رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

الشيخ أحمد آل طوق

رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طوق


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٢

الفصل السابع

في التشهّد

وهو واجب غير ركن ، ومحلّه بعد الرفع من ثانية سجدتي الثانية مطلقاً في كلّ صلاة ، ومن ثالثة الثلاثيّة ورابعة الرباعيّة والمفردة أيضاً ، ففي المفردة والثنائية يجب مرّة وغيرهما مرّتين ، ويجب الجلوس له والطمأنينة فيه بقدره ، ويجب في كيفيّته ذكر الشهادتين والصلاة على محمّد : وآله ، فلو أتى ببعض ذلك قبل أن يطمئن جالساً أو هو آخذ في القيام أو قائم عامداً مختاراً بطل وعليه إعادته إن أمكن تداركه ، وإلّا بطلت الصلاة ، والأولى لمن أتى بشي‌ء منه قائماً وأمكنه تداركه أن يتداركه ويتمّ ويعيد. وصورته الواجبة أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً : عبده ورسوله ، اللهمّ صلّ على محمّدٍ : وآل محمّدٍ. ويجب فيه الترتيب والموالاة كما ذكر ، ولا يجوز أن يبدله بذكر آخر ولو مرادفاً ، ولا أن يأتي به بغير العربية اختياراً ، ويجوز اضطراراً.

ويجوز للخائف من عدوّ ولمن صلّى مع من لا يُقتدى به ودخل معه في ثانيته إن لم يتمكّن منه جالساً أن يتشهّد قائماً بعد الاطمئنان لا وهو آخذ في القيام ، وذِكرُ القيام بعده ، فإن لم يتمكّن أتى بالممكن وسقط المعسور. والاحتياط والحزم في ألّا يحذف وحده لا شريك له ، ولا أحد حرفي العطف ، ولا أشهد من الثانية ، ولا عبده

٣٢١

منها ، ولا أن يضاف رسوله إلى غير محمّد : مطلقاً ، ولا أن تضيف الآل إلى غيره مطلقاً ، ولا أن تفصل بين عاطف آل وبينه بـ ( على ) ، ولا تغيير شي‌ء من هذه الصورة بوجه ، وإن كان الأشهر عدم وجوب جميع ذلك ، فلو قال رسول الله أو أسقط وحده لا شريك له أو عبده فغير بعيد الصحّة.

ومن لم يحسن التشهّد يجب عليه التعلّم ، وإن ضاق الوقت انتقل إلى الترجمة ، فإن عجز فإلى أيّ ذكر شاء ، مراعياً الأقرب فالأقرب.

٣٢٢

تتميم

التسليم واجب داخل

كما هو أقوى الأقوال ، ومحلّه بعد التشهّد الذي بعد السجدة الأخيرة من الصلاة ، وله أحد صيغتين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته مخيّراً على الأقوى ، ويقع الخروج به ، ولا تجب نيّته ، وغير بعيد تعيين الثانية ، وكلّ منهما صورة سلام. والثانية أظهر فيه وأشهر ، فالأولى الإتيان بهما.

وعلى اختيار الثانية ، فقول ورحمة الله وبركاته واجب ، وما ورد من إسقاطه (١) محمول على التقيّة. والأحوط أيضاً في الإتيان بالصيغتين مقدّماً السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

ولا يجوز تغيير شي‌ء من ألفاظ الصيغتين بوجه أصلاً ؛ تبعاً للمنقول (٢) ، وتحصيلاً ليقين البراءة في المخرج.

واعلم أن الترتيب في جميع أقوال الصلاة وأفعالها كالموالاة ، فلو أخلّ بالترتيب مطلقاً ولو ناسياً ؛ فإن قدّم ركناً على ركن بطلت مطلقاً ، أو على واجب بطلت ، إلّا ساهياً فإنّه يتمّ العمل به ويسجد للسهو ، أو قضاه إن كان يقضى ثمّ سجد له. وإن قدّم واجباً على واجب أعاد بما يحصل به الترتيب مطلقاً ما لم تفت ، وإلّا أتمّ وصحّت وسجد للسهو إن كان سهواً ، وإلّا بطلت الصلاة مطلقاً.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، أبواب التسليم ، ب ٤.

(٢) وسائل الشيعة ٦ : ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، أبواب التسليم ، ب ٤.

