مصباح الفقيه - ج ١٢

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ١٢

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


المحقق: المؤسّسة الجعفريّة لإحياء التراث ـ قم المقدّسة
الموضوع : الفقه
الناشر: برگ طوبى
المطبعة: عترت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٣

(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) وقال : «فإنّ من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقاه الله شرّ اليومين» (١).

وعنه في العيون بسنده عن رجاء بن أبي ضحّاك نحوه (٢).

وعن مجالس ولد الشيخ في الصحيح إلى عليّ بن عمر العطّار ، قال :دخلت على أبي الحسن العسكري عليه‌السلام يوم الثلاثاء ، فقال : «لم أرك أمس» قال : كرهت الحركة يوم الاثنين ، قال : «يا عليّ من أحبّ أن يقيه الله شرّ يوم الاثنين فليقرأ في أوّل ركعة من صلاة الغداة (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ)» ثمّ قرأ أبو الحسن عليه‌السلام (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) (٣) (٤).

(وفي المغرب والعشاء ليلة الجمعة بالجمعة والأعلى) كما عن المشهور (٥) ، بل عن الانتصار نسبته إلى دين الإماميّة وإجماعهم (٦).

ويشهد له خبر أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «اقرأ في ليلة الجمعة الجمعة و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وفي الفجر سورة الجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وفي الجمعة سورة الجمعة والمنافقين» (٧) إذ الظاهر

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠١ و ٢٠٢ / ٩٢٣ ، الوسائل ، الباب ٤٨ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٣ ، والباب ٥٠ من تلك الأبواب ، ح ١.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٢ (الباب ٤٤) ح ٥ ، الوسائل ، الباب ٥٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، ذيل ح ١.

(٣) الإنسان ٧٦ : ١١.

(٤) الأمالي ـ للطوسي ـ : ٢٢٤ / ٣٨٩ ـ ٣٩ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب آداب السفر ... ، ح ٤.

(٥) نسبه إلى المشهور البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ١٨١.

(٦) الانتصار : ٥٤ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٣.

(٧) التهذيب ٣ : ٦ / ١٤ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.

٣٠١

أنّ المراد بقراءتهما ليلة الجمعة في صلاتها المفروضة ، كما يشهد بذلك تتمّة الرواية.

وخبر منصور بن حازم ـ المرويّ عن ثواب الأعمال ـ عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «الواجب على كلّ مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ ليلة الجمعة بالجمعة و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين ، فإذا فعل ذلك فكأنّما يعمل بعمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان جزاؤه وثوابه على الله الجنّة» (١).

وفي خبر البزنطي ـ المرويّ عن قرب الإسناد ـ عن الرضا عليه‌السلام ، قال :«تقرأ في ليلة الجمعة الجمعة و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وفي الغداة الجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وفي الجمعة الجمعة والمنافقين» (٢).

والمراد بهذه الأخبار ـ ككلمات الأصحاب ـ على الظاهر إنّما هو الجمع بين السورتين في الصلاة بقراءة أولاهما في الركعة الأولى والثانية في الثانية.

ويدلّ عليه أيضا في خصوص العشاء ما عن الصدوق في الفقيه أنّه قال : حكى من صحب الرضا عليه‌السلام أنّه كان يقرأ في العشاء الآخرة ليلة الجمعة في الأولى منها الحمد وسورة الجمعة ، وفي الثانية الحمد و (سَبِّحِ اسْمَ) وفي صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة في الأولى الحمد وسورة الجمعة ، وفي الثانية الحمد وسورة المنافقين (٣).

__________________

(١) ثواب الأعمال : ١٤٦ (ثواب قراءة سورة الجمعة والمنافقين ...) ح ١ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٨.

(٢) قرب الإسناد : ٣٦٠ / ١٢٨٧ ، الوسائل ، الباب ٧٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١١.

(٣) الفقيه ١ : ٢٠١ و ٢٠٢ / ٩٢٣ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٥.

٣٠٢

ولعلّه أشار بهذا إلى ما رواه في كتاب العيون بسنده عن رجاء بن أبي الضحّاك أنّه يقول (١) : بعثني المأمون في إشخاص عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام من المدينة ، إلى أن قال : وكانت قراءته في جميع المفروضات في الأولى الحمد و (إِنّا أَنْزَلْناهُ) وفي الثانية الحمد و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) إلّا في صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة فإنّه كان يقرأ بالحمد وسورة الجمعة والمنافقين ، وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة في الأولى الحمد وسورة الجمعة ، وفي الثانية الحمد وسبح وكان يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين والخميس في الأولى الحمد و (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) وفي الثانية الحمد و (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) (٢) الحديث.

