المهذّب البارع - ج ٥

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

كتابيه (١) (٢) والشيخ في كتابي الفروع (٣) (٤) وابن حمزة (٥) وابن إدريس (٦).

وعليه دل عموم الكتاب (٧) وصحاح الاخبار (٨).

ونقل صاحب كشف الرموز موافقة اتباع الشيخ وابن إدريس لكتابي الاخبار (٩).

وهو وهم

(ب) على القول بجواز قتله ، هل يرد عليه الفاضل من ديته عن قيمة العبد؟ فيه

__________________

(١) المهذب : ج ٢ باب أقسام القتل ص ٤٦١ س ٢ قال : وإذا قتل الحر عبدا لم يقتل به الى قوله : فان كان عبده كان عليه التعزير إلخ.

(٢) لم نظفر عليه.

(٣) المبسوط : ج ٧ كتاب الجراح ص ٦ س ١٧ قال : وإذا قتل الحر عبدا لم يقتل به الى قوله : فان كان عبد نفسه عزرناه إلخ.

(٤) كتاب الخلاف : كتاب الجنايات مسألة ٤ قال : إذا قتل الحر عبدا لم يقتل به سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره إلخ.

(٥) الوسيلة : في بيان احكام قتل العمد ص ٤٣٣ س ١٠ قال : وان قتل عبدا لم يخل : اما قتل عبد نفسه أو عبد غيره إلخ.

(٦) السرائر : باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٤٢٤ س ٢٤ قال : وإذا قتل حر عبدا مسلما لم يكن عليه قود الى قوله بعد أسطر : وللسلطان ان يعاقب من يقتل العبيد بما ينزجر عن مثله في المستقبل.

(٧) البقرة / ١٧٨.

(٨) لاحظ التهذيب : ج ١٠ (١٤) باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ١٩١ الحديث ٤٨ و ٤٩ و ٥٠.

(٩) كشف الرموز : ج ٢ شرائط القصاص ، ص ٦٠٢ س ١١ قال : اما التعزير والكفارة فلا خلاف فيهما ، واما الصدقة بقيمته فعليه فتوى الشيخ واتباعه وأبي الصلاح والمتأخر.

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

احتمالان.

أحدهما : نعم ، لأنه لا يؤخذ الكامل بالناقص ، وجواز قتله لا يدل على عدم أخذ الفضل ، كالرجل إذا قتل المرأة ، وهو اختيار سلار (١) ويحيى ابن سعيد (٢).

وفي قوله : (في رواية الفتح يقتل به) إيماء إلى أنه قصاص ، فيجب رد الفضل.

والأخر : لا يرد لأنه يقتل حسما لفساده كالمحارب ، واعتبار التساوي والتفاوت انما هو في القصاص لا الحدود ، ولم يذكره أكثر القائلين بجواز قتله مع الاعتياد ، بل أطلقوا ، فيحمل على عمومه.

والباء في قوله : (في رواية الفتح يقتل به) للسببية.

(ج) لو كان المقتول عبده ، هل يجب عليه الصدقة بقيمته؟ قال في النهاية : نعم (٣).

ومستنده ما رواه في التهذيب عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السّلام : ان أمير المؤمنين عليه السّلام رفع اليه رجل عذب عبده حتى مات ، فضربه مائة نكالا ، وحبسه سنة وغرمه قيمة العبد فتصدق بها عنه. (٤)

__________________

(١) المراسم : ذكر احكام الجنايات في القضاء ص ٢٣٦ س ٢٢ قال : الا ان يكون معتادا لقتل العبيد ، فيقتل به ويؤخذ الفاضل.

(٢) الجامع للشرائع : كتاب الجنايات ص ٥٧٢ س ١١ قال : وان اعتاد قتل أهل الذمة أو العبيد أقيد لهم الى قوله : وسيد العبد تمام دية الحر.

(٣) النهاية : باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٧٥٢ س ٨ قال : ويغرّمه قيمة العبد فيتصدق بها.

(٤) التهذيب : ج ١٠ (١٩) باب قتل السيد عبده ص ٢٣٥ الحديث ٥.

١٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

واختاره الأصحاب كالشيخين (١) (٢) والتقي (٣) وابن حمزة (٤) والقاضي (٥) وسلار (٦) وابن زهرة (٧) والطبرسي (٨) وابن إدريس (٩) وفخر المحققين (١٠) فهو قريب من الإجماع ، نعم أورده أبو علي بصيغة روى (١١) ، وهو يدل على عدم جزمه به

__________________

(١) المقنعة باب قتل السيد عبده ص ١١٧ س ٢٦ قال : وإذا قتله عمدا ، أغرمه ثمنه وتصدق به على المساكين إلخ.

(٢) النهاية باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٧٥٢ س ٧ قال : ومن قتل عبده متعمدا الى قوله : ويتصدق بها على الفقراء.

(٣) الكافي ، القصاص ص ٣٨٤ س ١٠ قال : وان كان المقتول من رقيقه أغرمه السلطان قيمته وتصدق بها.

(٤) الوسيلة ، فصل في بيان احكام قتل العمد ص ٤٣٣ س ١١ قال : عاقبه السلطان وأخذ منه قيمته وتصدق بها على المسلمين.

(٥) المهذّب ، ج ٢ باب أقسام القتل ص ٤٦١ س ٤ قال : كان عليه مع التعزير والكفارة قيمة العبد لسيده إلخ ولا حظ ما علق عليه.

(٦) المراسم ذكر احكام الجنايات ص ٢٣٧ س ١ قال : وان كان قاتل العبد مولاه أغرمه الإمام قيمته بعد العقوبة وتصدق.

