المهذّب البارع - ج ٥

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٥

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٣

وفي اللسان الصحيح : الدية الكاملة ، وان قطع بعضه اعتبر بحروف المعجم ، وهي ثمانية وعشرون حرفا. وفي رواية : تسعة وعشرون حرفا ، وهي مطروحة.

______________________________________________________

(ج) روى عبد الله بن سنان في الحسن عن الصادق عليه السّلام قال : ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية (١).

احتج المفيد بوجوه :

(أ) كثرة منفعتها ، فإنها تمسك الطعام والشراب.

(ب) زيادة الشين في إذهابها ، فتزداد ديتها عملا بالمناسبة.

(ج) قال : وبذلك ثبتت الاثار عن أئمة الهدى عليهم السّلام (٢).

احتج أبو علي : بانّ السفلى تمسك الطعام والشراب وثرد اللعاب فتزداد ديتها عملا بالمناسبة (٣).

احتج الشيخ بما رواه الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن ابان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : في السفلى ستة الاف ، وفي العليا أربعة الاف ، لان السفلى تمسك الماء (٤).

قال طاب ثراه : وفي رواية تسعة وعشرون حرفا ، وهي مطروحة.

أقول : في لسان الصحيح الدية ، ولو قطع بعضه اعتبر بحروف المعجم ، وهي حروف التهجي ، فما نقص أخذ بحسابه من الدية ، وتبسط الدية عليها بسطا

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٠ قطعة من حديث ٢٢.

(٢) المقنعة باب دية الأعضاء والجوارح ص ١١٨ س ٣٦ قال : لأنها تمسك الطعام والشراب ، وشينها أقبح من شين العليا إلخ.

(٣) المختلف ج ٢ في دية الأعضاء والجوارح ص ٢٥٢ س ٩ قال : وقال ابن الجنيد الى قوله : وانما فضلت السفلى إلخ.

(٤) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٤٦ الحديث ٧.

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

متساويا ، اللسنية والحلقية ، لا تختلف في مقاديرها.

وهي ثمانية وعشرون حرفا في المشهور بين الأصحاب (١).

ويؤيده رواية النوفلي عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : أتى أمير المؤمنين عليه السّلام برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي البعض ، فجعل ديته على حروف المعجم ، ثمَّ قال : تلك بالمعجم ، فما نقص من كلامه فبحساب ذلك ، والمعجم ثمانية وعشرون حرفا ، فجعل الدية ثمانية وعشرون جزء فما نقص عن ذلك كلامه فبحساب ذلك (٢).

والرواية المشار إليها بالاطراح ، هي ما رواه حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إذا ضرب الرجل على رأسه ، فثقل لسانه ، عرضت عليه حروف المعجم ، فما لم يفصح به منها ، يؤدى اليه بقدر ذلك من المعجم ، يقام أصل الدية على المعجم كلّه ، ثمَّ تعطى بحساب ما لم يفصح به منها ، وهي تسعة وعشرون حرفا (٣).

فرع

لو قطع ربع لسانه فذهب نصف الحروف ، أو بالعكس ، قال المصنف : الاعتبار بالحروف لا باللسان (٤) فتوجد في الفرض الأول نصف الدية ، وفي الثاني

__________________

(١) لاحظ المقنعة ص ١١٩ س ١٤ والنهاية ص ٧٦٧ س ٤ والشرائع في الجناية على الأطراف ، السادس اللسان الى غير ذلك ممّا يظهر للمتتبع.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦٣ الحديث ٧٥.

(٣) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦٣ الحديث ٧٣.

(٤) الشرائع ، في الجناية على الأطراف ، اللسان قال : ولا اعتبار بقدر المقطوع من الصحيح ، بل الاعتبار بما يذهب من الحروف.

٣٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ربعها ، وهو ظاهر الأكثر ، وصرح به ابن إدريس (١) وقال في المبسوط : يؤخذ بأكثر الأمرين ، وهو نصف الدية في الحالتين (٢) وهو ظاهر التقي حيث قال : وفي ذهاب النطق الدية كاملة ، وفي بعضه بحساب حروف المعجم ، يلزم الجاني من اقساط الدية بعدد ما يختل النطق به منها ، وفي اللسان الدية كاملة ، وفي بعضه بحساب ذلك يقاس بالميل (٣) واختاره العلّامة (٤) لأن كل واحد من اللسان والكلام مضمون بالدية منفردا ، فاذا انفرد نصفه بالذهاب وجب النصف وان لم يذهب من الأخر شي‌ء ، ولا امتناع في تداخلهما مع الاتفاق ، كما تداخل الأهداب مع الأجفان ، وذهاب الجماع مع قطع القضيب.

ويؤيده هذا الاعتبار صحاح الأخبار المتضمنة لوجوب الدية بفقدان الكلام من غير تعرض للسان.

روى الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إذا ضرب الرجل على رأسه فثقلت لسانه عرض عليه حروف المعجم فما لم يفصح به منها كانت له الدية بالقصاص من ذلك (٥).

ومثلها رواية الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال في رجل ضرب رجلا على رأسه فثقل لسانه : يعرض عليه

__________________

(١) السرائر ، باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٢ س ٦ قال : فاذا قطع نصف اللسان فذهب ربع الكلام ، فعليه ربع الدية.

(٢) المبسوط ج ٧ (دية اللسان) ص ١٣٤ س ١٧ قال : فاذا قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام ، أو نصف اللسان فذهب ربع الكلام كان فيه نصف الدية بلا خلاف إلخ.

