يقول الناس في هذه الآية ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) (١)؟
قال : يقولون : إنها في القيامة. قال ليس كما يقولون ، إن ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلِّ امَّة فوجاً ويدع الباقين؟ إنما آية القيامة ( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (٢). وقوله ( وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) (٣) ، أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجِعُونَ في الرجعة ، وأمّا يوم القيامة فيرجعون (٤) الخبر.
ومنه بسنده عن عليّ بن إبراهيم (٥) : بسنده عن ابن مُسكان : عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) (٦). قال ما بعث الله نبيّاً من آدم عليهالسلام : إلّا ويرجع إلى الدنيا فينصر أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو قوله ( لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ) يعني برسول الله صلىاللهعليهوآله ، ( وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) يعني أمير المؤمنين عليهالسلام. قال علي بن إبراهيم : بعد هذا الخبر : ومثله كثير ممّا وعد الله الأئمّة عليهمالسلام من الرجعة والنصر ، فقال ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ) (٧).
قال عليّ بن إبراهيم : وهذا إنما يكون إذا رجَعوا إلى الدنيا (٨).
قال (٩) : وقوله ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ) (١٠) ، فهذا كلّه ممّا يكون في الرجعة.
قال عليّ بن إبراهيم : وحدّثني أبي عن أحمد بن أبي نصر : عن عمرو بن شمر : قال
__________________
(١) النمل : ٨٣.
(٢) الكهف : ٤٧.
(٣) الأنبياء : ٩٥.
(٤) مختصر بصائر الدرجات : ٤١ ـ ٤٢.
(٥) تفسير القمّيّ ١ : ١٣٤.
(٦) آل عمران : ٨١.
(٧) النور : ٥٥.
(٨) تفسير القمي ٢ : ١٠٨ ، وليس فيه : ( ومثله كثير ).
(٩) تفسير القمي ٢ : ١٣٤ ـ ١٣٥.
(١٠) القصص : ٥ ـ ٦.
ذكر عند أبي جعفر عليهالسلام : م جابر ، فقال رحم الله جابراً ، لقد بلغ من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) (١) ، يعني : الرجعة (٢).
قال عليّ بن إبراهيم : ومثله كثير (٣).
وقال : قوله تعالى : ( وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً ) (٤) الآية ، حدّثني أبي عن ابن أبي عمير : عن أبي بصير : عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال انتهى رسول الله صلىاللهعليهوآله : إلى أمير المؤمنين عليهالسلام : وهو نائم في المسجد ، قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه ، فحرَّكه برجله ، ثمّ قال له : قم يا دابَّة الأرض. فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله : أيسمِّي بعضنا بعضاً بهذا الاسم؟ قال : لا والله ، ما هو إلّا له خاصّة ، وهو الدابَّة : التي ذكرها الله تعالى في كتابه ( وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) (٥).
ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عليُّ ، إذا كان آخر (٦) الزمان أخرجك الله تعالى في أحسن صورة ومعك مِيسَم تسم أعداءك الخبر ، وقد مرّ مثله.
قال : والدليل على أنها في الرجعة قوله ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) (٧) الآية. قال : الآيات : أمير المؤمنين : والأئمَّة عليهمالسلام.
فقال الرجل لأبي عبد الله عليهالسلام : إن العامّة تزعم أن قوله تعالى : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) (٨) يعني القيامة. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : [ أفيحشر (٩) ] الله من كلِّ امَّة فوجاً ويدع الباقين؟ لا ، ولكنَّه في الرجعة ، وأمّا آية القيامة فهي ( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (١٠).
وقال عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي قال : حدّثني ابن أبي عمير : عن المفضّل : عن أبي
__________________
(١) القصص : ٨٥.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١٤٧ ، باختلاف يسير في المتن وفي السند.
(٣) لم تذكر هذه العبارة في التفسير.
(٤ و ٥) النمل : ٨٢.
(٦) في المخطوط : « في آخر » بدل : « آخر ».
(٧ و ٨) النمل : ٨٣.
(٩) في المخطوط : « يحشر ».
(١٠) الكهف : ٤٧.
عبد الله عليهالسلام : في قوله ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) (١) الآية ليس أحد من المؤمنين قُتِلَ إلّا ويرجع حتّى يموت ، ولا يرجع إلّا مَن محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً.
قال أبو عبد الله عليهالسلام : قال رجل لعمّار بن ياسر رضياللهعنه : يا أبا اليقظان ، آية قد أفسدت قلبي وشكَّكتني. قال عمّار : وأيَّة آية هي؟ قال : قوله ( وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً ) (٢) الآية فأيَّة دابّة هذه؟ فقال عمّار : والله لا أجلس ولا آكل ولا أشرب حتّى اريكها.
فجاء عمّار رضياللهعنه : مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو يأكل تمراً وزبداً ، فقال عليهالسلام : يا أبا اليقظان : هلمَّ. فجلس عمّار : وأقبل يأكل معه ، فتعجَّب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار : قال الرجل : سبحان الله يا أبا اليقظان ، حلفت أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها. فقال عمّار : قد أريتكها إن كنت تعقل.
وقال عليّ بن إبراهيم : في قوله تعالى : ( سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها ) (٣) : ( م أمير المؤمنين : والأئمّة عليهمالسلام ، إذا رجعوا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم (٤).
والدليل على أن الآيات هم الأئمّة عليهمالسلام ، قول أمير المؤمنين عليهالسلام : ما لله آية أعظم منّي ، فإذا رجعوا إلى الدنيا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا ).
