المهذّب البارع - ج ٥

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

(الأول) في حلمة ثدي المرأة ، قال الشيخ في الكتابين : فيهما الدية (١) (٢) واستشكله المصنف في الشرائع (٣) لأن الدية يجب في الثديين ، والحلمة بعضهما ، فيلزم مساواة الجزء للكل ، وهو باطل. ونقض بالأنف واليد والذكر.

وأجيب : بوجود النص في صورة النقض وهو مفقود في صورة النزاع ، وهو مذهب فخر المحققين حيث يذهب الى وجوب الحكومة (٤).

(الثاني) حلمة ثديي الرجل : وفيهما الدية عند الشيخ في الكتابين (٥) (٦) واختاره ابن إدريس (٧) والعلّامة في المختلف (٨) ويؤيده الخبر العام بالتفصيل :

__________________

(١) المبسوط ج ٧ (دية الثديين) ص ١٤٨ س ١٩ قال : إذا قطع من الثديين الحلمتين الى قوله : ففيهما الدية.

(٢) كتاب الخلاف ، كتاب الديات مسألة ٦٥ قال : في حلمتي الرجل ديته الى قوله : كل ما في البدن منه اثنان ففيهما الدية إلخ ومن هذا يظهر أن رأيه في المرأة كذلك أيضا ولم أظفر في كتاب الخلاف تصريحا في حلمتي المرأة.

(٣) الشرائع ، في الجناية على الأطراف ، الرابع عشر الثديان ، قال : وقال في المبسوط : فيهما الدية ، وفيه اشكال من حيث ان الدية إلخ.

(٤) الإيضاح ج ٤ ص ٦٩٩ س ١٧ قال في شرح قول المصنف : (وفي حلمتي ثدي المرأة) والمتيقن الحكومة وهو الأصح عندي.

(٥) المبسوط ج ٧ (دية الثديين) ص ١٤٨ س ٢٠ قال : فاما حلمتا الرجل الى قوله : وقال اخرون فيهما الدية وهو مذهبنا.

(٦) تقدم نقله عن كتاب الخلاف في مسألة ٦٥ من كتاب الديات.

(٧) السرائر في ديات الجوارح ص ٤٣٤ س ١٠ قال : فاما حلمتا الرجل الى قوله : وقال اخرون : فيهما الدية وهو مذهبنا.

(٨) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٧ س ٣ قال : وابن إدريس وافق الشيخ في الخلاف ، وهو الوجه.

٣٤١

وفي حشفة الرجل فما زاد وان استؤصل ، الدية. وفي ذكر العنين ثلث الدية ، وفيما قطع منه بحسابه.

وفي الخصيتين الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية. وفي رواية : في اليسرى ثلثا الدية لأن الولد منها ، وفي الخصيتين أربعمائة دينار ، فان فحج فلم يقدر على الشي‌ء فثمانمائة دينار.

______________________________________________________

اعني قوله عليه السّلام : كلما في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية (١).

وفيهما عند الصدوق (٢) وأبي علي (٣) وابن حمزة ربع الدية (٤) وهو موجود في كتاب ظريف (٥) والحكومة عند فخر المحققين (٦) لأنها المتيقن.

قال طاب ثراه : وفي الخصيتين الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية. وفي رواية :

في اليسرى ثلثا الدية لأن الولد منها.

أقول : للأصحاب هنا أربعة أقوال.

(أ) التسوية في البيضتين من غير تفصيل بينهما ، وهو قول الشيخ في النهاية (٧)

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٤ (٣٠) باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية ص ١٠٠ الحديث ١٣ وقد تقدم مرارا.

(٢) من لا يحضره الفقيه ج ٤ (١٨) باب دية جوارح الإنسان ، الحديث ١ ص ٦٥ س ١٥ قال : وافتى عليه السّلام في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مائة دينار وخمسة وعشرون دينارا : والحديث منقول من كتاب ظريف ، ونسبة القول الى الصدوق؟ لأنه لا ينقل فيه الّا ما يفتي به.

(٣) من لا يحضره الفقيه ج ٤ (١٨) باب دية جوارح الإنسان ، الحديث ١ ص ٦٥ س ١٥ قال : وافتى عليه السّلام في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مائة دينار وخمسة وعشرون دينارا : والحديث منقول من كتاب ظريف ، ونسبة القول الى الصدوق؟ لأنه لا ينقل فيه الّا ما يفتي به.

(٤) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٧ س ٢ قال : وقال ابن الجنيد : في حلمة ثدي الرجل ربع دية الثدي.

(٥) الوسيلة في أحكام الشجاج والجراح ص ٤٥٠ س ٥ قال : وفي قطع حلمة الرجل ثمن الدية.

(٦) إيضاح الفوائد ج ٤ ص ٦٩٩ س ١٧ قال : والمتيقن الحكومة ، وهو الأصح عندي ، وقد تقدم أيضا.

(٧) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٩ س ١٢ قال : وفي الأنثيين معا الدية كاملة ، وفي كل واحدة منهما نصف الدية.

٣٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والمبسوط (١) وبه قال التقي (٢) والقاضي في الكامل (٣) وابن إدريس (٤) واختاره المصنف (٥) والعلّامة في أكثر كتبه (٦) للخبر المفصل (٧).