(٧) الغنية ، (في الجوامع الفقهية) في الجنايات ص ٦٢٠ س ٥ قال : وإذا قتل السيد عبده الى ان قال : وأغرمه قيمته وتصدق بها.

(٨) مجمع البيان ج ١ في تفسيره لاية ١٧٨ من سورة البقرة ص ٢٦٥ س ١٢ قال : قال الصادق عليه السّلام : الى قوله : ويغرم دية العبد ، الى قوله بعد أسطر : وما قلناه مثبت بالإجماع.

(٩) السرائر باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٤٢٥ س ١٠ قال : ومن قتل عبده متعمدا الى قوله : ويتصدق بها على الفقراء.

(١٠) الإيضاح ج ٤ في الجناية الواقعة بين المماليك والأحرار ص ٥٨١ س ١٩ قال بعد نقل قوله النهاية : وهذا هو الأقوى عندي.

(١١) المسالك ج ٢ كتاب القصاص ، ص ٤٦٢ س ١٣ قال : والقول بالصدقة بثمنه الى قوله : الّا ابن الجنيد ، فإنه أورده بصيغة : وروى إلخ.

١٦٣

والمدبر كالمقن ، ولو استرقه ولي الدم ففي خروجه عن التدبير قولان ، وبتقدير الّا يخرج ، هل يسعى في فك رقبته؟ المروي انه يسعى.

______________________________________________________

وتوقفه فيه. وتردد فيه المصنف (١) والعلّامة (٢) لضعف سند الرواية المذكورة ، فإن طريقها سقيم من عدة رواته (٣) ، وباقي الروايات لم يذكر فيها الكفارة.

وفي مرسلة يونس عن بعض من رواه عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل قتل مملوكه : انه يضرب ضربا وجيعا ويؤخذ منه قيمته لبيت المال (٤) وهي متروكة.

قال طاب ثراه : والمدبر كالقن. ولو استرقه ولي الدم ، ففي خروجه عن التدبير قولان ، وبتقدير إن لا يخرج هل يسعى في فك رقبته؟ المروي : انه يسعى.

أقول : هنا مسألتان.

(الأولى) إذا جنى المدبر عمدا واختار ولي الدم استرقاقه ، أو خطأ ودفعه السيد للرق ، هل يبطل تدبيره أم لا؟

(الأول) هو الذي يقتضيه أصول المذهب ، لأنه خرج عن ملك من دبّره وصار عبدا لأولياء المقتول ، فمن أخرجه عن ملكهم بعد دخوله فيه يحتاج الى دليل ، ولا دليل على ذلك ، قاله ابن إدريس (٥) واختاره المصنف (٦)

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : وفي الصدقة بقيمته رواية فيها ضعف.

(٢) القواعد ج ٢ في الجناية الواقعة بين المماليك والأحرار ص ٢٨٦ س ٢٥ قال : وقيل : يلزم بالقيمة صدقة.

(٣) سند الحديث كما في التهذيب ج ١٠ ص ٢٣٥ الحديث ٥ هكذا سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن سمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٤) التهذيب : باب قتل السيد عبده والوالد ولده ح ١٢ ج ١٠ ص ٢٣٦.

(٥) السرائر باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٤٢٤ س ٣٦ قال : وروى انه إذا مات الذي دبره استسعى في دية المقتول وصار حرا ، ولا دليل على صحة هذه الرواية لأنها مناقضة للأصول ، وهو انه خرج من ملك من دبّره وصار عبدا إلخ.

(٦) الشرائع ، في التساوي في الحرية أو الرق ، قال : والمدبر كالقن الى ان قال : فاذا مات الذي دبره هل ينعتق؟ قيل : لا لأنه خرج عن ملكه.

١٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والعلّامة (١).

(والثاني) مذهب الشيخين (٢) (٣) وبه قال الصدوق (٤).

احتج الأولون : بأنه عبد وقد انتقل بجنايته إلى ولي المقتول ، فأشبه البيع ، وقد قلنا ببطلان التدبير فيه ، فكذا هنا ، لوجود المقتضي للإبطال ، وهو الانتقال.

وبصحيحة أبي بصير عن الباقر عليه السّلام قال : سألته عن مدبر قتل رجلا عمدا ، قال : فقال : يقتل به ، قلت : فان قتله خطأ؟ قال : فقال : يدفع الى أولياء المقتول ، فيكون لهم ، فان شاءوا استرقوه ، وليس لهم قتله ، ثمَّ قال : يا أبا محمّد إن المدبر مملوك (٥).

احتج الآخرون : بحسنة جميل بن دراج عن الصادق عليه السّلام قال : قلت له : مدبر قتل رجلا خطأ ، من يضمن عنه؟ قال : يصالح عنه مولاه ، فان أبي دفع الى أولياء المقتول يخدمهم حتى يموت الذي دبّره ثمَّ يرجع حرا لا سبيل عليه (٦).

(الثانية) على القول بعدم بطلان التدبير ، هل يسعى لأولياء المقتول في شي‌ء؟

قيل فيه أربعة أقوال.

(أ) عدم السعي في شي‌ء ، وهو ظاهر المفيد (٧) ويساعده الرواية المتقدمة.

__________________

(١) المختلف : ج ٢ كتاب القصاص والجنايات ص ٢٤٠ س ١٥ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو الأقرب ، لنا انه عبد انتقل إلى ولي المقتول إلخ.

(٢) المقنعة : باب اشتراك الأحرار والعبيد في القتل ص ١١٨ س ٧ قال : فاذا مات سيده خرج الرق إلى الحرية ولم يكن لأحد عليه سبيل.

(٣) النهاية : باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٧٥١ س ١١ قال : قال فاذا مات الذي دبره استسعى في دية المقتول وصار حرا.