ومنه عن عليّ بن إبراهيم : بسنده عن أبي خالد الكابليّ : عن علي بن الحسين عليهالسلام : في قوله ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ )؟ قال يرجع إليكم نبيُّكم وأمير المؤمنين : والأئمَّة عليهمالسلام (٥).
وقال عليّ بن إبراهيم : في قوله ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ ) (٦) : قال الصادق عليهالسلام : ذلك في الرجعة (٧).
وقال في قوله تعالى : ( إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) (٨) هو
__________________
(١) النمل : ٨٣.
(٢) النمل : ٨٢.
(٣) النمل : ٩٣.
(٤) عنه في البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٢١٤ / ١٦.
(٥) مختصر بصائر الدرجات : ٤٢ ـ ٤٤.
(٦) غافر : ١١.
(٧) تفسير القميّ ٢ : ٢٩٥.
(٨) غافر : ٥١.
في الرجعة إذا رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله : والأئمَّة عليهمالسلام (١).
ثمّ روى بسنده عن جميل : عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال : قلت : قوله تبارك وتعالى ( إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) (٢) قال ذاك والله في الرجعة ، أما علمت أن أنبياء الله كثيراً لم ينصروا في الدنيا وقتلوا ، وأئمَّة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا ، وذلك في الرجعة (٣).
وقال في قوله تعالى : ( يُرِيكُمْ آياتِهِ ) (٤) : يعني أمير المؤمنين : والأئمّة عليهمالسلام في الرجعة (٥).
وقال في قوله تعالى : ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ) (٦) قال ذاك إذا خرجوا في الرجعة (٧).
وقال في قوله في آخر الآية ( إِنّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ ) (٨) يعني إلى الدنيا في الرجعة.
قال ولو كان قوله ( يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ) في القيامة لم يقل ( إِنَّكُمْ عائِدُونَ ) ؛ لأنه ليس بعد الآخرة والقيامة حالة يعودون إليها (٩).
وقال عليّ بن إبراهيم : ( إن الله خبّر نبيّه صلىاللهعليهوآله أن الحسين عليهالسلام : يقتل ، ثمّ يردّه إلى الدنيا وينصره حتّى يقتل أعداءه ، ويملّكه الأرض وهو قوله ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ) (١٠) الآية ، وقوله ( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ ) (١١) فبشّر الله نبيّه أن أهل بيتك يملكون الأرض
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ : ٢٦٢.
(٢) غافر : ٥١.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ : ٢٦٢ باختلاف.
(٤) غافر : ١٣.
(٥) تفسير القمّي ٢ : ٢٥٩ ، وفيه : ( الأئمَّة الّذين أخبرهم الله ورسوله صلىاللهعليهوآله بهم ).
(٦) الدخان : ١٠.
(٧) تفسير القمّي ٢ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦.
(٨) الدخان : ١٥.
(٩) تفسير القمّيّ ٢ : ٢٩٦ ، وفيه : « يعني : إلى يوم القيامة » بدل : « يعني في الدنيا إلى الرجعة ».
(١٠) القصص : ٥.
(١١) الأنبياء : ١٠٥.
ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم ) (١).
ومنه بسنده عن عليّ بن إبراهيم (٢) ، بسنده عن جميل : عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قوله تعالى : ( يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) (٣). قال هي الرجعة (٤).
وقال عليّ بن إبراهيم : في قوله عزّ اسمه ( يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ) (٥) : ( في الرجعة ) (٦) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ) (٧) : م ( آل محمّد : حقّهم لهم ) ، ( عَذاباً دُونَ ذلِكَ ) قال : ( عذاب الرجعة بالسيف ).
وقوله تعالى : ( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) (٨). قال : ( في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنين عليهالسلام ، ورجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم ) (٩).
وقوله تعالى : ( حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ) (١٠) قال : م ( القائم : وأمير المؤمنين : صلّى الله عليهما في الرجعة ) (١١).
وقوله تعالى : ( ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ ) (١٢) قال : ( في الرجعة ، يعني : م أمير المؤمنين ). : (كَلّا لَمّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ ) (١٣) ( أي لم يقضِ أمير المؤمنين : ما أمره ، وسيرجع حتّى يقضي ما أمره ) (١٤).
ومنه بسنده عن محمّد بن العبّاس : المعروف بابن ماهيار ، بسنده عن أبي مروان : قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام : عن قول الله عزوجل ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ : ٣٠٣ ، مختصر بصائر الدرجات : ١٨ ـ ١٩ باختلاف.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ : ٣٣٥. (٣) ق : ٤٢.
(٤) مختصر بصائر الدرجات : ٤٦. (٥) ق : ٤٤.
(٦) تفسير القمّي ٢ : ٣٣٥.
(٧) الطور : ٤٧.
(٨) القلم : ١٦.
(٩) تفسير القمّيّ ٢ : ٣٩٩.
(١٠) مريم : ٧٥.
(١١) تفسير القمّيّ ٢ : ٥١.
(١٢) عبس : ٢٢.
(١٣) عبس : ٢٣.
(١٤) تفسير القمّي ٢ : ٤٣١ ، مختصر بصائر الدرجات : ٤٦ ـ ٤٧.
لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) (١)؟ فقال لي لا والله ، لا تنقضي الدنيا ولا تذهب حتّى يجتمع رسول الله صلىاللهعليهوآله : وعليّ عليهالسلام : بالثويّة ، فيلتقيان ويبنيان بالثويّة مسجداً له اثنا عشر ألف باب.
يعني : موضعاً بالكوفة (٢).