(٣) الكافي ، الديات ص ٣٩٧ س ١٦ قال : وفي ذهاب النطق الى قوله : يقاس بالميل.

(٤) المختلف : ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٣ س ٦ قال : والوجه ما قاله الشيخ في المبسوط وهو الظاهر من كلام أبي الصلاح.

(٥) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦٢ الحديث ٧١.

٣٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

حروف المعجم كلها ، ثمَّ يعطى الدية بحصته ما لم يفصح به منها (١).

وفي معناها روايات أخر تتضمّن اعتبار الكلام مع قطع النظر عن اللسان (٢). وروايات أخر ، ونصوص الأصحاب : ان في اللسان الدية.

فمن ذلك ما رواه ، الشيخ عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في. الرجل الواحدة نصف الدية ، وفي الاذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها ، وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل ، وفي الأنف إذا قطع الدية كاملة ، وفي اللسان إذا قطع الدية (٣) وروى العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : في أنف الرجل إذا قطع من المارن فالدية كاملة ، وذكر الرجل الدية تامة ، ولسانه الدية تامة ، وأذنيه الدية تامة ، والرجلان بتلك المنزلة ، والعينان بتلك المنزلة ، والعين العوراء الدية تامة ، والإصبع من اليد والرجل فعشر الدية ، الحديث (٤).

ولان فيه منفعة غير النطق ، وهي جمع الطعام ودفعه من الثنايا الى مطاحنه ، وهي الأضراس ، ثمَّ جمعه بعد طحنه من الأضراس وتلويثه بالرطوبة اللعابية اللزجة ليسهل دفعه وجريانه في المري‌ء.

فإن قلت : لعل هذا غير مقصود في إيجاب الدية ، وانما المقصود الكلام ، لوجود هذه المنافع في لسان الأخرس وفيه ثلث الدية وفيما قطع منه بحسابه مساحة ، فيجب بفوات نصفه سدس الدية إجماعا ، مع انّ الفائت على ما قررت نصف هذه المنافع ، ففي صورة ذهاب ربع الحروف ونصف اللسان ينبغي الاقتصار على الربع ، لأنه أكثر من السدس ، فكيف يجب النصف ، فإيجابه دليل على ان لا عبرة باللسان بل بالنطق.

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦٣ الحديث ٧٤.

(٢) لاحظ التهذيب ج ١٠ ص ٢٦٢ الحديث ٧٢ و ٧٣ و ٧٥.

(٣) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٤٧ الحديث ٩.

(٤) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٤٧ قطعة من حديث ١٠.

٣٢٤

وفي لسان الأخرس ثلث ديته. وفي بعضه بحساب ديته. ولو ادعى ذهاب نطقه ففي رواية : يضرب لسانه بالإبرة فإن خرج الدم اسود صدق.

وفي الأسنان الدية ، وهي ثمانية وعشرون ، منها المقاديم اثنا عشر ، في كل واحدة خمسون دينارا ، والمآخير ستة عشر ، في كل واحدة خمسة وعشرون ، ولا دية للزائد لو قلعت منضمة ، ولها ثلث دية الأصلية لو قلعت منفردة.

______________________________________________________

فالجواب من وجهين.

(أ) أنّ إيجاب ثلث الدية فيه دليل على اعتبار هذه المنافع ، وجاز تقديرها في نظر الشرع بالثلث لأنه لو كان المقصود الكلام فقط لم يجب الثلث ، لعدم النطق ، بل غايته وجوب الحكومة.

(ب) انّ لسان الأخرس إنما وجب فيه الثلث وان كان مشتملا على هذه المنافع ، لأنه عضو أشل ، وفي المشلول الثلث وكلامنا في اللسان الصحيح ، ووجود هذه المنافع في لسان الأخرس مسلم ، الّا انها ناقصة لضعف قوة الأشل عن الصحيح ، وذلك محسوس.

قال طاب ثراه : ولو ادعى ذهاب نطقه ، ففي رواية يضرب لسانه بالإبرة ، فإن خرج الدم اسود صدق.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه الشيخ في التهذيب مرفوعا إلى الأصبغ بن نباته قال : سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن رجل ضرب رجلا على هامته فادعى المضروب انه لا يبصر شيئا وانه لا يشم الرائحة وانه قد ذهب لسانه؟ فقال : أمير المؤمنين عليه السّلام : ان صدق فله ثلث ديات ، فقيل : يا أمير المؤمنين كيف يعلم انه صادق؟! فقال : أمّا ما ادّعاه انه لا يشم الرائحة ، فإنه يدنى منه الحراق ، فان كان

٣٢٥

وفي اسوداد السن ثلثا الدية. وكذا روي في انصداعها ولم تسقط ، وفي الرواية ضعف ، فالحكومة أشبه. وفي قلع السوداء ثلث الدية.

______________________________________________________

كما يقول ، وإلّا نحى رأسه ودمعت عيناه ، وأما ما ادعاه في عينيه ، فإنه يقابل بعينه عين الشمس ، فان كان كاذبا لم يتمالك حتى يغمض عينيه ، وان كان صادقا بقيتا مفتوحتين ، وأمّا ما ادّعاه من لسانه ، فإنه يضرب لسانه بالإبرة ، فإن خرج الدم احمر فقد كذب ، وان خرج الدم اسود فقد صدق (١).