(٤) المقنع : باب الديات ص ١٩١ س ١٠ قال : فان مات الذي دبره استسعى في قيمته.

(٥) التهذيب : ج ١٠ (١٤) باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ١٩٧ الحديث ٧٩.

(٦) التهذيب : ج ١٠ (١٤) باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ١٩٧ الحديث ٨٠.

(٧) المقنعة : باب اشتراك الأحرار والعبيد في القتل ص ١١٨ س ٧ وقد تقدّم.

١٦٥

والمكاتب ان لم يؤد وكان مشروطا فهو كالرق المحض. وان كان مطلقا وقد أدى شيئا ، فإن قتل حرا مكافئا عمدا قتل ، وان قتل مملوكا

______________________________________________________

(ب) السعي في دية المقتول ان كان حرا ، وفي قيمته ان كان عبدا قاله الشيخ في النهاية (١).

(ج) السعي في قيمته ، أي قيمة نفسه قاله الصدوق في المقنع (٢).

(د) السعي في أقل الأمرين من قيمته وقيمة المقتول ، قاله فخر المحققين (٣).

احتج الشيخ : بان الواجب في القتل دية المقتول ، أو قيمته ، فاذا سعى فإنما يسعى في ذلك ، لأنه المضمون.

احتج الصدوق بما رواه هشام بن احمد قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن مدبر قتل رجلا خطأ ، قال : أي شي‌ء رويتم في هذا الباب؟ قال : قلت : روينا عن أبي عبد الله عليه السّلام انه قال : يتل برمته إلى أولياء المقتول ، فاذا مات الذي دبّره عتق قال : سبحان الله فيبطل دم امرء مسلم؟! قلت : هكذا روينا قال : غلطتم على أبي ، يتل برمته إلى أولياء المقتول ، فاذا مات الذي دبره استسعى في قيمته (٤).

احتج الفخر : بان السيد إذا افتك عبده فإنما يلزمه أقل الأمرين ، فكذا إذا فك نفسه ، لعدم الفصل.

ولأنه المتيقن ، ولأصالة براءة الذمة من الزائد.

قال طاب ثراه : والمكاتب ان لم يؤد وكان مشروطا ، إلى قوله : وفي رواية علي بن

__________________

(١) النهاية : باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٧٥١ س ١١ وقد تقدّم.

(٢) المقنع : باب الديات ص ١٩١ س ١٠ قال : والمدبر إذا قتل رجلا خطأ إلى قوله : استسعى في قيمته.

(٣) الإيضاح : ج ٤ كتاب الجنايات ص ٥٧٨ س ٧ قال : والأقوى عندي ، انه يسعى بأقل الأمرين من قيمة نفسه ومن دية المقتول.

(٤) التهذيب : ج ١٠ (١٤) باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ١٩٨ الحديث ٨٢.

١٦٦

فلا قود وتعلقت الجناية بما فيه من الرقبة مبعضة ويسعى في نصيب الحرية ويسترق الباقي منه ، أو يباع في نصيب الرق.

ولو قتل خطأ فعلى الامام بقدر ما فيه من الحرية ، وللمولى الخيار بين فك ما فيه من الرقية بالأرش ، أو تسليم حصة الرق ليقاص بالجناية ، وفي رواية علي بن جعفر ، إذا أدّى نصف ما عليه فهو بمنزلة الحرّ.

______________________________________________________

جعفر : إذا أدَّى نصف ما عليه فهو بمنزلة الحر.

أقول : إذا جنى المكاتب فان كان مشروطا أو مطلقا ولم يؤد شيئا كان حكمه حكم المملوك من غير فرق وقد تقدم حكم المملوك.

وان كان قد أدَّى شيئا تحرر منه بنسبة ، وحينئذ تتعلق الجناية برقبته مبعضة ، فما قابل نصيب الحرية يكون على الإمام في الخطأ ، وعلى ماله في العمد ، وما قابل نصيب الرقية إن فداه السيد فالكتابة بحالها.

وان دفعه استرقه أولياء المقتول ، وبطلت الكتابة في ذلك البعض.

هذا الذي يقتضيه أصول المذهب ، وهو اختيار المصنف (١) والعلّامة (٢).

وفيه أقوال :

(أ) أنه بمنزلة الحر إذا أدى نصف ما عليه ، ومعناه : انه يجب على الإمام أداء نصيب الجناية في الخطأ ، ويستسعى في العمد.

وهو في رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام في حديث طويل الى ان قال : وسألته عن المكاتب إذا أدى نصف ما عليه؟ قال : هو بمنزلة الحر في الحدود وغير ذلك من قتل أو غيره (٣).

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : ولو قتل خطأ فعلى الإمام إلى أخره.

(٢) القواعد : ج ٢ في الجناية الواقعة بين المماليك والأحرار ص ٢٨٧ س ١٨ قال : ولو ادى المطلق البعض الى قوله : ويتعلق برقبته من دية الخطأ بقدر الرقية ، وعلى الإمام بقدر الحرية.

(٣) الاستبصار : ج ٤ (١٦٢) باب دية المكاتب ص ٢٧٧ قطعة من حديث ٢.

١٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ورجحها الشيخ في الاستبصار (١) وهو مذهب الصدوق (٢).

(ب) على الامام ان يؤدّي بقدر ما عتق من المكاتب ، وما لم يؤدَّ ، للورثة ان يستخدموه مدة حياته وليس لهم بيعه ، قاله الصدوق (٣) واختاره المفيد (٤) وتلميذه (٥).

(ج) على مولاه ما قابل نصيب الرقية ، وعلى الامام ما قابل الحرية ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (٦) واختاره ابن إدريس (٧) وهو قول الصدوق أيضا (٨) فله في المسألة اذن ثلاثة أقوال (٩).