قال المفيد : وفي كل واحد منهما نصف الدية ، وقد قيل : انّ في اليسرى منهما ثلثي الدية ، وفي اليمين ثلث الدية واعتل من قال ذلك بانّ اليسرى من الأنثيين يكون منها الولد وبفسادها يكون العقيم ، ولم أتحقق ذلك برواية صحت عندي (٨).

(ب) التسوية في الشيخ اليأس من الجماع ، والتفاوت في الشاب قاله الراوندي في الشرائع (٩).

(ج) التفاوت بينهما بإيجاب الثلث في اليمنى ، والثلثان في اليسرى قاله الشيخ في

__________________

(١) المبسوط ج ٧ دية الخصيتين ، ص ١٥٢ س ١٢ قال : في الخصيتين الدية وفي كل واحدة منهما نصف الدية.

(٢) الكافي ، الديات ص ٣٩٩ س ٧ قال : وفي الخصيتين الدية كاملة وفي إحداهما نصف الدية.

(٣) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٦ س ٣٣ قال : وقال في الكامل : كقول الشيخ في النهاية.

(٤) السرائر باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٤ س ٢ قال : وفي الأنثيين معا الدية وفي كل واحد منهما نصف الدية.

(٥) لاحظ عبارة النافع.

(٦) لاحظ الإرشاد ج ٢ ص ٢٤٠ س ٤ والقواعد ج ٢ ص ٣٢٩ س ١٤ والتحرير ج ٢ ص ٢٧٣ س ٣٠.

(٧) من لا يحضره الفقيه ج ٤ (٣٠) باب ما يجب فيه الدية ص ١٠٠ الحديث ١٣.

(٨) المقنعة باب دية الأعضاء والجوارح ص ١١٨ س ٣٤ قال : وفي كل واحد منهما الى قوله : صحت عندي.

(٩) غاية المراد للشهيد ، في شرح قول المصنف : (وفي الخصيتين الدية) ص. س ١٩ قال : التنصيف في الشيخ اليأس من الجماع والتثليث في الشباب ، وهو قول الراوندي.

٣٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الخلاف (١) وبه قال ابن حمزة (٢) وأبو يعلي (٣) والقاضي في المهذب (٤) واختاره العلّامة في المختلف (٥).

ورواه الصدوق في كتابه عن أبي يحيى الواسطي رفعه الى أبي عبد الله عليه السّلام قال : الولد يكون من البيضة اليسرى ، فاذا قطعت ففيها ثلثا الدية (٦).

(د) التفاوت بإيجاب النصف في اليمني ، وكمال الدية في اليسرى ، لان الولد منها قاله أبو علي (٧).

احتج الأولون : بعموم : كلما في الإنسان منه اثنان ففيه نصف الدية (٨).

ورد : بان العام انما يعمل به عند عدم ورود النص على خلافه في الخاص ، والتفصيل أقدم عند التعارض لاشتماله على قطع الشركة ، وعدم منافاته للعام.

واحتج القطب (٩) : باشتمال ما ذكره على الجمع بين الروايتين.

__________________

(١) كتاب الخلاف ، كتاب الديات ، مسألة ٦٩ قال : في اليسرى منهما ثلثا الدية ، وفي اليمنى ثلثها.

(٢) الوسيلة ، أحكام الشجاج والجراح ص ٤٥١ س ١٢ قال : وفي اليسرى ثلثا الدية ، وفي اليمني ثلثها.

(٣) المراسم ، ذكر أحكام الجناية على ما هو دون النفس ص ٢٤٤ س ١٤ قال : وفي البيضة اليسرى ثلثي الدية وفي اليمني الثلث.

(٤) المهذب ج ٢ كتاب الديات ص ٤٨١ س ٦ قال : وان كانت هي اليسرى كان فيها ثلثا الدية ، لأن منها يكون الولد.

(٥) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٦ س ٣٦ قال : والوجه ان في اليسرى ثلثي الدية وفي اليمنى الثلث.

(٦) من لا يحضره الفقيه ج ٤ (٤٦) باب دية البيضتين ص ١١٣ الحديث ١.

(٧) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٦ س ٣٢ قال : وقال ابن الجنيد : في اليسرى منهما الدية وفي اليمني نصف الدية.

(٨) تقدم آنفا أيضا.

(٩) أي الراوندي.

٣٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

واحتج العلّامة : بحسنة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال : ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية مثل اليدين والعينين ، قلت : فرجل فقأت عينه؟ قال : نصف الدية قلت : رجل قطعت يده ، قال : فيه نصف الدية ، قلت : فرجل ذهبت احدى بيضتيه؟ قال : ان كان اليسار ففيها ثلثا الدية ، قلت : فلم؟ أليس قلت : ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية؟! قال : لأن الولد من البيضة اليسرى (١).

وبأنهما متفاوتان في المنفعة ، فيتفاوتان في الدية (٢).

قال الشهيد : وفي المقدمتين منع. وسند منع الثانية انتقاضها باليد القوية الباطشة ، واليد الضعيفة ، وكذا العين (٣).

واما أبو علي : فلعله نظر الى كون النسل منفعة عظيمة ، وهو واحد ، فيجب بفقده الدية ، كما لو ضربه فانقطع جماعة ، أو تعذر عليه إنزال المني ، فإنّ فيه الدية ، فكذلك هنا.

فقد تلخص لك من هذه الأقوال ، وصريح الروايات : انّ الولد من اليسرى.

وأنكره الأطباء ، ونسبه الجاحظ في كتاب له سماه كتاب الحيوان ، إلى العامة (٤).