ومنه بسنده عن عليّ بن إبراهيم (٣) ، بسنده عن أبي سلمة : قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام : عن قول الله عزوجل ( قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ )؟ قال نزلت في أمير المؤمنين عليهالسلام ، ( ما أَكْفَرَهُ ) يعني : بقتلكم إيّاه ، ثمّ نسب أمير المؤمنين عليهالسلام : فنسب خلقه ، وما أكرمه الله به فقال ( مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) يقول : من طينة الأنبياء ( فَقَدَّرَهُ. ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ) ، يعني : سبيل الهدى ( ثُمَّ أَماتَهُ ) ميتة الأنبياء.
قلت : ما قوله ( ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ ) (٤)؟ قال يمكث بعد قتله في الرجعة ، فيقضي ما أمره (٥).
وعنه بسنده عن أبي بصير : عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزوجل ( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ) (٦) قال : يعني الكرّة للنبيِّ صلىاللهعليهوآله الخبر (٧).
ومنه عن محمّد بن يعقوب (٨) ، بسنده عن عبد الله بن القاسم البطل : عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قوله عزوجل ( وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً ) (٩) خروج القائم عليهالسلام ، ( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) (١٠) خروج الحسين عليهالسلام ، يخرج في سبعين من أصحابه عليهم البيض الذهب لكلِّ بيضة وجهان ، يؤذن المؤذّنون إلى الناس أن هذا الحسين عليهالسلام : قد خرج حتّى لا يشكَّ المؤمنون فيه ، وأنه ليس بدجّال ولا شيطان ، والحجَّة : م القائم عليهالسلام : بين أظهرهم ، فإذا استقرَّت المعرفة في قلوب المؤمنين إنه الحسين عليهالسلام : جاء الحجَّةَ : الموتُ ، فيكون الذي يغسِّله ويكفِّنه
__________________
(١) القصص : ٨٥.
(٢) مختصر بصائر الدرجات : ٢١٠.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ : ٤٣١ ، باختلاف.
(٤) عبس : ١٧ ـ ٢٢.
(٥) مختصر بصائر الدرجات : ٤٧ ، باختلاف.
(٦) الضحى : ٤.
(٧) مختصر بصائر الدرجات : ٤٧.
(٨) الكافي ٨ : ١٧٥ / ٢٥٠.
(٩) الإسراء : ٥.
(١٠) الإسراء : ٦.
ويحنِّطه ويلحده في حفرته الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، ولا يلي الوصيَّ إلّا الوصيُّ مثله (١).
ومنه عن أحمد بن عقبة : عن أبيه عن أبي عبد الله عليهالسلام : أنه سئل عن الرجعة أحقّ هي؟ قال نعم.
فقيل له : من أوّل من يخرج؟ قال : م الحسين عليهالسلام ، يخرج إثر القائم عليهالسلام.
قلت : ومعه الناس كلّهم؟ قال بل كما ذكر الله تعالى في كتابه ( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً ) (٢) قوماً بعد قوم (٣).
وعنه عليهالسلام يقبل الحسين عليهالسلام : في أصحابه الذين قتلوا معه ، ومعه سبعون نبيّاً كما بعثوا مع موسى بن عمران عليهالسلام ، فيدفع إليه القائم عليهالسلام : الخاتم ، فيكون الحسين عليهالسلام : هو الذي غسّله وكفّنه ويحنّطه ويلحده في حفرته (٤).
ومنه بسنده عن عليّ بن مهزيار : في حديث طويل قال فيه ثم قال يعني : م القائم ، عليه سلام الله ـ إذا فقد الصينيُّ وتحرّك المغربي وسار اليمانيّ وبويع السفيانيّ (٥) يؤذن لوليّ الله ، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر سواء ، فأجيء إلى الكوفة فأهدم مسجدها وابنيه على بنائه الأوّل ، وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة ، وأحجّ بالناس حجّة الإسلام ، وأجيء إلى يثرب فأهدم الحجرة وأُخرج من فيها وهما طريّان فآمر بهما تجاه البقيع ، وآمر بخشبتين يُصلبان عليهما ، فيورقان من تحتهما ، فيفتتن الناس بهما أشدّ من الأُولى ، فينادي منادي الفتنة من السماء : يا سماء ابيدي (٦) ، ويا أرض خذي. فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلّا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان.
قلت : يا سيدي ، ما يكون بعد ذلك؟ قال الكرّة الكرّة ، والرجعة الرجعة ، ثمّ تلا هذه الآية ( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) (٧) الآية .. (٨).
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٣٠٤ / ٢٠ ، باختلاف ، مختصر بصائر الدرجات : ٤٨ ، بحار الأنوار ٥٣ : ٩٣ ـ ٩٤ / ١٠٣.
(٢) النبإ : ١٨.
(٣) مختصر بصائر الدرجات : ٤٨.
(٤) مختصر بصائر الدرجات : ٤٨ ـ ٤٩ ، وفيه : « فيكون الحسين عليهالسلام هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواري به في حفرته ».
(٥) في المصدر : « وبويع العبّاسي ».
(٦) في المصدر : ( انبذي ).
(٧) الإسراء : ٦.
(٨) مختصر بصائر الدرجات : ١٧٦ ـ ١٧٧ ، باختلاف.
ومنه نقلاً من مزار جعفر بن قولويه (١) ، بسنده عن بُرَيدِ العِجلِيّ : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أخبرني عن إسماعيل : الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ : إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا ) (٢) وساق الخبر كما تقدّم إلى أن قال إسماعيل عليهالسلام : في مناجاته لله إنك وعدت الحسين : أن تكرَّه حتّى ينتقم بنفسه ممَّن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا ربّ أن تكرَّني إلى الدنيا حتّى أنتقم ممَّن فعل ذلك بي كما تكرُّ الحسين. فوعد الله إسماعيل بن حزقيل عليهالسلام : ذلك ، فهو يكرُّ مع الحسين (٣) : تمام الخبر ، وقد مرّ ذكره.