وخبر أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة الجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وإذا كان في العشاء الآخرة فاقرأ سورة الجمعة و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) فإذا كان صلاة الغداة يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فإذا كان صلاة الجمعة فاقرأ سورة الجمعة والمنافقين ، وإذا كان صلاة العصر يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» (٣).

وهذه الرواية تدلّ على استحباب (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في ثانية المغرب ، كما يدلّ عليه أيضا خبر عليّ بن جعفر ـ المرويّ عن قرب الإسناد ـ عن أخيه موسى عليه‌السلام أنّه قال : «رأيت أبي يصلّي ليلة الجمعة بسورة

__________________

(١) في «ض ١٣» : «قال» بدل «يقول».

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٠ ـ ١٨٢ (الباب ٤٤) ح ٥.

(٣) التهذيب ٣ : ٥ ـ ٦ / ١٣ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٤.

٣٠٣

الجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وفي الفجر بسورة [الجمعة و](سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)» (١).

وربما يظهر من بعض الروايات استحباب سورة المنافقين في ثانية العشاء.

كمرفوعة حريز وربعي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إذا كان ليلة الجمعة يستحبّ أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة و (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) وفي صلاة الصبح مثل ذلك ، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك ، وفي صلاة العصر مثل ذلك» (٢).

وقد أشرنا آنفا إلى أنّه لا معارضة بين مثل هذه الروايات في مقام الاستحباب ، فإنّ مواردها من قبيل المستحبّات المتزاحمة التي يكون لكلّ منها جهة فضل ، وليس المكلّف ملتزما بشي‌ء منها كي ينافيه البعث والتحريض على اختيار ما ينافيه ، كما لا يخفى.

(وفي صبيحتها بها وب (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)) كما يشهد له خبر أبي بصير والبزنطي وأبي الصباح المتقدّمات (٣).

وخبر الحسين بن أبي حمزة ، قال : قلت [لأبي عبد الله عليه‌السلام] : بما أقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة؟ فقال : «اقرأ في الأولى بسورة الجمعة ،

__________________

(١) قرب الإسناد : ٢١٥ / ٨٤٤ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٩ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٢) التهذيب ٣ : ٧ / ١٨ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٥ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٣.

(٣) في ص ٣٠١ ـ ٣٠٣.

٣٠٤

وفي الثانية بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثمّ اقنت حتى تكونا سواء» (١).

ويظهر من جملة من الأخبار استحباب قراءة سورة المنافقين في الركعة الثانية ، كالمرفوعة المتقدّمة (٢) ، والخبر المتقدّم (٣) الحاكي لفعل الرضا عليه‌السلام في طريق خراسان.

وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث طويل يقول : «اقرأ سورة الجمعة والمنافقين ، فإنّ قراءتهما سنّة يوم الجمعة في الغداة والظهر والعصر ، ولا ينبغي لك أن تقرأ بغيرهما في صلاة الظهر ـ يعني يوم الجمعة ـ إماما كنت أو غير إمام» (٤).

ويظهر من خبر عليّ بن جعفر المتقدّم (٥) : استحباب قراءة (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) في الثانية ، فالكلّ حسن.

(وفي الظهرين) يوم الجمعة ، سواء كان أولاهما ظهرا أو جمعة (بها وبالمنافقين) على المشهور ، بل عن الانتصار دعوى الإجماع عليه (٦).

(و) نسب المصنّف رحمه‌الله في محكيّ المعتبر إلى بعض أرباب الحديث (٧) وفي الكتاب أيضا ذكر أنّ بعضا (منهم من يرى وجوب السورتين في

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ٣ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١٠ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٢) في ص ٣٠٤.

(٣) في ص ٣٠٣.

(٤) علل الشرائع : ٣٥٥ ـ ٣٥٦ (الباب ٦٩) ح ١ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٦.

(٥) في ص ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

(٦) الانتصار : ٥٤ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٤.

(٧) المعتبر ٢ : ١٨٣ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٤.

٣٠٥

الظهرين) ولكن لم يعرف قائله في العصر.

وفي المدارك قال في شرح العبارة : والقائل بذلك ابن بابويه في كتابه الكبير (١) على ما نقله في المعتبر (٢) ، وهذه عبارته : واقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورة الجمعة وسبّح ، وفي صلاة الغداة والظهر والعصر سورة الجمعة والمنافقين ، فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر وقرأت غيرهما ثمّ ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقين ، ما لم تقرأ نصف السورة ، فإن قرأت نصف السورة تمّم السورة واجعلها ركعتين نافلة وسلّم فيها وأعد صلاتك بسورة الجمعة والمنافقين ، ولا بأس أن تصلّي العشاء والغداة والعصر بغير سورة الجمعة والمنافقين ، إلّا أنّ الفضل أن تصلّيها بالجمعة والمنافقين ، هذا كلامه رحمه‌الله تعالى ، وهو صريح في اختصاص الوجوب بالظهر ، وكأنّ المصنّف رحمه‌الله تعالى راعى أوّل الكلام وغفل عن آخره (٣). انتهى كلامه رفع مقامه.

