المهذّب البارع - ج ٥

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٣

أشد الضرب ، وقيل : متوسطا ، ويفرّق على جسده ، ويتّقى فرجه ووجه.

وتضرب المرأة جالسة ، وتربط ثيابها. ولا يضمن ديته لو قتله الحد.

ويدفن المرجوم عاجلا.

ويستحب اعلام الناس ليتوفروا.

______________________________________________________

فان كان مجردا ضرب مجردا ، وان كان بثيابه ، ضرب بثيابه.

(الثاني) : المرأة وهي تجلد بثيابها مطلقا ، أو على التفصيل؟ فالأول مذهب الشيخ في النهاية (١) والثاني مذهب الصدوق في المقنع (٢) وبالأول قال العلّامة (٣) ، لأن جسدها عورة ، ولا يجوز تجريدها.

قال طاب ثراه : أشد الضرب ، وقيل : متوسطا.

أقول : الأول قول التقي (٤) وهو المشهور ، ويؤيده قوله تعالى (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) (٥) والضرب الضعيف رأفة ، فيكون منهيا عنه.

وذهب بعض الأصحاب : إلى ضربه متوسطا.

ومستنده رواية الحسين بن سعيد عن حماد ، عن حريز عمن أخبره عن أبي جعفر عليه السلام قال : يفرق الحد على الجسد ، ويتقي الفرج والوجه ، ويضرب بين الضربين (٦).

__________________

(١) النهاية : باب كيفية إقامة الحد ص ٧٠١ س ٢ قال : بل تضرب وهي جالسة عليها ثيابها ، قد ربطت عليها.

(٢) المقنع : باب الزنا واللواط ص ١٤٤ س ١ قال : ويجلدان في ثيابهما التي كانت عليهما حين زنيا ، وأضاف في المختلف بعد كلمة (زنيا) وان وجدا مجردين ضربا مجردين ، لاحظ ص ٢١٠ س ٢٧.

(٣) المختلف : ج ٢ في حد الزنا ص ٢١٠ س ٢٧ قال : والمعتمد الأول ، أي قول الشيخ في النهاية.

(٤) الكافي : في حد الزنا ص ٤٠٧ س ١٢ قال : ويضرب سائر بدنه أشد الضرب.

(٥) النور : ٢.

(٦) التهذيب : ج ١٠ (١) في حدود الزنا ص ٣١ الحديث ١٠٥.

٤١

ويجب ان يحضره طائفة ، وقيل : يستحب ، وأقلها واحد.

______________________________________________________

والمشهور في الروايات هو الأول (١).

قال طاب ثراه : ويجب ان يحضره طائفة ، وقيل يستحب.

أقول : البحث هنا يقع في مقامين :

(الأول) في وجوب الحضور ، وهو مذهب ابن إدريس (٢) وبه قال التقي (٣) وابن حمزة (٤) وهو ظاهر المفيد (٥) واختاره المصنف (٦) والعلّامة (٧).

وقال في الخلاف والمبسوط : بالاستحباب (٨) (٩) وهو ظاهر النهاية (١٠).

احتج ابن إدريس بقوله تعالى (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١١).

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ج ١٨ (١١) باب كيفية الجلد في الزنا ص ٣٦٩ الحديث ٢ و ٣ و ٨ وغيرها.

(٢) السرائر : باب كيفية إقامة الحد في الزنا ص ٤٤٧ س ٢٨ قال : الذي اذهب اليه ان الحضور واجب ، لقوله تعالى (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، إلى قوله : ثمَّ الذي أقوله في الأقل : فإنه ثلاثة نفر ، لأنه من حيث العرف إلخ.

(٣) الكافي : فصل في حد الزنا ص ٤٠٦ س ٢١ قال : فليكن ذلك بمحضر من جماعة المسلمين.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان ماهية الزنى ص ٤١٢ س ٥ قال : ويعتبر وقت اقامة الحد أربعة أشياء : إحضار طائفة من خيار الناس.

(٥) المقنعة : باب الحدود والآداب ص ١٢٣ س آخر قال : نادى بحضور جلدهما فاذا اجتمع الناس جلدهما بمحضر منهم لينزجر من يشاهدهما عن مثل ما أتياه.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) المختلف : ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٩ س ١٤ قال بعد نقل قول ابن إدريس : ولا بأس بقوله هنا.

(٨) الخلاف : كتاب الحدود مسألة ١١ قال : يستحب ان يحضر عند اقامة الحد طائفة من المؤمنين.

(٩) المبسوط : ج ٨ كتاب الحدود ص ٨ س ٤ قال : وإذا وجب الحد على الزاني يستحب ان يحضر اقامته طائفة.

(١٠) النهاية : باب كيفية إقامة الحد في الزنا ص ٧٠١ س ٦ قال : ينبغي ان يشعر الناس بالحضور الى قوله : وأقل من يحضرهما واحد فصاعدا.

(١١) تقدم آنفا.

٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والأمر للوجوب.

وحملها الآخرون على الاستحباب.

والأصل فيه : ان الأمر هل هو للوجوب أو الاستحباب؟ فيه بحث ذكر في موضعه.

(الثاني) أقل عدد يحضره ، وفيه أقوال :

(أ) اقله واحد ، وهو قول الشيخ في النهاية (١) وبه قال ابن عباس (٢) واختاره المصنف (٣) والعلّامة (٤) لان الطائفة من الشي‌ء قطعة منه ، والأصل براءة الذمة من الزائد ، قاله الشيخ في الخلاف (٥) وروى ذلك أيضا أصحابنا (٦) وهو المنقول عن الفراء وهو من أئمة اللغة.

(ب) أقله ثلاثة قاله ابن إدريس (٧) لأنه العرف ، وشاهد الحال ، وللاحتياط ، ولأصالة براءة الذمة من الزائد.