ومنه عنه بسنده عن حَرِيز : قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ، ما أقلّ بقاءكم أهل البيت : وأقرب آجالكم بعضاً من بعض ، مع حاجة هذا الخلق إليكم! فقال إن لكلِّ واحد منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدَّته ، فإذا انقضى ما فيها ممّا أُمر به عرف أن أجله قد حضره ، وأتاه النبيّ صلىاللهعليهوآله : ينعى إليه نفسه وأخبره بما عند الله ، وإن الحسين عليهالسلام : قرأ صحيفته التي أُعطيها وفسَّر له ما يأتي وما يبقى ، وبقي منها أشياء لم تنقضِ ، فخرج إلى القتال.
وكانت من تلك الأُمور التي بقيت أن الملائكة سألت الله في نصرته ، فأذن لها ، فمكثت تستعدُّ للقتال ، وتتأهَّب لذلك حتّى قتل ، فنزلت وقد انقطعت مدَّته ، وقتل صلوات الله وسلامه عليه فقالت الملائكة : يا رب ، أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته فانحدرنا وقد قبضته. فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم أن الزموا قبره حتّى تروه ، وإذا خرج فانصروه ، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته ؛ فإنّكم خصصتم بنصرته والبكاء عليه. فبكت الملائكة [ حزناً (٤) ] وجزعاً على ما فاتهم من نصرته ، فإذا خرج صلّى الله عليه يكونون أنصاره (٥).
__________________
(١) كامل الزيارات : ١٣٨ / ١٦٣.
(٢) مريم : ٥٤.
(٣) مختصر بصائر الدرجات : ١٧٧.
(٤) من المصدر ، وفي المخطوط « تعزيا ».
(٥) مختصر بصائر الدرجات : ١٧٨ ، باختلاف يسير.
ومنه عنه أيضاً ، بسنده عن أبي بكر الحضرمي : عن أبي عبد الله : وأبي جعفر عليهماالسلام : قال : قلت له : أيّ بقاع الله أفضل بعد حرم الله وحرم رسوله صلىاللهعليهوآله؟ فقال يا أبا بكر ، الكوفة الزاكية الطاهرة ، فيها قبور النبيِّين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء والصدِّيقين (١) ، وفيها مسجد سهلة الذي لم يبعث الله نبيّاً إلّا وقد صلّى فيه ، ومنها يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه والقُوّام من بعده ، وهي منازل النبيِّين والأوصياء الصالحين (٢) (٣).
ومنه (٤) بسنده عن الحضينيّ ، ونقل قطعة من حديث المفضّل : الطويل الذي نقلنا بعضه فراجعه.
ومنه نقلاً من كتاب ابن ماهيار : بسنده عن أبي بصير : عن أبي جعفر عليهالسلام : في قوله تعالى : ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ) (٥) قال تخضع لها رقاب بني أُميَّة ، وذلك عند بارز الشمس.
قال وذلك عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : يبرز عند زوال الشمس ، ويترك الشمس على رؤوس الناس ساعة حتّى يبرز وجهه ، ويعرف الناس حسبه ونسبه.
ثمّ قال أمَا إن بني أُميَّة ليختبئنّ الرجل منهم إلى جنب الشجرة ، فتقول : هذا رجل من بني أُميَّة : فاقتلوه (٦).
ومنه نقلاً من مزار ابن قولويه (٧) : بسنده عن المفضّل بن عمر : قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : كأنّي والله بالملائكة قد زاحموا المؤمنين على قبر الحسين الخبر.
إلى أن قال عليهالسلام يا مفضّل : أزيدك؟
قلت : نعم. قال كأنّي بسرير من نور قد وضع وقد ضربت عليه قبَّة من ياقوتة حمراء مكلَّلة بالجوهر ، وكأنّي بالحسين عليهالسلام : جالساً على السرير
__________________
(١) في المصدر : « الصادقين ».
(٢) في المصدر : « والصالحين ».
(٣) مختصر بصائر الدرجات : ١٧٨ ، باختلاف.
(٤) مختصر بصائر الدرجات : ١٧٨ ـ ١٩٢ ، بحار الأنوار ٥٣ : ١ ـ ٣٤ ، باختلاف.
(٥) الشعراء : ٤.
(٦) مختصر بصائر الدرجات : ٢٠٦ ، باختلاف.
(٧) كامل الزيارات : ٢٥٩ / ٣٩٠.
وحوله تسعون ألف قبَّة خضراء ، وكأنّي بالمؤمنين يزورونه ويسلِّمون عليه ، فيقول الله عزوجل : أوليائي ، طالما اوذيتم وذُللتم واضطُهدتم ، فهذا يوم لا تسألونني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلّا قضيتها لكم (١) الخبر. وقد مرّ مثله بتمامه.
ومنه بسنده عن الحسن بن محبوب : عن محمّد بن سلام : عن أبي جعفر عليهالسلام : في قول الله تعالى ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) (٢) قال هو خاصٌّ بأقوام في الرجعة بعد الموت ، ويجري في القيامة الخبر.
إلى غير ذلك من أخبار ذكرها صاحب كتاب ( الرجعة ) ، وتركنا ذكرها لسبق ذكرها ، وغيرها من خطب وأدعية وأخبار استدلّ بها رحمهالله على الرجعة.