واعترض عليه بعض (٤) بالقلب بأنّ المصنّف رحمه‌الله نسب هذا القول في المعتبر إلى بعض أرباب الحديث ، ثمّ نقل قول ابن بابويه ونقل عبارته بعينها ، وظاهره أنّه قول آخر غير قول الصدوق ، وقد عثر عليه المصنّف رحمه‌الله وخفي علينا ، فكأنّه قدس‌سره راعى آخر الكلام وغفل عن أوّله.

(و) كيف كان فالقول بوجوبهما في العصر لو كان فـ (ليس بمعتمد) بل في غاية السقوط.

__________________

(١) الظاهر أنّ المراد به كتاب «مدينة العلم» وهو مفقود.

(٢) المعتبر ٢ : ١٨٣.

(٣) مدارك الأحكام ٣ : ٣٦٦.

(٤) السيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٦١.

٣٠٦

وأمّا القول بوجوبهما في الجمعة والظهر أو في خصوص الجمعة فمستنده جملة من الروايات.

منها : ما عن الكليني والشيخ ـ في الصحيح أو الحسن (١) ـ عن عمر ابن يزيد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر» (٢).

والمراد بها بحسب الظاهر أعمّ من الظهر بقرينة قوله عليه‌السلام : «في سفر».

وعن الكليني ـ في الصحيح أو الحسن ـ عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القراءة في الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟ فقال : «نعم» وقال : «اقرأ بسورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة» (٣).

وعنه أيضا ـ في الصحيح أو الحسن ـ عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ الله تعالى أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول الله بشارة لهم ، والمنافقين توبيخا للمنافقين ، فلا ينبغي تركهما ، فمن تركهما متعمّدا فلا صلاة له» (٤).

وعن الحسين بن عبد الملك الأحول عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من لم يقرأ في الجمعة الجمعة والمنافقين فلا جمعة

__________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة زيادة : «عن الحلبي». وهي ليست في سند الحديث.

(٢) الكافي ٣ : ٤٢٦ / ٧ ، التهذيب ٣ : ٧ / ٢١ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ ـ ٤١٥ / ١٥٨٨ ، الوسائل ، الباب ٧٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ٥ ، الوسائل ، الباب ٧٣ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٣.

(٤) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ٤ ، الوسائل ، الباب ٧٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٣.

٣٠٧

له» (١).

وعن الشيخ ـ في الصحيح ـ عن صباح بن صبيح قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل أراد أن يصلّي الجمعة فقرأ بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) قال : «يتمّها ركعتين ثمّ يستأنف» (٢).

وعن الكليني مرسلا نحوه (٣).

وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ليس في القراءة شي‌ء موقّت إلّا الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين» (٤).

وصحيحة محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : القراءة في الصلاة فيها شي‌ء موقّت؟ قال : «لا ، إلّا الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين» (٥).

وعن سليمان بن خالد ـ في الصحيح ـ في حديث أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجمعة ، فقال : «القراءة في الركعة الأولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين» (٦).

وفي الخبر المتقدّم (٧) في المسألة السابقة ـ المرويّ عن ثواب الأعمال ـ :

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٧ / ١٧ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٤ ، الوسائل ، الباب ٧٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٧.

(٢) التهذيب ٣ : ٨ / ٢٢ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٨٩ ، الوسائل ، الباب ٧٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.

(٣) الكافي ٣ : ٤٢٦ ، ذيل ح ٦ ، الوسائل ، الباب ٧٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، ذيل ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ١ ، الوسائل ، الباب ٧٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٤ ، التهذيب ٢ : ٩٥ / ٣٥٤ ، و ٣ : ٦ / ١٥ ، الوسائل ، الباب ٤٩ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١ ، والباب ٧٠ من تلك الأبواب ، ح ٥.

(٦) التهذيب ٣ : ١١ / ٣٧ ، الاستبصار ١ : ٤١٠ / ١٥٦٨ ، الوسائل ، الباب ٧٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٦.

(٧) في ص ٣٠٢.

٣٠٨

من «الواجب على كلّ مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ ليلة الجمعة بالجمعة و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين» إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي تقدّم جملة منها آنفا.

وهذه الروايات بظاهرها تدلّ على وجوب قراءة السورتين في الظهر والجمعة ، ولكن جملة منها ظاهرة في خصوص الجمعة ، وبعضها ـ كالخبر الأخير ـ وقع فيه التعبير بصلاة الظهر ، ولكنّ الظاهر أنّ المراد بها الأعمّ.

