المهذّب البارع - ج ٥

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٣

(الثانية) : في جنين البهيمة عشر قيمتها ، وفي عين الدابة ربع قيمتها.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : في جنين البهيمة عشر قيمتها ، وفي عين الدابة ربع قيمتها.

أقول : هنا مسألتان.

(الاولى) في جنين البهيمة عشر قيمتها ، قاله الشيخ واتباعه (١) (٢) واختاره المصنف (٣) وذهب العلّامة في التحرير الى ضمان الأرش (٤).

احتج الأولون : بما رواه الشيخ عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : في جنين البهيمة إذا ضربت فألقت عشر ثمنها (٥).

احتج العلّامة : بأنه تقدير شرعي ، فيقف على الدلالة الشرعية ، ولا تصلح رواية السكوني لذلك ، والمتيقن الأرش ، فتقوم الام حاملا وحائلا ، ويلزم الجاني بالتفاوت (٦).

(الثانية) في أعضاء الدابة ، وفيها ثلاثة أقوال.

(أ) نصف القيمة في كل ما في البدن منه اثنان ، كالعين واليد ، وفي العينين كمال القيمة ، قاله الشيخ في الخلاف ، مستدلا بالإجماع والرواية ، وهي كل ما في البدن منه اثنان ، الحديث (٧) كذا فسره ابن إدريس (٨).

__________________

(١) النهاية باب دية الجنين ص ٧٧٩ س ١١ قال : وفي جنين البهيمة عشر قيمتها.

(٢) المهذب ج ٢ باب دية الجنين ص ٥١٠ س ١٣ قال : وفي جنين البهيمة عشر قيمتها ، والمراسم ذكر ضمان النفوس ص ٢٤٢ س ١٥ فلاحظ.

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) التحرير ج ٢ في الجناية على الحيوان ص ٢٧٩ س ٢٠ قال : (ه) لا دية لجنين الدابة مقدرة ، بل أرش ما نقص من أمها إلى قوله : ويلزم الجاني بالتفاوت.

(٥) التهذيب ج ١٠ (٢٧) باب الجنايات على الحيوان ص ٣١٠ الحديث ٩.

(٦) التحرير ج ٢ في الجناية على الحيوان ص ٢٧٩ س ٢٠ قال : (ه) لا دية لجنين الدابة مقدرة ، بل أرش ما نقص من أمها إلى قوله : ويلزم الجاني بالتفاوت.

(٧) كتاب الخلاف ، كتاب الغصب مسألة ٤ قال : إذا قلع عين دابة كان عليه نصف قيمتها.

(٨) السرائر باب الغصب ص ٢٨٠ س ٢٣ قال بعد نقل قول الشيخ في الخلاف : قال محمّد بن إدريس : ما ذكره من قوله : كل ما في البدن منه اثنان الى قوله : لان القياس عندنا باطل.

٤٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

ويضعّف : بأنها لم ترد إلا في الإنسان ، والتعدي قياس.

(ب) ربع القيمة في العين الواحدة ، وفيهما النصف قاله الشيخ في النهاية (١).

محتجا بما رواه مسمع عن الصادق عليه السّلام : انّ عليا عليه السّلام قضى في عين الدابة ربع ثمنها (٢).

وفي معناها رواية أبي العباس عن الصادق عليه السّلام قال : من فقأ عين دابة فعليه ربع ثمنها (٣).

(ج) الأرش قاله الشيخ في المبسوط (٤) وتبعه القاضي (٥) وابن إدريس (٦) واختاره المصنف (٧) والعلّامة (٨) لأنه المتيقن ، وما عداه يقف على الدلالة الشرعية ، والروايتان ضعيفتان.

__________________

(١) النهاية باب الجنايات على الحيوان ص ٧٨١ س ١١ قال : وفي عين البهيمة إذا فقأت ربع قيمتها.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٧) باب الجنايات على الحيوان ص ٣٠٩ الحديث ٤.

(٣) التهذيب ج ١٠ (٢٧) باب الجنايات على الحيوان ص ٣٠٩ الحديث ١.

(٤) المبسوط ج ٣ كتاب الغضب ص ٦٢ س ٢ قال : وان جنى عليها فقيمة ما نقص ، يقوم بعد الاندمال ، فيكون عليه ما بين قيمته صحيحا قبل الاندمال وجريحا بعد الاندمال الى قوله : فإن أتلف بهيمة ففيها ما ذكرنا.

(٥) المهذب ج ٢ باب الجنايات على الحيوان ص ٥١٢ س ٦ قال : وجراح البهائم وقطع أعضائها إلى قوله : كان فيه أرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا.

(٦) السرائر باب الغصب ص ٢٨٠ س ٢٤ قال بعد نقل قول الشيخ في الخلاف (وقد تقدم آنفا) : والصحيح هو الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا.

(٧) الشرائع في الجناية على الحيوان قال : ولو قطع بعض أعضائه ، أو كسر شيئا من عظامه ، فللمالك الأرش.

(٨) المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦٣ س ٢٥ قال : وقوله في المبسوط من الرجوع بالتفاوت هو المعتمد الى قوله : فكان الواجب الأرش.

٤٠٢

(الثالثة) روى السكوني عن أبي جعفر عليه السّلام عن أبيه علي عليه السّلام قال : كان لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويضمن ما أفسدته ليلا. والرواية مشهورة غير ان في السكوني ضعفا ، والاولى اعتبار التفريط ليلا كان أو نهارا.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : روى السكوني عن أبي جعفر عليه السّلام عن أبيه علي عليه السّلام قال : كان لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويضمن ما أفسدته ليلا. والرواية مشهورة غير انّ في السكوني ضعفا ، والاولى اعتبار التفريط ليلا كان أم نهارا.