وقال الشيخ فخر الدين الطريحي : في ( مجمع البحرين ) : ( الرجعة بالفتح ـ : هي الكرّة بعد الموت بعد ظهور المهدي عليهالسلام ، وهي من ضروريّات مذهب الإماميّة ، وعليها من الشواهد القرآنيّة وأحاديث أهل البيت عليهمالسلام : ما هو أشهر من أن يذكر ، حتّى إنه ورد عنهم عليهم سلام الله ـ من لم يؤمن برجعتنا ، ولم يقرَّ بمتعتنا ، فليس منّا ) (٣). وقال الصدوق رحمهالله : في ( من لا يحضره الفقيه ) : قال الصادق عليهالسلام : ليس منّا من لم يؤمن بكرَّتنا ، ويستحلَّ متعتنا ) (٤). وقال رحمهالله في كتاب اعتقاداته : ( باب الاعتقاد بالرجعة : اعتقادنا في الرجعة بعد الموت أنها حقّ ، وقد قال الله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ ) (٥) ، كان هؤلاء سبعين ألفاً أهل بيت ، وكان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة ، فيخرج الأغنياء لقوّتهم ويبقى الفقراء لضعفهم ، فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون ، ويكثر في الذين يقيمون ، فيقول الذين يقيمون
__________________
(١) مختصر بصائر الدرجات : ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٢) غافر : ١١.
(٣) مجمع البحرين ٤ : ٣٣٤ رجع.
(٤) الفقيه ٣ : ٢٩١ / ١٣٨٤ ، وسائل الشيعة ٢١ : ٧ ـ ٨ ، أبواب المتعة ، ب ١ ، ١٠.
(٥) البقرة : ٢٤٣.
لو خرجنا لما أصابنا الطاعون. ويقول الذين خرجوا : لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.
فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر ، فلما وضعوا رحالهم ناداهم الله : موتوا. فماتوا جميعاً ، فكنستهم المارّة عن الطريق فبقوا بذلك ما شاء الله.
ثمّ مرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل : يقال له إرميا ، فقال لو شئت يا ربّ لأحييتهم ؛ فيعمِّروا بلادك ، ويلدوا عبادك ، ويعبدوك مع من يعبدك.
فأوحى الله إليه أفتحبُّ أن أُحييهم لك؟
قال نعم.
فأحياهم الله له ، وبعثهم معه.
فهؤلاء ماتوا فرجعوا إلى الدنيا ، ثم ماتوا بآجالهم.
فقال الله تعالى ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) الآية ، إلى قوله عزّ اسمه ـ ( أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١) ، فهذا مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها ، ثم مات بأجله ، وهو عزير.
وقال الله تعالى في قصّة المختارين من قوم موسى : لميقات ربّه ( ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (٢) ، وذلك أنهم لمّا سمعوا كلام الله قالوا : لا نصدّق حتّى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى عليهالسلام : يا ربّ ، ما أقول لبني إسرائيل : إذا رجعت إليهم؟ فأحياهم الله عزوجل ، ورجعوا إلى الدنيا ، فأكلوا وشربوا ، ونكحوا النساء وولد لهم الأولاد ، وبقوا فيها ، ثم ماتوا بآجالهم.
وقال الله عزوجل لعيسى عليهالسلام : ( وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي ) (٣) ، فجميع الموتى الّذين أحياهم عيسى عليهالسلام : بإذن الله رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ، ثم ماتوا بآجالهم.
وأصحاب الكهف ( لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ) (٤) ، ثمّ
__________________
(١) البقرة : ٢٥٩.
(٢) البقرة : ٥٦.
(٣) المائدة : ١١٠.
(٤) الكهف : ٢٥.
بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليتساءلوا بينهم.
فإن قال قائل : إن الله عزوجل قال ( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ) (١) ، قيل له : إنهم كانوا موتى ، وقد قال الله تعالى ( يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ) (٢) ، وما قالوا كذلك ، إلّا إنهم قد كانوا موتى.
فقد صحّ أن الرجعة كانت في الأُمم السالفة ، وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : يكون في هذه الأُمَّة مثل ما يكون في الأُمم السالفة ، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة.
فيجب على هذا الأصل أن يكون في هذه الأُمور رجعة.
وقد نقل مخالفونا أنه إذا خرج المهدي : نزل عيسى بن مريم عليهالسلام : فصلّى خلفه ، ونزوله إلى الأرض رجوعه إلى الدنيا بعد موته ؛ لأن الله عزوجل قال ( إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ ) (٣).
وقد قال الله عزوجل ( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (٤) ، وقال الله عزوجل ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) (٥) ، فاليوم الذي يحشر فيه الجميع غير اليوم الذي يحشر فيه فوج.
وقال الله عزوجل ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) (٦) ، يعني : في الرجعة ، وذلك أنه يقول ( لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ) (٧) ، والتبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة.
وساجرّد في الرجعة كتاباً ، أُبيّن فيه كيفيّتها والدلالة على صحّة كونها إن شاء الله تعالى. والقول بالتناسخ باطل ، ومن دان بالتناسخ فهو كافر ؛ لأن التناسخ إبطال الجنّة
__________________
(١) الكهف : ١٨.
(٢) يس : ٥٢.
(٣) آل عمران : ٥٥.
(٤) الكهف : ٤٧.
(٥) النحل : ٨٣.
(٦) النحل : ٣٨.
(٧) النحل : ٣٩.
والنار. والله أعلم بالصواب ) (١). هذا آخر كلام الصدوق رحمهالله : في اعتقاداته ، وهو لا يعدو ألفاظ الأخبار.