__________________

(١) الاستبصار : ج ٤ (١٦٢) باب دية المكاتب ص ٢٧٧ قال بعد نقل حديث ٢ : فإذا أدَّى ذلك (أي نصف ثمنه) كان حكمه حكم الأحرار.

(٢) المقنع : باب الديات ص ١٨٩ س ٦ قال : فإذا فقأ حرّ عين مكاتب الى قوله : فإنه بمنزلة الحر.

(٣) المقنع : باب الديات ص ١٩٢ س ٨ قال : وان كان مولاه حين كاتبه لم يشترط عليه شيئا ، وقد كان ادى من مكاتبه شيئا الى قوله : وعلى الإمام ان يؤدي الى قوله : يستخدمونه حياته بقدر ما بقي وليس لهم ان يبيعوه.

(٤) المقنعة : باب اشتراك الأحرار والعبيد في القتل ص ١١٨ س ٩ قال : كان على الامام ان يؤدي عنه بقدر ما عتق منه بحساب أدائه إلخ.

(٥) المراسم : ذكر احكام الجنايات في القضاء ص ٢٣٧ س ١٠ قال : وان لم يشترط فعلى الامام ان يزن عنه بقدر ما عتق منه إلخ.

(٦) النهاية : باب القود بين الرجال والنساء ص ٧٥١ س ١٦ قال : كان على مولاه من الدية بقدر ما بقي من كونه رقا وعلى امام المسلمين إلخ.

(٧) السرائر : باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٤٢٥ س ٤ قال : كان على مولاه من الدية ما بقي من كونه رقا إلخ.

(٨) المقنع : باب الديات ص ١٩١ س ١١ قال : والمكاتب إذا قتل رجلا خطا فعليه من الدية بقدر ما ادى من مكاتبته ، وعلى مولاه ما بقي من قيمته.

(٩) وفي بعض النسخ المخطوطة التي عندي بعد قوله : (وليس لهم بيعه) ما لفظه والفرق بينه وبين قول

١٦٨

مسائل

(الاولى) لو قتل حرّ حرَّين ، فليس للأولياء إلّا قتله ، ولو قتل العبد حرين على التعاقب ، ففي رواية هو لأولياء الأخير ، وفي أخرى يشتركان فيه ما لم يحكم به لولي الأول.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو قتل العبد حرين على التعاقب ، ففي رواية : هو لأولياء الأخير ، وفي أخرى يشتركان فيه ما لم يحكم به لولي الأوَّل.

أقول : إذا قتل العبد حرين أو أكثر دفعة كان لأولياء الجميع ، اما لو كان القتل على التعاقب ، فهل يكون لأولياء الأخير ، أو يشترك فيه الكل؟ قيل فيه : ثلاثة أقوال.

(أ) انه لأولياء الأخير قاله الشيخ في النهاية (١).

ومستنده ما رواه في الاستبصار عن علي بن عقبة عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد؟ قال : فقال : هو لأهل الأخير من القتلى ، ان شاءوا قتلوه ، وان شاءوا استرقوه ، لأنه إذا قتل الأول استحق أولياءه ، فإذا قتل الثاني استحق من أولياء الأول ، فصار لأولياء الثاني ، فإذا قتل الثالث استحق من أولياء الثاني فصار لأولياء الثالث ، فاذا قتل الرابع استحق من أولياء الثالث

__________________

المفيد : انه أطلق استخدامهم له مدة حياته والمفيد قيده بقدر ما بقي عليه فاذا وفي ذلك له يبق لهم عليه سبيل. والفرق بين قول المفيد وقول المصنف ؛ من كون نصيب الرقية على العبد وجوب أدائه من ماله فيؤدي في الحال ان كان له مال ، والّا استسعى ولا ولاية لهم في الاستخدام ، وليس لهم عليه من التسلط سوى الاستيفاء وللشيخ قولان : (أ) كونه بمنزلة الحر مع أداء نصف كتابته ، وهو مرجح الاستبصار. (ب) على مولاه مقابل الرقية وعلى الإمام مقابل الحرية ، وهو مذهب النهاية.

(١) النهاية : باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٧٥٢ س ١٤ قال : ومتى قتل عبد حرين الى قوله : كان العبد لأولياء الأخير.

١٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فصار لأولياء الرابع ، ان شاءوا قتلوه ، وان شاءوا استرقوه (١).

(ب) اشتراك الجميع فيه ما لم يحكم به الحاكم لأولياء الأول ، ومع الحكم يكون لأولياء الثاني ، وهكذا في الثالث والرابع وما زادوه ، وهو قول الشيخ في الاستبصار ، حيث قال : عقيب إيراده الحديث ابن عقبه : وهذا الخبر ينبغي أن يحمل على انه انما يصير لأولياء الأخير إذا حكم بذلك الحاكم ، فاما قبل ذلك فإنه يكون بين الجميع (٢).

لما رواه ابن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة عن الباقر عليه السّلام في عبد جرح رجلين؟ قال : هو بينهما ، ان كانت جنايته تحيط بقيمته قتل له ، فان جرح رجلا في أول النهار ، وجرح آخر في أخر النهار قال : هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول ، قال : فان جنى بعد ذلك جناية ، فإن جنايته على الأخير (٣).

وهذا التفصيل هو مذهب أبي علي (٤) واختاره العلّامة (٥).

(ج) يكفي في انتقاله الى الثاني ، اختيار أولياء الأول استرقاقه ، وان لم يحكم الحاكم ، ومع عدم اختيارهم ذلك لا يدخل في ملك احد من القتلى بغير اختياره ، فاذا قتل الثاني فأيهم سبق الى قتله كان له ذلك ، لقوله تعالى : (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ

__________________

(١) الاستبصار : ج ٤ (١٥٩) باب العبد يقتل جماعة أحرار واحدا بعد واحد ص ٢٧٤ الحديث ١.

