المهذّب البارع - ج ٥

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

خربة وبيده سكين متلطخ بالدم ، فإذا رجل مذبوح متشحط في دمه ، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام ما تقول يا غلام؟ فقال : يا أمير المؤمنين أنا قتلته ، قال : اذهبوا به فأقيدوه ، فلما ذهبوا به ليقتلوه اقبل رجل مسرعا فقال : لا تعجلوا وردّوه الى أمير المؤمنين عليه السّلام فردوه ، فقال : والله يا أمير المؤمنين ما هذا قتل صاحبه ، انا قتلته ، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام للأوّل : ما حملك على الإقرار على نفسك؟ فقال : يا أمير المؤمنين وما كنت أستطيع أن أقول ، وقد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال ، وأخذوني وبيدي سكين ملطخ بالدم ، والرجل متشحط في دمه ، وانا قائم عليه ، وخفت الضرب ، فأقررت ، وانا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة ، فأخذني البول ، فدخلت الخربة فوجدت الرجل يتشحط في دمه ، فقمت متعجبا ، فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني ، فقال : أمير المؤمنين عليه السّلام : خذوا هذين فاذهبوا بهما الى الحسن عليه السّلام ، وقولوا له : ما الحكم فيهما؟ فذهبوا الى الحسن عليه السّلام وقصّوا عليه قصّتهما ، فقال الحسن عليه السّلام : قولوا لأمير المؤمنين عليه السّلام : ان هذا ان كان ذبح ذلك فقد أحيا هذا ، وقد قال الله تعالى (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً) (١) فخلّى عنهما واخرج دية المذبوح من بيت المال (٢).

فقد استفيد من هذا الحديث فوائد :

(أ) الاكتفاء بالمرة الواحد في الإقرار بالقتل.

(ب) سقوط القصاص عن المقر مع رجوع الأوّل.

(ج) وجوب الدية من بيت المال.

__________________

(١) النساء / ٩٣.

(٢) التهذيب : ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٧٣ الحديث ١٩.

٢٠١

أما البينة : فهي شاهدان عدلان ، ولا يثبت بشاهد ويمين ، ولا بشاهد وامرأتين ، ويثبت بذلك ما يوجب الدية ، كالخطاء ، ودية الهاشمة ، والمنقلة ، والجائفة ، وكسر العظام.

ولو شهد اثنان ان القاتل زيد ، واخران ان القاتل عمرو ، قال الشيخ في النهاية : يسقط القصاص ووجبت الدية نصفين. ولو كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما ، ولعله احتياط في عصمة الدم لما عرض من تصادم البيّنتين.

______________________________________________________

والحق : ان هذه قضية في واقعة ، وقضايا الوقائع لا يجب تعديها إلى نظائرها ، لجواز اطلاعه عليه السّلام على ما يوجب ذلك الحكم في تلك الواقعة ، فالآن لو وقعت مثل هذه القضية ، لم يجز للفقيه ان يحكم بمثل هذا الحكم ، لجواز التواطؤ من المقرين على قتل المسلم ، وإسقاط القصاص والدية بحيلة الإقرارين ، بل الحكم فيهما تخيّر الولي وتصديق أيهما شاء ، لأن رجوع المقر غير مقبول.

قال طاب ثراه : ولو شهد اثنان : ان القاتل زيد ، وآخران : ان القاتل عمرو ، قال الشيخ في النهاية : سقط القصاص ووجبت الدية نصفين ولو كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما ، ولعله احتياط في عصمة الدم لما عرض من تصادم البيّنتين.

أقول : حكم الشيخ في النهاية بسقوط القود في العمد ، وبوجوب الدية عليهما نصفين. وكذا في شبيه العمد ، وبوجوبها على العاقلتين في الخطأ (١) وتبعه

__________________

(١) النهاية ، باب البيّنات على القتل ص ٧٤٢ س ١٨ قال : ومتى شهد نفسان على رجل بالقتل ، وشهد اخران على غير ذلك الشخص الى قوله : وان كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما نصفين.

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

القاضي (١) وهو مذهب المفيد (٢) واختاره العلّامة (٣).

وقال ابن إدريس : يتخير الولي في تصديق احدى البيّنتين وتكذيب الأخرى ، ولا يسقط القود لوجهين.

(أ) قوله تعالى (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) (٤).

(ب) لو شهدت البينة على واحد بقتله عمدا ، وأقرّ به آخر ، تخيّر الولي في قتل أيهما شاء إجماعا ، فكذا هنا ، لتساوي البينة والإقرار في إثبات الحقوق الشرعية (٥).

احتج الأولون على سقوط القود بثلاثة أوجه.

(أ) تعارض البيّنتين أوجب سقوطهما ، لاستحالة العمل بهما ، لتضادهما ، وبإحداهما ، لأنه ترجيح بلا مرجح ، فتعين تساقطهما.

(ب) ان القود منوط باليقين ، لان اراقة الدم ـ من دم ما لا يعلم ثبوت سبب وجوبه فيه ، ولا يظن ـ ، غير جائز ، وهو هنا كذلك ، لعدم مرجح في إحدى البيّنتين.

(ج) ان الحد يسقط بالشبهة ، والدم أعظم خطرا ، فسقوطه مع الشبهة أولى.

وعلى إيجاب الدية بينهما : بانّ البيّنتين لو سقطتا ، لزم احدى محالات ثلاثة

__________________

(١) المهذب : ج ٢ باب البيّنات على القتل ص ٥٠٢ س ٧ قال : وإذا كان القتل عمدا وشهد شاهدان الى قوله : كانت الدية فيه على عاقلتهما نصفين.