(ج) أقله عشرة قاله الشيخ في الخلاف ، وبه قال الحسن البصري ، وقال عكرمة اثنان ، وقال الزهري ثلاثة ، والشافعي أربعة ، ثمَّ استدل بالاحتياط ، قال :

__________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) الدرّ المنثور : ج ٦ ص ١٢٦ في تفسيره لآية ٢ من سورة النور قال : عن ابن عباس قال : الطائفة الرجل فما فوقه.

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) القواعد : ج ٢ في كيفية الاستيفاء ص ٢٥٤ س ٦ قال : ويجب حضور طائفة أقلها واحد.

(٥) الخلاف : كتاب الحدود مسألة ١١ قال بعد نقل قول ابن عباس : وروى ذلك أصحابنا ، ثمَّ قال بعد نقل الأقوال : لأن لفظ الطائفة يقع على جميع ذلك.

(٦) الخلاف : كتاب الحدود مسألة ١١ قال بعد نقل قول ابن عباس : وروى ذلك أصحابنا ، ثمَّ قال بعد نقل الأقوال : لأن لفظ الطائفة يقع على جميع ذلك.

(٧) تقدم عند نقل قوله ، وقال قبل أسطر : وقد روي ان أقل من يحضر واحد وهو قول الفراء من أهل اللغة فإنه قال : الطائفة يقع على الواحد.

٤٣

ولا يرجمه من لله قبله حدّ ، وقيل : يكره.

______________________________________________________

ولو قلناه بأحد ما قالوه لكان قويا ، لان لفظ الطائفة يقع على جميع ذلك (١).

قال طاب ثراه : ولا يرجمه من لله قبله حدّ ، وقيل : يكره.

أقول : الأول مضمون الرواية ، وظاهر النهي التحريم ، ونقل المصنف الكراهة ، ووجهه أصالة الإباحة ، وحمل النهي على الكراهة ، قال ابن حمزة : ويعتبر وقت اقامة الحد أربعة أشياء : إحضار طائفة من خيار الناس ، وان لا يرجمه من كان لله في جنبه حد مثله ، وان يرميه الإمام أولا ان ثبت بالاعتراف ، والشهود ان ثبت بالبينة (٢).

وهذه الأمور التي اعتبرها لا تخلو من شكوك بأجمعها ، وقد عرفت ما في الأولين ، أعني حضور الطائفة ، ولا يرجمه من لله قبله حد. واما الأخيران : اعني حضور الامام ورميه أولا ، والشهود ان كان ثبوت الموجب بالبينة ووجوب بدأتهم بالرمي ، فقال في المبسوط : انه غير شرط لأن النبيّ صلّى الله عليه وآله رجم ماعزا واليهوديين ولم يحضرهم (٣) ، وقال ابن حمزة وسلار باشتراطه (٤) (٥) واختاره العلّامة في القواعد (٦) وفي المختلف الاستحباب (٧).

اما عدم الوجوب فلأصالة براءة الذمة منه.

واما الاستحباب فلانه اعرف بكيفية استيفاء الحد ، ولأن ما عزا لما مسه حرّ

__________________

(١) الخلاف : كتاب الحدود ، مسألة ١١ قال : وبه قال الحسن البصري إلخ.

(٢) الوسيلة : فصل في بيان ماهية الزنى ص ٤١٢ س ٥ قال : ويعتبر وقت اقامة الحد أربعة أشياء إلخ.

(٣) المبسوط : ج ٨ كتاب الحدود ص ٤ س ٩ قال : وليس من شرط استيفائه حضور شاهد الامام ولا الإمام إلى قوله : ولم يحضرهم.

(٤) تقدم نقله في المتن آنفا في قوله : ويعتبر وقت اقامة الحد إلخ.

(٥) المراسم : كتاب الحدود ص ٢٥٢ س ١١ قال : رجمه الشهود أولا إلى قوله : رجمه من يأمر الإمام بذلك.

(٦) القواعد : ج ٢ ، الفصل الرابع في اللواحق ص ٢٥٦ س ٧ قال : ويجب عليهم الحضور الى قوله : ولا بد من حضور الامام.

(٧) المختلف : ج ٢ في حد الزنا ص ٢١١ س ٣٣ قال : نعم يستحب الحضور.

٤٤

النظر الثالث في اللواحق

وفيه مسائل :

(الأولى) إذا شهد أربعة بالزنا قبلا ، فشهدت أربع نساء بالبكارة ، فلا حدّ ، وفي حد الشهود قولان.

______________________________________________________

الحجارة أخذ يشتدّ فلقيه عبد الله بن أنس ، وقد عجز أصحابه فرماه بطرف بعير فقتله ، فذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : هلّا تركتموه ، لعله يتوب فيتوب الله عليه ، حكاه الشيخ في المبسوط (١) وذكر العلّامة في المختلف : فلقيه الزبير فضربه بساق بعير فعقله فأدركه الناس فقتلوه ، فأخبروا النّبيّ صلّى الله عليه وآله بذلك ، فقال : هلّا تركتموه (٢).

قال طاب ثراه : إذا شهد أربعة بالزنا قبلا ، فشهدت اربع نساء بالبكارة ، فلا حدّ ، وفي حد الشهود قولان.

أقول : إذا قامت على المرأة حجة كاملة بالزنا قبلا ، فشهد لها اربع قوابل ببقاء بكارتها ، فلا حدّ عليها إجماعا.

وهل يحد الشهود؟ قيل : نعم ، لظهور كذبهم ، وهو مذهب أبي علي (٣) والشيخ في باب شهادة النساء من النهاية (٤) واختاره المصنف (٥).

__________________

(١) المبسوط : ج ٨ كتاب الحدود ص ٦ س ٥ قال : ولان ماعزا إلخ.

(٢) المختلف : ج ٢ في حد الزنا ص ٢١١ س ٣٤ قال : فلقيه الزبير إلخ وللحديث ذيل لم يذكره المبسوط والمختلف ونقلناه عن الكافي فيما تقدم.

