رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

الشيخ أحمد آل طوق

رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طوق


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٢

أُشير إليها في الهامش.

خامساً : الكلمات غير الواضحة أو غير المقروءة ، وكنّا نستظهر بعضها ووضعها داخل معقوفين [ ] ونشير إليه في الهامش ، أو نتركها دون استظهار ، ونستعيض عنها بمعقوفتين فارغتين مع الإشارة إليها في الهامش أيضاً.

سادساً : بعض الموارد التي يمكن قراءتها لكن فيها لبس أو عدم وضوح في معناها كنا نتركها كما هي مع الإشارة إليها في الهامش بعبارة : ( كذا في المخطوط ).

سابعاً : تخريج المفردات اللغويّة الميّتة أو النادرة الاستخدام ؛ تسهيلاً للقارئ ، وحلّاً لغموض النصّ وإبهامه.

ثامناً : حل الرموز الواردة في الكتاب سواء تلك التي أُشير بها إلى أسماء المؤلّفين أو أسماء المؤلَّفات ، وقد اعتمدنا في ذلك على كتاب معجم الرموز والإشارات تأليف الشيخ محمد رضا المامقاني.

وضع فهارس عامّة للكتاب تيسيراً على القارئ المتتبّع ، وتشمل :

١ ـ فهرس الآيات الكريمة.

٢ ـ فهرس الأحاديث والروايات الشريفة.

٣ ـ فهرس الأعلام.

٤ ـ فهرس الأديان والفرق والمذاهب والطوائف.

٥ ـ فهرس الأماكن.

٦ ـ مصادر التحقيق.

والمتابعة النهائيّة.

وأخيراً نسأله تعالى أن يأخذ بأيدينا لخدمة هذا الدين الحنيف والمذهب العظيم عبر إحياء تراث علمائه الأعلام.

شركة دار المصطفى (ص) لإحياءالتراث

مصطفى آل مرهون

ضياء آل سنبل

٢١

٢٢

٢٣

٢٤

٢٥

٢٦

٢٧

٢٨

٢٩

٣٠

الرسالة الأولى

ما يكفي المكلّف من أدلّة الاُصول الخمسة بالدليل العقلي

٣١
٣٢

مقدّمة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رَبِّ العالمين ، وصلّى الله بأفضل صلواته وبارك بأفضل بركاته وسلم بأزكى تسليماته على خير من اصطفى لرسالاته محمدٍ : وآله القائمين مقامه الأعلى.

وبعد : فيقول أقلّ الورى عملاً وأكثرهم زللاً أحمد بن صالح بن سالم : هذه رسالة موجزة في بيان ما يكفي المكلّف من أدلّة الأُصول الخمسة بالدليل العقلي ، وإلّا فهي أكثر من أن تُحصى إلّا لله وخاصّته [ الآخذين (١) ] عنه علومهم ، ورتّبتها على : مقدّمة ، وخمسة فصول ، وخاتمة.

__________________

(١) في المخطوط : ( الماخذين ).

٣٣
٣٤

المقدمة

[ وهي ] مشتملة على فائدتين :

الاولى : في معنى التوحيد

اعلم أن معنى التوحيد أن تعتقد وحدانيّة الله تعالى في ذاته ، بأنه ليس كمثله شي‌ء ، وفي صفاته الذاتية التي وَصَف بها نفسه على لسان رسله بأنها عين ذاته العليّة ، بمعنى أن ليس ذاته شيئاً وعلمه مثلاً أو سمعه أو بصره شيئاً آخر مستقلا بمعنًى ، حتّى إنه تعلم ذاته أو تسمع أو تبصر بعلم أو بصر أو سمع هو غيرها ، فالذات شي‌ء والعلم شي‌ء آخر. فهو تعالى وتقدّس ذات لها علم متّصف به مثلاً كما في المخلوق ، بل عين ذاته عين علمه ، وحقيقة علمه هو ذاته ، فهو يعلم ويبصر ويسمع بذاته المقدّسة عن وصف الجاهلين ؛ إذ لو لم يكن الأمر كذلك للزم أن تكون ذاته المقدّسة في نفسها خالية من العلم مثلاً ، وإنما العلم صفة مغايرة لها ، فيلزم تعطيل الذات وخلوّها في حقيقتها عن صفات الكمال ، وإنما كملت بشي‌ء آخر.