(٢) المقنعة : باب البيّنات على القتل ص ١١٥ س ٣ قال : وان تكافأت البيّنات الى قوله : وكان دية المقتول على النفسين بالسوية.

(٣) المختلف : ج ٢ فيما يثبت به القتل ص ٢٣٧ س ٢٥ قال بعد نقل الأقوال : والوجه ما افتى به الشيخان.

(٤) الاسراء / ٣٣.

(٥) السرائر : باب البيّنات على القتل ص ٤٢١ س ٣٦ قال بعد نقل قول الشيخ : والذي يقتضيه أصول المذهب ، ان أولياء المقتول بالخيار الى قوله : لأن الإقرار كالبينة ، والبينة كالإقرار في ثبوت الحقوق الشرعية.

٢٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

اما طلي دم المسلم.

أو إيجاب شي‌ء بغير سبب.

أو الترجيح بلا مرجح.

وبيان الملازمة : انه ان لم يجب لهذا الدم عوض لزم الأمر الأول.

والا فإن وجب على غيرهما لزم الأمر الثاني.

وان وجب على أحدهما بعينه لزم الأمر الثالث.

فبقي : اما على أحدهما لا بعينه ، أو عليهما.

والثاني : المطلوب.

والأول ان لم نوجبه على أحدهما ، فهو الأمر الأول ، والّا فهو عليهما.

فان قيل : لا وجه لاشتراكهما في الدية ، لأنّ البينة عليهما بخلاف ذلك ، فانّ بيّنة كل واحد منهما تشهد عليه بالقتل منفردا ، فقسمة الدية خلاف ما شهدت به البينات ، ولا يعلم سببه ، إذ هو الاجتماع وهو غير معلوم من البيّنتين.

قلنا : نمنع عدم علم الاجتماع ، إذ كل واحدة من البينتين أثبتت لواحد عليّته في القتل ، فالتعارض انما هو في كونها منفردة ، فهو أمر سلبي ، فلا يقبل كردّ شهادة النفي ، وحاصله : ان كل واحد من البينتين تشهد لشيئين منطوقا ، وهو إثبات القتل على من شهدت عليه به ، ويلزمه عدم الشركة ، والأخير شهادة النفي ، فلا يقبل فيه ، ويقبل في الأول لعدم المانع.

فالظن حاصل بكون كل واحد منهما قاتلا ، ولا يجب أكثر من دية واحدة ، فيقسم عليهما.

فرع

لو ادعى الأولياء القتل على أحدهما ، كان لهم قتله لقيام البينة بالدعوى ،

٢٠٤

ولو شهدا بأنه قتله عمدا ، فأقر أخر : انه هو القاتل دون المشهود عليه ، ففي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام للولي قتل المقر ، ثمَّ لا سبيل على المشهود عليه ، وله قتل المشهود عليه ويرد المقر على أولياء المشهود عليه نصف الدية ، وله قتلهما ويرد على أولياء المشهود عليه خاصة نصف الدية.

وفي قتلهما اشكال ، لانتفاء العلم بالشركة ، وكذا في إلزامهما بالدية نصفين ، لكن الرواية من المشاهير.

______________________________________________________

واهدرت البينة الأخرى فلا يكون لهم على الأخر سبيل.

وانما المباحث المذكورة في الكتاب على تقدير أن يقولوا : لا نعلم.

قال طاب ثراه : ولو شهدا أنه قتله عمدا ، وأقر آخر : انه هو القاتل دون المشهود عليه ، ففي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام للولي قتل المقر ـ الى قوله : ـ لكن الرواية من المشاهير.

أقول : روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السّلام قال : سألته عن رجل قتل ، فحمل إلى الوالي وجاء قوم فشهدوا عليه انه قتله عمدا ، فدفع الوالي القاتل إلى أولياء المقتول ليقادوا به ، فلم يبرحوا حتى أتاهم رجل فأقر عند الوالي أنه قتل صاحبهم عمدا ، وانّ هذا الرجل الذي شهد عليه الشهود برئ من قتل صاحبهم ، فلا تقتلوه وخذوني بدمه ، قال : فقال أبو جعفر عليه السّلام : ان أراد أولياء المقتول ان يقتلوا الذي أقر على نفسه ، فليقتلوه ، ولا سبيل لهم على الأخر ، ولا سبيل لورثة الذي أقر على نفسه على ورثة الذي شهد عليه ، فان أرادوا أن يقتلوا الذي شهد عليه فليقتلوه ، ولا سبيل لهم على الذي أقر ، ثمَّ ليؤدى الذي أقر على نفسه إلى الذي شهد عليه نصف الدية ، قلت : أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعا؟ قال : ذلك لهم ، وعليهم ان يؤدوا إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية خاصة دون صاحبه ، ثمَّ يقتلوهما به ، قلت : فإن

٢٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أرادوا أن يأخذوا الدية؟ قال : فقال : الدية بينهما نصفان ، لأن أحدهما أقر ، والأخر شهد عليه ، قلت : فكيف جعل لأولياء الذي شهد عليه على الذي أقرّ به نصف الدية حين قتل ، ولم يجعل لأولياء الذي أقر على أولياء الذي شهد عليه ولم يقر؟ قال : فقال : لأن الذي أشهد عليه ليس مثل الذي أقر ، الذي شهد عليه لم يقر ، ولم يبرأ صاحبه ، والأخر أقرّ وأبرأ صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه ولم يقر ، ولم يبرأ صاحبه (١).

