رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

الشيخ أحمد آل طوق

رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طوق


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٢

التمام عدل إليه كالعكس وأتمّ. وإلى الانفراد مع العذر إجماعاً ، وبدونه على الأقوى ، لكنّه إن كان لفساد صلاة الإمام أو عدم أهليّته فعلى الوجوب ، وإلّا فهو جائز. ومن الائتمام بإمام إلى الائتمام بآخر إذا عرض له مانع.

أمّا من الانفراد إلى الائتمام ومن نفل إلى فرض فلا يجوز.

كلّ ذلك [ إن (١) ] لم يفت محلّ العدول ووسع الوقت.

ولو نسي تعيين الفائتة لم يجب التعيين في النيّة ، بخلاف ما إذا لم ينسَ.

__________________

(١) في المخطوط : ( فإن ).

٣٠١
٣٠٢

الفصل الثاني

في القيام

وهو واجب ركنيّ في الاختيار ، ولا يضرّ فيه الإطراق بالعنق أو ميله ، ويجب فيه اختيار الاستقلال ، فلو استند فيه إلى شي‌ء بحيث لو أُزيل سقط اختياراً ، لم يصحّ. ولا يجوز الميل حالته إلى أحد الجانبين اختياراً ، ولا يجب التسوية بينهما في الاعتماد ، ولكنّه أحوط.

والركن منه هو المتّصل بالركوع ، قبله ، وغيره يتبع الفعل وجوباً وغيره ، فلو أخلّ به حال القراءة أو بدلها سهواً لم تبطل صلاته ، ولو ترك القراءة سهواً وركع عن قيام لم تبطل أيضاً ، فالركن من القيام المتّصل بالركوع هو الأمر الكلّي.

وتجب الطمأنينة حال القيام ، فلا تصحّ صلاته اختياراً مضطرباً ولا ماشياً ولا على ما لا تستقرّ عليه قدماه ، ولا يضرّ تحريك بعض الأعضاء بما لا يخرجه عنها. ولا يجوز تباعد قدميه بما يخرجه عن القيام عرفاً كالفحج (١) ، فإن تعذّر أتى بالممكن ، فيستند على شي‌ء ولو حيواناً ولو بأجرة زائدة ما لم يضرّ بحاله قبل الجلوس ، فإن عجز صلّى جالساً.

والإنسان أبصر بنفسه في حد العجز المسوّغ له الانتقال من رتبة إلى أُخرى ،

__________________

(١) الفحج : تباعد ما بين أوساط الساقين ، وقيل : تباعد ما بين الفخذين. لسان العرب ١٠ : ١٩١ فحج.

٣٠٣

ومنه خوف طول المرض وحدوثه والمعالجة منه بما ينافيه ، ولا يقدر بالعجز عن المشي قدر الصلاة لعدم التلازم ، ومن العجز عن القيام خشية رؤية العدو وقصر سقف المكان إذا حبس فيه ظلماً. ومن الأعذار شدّة البرد إن حصل هونه في القعود ، ودوران الرأس كذلك كما يعرض لبعض راكب البحر.

ولو قدر العاجز على الاستقلال على الاتّكاء والاعتماد قدّمه على الانحناء المقدّم على الجلوس.

ولو قدر على المشي لم يقدّمه على الجلوس ، بل ينتقل إليه ويسقط القيام ولو معتمداً ، ويصلّي قاعداً أو مضطجعاً إذا كان به مرض كالرمد لا يبرأ إلّا به لأجل العلاج نصّاً (١) وإجماعاً.

ولو قدر على القيام في بعضها والاعتماد في الآخر والجلوس في آخر وجب كلّ في محلّه.

ولو تمكّن من القيام وعجز عن الركوع أو السجود قام وأومأ إلى الركوع وجلس وأومأ إلى السجود.

ويجب على المصلّي قاعداً أن يرفع فخذيه وينحني حالة الركوع بحيث يحاذي وجهه قدّام ركبتيه من الأرض ، ولو أمكنه القيام منفرجاً كثيراً أو مائلاً إلى أحد الجانبين فغير بعيد تقديمه على الجلوس.