وللزمه أيضاً تركّب الواحد بكلّ اعتبار ووحدة حقيقته من ذات وصفة هي العلم مثلاً ، والتركيب يفتقر إلى مركّب ، ويستلزم المِثل. وتعالى القيّوم الغنيّ بذاته عمّن سواه أن يفتقر إلى خلقه المفتقر إليه بذاته ، أو يشبهه خلقه ؛ إذ ما سواه خلقه.

وإنما وصف نفسه بصفاتٍ ، وسمّى نفسه بأسماء وعرّفنا إيّاها لندعوه بها ، ودلّنا

٣٥

على أنها صفات كمال ، وهو منبع كلّ كمالٍ وخير وأولى به ، فإنه واهبه ، ومعطي الخير أولى بالخير والفضل ، فوصفناه بها كما عَلّمنا.

وفي أفعاله بأن تعلم [ أن ] كلّ كمالٍ وجمالٍ وخيرٍ فمنه بدأ ، وهو مفيضه وواهبه لمن يشاء ، فلا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت إلّا هو سبحانه وتعالى ، ولا يُعبَدُ إلّا هو ، ولا يحلّ عبادة غيره بوجه ، ولا طاعة غيره أيضاً.

نعم ، له عباد طاعتُهم طاعتُه ومعصيتُهم معصيتُه وأمرهم عين أمره وقدرتهم بقدرته ، فمن لجأ إليهم أو استغاث بهم أو أطاعهم فقد عبد الله ؛ لأنهم خلفاؤه ونوّابه ، وأنه هو واهب القدرة على كلّ خير ومعجزة وكرامة لأوليائه وصفوته ورسله. فكلّ ما في الخلق من جمالٍ وكمالٍ وخيرٍ فهو واهبه تعالى ، فإن ما سواه خلقه ، فليس لرسولٍ أو وليّ أو ملكٍ قدرة ولا كمال إلّا وهو واهبه له. فدعوة الرسل والأولياء والاستغاثة بهم إذا كانت لاعتقاد أنهم نوّاب الله وخلفاؤه وأبوابه [ التي (١) ] لا يؤتى إلّا منها ، ولأنهم ألبسهم الله حلّة عزّه وقدرته ، وأقدرهم على كلّ ما يريدون بإرادته ، وأن كلّ ما يصدر عنهم من المعاجز وغيرها فهو بقدرة الله تعالى ، كان هو التوحيد الخالص الحقّ.

فلا تغترّ بقول الجاهلين الذين يظنون أنهم ينالون ما عند الله بلا واسطة خلفائه الذين اختارهم وجعلهم ملاذاً ومفزعاً لخلقه ، ودلّ الخلق عليهم وهداهم إليهم بما ألبسهم من لباس عزّته وقدرته ، وجعلهم يقدرون بقدرته على كلّ شي‌ء ، وظهرت منهم المعجزات بإذنه وقدرته.

كيف ظنّك بمن قدرته قدرة الله ويده يد الله ، كما أن أمرَه أمرُ الله ونهيَهُ نهيُهُ؟

الفائدة الثانية : في معنى الإيمان

اعلم أن معنى الإيمان هو أن تعلم بالدليل وحدانيّة الله تعالى كما تقدّم ويأتي

__________________

(١) في المخطوط : ( الذي ).

٣٦

إن شاء الله المتفضّل وعدله ، ووجوب بعثة الرسل ، وتعرف الرسول الذي أنت مكلّف باتّباعه والعمل بشريعته ، وتعرف مَن خلفاؤه وإمام زمانك منهم ، وتعرف وجوب عصمة الرسل والأئمّة عليهم‌السلام ، وأن بعثة الرسل ونصب الإمام واختياره من الله لا من الخلق ، وأن كلّ ما جاء به الرسل من عند الله ، وأخبروا به من أُمور الدنيا والآخرة حقّ ، وأن البعث بعد الموت حقّ ، والجنّة والنار حقّ.

وبالجملة ، العلم بالأُصول الخمسة بالدليل ولو على سبيل الإجمال ، وهو رُتَب ودرَجٌ متفاضلة على قدر العلم والعمل.

واعلم أن الفرق بين الإسلام والإيمان كالفرق بين الروح والجسد ، فالأيمان روح والإسلام جَسَد ، وكالفرق بين القلب والجسد وبين الكعبة والمسجد ، فكلّ مؤمن مسلم ، ولا عكس ، كما أن مَن دخل الكعبة والقلب دخل المسجد والجسد ، وليس كلّ مَن دخل المسجد أو الجسد دخل الكعبة أو القلب.