(٢) الاستبصار : ج ٤ (١٥٩) باب العبد يقتل جماعة أحرار. ص ٢٧٤ قال بعد نقل حديث ١ : هذا الخبر ينبغي ان نحمله إلخ.

(٣) الاستبصار : ج ٤ (١٥٩) باب العبد يقتل جماعة أحرار. ص ٢٧٤ الحديث ٢.

(٤) الإيضاح ج ٤ في الجناية الواقعة بين المماليك والأحرار ص ٥٨٣ س ١٢ قال في شرح قول العلامة : ولو قتل العبد حرين اشتركا : أقول : الأول وهو اختيار المصنف الى قوله : وظاهر كلام ابن الجنيد.

(٥) القواعد : ج ٢ في الجناية الواقعة بين المماليك والأحرار ص ٢٨٧ س ١٩ قال : ولو قتل العبد حرين الى قوله : والأول أولى (أي يحكم به للأول).

١٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

سُلْطاناً) (١) ولا مدخل لحكم الحاكم في ذلك ، بل الاختيار في ذلك الى الأولياء ، من القتل والاسترقاق ، وهو اختيار ابن إدريس (٢) والمصنف (٣) والعلّامة في التحرير (٤) وفخر المحققين (٥).

تفريع

لا فرق بين ان تكون الجناية على النفس أو الطرف إذا كانت كل واحدة منهما تحيط بقيمته ، ولو لم تحط كل واحد واحاطتا تشاركا فيه مع وفاء قيمته بهما. وان فضل فيه فضل كان للسيد ، وان قصرت قيمته عنهما قسم بينهما على نسبة استحقاقهما مع عدم اختيار الأول ، ودخل النقص على الأول خاصة ان كان استرقه.

وبالجملة : يأتي فيه الخلاف المتقدم.

هذا في العمد.

اما في الخطأ : فان فداه السيد في الجناية الأولى كان للأول المال على السيد ،

__________________

(١) الأسراء / ٣٣.

(٢) السرائر : باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٤٢٥ س ١٩ قال : وقد روى انه متى قتل عبده حرين الى قوله بعد أسطر : قال محمّد بن إدريس : وأي فائدة وأثر في حكم الحاكم وحكمه إلخ.

(٣) الشرائع : في الشروط المعتبرة في القصاص : مسائل ست ، الاولى : قال : ويكفي في الاختصاص ان يختار الولي استرقاقه ولو لم يحكم له الحاكم.

(٤) التحرير : ج ٢ كتاب الجنايات ص ٢٤٦ س ٢٦ قال : ويكفي في اختصاص الأول به ، ان يختار استرقاقه وان لم يحكم له الحاكم.

(٥) الإيضاح : ج ٤ كتاب الجنايات ص ٥٨٤ س ١١ قال : إذ اختيار المولى في استرقاقه كاف ولا يحتاج الى حكم الحاكم.

١٧١

(الثانية) لو قطع يمنى رجلين قطعت يمينه للأول ويسراه الثاني. قال الشيخ في النهاية : ولو قطع يدا وليس له يدان قطعت رجله باليد. وكذا لو قطع أيدي جماعة ، قطعت يداه بالأول فالأول ، والرجل بالأخير فالأخير ، ولمن يبقى بعد ذلك الدية. ولعله استند إلى رواية حبيب السجستاني عن أبي عبد الله عليه السّلام.

______________________________________________________

فطالب الثاني بالعبد أو الفداء ، وان لم يفده السيد وسلمه الى أولياء الأول ، كان لأولياء الثاني ، وان جنى على الثاني قبل ضمان السيد وقبل الدفع اشتركا فيه.

قال طاب ثراه : لو قطع يمنى رجلين ، قطعت يمناه للأول ويسراه للثاني إلى أخره.

أقول : إذا قطع يمين رجل ومثلها من أخر ، قطعت يمينه بالأول ويساره بالثاني إجماعا ، لأن اليد مساوية لليد ، وان كانت إحداهما غير الأخرى ، لتعذر المماثلة ، فان قطع يد ثالث ، هل تقطع رجله اليسرى ، ثمَّ لو قطع يد رابع ، تقطع رجله اليمنى ، وفي الخامس الدية ، أو تنتقل إلى الدية بعد فقد اليدين ، لان الرجل غير مماثلة لليد ، فيتعين الانتقال إلى الدية ، لتعذر المماثلة؟

بالأول قال الشيخ في النهاية (١) وتبعه القاضي (٢) والتقي (٣) ، وهو مذهب أبي علي (٤).

__________________

(١) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٧١ س ١٩ قال : فان لم يكن له يدان قطعت رجله باليد ، فان لم يكن له يدان ولا رجلان كان عليه الدية.

(٢) المهذب ج ٢ باب القصاص والشجاج ص ٤٨٠ س ٢ قال : فان لم يكن له يدان ولا رجلان كان له الدية وسقط القصاص هاهنا ونقله في الإيضاح ج ٤ ص ٥٧٣ عن القاضي في الكامل.

(٣) الكافي ، القصاص ص ٣٨٩ س ٤ قال : وان قطع يديه وليس له الّا يد واحدة ، قطعت وإحدى رجليه إلخ.

(٤) الإيضاح ج ٤ في شرائط القصاص ، ص ٥٧٣ س ١٥ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وهو مذهب ابن الجنيد.

١٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالثاني قال ابن إدريس (١) واختاره المصنف (٢) والعلّامة (٣) وفخر المحققين (٤).