٣٢٣

وكلّ ما فصل به بين أجزاء العمل إن محا صورته أبطله ولو كان ذِكراً أو قرآناً مطلقاً ولو سهواً ، ويختلف في كلّ مكان بحسبه ، فالفصل بين أجزاء الكلمة يبطلها ولو كان يسيراً ، وبين الآيات مثلاً لا يبطلها إلّا ما يعدّ فاصلاً عرفاً ، وبين الحمد والسورة لا يعدّ مثل الكلمة والكلمتين فاصلاً ما لم يكن مبطلاً ، ومثل الدعاء والقرآن إن محا صورة العمل أبطله ، وإلّا فلا.

٣٢٤

الباب الثاني

في بقيّة الصلوات الواجبة

وفيه فصول :

الفصل الأول

في الجمعة

وهي ركعتان في أصل الشرع ، وهي في زمن حضور الإمام أو نائبه الخاصّ واجبة عيناً ، وفي زمن الغيبة أقوال ، أقواها الوجوب التخييري بينها وبين الظهر ، والقول بالعينيّة (١) ضعيف ، بل حكم جمع بحدوثه (٢) ، وهو غير بعيد. والأحوط عدم صلاتها فيه ؛ لذهاب جمع من المتقدّمين (٣) وبعض المتأخّرين (٤) إلى تحريمها حينئذٍ ، فإن صلّيتَ فاحتط بالظهر بعدها. وعلى كلّ حال يشترط فيها الجماعة ، فلا تصحّ فرادى ، وهذا شرط في الابتداء لا مطلقاً ، فلو حدث على الإمام حادث ولم يؤمّهم

__________________

(١) المقنعة ( ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١٤ : ١٦٣ ـ ١٦٤ ، الكافي في الفقه : ١٥١ ، الحدائق الناضرة ٩ : ٣٧٨ ـ ٣٨١.

(٢) عنهم في الحدائق الناضرة ٩ : ٣٩٧.

(٣) رسائل الشريف المرتضى ( المجموعة الأُولى ) : ٢٧٢ ، المراسم ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٣ : ٣٧٦ ، السرائر ١ : ٢٩٠.

(٤) منتهى المطلب ١ : ٣١٧ ( حجريّ ) ، الذكرى : ٢٣٠ ( حجريّ ).

٣٢٥

غيره أتمّوها جمعة ، وتدرك الجمعة بالاجتماع مع الإمام في قوس الراكع من الثانية. ولو منع المأموم الزحام عن السجود بقي واقفاً حتّى يقوم الإمام ثمّ يسجد ويلحقه ولو في السجود ، فإن لم يلحقه أتمّها جمعة ، وإن لم يمكنه لحوقه بعد الركوع الأوّل إلّا في سجود الثانية سجد وجعلها الاولى وأتى بركعة ، ولو لم يتمكّن من الركوع معه في الأُولى بقي قائماً حتّى يقوم ويركع معه في الثانية وأتمّ جمعة. فإن منع من السجود حينئذٍ سجد بعد رفعه وأتمّ جمعة ، فلو فاته حينئذٍ ركوع الثانية أيضاً فاتته الجمعة.

ويجب على الإمام نيّة الإمامة وعلى المأموم نيّة الائتمام ، وكون الإمام جامعاً لشروط الاجتهاد ، فلا يكفي في إمامها شروط إمام الجماعة ، وبدون الجامع لشرائط الفتوى لا تشرع ، والنصّ والاعتبار دالّان عليه ، وما قيل بخلافه ضعيف جدّاً.

العدد ، والأقوى أنه خمسة ، أحدهم الإمام ، وهذا أيضاً شرط في الابتداء ، فلو نقص بعد التحريمة أتمّ في جمعة ولو بفقد الإمام ، ولو لم يبقَ إلّا الإمام أتمّ جمعة على الأقوى.

والوقت ، والأشهر أنه وقت فضيلة الظهر ، وهو المثل ، وحكي عليه الإجماع (١) ، والمسألة مشكلة بعد ، والأقوى أنه قدر الخطبة والصلاة بعد الزوال ، وأنه من المضيّق كما في النصّ (٢) ، وفيه إجمال ، ويتحقّق بالمثل ، فلو خرج الوقت ولم تُصَلّ صلّيت ظهراً ، ولو خرج وقد تلبس منها بركعة ، فإن كان دخوله منها بظنّ إدراك الائتمام فيه أتمّ جمعة ، وإلّا لم تشرع من أصلها ، ولا يصح للمخاطب بها أن يصلّي الظهر قبل صلاة الإمام ، وعليه الحضور ، ولو صلّى ظهراً فإن أدرك وإلّا أعاد ظهراً ، وهذا ليس على الوجوب التخييري.

والأمن في فعلها ، فلو خشي الضرر سقطت.

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣١٨ ( حجريّ ).