٣٧
٣٨

الفصل الأول

في التوحيد

اعلم أن مَن له أوّل درجة من العقل إذا فكّر فيما علمه بالضرورة الفطريّة أو الحسيّة في أنه كان بعد أن لم يكن ووُجِدَ بعد العدم ، وكذلك أبوه وجدّه ، وأنه لم يخلق نفسه ، وإلّا لم يرضَ لنفسه بالعدم في حال ؛ لأن العدم خسيس دني‌ء ، والوجود شريف رفيع ، ولا خلقه مَن هو مثله ؛ إذ لا مرجّح لأحد المثلين المتساويين على الآخر حتّى يكون أحدهما خالقاً والآخر مخلوقاً ؛ لأن الخالق أشرف من المخلوق ، وشرف المخلوق إنما يكون من الخالق ، لأن الصنعة تعلو وتزكو على قدر علوّ صانعها وشرفه ، علم بذلك أن له صانعاً لا يشبهه بوجهٍ أصلاً.

وأيضاً إذا فكّر ونظر إلى تعاقب الضدّين على الشي‌ء الواحد كالطلوع والغروب على الكوكب ، وتنقّل مثل الشمس والقمر في البروج ، وكونهما قد يُخسَفان في بعض الأحيان ، وكون القمر تارة بدراً كاملاً وأُخرى هلالاً ، أو مختفياً لا يُرى ، وكون بعض الكواكب أنور من بعض ، وكون النباتات كلّها تارة بذراً وتارة حشيشاً مثلاً ، وتارة ثمرة مُرّة وتارة ثمرة حلوة كالرطب ، وتارة ييبس ويعود هشيماً وحطباً ، علم بذلك أنها لم توجِد نفسها ولم تُدبّر حالها ، وإلّا لما اختارت الحالة الذميمة الوضيعة على الحالة الشريفة الرفيعة ، ولا خَلَقها مَن هو مثلها لما مرّ.

٣٩

فلو فكّر في تصوّر الإنسان وتنقّله من الماء المهين إلى أن يكون إنساناً [ يحاول (١) ] بعقله علم ما في باطن السماوات وتخوم الأرضين ، مع عجزه في كلّ أحواله عن جلب رزقه وما يصلحه ويزينه ، وعن دفع المهلكات عن نفسه ، لعلم أن له صانعاً لا يشبهه شي‌ء ولا يعجزه شي‌ء ، غنيّ عمّن سواه بذاته ، حكيم عليم.

وبالجملة ، فطر العقول مقرّة بالضرورة أن كلّ أثر وصنع وخلقٍ لا بدّ له من مؤثّر وصانع وخالق لا يشبهه.

في كونه تعالى غير مصنوع

فإذا علمت أن لهذا الخلق خالقاً موجوداً لوجود الصنع واستمراره ودوامه ، عرفت أن لهذا الخلق صانعاً غير مصنوع ؛ إذ كلّ مصنوع يفتقر إلى صانع ؛ فإمّا أن يكون في الوجود صانع غير مصنوع ، أو لا يوجد مصنوع ، وقد وجد مصنوع ، ومتى وجد مصنوع لزم وجود صانع غير مصنوع.

في كونه تعالى واحداً

فاعلم أن صانع هذا الخلق واحد حقيقيّ ، بمعنى أنه لا يشبهه شي‌ء ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ ) (٢) ؛ إذ لو كان له شبهٌ لم يتميّز الخالق من المخلوق ، ومن المحال أن يكون أحد المتماثلين خالقاً والآخر مخلوقاً ؛ إذ لا يُعرف الخالق. مع أن حقيقة الخالقيّة ومعناها مباينة لمعنى المخلوقيّة وحقيقتها ، لأن الخالقيّة فعل وإفاضة ، والمخلوقيّة انفعال وقبول استفاضة ، فمحال أن يكونا مثلين.

وأيضاً لو كان له تعالى شبه لاحتاج كلّ منهما إلى ما يميّزه من الآخر ؛ إذ من المحال أن يكون اثنان لا يتميّز أحدهما [ من (٣) ] الآخر ، ولمّا كانا اثنين متشابهين والمميّز لكلّ منهما عن شبهه حاكماً على كلّ منهما بأنه هو ، وأنه غير الآخر ، ومبيّناً

__________________

(١) في المخطوط : ( يحاوله ).

(٢) الشورى : ١١.

(٣) في المخطوط : ( عن ).

٤٠