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٠ الحديث ٢٢.

(٢) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ، ص ٢٥٦ س ٣٧ قال : لنا : انهما متفاوتتان في المنفعة فتفاوتا في الدية.

(٣) غاية المراد للشهيد ، في شرح قول المصنف (وفي الخصيتين الدية) ص. س ١٤ قال : وفي المقدمتين منع الى قوله : والعين كذلك.

(٤) قال الجاحظ : والعوام يزعمون ان الولد انما يكون من البيضة اليسرى ، وقد زعم ناس من أهل سليمان بن علي ومواليهم : ان ولد داود بن جعفر الخطيب المعتزلي إنما ولد له بعد ان نزعت بيضته اليسرى لأمر كان عرض له إلخ (ج ١ من كتاب الحيوان ط بيروت ص ١٢٣ تحت عنوان : نسل منزوع البيضة اليسرى).

٣٤٥

وفي أدرة الخصيتين أربعمائة دينار ، فان فحج فلم يقدر على المشي ، فثمانمائة دينار.

وفي الشفرتين الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية. وفي الإفضاء الدية ، وهو ان يصير المسلكين واحدا. وقيل : ان يخرق الحاجز بين مخرج البول ومخرج الحيض ، ويسقط ذلك عن الزوج لو وطئها بعد البلوغ ، اما لو كان قبله ضمن الدية مع المهر ولزمه الإنفاق عليها حتى يموت أحدهما

______________________________________________________

وأهل البيت اعرف ، فيجب المصير الى قولهم (١).

قال طاب ثراه : وفي أدرة الخصيتين أربعمائة دينار ، فان فحج (٢) فلم يقدر على المشي ، فثمانمائة دينار.

أقول : قال صاحب الصحاح : الأدرة نفخة في الخصية (٣) ، والأدرة بضم الهمزة. ومعناه : ان يصيّر الجاني بالجناية فيهما ، أو في أحدهما نفخة ، ويسمى في العرف القروة.

قال طاب ثراه : وفي الإفضاء الدية ، وهو ان يصير المسلكين واحدا. وقيل : ان يخرق الحاجز بين مخرج البول ومخرج الحيض ويسقط ذلك عن الزوج لو وطئها بعد البلوغ.

أقول : قال الشيخ في المبسوط : الإفضاء أن يجعل مدخل الذكر ، وهو مخرج المني

__________________

(١) من قوله : (وأنكره الأطباء) إلى هنا من كلام الشهيد قدّس سرّه نقله في غاية المراد.

(٢) فحج بفتح الفاء فالحاء المهملة ، فالجيم ، أي تباعدت رجلاه أعقابا مع تقارب صدور قدميه (من شرح اللمعة ج ١٠ ص ٢٣٨).

(٣) الأدرة نفخة في الخصية ، يقال : رجل أدر بين الأدرة (الصحاح للجوهري ج ٢ ص ٥٧٧ لغة أدر).

٣٤٦

وفي الرجلين الدية. وفي كل واحدة نصف الدية. وحدهما مفصل الساق. وفي أصابعهما ما في أصابع اليدين.

______________________________________________________

والحيض والولد والبول واحدا ، فانّ مدخل الذكر ومخرج الولد واحد ، وهو أسفل الفرج ، ومخرج البول من ثقبة كالاحليل في أعلى الفرج وبين المخرجين حاجز رقيق ، فالافضاء ازالة ذلك الحاجز. وقال كثير من أهل العلم : الإفضاء أن يجعل مخرج الغائط ومدخل الذكر واحدا ، وهذا غلط لان ما بينهما حاجز عريض قوي (١).

قال العلّامة : والوجه ان نقول : متى حصل الإفضاء بأي المعنيين كان وجوب الدية كملا (٢).

واعلم ان الإفضاء على التفسير الأول ، وهو المشهور بين العلماء يتحقق وجوده ، واما التفسير الثاني الذي نقله الشيخ فهو بعيد الوقوع ، وعلى تقدير القول به لا يتعلق بالثاني حكم الّا على قول العلّامة فإنه أطلق اسم الإفضاء عليهما (٣).

__________________

(١) المبسوط ج ٧ (دية الإفضاء) ص ١٤٩ س ١٧ قال : الإفضاء إلى قوله : بينهما حاجز غليظ قوي.

(٢) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٦ س ٢١ قال : والوجه ان نقول : الى قوله : وجبت الدية كملا.

(٣) وزاد هنا في بعض النسخ الموجودة ما يلي وان كان قد أورده في كتاب الطهارة أيضا الا أن حفظ الأمانة يقتضي ذلك قال : تحقيق : ان فرج المرأة ثلاث طبقات : السفلى ، ومنافعها اربع : مدخل الذكر ، ومخرج الحيض ، والمني ، والولد. والطبقة الثانية أعلى منه ، ثقبة مثل إحليل يخرج منه البول ، والطبقة الثالثة فوق ذلك لحم نابت كعرف الديك ، وهو الذي يقطع ، وهو موضع الختان من المرأة. إذا أولج الرجل ذكره في فرج المرأة فلا يمكن ان يلاصق ختانه ختانها ، لان بينهما فاصلا اعني ثقبة البول ، لكن يكون موضع الختان منه مساويا لموضع الختان منها ، فيقال : التقا بمعنى تحاذيا وان لم يتصاما ، لأن مصامتهما لا يمكن لما وصفناه.

