مصباح الفقيه - ج ١٢

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ١٢

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


المحقق: المؤسّسة الجعفريّة لإحياء التراث ـ قم المقدّسة
الموضوع : الفقه
الناشر: برگ طوبى
المطبعة: عترت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٣

بصلاة ملفّقة من الأحوال ، فيأتي بها على حالة واحدة ، إلّا إذا فرض التعذّر أو التعسّر فيجوز حينئذ التلفيق.

وهو بالنسبة إلى ما لو تجدّد العجز في الأثناء وعلم باستمرار عجزه إلى آخر الوقت واضح الضعف ؛ ضرورة أنّ تجدّد العجز في الأثناء ليس من قواطع الصلاة ، بل يوجب اندراجه في موضوع المضطرّ الذي أحلّ الله له ما كان حراما عليه من ترك القيام ونحوه بقدر الضرورة ، فلا مقتضي لإعادة ما صدر منه واجدا لشرطه ، بل يجب المضيّ فيه ، لا لمجرّد النهي عن إبطال العمل (١) ، بل لوجوب مراعاة القيام وما قام مقامه من الشرائط والأجزاء الاختياريّة مع الإمكان ، ولذا لو تمكّن ابتداء من أن يأتي ببعض صلاته قائما من غير حرج ولا مشقّة وجب عليه الإتيان بذلك البعض كذلك دون ما عداه ، كما عرفته في صدر المبحث.

فما ذكره الأصحاب من المضيّ في صلاته بالنسبة إلى هذه الصورة ممّا لا إشكال فيه.

وأمّا بالنسبة إلى ما لو علم بزوال العجز قبل فوات الوقت أو احتمله فلا يخلو عن إشكال ، كما نبّه عليه شيخنا المرتضى قدس‌سره حيث قال ـ بعد أن نقل الاستدلال عليه عن جماعة تبعا للذكرى (٢) : بأصالة الصحّة والامتثال المقتضي للإجزاء ـ ما هذا لفظه : ويشكل بأنّ ارتفاع العجز وثبوت القدرة على الصلاة قائما في جزء من الوقت موجب لاختصاص الوجوب بذلك

__________________

١٠٨ ، والاختيار لتعليل المختار ١ : ١٠٠ ، والهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ٧٨ ، والمجموع ٤ : ٣٢١.

(١) سورة محمّد ٤٧ : ٣٣.

(٢) الذكرى ٣ : ٢٧٤.

٨١

الجزء ، ولذا لو علم في أوّل صلاته بطروء العجز له في الأثناء وارتفاعه قبل خروج وقت الصلاة ، لم يجز له الدخول ، بناء على ما تحقّق من وجوب تأخير أولي الأعذار في صورة العلم بارتفاعها قبل خروج الوقت ، وكذلك الكلام في القدرة المتجدّدة في الأثناء ؛ فإنّها كاشفة عن عدم تعلّق الأمر بالفعل عند الدخول فيه ، فما أتى به من الأجزاء قاعدا إنّما كان باعتقاد الأمر وتخيّله ، كالمأتيّ به منها قائما في الصورة الأولى ، كما يوضّح ذلك كلّه فرض العلم بتجدّد الوصفين قبل الدخول في الفعل ، ولا ريب أنّ إتيان الشي‌ء بتخيّل الأمر ليس مجزئا عن المأمور به الواقعي ، لكن الظاهر عدم الخلاف الصريح في عدم وجوب الاستئناف إلّا عن بعض العامّة (١) ، وإن احتمل الوجوب في النهاية (٢) على ما قيل (٣) ، ولعلّ وجه اتّفاقهم على الحكم دعوى أنّ المستفاد من الأدلّة ـ مثل قوله : «إذا قوي فليقم» (٤) وقوله عليه‌السلام : «فإن لم تستطع قائما فصلّ جالسا» (٥) ـ عموم وجوب القيام والرخصة في القعود إذا طرأ موجبهما في الأثناء ، فالاستمرار في الصلاة مستفاد من هذه الأدلّة ، لا من قاعدة الإجزاء والنهي عن الإبطال الممنوعين بأنّهما إنّما يثبتان مع تحقّق الأمر لا مع تخيّله واعتقاده (٦). انتهى.

وملخّص الكلام في دفع هذا الإشكال هو أنّ المنساق من أخبار الباب بل وكذا من أغلب الأدلّة اللفظيّة المثبتة لتكاليف اضطراريّة في سائر

__________________

(١) راجع الهامش (٢) من ص ٨٠.

(٢) لم نعثر عليه فيها.

(٣) لم نهتد للقائل.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٨ ، الهامش (٣).

(٥) تقدّم تخريجه في ص ٥٩ ، الهامش (٥).