وقال الشيخ في النهاية : يثبت حقه بالقسامة ، ويستوفي (٢) واختاره المصنف (٣) والعلامة (٤).

قال طاب ثراه : وفي اسوداد السن ثلثا الدية. وكذا روى في انصداعها ولم تسقط ، وفي الرواية ضعف فالحكومة أشبه.

أقول : البحث هنا يقع في فصلين.

(الأول) في الجناية عليها صحيحة ، وفيها مسألتان.

(أ) ان تسود بالجناية عليها ، وما ذا يجب فيها؟ قيل فيه قولان :

أحدهما : الثلثان قاله الشيخ في النهاية (٥) واختاره المصنف (٦).

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦٨ الحديث ٨٦.

(٢) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٧ س ٦ قال : وإذا كان لسانه صحيحا وادعى انه لا يفصح بشي‌ء من الحروف كان عليه القسامة حسب ما قدمناه.

(٣) الشرائع ، في الجناية على الأطراف ، اللسان قال : ولو ادعى الصحيح ذهاب نطقه عند الجناية ، صدّق مع القسامة.

(٤) القواعد ج ٢ ، المطلب السادس في اللسان ص ٣٢٦ س ٤ قال : ولو ادعى الصحيح ذهاب نطقه عند الجناية صدق مع القسامة.

(٥) النهاية ، باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٨ س ١ قال : وإذا ضربت السن لكنها اسودت ، ففيها ثلثا دية سقوطها.

(٦) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : وفي اسوداد السن ثلثا الدية.

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والعلّامة (١).

والمستند صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : السن إذا ضربت انتظر بها سنة ، فان وقعت اغرم الضارب خمسمائة درهم ، وان لم تقع واسودت اغرم ثلث ديتها (٢).

والآخر : الحكومة ، قاله في المبسوط (٣).

(ب) ان تتصدع بالجناية ، أى يتخلخل وفي ديتها قولان.

أحدها : الثلثان ، قاله في النهاية (٤) واختاره العلّامة في القواعد (٥) ولعله تشبهه بالشلل ، لنقصان الانتفاع بها وكونها في معرض السقوط.

وروى محمّد بن يعقوب يرفعه الى ظريف بن ناصح قال : حدثني رجل يقال له : عبد الله بن أيوب ، قال : حدثني أبو عمر المتطبب قال : عرضت على أبي عبد الله ، قال : أفتى أمير المؤمنين عليه السّلام ، وكتب الناس فتياه ، وكتب به أمير المؤمنين عليه السّلام الى امراءه ورؤوس أجناده ، فما كان فيه الى ان قال : فان انصدعت ولم تسقط ، فديتها خمسة وعشرون دينارا (٦).

__________________

(١) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٤ س ١ قال : لنا ان في قلع السن دية موظفة وفي اسودادها ثلثي ذلك.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٥ الحديث ٤١.

(٣) المبسوط ج ٧ ، دية اللحيين ص ١٤١ س ١٥ قال : إذا ضرب سن الرجل فلم يتغير منها إلا لونها الى قوله : ففيها حكومة.

(٤) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٨ س ١ قال : وإذا ضربت السن الى قوله : أو انصدعت ، ففيها ثلثا دية سقوطها.

(٥) القواعد ج ٢ ، المطلب السابع الأسنان ص ٣٢٧ س ٤ قال : ولو اسودت بالجناية ولم يسقط ففيها ثلثا ديتها وكذا لو انصدعت.

(٦) الكافي ج ٧ (باب أخر) ص ٣٣٣ س ١٥ قطعة يسيرة من حديث ٢ مع انضمام أحاديث أخر في أثنائه فلاحظ.

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي طريقها ابن زياد (١) وقد تضمنت النصف ولم يقل به احد.

وما أشار إليه المصنف بقوله : (وكذا روي في انصداعها) عطفا على وجوب الثلاثين ، فلم نقف على سنده.

(الثاني) ان يجني عليها مؤوفة ، فاما مسودة ، أو مصدوعة ، فهاهنا مسألتان.

(الاولى) ان يقلعها مسودة ، وفيها ثلاثة أقوال :

(أ) الحكومة ، قاله الشيخ في المبسوط (٢) لأنها المتيقن ، وما ورد من التقدير ، في رواية ضعيفة ، لا تعارض أصالة البراءة.

(ب) ثلث الدية ، قاله في الخلاف (٣) وتبعه القاضي في المهذب (٤) وابن حمزة (٥) وابن إدريس (٦) واختاره المصنف (٧) والعلّامة (٨) لأنها في معنى الأشل ،

__________________

(١) أي سهل بن زياد ، واختلف أصحاب الرجال في توثيقه وتضعيفه ، راجع تنقيح المقال ج ١ ص ٧٥ تحت رقم ٥٣٩٦.

(٢) المبسوط ج ٧ دية اللحيين ، ص ١٤٢ س ١ قال : فان قلعها قالع بعد ذلك فعليه حكومة.

(٣) كتاب الخلاف ، كتاب الديات مسألة ٤٦ قال : إذا قلعها قالع بعد اسودادها كان عليه ثلث ديتها صحيحة.

(٤) المهذب ج ٢ كتاب الديات ص ٤٨٤ س ١٧ قال : وعليه ثلث دية السن الأصلي كما قدمناه ، وفي المختلف ج ٢ ص ٢٥٣ س ٣٩ قال : ولابن البراج قولان : ففي الكامل كقول الشيخ في النهاية ، وفي المهذب كقوله في الخلاف.