إذا عرفت هذا ، فالافضاء ان كان بعد البلوغ من الزوج ، فلا شي‌ء فيه ، وقال العلّامة : ولو قيل يجب عليه الضمان مع التفريط كان وجها ، وهو حسن ، الى هنا ما في بعض النسخ.

٣٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فروع

تتعلق بالإفضاء

والتحقيق ان نقول : الإفضاء اما ان يكون حصوله قبل البلوغ ، أو بعده ، فهنا قسمان.

(الأول) ان يكون قبل البلوغ ، وفيه مسائل :

(أ) التحريم المؤبد.

(ب) وجوب الإنفاق حتى يموت أحدهما.

(ج) تقدير المسمى من الزوج : في المسماة المهر ، وفي المفوضة مهر المثل ، وكذا المكرهة ، دون الزانية.

(د) وجوب الدية في كل تقدير من الصور المذكورة.

(ه) المفضاة ان كانت زوجة لم يكن فصل بين البكر والثيب ، فلا يجب للبكر أرش البكارة زيادة عن المهر ، لأن أزلتها مستحقة ، وان كانت مكرهة وجب مهر المثل خلافا للمبسوط (١) ووجبت الدية وأرش البكارة على الأصح ، ومنهم من قال : بدخول أرش البكارة في دية الإفضاء.

(الثاني) ان يكون بعد البلوغ ، وفيه مسائل.

(أ) أطبق الأصحاب والروايات : انه لا شي‌ء فيه ، وقال العلّامة في المختلف : ولو قلنا بالضمان مع التفريط كان وجها (٢).

__________________

(١) المبسوط ج ٧ دية الإفضاء ص ١٥٠ س ١٣ قال : وان كانت مكرهة ، إلى قوله : ولها المهر وعليه الدية بالإفضاء.

(٢) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٦ س ٢٣ قال : (تذنيب) لو اقضى الزوجة مع بلوغها الى قوله : كان وجها.

٣٤٨

مسائل

(الأولى) دية كسر الضلع خمسة وعشرون دينارا ان كانت ممّا يخالط القلب ، وعشرة دنانير ان كان مما يلي العضدين.

(الثانية) لو كسر بعصوص الإنسان أو عجانه فلم يملك غائطه ولا بوله ، ففيه الدية.

______________________________________________________

(ب) لو لم تكن زوجة وكان وطئها بشبهة وجب مهر المثل والدية ، وان كانت بكرا ففي وجوب أرش البكارة مع ذلك ، وجهان ، والأقرب وجوبه.

(ج) لو كانت مكرهة وجب الحد والدية. وقال في المبسوط : ولا يجب المهر لأنه زنا (١).

والأقرب وجوبه ، ولا نسلّم كونه زنا بالنسبة إليها. وان كانت بكرا ففي أرش البكارة الوجهان ، والأقرب وجوبه (٢).

قال طاب ثراه : لو كسر بعصوص الإنسان أو عجانه.

أقول : البعصوص عظم دقيق حول الدبر ، والعجان ما بين الخصية إلى حلقة الدبر.

وأصل الفتوى : رواية سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل كسر بعصوصه ، فلم يملك استه ما فيه من الدية؟ قال : الدية كاملة (٣).

وروى إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : قضى أمير

__________________

(١) المبسوط ج ٧ دية الإفضاء ص ١٥٠ س ١٧ قال : غير انه لا يجب بها المهر لأنه زنا.

(٢) زاد في بعض النسخ هنا ما يلي.

(تذنيب) هذا كله إذا كان البول مستمسكا ، ولو كان مسترسلا وجب في الصور المذكورة مع ما تقدم ثلث الدية ، وقيل : الحكومة ، وللشيخ القولان.

(٣) الكافي ج ٧ باب ما تجب فيه الدية كاملة من الجراحات. ص ٣١٣ قطعة من حديث ١١.

٣٤٩

(الثالثة) قال الشيخان : في كسر عظم من عضو خمس ديته ، فان جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره ، وفي موضحته ، ربع دية كسره. وفي رضه ثلث دية العضو ، فان برء على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه. وفي فكه بحيث يتعطل ثلثا ديته ، فان جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية فكه.

______________________________________________________

المؤمنين في الرجل يضرب عجانه فلا يستمسك غائطه ولا بوله؟ ان في ذلك كله الدية كاملة (١).

قال طاب ثراه : قال الشيخان : في كسر عظم من عضو خمس دية ، فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره ، الى أخر البحث.

أقول : في هذا البحث ثلاث مسائل :

(أ) الكسر : وفي كسر عظم من عضو خمس دية ذلك العضو ، فان كان الذراع أو المرفق مثلا ، فمائة دينار وان كان من إصبع فعشرون ، ورؤوس أنملة ستة دنانير وثلثان ، فان جبر على عيب فكذلك ، وعلى غير عيب فأربعة أخماس دية كسره ، ثمانون ، أو عشرون ، أو خمسة وثلث قاله الشيخان (٢) (٣) وجزم به المصنف في الشرائع (٤) وكذا العلّامة في كتبه (٥) ولا أعلمه إلا إجماعا ، وذكره للشيخين تفخيم

__________________

(١) الكافي ج ٧ باب ما يجب فيه الدية كاملة من الجراحات. ص ٣١٣ الحديث ١٢.