وقال الرئيس الشيخ أحمد بن زين الدين : ( الرجعة تطلق على رجعة آل محمَّد صلىاللهعليهوآله ، ومختصر القول في بيانها على ما كنت أفهم من الروايات : أن أوّل قائم منهم عليهمالسلام بالحقّ هو القائم الحجّة عليهالسلام ، ومدّة ملكه سبع سنين ، كلّ سنة عشر سنين ، فإذا مضى من حكمه تسع وخمسون سنة ، وبقي إحدى عشرة سنة ، خرج الحسين عليهالسلام. وفي الحديث أوَّل من ينفض التراب عن رأسه الحسين عليهالسلام (٢) ، وفي آخر : م السفّاح : وهو الحسين عليهالسلام (٣) ، ويبقى إلى آخر حكم القائم عليهالسلام : إحدى عشرة سنة صامتاً.
فإذا قتل القائم قيل : تقتله امرأة من بني تميم لها لحية واسمها سعيدة ، لعنها الله تعالى ، يتجاوز عليهالسلام في الطريق وهي فوق سطح ، فترميه بجاون من صخر على أُمّ رأسه فتقتله ، فإذا مات غسّله الحسين عليهالسلام : وكفّنه وصلّى عليه ودفنه ، وقام بالأمر من بعده. فإذا مضى من حكم الحسين عليهالسلام : ثماني سنين ، خرج عليّ عليهالسلام : في نصرة ابنه ، ثمّ يُقتلُ عليّ عليهالسلام ، وهو قوله عليهالسلام أنا الذي اقتل مرَّتين وأُبعث مرَّتين ، ولي الرجعة بعد الرجعة ، الكرّة بعد الكرّة (٤).
ثم يمتدّ حكم الحسين عليهالسلام : ؛ ففي رواية خمسين ألف سنة ، وفي اخرى ستة وأربعين ألف سنة. والظاهر أن حكمه يمتدّ إلى آخر الرجعات.
ثمّ يرجع الأئمّة واحداً بعد واحد ، إلّا إن الترتيب لا أعرفه ، ولكن أمير المؤمنين عليهالسلام يخرج آخر الرجعات في جميع شيعته والأئمّة معهم ، ويقتتلون مع
__________________
(١) الاعتقادات ( مطبوع ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ٥ : ٦٠ ـ ٦٣.
(٢) مختصر بصائر الدرجات : ٤٩ ، ٢١١ ، بحار الأنوار ٥٣ : ١٠٦ / ١٣٤.
(٣) مرّ في هذه الرسالة ص ٩٤ أن السفّاح هو أمير المؤمنين عليهالسلام.
(٤) مختصر بصائر الدرجات : ٣٣ ، بحار الأنوار ٥٣ : ٤٧ / ٢٠ ، بتفاوتٍ فيهما ، وانظر شرح الزيارة الجامعة ٣ : ٦٠.
إبليس : وشيعته في بابل عند الحلّة من الجانب الغربي ، ويرجع المسلمون القهقرى حتّى يقع منهم ثلاثون رجلاً في الفرات ، فعند ذلك يأتي تأويل قوله تعالى : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) (١) ، والأمر المقضيّ رسولُ الله صلىاللهعليهوآله ، ينزل من الغمامة وفي يده حربة من نار ، فيتتبّع إبليس : فيولّي ، فيقول له أصحابه : أين تذهب وقد آن لنا النصر؟ فيقول ( إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ ) (٢).
فيتبعه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فيقول : أين ما وعدتم به من الإنظار إلى يوم يبعثون؟ فيقول هو هذا اليوم.
فيطعنه بحربة من نار في ظهره فتخرج من صدره ، فيقتله ويقتلون شيعته ، ويكون رسول الله صلىاللهعليهوآله : هو الحاكم في الأرض ، والأئمّة عليهمالسلام وزراءه في أطراف الأرض ، وتبقى الدنيا في تمام الاستقامة ، فلا يموت الرجل حتّى يرى ألف ولد ذكر من صلبه. وعند ذلك تظهر الجنّتان المدهامّتان عند مسجد الكوفة وما وراء ذلك بما شاء الله ).
وقال الشيخ أيضاً في مقام آخر : ( إن الدنيا آخرها قيام القائم عليهالسلام : ؛ لأن الأيّام ثلاثة قال الله تعالى ( وَذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللهِ ) (٣) : يوم الدنيا ، ويوم قيام القائم ، ويوم الرجعة ، ويوم القيامة ) (٤).
وقال في مقام آخر : ( م الحسين عليهالسلام : يخرج وقد بقي من مدّة ملك القائم عليهالسلام : إحدى عشرة سنة ، فيخرج صامتاً إلى أن تنقضي مدّته ، [ فإذا (٥) ] قتل وغسّله وصلّى عليه ودفنه قام بالأمر. وبعد مضيّ ثماني سنين من قيام الحسين عليهالسلام : بالحكم
__________________
(١) البقرة : ٢١٠.
(٢) الأنفال : ٤٨.
(٣) إبراهيم : ٥.
(٤) كذا في المخطوط ، وما مَرَّ ذكره وتخريجه في هذه الرسالة أنها ثلاثة : « يوم يقوم القائم عليهالسلام ، ويوم الكرَّة ، ويوم القيامة ». راجع ص ٨٤ هامش ٨ ، ويؤيِّده قول الشيخ الأحسائي رحمهالله : ( لأن الأيّام ثلاثة ).
(٥) في المخطوط : ( فلمّا ).
[ يقوم (١) ] م عليّ عليهالسلام : لنصرة ابنه ويقتل. وقد أخبر عليهالسلام بذلك حيث قال أنا الّذي اقتل مرَّتين وأُحيا مرتين ، ولي الكرّة بعد الكرة ، والرجعة بعد الرجعة (٢) .. ) ، انتهى ما وقفت عليه من كلام الرئيس الشيخ أحمد بن زيد الدين رحمهالله ، وهو متون أخبار.