(٦) كتاب الصلاة ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

٨٢

الموارد ـ كمواقع التقيّة وأشباهها ـ إنّما هو إناطة هذه التكاليف بالعجز حال الفعل لا مطلقا ، فيجوز له البدار إلى الصلاة في سعة الوقت وإن احتمل زوال العجز في الأثناء أو بعدها ، وتصحّ صلاته ، كما يؤيّده إطلاق فتوى الأصحاب بالمضيّ في صلاته عند تجدّد القدرة أو العجز في الأثناء من غير نقل خلاف عن أحد منّا.

ولا ينافيه الالتزام بعدم جواز الدخول في الصلاة لو علم بزوال عجزه قبل فوات الوقت ؛ لإمكان دعوى انصراف أدلّتها عن مثل الفرض.

ألا ترى أنّه لو أمر المولى عبده بإطعام شخص ـ مثلا ـ في الغد بخبز الحنطة مع الإمكان وبالشعير لدى العجز ، فلم يجد العبد في البلد إلّا الشعير فأطعمه بذلك ، يعدّ ممتثلا وإن احتمل حال الإطعام تجدّد القدرة من تحصيل الحنطة فيما بعد ، بخلاف ما لو علم بأنّه سيتمكّن من تحصيله في زمان يقع امتثالا للواجب.

والحاصل : أنّه فرق في المعذوريّة بالنسبة إلى التكاليف العذريّة بين ما إذا علم قبل التلبّس بالعمل بتجدّد القدرة له ، وبين ما إذا لم يعلم بذلك وإن احتمله ، فلا ينسبق إلى الذهن إرادة العاجز الذي يعلم بزوال عجزه قبل فوات الوقت من إطلاق أدلّتها ، كما نبّهنا على ذلك في مبحث التيمّم عند التكلّم في جوازه في سعة الوقت ، وكذا في مبحث التقيّة في باب الوضوء ، فراجع (١).

فتلخّص أنّ المتّجه هو ما ذكره الأصحاب من المضيّ في صلاته على حسب ما يقتضيه حاله من الانتقال إلى الحالة الدنيا أو العليا ، ولكنّ الأحوط

__________________

(١) ج ٦ ، ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، وج ٢ ، ص ٤٤٩.

٨٣

فيما لو عجز في الأثناء وعلم بزوال عجزه قبل فوات الوقت هو الإتمام ثمّ الإعادة بعد تجدّد القدرة ، والله العالم.

ثمّ إنّهم اختلفوا في من عجز قبل القراءة أو في أثنائها في أنّه هل يجب عليه أن ينتقل إلى الحالة الدنيا من القعود أو الاضطجاع أو الاستلقاء قارئا ، وكذا لو كان قبل الذكر الواجب في الركوع أو في أثنائه عليه أن ينتقل إلى الحالة الدنيا آتيا بما تيسّر له من الذكر في حال هويّه ، أم لا يجب بل لا يجزئ إلّا بعد انتقاله واستقراره؟ صرّح بعض (١) بالأوّل ، بل عن الروض نسبته إلى الأكثر (٢) ، بل عن الشهيد في الذكرى نسبته إلى الأصحاب (٣) ، وهو مشعر بالاتّفاق.

ولكنّه بحسب الظاهر غير مراد له ، وإلّا لم يكن يرجّح خلافه ، كما ستسمع حكايته عنه (٤) ، بل في دروسه نسبه إلى القيل ؛ فإنّه ـ بعد أن ذكر أنّه ينتقل القادر والعاجز إلى الأعلى والأدنى ولا يستأنفان ـ قال ما صورته :قيل : ويقرأ في الانتقال إلى الأدنى لا الأعلى (٥). انتهى.

وهذا مشعر بشذوذ هذا القول وضعفه لديه ، بل قيل بخلوّ كلام المتقدّمين عن التعرّض له (٦).

وربما نزّل عبارة المتن على هذا القول بحمل كلمة «مستمرّا» على

__________________

(١) مثل العلّامة الحلّي في تحرير الأحكام ١ : ٢٣٥ / ٧٨٤ ، وتذكرة الفقهاء ٣ : ٩٨ ، ضمن المسألة ١٩٧ ، والشهيد الثاني في مسالك الافهام ١ : ٢٠٣.

(٢) روض الجنان ٢ : ٦٧٢ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣١٥.

(٣) الذكرى ٣ : ٢٧٤ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٣ : ٣١٥.

(٤) في ص ٨٥.

(٥) الدروس ١ : ١٦٩.

(٦) قاله العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣١٥.

٨٤

الاستمرار على ما كان متلبّسا به من القراءة ونحوها.