ولو عجز عن الركوع أو السجود حال جلوسه أومأ إلى الركوع ورفع ما يجب عليه بحسب الإمكان وسجد عليه وإلّا يمكنه أومأ أيضاً.

وإن عجز عن ذلك كلّه صلّى مضطجعاً على الجانب الأيمن كالملحود ، وإن عجز فعلى الأيسر مستقبلاً ، فإن عجز فمستلقياً كالمحتضر. ويومي للركوع والسجود والرفع منهما في الحالات بالرأس ، فإن عجز فبالعينين تغميضاً للركوع والسجود وتفتيحاً للرفع منهما ، إلّا إن تغميض السجود أخفض من الركوع.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ : ٤٩٦ ، أبواب القيام ، ب ٧.

٣٠٤

ويراعى الميسور في الحالات ويأتي بالأركان والقراءة وما أمكن من كلّ واجب.

وإن عجز عن ذلك كلّه أو عن بعضه ولو لعدم من يوجّهه كفاه إجراء الأفعال والأقوال على قلبه ، وينطق بالممكن ويتحرّى بعد الاستلقاء الممكن والأقرب فالأقرب ، ولا يسقط عنه الصلاة ، وإن أخلّ بممكن أقرب ممّا يستطيع لم يصحّ وعليه القضاء ، وإلّا أجزأه الممكن وإن بقي الوقت نصّاً (١) وإجماعاً.

ومتى تجدّد العجز للقادر في حالة انتقل إلى ما دونها وجوباً على الترتيب ، ويترك الذكر حال الانتقال على الأقوى وبالعكس كذلك ، إلّا إنه إذا تجدّدت القدرة انتقل إلى ما يستطيع ولا يراعي الترتيب ، فلو قدر المضطجع على القيام في أثنائها وجب ، ولو قدر على الركوع عن قيام وجب ، وكلّ ما هو بدل القيام حال العجز عنه فله حكمه في الركنيّة وغيرها.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٥ : ٤٩٤ ، أبواب القيام ، ب ٦.

٣٠٥
٣٠٦

الفصل الثالث

في تكبيرة الإحرام

وهي ركن ، فلو أخلّ بها مطلقاً أو أزادها مطلقاً لم تصحّ ، وصورتها الله أكبر بالعربية المعربة ؛ فإن عجز وجب التعلّم ، وإن ضاق الوقت كبّر بأي لغة شاء من غير ترجيح ، وإن أمكن المرادف العربي وملحونها وجب تقديمه على غيره من اللغات ، ويحتمل في الثاني مساواة سائر اللغات.

ولا تجوز الزيادة عليها ولو بصفة ولو كانت حقّا ، ولا التبديل ولو بمرادف. ولا يجوز نقصها ولو بحرف ، ولا زيادتها كذلك ، ولا إشباع حركة الباء حتّى تكون ألفاً معه ، [ فإنه (١) ] ينقلب المعنى حينئذٍ ، ويجب حينئذٍ إخراج الحروف من مخارجها. كلّ ذلك تبعاً للمنقول عنهم عليهم‌السلام وتحصيلاً ليقين البراءة.

ويأتي بـ أكبر على صيغة ( أفعل ) ، ويقدّم لفظ الله على أكبر ، ويوالي بينهما ، ويقطع همزة لفظ

الله كلّ ذلك وجوباً ، ويجب أن يسمعها المصلّي نفسه تحقيقاً أو تقديراً ، ويجب وقوعهما قائماً مطمئناً كالنيّة.

والعاجز عن النطق بتكبيرة الإحرام كالأخرس يحرّك بها لسانه ويشير ويعقد

__________________

(١) في المخطوط : ( إنه ).

٣٠٧

بها قلبه ، كما يلزمه ذلك في جميع الأذكار والقراءة. وليس في الصلاة تكبير واجب سوى تكبيرة الإحرام. وأنت مخيّر في جعلها أيّ السبع شئت. وتكفي مَن أدرك الإمام راكعاً عنها وعن تكبير الركوع إن نواها خاصّة.