واعلم ان الشيخ في النهاية عمل بهذه الرواية (٢) وتبعه القاضي (٣) وهو مذهب التقي (٤) وأبي علي (٥).

قال ابن إدريس : ولي في قتلهما جميعا نظر ، ثمَّ استقر رأيه في آخر البحث على تخيير الولي كالبينتين (٦) واختاره العلّامة (٧).

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٧٢ الحديث ١٨.

(٢) النهاية باب البينات على القتل وعلى قطع الأعضاء ص ٧٤٣ س ١٤ قال : ومتى اتّهم رجل بأنه قتل نفسا ، فأقر إلى قوله : وهذه قضية الحسن بن علي عليهما السّلام في حياة أبيه عليه السّلام.

(٣) المهذب ج ٢ باب البينات على القتل والقسامة ص ٥٠٢ س ١٢ قال : وإذا اتهم رجل بأنه قتل رجلا وأقر هو بذلك الى قوله : ودفعت الدية إلى أولياء الدم من بيت المال.

(٤) الكافي ، القصاص ، ص ٣٨٧ س ٣ قال : وإذا قامت البينة على قاتل ، وأقر أخر بذلك القتل وبرأ المشهور عليه إلخ.

(٥) المختلف ج ٢ فيما يثبت به القتل ص ٢٣٧ س ٣٨ قال : وقال ابن الجنيد : ولو قامت بينة بقتل عمد فأقر غيره إلخ.

(٦) السرائر باب البينات على القتل وقطع الأعضاء ص ٤٢٢ س ٨ قال بعد تقرير المسألة : هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته ولي في قتلهما نظر ، الى قوله بعد أسطر : والأولى عندي : ان يرد الأولياء إذا قتلوهما معا إلخ.

(٧) المختلف ج ٢ فيما يثبت به القتل ص (٢٣٨) س ٩ قال بعد نقل قول ابن إدريس برمته : وقول ابن إدريس لا بأس به.

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه الرواية من الصحاح ومن المشاهير بين الأصحاب ، لكنها مشتملة على مخالفة الأصول المقررة من وجهين.

(الأول) جواز قتلهما ، ولا موجب له ، لان كل واحد من البينة والإقرار يقتضي الانفراد وعدم الاشتراك ، قال فخر المحققين : فالاشتراك قول بلا دليل ، فيكون خطأ (١).

(الثاني) تضمنها استيفاء الولي أكثر من ماله ، لأنه على تقدير قتلهما يكون الواجب عليه ردّ دية كاملة ، لأنه قتل اثنين ، وله واحد.

وقد تضمنت الرواية : انّ عليه رد نصف ديته إلى ورثة المشهود عليه خاصة ، ووجهه : ان المقر أسقط حقه من الرد ، فبقي المشهود عليه.

وهذا كله على تقدير ان يقول الولي : لا اعلم ، اما لو ادعى القتل على أحدهما ، فإنه له قتله وسقط حكم الأخر.

تذنيب

الحجة اما إقرار واما شهود ، ولا كلام في العمل بإحداهما مع انفرادها.

وإن اجتمع حجتان : فاما اقراران ، أو بينتان ، أو إقرار وبينة ، فالأقسام ثلاثة.

(أ) الاقراران : فان اجتمعا ، فإن برأ الثاني الأول ورجع الأول ، فهو قضاء الحسن عليه السّلام ، وقد مرّ بيانه.

وان لم يبرئه كان له قتلهما ، سواء رجع الأول أو لا ، ويرد عليهما دية يقتسمانها.

وان برئه ولم يرجع الأول ، كان له قتل الثاني ولا شي‌ء له ، لمضي إقرار العاقل

__________________

(١) الإيضاح : ج ٤ كتاب الجنايات ، في البينة ص ٦٠٩ س ٢٢ قال : فالقول بالاشتراك قول بلا دليل فيكون خطأ.

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

على نفسه ، ثمَّ لا شي‌ء له على الأخر ، وله قتل الأول ، وفي تسلط ورثته على المقر الثاني نظر ، ويجي‌ء على رواية زرارة (١) استحقاق ورثة الأول الرجوع على الثاني بالنصف.

وله قتلهما على الرواية على اشكال. ويحتمل قويا منعه من قتلهما ، وتخيره فيهما.

(ب) البينتان : فابن إدريس طرد الحكم فيهما ، وأوجب تخيير الولي (٢) والشيخ أوجب الدية نصفين (٣) وقد تقدم البحث فيه.

(ج) الإقرار والبينة : والأقوى التخيير كمذهب العلّامة (٤) وابن إدريس (٥) والشيخ أجاز قتلهما ويدفع نصف ديته على أولياء المشهود ، وقتل المشهود ويرد المقر على أوليائه نصف الدية ، وقتل المقر ولا شي‌ء لورثته على المشهود عليه (٦) وهو صحيحة زرارة المتقدمة.

__________________

(١) التهذيب : ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٧٢ الحديث ١٨.

(٢) السرائر : باب البينات على القتل ص ٤٢١ س ٣٦ قال : والذي يقتضيه أصول المذهب : ان أولياء المقتول بالخيار ، في تصديق احدى البينتين وتكذيب الأخرى إلخ.

(٣) النهاية : باب البينات على القتل ص ٧٤٢ س ١٨ قال : ومتى شهد نفسان الى قوله : وكانت الدية على المشهود عليهما نصفين.