احتج الشيخ بما رواه في الصحيح عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين ، فقال : يا حبيب يقطع يمينه للذي قطع يمينه أولا ، ويقطع يساره للذي قطع يمينه أخيرا ، لأنّه إنما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأول ، قال : فقلت : ان عليا عليه السّلام انما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى؟ قال : فقال : انما كان يفعل ذلك فيما يجب في حقوق الله تعالى ، فأمّا ما يجب من حقوق المسلمين فإنه يؤخذ لهم حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يدان ، والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يدان ، فقلت له : أما توجب عليه الدية ويترك رجله؟ فقال : انما توجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان ، فثم توجب عليه الدية لأنّه ليس له جارحة فتقاص منها (٥).

ولأن المساواة الحقيقية لو اعتبرت لم يجز التخطي من اليمنى الى اليسرى.

احتج ابن إدريس : بأن العدول من اليد الى الرجل على خلاف الأصل ولا

__________________

(١) السرائر : باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٤ س ٢٩ قال : فان لم يكن له يدان فلا يقطع رجله باليد ، وكان عليه الدية.

(٢) لاحظ عبارة النافع حيث يقول بعد نقل قول الشيخ في النهاية : ولعله استند إلى رواية السجستاني ، والظاهر ان هذا مشعر بتمريضه.

(٣) القواعد : ج ٢ في شرائط القصاص ص ٢٨٤ س ١٢ قال : فان قطع يد ثالث قيل وجبت الدية ، وقيل : يقطع رجله.

(٤) الإيضاح : ج ٤ في شرائط القصاص ، ص ٥٧٤ س ١٣ قال : والأقوى عندي قول ابن إدريس لأن في الآية دليل على اعتبار المماثلة إلخ.

(٥) التهذيب : ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٩ الحديث ٥٥.

١٧٣

(الثالثة) إذا قتل العبد حرا عمدا ، فأعتقه مولاه. ففي العتق تردد ، أشبهه : انه لا ينعتق ، لأن للولي التخيير للاسترقاق. ولو كان خطأ ففي رواية عمرو بن شجر عن جابر عن أبي عبد الله عليه السّلام : يصح ، ويضمن المولى الدية ، وفي عمرو ضعف ، والأشبه ، اشتراط الصحة بتقدم الضمان.

______________________________________________________

دليل عليه (١).

قال فخر المحققين : ولأن في قوله تعالى «أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ» (٢) دليل على اعتبار المماثلة ، والرجل ليست مماثلة لليد (٣).

قال طاب ثراه : إذا قتل العبد حرا عمدا فأعتقه مولاه ، ففي العتق تردد.

أقول : إذا قتل العبد حرا ، فلا يخلو اما ان يقتله عمدا أو خطأ ، فهنا قسمان.

(الأول) الخطأ ، فنقول : إذا جنى العبد خطأ فأعتقه سيده ، قال الشيخ في النهاية : جاز عتقه ، ولزمه دية المقتول ، لأنه عاقلته (٤) وهو اختيار العلّامة (٥).

وقال ابن إدريس : المولى لا يعقل عن عبده ، وانما مقصود الشيخ : إذا أعتقه

__________________

(١) السرائر باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٤ س ٢٩ قال : فلا يقطع رجله باليد ، لأنه لا دليل عليه.

(٢) المائدة / ٤٥.

(٣) الإيضاح ج ٤ في شرائط القصاص ص ٥٧٤ س ١٣ قال : لان الآية الى قوله : دليل على اعتبار المماثلة والرجل ليست مماثلة اليد.

(٤) النهاية ، باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٧٥٣ س ١٠ قال : وإذا قتل عبد حرا خطأ إلى قوله : لأنه عاقلته.

(٥) المختلف ج ٢ باب الاشتراك في الجنايات ص ٢٤٤ س ٩ قال : والوجه ما اختاره الشيخ في النهاية.

١٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

مولاه تبرعا ، فإنه مولاه ، وله ولاؤه ، وهو يعقل عنه بعد ذلك ، الّا انه في حال ما قتل الحر لم يكن السيد عاقلته ، ولا يجب على السيد شي‌ء سوى تسليمه الى أولياء المقتول حسب ما قدمناه ، فإنه عبدهم ، وهم مستحقون له الّا ان يتبرع المولى ويفد به بالدية ، فاذا فداه وضمن عنه ما جناه جاز له حينئذ عتقه ، والتصرف فيه ، وقبل ذلك لا يجوز له شي‌ء من ذلك ، لأنه قد تعلق به حق الغير ، فلا يجوز له إبطاله الّا ان يضمن عنه (١) وهو اختيار المصنف (٢).

احتج العلّامة : بان العبد إذا جنى خطأ كان الخيار الى مولاه ان شاء فداه وان شاء سلمه الى أولياء المقتول ليسترقوه ، فاذا باشر عتقه ، فقد باشر إتلافه ، فكان عليه ضمان ما تعلق به (٣).

وما رواه جابر عن الصادق عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في عبد قتل حرا خطأ ، فلما قتله أعتقه مولاه ، قال : فأجاز عتقه وضمنه الدية (٤).

وشرط في القواعد ملأ السيد (٥) ، لان القول بصحة العتق مع إعسار السيد يستلزم منع حق المجني عليه ، فانَّ له استرقاقه وهو غير جائز ، وهو لازم على تقدير العتق ، فيكون باطلا.

__________________

(١) السرائر : باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٤٢٥ س ٣٢ قال : وقد قلنا نحن : ان المولى لا يعقل عن عبده إلخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) المختلف : ج ٢ في الاشتراك في الجنايات ص ٢٤٤ س ١٠ قال : فاذا باشر عتقه فقد باشر إتلافه إلخ.