٣٠٨

الفصل الرابع

في القراءة

تجب قراءة الحمد وسورة بعدها في كلّ ركعة من الثنائيّة وأُوليي غيرها بعد النيّة وتكبيرة الإحرام بلا فصل يعتدّ به طولاً. والبسملة آية من كلّ سورة. ولا يجزي عن الحمد غيرها ، ولا هي عن غيرها اختياراً. ولا يتعيّن سورة بعدها ، ولكن ما يفوت الوقت بقراءتها لا يجوز قراءتها ، كما لا يجوز قراءة سور العزائم الأربع ، فلو قرأ أحدها عمداً بطلت الصلاة ، وسهواً يعدل ما لم يتجاوز السجدة ، وإن تجاوز أتمّ وسجد بعد الصلاة.

ويحرم القرآن بين سورتين في فرض ، فلو قرأ سورتين بطلت الصلاة ، كما لو اقتصر على بعض سورة ، أو قرأ سورة وبعض أخرى ، أو كرّر سورة واحدة قاصداً الجزئيّة ، وبدونه لا يضرّ ما لم يطل الفصل ، كما لو قرأ في أثنائها أو غيرها قراءة ، وكما لا يضرّ العدول من سورة إلى أخرى في محلّ الجواز. وإذا ارتجّ على القارئ في سورة عدل إلى أُخرى ولو في آخرها.

ويجب تقديم الحمد كما يجب تقديم آيهما وكلمهما وحروفهما بحسب الرسم ، ولا يجوز ترك شي‌ء منهما ولو حرفاً ، ولا تبديله بآخر حتّى الضاد بالظاء ، ولا بدّ من القراءة بإحدى العشر ، وهي السبع ، وقراءة أبي جعفر : وخلف : ويعقوب ، ولا يجزئ

٣٠٩

غيرها ، ولا اللحن إعراباً وغيره.

وتجب الموالاة بينهما وبين أجزائهما ، ولو قرأ خلالهما أو [ خلال ] أحدها شيئاً أو سكت عامداً أعاد القراءة إن نافاها ، والصلاة إن نافاها ولو سهواً ، ولو نوى القطع ولم يفعل المنافي أو نواه بالسكوت ولم ينافِ القراءة أو الصلاة لم تبطل ، والأحوط الإتمام والإعادة. ولو أخلّ بإدغام بين كلمتين أو وقف في غير محلّه مع الحركة أو وصل مع السكون لم تبطل ، والأحوط التجنّب.

و ( الضحى ) و ( الانشراح ) سورة واحدة في الفرض ، فلا يكفي أحدهما في ركعة ، ولا بدّ من البسملتين كـ ( الفيل ) و ( الإيلاف ) ، فلو قرأهما وجب الترتيب كالمرسوم. ولا يكفي القراءة بالترجمة اختياراً ولا بمرادفها ولا في المصحف ، بل لا بدّ من كونها على ظهر الغيب ، وتكفي الترجمة اضطراراً مع العجز وضيق الوقت وعدم التمكّن من الائتمام. ويجب التعلّم ، فإن عجز وضاق الوقت بدّل حينئذٍ ما عجز عنه من الفاتحة من القرآن ومن مطلق الذكر بالعربية أو غيرها مع العجز ، ويراعي الترتيب. ويقدّم القراءة في المصحف ، أو الاتّباع لقارٍ على التبديل والترجمة. والاعتبار في البدل بعدد حروف الفاتحة المقروءة لا المكتوبة.

وتسقط السورة مع العجز عن معرفتها بالتعلّم ، ولا يجب الإبدال منها ، ومع ضيق الوقت عنها ، وحال التقيّة. [ و ] لو لم يتمكّن من الفاتحة حال التقيّة أو من بعضها فمذهب جماعة السقوط حينئذٍ أيضاً وصحّة الصلاة ، وقيل بالإعادة مع المكنة أو القضاء ، وهو أحوط وأولى.