(٤) المختلف : ج ٢ فيما يثبت به القتل ص ٢٣٧ س ٢٣ قال بعد نقل تصادم البينات ، ويؤيد هذه المسألة ما يأتي : من ان من شهد عليه بالقتل ثمَّ أقر أخر بالقتل ، للأولياء أن يقتلوا من شاءوا منهما بغير خلاف.

(٥) السرائر : باب البينات على القتل ص ٤٢٢ س ٤ قال : فاذا قامت البينة على رجل بأنه قتل رجلا عمدا وأقر أخر إلى قوله : كان أولياء المقتول مخيرين إلخ.

(٦) النهاية : باب البينات على القتل ص ٧٤٣ س ٣ قال : وإذا قامت البينة على رجل بأنه قتل رجلا عمدا وأقر رجل أخر بأنه قتل ذلك المقتول الى قوله : وليس لأولياء المقر على نفسه على الذي قامت عليه البينة سبيل.

٢٠٨

(مسائل)

(الأولى) قيل : يحبس المتهم بالدم ستة أيام ، فإن ثبتت الدعوى ، والا خلى سبيله ، وفي السند ضعف ، وفيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : قيل : يحبس المتهم بالدم ستة أيام ، فإن ثبتت الدعوى ، والّا خلى سبيله ، وفي السند ضعف ، وفيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.

أقول : التحقيق : ان في المسألة خمسة أقوال :

الأول ، قال الشيخ في النهاية : المتهم بالقتل ينبغي ان يحبس ستة أيام ، فإن جاء المدعي ببينة ، والّا خلى سبيله (١) وتبعه القاضي (٢).

والمستند ما رواه السكوني عن الصادق عليه السّلام قال : ان النبي صلّى الله عليه وآله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام ، فإن جاء أولياء المقتول ببينة ، والّا خلى سبيله (٣).

(الثاني) قال ابن حمزة : يحبس ثلاثة أيام (٤) ولعله نظر الى أنه المهملة الشرعية.

(الثالث) قال ابن إدريس : لا يحبس بمجرد التهمة (٥) واختاره المصنف (٦)

__________________

(١) النهاية : باب البينات على القتل ص ٧٤٤ س ٤ قال : والمتهم بالقتل ينبغي ان يحبس ستة أيام إلخ.

(٢) المهذب : ج ٢ باب البينات على القتل ص ٥٠٣ س ٥ قال : وإذا اتهم إنسان بالقتل وجب ان يحبس ستة أيام إلخ.

(٣) التهذيب : ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٧٤ الحديث ٢٣.

(٤) الوسيلة : في بيان أحكام الشهادة على الجنايات ص ٤٦١ س ١ قال : والمتهم بقتل أخر إلى قوله : فإن أنكر حبس ثلاثة أيام.

(٥) السرائر : باب البينات على القتل ص ٤٢٢ س ١٧ قال بعد نقل الحديث : وليس على هذه الرواية دليل يعضدها.

(٦) لاحظ عبارة النافع في قوله : وفي السند ضعف ، وفيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والعلّامة (١) وفخر المحققين (٢).

وردّوا الرواية بوجهين.

(أ) ضعف السند ، لأن السكوني عامي.

(ب) اشتمالها على عقوبة لم يثبت لها موجب ، لأن الموجب للحبس ثبوت حق على المحبوس ، وسببه ظاهر ، أما الإقرار ، أو البينة ، وكلاهما مفقود.

(الرابع) قال العلّامة في المختلف : ونعم ما قال ، ان حصلت التهمة للحاكم بسبب لزم الحبس ستة أيام ، عملا بالرواية ، وتحفظا للنفوس عن الإتلاف ، وان حصلت لغيره ، فلا ، عملا بالأصل (٣).

قلت : ويجب على الحاكم : البحث والاستقصاء في تحصيل أمارة التهمة ، فإن حصلت ، والّا أطلقه ، صونا للنفوس ، ومبالغة في حقن الدماء.

(الخامس) قال أبو علي : ان ادعى الولي ان له بينة حبس سنة (٤) وهو متروك.

ولعله نظر الى أنه غاية الاحتياط في الدماء وأقرب الى تحقق عدم البينة.

واعلم : ان الخلاف وارد على تقدير عدم قيام البينة ، وعلى تقدير قيام بينة لم تثبت عدالتها ، لكن الظن هنا ربما حصل للحاكم ، فيحبس على قول العلّامة ، لكن

__________________

(١) القواعد : ج ٢ في أحكام القسامة ص ٢٩٨ س ١٥ قال : وقيل : ويحبس المتهم في الدم مع التماس خصمه حتى يحضر البينة.

(٢) الإيضاح : ج ٤ في أحكام القسامة ص ٦١٩ س ٢٠ قال : ومنع بن إدريس حبسه بمجرد التهمة إلى قوله : وانا به افتى.

(٣) المختلف : ج ٢ فيما يثبت به القتل ، ص ٢٣٨ س ٢١ قال : والتحقيق ان نقول : ان حصلت التهمة للحاكم إلخ.

(٤) غاية المراد ونكت الإرشاد ، قال في ذيل قوله : (ولو التمس الولي حبس المتهم) : قال ابن الجنيد : ان ادعى الولي البينة حبس إلى سنة.

٢١٠

(الثانية) لو قتل وادعى انه وجد المقتول مع امرأته ، قتل به الّا ان يقيم البينة بدعواه.

(الثالثة) خطأ الحاكم في القتل والجرح على بيت المال ، ومن قال : حذار ، لم يضمن. وان اعتدى عليه فاعتدى بمثله لم يضمن ، وان تلفت.

______________________________________________________

لا إلى سنة ، بل ستة أيام.