(٢) النهاية باب القصاص وديات الشجاج ص ٧٧٦ س ٩ قال : وفي كسر عظم من عضو خمس دية ذلك العضو إلخ.

(٣) المقنعة باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ١٢١ س ١١ قال : وفي كسر عظم من عضو خمس دية ذلك العضو إلخ.

(٤) الشرائع في الجناية على الأطراف ، مسائل (الثالثة) قال : في كسر عظم من عضو خمس دية ذلك العضو ، فان صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره إلخ.

(٥) التحرير ج ٢ ، احكام ديات الأطراف ص ٢٧٥ في الهامش قال : (كط) في كسر عظم من عضو خمس دية ذلك ، وفي القواعد ج ٢ ص ٣٢٩ س ٢ قال : فائدة ، في كسر عظم من عضو خمس دية ذلك العضو إلخ.

٣٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

لهما ، لا لوجود مخالف.

(ب) الرض ، ويقال : الرضخ ، والمشهور ثلث دية العضو. وفي كتاب ظريف :

ان كان في المرفق ثلث دية النفس ، وان كان في الرسغ فثلث دية اليد ، فان جبر بلا عيب فأربعة أخماس دية الرض في المشهور (١).

وقال ابن حمزة : فيه مائة دينار (٢) وقيل : مائة وثلاثون دينار وثلث دينار.

والرسغ بضم الراء وسكون السين المهملة والغين المعجمة ، قال الخليل : هو مفصل ما بين الساعد والكف (٣).

(ج) الفك : فان كان بحيث يتعطل العضو ، فالمشهور ثلثا ديته لشلله بذلك ، فان جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية فكله ، ولو لم يتعطل فالظاهر الحكومة.

وفي كتاب ظريف : وان فك فثلاثون دينارا (٤) ولم يفصله الى التعطيل وعدمه.

قال في الصحاح : وسقط فلان فانفكت قدمه أو إصبعه إذا انفرجت وزالت (٥) ، والفك انفساخ القدم ، وقال الأصمعي : الأفك الذي انفرج منكبه

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ٣٠١ س ١٢ قال : فان رض المرفق فعثم فديته ثلث دية النفس إلى قوله : في ص ٣٠٢ س ٤ ودية الرسغ إلخ قطعة من حديث ٢٦ نقلا عن ظريف بن ناصح.

(٢) الوسيلة أحكام الشجاج والجراح ص ٤٥٣ س ١٧ قال : فان رض أحد خمسة أعضاء المنكب والعضد الى قوله : ففيه مائة ثلث دية اليد.

(٣) التهذيب ج ١٠ ص ٣٠٢ س ٥ قال : قال الخليل : الرسغ مفصل ما بين الساعد والكتف.

(٤) التهذيب ج ١٠ (٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ٣٠٢ س ٧ قال : فان فك الكف فديتها ثلث دية اليد مائة دينار. وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، قطعة من حديث ٢٦ نقلا عن ظريف أقول : لعل عبارة الكتاب غلط أو فيها سقط لعدم التيام المقول والمنقول.

(٥) الصحاح ج ٤ ص ١٦٠٤ س ١ قال : وسقط فلان إلخ.

٣٥١

(الرابعة) قال بعض الأصحاب : في الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا. والمستند كتاب ظريف.

(الخامسة) روي ان من داس على بطن إنسان حتى أحدث ، ديس بطنه ، أو يفتدي ذلك بثلث الدية وهي رواية السكوني ، وفيه ضعف.

______________________________________________________

عن مفصلة ، ضعفا واسترخاء (١).

قال طاب ثراه : قال بعض الأصحاب في الترقوة : إذا كسرت وجبرت على غير عيب أربعون دينارا والمستند كتاب ظريف.

أقول : هذا إشارة الى ما ذكره الشيخ في الكتابين في الترقوتين وفي كل واحد مقدر عند أصحابنا (٢) ولعله إشارة الى ما ذكروه عن ظريف : وهو أربعون دينارا في كل واحدة إذا كسرت فجبرت على غير عيب ، وفيهما ثمانون (٣) وجزم به العلّامة (٤) وكلام المصنف في النافع يؤذن بتردده فيه (٥).

ومنشأ التردد : انّ التقدير حكم شرعي ، فيقف على الدلالة الشرعية ، وهي مفقودة.

ولم يذكر الأصحاب حكمها إذا لم ينجبر ، أو إذا انجبرت على عثم (٦) ، والظاهر انّ فيهما الدية وفي كل واحدة النصف للحديث العام.

قال طاب ثراه : روي ان من داس على بطن إنسان حتى أحدث ، ديس بطنه ، أو يفتدي بثلث الدية ، وهي رواية السكوني وفيه ضعف.

__________________

(١) لسان العرب ج ١٠ ص ٤٧٦ س ١٢ قال : وقال الأصمعي : إلى قوله : والفك انفراج المنكب عن مفصلة استرخاء وضعفا.

(٢) المبسوط ج ٧ (دية الترقوة) ص ١٥٥ س ١١ قال : فاذا كسر الترقوة فعندنا فيه مقدر. وفي الخلاف ، كتاب الديات مسألة ٧٣ فلاحظ.

(٣) التهذيب ج ١٠ (٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ٣٠٠ س ١٢ قال : وفي الترقوة إلى قوله : أربعين دينارا.

(٤) الإرشاد ج ٢ كتاب الديات ص ٢٤١ س ١١ قال : وفي الترقوة إذا كسرت الى قوله : أربعون دينارا.