(٥) الوسيلة ، أحكام الشجاج والجراح ص ٤٤٨ س ١٥ قال : وفي قلع السوداء والمنصدعة ثلث ديتها.

(٦) السرائر باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٢ س ١٧ قال : وفي السن الأسود ثلث دية السن الصحيحة.

(٧) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : وفي قلع السوداء ثلث الدية.

(٨) القواعد ج ٢ ، المطلب السابع الأسنان ص ٣٢٧ س ٥ قال : ولو قلعها أخر سوداء ففيها الثلث.

٣٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال الباقر عليه السّلام : وما كان من شلل فهو على الثلث (١).

ولرواية العرزمي عن أبيه ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السّلام : في السن السوداء ثلث ديتها (٢).

(ج) ربع دية السن قاله في النهاية (٣) وتبعه القاضي في الكامل (٤).

ومستنده رواية عجلان عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : في دية السن السوداء ربع دية السن (٥).

وفي طريقها : درست بن أبي منصور ، وهو واقفي ، وابن بكير وابن فضال ، وهما فطحيان.

ويلزم على هذا نقصان ديتها عن إتلافها بالجناية دفعة ، فيلزم ان تكون جناية واحدة في محل واحد أزيد من جنايتين ، وهو مستبعد.

ويمكن ان يجاب عنه : بأنه ربما كان النقص عند تفرق الجناية عليها مكان حصول الانتفاع بها وهي سوداء ، بخلاف إسقاطها بالجناية دفعة ، فإنه إتلاف لمنفعتها جملة ، فجاز ان يكون النقص عوضا عن زمان الانتفاع بهذين الجنايتين.

الثاني ان يجني عليها وهي مصدوعة ، وفي ديتها ثلاثة أقوال.

(أ) الحكومة ، ذهب اليه الشيخ في المبسوط (٦) وهو ظاهر المصنف ، حيث

__________________

(١) الكافي ج ٧ باب الخلقة التي تقسم عليها الدية. ص ٣٣٠ قطعة من حديث ٢.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٣) باب دية عين الأعور ولسان الأخرس. ص ٢٧٥ الحديث ١٩.

(٣) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٧ س ٢٠ قال : وفي السن الأسود ربع دية الصحيحة.

(٤) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٣ س ٣٩ قال : ولابن البراج قولان ، ففي الكامل كقول الشيخ في النهاية.

(٥) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦١ الحديث ٦٤.

(٦) المبسوط ج ٧ دية الأسنان ، ص ١٣٨ س ١٣ قال : فان كان سن صغير لم يسقط بعد وهو سن اللبن الى قوله : وقال اخرون : فيه حكومة وهو الأقوى.

٣٢٩

ويتربص بسن الصبي الذي لم يثغر ، فان نبت فله الأرش ، وان لم ينبت فله دية المثغر ، وفي رواية : فيها بعير من غير تفصيل ، وهي رواية السكوني ومسمع ، والسكوني ضعيف ، والطريق الى مسمع في هذه ضعيف أيضا.

______________________________________________________

أوجب في انصداعها الحكومة (١).

(ب) ثلث الدية : ذهب إليه العلّامة في التحرير ، وعبارته : ولو اسودت بالجناية ولم تسقط أو تصدعت ولم تسقط ، فثلثا ديتها ، فان سقطت بعد ذلك فالثلث الباقي (٢).

(ج) ربع دية السن : ذهب اليه الصدوق (٣).

قال طاب ثراه : ويتربص بسن الصبي الذي لم يثغر ، فان نبت فله الأرش ، وان لم ينبت فله دية المثغر ، وفي رواية : فيها بعير من غير تفصيل ، الى أخر البحث.

أقول : إذا سقطت رباعية الصبي ، قيل : ثغر فهو مثغور ، فاذا نبت قيل : اتّغر بالتاء المشددة المثناة من فوق. وأصله ايثغر فقلبت الياء تاء ثمَّ أدغمت الثاء المثلثة وعوضت الثاء عنها تشديد فقيل : اتغر ، وان شئت قلت : اثغر بجعل الحرف الأصلي هو الظاهر (٤).

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع حيث قال : وكذا روى في انصداعها ولم تسقط.

(٢) التحرير ج ٢ ، احكام ديات الأطراف ص ٢٧٤ س ١٥ قال : ولو اسودت بالجناية ولم تسقط.

(٣) المقنع باب الديات ص ١٨٠ س ١٩ قال : فان كان مصدوعا ففيه ربع دية السن.

(٤) ثغر الغلام ثغرا سقطت أسنانه الرواضع فهو مشغور ، واثغر ، واتغر ، وادغر على البدل نبتت أسنانه ، والأصل في اتّغر اثتغر فقلبت التاء ثاء ثمَّ أدغمت ، وان شئت قلت : اتغر بجعل الحرف الأصلي هو الظاهر ، أبو زيد : إذا سقطت رواضع الصبي قيل : ثغر. فهو مثغور ، فاذا نبتت أسنانه بعد السقوط ، قيل : اثغر بتشديد الثاء ، واتغر بتشديد التاء ، وروى اثتغر وهو افتعل من الثغر ، ومنهم من يقلب تاء الافتعال ثاء ويدغم فيها الثاء الأصلية ، ومنهم من يقلب الثاء الأصلية ويدغمها في تاء الافتعال (لسان العرب ج ٤ ص ١٠٣ لغة ثغر).