قال طاب ثراه : لو قتل وادعى انه وجد المقتول مع امرأته ، قتل به الّا ان يقيم البينة بدعواه.

أقول : روى أصحابنا : ان عليا عليه السّلام اتي برجل قتل رجلا وادعى انه وجده مع امرأته فقال له عليه السّلام : انّ عليك القود الّا ان تأتي بالبينة (١).

قال الشيخ في النهاية : ومن قتل رجلا ثمَّ ادعى انه وجده مع امرأته ، أو في داره ، قتل به ، أو يقيم البينة على ما قال (٢) وتابعه المصنف (٣) والعلّامة (٤).

وقال ابن إدريس : الاولى ان يقيد ذلك : بانّ الموجود كان يزني بالمرأة ، وكان محصنا ، فحينئذ لا يجب على قاتله القود ولا الدية ، لأنه مباح الدم ، فاما ان أقام البينة انه وجده مع المرأة ، لا زانيا بها ، أو زانيا بها ولا يكون محصنا ، فإنه يجب على من قتله القود ، ولا ينفعه بينته (٥).

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٦٠٠ الحديث ٥٩ ورواه في القواعد ج ٢ في التساوي في الدين ص ٢٩٠ س ١٦.

(٢) النهاية : باب البينات على القتل ص ٧٤٤ س ٦ قال : ومن قتل رجلا ثمَّ ادعى انه وجده مع امرأته قتل به إلخ.

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) نقل الحديث في القواعد كما نقلناه آنفا استدلالا به ، ونقل قول الشيخ في المختلف ج ٢ ص ٢٣٨ س ٢٢ رضا به فلاحظ.

(٥) السرائر : باب البينات في القتل ص ٤٢٢ س ١٨ قال : والأولى عندي ان يقيد ذلك بان الموجود كان يزني بالمرأة وكان محصنا.

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

قال العلّامة في المختلف : وهذا النزاع لفظي ، ومقصود الشيخ رحمه الله سقوط القود في القتل المستحق أو تقول : جاز ان يكون وجدانه مع امرأته أو في داره شبهة مسوغة لقتله ، فلهذا سقط القود ، ولا يلزم منه سقوط الضمان (١).

وهذا الكلام يعطى ثلاثة أحكام.

(أ) الجنوح الى ما شرطه ابن إدريس.

(ب) صلاحية وجدانه مع امرأته ، أو في داره ، للشبهة المسوغة للقتل.

(ج) كون هذه الشبهة غير مسقطة للدية ، وان أسقطت القود.

احتج ابن إدريس : بأصالة عصمة الدم إلّا في موضع اليقين ، ولا يقين بدون المشاهدة ، ومعها لا يقتل غير المحصن بالزنا ، فلا يباح دمه.

ويؤيده ما رواه داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : انّ أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله قالوا لسعد بن عبادة : أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال : كنت اضربه بالسيف ، قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : ما ذا يا سعد؟ قال سعد : قالوا : لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت تصنع به؟ فقلت : أضربه بالسيف ، فقال : يا سعد ، فكيف بالأربعة شهود؟ فقال : يا رسول الله صلّى الله عليه وآله بعد رأي عيني ، وعلم الله ان قد فعل؟! قال : أي والله بعد رأي عينيك وعلم الله انه فعل ، لأنّ الله قد جعل لكل شي‌ء حدا ، وجعل لمن تعدى ذلك الحدّ حدّا (٢).

وزاد في بعضها : وجعل ما دون الأربعة شهداء مستورا على المسلمين (٣).

__________________

(١) المختلف : ج ٢ فيما يثبت به القتل ، ص ٢٣٨ س ٢٥ قال : وهذا النزاع لفظي إلخ.

(٢) الكافي : ج ٧ باب التحديد ص ١٧٦ الحديث ١٢.

(٣) الكافي : ج ٧ باب التحديد ص ١٧٤ قطعة من حديث ٤.

٢١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

احتج الآخرون بما روي عن علي عليه السّلام (١) وقد تقدم.

وهو على عمومه.

وبما رواه الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السّلام في رجل دخل دار غيره للتلصص ، أو الفجور ، فقتله صاحب الدار ، أيقتل به أم لا؟ فقال : اعلم ان من دخل دار غيره فقد أهدر دمه ، ولا يجب عليه شي‌ء (٢).

تنبيه

وهل يشترط في البينة عدد شهود الزنا ، أو يكفي العدلان؟ قال في التحرير : الأقرب الاكتفاء بالشاهدين (٣) لأنّ البينة يشهد على وجوده مع المرأة ، لا على الزنا.

ويحتمل اعتبار الأربعة ، لقوله عليه السّلام : (فكيف بالأربعة شهود) (٤).

ولما رواه سعيد بن المسيب : ان رجلا من أهل الشام يقال له : ابن أبي الجسرين ، وجد على بطن امرأته رجلا فقتله وقد أشكل حكم ذلك على القضاة ، فكتب معاوية الى أبي موسى الأشعري يسأل له عن ذلك علي بن أبي طالب عليه السّلام ، فقال له علي عليه السّلام : ان هذا الشي‌ء ما هو بأرضنا ، عزمت عليك لتخبرني ، فقال أبو موسى الأشعري : كتب الى في ذلك معاوية ، فقال علي

__________________

(١) عوالي اللئالي ج ٣ ص ٦٠٠ الحديث ٥٩ ورواه في القواعد ج ٢ ، في التساوي في الدين ، ص ٢٩٠ س ١٦.