ويجب الجهر بالقراءة في العشاءين وفي الصبح على الرجل والخنثى ، والإخفات في الظهرين حتّى على النساء ، فلو عكس المصلّي عالماً عامداً بطلت صلاته ، وكذا لو كان عالماً بالحكم جاهلاً للمحلّ. ولو كان ناسياً أو جاهلاً للحكم فصلاته صحيحة ، ولو ذكر أو علم بالحكم في أثناء القراءة جهر أو أخفت بالبقيّة. ويجوز للمرأة الجهر في موضعه إذا لم يسمعها أجنبي.

٣١٠

ويجب على المصلّي مطلقاً الإخفات في الأخيرتين من الرباعيّة وفي ثالثة المغرب ؛ قرأ أو سبّح ، وتبطل الصلاة لو جهر ، ويجوز الإجهار بالبسملة إذا قرأ فيها. ويجزي بدل الحمد فيها التسبيح بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر مرّة أو أكثر ، ومطلق الذكر كافٍ ، ولا يتعيّن ذكر على الأقوى ، ولا يجب فيما سوى ذلك في أذكار الصلاة جهر ولا إخفات ، كما لا يجبان في غير اليوميّة. ولو شرط في النذر كيفيّة منهما وجبت. وصلاة الآيات تتبع غيرها. وأقلّ الإخفات أن يُسمع نفسه ، ولا يكفي الهمهمة ولا حديث النفس ، وأكثره أن يسمع القريب مع عدم اشتماله على الجهورة. وأدنى الجهر إسماع القريب الصحيح مع اشتماله عليها ، وأكثره ألّا يبلغ العلوَّ المفرط ، فالجهر والإخفات حقيقتان متباينتان.

والأقوى في التخيير بين الحمد والتسبيح أن لا فرق بين ناسي الحمد في الأُوليين وغيره على الأقوى الأشهر. ويسقط الجهر والإخفات في الضرورة والتقيّة ، ويكفي معهم مثل حديث النفس ، وعن المأموم. وحكم القضاء حكم الأداء جهراً وإخفاتاً ولو قضي فائت النهار بالليل وبالعكس. والاعتبار بحال النائب لا المنوب عنه.

ويجوز العدول من سورة إلى أُخرى ما لم يتجاوز النصف إلّا في ( التوحيد ) و ( الجحد ) فلا يعدل من أحدهما إلى أُخرى إلّا في الجمعة وظهرها ، فإنه يجوز له العدول من أحدهما لـ ( لجمعة ) أو ( المنافقون ) ، إلّا أن يكون تعمّد قراءتهما أو تجاوز النصف فلا يعدل مطلقاً. ومتى عدل إلى سورة بسمل لها وجوباً.

وأن يقرأ وهو قائم مطمئن اختياراً ، فلو أراد التقدّم أو التأخّر عن الصفّ ونحوه سكت حتّى يطمئن في جميع الحالات.

والأخرس يعقد قلبه ويحرّك لسانه ويشير بحسب مكنته في جميع أذكار الصلوات وقراءاتها. كما هو حكمه في جميع الصلوات والأذكار الواجبة والعقود والإيقاعات ، فإن لم يعرف الحاكم إشارته عرّفه مترجمان.

٣١١

ولا بدّ من أن يقصد بالبسملة سورة معيّنة ، ويكفي قصدها من أوّل الصلاة ، وكونه معتاداً قراءة سورة معيّنة فلا حاجة للقصد حينئذٍ ، وكونه ناذراً لقراءتها. ولا يشترط القصد بها في الفاتحة لتعيّنها. ولو قرأ سورة تامّة سهواً كفته سواء قصد سورة وشرع فيما قرأ سهواً قبل الشروع في سورة أو بعد العدول إلى غيرها ، حتّى لو شرع في معيّنة وسها في أثنائها مطلقاً وقرأ سورة تامّة فإنها تكفيه ، ولو شكّ بعد البسملة في أنه قصد بها ما قرأ لم يلتفت وأجزته. ويجوز أن يقرأ في إحدى الأخيرتين ( الحمد ) ويسبّح في الأُخرى. ولو قصد أحدهما وشرع في الآخر سهواً جاز له العدول إلى الآخر والاكتفاء بما شرع فيه ، وهو أحوط. ويحرم على المصلّي قول : ( آمين ) مطلقاً في أثنائها مطلقاً إن كان عامداً إلّا حال التقيّة ، فإنه يجوز وقد يجب. والساهي يسجد للسهو ، ولا يجب فيه التورية حالتها ، والأحوط عدم تركه حالتها.