٣٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا عرفت هذا : فاذا قلعت سن الصبي الذي لم يثغر ، وهي سن اللبن ما حكمها؟

فنقول : لنا فيه مذهبان.

أحدهما : وجوب بعير مطلقا ، أي يجب دفعه إلى المجني عليه عند الجناية من غير انتظار ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط (١) وبه قال التقي (٢) وابن حمزة (٣) وأبو علي (٤) واختاره العلّامة في المختلف (٥).

احتجوا بما رواه النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام : انّ أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في سن الصبي قبل ان يثغر ، ببعير (٦).

وما رواه سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : انّ عليا عليه السّلام قضى في سن الصبي قبل ان يثغر بعيرا بعيرا في كل سن (٧).

وسهل عامي ، وابن شمون غال ، وابن الأصم كذاب متهافت المذهب.

وفي طريق الاولى ، السكوني ، وهو عامي ، فهذا بيان ضعف الطريق الذي أشار

__________________

(١) المبسوط ج ٧ ، دية الأسنان ص ١٣٨ س ١٣ قال : فان كان سن صغير الى قوله : فالذي رواه أصحابنا : ان في كل سن بعيرا ولم يفصلوا.

(٢) الكافي الديات ص ٣٩٨ س ٧ قال : وفي سن الصبي قبل ان يثغر عشر عشر ديته.

(٣) الوسيلة ، أحكام الشجاج والجراح ص ٤٤٨ س ١٠ قال : وان كانت اصلية وكانت سن صغير وجب لكل سن بعير.

(٤) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٤ س ١٧ قال بعد نقل قول المبسوط : وكذا ابن الجنيد وأبو الصلاح وابن حمزة كلهم أفتوا بقول شيخنا في المبسوط ، الى ان قال : والاولى ذلك إلخ.

(٥) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٤ س ١٧ قال بعد نقل قول المبسوط : وكذا ابن الجنيد وأبو الصلاح وابن حمزة كلهم أفتوا بقول شيخنا في المبسوط ، الى ان قال : والاولى ذلك إلخ.

(٦) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦١ الحديث ٦٦.

(٧) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٦ الحديث ٤٣.

٣٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

اليه المصنف (١).

ثانيهما : التفصيل ، وهو ان ينتظر به ، فان لم يعد كان فيه القصاص ، أو الدية ، وان عاد كان فيه الأرش ، وهو تفاوت ما بين كونه مقلوع السن وسليما هذه المدة ، ويؤخذ من الدية بنسبة التفاوت ، ذهب اليه الشيخ في النهاية (٢) والخلاف (٣) وتبعه القاضي في‌ء الكامل (٤) واختاره ابن إدريس (٥) والمصنف (٦) والعلّامة في القواعد (٧) والإرشاد (٨).

واحتجوا بما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، وعلي بن حديد ، عن جميل ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهما السّلام ، انه قال : في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثمَّ تنبت ، قال : ليس عليه قصاص وعليه الأرش (٩) والتفصيل قاطع للشركة.

__________________

(١) لاحظ عبارة النافع.

(٢) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٨ س ٢ قال : ومن ضرب سن صبي بشي‌ء فسقط انتظر به إلخ.

(٣) كتاب الخلاف ، كتاب الديات مسألة ٣٩ قال : إذا كسر سن صبي قبل أن تسقط الى قوله : كان على الجاني حكومة.

(٤) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٤ س ٧ قال : وقال ابن البراج في الكامل كقول الشيخ في النهاية.

(٥) السرائر في ديات الجوارح ص ٤٣٢ س ١٨ قال : ومن ضرب سن صبي فسقط انتظر به الى قوله : وكان فيها الأرش.

(٦) لاحظ عبارة النافع حيث يقول : ويتربص بسن الصبي إلخ.

(٧) القواعد ج ٢ ، المطلب السابع في الأسنان ص ٣٢٧ س ٦ قال : ولو قلع سن الصغير انتظر به سنة إلخ.

(٨) الإرشاد ج ٢ في دية الأطراف ص ٢٣٩ س ١ قال : فان نبت سن الصغير فالأرش ، والا فالدية.

(٩) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٦٠ الحديث ٥٨.

٣٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال أبو علي : المقلوع اما سن أو ضرس ، وفي الأول مع العود بعير ، وفي الثاني ثلث الدية ، ومع عدم العود دية المقلوع (١).

تنبيه

أطلق الأصحاب الانتظار ولم يعينوا له وقتا ، قال الشهيد : وقيدوه بنبات أسنانه بعد سقوطها (٢) وهو الوجه.

وكأنه إشارة الى ما ذكره القاضي في المهذب : وينبغي للمجني عليه ان يصبر حتى تسقط أسنانه التي هي أسنان اللبن ويعود (٣) وقيده العلّامة في كتبه بستة (٤).

وأورد عليه الشهيد : انّ من بلغ اربع سنين العادة قاضية بأنّ سنة لو قلعت لم ينبت الّا بعد مدة تزيد عن الستة قطعا ، قال : وانما هذا شي‌ء اختص به هذا المصنف قدّس الله روحه (يعنى العلّامة) ولا اعلم وجه ما قاله ، وهو اعلم.

نعم في رواية أحمد بن محمّد عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : السن إذا ضربت انتظر بها سنة ، فان وقعت اغرم الضارب خمسمائة درهم ، وان لم تقع واسودت أغرم ثلثي الدية (٥).