(٢) الكافي ج ٧ باب من لا دية له ص ٢٩٤ الحديث ١٦.

(٣) التحرير ج ٢ كتاب الحدود ، في حد المحارب ص ٢٢٤ س ٣٢ قال : (يح) لو وجد مع زوجته الى قوله : والأقرب الاكتفاء بالشاهدين.

(٤) الكافي ج ٧ باب التحديد ص ١٧٦ قطعة من حديث ١٢ وقد تقدم أيضا.

٢١٣

واما القسامة : فلا تثبت الّا مع اللوث.

______________________________________________________

عليه السّلام : أنا أبو الحسن ، ان لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته (١).

والتحقيق أن نقول : إن شرطنا المشاهدة فلا بدّ من الأربعة ، وان اكتفينا بالوجدان كفى الشاهدان.

(ذكر القسامة) (٢).

مقدمة

القسامة عند الفقهاء : كثرة الايمان وتعددها ، واشتقاقها من القسم ، وهو الحلف ، وسميت قسامة ، لتكثر اليمين فيها.

وقال أهل اللغة : القسامة عبارة عن أسماء الحالفين من أولياء المقتول ، فعبّر بالمصدر عنهم ، وأقيم مقامهم (٣).

وهي تثبت مع اللوث. وهو امارة يغلب معها ظن الحاكم بصدق المدعى ، كما إذا كان القتيل في دار المدعي عليه ، أو محلته ، وكان بينهما عداوة. وكشهادة الواحد ، فأجاز الشارع هنا سماع الدعوى من المدعي وإثبات حقه بخمسين يمينا ، ثمَّ يأخذ المدعي عليه ، فيقتله في العمد ، ويأخذ منه الدية في عمد الخطأ ، ومن عاقلته في الخطأ المحض ، فأجاز الشارع هنا إثبات حق المدعى بيمينه ، وان لم تقم البينة.

وحجية اليمين أضعف من حجية البينة ، فأجاز الشارع في إثبات الدم قبول هذه الحجة الضعيفة ، كما أجاز شهادة الصبيان في الجراح والقصاص ، تحقيقا لقوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (٤).

__________________

(١) الفقيه ج ٤ باب نوادر الديات ص ١٢٧ الحديث ٩.

(٢) هكذا في جميع النسخ المخطوطة التي عندي ، وفي النافع المطبوع (واما القسامة) كما أثبتناه.

(٣) لسان العرب ج ١٢ ص ٤٨١ كلمة (قسم) قال : والقسامة الجماعة يقسمون على الشي‌ء ، ويمين القسامة منسوبة إليهم ، إلى قوله : أبو زيد : جاءت قسامة الرجل سمى بالمصدر إلخ.

(٤) سورة البقرة / ١٧٩.

٢١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فقد خالفت القسامة غيرها من الدعاوي والحقوق في أمور.

(أ) كون اليمين ابتداء على المدعي.

(ب) جواز حلف الإنسان لإثبات حق غيره ، ولنفي الدعوى عن غيره.

(ج) تعدد الايمان فيها.

(د) ان من توجهت عليه اليمين إذا نكل ، لا يسقط الحق بنكوله ، بل يرد على غيره من باقي القسامة.

وهي ثابتة بالنص والإجماع.

قال الصادق عليه السّلام : القسامة حق ، وهي مكتوبة عندنا ، ولو لا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضا ثمَّ لم يكن شي‌ء ، وانما القسامة نجاة للناس (١).

والبينة في الحقوق كلها على المدعي واليمين على المدعى عليه الّا في الدم خاصة.

فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله بينما هو بخيبر إذا فقدت الأنصار رجلا منهم ، فوجدوه قتيلا ، فقالت الأنصار : انّ فلان اليهودي قتل صاحبنا ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله للطالبين : أقيموا رجلين عدلين من غيركم ، أقيدوه برمته ، فان لم تجدوا شاهدين ، فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيدوه برمته ، فقالوا : يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا ، وانا لنكره ان نقسم على ما لم نره ، فوداه رسول الله صلّى الله عليه وآله من عنده ، وقال : انما حقن دماء المسلمين بالقسامة ، لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه ، حجزه مخافة القسامة أن يقتل به ، فكفّ عن قتله ، والّا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلناه ، ولا علمنا قاتلا ، والّا أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم ، إذا لم يقسم المدعون (٢).

__________________

(١) الكافي : ج ٧ باب القسامة ص ٣٦٠ الحديث ١ وفيه : عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن القسامة كيف كانت؟ فقال : هي حق إلخ.

(٢) الكافي : ج ٧ باب القسامة ص ٣٦١ الحديث ٤.

٢١٥

وهو امارة يغلب معها الظن بصدق المدعي ، كما لو وجد في دار قوم ، أو محلتم ، أو قريتهم ، أو بين قريتهم ، أو بين قريتين ، وهو الى أحدهما أقرب ، فهو لوث ، ولو تساوت مسافتهما كانتا سواء في اللوث.

اما من جهل قاتله ، كقتيل الزحام ، والفزعات ، ومن وجد في فلات ، أو في معسكر ، أو سوق ، أو جمعة ، فديته من بيت المال.

ومع اللوث يكون للأولياء إثبات الدعوى بالقسامة.

وهي في العمد : خمسون يمينا ، وفي الخطأ خمسة وعشرون على الأظهر.

______________________________________________________

وقد دل هذا الخبر على أحكام.

(أ) مشروعية القسامة ، وبيان علتها.

(ب) كون اليهودي يقاد برمته كالعبد ، وفيه دلالة على جواز استرقاقه.