وهو لا يخلو عن بعد ؛ فإنّه مع قصوره حينئذ عن إرادة الحكم فيما إذا طرأ العجز قبل التلبّس بالقراءة أو الذكر لا تستقيم إرادته بهذا المعنى في صورة العكس ؛ حيث إنّ ما ذكروه وجها له في صورة الأصل ـ من كونه أقرب إلى القيام وغيره ممّا ستسمعه ـ يقتضي خلافه في صورة العكس ، ولذا لم ينقل القول باستمراره على القراءة في العكس عن أحد.

وكيف كان فقد حكي عن الذكرى وجملة ممّن تأخّر عنه ـ كالمحقّق الثاني وصاحب المدارك وشيخه المحقّق الأردبيلي وغيره ـ اختيار القول الثاني (١) ؛ نظرا إلى اعتبار الطمأنينة والاستقرار حال القراءة مع الإمكان ، كما يدلّ عليه قوله عليه‌السلام : «وليتمكّن في الإقامة كما يتمكّن في الصلاة» (٢) بالتقريب الذي عرفته في محلّه.

ويؤيّده أيضا رواية السكوني ، المتقدّمة (٣) في محلّها ، الدالّة على وجوب الكفّ حال القراءة ، فإنّ حال الهويّ ليس إلّا كحال المشي في عدم الاستقرار ، كما نبّه عليه كاشف اللثام حيث قال في شرح قول العلّامة : «يقرأ في حال هويّه» (٤) ما لفظه : ولكن يشكل ـ كما في الذكرى (٥) ـ بأنّ الاستقرار شرط مع القدرة ولم يحصل في الهويّ ، فالقراءة فيه كتقديم المشي على

__________________

(١) الذكرى ٣ : ٢٧٥ ، جامع المقاصد ٢ : ٢١٤ ، مدارك الأحكام ٣ : ٣٣٤ ، مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١٩٢ ، وحكاه عنهم العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣١٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٠٦ / ٢١ ، التهذيب ٢ : ٥٦ ـ ٥٧ / ١٩٧ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ١٢.

(٣) في ص ١٧.

(٤) قواعد الأحكام ١ : ٢٦٩.

(٥) الذكرى ٣ : ٢٧٥.

٨٥

القعود (١).

أقول : بل أسوأ حالا من ذلك ؛ لما في المشي من الانتصاب الذي ليس في الهويّ.

ومن هنا قد يقوى في النظر فيما لو دار الأمر بين أن يصلّي ماشيا أو هاويا وناهضا من غير استقرار ترجيح الأوّل ؛ إذ الظاهر أنّه أقرب إلى الهيئة المعتبرة في الصلاة حال القراءة بنظر العرف.

وقد ظهر بما ذكرنا ضعف الاستدلال للقول الأوّل : بأنّ الهويّ أقرب إلى القيام ، فتجب المبادرة حاله إلى الإتيان بما تيسّر من القراءة تحصيلا لشرطه بقدر الإمكان ؛ فإنّ مجرّد الأقربيّة إلى القيام غير مجد في ذلك ما لم تكن هذه الحالة بنظر العرف من المراتب الميسورة للهيئة المعتبرة حالها ، وقد أشرنا إلى أنّ الهويّ ليس كذلك ، بل هو أبعد من تلك الهيئة عن المشي الذي يتحقّق معه القيام حقيقة ، ولا يتمشّى بالنسبة إليه قاعدة الميسور ، كما تقدّمت الإشارة في محلّه.

ونظير ذلك في الضعف : الاستدلال له : بأنّ كلّ مرتبة من الانحناءات الغير القارّة المتدرّجة إلى القعود هيئة خاصّة مستقلّة من القيام مقدّمة في الرتبة على القعود وإن لم يكن معها استقرار ، كما عرفته في محلّه ، فيجب أن يوقع فيها ما تسعه من القراءة ؛ فإنّ الانحناءات الغير القارّة المتدرّجة في الوجود حال الهويّ أو النهوض ليست لدى العرف من مصاديق القيام ، ولا من مراتبه الميسورة التي لا تسقط بمعسوره حتى في أوائل الأخذ في الهويّ أو أواخر النهوض ممّا لو كان له نوع استقرار لعدّ عرفا من مصاديقه ؛ لعدم

__________________

(١) كشف اللثام ٣ : ٤٠٦.

٨٦

ملحوظيّة شي‌ء منها لدى العرف من حيث هو على سبيل الاستقلال كي يطلق عليه اسم القيام ، بل الهويّ وكذا النهوض مجموعه لدى العرف بل العقل أيضا فعل واحد مباين بالنوع للقيام والقعود.

ولو سلّم اندراجه في مسمّى القيام ، فلا شبهة في انصراف أدلّته عنه ، كانصرافها عن القيام الحاصل في ضمن المشي.