(٣) المختلف : ج ٢ كتاب الحدود ص ٢٠٢ س ٢١ قال : وقال ابن الجنيد : ولو ادعت المشهود عليها : انها رتقاء أو عذراء إلخ.

(٤) النهاية : باب شهادة النساء ص ٣٣٢ س ١٨ قال : وإذا شهد أربعة رجال على امرأة بالزنا ، الى قوله : وجلد الأربعة.

(٥) الشرائع : كتاب الحدود ، في اللواحق ، الاولى قال : إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا الى قوله : والأول أشبه ، أي يحد الشهود.

٤٥

(الثانية) إذا كان الزوج أحد الأربعة ، فيه روايتان. ووجه السقوط ان يسبق منه القذف.

(الثالثة) يقيم الحاكم حدود الله تعالى ، اما حقوق الناس فتقف على المطالبة.

______________________________________________________

وقال في المبسوط : لا يحدّون حد القاذف ، لأنه لا دليل عليه ، ولأن شهادتهم ظاهرها الصحة (١) وبه قال ابن حمزة (٢) وابن إدريس (٣) واختاره العلّامة (٤) لأنه ليس تصديق شهادة النساء اولى من تصديق شهادة الرجم ولا أقل من حصول الشبه بتصادم البينتين ، ولجواز الاشتباه على النساء في المشاهدة ، فيدرء الحد تخفيفا ، لقوله عليه السلام : ادرؤا الحدود بالشبهات (٥).

فرع

وكذا يسقط الحد عن الرجل المشهود عليه بالزنا بها ، لما قلناه.

قال طاب ثراه : إذا كان الزوج أحد الأربعة ، فيه روايتان ، ووجه السقوط ان

__________________

(١) المبسوط : ج ٨ كتاب الحدود ص ١٠ س ١٨ قال : واما الشهود فلا حدّ عليهم ، لان الظاهر ان شهادتهم صحيحة إلخ.

(٢) الوسيلة : فصل في بيان ماهية الزنا ص ٤١٠ س ٣ قال : ويندرء الحد عنهما الى قوله : وقد شهدت لها أربع نسوة من المعتمدات ولم يلزم الشهود حد الفرية.

(٣) السرائر : كتاب الحدود باب ماهية الزنا ص ٤٤٢ س ٨ قال : وإذا شهد الشهود على امرأة بالزنا الى قوله : فاما الشهود الأربعة فلا يحدون حدّ القاذف ، لأنه لا دليل عليه إلخ.

(٤) المختلف : ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٢ س ٢٢ قال : والمعتمد ما ذكره الشيخ في المبسوط ، لأنه ليس تصديق شهادة النساء إلخ.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ (١٧) باب نوادر الحدود ص ٥٣ قطعة من حديث ١٢.

٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

يسبق منه القذف.

أقول : إذا شهد أربعة نفر على المرأة بالزنا وكان الزوج أحدهم ، هل تحد المرأة ، أو الشهود الثلاثة للقذف؟ ، ويتخير الزوج بين الحد وبين إسقاطه باللعان ، فيه روايتان ، ذكرهما الشيخ في الاستبصار.

إحداهما : رواية إبراهيم بن نعيم عن الصادق عليه السلام قال : سألته عن أربعة شهدوا على امرأة بالزنا ، أحدهم زوجها؟ قال : يجوز شهادتهم (١).

والأخرى رواية زرارة عن أحدهما عليهما السلام في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها؟ قال : يلاعن ويجلد الآخرون (٢).

وعلى الاولى عمل الشيخ في النهاية (٣) والخلاف (٤) والاستبصار (٥) وبه قال ابن حمزة (٦) وابن إدريس (٧) واختاره المصنف (٨) والعلّامة (٩).

__________________

(١) الاستبصار : ج ٣ (١٩) باب انه إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا أحدهم زوجها ، ص ٣٥ الحديث ١.

(٢) الاستبصار : ج ٣ (١٩) باب انه إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا أحدهم زوجها ص ٣٦ الحديث ٢.

(٣) النهاية : كتاب الحدود ، باب ماهية الزنى ص ٦٩٠ س ١٠ قال : وإذا شهد أربعة نفر على امرأة بالزنا أحدهم زوجها ، وجب عليها الحد.

(٤) الخلاف : كتاب اللعان ، مسألة ٥٩ قال : إذا شهد الزوج ابتداء مع ثلاثة على المرأة بالزنا قبلت شهادتهم ووجب على المرأة الحد.

(٥) الاستبصار : ج ٣ (٣٦) فإنه بعد نقله حديث إبراهيم بن نعيم وبعده حديث زرارة قال : والخبر الأول أولى بأن يعمل عليه إلخ.

(٦) الوسيلة : في بيان ماهية الزنا ص ٤١٠ س ٧ قال : فان كان زوجها احد شهود البينة ولم يقذفها جاز إلخ.

(٧) السرائر : باب ماهية الزنا ص ٤٤٢ س ١١ قال : وإذا شهد أربعة رجال على امرأة بالزنا أحدهم زوجها الى قوله : قبلت شهادتهم.

(٨) لاحظ عبارة النافع.

(٩) القواعد : ج ٢ كتاب الحدود ، في اللواحق ص ٢٥٦ س ٨ قال : ولو كان الزوج أحد الأربعة وجب الحد إلخ.

٤٧

(الرابعة) من افتض بكرا بإصبعه ، فعليه مهرها ، ولو كانت امة فعليه عشر قيمتها.

(الخامسة) من زوج أمته ثمَّ وطئها فعليه الحد.

______________________________________________________

وعلى الثانية عمل الصدوق (١) والقاضي (٢) والتقي (٣) وأبو علي (٤) إذا كانت مدخولا بها ، وان لم يكن دخل بها صحت الشهادة ووجب الحد.