(ج) توجه الدعوى فيها مع التهمة ، لقولهم : (على ما لم نره) ولم تبطل دعواهم بذلك.

(د) القضاء بالنكول من المدعى عليه ، وذلك لأنها مردودة.

(ه) رد الشهادة مع التهمة ، لأنه عليه السّلام طلب الشاهدين من غيرهم.

واما أداءه الدية من ماله ، فتبرع منه صلوات الله عليه وآله.

واما الإجماع : فمن الأمة لا يختلفون فيها على الجملة ، وان اختلفوا في آحاد مسائلها.

قال طاب ثراه : وفي الخطأ خمسة وعشرون على الأظهر.

أقول : اختلف الأصحاب في عدد القسامة من الخطأ المحض وعمده على قولين.

(الأول) مساواتهما في العدد لقسامة العمد ، وهو خمسون يمينا ، قاله المفيد (١)

__________________

(١) المقنعة ، باب البينات على القتل ص ١١٤ س ٣١ قال : أقسم أولياء المقتول خمسين يمينا ووجبت لهم الدية بعد ذلك.

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وتلميذه (١) وابن إدريس (٢) واختاره العلّامة في القواعد (٣) لأنه أحوط ، وادعى ابن إدريس عليه إجماع المسلمين (٤).

(ب) خمسة وعشرون : قاله الشيخ في كتبه الثلاثة ، النهاية (٥) وكتابي الفروع (٦) (٧) وتبعه القاضي (٨) وابن حمزة (٩) واختاره المصنف (١٠) والعلّامة في المختلف (١١) لأنه أدون من قتل العمد ، فيناسب تخفيف القسامة فيه ، إذ التهجم بالدم على القود أضعف من التهجم على الدية ، فكان التشدد في إثبات الأول أولى.

__________________

(١) المراسم : ذكر احكام البينات ص ٢٣٢ س ١١ قال : قسامة قتل النفس وماله حكم النفس في الجنايات الى قوله : وهو خمسون.

(٢) السرائر باب البينات على القتل ص ٤٢١ س ٧ قال : والأظهر عندنا : ان القسامة خمسون رجلا سواء كان القتل عمدا أو خطأ محضا أو خطأ شبيه العمد الى قوله : وما اخترناه عليه إجماع المسلمين.

(٣) السرائر باب البينات على القتل ص ٤٢١ س ٧ قال : والأظهر عندنا : ان القسامة خمسون رجلا سواء كان القتل عمدا أو خطأ محضا أو خطأ شبيه العمد الى قوله : وما اخترناه عليه إجماع المسلمين.

(٤) القواعد ج ٢ في كيفية القسامة ص ٢٩٧ س ٢ قال : وفي عدد القسامة في الخطأ وعمد الخطأ قولان أقربهما مساواتهما للعمد.

(٥) النهاية : باب البينات على القتل ص ٧٤٠ س ١٧ قال : وان كان خطأ فخمسة وعشرون رجلا يقسمون مثل ذلك.

(٦) كتاب الخلاف : كتاب القسامة ، مسألة ٤ قال : القسامة في قتل الخطأ خمسة وعشرون رجلا.

(٧) المبسوط : ج ٧ كتاب القسامة ص ٢١١ س ١٨ قال : وقتل الخطأ فيه خمسة وعشرون يمينا على شرح يمين العمد سواء.

(٨) المهذب : ج ٢ باب البينات على القتل والقسامة ص ٥٠٠ س ٤ قال : واما قتل الخطأ فقسامته خمسة وعشرون رجلا.

(٩) الوسيلة : في بيان أحكام الشهادة واحكام القسامة ص ٤٦٠ س ٥ قال : وان كان معه شاهد واحد كان القسامة خمسة وعشرين إلخ.

(١٠) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : وفي الخطأ خمسة وعشرون على الأظهر.

(١١) المختلف : ج ٢ ، فيما يثبت به القتل ص ٢٣٧ س ١ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : والوجه ما قاله الشيخ ، لنا انه أدون إلخ.

٢١٧

ولو لم يكن للمدعي قسامة ، كررت عليه الايمان. ولو لم يحلف وكان للمنكر من قومه قسامة ، حلف كل منهم حتى يكملوا ، وان لم يكن له قسامة كررت عليه الايمان حتى يأتي بالعدد ، ولو نكل الزم الدعوى عمدا أو خطأ.

ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة مع التهمة ، فما كانت ديته دية النفس كالأنف واللسان ، فالأشهر : انّ القسامة ستة رجال ، يقسم كل منهم يمينا ، ومع عدمهم يحلف الولي ستة ايمان ، ولو لم يكن قسامة ، أو امتنع احلف المنكر مع قومه ستة ، ولو لم يكن له قوم ، احلف هو الستة.

وما كانت ديته دون دية النفس ، فبحسابه من ستة.

______________________________________________________

ولصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليهم السّلام قال : القسامة خمسون رجلا في العمد ، وفي الخطأ خمسة وعشرون رجلا ، وعليهم ان يحلفوا بالله (١).

ومثلها حسنة يونس عن الرضا عليه السّلام : ان أمير المؤمنين عليه السّلام جعل القسامة في النفس على العمد خمسين رجلا ، وجعل في النفس على الخطأ خمس وعشرون (٢) والتفصيل قاطع للشركة.

قال طاب ثراه : ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة مع التهمة ، فما كانت ديته دية النفس كالأنف واللسان فالأشهر : ان القسامة ستة رجال.