فما في كلمات شيخنا المرتضى رحمه‌الله ـ من اختيار هذا القول والاستدلال عليه بعموم أدلّة القيام وعدم الدليل على اعتبار الاستقرار بمعنى عدم الحركة في المقام ، لأنّ التعويل في وجوبه على الإجماع المفقود هنا ، ولو سلّم جريان الدليل رجع الأمر إلى تعارض الاستقرار بالمعنى المزبور مع القيام ، وقد تقدّم قوّة ترجيح الثاني (١). انتهى ـ محلّ نظر ؛ فإنّ الهويّ مباين للقيام عرفا ، فلا يعمّه أدلّة القيام ، ولا أقلّ من انصرافها عنه ، كانصرافها عن المشي.

فالأقوى عدم وجوب القراءة حاله ، بل بعد الانتقال إلى الحالة التي ينتقل إليها ، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإتيان بما تيسّر حاله ثمّ إعادته بنيّة القربة المطلقة مراعيا فيه الاحتياط ، والله العالم.

ثمّ لو أوجبنا المبادرة إلى الإتيان بما تيسّر من القراءة حال الهويّ لو عصى وتركها حتى جلس هل تبطل صلاته ؛ للإخلال عمدا بما وجب فيها ، أم لا ؛ إذ لا يلزم من ذلك الإخلال بالجزء ؛ إذ الجزء وإن كان هو القراءة قائما ولكن تركها حتّى انتفى شرطيّة القيام فيها قبل فوات الموالاة أو حصول ناقض فيأتي بها عن جلوس ، غاية الأمر عصيانه بتركه القراءة

__________________

(١) كتاب الصلاة ١ : ٢٥٧.

٨٧

قائما ، كمن علم من أوّل الوقت بأنّه يعجز في آخره ، فترك الصلاة قائما إلى أن وجب عليه الصلاة مع القراءة قاعدا ، وهذا هو الأقوى كما صرّح به شيخنا المرتضى (١) رحمه‌الله ، ولكن الأحوط إعادتها لو زال العجز قبل فوات الوقت بل بعده أيضا ، كما هو الشأن في كلّ تكليف اضطراريّ نشأ الاضطرار إليه من سوء اختيار المكلّف ، بل القول بوجوبها لا يخلو عن وجه ، كما نبّهنا عليه في مبحث التيمّم وغيره من نظائر المقام.

فروع :

لو خفّ بعد القراءة وتمكّن من القيام للركوع ، وجب ؛ لما تقدّمت الإشارة إليه في صدر المبحث من وجوب القيام المتّصل بالركوع بل ركنيّته.

وهل تجب الطمأنينة؟ فيه قولان ، أقواهما وأشهرهما : العدم ؛ لما أشرنا إليه ـ فيما سبق ـ من أنّ القدر المتيقّن إنّما هو اعتبار حصول الركوع عن قيام مع الإمكان ، وأمّا اشتراط هذا القيام بالاستقرار فلم يدلّ عليه دليل.

واستدلّ للقول بالاشتراط : بقاعدة الشغل.

وفيه : ما مرّ مرارا من أنّ المرجع في مثل هذه الموارد أصالة البراءة ، لا الاشتغال.

وعن الذكرى الاستدلال عليه : بأنّ الحركتين المتضادّتين في الصعود والهبوط لا بدّ أن يكون بينهما سكون ، فينبغي مراعاته ليتحقّق الفصل بينهما (٢).

وفيه ما لا يخفى بعد ما أشرنا إليه من أنّه لا يعتبر إلّا حصول الانحناء

__________________

(١) كتاب الصلاة ١ : ٢٥٨.

(٢) الذكرى ٣ : ٢٧٥ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ٧٤ ، وصاحب الجواهر فيها ٩ : ٢٧٧.

٨٨

الركوعي عن الاستقامة ؛ ضرورة عدم توقّف حصول هذا المعنى على انفصال الحركة الهبوطيّة عن الصعوديّة كي يدّعى توقّفه على سكون بينهما.

هذا ، مع ما في أصل الدعوى من المنع.

ولو خفّ في الركوع قبل الطمأنينة بل وبعدها أيضا ما لم يأت بالذكر الواجب ، ارتفع منحنيا إلى حدّ الراكع ، ولم يجز له الانتصاب ؛ لاستلزامه زيادة ركن بل ركنين ، بناء على كون القيام المتّصل بالركوع من حيث هو أيضا ركنا مستقلّا ، ويسكت عن الذكر حال الارتفاع ، فلو كان في أثناء كلمة وما بحكمها ممّا يكون السكوت مخلّا بالموالاة المعتبرة فيه استأنفه ، والأولى إتمامه حال الارتفاع أو مع بقائه بحاله بنيّة القربة ثمّ الاستئناف بعد الارتفاع.

ولو خفّ بعد الفراغ من الذكر ، قام للاعتدال.