أقول : أكثر الأصحاب كالشيخين (١) (٢) والقاضي (٣) والتقي (٤) وابن حمزة (٥) والطبرسي (٦) وابن زهرة (٧) والكيدري (٨).

__________________

(١) النهاية باب الجنايات على الحيوان ص ٧٨١ س ١٦ قال : فمن ذلك جناية غنم الإنسان على زرع غيره الى قوله : فان كان إفسادها له نهارا إلخ.

(٢) المقنعة باب الجنايات على الحيوان ص ١٢٢ س ٥ قال : فمن ذلك جناية غنم الإنسان على زرع غيره الى قوله : وان كان إفسادها له نهارا.

(٣) المهذب ج ٢ باب الجنايات على الحيوان ص ٥١٢ س ١٦ قال : فمن ذلك جناية غنم الإنسان على زرع الى قوله : وان كان إفسادها كذلك نهارا لم يكن عليه شي‌ء.

(٤) الكافي ، الديات ص ٤٠١ س ١٢ قال : فمن ذلك ان يرسل غنمه ليلا فيضمن ما تجنيه على كل حال ، ولا يضمن ما تجنيه نهارا الّا ان يرسلها في ملك غيره.

(٥) الوسيلة في بيان أحكام الجناية على الحيوان ص ٤٢٨ س ٧ قال : وكان بالليل ضمن ، وان كان بالنهار لم يضمن.

(٦) غاية المراد في شرح قول المصنف : (ولو جنت الماشية على الزرع) ص. س ١٣ قال : الضمان ليلا لا نهارا مذهب أكثر الأصحاب إلى قوله : والطبرسي.

(٧) الغنية (في الجوامع الفقهية) في الجنايات ص ٦٢٠ س ٢٠ قال : أو بإرسال غنمه ليلا على كل حال ، ولا يضمن بما يجنيه نهارا إلخ.

(٨) إصباح الشيعة للكيدري كتاب الجنايات ص ٣٠٠ س ٢١ قال : أو بإرسال غنمه ليلا ، ولا يضمن ما يجنيه نهارا الا ان يكون إرساله في ملك غيره.

٤٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواه أبو علي عن النبي صلّى الله عليه وآله : ان على أهل الأموال حفظها نهارا ، وعلى أهل الماشية ما أفسدت مواشيهم بالليل ، حكم به في قضية ناقة براء بن عازب لما دخلت حائطا فافسدت (١).

وفي رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عليهم السّلام قال : كان علي عليه السّلام : لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ، ويقول : على صاحب الزرع حفظه ، وكان يضمن ما أفسدت ليلا (٢).

واما ابن إدريس ، والمصنف ، والعلامة ، وولده فاعتبروا التفريط وعدمه ، ولم يفرقوا بين الليل والنهار ، وحملوا الرواية على ذلك (٣) (٤) (٥) (٦) وخرجت الرواية على الغالب : من حفظ الدابة ليلا ، وحفظ الزرع نهارا.

قال الشهيد : ولا ينبغي ان يكون الخلاف هنا إلا في مجرد العبارة عن الضابط ، اما المعنى فلا خلاف فيه (٧).

__________________

(١) سنن ابن ماجه ج ٢ ص ٧٨١ (١٣) باب الحكم فيما أفسدت المواشي الحديث ٢٣٣٢ ولاحظ ذيله أيضا.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٧) باب الجنايات على الحيوان ص ٣١٠ الحديث ١١.

(٣) السرائر باب الجنايات على الحيوان ، ص ٤٤١ س ١٤ قال : ان كانت الجناية منها بتفريط وقع منه في حفظها الى قوله : فهو ضامن لما أفسدته بجنايتها ، وان كان بغير ذلك لم يكن عليه ضمان إلى أخره.

(٤) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : والاولى اعتبار التفريط ليلا كان أو نهارا.

(٥) القواعد ج ٢ في الجناية على الحيوان ص ٣٤٠ س ١٠ قال : والوجه : ان صاحب الغنم يضمن مع التفريط ليلا كان أو نهارا.

(٦) الإيضاح ج ٤ في الجناية على الحيوان ص ٧٣٢ س ١٢ قال : والوجه عندي ما اختاره المصنف ، وهو ان صاحب الغنم ان فرط في حفظها ضمن ما أفسدت سواء كان ليلا أو نهارا وان لم يفرط فلا ضمان عليه.

(٧) اللمعة ج ١٠ في الجناية على الحيوان ، ص ٣٢٧ س ٧ قال : فلا ينبغي ان يكون الاختلاف هنا إلّا في مجرد العبارة عن الضابط.

٤٠٤

(الثالث) في كفارة القتل.

تجب كفارة الجمع بقتل العمد ، والمرتبة بقتل الخطأ مع المباشرة دون التسبيب ، فلو طرح حجرا في ملك غيره ، أو سابلة فهلك به عاثر ضمن الدية ولا كفارة ، وتجب بقتل المسلم ذكرا كان أو أنثى ، صبيا كان أو مجنونا ، حرا وعبدا ، ولو كان ملك القاتل. وكذا تجب بقتل الجنين ان ولجته الروح ، ولا تجب قبل ذلك. ولا تجب بقتل الكافر ذميا كان أو معاهدا. ولو قتل المسلم مثله في دار الحرب عالما لا لضرورة فعليه القود والكفارة. ولو ظنه حربيا فبان مسلما فلا دية وعليه الكفارة.

(الرابع) : في العاقلة.

______________________________________________________

ونعم ما قال :

(الرابع) العاقلة

مقدمة

اشتقاق العاقلة من العقل ، وهو الشد ، يقال : عقلت البعير إذا أثبت ركبتيه وشددتهما وسمي هذا الحبل عقالا (١) ، وسمي أهل العقل عاقلة ، لأنها تعقل الإبل بفناء ولي المقتول المستحق للدية (٢).