ولو أخلّ سهواً بالقراءة أو بعضها ولو حرفاً أو تشديداً أو بالموالاة أو شي‌ء من واجباتها ؛ فإن ذكره قبل الركوع أتى به وبما بعده مرتّباً ، وإلّا يمضي ويسجد للسهو. والعامد تبطل صلاته ولو جاهلاً ، ولو شكّ في شي‌ء من القراءة ، فإن كان في محلّه أتى به ، وإن تجاوزه لا يلتفت. ولا يشرع التعوّذ في غير الركعة الأُولى.

وأوّل المفصّل ( الحجرات ) أو سورة ( م محمَّد صلى‌الله‌عليه‌وآله : ) على أظهر الأقوال ، وطواله إلى ( عمّ ) ، ومتوسطاته منها إلى ( الضحى ) ، وقصاره منها إلى آخره.

ولو صلّيت خلف مَن لا يؤتمّ به تقيّة وقرأ العزيمة فإن لم يسجد الإمام أو سجد وتمكّن المصلّي خلفه من عدم متابعته سجد بعد الصلاة متى تمكّن ولا ضرر ، وإن تابعه في السجود أعاد متى تمكّن ، وإن كانت صلاة المأموم نفلاً سجد وصحّت.

ويجوز تكرير السورة الواحدة في الركعتين خصوصاً ( التوحيد ) ، ولا بأس بتكرير الآية للتدبّر مرّة فأكثر.

ويجب على المصلّي ردّ السلام وإسماعه تحقيقاً أو تقديراً كغيره إن لم يردّ عليه غيره ، ولا ترتفع مشروعيّة الردّ لو قام به الغير أيضاً ، لكن المصلّي يردّ بمثل ما يقول

٣١٢

المسلّم احتياطاً ، ولو ردّ بغير صيغة التسليم فالأقوى عدم البطلان إن كان بأحد صيغ السلام الشرعيّة. ولو لم يردّ السلام فهل تبطل مطلقاً ، أو إن لم يشتغل بواجب منها من غير سكوت ، أو تصحّ مطلقاً؟ الأقوى الأوّل ، والأحوط الإتمام والإعادة. هذا كلّه إن كان المسلّم مسلماً بالغاً عاقلاً ، وإلّا لم تبطل الصلاة بترك الردّ عليه ، بل تبطل بالردّ على غير المسلم لحرمته ، وهو على الصبيّ والمجنون المسلمين جائز غير واجب. ولو حُيّيَ المصلّي بغير السلام جاز له الردّ بغيره قاصداً الدعاء. ويجوز للمصلّي تسميت العاطس ، وأن يحمد الله ويصلّي على محمّد : وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا عطس أو سمعه ، ويجوز الدعاء في جميع حالات الصلاة للدين والدنيا إلّا بالمحرّم ، ولو دعا به بطلت وإن كان جاهلاً بالتحريم أو بالدعاء ، والأولى ترك الملحون وبغير العربية مع القدرة عليها.

٣١٣
٣١٤

الفصل الخامس

الركوع

وهو ركن في مطلق الصلاة ، تبطل بنقصانه مطلقاً وزيادته مطلقاً ، إلّا في حالة مخصوصة ، وهو في كلّ ركعة مرّة ، إلّا في الآيات فإنه يجب فيها في كلّ ركعة خمسة ركوعات. ويتحقّق بالانحناء إلى حيث تصل كفّاه إلى ركبتيه ، ولا يجب وضعها عليها. ولا بدّ أن يكون الانحناء دون الاختلاس ودون أن يكون على جانب. وتجب فيه الطمأنينة ، وهي سكون الأعضاء واستقرارها بقدر واجب الذكر فيه ، وهو مطلق الذكر ولو في الاختيار.