وبإزاء هذه الأخبار أخبار أخر صريحة الدلالة على عدم الوجوب.

كصحيحة عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا ، قال : «لا بأس بذلك» (١).

وخبره الآخر ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيهما؟ قال : «اقرأهما بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» (٢).

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول في صلاة الجمعة : «لا بأس بأن تقرأ فيهما (٣) بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلا» (٤) فإنّ نفي البأس عنه في صورة الاستعجال من شواهد الاستحباب.

وخبر محمّد بن سهل عن أبيه ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٧ / ١٩ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٦ ، الوسائل ، الباب ٧١ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٨ / ١٢٢٤ ، التهذيب ٣ : ٨ / ٢٣ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٩٠ ، الوسائل ، الباب ٧١ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.

(٣) في المصدر : «فيها».

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٨ / ١٢٢٥ ، التهذيب ٣ : ٢٤٢ / ٦٥٣ ، الوسائل ، الباب ٧١ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٣.

٣٠٩

الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا ، قال : «لا بأس» (١).

وعن يحيى الأزرق قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام ، قلت : رجل صلّى الجمعة فقرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) قال :«أجزأه» (٢).

ثمّ إنّ أغلب هذه الأخبار وإن كان ظاهرها إرادة خصوص الجمعة ولكن إذا ثبت نفي البأس فيها ثبت في الظهر أيضا ؛ إذ لا قائل بعدم وجوبهما في الجمعة ووجوبهما في الظهر ، بخلاف عكسه.

هذا ، مع أنّ الخبر الثاني (٣) ظاهر في خصوص الظهر ، كما لا يخفى ، بل يظهر ذلك بالنسبة إلى الظهر من قوله عليه‌السلام في صحيحة محمّد بن مسلم ومنصور بن حازم ، المتقدّمتين (٤) ، فمقتضى القاعدة : الجمع بين الأخبار بحمل ما كان ظاهره الوجوب على الاستحباب.

ولا ينافيه ما في بعضها من الأمر بالإعادة أو العدول إلى النافلة (٥) ؛ لإمكان كونه على سبيل الأولويّة والفضل ، كما ثبت نظيره في غير مورد.

وربما يؤيّد هذا الحمل جملة من القرائن الداخليّة والخارجيّة التي لا تخفى على المتأمّل.

ويشهد له قوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة ، المتقدّمة (٦) : «اقرأ سورة

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٧ / ٢٠ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٧ ، الوسائل ، الباب ٧١ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٤.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٢ / ٦٥٤ ، الوسائل ، الباب ٧١ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٥.

(٣) أي : خبر الحلبي المتقدّم في ص ٣٠٧.

(٤) في ص ٣٠٨.

(٥) راجع الهامش (٢) من ص ٣٠٧ ، والهامش (٢) من ص ٣٠٨.

(٦) في ص ٣٠٥.

٣١٠

الجمعة والمنافقين ، فإنّ قراءتهما سنّة يوم الجمعة في الغداة والظهر والعصر ، ولا ينبغي لك أن تقرأ بغيرهما في صلاة الظهر إماما كنت أو غير إمام» فإنّ ظاهرها الاستحباب في جميع هذه الصلوات ، وأنّه في الظهر آكد.

وأوضح منه دلالة عليه : قوله عليه‌السلام في مرفوعة حريز وربعي ، المتقدّمة (١) : «إذا كان ليلة الجمعة يستحبّ أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة و (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) وفي صلاة الصبح مثل ذلك ، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك ، وفي صلاة العصر مثل ذلك».

فما ذهب إليه المشهور من الاستحباب هو الأظهر.

وأمّا استحباب قراءة السورتين في العصر فيدلّ عليه ـ مضافا إلى المرفوعة والصحيحة المتقدّمتين (٢) ـ خبر رجاء بن أبي الضحّاك المتقدّم (٣).

وفي خبر أبي الصباح المتقدّم (٤) الأمر بقراءة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في الثانية بدل المنافقين ، فهو أيضا حسن.

(و) منه أيضا : القراءة (في نوافل النهار بالسّور القصار ، ويسرّ بها ، وفي الليل بالطوال ، ويجهر بها) كما حكي عن جمع من الأصحاب (٥).

ولعلّه كاف في إثبات الاستحباب من باب المسامحة ، وإلّا فلم نعثر على دليل يعتدّ به لإثبات استحباب قراءة القصار في النوافل النهاريّة

__________________

(١) في ص ٣٠٤.

(٢) في ص ٣٠٤ و ٣٠٥.

(٣) في ص ٣٠٣.

(٤) في ص ٣٠٣.