وقيل : العقل اسم للدية وعبارة عنها (٣). وسمي أهل العقل عاقلة ، لأنها تعقل

__________________

(١) عقل البعير ثني وظيفة مع ذراعه وشدهما جميعا في وسط الذراع ، وكذلك الناقة ، وذلك الحبل هو العقال (لسان العرب ج ١١ ص ٤٥٩).

(٢) قال الأصمعي : وانما سميت بذلك لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولى المقتول (صحاح ج ٥ ص ١٧٦٩).

(٣) قال الأزهري : والعقل في كلام العرب الدية ، سميت عقلا لأن الدية كانت عند العرب في الجاهلية إبلا ، لأنها كانت أموالهم فسميت الدية عقلا لان القاتل كان يكلف ان يسوق الدية إلى فناء ورثة المقتول ، فيعقلها بالعقل وسلمها إلى أوليائه ، (لسان العرب ج ١١ ص ٤٦١ لغة عقل).

٤٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لسان ولي المقتول ، تقول : عقلت عنه إذا تحملت عنه ، وعقلت له إذا دفعت إليه الدية.

وقيل : سميت عاقلة ، لأنها مانعة ، والعقل المنع ، وذلك ان العشيرة كانت تمنع عن القاتل بالسيف في الجاهلية فلما جاء الإسلام منعت عنه بالمال ، فلهذا سميت عاقلة (١).

فروع

(أ) أجمع علماء الإسلام على انّ العاقلة تضمن دية الخطأ ، ولا عبرة بخلاف الخوارج ، لأنهم عندنا ليسوا مسلمين وان انتحلوا الإسلام ، ولا شذوذ الأصم لانقراضه حيث ذهبوا الى وجوبها على القاتل (٢).

(ب) الدية يجب ابتداء على العاقلة ، ولا ترجع العاقلة بها على الجاني خلاف للمفيد (٣) وتلميذه (٤) حيث اوجباها على العاقلة ، وجعلا لها الرجوع بها ، ولعله جمع بين الدليلين فالزم العاقلة بها أولا لدلالة النص والإجماع عليه ، وجعل لهم الرجوع

__________________

(١) وسمى العقل عقلا ، لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك ، أي يحبسه (لسان العرب ج ١١ ص ٤٥٩ لغة عقل.

(٢) قال في المبسوط ج ٧ ص ١٧٣ اجمع المسلمون على ان العاقلة تحمل دية الخطأ إلّا الأصم فإنه قال : على القاتل ، وبه قالت الخوارج.

(٣) المبسوط ج ٧ باب البينات على القتل ص ١١٥ س ١ قال : ألزمت عاقلته الدية ، وترجع العاقلة على القاتل.

(٤) المراسم ذكر احكام الجنايات في القضاء ص ٢٣٩ س ١٢ قال : ودية الخطأ ترجع العاقلة بها على مال القاتل.

٤٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بها على القاتل تعويلا على دليل العقل ، أو لعله عثر على دليل لم يقف غيره عليه.

قال الشيخ رحمه الله : ولا اعرف به نصا (١) وقال أبو علي : ولا اعرف فيه خلافا (٢).

واختاره القاضي (٣) والتقي (٤) وابن إدريس (٥) والمصنف (٦) والعلّامة (٧) بل الأصحاب عدا المذكورين ولا فصل بين كون القاتل حال القتل موسرا أو معسرا.

(ج) المشهور اختصاص العاقلة بضمان الخطأ المحض ، وذهب التقي إلى ضمانها دية شبيه العمد (٨) وهو نادر.

(د) تحمل العاقلة دية الموضحة فما فوقها ، وهل تحمل ما دونها؟ قال الشيخ في

__________________

(١) المبسوط ج ٧ فصل في العاقلة ص ١٧٤ س ٣ قال : ولست اعرف به نصا.

(٢) المختلف ج ٢ في دية القتل ص ٢٣٢ س ٢٥ قال : وقال ابن الجنيد : لا اعلم خلافا في ان دية المقتول خطا ، على عاقلة المقتول إلخ.

(٣) المهذب ج ٢ باب أقسام القتل ص ٤٥٧ س ٢٢ قال : واما دية قتل الخطأ فواجبة على عاقلة القاتل إلخ.

(٤) الكافي ، الديات ، ص ٣٩٢ س ٤ قال : ودية الخطأ على العاقلة.

(٥) السرائر باب في أقسام القتل ص ٤١٩ س ٢٤ قال : فأما دية قتل الخطأ فإنها تلزم العاقلة.

(٦) الشرائع ، الرابع في العاقلة ، قال : اما كيفية التقسيط ، فإن الدية تجب ابتداء على العاقلة إلخ.

(٧) الإرشاد ج ٢ كتاب الديات ، المقصد الثاني : فيمن تجب عليه ، قال : ودية الخطأ على العاقلة.

(٨) الكافي ، الديات ص ٣٩٦ س ٢ قال : وخطأ محض وخطأ شبيه العمد يوجبان الدية على العاقلة.

٤٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

النهاية : لا (١) ، وبه قال التقي (٢) وأبو علي (٣) والقاضي في الكامل (٤) واختاره العلّامة (٥) وفخر المحققين (٦).

وقال في الخلاف : تحمل العاقلة قدر الجناية ، قليلا كان أو كثيرا (٧) واختاره ابن إدريس (٨).

احتج الأولون بوجوه.

(الأول) ان الأصل إيجاب الدية على مباشر الجناية ، عدلنا عنه في دية النفس والموضحة فما زاد للنصوص والإجماع ، فيبقى الباقي على أصله.