احتج الأولون : بأصالة صحة الشهادة ، وبقوله تعالى (وَاللّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) (٥) ولم يفرق بين ان يكون أحدهم الزوج ، أو لا يكون ، وهذا خطاب للحكام. وبالرواية المتقدمة ، وحملوا الرواية الأخرى على سبق الزوج بالقذف ، أو عدم تعديل الشهود ، أو اختلفوا في إقامة الشهادات ، أو اختل بعض شرائط الشهادة كأن أخبروا لا عن المشاهدة ، أو لم يجتمعوا في الإقامة.

قال طاب ثراه : من افتض بكرا بإصبعه فعليه مهرها ، ولو كانت امة فعليه عشر قيمتها.

أقول : البحث هنا في أمرين :

أحدهما : ما يجب عليه للبكارة ، وهذا أليق أن يذكر في كتاب النكاح وكتاب

__________________

(١) المقنع : باب الزنا واللواط ص ١٤٨ س ١٤ قال : وإذا شهد أربعة شهود على امرأة إلى قوله : جلدوا الثلاثة ولا عنها زوجها.

(٢) المهذب : ج ٢ باب ما به يثبت حكم الزنا ص ٥٢٥ س ١٢ قال : وإذا شهد أربعة نفر على امرأته بالزنا واحد هؤلاء الزوج الى قوله : ويلاعنها زوجها.

(٣) الكافي : فصل في القذف وحده ص ٤١٥ س ٢ قال : وقذف الرجل زوجته بالزنا يوجب الحد الى قوله : يوجب اللعان.

(٤) المختلف : ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٢ س ٢٦ قال : وقال ابن الجنيد : إذا كان أحد الأربعة الشهود زوجا الى قوله : وجب الحد.

(٥) النساء : ١٥.

٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الجنايات ، وإذا ذكرت في باب الحدود فعلى سبيل الاستطراد ، وبالقصد الثاني.

والآخر ما يجب عليه من الحد ، وهذا موضعه ، وذكره هنا يقع بالقصد الأول ، لعقد الباب على معرفة الحدود والمصنف ذكر الأول وأهمل الثاني ، ونحن نذكرهما على سبيل التفصيل.

(الأول) دية البكارة ، فنقول :

البكر ان كانت حرة وجب مهر نسائها ، وان كانت امة وجب عشر قيمتها قاله الشيخ في النهاية (١) وتبعه القاضي (٢).

وقال المفيد وتلميذه : من افتض جارية بإصبعه ، الزم صداق المرأة لذهابه بعذرتها (٣) (٤) وقال ابن إدريس : يغرم ما كان بين قيمتها بكرا وثيبا ، وان كانت حرة غرم عقرها وهو مهر مثل نسائها (٥).

(الثاني) : الحدود ، وفيه ثلاثة أقوال :

(أ) الحد ، قاله الصدوق في المقنع (٦).

__________________

(١) النهاية : باب أقسام الزناة ص ٦٩٩ س ١١ قال : ومن افتض جارية بكرا بإصبعه غرم عشر ثمنها وجلد من ثلاثين إلى تسعة وتسعين سوطا وان كانت الجارية حرة غرّم عقرها إلخ.

(٢) المهذب : ج ٢ (المساحقة) ص ٥٣٢ س ٢١ قال : وإذا افتضت جارية بإصبعها إلى قوله : كان عليها مهرها والتعزير مغلظا.

(٣) المقنعة : باب الحدود والآداب ص ١٢٤ س ٣١ قال : من افتض جارية بإصبعه إلى قوله : الزم صداق المرأة لذهابه بعذرتها.

(٤) المراسم : كتاب الحدود والآداب ص ٢٥٥ س ٥ قال : ومن افتض جارية بإصبعه عزر من ثلاثين سوطا الى ثمانين والزم صداقها.

(٥) السرائر : في حد الزنا ص ٤٤٦ س ٢٥ قال : ومن افتض جارية بكر بإصبعه إلى قوله : يغرم ما بين قيمتها بكرا وثيبا إلخ.

(٦) المقنع : باب الزنا واللواط ص ١٤٥ س ٥ قال : وان افتضت جارية جارية بإصبعها فعليها المهر وتضرب الحد.

٤٩

(السادسة) من أقر أنه زنى بفلانة ، فعليه مع تكرار الإقرار حدان ، ولو أقر مرة فعليه حدّ القذف وكذا المرأة ، وفيهما تردد.

(السابعة) من تزوج امة على حرة مسلمة فوطئها قبل الاذن ، فعليه

______________________________________________________

(ب) ثمانون قاله المفيد (١) وتلميذه (٢).

(ج) قال الشيخ في النهاية : من ثلاثين إلى تسعة وتسعين (٣) وهو قريب من قول شيخه المفيد.

احتج الصدوق : بصحيحة ابن سنان عن الصادق : عليه السلام في امرأة افتضت جارية بيدها؟ فقال : عليها المهر وتضرب الحد (٤).

احتج المفيد بصحيحة ابن سنان عن الصادق : ان أمير المؤمنين عليه السلام قضى بذلك ، وقال : تجلد ثمانين (٥).

قال العلّامة في المختلف : والظاهر انهما واردتان في الحرة ، أما الأمة ، فالأقوى الأرش (٦).

وفي القواعد تبع فتوى النهاية (٧).

قال طاب ثراه : من أقر أنه زنى بفلانة ، فعليه مع تكرار الإقرار حدان ، ولو أقر

__________________

(١) المقنعة : باب الحدود والآداب ص ١٢٤ س ٣٢ قال : من ثلاثين سوطا الى ثمانين.

(٢) تقدم نقله آنفا.

(٣) تقدم نقله آنفا.

(٤) التهذيب : ج ١٠ (١) باب حدود الزنى ص ٤٧ الحديث ١٧٢.

(٥) التهذيب : ج ١٠ (١) باب حدود الزنى ص ٤٧ الحديث ١٧٣.

(٦) المختلف : ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٨ س ٢٤ قال : والظاهر انهما واردتان في الحرة إلخ.