أقول : تثبت القسامة في الأعضاء كما تثبت في النفس ، فما بلغ دية النفس كانت القسامة فيه ستة رجال على المشهور ، وما كانت ديته دونها فبحسابه من

__________________

(١) التهذيب : ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٦٨ الحديث ٧.

(٢) التهذيب : ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٦٩ الحديث ٨ س (٨) قال : وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا.

٢١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ستة ، قاله الشيخ في الكتب الثلاثة (١) (٢) (٣) وتبعه القاضي (٤) وابن حمزة (٥) واختاره المصنف (٦) والعلّامة في المختلف (٧).

وقال سلار : يوجب الخمسين في العمد وخمس وعشرين في الخطأ (٨) واختاره ابن إدريس (٩) ونقله عن المفيد (١٠).

احتج الأولون : بأنّ الجناية هنا أخف ، فكان الحلف فيها أخف ، عملا بالتناسب.

__________________

(١) النهاية : باب البينات على القتل ص ٧٤١ س ١٥ قال : والبينة في الأعضاء مثل البينة في النفس الى قوله : وفيها نقص من الأعضاء القسامة فيها على قدر ذلك إلخ.

(٢) المبسوط : ج ٧ كتاب القسامة ص ٢٢٣ س ١٣ قال : فاما إذا كانت الدعوى دون النفس الى قوله : وان كانت الجناية ما يجب فيها دون الدية إلخ.

(٣) كتاب الخلاف : كتاب القسامة ، مسألة ١٢ قال : يثبت عندنا في الأطراف قسامة إلى قوله : وان كانت الجناية ما يجب فيها دون الدية إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ باب البينات على القتل ص ٥٠١ س ١٢ قال : والبينة في الأعضاء مثل البينة في النفس الى قوله : وفيما نقص من الأعضاء إلخ.

(٥) الوسيلة : في بيان أحكام الشهادة على الجنايات واحكام القسامة ص ٤٦٠ س ٧ قال : وان كانت الجناية على النفس الى قوله : وان أوجبت نصف الدية ففيها ثلاث ايمان ، وان أوجبت سدس ، الدية ففيها يمين واحدة إلخ.

(٦) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : وما كانت ديته دون النفس فبحسابه من ستة.

(٧) المختلف : ج ٢ ، فيما يثبت به القتل ص ٢٣٧ س ١٤ قال بعد نقل قول الشيخ : والوجه ما قاله الشيخ.

(٨) المراسم : ذكر احكام البينات ص ٢٣٢ س ١٠ قال : فاعداد القسامة على ضربين الى قوله : والثاني قسامة ما دون ذلك وهو بحسابه.

(٩) السرائر باب البينات على القتل ص ٤٢١ س ١٧ قال : وكل شي‌ء من أعضاء الإنسان إلى قوله : وبحسبه من الايمان من حساب الخمسين يمينا ان كانت الجناية عمدا ، أو خمسة وعشرين ان كانت الجناية خطأ إلى قوله : وما اخترناه مذهب شيخنا المفيد.

(١٠) السرائر باب البينات على القتل ص ٤٢١ س ١٧ قال : وكل شي‌ء من أعضاء الإنسان إلى قوله : وبحسبه من الايمان من حساب الخمسين يمينا ان كانت الجناية عمدا ، أو خمسة وعشرين ان كانت الجناية خطأ إلى قوله : وما اخترناه مذهب شيخنا المفيد.

٢١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وبحسنة يونس عن الرضا عليه السّلام ، وقال في حديث عن أمير المؤمنين عليه السّلام : وعلى ما بلغت ديته من الجوارح ألف دينار ، ستة نفر ، وما كان دون ذلك فبحسابه من ستة نفر (١).

واحتج الآخرون بالاحتياط.

فروع

(الأول) القسامة يثبت في العبد كما يثبت في الحر ، ويثبت السيد بها دعواه. ومنعه أبو علي (٢) لأنه مال فحكمه حكم البهيمة ، قال في الخلاف : السيد العبد القسامة إذا كان هناك لوث (٣) ، لعموم الأخبار الواردة بالقسامة في القتل (٤).

(الثاني) القسامة خمسون مع اللوث ، سواء كان اللوث شاهدا أو غيره ، وقال ابن حمزة : يحلف مع الشاهد خمسة وعشرون يمينا (٥).

(الثالث) المشهور ان كلا من المدعي والمدعى عليه يتعدد عليه الايمان خمسون يمينا ان كان واحدا ، وان كانوا أكثر توزعت عليهم الأيمان بالنسبة ، وهو مذهب

__________________

(١) التهذيب : ج ١٠ (١٢) باب البينات على القتل ص ١٦٨ الحديث ٧.

(٢) المختلف : ج ٢ ، في اللواحق ص ٢٦٦ س ١٦ قال : مسألة قال ابن الجنيد : ولا قسامة في بهيمة ولا في عبد مقتول.

(٣) لوث بفتح اللام وتسكين الواو ، وهو التهمة القاهرة ، لأن اللوث القوة ، يقال : ناقة ذات لوث ، أي قوة (نقلا من السرائر ص ٤٢١ س ٥).

(٤) كتاب الخلاف : كتاب القسامة مسألة ١١ قال : إذا قتل عبد وهناك لوث فلسيده القسامة إلى قوله : لنا عموم الأخبار الواردة.

(٥) الوسيلة ، في بيان أحكام الشهادة على الجنايات واحكام القسامة ص ٤٦٠ س ٥ قال : وان كان معه شاهد واحد كان القسامة خمسة وعشرين يمينا.

٢٢٠