(٥) منهم : الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٨ ، والعلّامة الحلّي في تحرير الأحكام ١ : ٢٤٨ ، ذيل الرقم ٨٦٠ ، والشهيد في الدروس ١ : ١٧٥ ، والذكرى ٣ : ٣٥٠ ، وحكاه عنهم العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٢.

٣١١

والطوال في الليليّة.

نعم ، ربما يستأنس له بالنسبة إلى نافلة الزوال بما ورد من الأمر بتخفيفها في خبر أبي بصير ، قال : ذكر أبو عبد الله عليه‌السلام أوّل الوقت وفضله ، فقلت : فكيف أصنع بالثمان ركعات؟ قال : «خفّف ما استطعت» (١) كما أنّه ربما يستأنس لهما بقوله عليه‌السلام في رواية محمّد بن القاسم : «ما كان من صلاة الليل فاقرأ بالسورتين والثلاث ، وما كان من صلاة النهار فلا تقرأ إلّا بسورة سورة» (٢) كما أنّه ربما يؤيّد استحباب قراءة الطوال في نوافل الليل ما ورد في فضل قراءة القرآن في الصلوات وإكثارها ، واستحباب التهجّد بها (٣) ، وما ورد من الأمر بقراءة بعض السّور الطوال في نوافل الليل (٤) ، وغير ذلك من المؤيّدات ، مع وضوح رجحان القراءة في حدّ ذاتها ، وأنّها كلّما كثرت كانت الصلاة المشتملة عليها أفضل.

وأمّا استحباب الإسرار بالقراءة في النوافل النهاريّة والإجهار في الليليّة فيدلّ عليه : ما رواه الشيخ عن الحسن بن عليّ بن فضّال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «السنّة في صلاة النهار بالإخفات ، والسنّة في صلاة الليل بالإجهار» (٥).

(ومع ضيق الوقت يخفّف) بحسب ما يقتضيه الوقت ، كما يدلّ

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٥٧ / ١٠١٩ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب المواقيت ، ح ١.

(٢) تقدّم تخريجها في ص ٢٩٣ ، الهامش (١).

(٣) الفقيه ١ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ / ١٣٧٧ ، و ٢ : ٣٨١ ـ ٣٨٣ / ١٦٢٧ ، الوسائل ، الباب ٦٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢ ، والباب ٢ من أبواب جهاد النفس ... ، ح ٧.

(٤) راجع مصباح المتهجّد : ١٣٩.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٨٩ / ١١٦١ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ـ ٣١٤ / ١١٦٥ ، وعنه في الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.

٣١٢

عليه خبر إسماعيل بن جابر أو عبد الله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام :إنّي أقوم آخر الليل وأخاف الصبح ، قال : «اقرأ الحمد واعجل واعجل» (١).

(و) منه : (أن يقرأ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ)) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (في المواضع السبعة) وهي الركعتان الأوليان من نافلة الزوال ونافلة المغرب والليل وركعتا الفجر وفريضته وركعتا الطواف والإحرام بلا خلاف فيه على الظاهر ، كما ادّعاه في الجواهر (٢) وغيره (٣).

ويدلّ عليه رواية معاذ بن مسلم ـ المرويّ عن الكافي والتهذيب ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «لا تدع أن تقرأ بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) في سبع مواطن : في الركعتين قبل الفجر وركعتي الزوال وركعتين بعد المغرب وركعتين في أوّل صلاة الليل وركعتي الإحرام والفجر إذا أصبحت بها وركعتي الطواف» (٤).

والمراد بقوله عليه‌السلام : «والفجر إذا أصبحت بها» ـ على ما فسّره جملة من الأصحاب (٥) ـ ما لو أتى بها بعد انتشار الضوء وخوف انقضاء وقت الفضيلة.

وعن كشف اللثام : أصبح بها ، أي : أخّرها إلى [ظهور الحمرة] (٦) (٧).

__________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ١٠٤ ، الهامش (١).

(٢) جواهر الكلام ٩ : ٤١٢.

(٣) مطالع الأنوار ٢ : ٦٤.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٦ / ٢٢ ، التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٣ ، وعنهما في الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.

(٥) كما في مطالع الأنوار ٢ : ٦٤.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «وقت الفضيلة». والمثبت كما في المصدر.

(٧) كشف اللثام ٤ : ٦١ ، وحكاه عنه السيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٦٤.

٣١٣

ثمّ إنّهم اختلفوا في أنّ المستحبّ هل هو قراءة الجحد في الأولى والتوحيد في الثانية ، أو العكس؟

فعن جملة من الأصحاب (١) التصريح بالأوّل ونسبة عكسه إلى رواية مع نفيهم للبأس عن العمل بها ، كما هو مختار المصنّف على ما يظهر من قوله : (ولو بدأ فيها بسورة التوحيد ، جاز) بل عن المحقّق الثاني أنّه المشهور (٢).