ولو خفّ بعد الذكر الواجب ، جاز له أن يرتفع منحنيا للإتيان بالمستحبّ ، فإنّه لا يوجب زيادة ركوع ، بل إدامة ذلك الركوع المأتيّ به عن جلوس ، كما أنّ له أيضا البقاء على حاله حتى يأتي بالمستحبّ ولكن لا بقصد التوظيف ؛ إذ لم يثبت ذلك ، بل بعنوان الاحتياط ورجاء المطلوبيّة.

ولو خفّ بعد الاعتدال قبل الطمأنينة ، قام للطمأنينة ، كما صرّح به غير واحد (١).

ولكن قد يتأمّل في وجوبه ؛ نظرا إلى أنّ الطمأنينة بحسب الظاهر شرط في الاعتدال ، لا جزء مستقلّ كي يجب تداركه في الفرض.

وإن شئت قلت : إنّ الطمأنينة المعتبرة في الاعتدال إنّما تحصل بالقرار

__________________

(١) كالشهيد في الذكرى ٣ : ٢٧٦ ، والشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٦٧٥ ، والشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة ١ : ٢٦١.

٨٩

المتحقّق في ضمن الاعتدال ، لا القيام الحاصل عقيبه ، فمقتضى القاعدة إمّا سقوط شرطيّة الطمأنينة في الفرض ، أو اعتبارها فيما صدر منه من الاعتدال الجلوسي ، فالأحوط الجمع بين الاستقرار ثمّ القيام للطمأنينة من باب الاحتياط ، والله العالم.

ولو قدر على القيام للاعتدال دون الطمأنينة ، قام. والأولى بل الأحوط حينئذ ما قيل من الجلوس للطمأنينة (١) ، وإن كان الأقوى عدم وجوبه ؛ لما عرفت.

ولو خفّ بعد الطمأنينة ، ففي محكيّ الذكرى : الأقرب وجوب القيام ليسجد عن قيام (٢).

ونوقش بمنع اعتبار الهويّ عن قيام في ماهيّة السجود ، بل هو من لوازم هدم الاعتدال الواجب بعد الركوع ، كيف! ولو كان هذا القيام من حيث هو واجبا لوجب تداركه فيما إذا حصل الخفّ بعد الهويّ إلى السجود أيضا ما لم يبلغ حدّه ، مع أنّه لم ينقل القول به عن أحد.

ولو دار الأمر بين الإتيان بمسمّى الركوع عن قيام بلا طمأنينة أو معها ولكن لا بمقدار أداء الذكر الواجب ، وبين الركوع جالسا مطمئنّا ، قدّم الأوّل وأتى بالذكر مهما أمكن ولو من غير استقرار بل ولو حال الرفع أو قبل الوصول إلى حدّ الركوع.

ويحتمل تقديم الثاني ، ولكنّ الأوّل أشبه ، كما يظهر وجهه ممّا بيّنّاه عند التكلّم في تقديم القيام حال القراءة على القيام عند الركوع لدى الدوران ، فراجع (٣).

__________________

(١) قاله الفاضل الاصبهاني في كشف اللثام ٣ : ٤٠٧.

(٢) الذكرى ٣ : ٢٧٦ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ٧٤.

(٣) ص ٢٨.

٩٠

نعم ، لو فرض ذلك في المريض الذي يصلّي جالسا لعدم قدرته على أن يصلّي قائما ، أمكن الالتزام بتقديم الركوع جالسا مطمئنّا على الركوع القيامي الفاقد للاستقرار أو الذكر ؛ نظرا إلى أنّ قدرته على مثل هذا الركوع لا يخرجه عن منصرف الأخبار الدالّة على أنّ من لم يستطع على أن يصلّي قائما يصلّي جالسا ، والله العالم.

ولو ثقل بعد القراءة وتمكّن حال هويّه إلى الجلوس من الإتيان بصورة الركوع بمقدار ما يتحقّق به مسمّاه ولو من غير طمأنينة تسع الذكر ، ركع كذلك ، وأتى بما تيسّر من الذكر حاله متمّما له حين هويّه ، بناء على ما قوّيناه من تقديم مثل هذا الركوع على الركوع جالسا مطمئنّا.

وإن لم يتمكّن من مسمّى الركوع حال الهويّ ، فهل يجب عليه أن يجلس فيركع كي يكون ركوعه عن اعتدال جلوسيّ بدلا عن القيام المتّصل بالركوع ، أو يجوز له الركوع جالسا عن اعتداله القياميّ ، أم يتعيّن عليه ذلك مع الإمكان ؛ لتمكّنه من هذا القيام فلا يعدل عنه إلى بدله؟ وجوه ، أوجهها : أوسطها ؛ حيث لم يثبت أزيد من اشتراط حصول ركوع الجالس عن اعتدال أعمّ من تحقّقه مع الجلوس أو القيام.