وبالجملة ، فالأخبار الدالّة على الرجعة أكثر من أن أُحصيها ، وما ذكرته فيه غنية لطالب الحقّ مع ما اشتمل عليه من الآيات الدالّة على الرجعة.
__________________
(١) في المخطوط : ( قام ).
(٢) مختصر بصائر الدرجات ٣٢ ـ ٣٤ ، بحار الأنوار ٥٣ : ٤٦ ـ ٤٨ / ٢٠ ، باختلاف فيهما.
الوجوه الاعتباريَّة
وأما الاعتبار فمن طرق :
منها : أنه لا ريب في أن القرآن له تنزيل وتأويل ، والتأويل في كثير من الآيات لا يتمّ إلّا بالرجعة ، كما ظهر لك من الأخبار في آيات كثيرة ، مثل ( إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا ) (١) الآية.
و ( لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) (٢) ، وغيرهما ممّا لا يخفى على المتأمّل في أخبار أهل البيت عليهمالسلام.
ومنها : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله : وأمير المؤمنين : وفاطمة : والعشرة : الأئمّة الذين مضوا صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين إنما عبدوا الله في الدنيا سرّاً في دولة الجهل وسلطان التقيّة حتّى مضوا لم يعملوا في هذا العالم ، ولم يظهروا لهذا الخلق إلّا حرفاً أو حرفين من ثمانية وعشرين حرفاً ، ولا بدّ أن يعمل كلّ واحد منهم في الخلق بثمانية وعشرين حرفاً ، لا يختصّ بذلك القائم عليهالسلام : ؛ فإنه يجري لأوّلهم كما يجري لآخرهم (٣) ، كما استفاض عنهم ، صلوات الله عليهم.
والقائم : سلام الله عليه حال غيبته يعبد الله سرّاً ، كما مضى عليه آباؤه ، ولا بدّ أن يَعبُد الله جهراً كما وعده الله. وهذا غاية الشرف والكمال ، ومحال ألّا يفوز رسول الله صلىاللهعليهوآله : وخلفاؤه الذين مضوا بهذا الشرف ، ويختصّ به القائم عليهالسلام : ومن يكون في زمنه
__________________
(١) غافر : ٥١.
(٢) آل عمران : ٨٣.
(٣) انظر مثلاً الكافي ١ : ٣.
دون آبائه صلوات الله عليهم فإن الله تعالى بلطيف حكمته ورحمته أحبّ أن يعبد سرّاً وأن يعبد جهراً ، فلا بدّ أن يعبده أوّل العابدين وخلفاؤه بالوجهين ؛ فإنهم معلّمو الخلق العبادتين.
فمحال أن يكون نوع من العبادة لا يعبدونه بها ، ولو كان كذلك لكان سائر من يوجد في زمن القائم : وأنصاره الذين يقوم بهم نالوا درجة لم ينلها محمَّد صلىاللهعليهوآله : وخلفاؤه الماضين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وعبدوا الله بعبادة لم يعبدوه بها ، وحازوا عبادة السر والجهر دونهم ، وهذا محال. وهذا كلّه لا يتمّ ويندفع عنه ما قلنا إلّا بالرجعة ، فمن أنكرها أنكر فضل محمّد : وآله ، وأنكر قدرة الله تعالى ، نعوذ بالله من الجهل وجنوده.
ومنها : أن أحد الأمرين لازم ؛ إمّا القول بأن صاحب الأمر : عجّل الله فرجه حيّ لا يموت ولا يذوق الموت ولا يقتل ، أو أن الأئمّة يرجعون. والأوّل باطل بالضرورة عقلاً ونقلاً وإجماعاً ، بل ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (١) ، ولا يلي أمر الإمام إلّا الإمام بالنصّ (٢) والإجماع ، ولا تخلو الأرض من حجّة لله بالبرهان المتضاعف عقلاً ونقلاً (٣) ، فثبت الثاني ، ولا قائل برجوع واحد منهم دون آخر.
ومنها : أنه لا بدّ أن ينال القائم : ما ناله آباؤه الكرام من الدرجة الّتي لا تنال إلّا بالشهادة ، بل لا بدّ له أن يقتل أوّلاً ويرجع ويموت كآبائه. فإذا مات أو قتل لا يمكن أن تخلو الأرض من حجّة لله على عباده ، به يحفظ الله الشريعة ، وبه تتمّ حجّة الله على الخلق ، وبه يمسك الله الأرض والسماوات ، ولا ترتفع الحجّة من الأرض إلّا إذا لم يكن لله في عباده حاجة ، وذلك قبل أن ينفخ في الصور ، بأربعين يوماً ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً ) (٤).
ومنها : مقتضى كمال المقابلة بين العقل والجهل وجنودهما في التضادّ ، وذلك من وجوه :
__________________
(١) آل عمران : ١٨٥.
(٢) الكافي ١ : ٣٨٤ ـ ٣٨٥.
(٣) الكافي ١ : ١٧٨ ـ ١٧٩ / ١ ـ ١٣.
(٤) آل عمران : ١٤٤.