__________________

(١) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٤ س ٥ قال : وقال ابن الجنيد : وفي أحد أسنان الصبي إلى قوله : ففيها بعير.

(٢) غاية المراد ، في شرح قول المصنف : (ولو عادت سن الصبي قبل السنة فالحكومة) ص.

س ١٨ قال : أو قيدوه بنبات بقية أسنانه.

(٣) المهذب ج ٢ كتاب الديات ص ٤٨٣ س ٤ قال : وينبغي للجني عليه ان يصبر إلخ.

(٤) لاحظ ما نقلناه آنفا عن القواعد.

(٥) التهذيب ج ١٠ (٢٢) في ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٥ الحديث ٤١.

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه وان كانت صحيحة الا انها لا تدل على المطلوب ، إذ موضوعها سن ضربت ولم تسقط ، ويمكن ان يعتذر له رحمه الله : بانّ المراد به إذا قلعها في وقت تسقط أسنانه فيه ، فإنه ينتظر فيه سنة ، ولا ريب انّ هذا في ذلك الوقت غالب (١) هذا أخر كلامه رحمه الله.

تذنيب

لو مات الصبي في مدة الانتظار لزم الأرش ، فيقوّم مقلوع السن من حين الجناية إلى حين الموت ، وسليما هذه المدة ، ويؤخذ من الدية بنسبة تفاوت القيمتين.

ويحتمل دية السن ، لأنه قلع سنا آيس من عودها ، والأول أقوى لعدم اليأس بالقلع.

فروع

(أ) لو قلع سن مثغر فأخذ الدية ثمَّ عادت سنّه ، هل يسترجع منه الدية؟ قال : في الخلاف : لا ، لعدم الدلالة (٢) ، وقال القاضي : عليه رد الدية ، لأن السن التي أخذ الدية عنها قد عادت (٣) والأول مذهب ابن إدريس (٤) واختاره

__________________

(١) غاية المراد للشهيد قدّس سرّه في شرح قول المصنف : (ولو عادت سن الصبي قبل السنة ، ص. س ٢٠.

(٢) كتاب الخلاف ، كتاب الجنايات ، مسألة ٧٨ قال : إذا قلع سن مثغر وأخذ ديتها ثمَّ نبت السن لم يجب عليه رد الدية.

(٣) المهذب ج ٢ كتاب الديات ، ص ٤٨٤ س ٩ قال : فان كان المجني عليه قد أخذ الدية كان عليه ردّها.

(٤) لم ظفر في السرائر على استرجاع الدية ، ولعله استفيد من قوله : في ص ٤٣٢ س ٣٠ : فالسن هبة مجدّدة من الله تعالى إلخ فلاحظ.

٣٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

العلامة (١).

(ب) لو قلع سن غير مثغر ، فمضت مدة يئس من عودها ، فأخذ الدية ، ثمَّ عادت ، هل ترجع منه الدية؟ قال العلّامة : لا ، كما في سن الكبير إذا عادت (٢) ويلزم القاضي القول بالارتجاع.

(ج) لو قلع سن مثغر فاقتص المجني عليه ، ثمَّ عادت سنّه بعد الاقتصاص ، قال القاضي : يؤخذ منه دية سن الجاني التي أخذها قصاصا ، وليس عليه قصاص في ذلك (٣) وقال العلّامة : لا دية عليه ، لأنه هبة من الله تعالى مجدّدة (٤).

قال الشيخ في المبسوط : من قال هذه هبة مجددة قال : لا شي‌ء عليه ، لأنه أخذ القصاص في سنّه وقد وهب الله له سنا ، ومن قال : هذه تلك ، قال عليه دية سن الجاني ، لأنا بينا انه أخذ القصاص بغير حق ، ولا قصاص عليه ، لأنه إنما أخذ سن الجاني قصاصا ، فيكون عليه الدية (٥).

(د) لو اقتص المثغر بسنّة ، فعادت سن الجاني ، قال في الخلاف : للمجني عليه قلعه ثانيا وهكذا دائما (٦) ومثله قال ابن حمزة (٧) ، وهو لازم القاضي.

__________________

(١) و (٢) و (٣) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٤ س ٣١ قال : والوجه ما قاله في الخلاف ، لنا ان العادة قاضية بعدم العود فاذا عادت كانت هبة من الله تعالى مجدّدة وانما أخذ الدية عن القلوعة لاعن المتجددة هبة ، ثمَّ قال بعد أسطر في سن غير مثغر : والمعتمد ما قلناه في المسألة السابقة لأنه هبة مجددة من الله تعالى فلا يعاد الدية.

(٤) المهذب ج ٢ كتاب الديات ، ص ٤٨٤ س ١٠ قال : كان عليه دية سن الجاني التي أخذها قصاصا وليس عليه قصاص في ذلك.

(٥) المبسوط ج ٧ ، القصاص في الأسنان ، ص ٩٨ س ٢٢ قال : فمن قال : ان عودها هبة مجددة إلى قوله : فيكون عليه الدية. وما نقله المصنف تلخيص من المبسوط.

(٦) كتاب الخلاف ، كتاب الجنايات ، مسألة ٧٧ قال : إذا قلع سن مثغر كان له قلع سنه الى قوله : وللشافعي فيه ثلاثة أوجه أحدها مثل ما قلناه ، الى قوله : دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم.

(٧) الوسيلة ، أحكام الشجاج والجراح ص ٤٤٨ س ١٢ قال : وان رجع سن الجاني كان للمجنى عليه قلعه.