(الثاني) قوله تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٩) وغيرها من الايات الدالة على اختصاص الإنسان بجنايته واكتساب يده.

__________________

(١) النهاية باب أقسام القتل ص ٧٣٧ س ١٦ قال : وما كان خطأ إلى قوله : لا يحمل في الجراح على العاقلة إلا الموضحة فصاعدا.

(٢) الكافي ، الديات ص ٣٩٥ س ٢١ قال : ولا تعقل العاقلة إلى قوله : ولا ما دون الموضحة.

(٣) المختلف ج ٢ في دية القتل ص ٢٣٥ س ٣١ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وبه قال ابن الجنيد الى قوله : والمعتمد ما قاله الشيخ في النهاية.

(٤) المختلف ج ٢ في دية القتل ص ٢٣٥ س ٣١ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وبه قال ابن الجنيد الى قوله : والمعتمد ما قاله الشيخ في النهاية.

(٥) غاية المراد ، في شرح قول المصنف (وتحمل العاقلة دية الموضحة ص. س ٣ قال : عدم التحمل فيما دونها الى قوله : وتبعه ابن البراج في الكامل.

(٦) الإيضاح ج ٤ في كيفية التوزيع ص ٧٤٦ س ٢٣ قال بعد نقل قول الشيخ : وهو الأصح عندي.

(٧) كتاب الخلاف ، كتاب الديات ، مسألة ١٠٦ قال : القدر الذي تحمله العاقلة عن الجاني هو قدر جنايته قليلا كان أو كثيرا.

(٨) السرائر في أقسام القتل ص ٤٢٠ س ١٠ قال : والقدر الذي تحمله العاقلة عن الجاني هو قدر جنايته قليلا كان أو كثيرا.

(٩) الانعام / ١٦٤.

٤٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

(الثالث) ما رواه الشيخ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن ابي مريم عن الباقر عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام ان لا تحمل على العاقلة إلّا الموضحة فصاعدا (١).

قال المصنف : وفي الرواية ضعف (٢) وكذا العلّامة في القواعد (٣) لأن في طريقها (ابن فضال) فان كان الحسن فقد قيل : انه فطحي المذهب (٤) فمن هنا كانت الرواية ضعيفة ، وجعلها العلّامة في المختلف من الموثق (٥).

قال فخر المحققين : لما قرأت على والدي التهذيب في المرة الثانية في طريق الحجاز في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ، سألته عن هذه الرواية لما بلغت إليها وقلت له : انك حكمت عليها في المختلف : انها في الموثق وفي القواعد : فيها ضعف؟ فقال لي : بل هي ضعيفة (٦).

وأقول : انّ ابن فضال ان كان هو الحسن بن علي بن فضال ، فقد قال الكشي : أنه ممدوح ، معظم ، كان فطحيا فرجع قبل موته (٧) ومدحه الشيخ في

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٧٠ الحديث ٩.

(٢) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : غير ان في الرواية ضعفا ، وسيأتي عن قريب.

(٣) القواعد ج ٢ في كيفية التوزيع ص ٣٤٤ س ٨ قال : وهل تحمل ما نقص؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، لرواية فيها ضعف.

(٤) الفهرست باب الحاء ص ٤٧ تحت رقم ١٥٣ قال : الحسن بن علي بن فضال كان فطحيا يقول بامامة عبد الله بن جعفر ، ثمَّ رجع الى إمامه أبي الحسن عليه السّلام عند موته.

(٥) المختلف ج ٢ في دية القتل ص ٢٣٥ س ٣٨ قال : وما رواه الشيخ في الموثق إلخ.

(٦) الإيضاح ج ٤ في كيفية التوزيع ص ٧٤٧ س ١٦ قال : لما قرأت عليه التهذيب في المرة الثانية إلخ.

(٧) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص ٥٦٥ تحت رقم ١٠٦٧ قال : وكان الحسن بن علي فطحيا يقول : بعبد الله بن جعفر ، فرجع فيما حكي عنه.

٤٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الفهرست (١). وان كان علي بن الحسن بن علي بن فضال فقد قال النجاشي : انه فقيه أصحابنا بالكوفة ، ووجههم ، وعارفهم بالحديث ، والمسموع قوله ، سمع منه كثير ، ولم يعثر له على زلة ، وقل ما روى من ضعيف ، الا انه كان فطحيا (٢).

والأولى إثبات هذه الرواية في الموثق كما ذكره العلّامة في المختلف.

احتج الآخرون : بعموم الأخبار الواردة : بإيجاب دية الخطأ على العاقلة من غير تفصيل (٣).

والجواب : قد بينا التفصيل في الرواية الموثقة.

(ه) لا يضمن العاقلة الغرامات اللاحقة للإنسان بإتلاف الأموال ، سواء كان الجاني غنيا أو فقيرا ، وسواء الخطأ أو العمد ، وسواء كان بالغا أو صغيرا ، عاقلا أو مجنونا ، وسواء كان التلف مالا أو حيوانا.

ولو كان عبدا فهل تضمنه العاقلة أم لا؟ قال الشيخ : نعم (٤) لعموم ضمان العاقلة جنايته على الآدمي ، وبه قال القاضي (٥) واختاره المصنف (٦) والعلّامة في

__________________

(١) تقدّم آنفا.

(٢) رجال النجاشي (باب على) ص ١٩٤ قال : علي بن الحسن بن علي بن فضال الى قوله : كان فقيه أصحابنا بالكوفة ، ووجوههم وثقتهم وعارفهم بالحديث إلخ.

(٣) لاحظ من لا يحضره الفقيه ج ٤ (٣٣) باب العاقلة ص ١٠٥ الحديث ١ و ٦.