وأفضله سبحان الله ثلاثاً ، أو سبحان ربّي العظيم ثلاثاً ، ويجب أن يكون بالعربية مع الإمكان. وعديم اليدين وقصيرهما وطويلهما يرجعون إلى مستوي الخلقة في قدر الانحناء.

ولا يجب القصد في الهوي للركوع ، فلو هوى لا بقصده ، وقصده حين وصوله إلى حدّ الراكع صحّ على الأقوى ، والأحوط الانتصاب ثمّ الهويّ له. ويجب الانتصاب بعده ، والطمأنينة فيه أيضاً بما يتحقّق به المسمّى ولا حدّ له ، ويستوي في ذلك الرجل والمرأة في الفرض والنفل. وإن تعذّر عليه الانحناء وجب عليه تحصيله ولو بالاعتماد على شي‌ء ولو بأجرة ؛ فإن لم يتمكّن منه كاملاً حصّل الممكن ، وإلّا أومأ.

٣١٥

ومَن كان في هيئة الراكع خلقةً أو لكبر أو مرض لا يجب عليه الانحناء زيادة على ذلك للفرق كما قيل (١) ؛ لسقوطه مع تعذّره ، ولا يلزمه الإيماء حينئذٍ أيضاً ، لكن عليه نيّة الركوع. ولو زال المانع بعد الإتيان بالممكن كفى ولا يعيده ، وقبله يأتي به ، والأحوط الإتمام ثمّ الإعادة حينئذٍ.

ولو ركع وهوى للسجود قبل الرفع منه أو قبل الطمأنينة فيه سهواً صحّت صلاته وعليه سجود السهو كما لو هوى قبل ذكر الركوع أيضاً ، ولو هوى للسجود قبل الركوع سهواً انتصب وركع إن ذكر قبل السجود ، وإلّا بطلت الصلاة. ولا فرق في ذلك كلّه بين الرجل والمرأة.

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ : ٧٥ ، قواعد الأحكام ١ : ٣٤ ، تحرير الأحكام ١ : ٣٩ ( حجريّ ) ، مسالك الأفهام ١ : ٢١٤.

٣١٦

الفصل السادس

في السجود

يجب في كلّ ركعة سجودان بعد الرفع من الركوع. وهما ركن تبطل الصلاة بزيادتهما ونقصهما معاً مطلقاً ولو سهواً ، ويجب أن يأتي بهما أو بأحدهما إذا ذكر قبل الركوع ، فإن ركع بطلت الصلاة إن ترك سجدتي الركعة معاً ، وإن ترك سجدة واحدة من ركعة أو أكثر من أكثر أتمّ ثمّ قضى ما سها عنه ، ثمّ سجد للسهو ، وإن ترك سجدة بطلت صلاته وإن كان جاهلاً. وكذلك الحكم في الزيادة سهواً يتمّ ويسجد له ، وعمداً تبطل ولو كان جاهلاً. ولا فرق في شي‌ء من ذلك بين الركعات.

ويجب في كلّ سجدة السجود على المسمّى من الأعضاء السبعة : الجبهة وهي الركن وباطن الكفّين ، وإبهامي الرجلين سواء فيه رؤوسهما أو ظهورهما وبطونهما ، وعيّن الأوّل بعض (١) ، وظهري الركبتين. وهذه السبعة واجبة ومن المحلّ.

ولا يجب في الجبهة قدر الدرهم ، بل يجوز على مثل السواك وما يتحقّق به المسمّى. ويجب الاطمئنان حال وضع الكلّ بقدر واجب الذكر ، ولو رفع بعض السبعة بعد وضعه ثمّ وضعه لم يضرّ ، سواء أتى بواجب الذكر قبل رفعه أو بعد وضعه ، وسواء [ كان ] وضعه الأوّل بقدر واجب الذكر أو لا.

__________________

(١) السرائر ١ : ٢٢٥.