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قال ابن إدريس : هذا قول الشافعي واختاره شيخنا ، ثمَّ استدل بما يضحك الثكلى ، فقال : دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم؟! يا سبحان الله من اجمع معه على ذلك ، وأيّ أخبار لهم فيه ، وانما أجمعنا في الاذن لأمور أحدهما انها ميتة لا يجوز له الصلاة بها ، لأنه حامل نجاسة ، فيجب إزالتها ، والثاني إجماعنا على ذلك وتواتر أخبارنا ، فمن عدّاه الى غيرها فقد قاس ، والقياس عندنا باطل ، وأيضا فالسن هبة مجددة من الله تعالى خلقه ، ليست هي تلك المقلوعة نفسها ، وكيف تقلع ابدا ، وهذا منه إغفال في التصنيف ، فإنه قد رجع عن ذلك في مبسوطه (١).

قال العلّامة : وهذا جهل من ابن إدريس وقلة تأمل ، وعدم تحصيل ، وذلك لقصور قوته المميزة ، وشدة جرأته على شيخنا رحمه الله ، وكثرة سلاطته ، وسوء أدبه ، مع قصوره ان يكون أقل تلامذة شيخنا رحمه الله ، وقوله : (انّ شيخنا رجع عن ذلك في مبسوطه) افتراء عليه ، فانّ الشيخ نقل عمن تقدمه ثلاثة أقوال : أحدها انّ له قلعها أبدا ، لأنه أعدم سن المجني عليه ، فله قلعها ابدا حتى يعدم إنباتها ، ثمَّ قال : وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، وقال اخرون : ليس له قلعها ولا دية ، وقال اخرون : له الدية دون القلع ثانيا. وهذا لا رجوع فيه عما قاله في الخلاف ، بل فيه تقوية لما اختاره في الخلاف ، حيث قال : وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، وأي استبعاد في ذلك ، فإنّ الجناية توجب القصاص ، وهو المماثلة ، فكما أعدم سن المجني عليه كذا يجب ان يعدم سن الجاني (٢).

__________________

(١) السرائر ، باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٢ س ٢٧ قال : وهذا قول الشافعي إلى قوله : قد رجع عن ذلك في مبسوطه.

(٢) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٤ س ٢٤ قال : وهذا جهل من ابن إدريس إلى قوله : كذا يجب ان يعدم سن الجاني.

٣٣٦

وفي اليدين ، الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية ، وحدها المعصم. وفي الأصابع الدية ، وفي كل واحدة عشر الدية ، وقيل في الإبهام ثلث دية اليد. ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث عقد ، وفي الإبهام على اثنين ، وفي الإصبع الزائدة ثلث الأصلية ، وفي شلل الأصابع ، أو اليدين ثلثا ديتها.

______________________________________________________

(ه) إذا جنى على سنّه فسقطت ثمَّ أعادها في مغرزها بحرارة دمها ، فثبتت ثمَّ قلعها بعد ذلك قالع؟ قال الشيخ : عليه الدية لعموم الاخبار (١) قال العلّامة : ان نبتت صحيحة ، والا فعليه الأرش ، وهو مراد الشيخ ، فلا نزاع ، أما الأوّل فعليه الدية ، لأنه قلعها ، وليس له إزالتها لأنها ليست نجسة (٢).

قال طاب ثراه : وفي الأصابع الدية ، وفي كل واحد عشر الدية ، وقيل : في الإبهام ثلث دية اليد.

أقول : القول المحكي لابن حمزة (٣) والتقي (٤) ورواه ظريف بن ناصح (٥) وجعله الشيخ في كتبه الثلاثة رواية (٦) (٧) (٨) والتسوية مذهب الشيخين (٩) (١٠)

__________________

(١) كتاب الخلاف ، كتاب الديات ، مسألة ٤٢ قال : فأما الدية فعموم الاخبار تدل عليها.

(٢) لم أظفر عليه في ما بأيدينا من كتبه.

(٣) الوسيلة ، أحكام الشجاج والجراح ، ص ٤٥٢ س ١٩ قال : وديتها ثلث دية اليد.

(٤) الكافي ، الديات ، ص ٣٩٨ س ١١ قال : الا الإبهام فديتها ثلث دية اليد.

(٥) من لا يحضره الفقيه ج ٤ (١٨) باب دية جوارح الإنسان الحديث ١ ص ٦٠ س ٢٠ قال : والإبهام إذا قطع ثلث دية اليد.

(٦) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٨ س ١٢ قال : وقد روي ان في الإبهام ثلث دية اليد.

(٧) المبسوط ج ٧ دية اليدين ص ١٤٣ س ١١ قال : وروى أكثر أصحابنا : أن في الإبهام ثلث الدية.

(٨) كتاب الخلاف ، كتاب الديات ، مسألة ٥٠ قال : وروى أصحابنا : ان في الإبهام منها ثلث ديتها.

(٩) المقنعة باب دية الأعضاء والجوارح ص ١١٩ س ٨ قال : وفي كل إصبع عشر الدية.

(١٠) النهاية ، باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٨ س ١١ قال : وفي كل واحدة منها عشر الدية.

٣٣٧

وفي الظفر إذا لم ينبت ، أو نبت أسود عشرة دنانير ، فان نبت أبيض فخمسة دنانير ، وفي الرواية ضعف.