(٢) انظر وسائل الشيعة ٧ : ٣١٥ ـ ٣٢٠ ، أبواب صلاة الجمعة وآدابها ، ب ٨.

٣٢٦

والخطبتان فلا تكفي واحدة ، ولا بدّ من الجلوس بينهما ، ويجب في كلّ واحدة حمد الله والصلاة على رسول الله والوصيّة بتقوى الله في الأولى وقراءة سورة خفيفة فيها وفاقاً لجماعة (١) أو آية تامّة الفائدة ، وفي الثانية الصلاة على أئمّة المسلمين مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. ويجب وقوعهما بعد الزوال قبل الركعتين ، والأحوط إسماع العدد والصلاة على أئمّة المسلمين في الأولى ، وعربيتهما ، وإن لم يفهم لما سوى العدد مع العجز عن التعلّم يسقط اعتبارها ، وقيل : تسقط الجمعة حينئذٍ. ويجب القيام فيهما مع القدرة والترتيب في واجباتها ، والأحوط اشتراط الطهارة من الحدث والخبث فيهما ، ولا تعادان لو حدث على الإمام بعدهما حدث وقام غيره مقامه ، ولا يشترط في النائب منابه حينئذٍ حضوره الخطبتين. فإذا فرغ الإمام من الخطبتين نزل وأقام المؤذّن وصلّى بهم ركعتين.

وإذا أذّن المؤذّن لها حرم البيع وغيره على من خوطب بها ، لكنّه لو باع انعقد وأثم ، ولو خوطب بها أحد المتبايعين حرم عليه خاصّة. ويحرم السفر بعد الزوال قبل أن تصلّى ، والأحوط الأولى عدم تغاير الإمام. ولا فرق بين من يخطب على ظهر قلبه أو من قرطاس. وواحدة الجمعة في أقل من فرسخ ، ولو في مصرين ، فلو قصرت مسافة بينهما عن الفرسخ ؛ فإن اقترنا بأن أحرم الإمامان دفعة بطلتا ، ( وتسد المسافة وآخر طرفي الصفوف ) (٢) ويعيدون جمعة واحدة إن بقي ، وظهراً إن خرج. وإلّا بطلت المتأخّرة منهما خاصّة ، ويصلّون جماعتها مع الأولى إن أمكن وإلّا ظهراً ، ولو اشتبهت السابقة مع الجزم أعادوا جميعاً ظهراً للقطع بها ، ولو اشتبه السبق والاقتران ولو متجدداً أعادوا جمعة إن بقي الوقت وإلّا ظهراً. ولو أخبر الإمام بعد الإحرام بسبق أُخرى أعادها ظهراً ، ولا يصحّ إتمامها ظهراً.

والجمعة تجب على كلّ مكلّف ذكر ، حرّ ، صحيح ، حاضر فرضه الإتمام ، لكنّها

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٤٧ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ١٠٣ ، السرائر ١ : ٢٩٢ ، المختصر النافع : ٨٧ ، تذكرة الفقهاء ٤ : ٦٦ / المسألة : ٤٠٧.

(٢) كذا في المخطوط.

٣٢٧

تنعقد بأحدهم ، ولو حضر الصبي والمجنون والمرأة ومن كان بينه وبينها فرسخ وجب عليه الحضور ، أو أكثر منه وأقلّ من الفرسخين تخيّر بين الحضور وإقامتها عنده إن حصلت شرائطها ، وإن كان بينهما فرسخان [ فلا (١) ] يجب عليه الحضور ، بل إن أقيمت عنده صلّاها وإلّا حضر.

والأحوط الحضور لمن يدركها إذا غدا من أهله بعد الغداة إن لم تقم عنده. ويسقط وجوب حضورها أيضاً عمّن اشتغل بتجهيز ميّت ، أو رعاية مريض ، أو خائف على نفسه ، أو ماله ، أو من حبس ولو على حقّ عاجز عنه ، أو من التضرّر لشدّة الحرّ والبرد ، أو مطر أو وحل يشقّ عليه.

وكلّ من لم يجب عليه الحضور له أن يصلّي الظهر من أوّل الوقت ، ولو صلّى ثمّ حضر لم يجب عليه الحضور ، ولو أُعتق العبد أو نوى المسافر الإقامة بعد الزوال لم يجب عليه الحضور ، وهكذا في الباقي.

__________________

(١) في المخطوط : ( ولا ).