(٤) كتاب الخلاف ، كتاب الديات ، مسألة ٨٥ قال : إذا قتل عبد عمدا ، الى قوله : وان كان خطأ محضا فعلى العاقلة سواء قتله أو قطع أطرافه.

(٥) المهذب ج ٢ كتاب الديات ص ٤٨٧ س ٧ قال : وإذا قتل حر عبدا ، الى قوله : فان قتله خطأ محضا فالقيمة على عاقلته وكذلك في أطرافه.

(٦) النافع ص ٣١٦ قال : (الثالثة) لا تعقل العاقلة بهيمة ولا إتلاف مال ويختص ضمانها بالجناية على الآدمي حسب.

٤١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

القواعد (١).

وقال أبو علي : ولا يضمن العاقلة قيمة العبد إذا قتلهم اقرباؤهم خطأ ، ولا أرش جراحتهم لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله ألزم العاقلة الديات ، وانما يؤخذ عن العبيد قيمة ، لا دية ، لا خلاف في ذلك ، ولأنهم كأموال مالكهم (٢) واستحسنه العلّامة في المختلف (٣).

وله في التحرير قولان : فجزم في أول كتاب الديات منه بضمان العاقلة (٤) وفي باب العاقلة بالضمان في ماله خاصة (٥).

(و) لا تعقل العاقلة حالا ، وانما تضمن مؤجلا ، فالمضمون اما دية أو أرش ، فإن كان دية فأجله ثلاث سنين ، سواء كانت الدية تامة أو ناقصة كدية المرأة ، والذمي ، فيؤخذ عند انسلاخ كل حول ثلث دية ، أو سدس ، أو مائتين وستة وستين درهما ، وثلثي درهم. وان كان أرشا فإن كان بقدر ثلث الدية فما دون أخذ في سنة واحدة عند انسلاخها ، وان كان أكثر حل الثلث عند انسلاخ الحول الأول ، والزائد عند انسلاخ الثاني ان كان ثلثا فما دون. ولو كان أكثر من دية كقطع يدين وقلع عينين ، فان تعدد الجاني أو المجني عليه حل بانسلاخ كل حول عن كل جناية

__________________

(١) القواعد ج ٢ في كيفية التوزيع ص ٣٤٤ س ١٦ قال : والحر إذا قتل عبدا عمدا الى قوله : وان كان خطأ فعلى عاقلته.

(٢) المختلف ج ٢ في اللواحق ص ٢٦٧ س ١٤ قال : (مسألة) قال : ابن الجنيد ولا تضمن العاقلة قيم العبد إذا قتلهم اقرباؤهم إلخ. ثمَّ قال بعد أسطر : وقول ابن الجنيد حسن.

(٣) المختلف ج ٢ في اللواحق ص ٢٦٧ س ١٤ قال : (مسألة) قال : ابن الجنيد ولا تضمن العاقلة قيم العبد إذا قتلهم اقرباؤهم إلخ. ثمَّ قال بعد أسطر : وقول ابن الجنيد حسن.

(٤) التحرير ج ٢ كتاب الديات ص ٢٦٩ س ٩ قال (يج) دية العبد قيمته الى قوله : ومن عاقلته ان كان خطأ.

(٥) التحرير ج ٢ كتاب الجنايات ص ٢٨٠ س ٢٢ قال : (يب) لا يضمن العاقلة عبدا بمعنى ان العبد إذا قتل كانت قيمته في مال القاتل ، لا على عاقلة القاتل خطأ.

٤١١

.................................................................................................

______________________________________________________

ثلث ، وان اتحد أجل له ثلاث لكل جناية سدس ، وهذا فتوى العلّامة (١).

واستشكله المصنف : من حيث احتمال التأجيل بالدية لا بالأرش ، فعلى هذا يكون حالا ، ولم يجزم به (٢).

والأول هو المعتمد : لأنّ العاقلة لا تعقل حالا ، ويؤخذ من العاقلة عند الحلول ، كما تؤخذ من المديون فيترك له قوت يوم وليلة ويؤخذ من الفاضل عن ذلك ، ولو أعسر عن ذلك نزل منزلة المعدوم.

وينتظر قدوم الغائب ، ولا يسقط بغيبته.

ولو مات قبل الدفع قدّم كفنه الواجب ، وكذا كفن واجب النفقة ، لأنه من المئونة.

ومع إعساره وتحمل غيره من العاقلة باقي الدية لا يرجع اليه بعد يساره ، نعم لو أيسر وقد بقي من الدية بقية لزم الأداء.

(تحقيق) لا يتوجه المطالبة على العاقلة إلا بعد الحلول ، بل ولا تستقر الدية على الموجود حال الجناية ، بل بعد الحلول ، فالعاقلة الموجودون في ذلك الوقت ، والاعتبار بيسار العاقلة وفقرها حينئذ ، ولا اعتبار بوقت الجناية.

وتظهر الفائدة في مسائل

(الاولى) لو مات بعض العاقلة قبل الحلول سقط ما ضرب عليه ، فان كان وارثه من العاقلة أخذت منه بحساب حاله ، والا أخذت من بقية العاقلة ، ولا ضمان

__________________

(١) القواعد ج ٢ في قدر التوزيع ص ٣٤٤ س ٢١ قال : ولو كان أكثر من الدية كقطع يدين ورجلين ، فان تعدد المجني عليه الى قوله : وان كان واحدا حلّ له ثلث لكل جناية ، سدس دية.

(٢) الشرائع ج ٤ في العاقلة قال : اما الأرش فقد قال في المبسوط : يستأدى في سنة واحدة عند انسلاخها إذا كانت ثلث الدية فما دون ، لأن العاقلة لا تعقل حالا ، وفيه إشكال : ينشأ من احتمال تخصيص التأجيل بالدية لا بالأرش.