ولعلّ مستنده ـ مع كونه خلاف ما يستشعر أو يستظهر من الخبر المزبور (٣) ـ الأخبار الخاصّة الواردة في بعض تلك الموارد ، المصرّحة بقراءة الجحد في الركعة الأولى والتوحيد في الثانية.

مثل : قول أبي عبد الله عليه‌السلام في خبر سليمان بن خالد بعد تعداد النوافل : «ثمّ الركعتان اللّتان قبل الفجر تقرأ في الأولى منهما (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) وفي الثانية (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» (٤).

وما عن الشيخ في المصباح أنّه قال : وروي أنّه «يقرأ في الركعة الأولى من نافلة المغرب سورة الجحد ، وفي الثانية سورة الإخلاص» (٥).

وفي خبر رجاء بن أبي الضحّاك الحاكي لفعل الرضا عليه‌السلام في نافلة المغرب : كان يقرأ في الأولى من هذه الأربع ركعات الحمد و (قُلْ يا أَيُّهَا

__________________

(١) منهم : الطوسي في النهاية : ٧٩ ، والمبسوط ١ : ١٠٨ ، والعلّامة الحلّي في نهاية الإحكام ١ : ٤٧٨ ، وقواعد الأحكام ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، والشهيد في البيان : ١٦٢ ، والحاكي عنهم هو العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٤ و ٤٠٥.

(٢) جامع المقاصد ٢ : ٢٧٦ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤٠٤.

(٣) في ص ٣١٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٥ / ٨ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض ، ح ١٦.

(٥) مصباح المتهجّد : ٩٨ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.

٣١٤

الْكافِرُونَ) وفي الثانية الحمد والتوحيد ، وقال في نافلة الزوال : إذا زالت الشمس قام فصلّى ستّ ركعات يقرأ في الركعة الأولى الحمد و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) وفي الثانية الحمد و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وقال في ركعتي الفجر في الأولى الحمد و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) وفي الثانية الحمد والتوحيد (١).

وحكي عن ظاهر الصدوقين وابن سعيد عكسه (٢) ، بل عن العلّامة الطباطبائي نسبته إلى الأكثر (٣) ؛ لما عن الكليني من نسبته إلى الرواية ، فإنّه ـ بعد أن أورد الرواية المزبورة ـ قال : وفي رواية أخرى أنّه يبدأ في هذا كلّه بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وفي الركعة الثانية بـ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (٤) فتكون هذه الرواية مبيّنة لما في الأولى من الإجمال ، بل قد يدّعى كون تلك الرواية بنفسها ظاهرة في ذلك.

وهذا وإن لا يخلو في حدّ ذاته عن نظر أو منع ؛ حيث إنّ الواو لا تدلّ على الترتيب ، بل على مطلق الجمع ، إلّا أنّه ورد نصوص عديدة في بعض هذه الموارد مشتملا جميعها على تقديم التوحيد في الذكر (٥) ، وقد ورد في بعض تلك الروايات التصريح بقراءة التوحيد في الركعة الأولى والجحد في الثانية.

مثل : صحيحة معاوية بن عمّار أو حسنته ـ الواردة في ركعتي الطواف ـ

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٠ ـ ١٨٢ (الباب ٤٤) ح ٥ ، الوسائل الباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض ، ح ٢٤.

(٢) الفقيه ١ : ٣١٤ ، الجامع للشرائع : ٨٢ ، وكما في جواهر الكلام ٩ : ٤١٣.

(٣) حكاها عنه صاحب الجواهر فيها ٩ : ٤١٣ نقلا عن مصابيحه ، وهو مخطوط.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٦ ، ذيل ح ٢٢ ، وحكاه عنه السيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٦٤ ـ ٦٥.

(٥) الكافي ٤ : ٤٢٤ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٢٨٥ / ٩٦٨ ، و ٢ : ١٣٦ / ٥٢٩ ، الوسائل ، الباب ٧١ من أبواب الطواف ، ح ٢ ، والباب ١٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.

٣١٥

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه‌السلام فصلّ ركعتين واجعله أماما ، واقرأ في الأولى منهما سورة التوحيد ، وفي الثانية (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ)» (١).

وخبر الميثمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «تقرأ في صلاة الزوال في الركعة الأولى الحمد و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وفي الركعة الثانية الحمد و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ)» (٢).

فالأشبه هو العمل بهذه الرواية المرسلة المعيّنة مكان كلّ من السورتين ، إلّا في الموارد التي ورد فيها نصّ خاصّ بخلافه لو لم يكن معارضا بمثله ، وإلّا فالتخيير ، والله العالم.