(٤) التهذيب : ج ١٠ (١٤) باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والأحرار ص ٢٠٠ الحديث ٩١.

(٥) القواعد : ج ٢ في الجناية الواقعة بين المماليك والأحرار ص ٢٨٨ س ٣ قال : ولو كان خطأ صح العتق ان كان مولى الجاني مليا.

١٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وعلى عدم الاشتراط يستسعى العبد ، فإن أيسر المعتق قبل وفائه طولب.

(الثاني) العمد ، وفيه احتمالان :

الصحة لبنائه على التغليب ، لنفوذه في ملك الشريك.

ويحتمل قويا عدم نفوذه ، لتعلق حق المجني عليه بالرقية هنا ، فكأنّ العتق صدر عن غير مالك ، وهو اختيار المصنف (١) والعلامة (٢) وفخر المحققين (٣) ومذهب الشيخ في الخلاف ، حيث قال : وإذا جنى العبد جناية ثمَّ رهنه ، بطل الرهن سواء كانت الجناية عمد أو خطأ ، أو توجب القصاص أو لا توجبه (٤) لأنه إذا كان عمدا فقد استحق المجني عليه العبد ، وان كان خطأ تعلق الأرش برقبته فلا يصح رهنه.

تحصيل

قد ظهر من قول الشيخ في الخلاف ، كون العبد يدخل في ملك المجني من حين الجناية ، في العمد ، وقال التقي : إذا قتل العبد أو الأمة حرا مسلما ، أو حرة مسلمة ، وجب تسليم كل منهما برمته إلى ولي الدم ، ان شاءوا قتلوا ، وان شاءوا تملكوا ما معه من مال وولد ؛ وان شاءوا استرقوه وولده ويتصرفوا في ملكه (٥).

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : ففي العتق تردد ، أشبهه انه لا ينعتق لأن للولي التخيير للاسترقاق.

(٢) القواعد : ج ٢ في الجناية الواقعة بين المماليك الأحرار ص ٢٨٨ س ١ قال : ولو أعتقه مولاه بعد قتل الحر عمدا ففي الصحة إشكال.

(٣) الإيضاح : ج ٤ في الجناية الواقعة بين المماليك والأحرار ص ٥٨٤ س ١٦ قال : والأقوى عندي عدم نفوذ العتق.

(٤) كتاب الخلاف : كتاب الرهن ، مسألة ٢٨ قال : إذا جنى العبد جناية ثمَّ رهنه بطل الرهن.

(٥) الكافي : القصاص ص ٣٨٥ س ١٢ قال : وإذا قتل العبد أو الأمة حرا مسلما إلخ.

١٧٦

الشرط الثاني ـ الدين.

فلا يقتل المسلم بكافر ذميا كان أو غيره ، ولكن يعزر ويغرم دية الذمي. ولو اعتاد ذلك جاز الاقتصاص مع رد فاضل دية المسلم. ويقتل الذمي بالذمي ، وبالذمية بعد ردّ فاضل ديته ، والذمية بمثلها وبالذمي ، ولا ردّ.

______________________________________________________

ويظهر من هذا الكلام حكمان.

(أ) ان العبد يملك.

(ب) عدم انتقاله إلى ولي الدم بنفس الجناية.

والأول : ممنوع.

والثاني : وفاق الأكثر.

ويتفرع على ذلك ، لو تجدد للعبد كسب بعد القتل قبل دفعه الى ولي الدم ، فعلى الأول يكون لولي الدم ، وعلى الثاني يكون لمولاه.

قال طاب ثراه : الثاني ـ الدين : فلا يقتل مسلم بكافر ذميا كان أو غيره ، ولكن يعزر ويغرم دية الذمي ، ولو اعتاد ذلك جاز القصاص مع رد فاضل ديته.

أقول : البحث هنا يستدعي توطئة مقدمة.

فنقول : اجمع علماء الإسلام على عدم قتل المسلم بالكافر الأصلي ، واستقر إجماع الإمامية على انه لا يقتل بذمي مع عدم التكرار ، خلافا لأبي حنيفة (١).

والدليل وجوه.

(الأول) قوله تعالى (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (٢) وهو عام

__________________

(١) الفقه على المذاهب الأربعة : ج ٥ مبحث قتل المؤمن بالكافر ص ٢٨٤ قال : الحنفية ـ قالوا : يقتل المسلم بالذمي ـ إلخ.

(٢) النساء / ١٤١.

١٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

مؤكد بنفي الأبد.

(الثاني) قوله تعالى (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) (١) ونفي الاستواء عام لثلاثة أوجه.

(أ) انه نكرة في سياق النفي فيفيد العموم لما تقرر في الأصول (٢).

(ب) ان صدق المساواة لا يشترط في كل وجه ، للزومه ارتفاع التمييز بين المثلين ، أو لا يتحقق مساواة أصلا ، وهما باطلان.

(ج) ان المفهوم في عرف العام كون (يستوي) مناقضة (لا يستوي) ويستوي لا يعم ، فيعم نقيضه ، اعني لا يستوي.

(الثالث) الذمي كافر بنص القرآن ، قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) (٣) والمؤمن لا يقتل بالكافر ، لقوله عليه السّلام : لا يقتل مؤمن بكافر (٤).

قالوا : لا يستقيم ، لأنه عطف بقوله عليه السّلام : (ولا ذو عهد في عهده) تقديره : ولا يقتل ذو عهد في عهده بكافر ، والجملة الثانية المعطوفة أضمر خبرها في المعطوف عليها ، فيكون الخبر عنهما واحدا ، لوجوب المساواة بين المعطوف والمعطوف عليه فتقديره : لا يقتل ذو عهد في عهده بكافر ، ولا يمكن ان يكون الكافر في الثانية إلّا الحربي ، فيكون في الأولى كذلك ، تحقيقا للمساواة بين المعطوف والمعطوف عليه.