٣١٧

ويجب وضع الجبهة خاصّة على ما يصحّ السجود عليه ، ويجب ألّا يرتفع موضع الجبهة [ عن (١) ] الموقف بأكثر من عرض لَبِنَةٍ ، وقدّر بعرض أربعة أصابع مضمومة من مستوي الخلقة كالعكس على الأحوط الأولى ، ما لم يكن المكان منحدراً فإنه لا يضرّ فيهما ، ولا يجب ذلك في الستّة.

ولو كان في الجبهة قرح أو جرح ، فإن لم يستوعب المحلّ وجب حفر حفرة ليقع السليم منها على ما يصحّ السجود عليه ، ولو لم يتمكّن من السجود كذلك كما لو استوعبها سجد على الجبين الأيمن ، فإن تعذّر فعلى الأيسر ، وإن تعذّر سجد على الذقن. وقدّم الصدوقان السجود على الكفّ قبل الذقن (٢).

ويجب أن يأتي بالممكن من السجود ولو بتقريب ما يصحّ السجود عليه ورفعه إلى حدّ الممكن ، ويسجد عليه ولو كان جالساً ، ويسقط حينئذٍ السجود على المسند ، فعلى أيّ نحو وضعت صحّ ، كما لو تعذّر وضع أحدها فإنه يأتي بالميسور منه خاصّة ، وإن تعذّر السجود بوجهه أومأ برأسه له وللرفع منه ، فإن تعذّر أومأ بعينيه لهما ، فإن تعذّر أومأ بأحدهما لهما ، ويجب أن يكون إيماء السجود أخفض من الركوع.

ولو وضع الجبهة على ما لا يصحّ السجود عليه جرّها إلى ما يصحّ من غير رفع ، فإن رفعها ووضعها بطلت صلاته على الأقوى الأظهر. ولا كذلك باقي المساجد ، بل هي كرفع أحد الرجلين حال القيام ، فإن رفع أحدها قبل الذكر الواجب وضعه وأتى به بعد الطمأنينة ، وليس مثل رفع اليدين ووضعهما فعل كثير.

ويجب في السجود مطلق الذكر على الأقوى كالركوع ، ويجب رفع الرأس من السجدة الأُولى والجلوس بعدها مطمئناً ولا حدّ له ، ولو على كور العمامة وما لا يصحّ السجود اضطراراً أو تقيّة صحّ. ويجوز الدعاء حال السجود للدين والدنيا ما لم يكن محرّماً.

__________________

(١) في المخطوط : ( على ).

(٢) المقنع : ٨٧.

٣١٨

ويجب على القارئ والمستمع لأحد آيات العزائم الأربع ، وهو الأحوط للسامع على الفور ، فإن تعذّر سجد متى تمكّن إذا طال الزمان. ويتمّ سببه بكمال الآية كلّها ، وإن كان لفظ السجود في وسطها فلا يجب حتّى يكمل الآية ، ويتكرّر بتكرّر السبب. ولا يشترط فيه الطهارة مطلقاً ولا الستر ولا القبلة ولا تكبير قبله ولا تشهّد بعده ولا سلام.

نعم ، لا بدّ فيه من النيّة ووضع الجبهة على ما يسجد عليه ومطلق الذكر له ، والأحوط وضع باقي المساجد.

في سجود السهو

ويجب سجود السهو بعد الصلاة لأسباب ستعرفها إن شاء الله الكريم. ويجب سجدتان وجلسة بينهما والطمأنينة في الكلّ ، ومطلق الذكر على الأقوى ، والأَولى باسم الله وبالله ، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته.

أو باسم الله وبالله وصلّى الله على محمّد وآل محمّدٍ.

والطهارة والستر والقبلة وجميع شروط الصلاة (١). ويجب بعدهما تشهّد خفيف ، ويكفي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمّداً : رسول الله عبده ورسوله ، اللهمّ صلّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ ، السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ولا يضرّ تكميله. وكلّ ما أوجبناه احتياط في العبادة وتحصيل ليقين البراءة ، والنصّ في بعضها ظاهر.

__________________

(١) أي ويجب في سجود السهو ..

٣١٩
٣٢٠