(و) منه : (أن يقرأ في أوّلتي صلاة الليل (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)) في كلّ ركعة منهما ثلاثين مرّة ؛ لخبر زيد الشحّام ـ المرويّ عن الأمالي ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من قرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الليل ستّين مرّة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في كلّ ركعة ثلاثين مرّة انفتل وليس بينه وبين الله ذنب إلّا غفر له (٣)» (٤).

وعن الفقيه والتهذيب مرسلا نحوه ، إلّا أنّهما قالا : «من قرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الليل في كلّ ركعة منها ثلاثين مرّة» (٥) الحديث.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٣٦ / ٤٥٠ ، الوسائل ، الباب ٧١ من أبواب الطواف ، ح ٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٣ / ٢٧٢ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.

(٣) جملة «إلّا غفر له» لم ترد في المصدر ، وهي موجودة في مطالع الأنوار ٢ : ٦٥.

(٤) الأمالي ـ للصدوق ـ ٤٦٢ (المجلس ٨٥) ح ٥ ، الوسائل ، الباب ٥٤ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.

(٥) الفقيه ١ : ٣٠٧ / ١٤٠٣ ، التهذيب ٢ : ١٢٤ / ٤٧٠ ، الوسائل ، الباب ٥٤ من أبواب القراءة ـ

٣١٦

وفي خبر رجاء بن أبي الضحّاك الحاكي لفعل الرضا عليه‌السلام : كان يقرأ في الركعتين الأوليين منها في كلّ ركعة الحمد مرّة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلاثين مرّة (١).

ولا ينافي هذا كون أوّلتي صلاة الليل إحدى المواطن السبعة التي عرفت استحباب قراءة الجحد والتوحيد فيها ؛ لما أشرنا إليه مرارا من أنّه لا معارضة بين المستحبّات ، فإنّ الكلّ حسن.

ويحتمل أن يكون المراد بالركعتين في أوّل صلاة الليل ـ في خبر معاذ (٢) ، الوارد في تعداد المواطن ـ الركعتين المسنونتين قبل نافلة الليل ، والله العالم.

(وفي البواقي) من الثمان ركعات من صلاة الليل (بسور الطوال) كما حكي عن غير واحد من الأصحاب (٣) التصريح به ، وهو كاف في إثبات مثله من باب المسامحة ، وإلّا فلم نقف على نصّ خاصّ يدلّ عليه.

نعم ، في بعض الأخبار الحثّ على الإكثار في قراءة القرآن في صلاة الليل (٤) ، كما أنّ في بعضها الحثّ على قراءة جملة من السّور الطوال في الفرائض (٥) ، فيناسبهما استحباب اختيار شي‌ء من تلك السّور المنصوص

__________________

ـ في الصلاة ، ح ١ وذيله ، وعنهما أيضا في مطالع الأنوار ٢ : ٦٥.

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٠ ـ ١٨١ (الباب ٤٤) ح ٥ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض ، ح ٢٤.

(٢) راجع الهامش (٤) من ص ٣١٣.

(٣) كما في جواهر الكلام ٩ : ٤١٤ ، ومنهم : الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١١٦ ، والعلّامة الحلّي في قواعد الأحكام ١ : ٢٧٥.

(٤) الفقيه ١ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ / ١٣٧٧ ، الوسائل ، الباب ٦٢ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.

(٥) التهذيب ٢ : ٩٥ ـ ٩٦ / ٣٥٤ و ٣٥٥ ، الوسائل ، الباب ٤٨ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١ و ٢.

٣١٧

عليها أو غيرها من السّور الطوال في هذه الركعات الستّ التي لم نقف فيها على النصّ بخصوص سورة كما ورد في الأوّلتين منها.

نعم ، في خبر رجاء بن أبي الضحّاك الحاكي لفعل الرضا عليه‌السلام أنّه عليه‌السلام كان إذا صار الثلث الأخير من الليل قام من فراشه وعمل بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار ، فاستاك ثمّ توضّأ ثمّ قام إلى صلاة الليل فصلّى ثمان يسلّم في كلّ ركعتين يقرأ في الأوّلتين منها في كلّ ركعة الحمد مرّة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلاثين مرّة ثمّ يصلّي صلاة جعفر بن أبي طالب أربع ركعات ـ إلى أن قال ـ ثمّ يقوم فيصلّي الركعتين الباقيتين يقرأ في الأولى الحمد وسورة الملك ، وفي الثانية الحمد و (هَلْ أَتى) (١) الحديث.

وأمّا ركعات الوتر فيظهر من جملة من الأخبار استحباب قراءة التوحيد في جميعها.

منها : ما عن الشيخ ـ في الصحيح ـ عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القراءة في الوتر ، قال : «كان بيني وبين أبي باب فكان إذا صلّى يقرأ بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في ثلاثهنّ ، وكان يقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فإذا فرغ منها قال : كذلك الله ، أو : كذلك الله ربّي» (٢).