______________________________________________________

والقاضي (١) وأبو علي (٢) واختاره ابن إدريس (٣) والمصنف (٤) والعلّامة (٥).

احتجوا بحسنة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن الأصابع ، أسواءهنّ في الدية؟ قال : نعم (٦).

ومثلها صحيحة عبد الله بن سنان عنه عليه السّلام (٧).

قال طاب ثراه : وفي الظفر إذا لم ينبت ، أو نبت أسود عشرة دنانير ، فان نبت أبيض فخمسة دنانير وفي الرواية ضعف.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في الظفر إذا قطع ولم ينبت ، أو نبت فاسدا عشر دنانير ، فان خرج أبيض فخمسة

__________________

(١) لم نجد في المهذب تصريح بالمسألة ولكن يظهر من إطلاقات كلماته ، لاحظ ص ٤٧٧ من المهذب ، وفي المختلف ج ٢ ص ٢٥٥ س ٨ قال : وهو قول ابن البراج (أي التسوية).

(٢) المختلف : ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٥ س ٦ قال : وقال ابن الجنيد : وقد روي اختلاف دية الأصابع إلخ ومن هذا يظهر أنه قائل بالتسوية.

(٣) السرائر باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٢ س ٣٣ قال : وفي كل واحد منها عشر الدية ، وهذا مذهب شيخنا في نهايته.

(٤) لاحظ عبارة النافع.

(٥) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٥ س ١١ قال : والوجه ما قاله الشيخ في النهاية.

(٦) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ، ص ٢٥٧ قطعة من حديث ٤٨.

(٧) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ، ص ٢٥٧ الحديث ٤٩.

٣٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

دنانير (١) وبمضمونها قال الشيخ في النهاية (٢) والقاضي (٣) وابن حمزة (٤) قال المصنف : وفيها ضعف ، وقد عرّفناك وجه ضعفها بإيراد سندها ، وقد عرفت رجاله.

واعلم ان في هذه المسألة ثلاثة أقوال.

(أ) وجوب عشرة دنانير في كل ظفر مع عدم نباته ، وإذا نبت اسود ، قاله الشيخ ومن تبعه ، وقد ذكرناهم.

(ب) وجوب العشرة مع عدم نباته ، ومع خروجه اسود يكون فيه ثلث الدية ، لأصالة براءة الذمة وشغلها يحتاج الى دليل. وأيضا : فليس خروجه اسود كلا خروجه بالكلية ، فيكون ديته أقل من ديته عملا بالمناسبة ، وهو مذهب ابن إدريس (٥) وجنح إليه العلّامة في المختلف (٦) واختاره فخر المحققين (٧).

(ج) في ظفر إبهام اليد عشرة دنانير ، وفي كل واحد من الأربع الباقية خمسة ، وفي ظفر إبهام الرجل ثلاثون دينارا ، وفي كل واحد من الأظفار الأربعة الباقية عشر دنانير ، فان قلع شي‌ء من ذلك ولم ينبت ، أو ينبت أسود معيبا ، ففيه الدية ، فإن

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٦ الحديث ٤٥.

(٢) النهاية باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٧٦٨ س ١٥ قال : وفي الظفر إذا قلع ولم يخرج إلخ.

(٣) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٥ س ٢٤ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وبه قال ابن البراج.

(٤) الوسيلة ، أحكام الشجاج والجراح ص ٤٥٤ س ١ قال : واما الظفر الى قوله : أو لم يعد أصلا ففي كل واحدة عشرة دنانير.

(٥) السرائر باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٢ س ٣٧ قال : وفي الظفر الى قوله : فان خرج اسود فثلثا ديته.

(٦) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٥ س ٢٧ قال : وقول ابن إدريس لا بأس به.

(٧) الإيضاح ج ٤ (المطلب الثامن اليدان) ص ٦٩٨ س ١٥ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو الأقوى عندي.

٣٣٩

وفي الظهر إذا كسر الدية ، وكذا لو احدودب ، أو صار بحيث لا يقدر على القعود ، ولو صلح فثلث الدية.

وفي ثديي المرأة ديتها ، وفي كل واحد نصف الدية. وقال ابن بابويه : في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية ، مائة وخمسة وعشرون دينارا.

______________________________________________________

خرج على ما كان نباته ، ففيه نصف ديته ، وهو مذهب أبي علي (١).

والنظر فيه من أربعة أوجه :

(أ) في الفرق بين الإبهام وغيره.

(ب) في الفرق بين إبهام اليد والرجل.

(ج) إيجاب خمسة دنانير في غير الإبهام ، والمشهور وجوب عشرة.

(د) إيجاب خمسة مع نباته كما كان ، والأقوى فيه الحكومة.

ومأخذ الوجه الثالث رواية ابن محبوب عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية في كل إصبع عشر من الإبل ، وفي الظفر خمسة دنانير (٢).

قال طاب ثراه : وفي ثديي المرأة ديتها ، وفي كل واحد نصف الدية ، وقال ابن بابويه : في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية (٣).

أقول : البحث هنا يقع في فصلين.

__________________

(١) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٥ س ٢٤ قال : وقال ابن الجنيد : في دية الظفر من إبهام اليد إلخ.

(٢) التهذيب ج ١٠ (٢٢) باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٢٥٧ الحديث ٤٩.

(٣) الشرائع في الجناية على الأطراف ، الرابع عشر : الثديان قال : وقال ابن بابويه رحمه الله في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية ، مائة وخمسة وعشرون دينارا.

٣٤٠