سبيل التفصيل ، واستمر ذلك على حدّ لا يمكن البشر الإعلام

__________________

(١) في (ب) و (ج) : لكان.