(٧) القواعد : ج ٢ كتاب الحدود ، في اللواحق ص ٢٥٦ س ١٤ قال : ومن افتض بكرا بإصبعه إلى قوله : ولو كانت امة لزمه عشر قيمتها.

٥٠

ثمن حد الزنى.

(الثامنة) من زنى في زمان شريف أو مكان شريف ، عوقب زيادة على الحد.

______________________________________________________

مرة واحدة فعليه حد القذف ، وكذا المرأة ، وفيهما تردد.

أقول : الأول مقتضى المذهب ، وهو الذي ذكره الشيخ في النهاية (١) وتردد المصنف (٢) وكذا العلّامة (٣).

واستشكله في القواعد (٤) من حيث ان زناه بها لا يستلزم زناها ، لجواز كونها مكرهة ، أو نائمة ، أو مشبّها عليها ، والعام لا يدل على الخاص ، ووجوب الحد منوط باليقين ، لأصالة براءة الذمة منه ، والحدود مبنية على التخفيف ، ولحصول الشبهة في وجوب الحد عند الحاكم بحصول الاحتمال ، فيدرأ الحد ، لعموم قوله عليه السلام : ادرؤا الحدود بالشبهات (٥).

والأول هو المذهب.

أما أولا : فلنص الأصحاب عليه ، فيكون راجحا.

واما ثانيا : فلاشتمال إقراره على هتكها.

واما ثالثا : فلأن وجوب حد القذف انما شرع ليمنع الناس عن الفحش ، وهذا فحش.

__________________

(١) النهاية : باب أقسام الزناة ص ٦٩٨ س ١٥ قال : فإن أقرانه زنا بامرأة بعينها كان عليه حد الزنا وحد القذف ، وكذلك حكم المرأة إلخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) المختلف : ج ٢ في حد الفرية ص ٢٢٨ س ٣٢ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : بانّ عليه حدان : والوجه ما قاله الشيخ.

(٤) القواعد : ج ٢ كتاب الحدود ، الأول الإقرار ص ٢٥٠ س ١٦ قال : ولو نسب الى امرأة ثبت الحد للقذف بأول مرة على اشكال.

(٥) تقدم مرارا.

٥١

الفصل الثاني : في اللواط والسحق والقيادة

فاللواط يثبت بالإقرار أربعا ، ولو أقر دون ذلك عزّر.

ويشترط في المقر : التكليف ، والاختيار ، والحرية فاعلا كان أو مفعولا. ولو شهد أربعة يثبت ولو كانوا دون ذلك حدّوا. ويقتل الموقب ولو لاط بصغير أو مجنون ، ويؤدب الصغير ، ولو كانا بالغين قتلا ، وكذا لو لاط بعبده ، ولو ادعى العبد إكراهه درئ عنه الحد. ولو لاط الذمي بمسلم قتل وان لم يوقب. ولو لاط بمثله ، فللإمام الإقامة ، أو دفعه الى أهل ملته ليقيموا عليه حدهم.

وموجب الإيقاب القتل للفاعل والمفعول ، إذا كان بالغا عاقلا ، ويستوي فيه كل موقب.

ولا يحد المجنون ولو كان فاعلا على الأصح.

______________________________________________________

واما رابعا : فلان حد القذف حق آدمي ، وحقوق الآدميين مبنية على الاحتياط التام ، فلا يسقط باعتراض الشبهة ، لابتنائه على التغليظ ، بخلاف حدوده تعالى ، فإنها مبنية على التخفيف.

واما خامسا : فلأصالة عدم الإكراه ، فلا يسامح في هتك عرض مسلمة باحتمال بعيد وقوعه على خلاف الأصل (١).

وكذا البحث في المرأة لو قالت : زنيت بفلان ، لا فرق بينهما في الحكم.

قال طاب ثراه : ولا يحد المجنون ولو كان فاعلا على الأصح.

__________________

(١) لاحظ الوجوه المذكورة وتوضيحها ، الإيضاح : ج ٤ كتاب الحدود ، ص ٤٧٣ في شرح قول المصنف : ولو نسب الى امرأة إلخ.

٥٢

والامام مخيّر في الموقب بين قتله ورجمه وإلقائه من جدار وإحراقه. ويجوز ان يضم الإحراق إلى غيره من الآخرين. ومن لم يوقب فحدّه مائة على الأصحّ ، ويستوي فيه الحر والعبد.

______________________________________________________

أقول : الخلاف هنا كما في الزنا ، فمن حده ثمة كالشيخين (١) (٢) والتقي (٣) والقاضي (٤) وابن حمزة (٥) حده هنا.

ومن لا ، فلا كابن إدريس (٦) والمصنّف (٧) والعلّامة (٨).

قال طاب ثراه : ومن لم يوقب فحده مائة على الأصح.

أقول : اللواط إذا كان دون الإيقاب كالتفخيذ ، اختلف في حده في أربعة أقوال :

(الأول) القتل ، وهو ظاهر الصدوقين (٩) (١٠) حيث قالا : واما اللواط فهو ما بين

__________________

(١) المقنعة : باب الحدود والآداب ص ١٢٣ س ٢٨ قال : والمجنون إذا زنا أقيم عليه الحد إلخ.

(٢) النهاية : باب أقسام الزناة ص ٦٩٦ س ٤ قال : فان زنى مجنون بامرأة كان عليه الحد تاما.

(٣) الكافي : في حد الزنا ص ٤٠٦ س ٨ قال : وان كان مجنونا مطبقا الى قوله : جلد مائة جلدة.

(٤) المهذب : ج ٢ باب الزنا وأقسام الزنا ص ٥٢١ س ١٢ قال : وإذا زنى مجنون بامرأة كان عليها جلد مائة أو الرجم.

(٥) الوسيلة : فصل في بيان ماهية الزنى ص ٤١٣ س ٦ قال : ولا يسقط الحد باختلاط العقل بعد الوجوب.