٤١٢

والنظر في المحل وكيفية التقسيط ، واللواحق.

اما المحل : فالعصبة : والمعتق ، وضامن الجريرة ، واللواحق.

والعصبة : من تقرب بالميت من الأبوين ، أو بالأب كالإخوة وأولادهم ، والعمومة وأولادهم ، والأجداد وان علوا. وقيل : هم الذين يرثون دية القاتل لو قتل ، والأول أظهر.

______________________________________________________

على التركة.

(الثانية) لو كان فقيرا في أول الحول ثمَّ استغنى عند الحول ، أو بالعكس كان الاعتبار بوقت المطالبة ، فتؤخذ بحسب حاله في ذلك الوقت.

(الثالثة) لو كان عاقلا وقت الجناية ثمَّ جنّ في أخر الحول سقطت ، ولو انعكس الحال طولب.

(الرابعة) لا يجوز أخذ الرهن من العاقلة قبل الحلول ، لعدم القرار في الذمة.

(الخامسة) لا يصح ضمان قبله ، لما قلناه.

قال طاب ثراه : والعصبة من تقرب بالميت من الأبوين ، أو بالأب كالإخوة وأولادهم ، والعمومة وأولادهم ، والأجداد وان علوا ، وقيل : هم الذين يرثون دية القاتل لو قتل ، والأول أظهر.

أقول : اختلف الأصحاب في تفسير العصبة الذين يعقلون القاتل على خمسة أقوال :

(الأول) ما ذكره المصنف ، وهو مذهب الشيخ (١) وتبعه القاضي (٢) واختاره

__________________

(١) المبسوط ج ٧ فصل في العاقلة ص ١٧٣ س ١٦ قال : والعاقلة كل عصبة خرجت عن الوالدين والمولودين ، وهم الاخوة وأبنائهم إلخ.

(٢) المهذب ج ٢ باب العاقلة ص ٥٠٣ س ١١ قال : والعاقلة ، هم كل عصبة خرجت عن الوالدين والمولودين ، وهم الاخوة وأبنائهم إلخ.

٤١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

العلّامة (١).

(الثاني) العاقلة من يرث دية القاتل لو قتل ، ولا يلزم من لا يرث من ديته شيئا على حال ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (٢).

قال المصنف في الشرائع : وفي هذا الإطلاق وهم ، فانّ الزوجين والمتقرب بالأم يرثون من الدية ، وليسوا عصبته (٣) ، اما الأول فقد مرّ بيانه في باب الميراث ، واما الثاني فإجماعي ، وأيضا فإنّ الأنثى المتقربة بالأب ترث من الدية وليست عصبة. وأيضا الدية يرثها الأقرب فالأقرب وليس كذلك العقل.

(الثالث) العصبة هم المستحقون لميراث القاتل من الرجال العقلاء سواء كانوا من قبل أبيه أو امه ، فان تساوت القرابتان كالإخوة للأب والاخوة للام كان على الإخوة للأب الثلثان وعلى الاخوة للام الثلث ، ولا يلزم ولد الابن شي‌ء إلّا بعد عدم الولد والأب ، ولا يلزم ولد الجد من شي‌ء إلّا بعد عدم الولد والأبوين.

وعلى هذا : فانّ عدم قرابة النسب كانت على الموالي إعتاقه ، فإن عدموا كانت على الوالي علاقته ، وهو قول أبي علي (٤).

(الرابع) العاقلة العصبات من الرجال سواء كان وارثا أو غير وارث ، الأقرب

__________________

(١) التحرير ج ٢ في محل الدية ص ٢٧٩ س ٣٤ قال : (ب) العصبة من تقرب بالأبوين ، أو بالأب خاصة من الذكور كالاخوة وأولادهم إلخ.

(٢) النهاية باب أقسام القتل ص ٧٣٧ س ٢ قال : واما دية قتل الخطأ فإنها تلزم العاقلة الذين يرثون دية القاتل ان لو قتل ، ولا يلزم إلخ.

(٣) الشرائع : ج ٤ ص ٢٨٨ قال : وقيل : هم الذين يرثون دية القاتل لو قتل ، وفي هذا الإطلاق وهم إلى أخره.

(٤) المختلف ج ٢ في دية القتل ص ٢٣٥ س ٢ قال : وقال ابن الجنيد : العاقلة هم المستحقون لميراث القاتل من الرجال العقلاء سواء كانوا من قبل أبيه أو امه.

٤١٤

ومن الأصحاب من شرك بين من يتقرب بالأم مع من يتقرب بالأب والام ، أو بالأب ، وهو استناد إلى رواية سلمة بن كهيل ، وفيه ضعف.

______________________________________________________

فالأقرب وهو قول ابن إدريس (١).

(الخامس) عاقلة الحر عصبته ، وعاقلة العبد مالكه ، وهو قول التقى (٢).

قال طاب ثراه : ومن الأصحاب من شرك بين من يتقرب بالأم مع من يتقرب بالأب والام ، أو بالأب ، وهو استناد إلى رواية مسلمة بن كهيل ، وفيه ضعف.

أقول : هذه إشارة إلى قول أبي علي ، وقد حكيناه.

واستند في ذلك الى ما رواه الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل قال : اتى أمير المؤمنين عليه السّلام برجل من أهل الموصل قد قتل رجلا خطأ ، فكتب أمير المؤمنين عليه السّلام الى عامله بها في كتابه : وأسأل عن قرابته من المسلمين ، فان كان من أهل الموصل ممن ولد بها وأصبت له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك ، ثمَّ انظر فان كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه احد من المسلمين فألزمه الدية ، وخذه بها نجوما في ثلاث سنين ، وان لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابة سواء في النسب ، ففض الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل امه من الرجال المدركين المسلمين ، ثمَّ اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية ، واجعل على قرابته من قبل امه ثلث الدية وان لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففض الدية على قرابته من قبل امه من الرجال المدركين ، ثمَّ خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين ، وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا قرابة من قبل امه ، ففض الدية على أهل الموصل ممن

__________________

(١) السرائر في أقسام القتل ص ٤١٩ س ٢٤ قال : وهي تلزم العصبات من الرجال سواء كان وارثا أو غير وارث الأقرب فالأقرب.