(٥) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : قال بعض الأصحاب إلخ.

(٦) في «گل» : عم.

٣٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : الرواية إشارة إلى ما رواه الشيخ عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عليه السّلام قال : رفع الى أمير المؤمنين عليه السّلام : رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه ، فقضى عليه ان يداس بطنه حتى يحدث كما أحدث ، أو يغرم ثلث الدية (١).

وبمضمونها أفتى الشيخان (٢) (٣) وابن حمزة (٤) ورواه الصدوق في كتابيه (٥).

وقال ابن إدريس : لا قصاص هنا لما فيه من التغرير بالنفس (٦) واختاره المصنف (٧) والعلّامة (٨) ويقضى فيه بالحكومة لأنه المتيقن. والثلث تقدير شرعي لا تثبت بمثل رواية السكوني ، لضعفه ، بل بالأخبار الصحيحة ، أو الإجماع ، أو الكتاب العزيز.

نعم : تثبت بالأخبار الضعيفة إذا عضدها عمل الأصحاب ، أو كانت موافقة

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥١ الحديث ٢٦.

(٢) المقنعة باب في الجناية على الإنسان في جوارحه ص ١٢٠ س ١٠ قال : ومن داس بطن إنسان إلى أخره.

(٣) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٧٠ س ٢٠ قال : ومن داس بطن إنسان حتى أحدث إلى أخره.

(٤) لم أظفر عليه في الوسيلة ، ولكن في المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٧ س ٥ بعد نقل الحديث قال : وهو قول ابن حمزة.

(٥) من لا يحضره الفقيه ج ٤ (٣٧) باب ما يجب على من داس بطن رجل. ص ١١٠ الحديث ١ وفي المقنع باب الديات ص ١٨٧ س ١ قال : ورفع الى علي عليه السّلام : رجل داس بطن رجل الى أخره.

(٦) السرائر باب ديات الجوارح. ص ٤٣٤ س ٢١ قال : والذي يقتضيه أصول مذهبنا الى قوله : هذا فيه التعزير بالنفس.

(٧) لاحظ عبارة النافع.

(٨) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٧ س ٨ قال : والأول الحكومة.

٣٥٣

(السادسة) من افتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها ، ففيه ديتها ومهر نسائها على الأظهر وفي رواية : ثلث ديتها.

(المقصد الثاني) في الجناية على المنافع

في ذهاب العقل : الدية ، ولو شجه فذهب عقله لم يتداخل الجنايتان ، وفي رواية : ان كان بضربة واحدة تداخلتا. ولو ضربه على رأسه فذهب عقله ، انتظر به سنة فان مات قيد به ، وان بقي ولم يرجع عقله فعليه الدية.

______________________________________________________

للأصل ، أو مناسبة للمذهب.

قال طاب ثراه : من افتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها ، ففيه ديتها ومهر نسائها على الأظهر ، وفي رواية ثلث ديتها.

أقول : روى الصدوق في كتابه ، والشيخ في تهذيبه : عن علي عليه السّلام انه قضى في رجل افتض جارية بإصبعه فخرق مثانتها ، فلا تملك بولها ، فجعل لها ثلث نصف الدية : مائة وستون دينارا وثلثا دينار ، وقضى لها عليه صداقها مثل نساء قومها (١) (٢).

وفي رواية هشام عن أبي الحسن عليه السّلام الدية كاملة (٣).

قال طاب ثراه : ولو شجه فذهب عقله لم يتداخل الجنايتان. وفي رواية ان كان بضربة واحدة تداخلا.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٤ (١٨) باب دية جوارح الإنسان. ص ٦٦ س ٨ قطعة من حديث ١.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام. ص ٣٠٨ س ١٣ قطعة من حديث ٢٦.

(٣) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٤٨ قطعة من حديث ١٣.

٣٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : في العقل الدية ، لأنه واحدة في الإنسان ، وللنص عليه عينا ، فان جنى عليه جناية اذهب عقله فيها لم يدخل أرش الجناية في دية العقل ، سواء كان مقدرا ، أو حكومة ، وسواء كان أقل من دية العقل أو أكثر ، وسواء كان بضربة واحدة أو أكثر ، اختاره المصنف (١) والعلّامة (٢) لأنهما جنايتان وتداخلهما على خلاف الأصل.

وقال في النهاية : بالتداخل مع اتحاد الضربة ، وعدمه مع تعددها (٣).

واضطرب ابن إدريس هنا فحكم بالتداخل في أول كلامه ، وبعدمه في أخره (٤).

احتج الشيخ بما رواه في التهذيب عن أبي عبيدة الحذاء قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدّماغ فذهب عقله؟ فقال : ان كان المضروب لا يعقل معها أوقات الصلاة ، ولا يعقل ما قال وما قيل له : فإنه ينتظر به سنة ، فان مات فيما بينه وبين سنة أقيد به ضاربه وان لم يمت فيما بينه وبين سنة ولم يرجع اليه ، عقله ، اغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله ، قلت : فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال : لا ،

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : لم يتداخل الجنايتان.

(٢) القواعد ج ٢ في دية المنافع ، الأول في العقل ص ٣٣٠ س ١٣ قال : ولو زال بجراح أو قطع عضو فدية العقل ، وفي الجرح والعضو ديتها.