(٦) السرائر : في أقسام الزنا ص ٤٤٥ س ١٧ قال : والذي يقتضيه أصول مذهبنا أنه لأحد على المجنون والمجنونة ، لأنهما غير مخاطبين.

(٧) لاحظ عبارة النافع.

(٨) المختلف : ج ٢ في اللواط ص ٢١٣ س ٩ قال : بعد نقل قول الشيخ ومن تبعه ثمَّ نقل قول ابن إدريس : وقول ابن إدريس لا بأس به.

(٩) المختلف : ج ٢ في اللواط ص ٢١٢ س ٣٧ قال : وقال الصدوق وأبوه في رسالته : واما اللواط إلخ.

(١٠) المقنع : باب الزنا واللواط ص ١٤٤ س ٩ قال : واعلم ان اللواط هو ما بين الفخذين الى قوله : ضربة بالسيف.

٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الفخذين.

واما الدبر ، فهو الكفر بالله العظيم ، ومن لاط بغلام فعقوبته ان يحرق بالنار ، أو يهدم عليه حائط ، أو يضرب ضربة بالسيف ، ثمَّ قال أبوه بعد ذلك : فاذا وقب فهو الكفر بالله العظيم (١).

وهذا الكلام يعطي وجوب القتل بالتفخيذ.

وكلام أبو علي يدل عليه أيضا (٢).

(الثاني) حده مائة مطلقا ، اي سواء كان فاعلا أو مفعولا ، محصنا أو غير محصن ، وهو قول المفيد (٣) والسيد (٤) وسلار (٥) والتقي (٦) والحسن (٧) وابن إدريس (٨) واختاره المصنف (٩) والعلّامة (١٠).

__________________

(١) المختلف : ج ٢ في اللواط ص ٢١٢ س ٣٨ قال : ثمَّ قال بعد ذلك أبوه : فاذا أوقب فهو الكفر بالله العظيم ، الى قوله : وكلام ابن الجنيد يدل عليه أيضا.

(٢) المختلف : ج ٢ في اللواط ص ٢١٢ س ٣٨ قال : ثمَّ قال بعد ذلك أبوه : فاذا أوقب فهو الكفر بالله العظيم ، الى قوله : وكلام ابن الجنيد يدل عليه أيضا.

(٣) المقنعة : باب الحد في اللواط ص ١٢٤ س ٣٣ قال : أحدهما إيقاع الفعل فيما سوى الدبر من الفخذين ففيه جلد مائة إلخ.

(٤) الانتصار : مسائل الحدود والقصاص والديات ص ٢٥١ س ١٢ قال : ومما انفردت به الإمامية إلى قوله : بين الفخذين مائة جلدة.

(٥) المراسم : كتاب الحدود والآداب ص ٢٥٣ س ٤ قال : والجلد على ضربين ، ما هو جلد مائة الى قوله : حد اللواط الذي لا إيقاب فيه.

(٦) الكافي : فصل في اللواط وحده ص ٤٠٨ س ٦ قال : وفيما دونه (اي التفخيذ) جلد مائة سوط.

(٧) المختلف : ج ٢ في اللواط ص ٢١٢ س ٣٦ قال : وبه (اي بقول المفيد) قال ابن أبي عقيل ، الى قوله : وهو الأقرب.

(٨) المختلف : ج ٢ في اللواط ص ٢١٢ س ٣٦ قال : وبه (اي بقول المفيد) قال ابن أبي عقيل ، الى قوله : وهو الأقرب.

(٩) السرائر : باب الحد في اللواط ص ٤٤٩ س ١ قال : يجب عليه الحد به مائة جلدة سواء كان محصنا أو غير محصن.

(١٠) لاحظ عبارة النافع.

٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

(الثالث) القتل على المفعول مطلقا ، قاله الصدوق في المقنع (١).

(الرابع) الرجم مع الإحصان والجلد مع عدمه ، فاعلا أو مفعولا قاله الشيخ في النهاية (٢) وتبعه القاضي (٣) وابن حمزة (٤).

احتج الصدوقان : بما رواه حذيفة بن منصور عن الصادق عليه السلام قال : سألته عن اللواط؟ فقال : ما بين الفخذين ، قال : وسألته عن الذي يوقب؟ فقال : ذلك الكفر بما انزل على نبيه صلّى الله عليه وآله (٥).

احتج المفيد ومتابعوه : بأصالة براءة الذمة.

وبما رواه سليمان بن هلال عن الصادق عليه السلام في الرجل يفعل بالرجل ، فقال : ان كان دون الثقب فالحدّ ، وان كان ثقب أقيم قائما وضرب بالسيف (٦).

احتج الصدوق بما رواه حماد بن عثمان قال : قلت للصادق عليه السلام رجل اتى رجلا ، قال عليه السلام : ان كان محصنا القتل ، وان لم يكن محصنا فعليه الجلد ، قال : قلت : فما على المؤتى؟ قال : عليه القتل على كل حال ، محصنا كان أو غير

__________________

(١) المقنع : باب الزنا واللواط ص ١٤٤ س ٩ قال : واعلم ان اللواط هو ما بين الفخذين ، فاما الدبر فهو الكفر بالله العظيم.

(٢) النهاية : باب الحد في اللواط ص ٧٠٤ س ١٠ قال : والضرب الثاني من اللواط الى قوله : ان كان الفاعل أو المفعول به محصنا ، وجب عليه الرجم ، وان كان غير محصن كان عليه الجلد مائة.

(٣) المهذب : ج ٢ باب الحد في اللواط والسحق ص ٥٣٠ س ١٠ قال : ان كان محصنا كان عليه الرجم ، وان كان غير محصن كان عليه الحد.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان احكام اللواط ص ٤١٣ س ٢٠ قال : فان كانا محصنين رجما ، وان لم يكونا محصنين جلد كل واحد منهما إلخ.

(٥) التهذيب : ج ١٠ (٢) باب الحدود في اللواط ص ٥٣ الحديث ٦.