(٢) الكافي ، الديات ص ٣٩٢ س ٤ قال : وعاقلة الحر المسلم عصبته وعاقلة الرقيق مالكه.

٤١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ولد بها نشأ ، ولا تدخلن فيهم غيرهم من أهل البلد ، ثمَّ استأدي ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجم حتى تستوفيه ان شاء الله ، وان لم يكن لفلان بن فلان قرابة من أهل الموصل ، ولا يكون من أهلها وكان مبطلا فرده إلىّ مع رسولي فلان ، فانا وليه والمؤدي عنه ، ولا يبطل دم امرء مسلم (١).

وقد دلت هذه الرواية على أمور.

(أ) دخول الإباء والأولاد في العقل.

(ب) دخول الأم في العقل ، لأنّ لها سهما في كتاب الله لا يحجب عنه.

(ج) دخول قرابة الأم في العقل.

(د) إلزامهم بثلث الدية مع قرابة الأب.

(ه) اشتراط الذكورة فيمن عدم الام.

(و) اشتراط البلوغ في العقل ، فلا يعقل الصبي لقوله : من الرجال المذكورين (٢).

(ز) اشتراط إسلام العاقل.

(ح) إلزام أهل بلد القاتل.

(ط) إلزام الإمام مع عدمهم.

(ى) اشتراط الولادة في البلد ، والنشوء فيه ، فمن ولد في غيره فلا يعقل ، وان أقام فيه وابن كهيل مذموم بتري قاله الكشي (٣).

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٧١ الحديث ١٥ والمصنف قدّس سرّه أو ردّ الحديث مقطعا.

(٢) في «گل» : المدركين.

(٣) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص ٢٣٦ تحت رقم ٤٢٩ وفيه (عن سدير قال : دخلت على أبي جعفر عليه السّلام ومعي سلمة بن كهيل وجماعة ، وعند أبي جعفر عليه السّلام اخوه زيد بن علي عليه السّلام فقالوا لأبي جعفر عليه السّلام : نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ من أعدائهم قال : نعم ، قالوا : نتولى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم! قال : فالتفت إليهم زيد بن علي قال لهم : أتتبرؤن من فاطمة؟! بترتم ، أمرنا بتركم الله ، فيومئذ سموا البترية).

٤١٦

ويدخل الإباء والأولاد في العقل على الأشبه ، ولا يشركهم القاتل ، ولا تعقل المرأة ولا الصبي ، ولا المجنون وان ورثوا من الدية.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ويدخل الإباء والأولاد في العقل على الأشبه.

أقول : قال الشيخ في كتابي الفروع : لا يدخل الإباء والأولاد في العقل (١) (٢) وتبعه القاضي (٣).

وقال أبو علي : بدخولهم (٤) واختاره المصنف (٥) والعلّامة (٦).

احتج الأولون بوجوه.

(أ) أصالة براءة الذمة من الضمان الّا مع اليقين ، وقد حصل الشك بوجود الخلاف هنا.

(ب) ما روى عنه عليه السّلام : أنت ومالك لأبيك (٧) فلو عزم الابن جناية الأب لغرم الأب ، لأن ماله ماله (٨).

روى أبو علي بن الفضل بن الحسن الطبرسي في كتابه المسمى بالباهر في شرح

__________________

(١) كتاب الخلاف ، كتاب الديات مسألة ٩٨ قال : العاقلة كل عصبة خرجت عن الوالدين الى قوله : ولا دليل على ان الوالدين والولد منهم والأصل براءة ذمتهم.

(٢) المبسوط ج ٧ فصل في العاقلة ص ١٧٣ س ١٦ قال : والعاقلة كل عصبة خرجت عن الوالدين والمولودين إلخ.

(٣) المهذب ج ٢ باب العاقلة ص ٥٠٣ س ١١ قال : والعاقلة التي تحمل ذلك هم كل عصبة خرجت عن الوالدين والمولودين ، وهم الإخوة إلخ.

(٤) غاية المراد في شرح قول المصنف (قال الشيخ : ولا يدخل الإباء والأولاد) ص. س ١٠ قال : وابن الجنيد قال : (هم المستحقون ارث القاتل من الأب والام).

(٥) لاحظ عبارة النافع.

(٦) التحرير ج ٢ في محل الدية ص ٢٨٠ س ٢ قال : (ج) الأقرب دخول الإباء والأولاد في العقل.

(٧) سنن ابن ماجه ج ٢ ص ٧٦٨ (٦٤) باب ما للرجل من مال ولده الحديث ٢٢٩١ و ٢٢٩٢.

(٨) زاد هنا في بعضي النسخ المخطوطة التي عندي ما يلي.