ولو ثقل بعد الركوع قبل الطمأنينة والذكر أو في أثنائه ، جلس وهو راكع مسبّحا حال هويّه أو يسبّح بعد أن اطمأنّ على الخلاف المتقدّم.

ولو ثقل بعد تمام الركوع ، جلس مطمئنّا بدل القيام عن الركوع إن لم يقدر على مسمّى رفع الرأس عن الركوع وإن لم يبلغ حدّ الانتصاب ، وإلّا فلا يسقط ميسوره بمعسوره ، فيرفع عنه بما تيسّر ولو من غير انتصاب

٩١

واستقرار ، ويسجد عنه ، كما صرّح به بعض (١).

والأولى بل الأحوط جلوسه بعد الرفع حينئذ للطمأنينة ، وإن كان الأقوى أنّه لا يجب ، كما تقدّمت الإشارة إليه آنفا ، والله العالم.

(ومن لا يقدر على السجود يرفع ما يسجد عليه) ويضع جبهته عليه (فإن لم يقدر أومأ) للسجود ، وكذلك للركوع إن لم يقدر عليه ، كما عرفت تفصيل الحال فيه عند بيان حال المضطجع والمستلقي ، فلا نطيل بالإعادة.

وهل يجب على القائم العاجز عن السجود أن يجلس ويومئ للسجود ، أم لا؟ وجهان بل قولان ، أظهرهما : العدم ؛ فإنّ عمدة ما يصحّ الاستناد إليه لوجوبه قاعدة الميسور ، أو استصحاب وجوبه الثابت حال القدرة على السجود.

ويرد على الاستصحاب أنّ وجوبه السابق كان من حيث توقّف السجود عليه لا لذاته وقد ارتفع ذلك الوجوب جزما ، ولم يكن له وجوب آخر كي يصحّ استصحابه.

وبهذا يظهر لك عدم صحّة الاستدلال له بمثل النبويّ المرسل : «إذا أمرتكم بشي‌ء فأتوا منه ما استطعتم» (٢) والعلوي : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (٣).

وأمّا قاعدة الميسور فربما يتوهّم جريانها ؛ نظرا إلى أنّ الإيماء جالسا أقرب إلى السجود من الإيماء قائما.

__________________

(١) الشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة ١ : ٢٥٩.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢٧ ، الهامش (٢).

(٣) غوالي اللآلئ ٤ : ٥٨ / ٢٠٧.

٩٢

ويدفعه ما أشرنا إليه عند البحث عن عدم وجوب زيادة الانحناء في الإيماء من قصور القاعدة عن إفادة مثل هذه الأمور ، فمقتضى الأصل عدم اعتباره.

هذا ، مع إمكان الاستدلال له أيضا بإطلاق بعض الأدلّة الدالّة عليه ، فليتأمّل.

وأمّا الجالس لو قدر على القيام للإيماء للركوع ، فقد يقوى في النظر وجوبه ؛ بناء على وجوب القيام المتّصل بالركوع من حيث هو ، لا من حيث شرطيّته للركوع القياميّ ، وأمّا بناء على الشرطيّة ففيه تردّد ، والأشبه أنّه لا يجب.

(والمسنون في هذا الفصل) للقائم أمور تعرف من صحيح حمّاد وزرارة وغيرهما من الروايات.

والأولى نقل الصحيحتين بطولهما ؛ لاشتمالهما على كثير من الآداب التي ينبغي رعايتها في الصلاة.

روي في الوسائل عن الصدوق بإسناده عن حمّاد بن عيسى أنّه قال :قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام يوما : «أتحسن أن تصلّي يا حمّاد؟» قال : قلت :يا سيّدي أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة ، قال : فقال عليه‌السلام : «لا عليك قم صلّ» قال : فقمت بين يديه متوجّها إلى القبلة فاستفتحت الصلاة وركعت وسجدت ، قال : فقال عليه‌السلام : «يا حمّاد لا تحسن أن تصلّي ، ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي عليه ستّون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة» قال حمّاد : فأصابني في نفسي الذلّ ، فقلت : جعلت فداك فعلّمني الصلاة ، فقام أبو عبد الله عليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه وفرّق بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث

٩٣

أصابع متفرّجات ، واستقبل بأصابع رجليه جميعا لم يحرّفهما عن القبلة بخشوع واستكانة ، فقال : «الله أكبر» ثمّ قرأ الحمد بترتيل و «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» ثمّ صبر هنيئة بقدر ما يتنفّس وهو قائم ، ثمّ قال : «الله أكبر» وهو قائم ، ثمّ ركع وملأ كفّيه من ركبتيه متفرّجات وردّ ركبتيه إلى خلفه حتى استوى ظهره حتى لو صبّت عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ، وتردّد ركبتيه إلى خلفه ، ونصب عنقه وغمّض عينيه ثمّ سبّح ثلاثا بترتيل وقال : «سبحان ربّي العظيم وبحمده» ثمّ استوى قائما فلمّا استمكن من القيام قال : «سمع الله لمن حمده» ثمّ كبّر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه وسجد ووضع يديه إلى الأرض قبل ركبتيه وقال : «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» ثلاث مرّات ، ولم يضع شيئا من بدنه على شي‌ء منه ، وسجد على ثمانية أعظم :الجبهة والكفّين وعيني الركبتين وأنامل إبهامي الرّجلين والأنف ، فهذه السبع فرض ، ووضع الأنف على الأرض سنّة ، وهو الإرغام ، ثمّ رفع رأسه من السجود ، فلمّا استوى جالسا قال : «الله أكبر» ثمّ قعد على جانبه الأيسر ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى وقال : «أستغفر الله ربّي وأتوب إليه» ثمّ كبّر وهو جالس وسجد الثانية وقال كما قال في الأولى ، ولم يستعن بشي‌ء من بدنه على شي‌ء منه في ركوع ولا سجود ، وكان مجنّحا ، ولم يضع ذراعيه على الأرض ، فصلّى ركعتين على هذا ، ثمّ قال :«يا حمّاد هكذا صلّ ، ولا تلتفت ولا تعبث بيديك وأصابعك ولا تبزق عن يمينك ولا عن يسارك ولا بين يديك» (١).

وعن محمّد بن يعقوب رحمه‌الله بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٩٦ ـ ١٩٧ / ٩١٦ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة ، ح ١.

٩٤

قال : «إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى ودع بينهما فصلا إصبعا أقلّ ذلك إلى شبر أكثره ، وأسدل منكبيك وأرسل يديك ولا تشبّك أصابعك ، ولتكونا على فخذيك قبالة ركبتيك ، وليكن نظرك إلى موضع سجودك ، فإذا ركعت فصفّ في ركوعك بين قدميك ، تجعل بينهما قدر شبر ، وتمكّن راحتيك من ركبتيك ، وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى ، وبلّع أطراف أصابعك عين الركبة ، وفرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك ، فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك ، وأحبّ إليّ أن تمكّن كفّيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرّج بينها ، وأقم صلبك ، ومدّ عنقك ، وليكن نظرك إلى ما بين قدميك ، فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخرّ ساجدا ، وابدأ بيديك فضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا ، ولا تفترش ذراعيك افتراش الأسد ذراعيه ، ولا تضعنّ ذراعيك على ركبتيك وفخذيك ولكن تجنّح بمرفقيك ، ولا تلزق كفّيك بركبتيك ، ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك ، ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك ولكن تحرّفهما عن ذلك شيئا ، وأبسطهما على الأرض بسطا وأقبضهما إليك قبضا ، وإن كان تحتهما ثوب فلا يضرّك ، وإن أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل ، ولا تفرّجنّ بين أصابعك في سجودك ولكن ضمّهنّ جميعا» قال : «وإذا قعدت في تشهّدك فألصق ركبتيك بالأرض وفرّج بينهما شيئا ، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض وأطراف (١) إبهامك اليمنى على الأرض ، وإيّاك والقعود على قدميك

__________________

(١) في الكافي : «طرف».

٩٥

فتتأذّى بذلك ، ولا تكن قاعدا على الأرض فيكون إنّما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهّد والدعاء» (١).

وعن الفقه الرضوي أنّه قال : «وإذا أردت أن تقوم إلى الصلاة فلا تقم متكاسلا» إلى أن قال : «وتقف بين يديه كالعبد الآبق المذنب بين يدي مولاه ، وصفّ قدميك ، وانصب نفسك ، ولا تلتفت يمينا وشمالا وتحسب كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ، ولا تعبث بلحيتك» إلى أن قال أيضا : «ويكون بصرك في موضع سجودك ما دمت قائما» ثمّ قال : «ولا تتّك مرّة على رجلك ومرّة على الأخرى» (٢).

وربما يظهر من صحيحة زرارة الأخرى المرويّة أيضا عن أبي جعفر عليه‌السلام اختصاص جملة من الآداب التي تضمّنتها الأخبار المزبورة بالرجال دون النساء.

قال : «إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرّج بينهما ، وتضمّ يديها إلى صدرها لمكان ثدييها ، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلّا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها ، فإذا جلست فعلى أليتيها ليس كما يقعد الرجل ، وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين ثمّ تسجد لاطئة بالأرض ، فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض ، وإذا نهضت انسلّت انسلالا لا ترفع عجيزتها أوّلا» (٣).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ / ١ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة ، ح ٣.

(٢) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٠١ ، وعنه في الحدائق الناضرة ٨ : ١١ و ٩٠.