__________________

(١) الحشر / ٢٠.

(٢) كفاية الأصول : في العام والخاص ، قال : ربما عد من الألفاظ الدالة على العموم النكرة في سياق النفي أو النهي.

(٣) الحشر / ١١.

(٤) سنن ابن ماجه : ج ٢ (٢١) باب لا يقتل مسلم بكافر ص ٨٨٧ الحديث ٢٦٥٨ و ٢٦٥٩ و ٢٦٦٠ وفيه (ولا ذو عهد في عهده).

١٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أجيب : بأن العطف لا يقتضي المساواة.

سلمنا : لكن عطف الجمل لا يقتضي المساواة.

ونمنع كون الخبر في الثانية مقدرا ، بل المراد : ان ذا العهد لا يقتل ، لأجل عهده ، فإن العهد سبب لحقن الدم (١).

(الرابع) قال أمير المؤمنين عليه السّلام : لو كنت قاتلا مسلما بكافر لقتلت خداشا بالهذلي (٢) فأطلق الكافر فلو جاز قتله ببعض الكفار لميزه.

إذا تقرر هذا فنقول : إذا قتل المسلم ذميا هل يقتل به ، أم لا؟

قيل : نعم مطلقا ، وقيل : لا مطلقا ، وقيل : بشرط الاعتياد ، فقيل : حدا ، وقيل : قصاصا فهذه أربعة أقوال :

(أ) قتله به مطلقا ، قاله ابن بابويه في المقنع (٣).

وهو قول متروك ، وانعقد الإجماع على خلافه ، فلا اعتداد به.

(ب) لا يقتل مطلقا قاله ابن إدريس (٤) واختاره فخر المحققين (٥).

__________________

(١) أورده في إيضاح الفوائد : ج ٤ ص ٥٩٣ س ١٢ قال : قالوا لا يستقيم الى قوله : فان العهد سبب لحقن الدماء.

(٢) سنن الدار قطني ج ٣ ص ١٣٧ الحديث ١٧٠ ولفظ الحديث (عن عمران بن حصين قال : قتل حراش بن أمية بعد ما نهى النّبي صلّى الله عليه وآله فقال : لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت حراشا بالهذلى) وقال العلامة المامقاني في رجاله تحت رقم ٣٦٥٤ ، ومثله في الجهالة خداش ، أو خراش بن حصين من بني لوي ، ولا يخفي ان الخلاف في ضبطه أكثر ممّا قال كما لا يخفى.

(٣) المقنع : باب الديات ص ١٩١ س ٢١ قال : وإذا قتله المسلم صنعوا كذلك ، أي خيّر أولياءه بين أخذ الدية أو القتل.

(٤) السرائر : باب القود بين الرجال والنساء والأحرار والمسلمين والكفار ص ٤٢٤ س ١٤ قال : وإذا قتل المسلم ذميا عمدا وجب عليه ديته ولا يجب عليه القود بحال.

(٥) الإيضاح : ج ٤ ص ٥٩٢ س ٢٣ قال : وهل يقتل بالذمي؟ استقر إجماع الإمامية على عدمه مع عدم التكرار.

١٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

(ج) يقتل ان اعتاد قتل أهل الذمة قصاصا بعد ردّ فاضل دية المسلم عن دية الذمي قاله في النهاية (١) وبه قال المفيد (٢) وتلميذه (٣) والقاضي (٤) وابن حمزة (٥) وابن زهرة (٦) وجزم به المصنف (٧) وهو قريب من الإجماع ، قاله الشهيد رحمه الله (٨).

والحق ان هذه المسألة إجماعية ، فإنه لم يخالف فيها احد منا سوى ابن إدريس وقد سبقه الإجماع ، ولو كان هذا المقال مؤثرا في الإجماع لم يوجد الإجماع أصلا.

(د) يقتل مع الاعتياد حدا ، لفساده في الأرض ، فكان كالمحارب ، وهو قول

__________________

(١) النهاية : باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين والكفار ص ٧٤٩ س ٥ قال : فان كان كذلك (أي معتاد القتل أهل الذمة) إلى قوله : كان على الامام ان يقيده به بعد ان يأخذ من أولياء الذمي ما يفضل من دية المسلم إلخ.

(٢) المقنعة : باب القود بين النساء والرجال والمسلمين والكفار ص ١١٥ س ١٩ قال : وإذا كان المسلم معتادا لقتل أهل الذمة إلخ.

(٣) المراسم ذكر احكام الجنايات في القضاء ص ٢٣٦ س ٢٢ قال : الا ان يكون معتادا الى قوله :

فيقتل به ويؤخذ الفاضل.

(٤) لم نظفر عليه في الكتب الموجودة ، ولعله قال في الكامل.

(٥) الوسيلة : فصل في بيان احكام قتل العمد ص ٤٣١ س ٢٠ قال : ولا يقتل الكامل بالناقص إلّا إذا اعتاد الى قوله : فيقاد به إلخ.

(٦) الغنية (في الجوامع الفقهية) فصل في الجنايات ص ٦١٩ س ١٧ قال : ومنها ان لا يكون القاتل مسلما والمقتول كافرا سواء كان إلخ.

(٧) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : ولو اعتاد ذلك جاز الاقتصاص مع رد فاضل دية المسلم.

(٨) اللمعة الدمشقية : ج ١٠ شرائط القصاص ، ص ٥٥ س ٤ قال : بعد نقل الإجماع عن جماعة : ومسند هذا القول مع الإجماع المذكور إلخ.

١٨٠