أقول : الترديد إمّا من الراوي أو من الإمام عليه‌السلام باعتبار الموارد.

وعنه أيضا ـ في الصحيح ـ عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كان أبي عليه‌السلام يقول : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) تعدل ثلث

__________________

(١) تقدّم تخريجه في الهامش (١) من ص ٣١٧.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٦ ـ ١٢٧ / ٤٨١ ، الوسائل ، الباب ٥٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٢.

٣١٨

القرآن ، وكان يحبّ أن يجمعها في الوتر ليكمل القرآن كلّه» (١).

وعن سليمان بن خالد ـ في الموثّق ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال :«الوتر ثلاث ركعات يفصل بينهنّ ويقرأ فيهنّ جميعا بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» (٢).

وعنه أيضا ـ في الصحيح ـ عن معاوية بن عمّار قال : قال لي : «اقرأ في الوتر في ثلاثهنّ بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وسلّم في الركعتين» (٣).

وعنه (٤) أيضا ـ في الصحيح ـ عن ابن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الوتر ما يقرأ فيهنّ جميعا؟ قال : «ب (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» قلت : في ثلاثهنّ؟ قال : «نعم» (٥).

ويظهر من صحيحة يعقوب بن يقطين استحباب قراءة المعوّذتين في الأوليين منها ، أي ركعتي الشفع ، بل أفضليّتهما من قراءة التوحيد.

قال : سألت العبد الصالح عن القراءة في الوتر وقلت : إنّ بعضا روى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في الثلاث ، وبعض روى المعوّذتين ، وفي الثالثة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) قال : «اعمل بالمعوّذتين و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» (٦).

وهذه الرواية حاكمة على سائر الروايات الدالّة على استحباب التوحيد ، وظاهرها أفضليّة قراءة المعوّذتين في الأوليين من الركعات

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٢٧ / ٤٨٢ ، الوسائل ، الباب ٥٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٣.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٧ / ٤٨٤ ، الوسائل ، الباب ٥٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٦.

(٣) التهذيب ٢ : ١٢٨ / ٤٨٨ ، الوسائل ، الباب ٥٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٧.

(٤) سياق العبارة يقضي بأنّ الضمير في «عنه» راجع إلى الشيخ ، والظاهر أنّه من سهو القلم ، حيث إنّ الخبر في الكافي ـ للكليني ـ فقط ، لاحظ الهامش التالي.

(٥) الكافي ٣ : ٤٤٩ / ٣٠ ، الوسائل ، الباب ٥٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.

(٦) التهذيب ٢ : ١٢٧ / ٤٨٣ ، الوسائل ، الباب ٥٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٥.

٣١٩

الثلاث.

ولكنّ الإنصاف أنّ تحكيمها على جميع تلك النصوص مع استفاضتها وظهور بعضها في مداومة أبي جعفر عليه‌السلام على قراءة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) المنافية لأفضليّة المعوّذتين لا يخلو عن إشكال ، فالأولى بل الأحوط عند إرادة إدراك مزيّة ما هو الأفضل الجمع بينهما وبين التوحيد ، بل قد يحتمل أن يكون المقصود بقوله عليه‌السلام : «اعمل بالمعوّذتين والتوحيد» الجمع بينهما وإن لا يخلو عن بعد ، فالأحوط الجمع بينهما حتّى في مفردة الوتر ، فإنّ إرادة هذه الركعة أيضا ـ على تقدير كون المراد بالجواب الجمع بينها ـ غير بعيدة.

ثمّ إنّ المراد بقراءة المعوّذتين في الأوّلتين هل هي قراءتهما في كلّ من الركعتين ، أو قراءة كلّ منهما في كلّ ركعة؟ احتمالان ، أوّلهما : أحوط ، ولكن ثانيهما أقرب إلى الذهن ، والله العالم.

(ويسمع الإمام من خلفه القراءة) الجهريّة (ما لم يبلغ العلوّ) المفرط (وكذا الشهادتين) وسائر الأذكار (استحبابا) بلا خلاف فيه على الظاهر ، بل في المدارك : هذا الحكم موضع وفاق بين العلماء (١) ؛ لما رواه الشيخ بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلّ ما يقول ، ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا ممّا يقول» (٢).

ويدلّ عليه أيضا في خصوص الشهادتين : رواية حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه التشهّد ،

__________________

(١) مدارك الأحكام ٣ : ٣٧٠.

(٢) التهذيب ٣ : ٤٩ / ١٧٠ ، الوسائل ، الباب ٥٢ من أبواب صلاة الجماعة ، ح ٣.

٣٢٠