٤١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الخامسة (١) قال : روى الشيخ علي بن الحرب الساري مرفوعا الى جابر بن عبد الله الأنصاري قال : جاء رجل الى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : يا رسول الله انّ أبي أخذ مالي ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم للرجل : اذهب فأتني بأبيك ، فنزل جبرئيل عليه السّلام على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : انّ الله يقرءك السلام ويقول : إذا جاءك الشيخ فسله عن شي‌ء قاله في نفسه ، ما سمعته أذناه ، فلما جاء الشيخ قال له النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ما بال ابنك يشكوك؟! أتريد أن تأخذ ماله؟ فقال : سله يا رسول الله هل هو إلّا غرامة ، أو أداء أمانة ، أو ما أنفقه على نفسي وعيالي هل أنفقته الّا على عماته أو خالاته ، أو على نفسي؟! فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : أية ، دعنا من هذا ، أخبرنا عن شي‌ء قلته في نفسك ما سمعته أذناك ، فقال الشيخ : والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا ، لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته اذناي ، فقال : قل وانا اسمع ، قال : قلت :

غدوتك مولودا ومنتك يافعا

تعلّ بما أجني عليك وتنهل

إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت

لسقمك الّا ساهرا أتململ

كأني أنا المطروق دونك بالذي

طرقت به دوني فعيناي تهمل

تخاف الرّدى نفسي عليك وانها

لتعلم أنّ الموت وقت مؤجّل

فلما بلغت السنّ والغاية الّتي

إليها مدى ما فيك كنت أؤمل

جعلت جزائي غلظة وفظاظة

كأنك أنت المنعم المتفضل

فليتك إذ لم ترع حق أبوّتى

فعلت كما الجار المجاور يفعل

__________________

(١) لم أظفر على كتاب (الباهر في شرح الحماسة) للطبرسي ، ولم يورده أرباب المعاجم ، ورأيت في بعض المدونات أيضا ينقلون بعنوان شرح الحماسة ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا.

٤١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

تراه معدا للخلاف كأنه

بردّ على أهل الصواب موكّل (١)

وفي رواية أخرى زيادة على هذه الأبيات :

وعيرتني اني كبرت وعيني

ولم يمض لي من بعد ستين كمل

وسميتني الشيخ المفيد وليه

وفي رأيك التقييد لو كنت تعقل

وليتك إذ لم ترع حق ابوتى

فعلت كما الجار المجاور يفعل

تراه معدا للخلاف كأنه

برد على أهل الصواب موكّل

قال : فبكى رسول الله صلّى الله عليه وآله وقال : أنت ومالك لأبيك.

قوله : (أو أداء مأنة) مأخوذ من المؤنة ، يقال : مأنه مئونة إذا عاله وأنفق عليه.

ويقال للجنين إذا خرج من بطن امه مولود ، فاذا تحرك وشب فهو يافع ومنه اليفاع (٢).

وروى انّ رجلا اتى النبي ومعه ابنه ، فقال : من هذا؟ فقال : ابني ، فقال : اما انه لا يجني عليك ولا تجني عليه (٣).

وليس المراد نفي الحقيقة ، لا مكانها ، فيحمل على أقرب المجازات ، وهو رفع حكم الجناية ، فيكون معناه : لا يلزمك موجب جنايته ، ولا يلزمه موجب جنايتك.

(ج) ما رواه سعيد بن المسيب : أنّ امرأتين من هذيل اقتتلتا ، فقتلت إحداهما الأخرى ولكل زوج وولد ، فبرأ رسول الله صلّى الله عليه وآله الزوج والولد وجعل الدية على العاقلة (٤).

__________________

(١) إلى هنا نقلته عن (المعجم الصغير للطبراني) ج ٢ ص ٦٢ وعن (مجمع الزوائد للهيثمي) ج ٤ ص ١٥٤ باب في مال الولد.

(٢) الى ما في بعض النسخ المخطوطة التي عندي والله اعلم بالصواب.

(٣) عوالي اللئالي ج ٣ ص ٦٦٥ الحديث ١٥٧ ولاحظ ما علق عليه.

(٤) عوالي اللئالي ج ٣ ص ٦٦٦ الحديث ١٥٨ ولاحظ ما علق عليه.

٤١٩

وتحمل العاقلة دية الموضحة فما فوقها اتفاقا ، وفيما دون الموضحة قولان : المروي انها لا تحمله ، غير ان في الرواية ضعفا ، وإذا لم يكن عاقلة من قومه ، ولا ضمان جريرة ، ضمن الامام جنايته.

وجناية الذمي في ماله وان كانت خطأ ، فان لم يكن له مال فعاقلته الإمام ، لأنه يؤدي إليه ضريبته ولا يعقله قومه.

واما كيفية التقسيط : فقد تردد الشيخ فيه ، والوجه وقوفه على رأي الامام ، أو من نصبه للحكومة بحسب ما يراه من أحوال العاقلة. ويبدأ بالتقسيط على الأقرب فالأقرب ، ويؤجلها عليهم على ما سلف.

______________________________________________________

احتج الآخرون : بأنهم أخص القوم ، والقرابة أدنى القوم ، وبرواية سلمة بن كهيل.

قال طاب ثراه : ويحمل العاقلة دية الموضحة فما فوقها اتفاقا ، وفيما دون الموضحة قولان : المروي انها لا تحمله غير ان في الرواية ضعفا.

أقول : قد تقدم البحث في هذه المسألة في فروع العاقلة.

قال طاب ثراه : واما كيفية التقسيط : فقد تردد فيه الشيخ ، والوجه وقوفه على رأي الامام.

أقول : قال الشيخ في المبسوط : الذي يقتضيه مذهبنا ، انه لا يقدّر ذلك ، بل يقسم الامام على ما يراه من حاله ، من الغنى والفقر ، وان يفرقه على القريب والبعيد ، وان قلنا يقدّم الأولى فالأولى كان قويا لقوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (١) (٢) وقال قبل هذا الكلام بقليل : وأكثر ما يحمله كل رجل من

__________________

(١) الأنفال / ٧٥.

(٢) المبسوط ج ٧ ، فصل في العاقلة ص ١٧٨ س ٧ قال : الذي يقتضيه مذهبنا ان لا يقدر ذلك ، بل يقسم الامام.

٤٢٠