(٣) الكافي ٣ : ٣٣٥ / ٢ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة ، ح ٤.

٩٦

وللقاعد (شيئان) :

أحدهما : (أن يتربّع المصلّي قاعدا في حال قراءته.

و) ثانيهما : أن (يثنّي رجليه في حال ركوعه).

في المدارك : هذا قول علمائنا وأكثر العامّة (١).

ويدلّ عليه صحيحة حمران بن أعين عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : «كان أبي عليه‌السلام إذا صلّى جالسا تربّع ، وإذا ركع ثنّى رجليه» (٢).

قال في المنتهى : وليس هذا على الوجوب بالإجماع.

ولما رواه ابن بابويه عن معاوية بن ميسرة أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام :يصلّي الرجل وهو جالس متربّع ومبسوط الرّجلين؟ فقال : «لا بأس بذلك» (٣).

وروى أيضا عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال في الصلاة في المحمل : «صلّ متربّعا وممدود الرّجلين وكيفما أمكنك» (٤) (٥) (٦). انتهى.

وروي مرسلا أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا صلّى جالسا تربّع (٧).

والمراد بالتربّع في هذا المقام ـ على ما فسّره بعض (٨) ، بل في

__________________

(١) المغني ١ : ٨١٢ ، الشرح الكبير ١ : ٨٠٩.

(٢) الفقيه ١ : ٢٣٨ / ١٠٤٩ ، التهذيب ٢ : ١٧١ / ٦٧٩ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب القيام ، ح ٤.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٨ / ١٠٥٠ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب القيام ، ح ٣.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٨ / ١٠٥١ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب القيام ، ح ٥ وذيله.

(٥) منتهى المطلب ٥ : ١٥.

(٦) مدارك الأحكام ٣ : ٣٣٤ ـ ٣٣٥.

(٧) راجع المغني ـ لابن قدامة ـ ١ : ٨١٢.

(٨) الشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٦٦٩.

٩٧

الجواهر : لا أعرف خلافا فيه (١) ـ : هو أن يجلس على ألييه وينصب ساقيه وفخذيه.

ولكن قد يشكل ذلك بأنّه ممّا لا يساعد عليه كلام أهل اللّغة ؛ فإنّهم فسّروا الجلوس متربّعا بغير هذه الكيفيّة.

ففي مجمع البحرين : تربّع في جلوسه وجلس متربّعا هو أن يقعد على وركيه ويمدّ ركبته اليمنى إلى جانب يمينه وقدمه إلى جانب يساره واليسرى بالعكس ، قاله في المجمع (٢).

فكأنّ الأصحاب فهموا إرادة المعنى الأوّل منه في المقام من قرائن خارجيّة ، كما يؤيّده أنّه بهذا يحصل التوفيق بالجمع بين المرسل المزبور وبين ما روي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يجلس ثلاثا : القرفصاء (٣) ، وعلى ركبتيه ، وكان يثني رجلا واحدة ويبسط عليها الأخرى ، ولم ير صلى‌الله‌عليه‌وآله متربّعا قطّ (٤).

والمراد بثني الرّجلين ـ على ما في الجواهر (٥) وغيره (٦) ـ فرشهما واضعا للفخذ على الساق.

(وقيل : يتورّك في حال تشهّده).

__________________

(١) جواهر الكلام ٩ : ٢٨٣.

(٢) مجمع البحرين ٤ : ٣٣١ «ربع».

(٣) القرفصاء : ضرب من القعود ، وهو أن يجلس على أليتيه ويلصق فخذيه ببطنه ويحتبي بيديه يضعهما على ساقيه كما يحتبي بالثوب تكون يداه مكان الثوب. الصحاح ٣ : ١٠٥١ «قرفص».

(٤) الكافي ٢ : ٦٦١ (باب الجلوس) ح ١ ، مكارم الأخلاق : ٢٦.

(٥) جواهر الكلام ٩ : ٢٨٣.

(٦) راجع : روض الجنان ٢ : ٦٦٩.

٩٨

في المدارك : القول للشيخ رحمه‌الله في المبسوط (١) وجماعة.

وربما ظهر من حكاية المصنّف رحمه‌الله له بلفظ «قيل» التوقّف في هذا الحكم ، ولا وجه له ؛ لثبوت استحباب التورّك في مطلق التشهّد (٢). انتهى.

وما ذكره جيّد.

وكذلك الحال بالنسبة إلى ما بين السجدتين.

والخبر المزبور لا يصلح مقيّدا لإطلاق ما دلّ على استحباب التورّك في الحالين ؛ إذ لا ظهور له إلّا في إرادة التربّع في الجلوس الذي أتى به في صلاته بدلا عن القيام ، والله العالم.

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٠٠.

(٢) مدارك الأحكام ٣ : ٣٣٥.

٩٩
١٠٠