(٦) التهذيب : ج ١٠ (٢) باب الحدود في اللواط ص ٥٢ الحديث ٣ وتمام الحديث (أخذ منه السيف ما أخذ ، فقلت له : هو القتل؟ قال : هو ذاك.

٥٥

ولو تكرر مع الحد قتل في الرابعة على الأشبه.

ويعزّر المجتمعان تحت إزار مجردين ولا رحم بينهما من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين.

ولو تكرر مع تكرار التعزير حدّا في الثالثة.

______________________________________________________

محصن (١).

احتج الشيخ : بما رواه العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السلام قال : حد اللائط مثل حد الزاني ، وقال : ان كان محصنا رجم وإلا جلد (٢).

قال الشيخ : يحتمل هذه الاخبار شيئين : إذا كان الفعل دون الإيقاب ، فإنه يعتبر فيه الإحصان وعدمه ، وان يحمل على التقية ، لأن ذلك مذهب بعض العامة (٣).

قال طاب ثراه : ولو تكرر مع الحد قتل في الرابعة على الأشبه.

أقول : هذا مذهب الشيخ في النهاية (٤) وتبعه القاضي (٥) والتقي (٦)

__________________

(١) التهذيب : ج ١٠ (٢) باب الحدود في اللواط ص ٥٥ الحديث ١٠.

(٢) التهذيب : ج ١٠ (٢) باب الحدود في اللواط ص ٥٤ الحديث ٩.

(٣) قال الشيخ في التهذيب : ج ١٠ ص ٥٥ بعد نقل الاخبار : قال محمد بن الحسن : هذه الاخبار تحتمل وجهين ، أحدهما ان يكون المراد بها إذا كان الفعل دون الإيقاب الى ان قال بعد صفحة : والوجه الآخر في الاخبار التي قدمناها : ان نحملها على ضرب من التقية لأن ذلك مذهب بعض العامة.

(٤) النهاية : باب الحد في اللواط ص ٧٠٦ س ٦ قال : والمتلوط الذي يقام عليه الحد ثلاث مرات ، قتل في الرابعة مثل الزاني.

(٥) المهذب : ج ٢ باب الحد في اللواط والسحق ص ٥٣١ س ٩ قال : وإذا لاط إنسان ثلاث مرات الى قوله : قتل في الرابعة.

(٦) الكافي : فصل في اللواط وحده ص ٤٠٩ س ٦ قال : وإذا جلد في اللواط ثلاث مرات قتل في الرابعة.

٥٦

وكذا يعزّر من قبّل غلاما بشهوة.

ويثبت السحق بما يثبت به اللواط. والحد فيه مائة جلدة حرة كانت أو امة ، محصنة كانت أو غير محصنة ، للفاعلة والمفعولة. وقال في النهاية : ترجم مع الإحصان وتقتل المساحقة في الرابعة مع تكرار الحد ثلاثا

______________________________________________________

والمصنف (١) والعلّامة (٢).

وقال ابن إدريس : يقتل في الثالثة كالزاني (٣) وقد تقدم البحث فيه.

قال طاب ثراه : والحد فيه (اي في السحق) مائة جلدة ، حرة كانت أو امة ، محصنة كانت أو غير محصنة للفاعلة والمفعولة ، وفي النهاية : ترجم مع الإحصان.

أقول : الأكثر على ان الحد في السحق مائة جلدة مطلقا ، وهو اختيار السيد (٤) والمفيد (٥) والتقي (٦) وابن إدريس (٧) وهو ظاهر كلام سلار (٨) واختاره

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع.

(٢) المختلف : ج ٢ في اللواط ص ٢١٣ س ١١ قال بعد نقل قول النهاية : وهو المعتمد.

(٣) السرائر : باب الحد في اللواط ص ٤٤٩ س ٢٨ قال : والمتلوط بما دون الإيقاب إذا أقيم عليه الحد ثلاث مرات الى قوله : والأولى عندي انه يقتل في الثالثة ، لقولهم المجمع عليه : ان أصحاب الكبائر يقتلون في الدفعة الثالثة ، وهؤلاء بلا خلاف أصحاب الكبائر.

(٤) الانتصار : مسائل الحدود ، ص ٢٥٣ س ٧ قال : مسألة ، ومما انفردت به الإمامية القول بأن البينة إذا قامت على امرأتين بالسحق ، جلدت كل واحدة منهما مائة جلدة.

(٥) المقنعة : باب الحد في السحق ص ١٢٥ س ١٧ قال : فان قامت البينة عليهما بالسحق جلدت كل واحدة منهما مائة جلدة حد الزاني.

(٦) الكافي : فصل في السحق وحده ص ٤٠٩ س ١٦ قال : ويجب حدّه بحيث يجب حد الزنا الى قوله : وهو مائة جلدة.

(٧) السرائر : باب الحد في السحق ص ٤٥٠ س ٤ قال : وساحقت المرأة أخرى وجب على كل واحد منهما الحد جلد مائة.

(٨) المراسم : كتاب الحدود والآداب ص ٢٥٣ س ١ قال : فاما اللواط والسحق فالبينة فيهما مثل البينة في الزنا الا ان الحد في الإحصان إلخ.

٥٧

ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة كاللواط ، ولا يسقط بعد البينة.

ويعزر المجتمعان تحت إزار واحد مجردتين.

______________________________________________________

المصنف (١) والعلّامة (٢).

وفصل الشيخ في النهاية : فأوجب الرجم مع الإحصان كالزنا (٣) وتبعه القاضي (٤).

احتج الأولون : بأصالة براءة الذمة.

وبما رواه زرارة عن الباقر عليه السلام قال : المساحقة تجلد (٥) وهو عام.

احتج الشيخ بما رواه محمد بن أبي حمزة ، وهشام وحفص عن الصادق عليه السلام : انه دخل عليه نسوة ، فسألته امرأة منهم عن السحق؟ فقال : حدّها حد الزاني ، فقالت المرأة : ما ذكره الله في القرآن؟! قال : بلى ، قالت : وأين؟ قال : هن أصحاب الرس (٦).