أحدها : أن محمَّداً صلىاللهعليهوآله : مظهر العقل الكلّيّ الذي هو أوّلُ ما خلق الله ، فقال له أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر ، فأدبر (١) ، وخلق بخلقه ضدّه وهو الجهل ، وقد ظهرت في هذه النشأة دولة الجهل الكاملة الّتي أوجبت استتار الإمام وعمل النبيّ : والأئمّة بعده صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بالتقيّة. فلا بدّ أن تظهر دولة لمحمّد صلىاللهعليهوآله : لكمال دولة العقل وجنوده ، وذلك لا يكون إلّا بالرجعة ؛ لأن القائم عليهالسلام : يقتل. ولازم ظهور دولة العقل كمال الظهور أن تطّهّر الأرض من الكفر والشرك والنفاق ، حتّى لا يعبد إلّا الله سرّاً وعلانية ، وهذا لا يكون مع وجود من يقتل الإمام.
وثانيها : أن الله كما أحبّ أن يعبده العقل وجنوده وأوّل العابدين بكمال السرّ ، أحبّ أن يعبده بكمال العلانية ، حتّى يستكمل العابد وجنوده جميع مراتب العبادة ، فإن بها كمال وجود الخلق ، لأن الله إنما خلق الخلق ليعبدوه ، ولو أن المكلّفين أطبقوا على ترك عبادة ولو مستحبّة حتّى لا يوجد عامل بها غير الإمام لم يمهلوا.
وثالثها : أن مظهر الجهل له فعليّة ، وتتحقّق في هذه النشأة من كلّ وجه بها يتحقّق امتلاء الأرض ظلماً وجوراً ، فلا بدّ من أن يكون لمظهر العقل وهو محمّد : وخلفاؤه صلوات الله عليهم تحقّق وفعليّة فيها كاملة من كلّ وجه بها يكون الدين كلّه لله. ولا يتمّ هذا ويصدق إلّا بالرجعة. والوجوه كثيرة لا تخفى على العارف ، والاستعجال أوجبَ الاقتصار.
ومنها : ما ثبت بالبرهان المتضاعف من وجوب تطابق البداية والنهاية ، وأن أوّل الفكر آخر العمل ، وأن العلّة الغائيّة هي علّة فاعليّة الفاعل ، فهي أوّل وآخر ، ووجوب تطابق قوسي دائرة المبدأ والمعاد.
إذا تعقّلت هذا فاعلم أن محمَّداً صلىاللهعليهوآله : وخلفاءه الاثني عشر عليهمالسلام هم أوّل العابدين الداعين إلى الله ، الدالّين عليه في مقام ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) (٢) وقبله وبعده ، وفي كلّ مقام. فلا بدّ أن يكونوا أجمعين آخر العابدين الدالّين على الله ، الهادين إليه ، وأنهم
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٦ / ٢٦.
(٢) الأعراف : ١٧٢.
أوّل الخلق ؛ فيجب أن يكونوا غاية الخلق ونهايته ، وأنهم مبدأ الخلق فلا بدّ أن يكونوا معاده. كلّ ذلك بالفعل من كلّ وجه في كلّ مقام من مقامات الوجود ، وهذا لا يتم إلّا بالرجعة ، وإلّا لكان ناقصاً جزئيّاً لا كاملاً تامّاً كلّيّاً.
ومنها : أن محمَّداً صلىاللهعليهوآله : لكمال شرفه كانت بعثته كأنّها ابتداءً دورتان أو هي كذلك ، فقد جمع الله له جميع معاجز الأنبياء طرّاً وأعطاه كمالاتهم أجمع ، وهي المعبّر عنها بمواريث الأنبياء ، وقد ورثها منه خلفاؤه. وجمع في أُمّته جميع ما كان في الأُمم السالفة ، فكانت امّة محمَّد صلىاللهعليهوآله : مقابلة جميع الأُمم ، وقد وقع في الأُمم السالفة الرجعة بعد الموت ، فلا بدّ أن تقع على وجه أكمل في هذه الأُمّة.
ومنها : أن آدم فمن دونه تحت لواء محمَّد صلىاللهعليهوآله : بالفعل في بدء الخلق ويوم القيامة ، فلا بدّ أن يكونوا في هذه النشأة كذلك بالفعل ؛ لوجوب تطابق العوالم ، وهذا لا يكون إلّا بالرجعة.
ومنها : أن الموت الطبيعيّ استكمال تدريجيّ ولذّة أُخرويّة كذلك ، والقتل استكمال دفعيّ ولذّة أُخرويّة رفعيّة ، فلا بدّ أن ينالهما محمّد : وآله المعصومون ؛ لا يمكن أن يفوت أحدَهم نوعٌ من الكمال ولا لذّة من لذّات الآخرة ، وهذا لا يكون إلّا بالرجعة بالضرورة ؛ لأنهم غير صاحب الأمر قتلوا فلا بدّ أن يموتوا ، ولا يكون إلّا بالرجعة.
ومنها : أن عالم الدنيا المحض منتقل عائد إلى الآخرة ، ولا يمكن انتقال النشأة الدنيا المحضة إلى النشأة الأُخرى المحضة دفعة واحدة لما بينهما من كمال المضادّة إذا اعتُبرت الحيثيّتان ، فلا بدّ أن يكون بينهما حالة برزخيّة هي يوم الرجعة ، وقبله يوم قيام القائم : ؛ لترتبط العوالم والنشآت.
عرف ذلك كلّ من عرف أنه لا فصل ولا وصل في الوجود ، فلا بدّ من ليل محض يعبد الله فيه بكمال السرّ ، ونهار محض يعبد الله فيه بكمال الجهر ، وحال بينهما هي الساعة الفجريّة. فقيام القائم : كأوّل الساعة الفجرية التي هي البرزخ بين الليل المحض والنهار المحض ، والرجعة كآخرها قبل طلوع الشمس في الأُفق المرئيّ ، فلا بدّ من يوم القائم ، ويوم الرجعة ، ويوم الدنيا و [ يوم ] الآخرة.