(٣) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٧١ س ١٤ قال : وان اصابه مع ذهاب عقله شجة الى قوله : الدية كاملة الّا ان يكون ضربه ضربتين أو ثلاثة إلخ.

(٤) السرائر باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٤ س ٢٧ قال : فإن أصابه مع ذهاب العقل الى قوله : لم يكن فيه أكثر من الدية وقال في ص ٤٣٩ س ١ قال : فان جني جناية ذهب عقله فيها لم يدخل أرش. الجناية في دية العقل ، ثمَّ أشار بما قاله من قبل واختار ما هنا.

٣٥٥

وفي السمع دية ، وفي سمع كل اذن نصف الدية ، وفي بعض السمع بحسابه من الدية ، وتقاس الناقصة إلى الأخرى بأن تسدّ الناقصة وتطلق الصحيحة ويصاح به حتى يقول : لا اسمع ، وتعتبر المسافة بين جوانبه الأربع ويصدق مع التساوي ويكذب مع التفاوت ، ثمَّ تطلق الناقصة وتسدّ الصحيحة ويفعل به كذلك ، ويؤخذ من ديتها بنسبة التفاوت ، ويتوخى القياس في سكون الهواء.

وفي ضوء العينين الدية. ولو ادعى ذهاب بصره عقيب الجناية وهي قائمة احلف بالله القسامة ، وفي رواية تقابل بالشمس فان بقيتا مفتوحتين صدق. ولو ادعى نقصان إحداهما قيست إلى الأخرى وفعل في النظر بالمنظور كما فعل بالسمع. ولا يقاس من عين في يوم غيم ، ولا في أرض مختلفة.

______________________________________________________

إنما ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين ، فألزمته أغلظ الجنايتين ، وهي الدية ، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنة ما كانت الّا ان يكون فيهما الموت فيقاد به ضاربه بواحدة وتطرح الأخرى (١).

قال طاب ثراه : ولو ادعى ذهاب بصره عقيب الجناية وهي قائمة ، احلف بالله القسامة ، وفي رواية تقابل بالشمس ، فان بقيتا مفتوحتين صدق.

أقول : بالأول قال الشيخ في النهاية (٢) واختاره المصنف (٣) والعلّامة (٤).

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٣ قطعة من حديث ٣٦.

(٢) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٥ س ١١ قال : ومن ادعى ذهاب بصره الى قوله : حلف حسب ما قدمناه.

(٣) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : احلف بالله القسامة.

(٤) الإرشاد ج ٢ في دية المنافع ص ٢٤٣ س ١ قال : ويصدق في ذهابه مع القسامة.

٣٥٦

وفي الشمم الدية. ولو ادعى ذهابه اعتبر بتقريب الحراق ، فان دمعت عيناه وحول انفه فهو كاذب.

ولو أصيب فتعذر المني كان فيه الدية.

وقيل : في سلس البول الدية. وفي رواية : ان دام الى الليل لزمه الدية ، والى الزوال ثلثا الدية ، والى الضحوة ثلث الدية.

______________________________________________________

وبالثاني قال سلار (١).

واحتج بالرواية التي أشار إليها المصنف ، وهي ما رواه الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال : واما ما ادعاه في عينه ، فإنه يقابل بعينه عين الشمس ، فان كان كاذبا لم يتمالك حتى يغمض عينه ، وان كان صادقا بقيتا مفتوحتين (٢).

قال العلّامة في المختلف : ولا بأس عندي بذلك إذا استفاد الحكم منه ظنا (٣).

قال طاب ثراه : وقيل في سلس البول : الدية ، وفي رواية : ان دام إلى الليل لزمته الدية ، والى الزوال ثلثا الدية ، والى الضحوة ثلث الدية.

أقول : ما حكاه المصنف في الكتاب مذهب الشيخ في النهاية (٤) وبه قال ابن حمزة (٥) وابن إدريس (٦).

__________________

(١) المراسم ذكر أحكام الجناية على ما دون النفس ، ص ٢٤٥ س ٥ قال : ومن ادعى ذهاب بصره يقوم مواجها لعين الشمس.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦٨ قطعة من حديث ٨٦.

(٣) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٦٥ س ٨ قال : ولا بأس عندي بذلك إلخ.

(٤) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٩ س ٥ قال : فإن أصابه سلس البول ، الى قوله : وان كان الى ضحوة ثلث الدية.

(٥) الوسيلة في بيان احكام الشجاج والجراح ص ٤٤٢ س ٦ قال : وتلزم دية النفس كاملة إلى قوله : أو اصابه سلس ودام الى الليل.

(٦) السرائر باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٣ س ٢٦ قال : فإن أصابه سلس البول الى قوله : وان كان الى ضحوة ثلث الدية.

٣٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والمستند ما رواه غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام : انّ عليا عليه السّلام قضى في رجل ضرب حتى سلس بوله ، بالدية كاملة (١).

وروى الشيخ في التهذيب عن إسحاق بن عمار قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه السّلام وأنا حاضر ، عن رجل ضرب رجلا فلم ينقطع بوله ، قال : ان كان البول يمرّ الى الليل فعليه الدية لأنه قد منعه المعيشة ، وان كان الى أخر النهار فعليه الدية ، وان كان الى نصف النهار فعليه ثلثا الدية ، وان كان الى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية (٢).

قال العلّامة : والظاهر ان المراد في كل يوم (٣) قال فخر المحققين : ليتحقق بذلك الخروج عن الطبيعة (٤) ، وهي واحدة في البدن ، وكلما في البدن منه واحد ، ففيه الدية (٥).