وأجيب بحملها على حدّ الزاني من الجلد (٧).

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع.

(٢) المختلف : ج ٢ في المساحقة ص ٢١٣ س ٣٥ قال بعد نقل قول السيد : وبه قال ابن إدريس وهو الأقرب.

(٣) النهاية : باب الحد في السحق ص ٧٠٦ س ١٠ قال : مائة جلدة ان لم تكونا محصنين ، فان كانتا محصنين ، فالرجم.

(٤) المهذب : ج ٢ (المساحقة) ص ٥٣١ ص ١٩ قال : وإذا تساحقت امرأة لامرأة أخرى وكانتا محصنين فالرجم إلخ.

(٥) التهذيب : ج ١٠ (٣) باب الحد في السحق ص ٥٨ الحديث ٢.

(٦) التهذيب : ج ١٠ (٣) باب الحد في السحق ص ٥٨ الحديث ٣.

(٧) الإيضاح : ج ٤ كتاب الحدود ص ٤٩٤ س ١٢ قال بعد نقل الحديث : والجواب يحمل على حد الزاني من الجلد.

٥٨

ولو تكرر مرتين مع التعزير أقيم عليهما الحد في الثالثة. ولو عادتا قال في النهاية قتلتا.

مسألتان

(الاولى) لا كفالة في الحد ، ولا تأخير إلا لعذر ، ولا شفاعة في إسقاطه.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو تكرر مرتين مع التعزير أقيم عليهما الحد في الثالثة ، ولو عادتا قال في النهاية : قتلتا.

أقول : المجتمعان تحت إزار أو لحاف واحد مجردتين ولا رحم بينهما ، ولا أحوجها الى ذلك ضرورة ، من برد وغيره ، ما ذا يجب عليهما من الحد؟

قيل فيه : أربعة أقوال :

(أ) الحد مائة جلدة قاله الصدوق في المقنع (١) وأبو علي (٢).

(ب) يجلد كل واحدة منهما دون الحد ، من عشر جلدات إلى تسعة وتسعين قاله المفيد (٣).

(ج) على كل منهما التعزير في الأول والثانية والقتل في الثالثة ، لأن أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة قاله ابن إدريس (٤).

__________________

(١) المقنع : باب الزنا واللواط ص ١٤٥ س ١٥ قال : وإذا وجد رجلان في لحاف واحد ، ضربا الحد مائة جلدة.

(٢) المختلف : ج ٢ في اللواط والمساحقة ص ٢١٣ س ٢٢ قال : وقال ابن الجنيد : فان عثر على امرأتين في لحاف واحد وكانتا مجردتين حدت كل واحدة منهما مائة جلدة.

(٣) المقنعة : باب الحد في السحق ص ١٢٥ س ١٦ قال : امرأتين وجدتا في إزار واحد مجردتين الى قوله : الى تسع وتسعين جلدة.

(٤) السرائر : باب الحد في السحق ص ٤٥٠ س ٣٢ قال : فان عادا ثالثة أقيم عليهما الحد الى قوله : فان قتلهما في الرابعة ، لقولهم أصحاب الكبائر إلخ.

٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

(د) على كل واحدة منهما التعزير ، من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين ، فان عادتا الى مثل ذلك نهيتا وأدّبتا ، فإن عادا ثالثة أقيم عليهما الحد كاملا ، فان عادتا رابعة قتلتا قاله الشيخ رحمه الله (١) وتبعه القاضي (٢) واختاره العلّامة في المختلف (٣).

ومستنده ما رواه أبي خديجة عن الصادق عليه السلام قال : لا ينبغي لمرأتين ان تبيتا في لحاف واحد الا وبينهما حاجز ، فان فعلتا نهيتا عن ذلك ، فان وجدتا بعد النهي في لحاف واحد جلدتا كل واحدة منهما حدا حدا فان وجدتا أيضا في لحاف جلدتا ، فان وجدتا الثالثة قتلتا (٤).

وهذه الأقوال الأربعة هي المشهورة بين الأصحاب.

وقال بعضهم : يقتصر على التعزير في الرابعة استضعافا للرواية ، واحتياطا في عصمة الدم ، واختاره المصنف في الشرائع (٥) والعلّامة في التحرير (٦) والقواعد (٧).

__________________

(١) النهاية : باب الحد في السحق ص ٧٠٧ س ١٦ قال : وإذا وجدت امرأتان في إزار واحد الى قوله : فان عادتا رابعة كان عليهما القتل.

(٢) المهذب : ج ٢ (المساحقة) ص ٥٣٣ س ١ قال : وإذا وجدت امرأتان في إزار واحد ، الى قوله : فان عادتا الى ذلك رابعة قتلتا.

(٣) المختلف : ج ٢ في اللواط والسحق ص ٢١٤ س ٢٠ قال بعد نقل قول الشيخ والمفيد والقاضي : والوجه ما قاله الشيخ.

(٤) التهذيب : ج ١٠ (٣) باب الحد في السحق ص ٥٩ الحديث ٧.

(٥) الشرائع : كتاب الحدود (واما السحق) قال : والأجنبيتان إذا وجدتا في إزار واحد مجردتين الى قوله : قال في النهاية : قتلتا ، والاولى الاقتصار على التعزير ، احتياطا في التهجم على الدم.

(٦) التحرير : ج ٢ كتاب الحدود ، الفصل الثاني في السحق ص ٢٢٥ قال : (ه) تعزر الأجنبيتان تحت إزار واحد مجردتين الى قوله : فان عادتا قال الشيخ : قتلتا ، والأقرب التعزير.

(٧) القواعد : ج ٢ ، المطلب الثاني في السحق ص ٢٥٧ س ٢٣ قال : وإذا وجدت الأجنبيتان مجردتين الى قوله : فان عادتا عزرتا.

٦٠