وقول المصنف : (وقيل) ولم يجزم بالفتوى ، دلالة على تردده في الحكم بذلك ، أي بوجوب الدية في السلس ، لانّ التقدير حكم شرعي ، فيقف على الدلالة الشرعية.

وغياث بتري ، وفي إسحاق قول ، وفي الطريق اليه صالح بن عقبة وهو كذاب غال وعلى تقدير الاعراض عن الرواية يكون الواجب فيه الحكومة ، والاولى العمل بالرواية.

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥١ الحديث ٢٨.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥١ الحديث ٢٧.

(٣) قواعد الاحكام ج ٢ في باقي المنافع ص ٣٣٣ س ١٢ قال في سلس البول : والظاهر ان المراد في كل يوم.

(٤) في «گل» : عن الصّحة الطبيعية.

(٥) الإيضاح ج ٤ في باقي المنافع ص ٧١١ س ١٧ قال : انما كان المراد به الدوام في كل يوم يستحق الخروج عن الصحة الطبيعية.

٣٥٨

(المقصد الثالث) في الشجاج والجراح

والشجاج ثمان : الحارصة (١) والدامية (٢) والمتلاحمة (٣) والسمحاق (٤) والموضحة (٥) والهاشمة (٦) والمنقلة (٧) والمأمومة (٨) والجائفة (٩).

______________________________________________________

(المقصد الثالث) في الشجاج والجراح.

(مقدمة)

كل جرح في الرأس والوجه يسمى شجاجا ، وفي البدن يسمى جراحا.

والشجاج ثمان :

__________________

(١) من حرص يحرص وزان نصر ينصر ، وهو الجرح الذي يشق الجلد قليلا.

(٢) مؤنث الدامي من دمي يدمي وزان علم يعلم ، وهو الضرب الذي يدمي ، أي يسيل الدم.

(٣) مؤنث المتلاحم من لحم يلحم وزان نصر ينصر ، وهو الجرح الذي يشق اللحم ولا تصدع العظم ، ثمَّ يتلاحم ويتلاصق بعد شق اللحم ، أي لهذا النوع من الجرح اسمان : الباضعة والمتلاحمة.

(٤) مصدر رباعي من سمحق يسمحق سمحاقا وزان دحرج يدحرج دحراجا ، وهي القشرة الرقيقة فوق عظم الرأس.

(٥) اسم فاعل مؤنث الموضح من باب الافعال من أوضح يوضح إيضاحا ، بمعنى الكشف والظهور ، يقال : أوضحت الشجة في الرأس ، أي كشف الجرح بياض العظم في الرأس.

(٦) مؤنث الهاشم من هشم يهشم وزان ضرب يضرب بمعنى الكسر. والمراد من الهاشمة هنا : كسر العظم من الرأس وان لم تشق.

(٧) مؤنث المنقل اسم فاعل من باب التفعيل ، ومعناه : الجرح الذي يخرج منه صغار العظام وتحتاج إلى نقلها عن أماكنها الى أماكن أخرى.

(٨) هي التي تصل الى خارطة الدماغ ولا تفتق الخارطة.

(٩) مؤنث الجائف اسم فاعل من جاف يجوف وزان قال يقول : معناه الجرح الذي ينتهي إلى الجوف (استفدناه من هامش اللمعة من منشورات النجف).

٣٥٩

فالحارصة : هي التي تقشر الجلد وفيها بعير. وهل هي الدامية؟ قال الشيخ : نعم ، والأكثرون على خلافه ، فهي إذن التي تأخذ في اللحم يسيرا ، وفيها بعيران.

والمتلاحمة : هي التي تأخذ في اللحم كثيرا ، وهل هي غير الباضعة؟ فمن قال : الدامية غير الحارصة ، فالباضعة هي المتلاحمة ، ومن قال : الدامية هي الحارصة ، فالباضعة غير المتلاحمة ، ففي المتلاحمة اذن ثلاثة أبعرة.

والسمحاق : هي التي تقف على السمحاقة ، وهي الجلدة المغشية للعظم ، وفيها أربعة أبعرة.

والموضحة : هي التي تكشف عن العظم ، وفيها خمسة أبعرة.

والهاشمة : هي التي تهشم العظم ، وفيها عشرة أبعرة.

والمنقلة : هي التي تحوج الى نقل العظم ، وفيها خمسة عشر بعيرا.

والمأمومة : هي التي تصل إلى أم الرأس ، وهي الخريطة الجامعة للدماغ ، ثلاثة وثلاثون بعيرا.

والجائفة : هي التي تبلغ الجوف ، وفيها ثلث الدية.

______________________________________________________

الحارصة ، والدامية ، والمتلاحمة ، والسمحاق ، والموضحة ، والهاشمة ، والمنقلة ، والمأمومة.

واما الجائفة : فهي التي تبلغ الجوف في الجسد وفي الرأس والدماغ ، وفيها ثلث الدية.

والمأمومة والأمة وهي التي تبلغ أم الرأس ، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ كالخريطة ، ولا تفتق الخريطة ، وفيها ثلاث وثلاثون بعيرا ، وهو المشهور (١) ومنطوق

__________________

(١) لاحظ المقنعة باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ١٢١ س ٧ والنهاية باب القصاص وديات الشجاج ص ٧٧٥ س ١٨.

٣٦٠