٣٢٨

الفصل الثاني

صلاة العيدين

وتجب جماعة على الأعيان إن حصل شرائط الجمعة العينيّة كلّها ، فإن اختلّ منها شرط كزمن الغيبة انتفى الوجوب ، والخطبتان فيها [ تابعتان (١) ] للصلاة وجوباً وندباً على الأقوى ، وهما بعد الصلاة ، ولا يجب سماعهما ، والأحوط اشتراط القيام بينهما إن وجبت ، وكيفيّتهما كالجمعة ، إلّا إنه يذكر هنا حال الفطرة والأضحية.

ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال ، ولو فاتت ولو عمداً لم تقضَ مطلقاً ، وكيفيّتها كالصبح ، وشروطها [ كشروطها (٢) ] ، وتزيد عليها بخمس تكبيرات غير التحريمة بعد القراءة في الأُولى ، وبأربع في الثانية بعدها أيضاً غير تكبيرتي الركوع. ويقنت بعد كلّ تكبيرة من السبع ، ووجوب التسع والقنوتات هو الأشهر الأظهر.

ويحرم السفر بعد طلوع الشمس حتّى تصلّى ، إلّا إذا تمكّن من الوصول لما تقام فيه ويتمّ فيه ولو بالإقامة ، والأحوط العدم.

وإذا اتّفق جمعة وعيد واجب تخيّر مصلّي العيد بين حضور الجمعة فيصلّيها وعدمه فيصلي ظهراً ، والأولى اختصاص النائي بالتخيير ، إلّا الإمام فإنها لا تسقط ويعلمهم بذلك في الخطبة. ولو نسي شيئاً من تكبيرات الصلاة لم يقضه مطلقاً لكنّه

__________________

(١) في المخطوط : ( تابعة ).

(٢) في المخطوط : ( كهي ).

٣٢٩

يسجد للمشهور وبعدهما نسي كالتشهّد فيهما ، ولو شكّ في عدد التكبير بنى على اليقين ، أو في عدد الركعات أعاد ، ولو لم يدرك المأموم الإمام من أوّل التكبير يصبر إلى الثانية ، ويحتمل إتمامه قبل الركوع ولا يلحقه في الركوع.

٣٣٠

الفصل الثالث

في الآيات

تجب صلاة الآيات فوراً على كلّ مكلّف باليومية عيناً للخسوفين والزلزلة والريح الصفراء والحمراء والصيحة الشديدة والصاعقة العظيمة ، وكلّ مخوف سماوي على الأقوى الأشهر ، ومرجعه إلى ما يخاف منه ويزعج أكثر الناس ، فلا عبرة بشديد ضعف النفس ولا بشديد قساوتها ولا تجب بخسوف كوكب.

ويثبت الكسوفان بالرؤية ، أو الشياع ، أو إخبار عدلين ، أو واحد عارف ، أو واحد مطلقاً على الأحوط. ووقتهما من الابتداء إلى تمام الانجلاء على الأشهر الأقوى. وفي الزلزلة العمر ، فتصلّي أداءً دائماً لأنها سبب. وفي باقي الآيات مدّة وجودها ، وإذا خرج الوقت في الخسوفين فلا قضاء مع العلم والإهمال مطلقاً ، أو احتراق فإنه يجب القضاء كما يجب في غيرهما عدا الزلزلة مع العلم مطلقاً. ولا تجب صلاة الآية إلّا مع سعة وقتها ، وفعلها مطلقاً كالزلزلة أحوط ، غير متعرّض في نيّتها مع ضيق الوقت عنها لقضاءٍ أو أداءٍ على الأحوط خصوصاً في الكسوفين.

ولو شرع في الصلاة ثمّ انجلت الآية لم يجب الإتمام ، كما لو أخبر بنقص الزمان عن أقلّ المجزي. ولو خرج الوقت المتسع لها ولما يتمّها أتمّها وجوباً ، وإن علم بالضيق في أثنائها خفّفها. ولا ترتيب بين الآية واليومية ، أو بين الآيات لو تعدّد

٣٣١

الفائت منها. وتصلّى أداءً لو استتر القرص بسحاب وهو منكسف ، أو طلعت الشمس والقمر منخسف ، أو غاب أحدهما قبل الانجلاء إلى أن يخبر به من أهل المعرفة بذلك. ولا خطبة فيها لو صليت جماعة. ولو كانت وقت فريضة من الخمس فإن اتسع لهما الوقت فأنت بالخيار في تقديم أيّهما شئت.

وإن تضيّق وقت أحدهما قدّمها ، فإن تضيّقا قدّم اليوميّة ، حتّى لو تبيّن له ضيق وقتها وهو في أثناء الآية قطعها وصلّى اليومية ثمّ قضى الآية من رأس ، لكنّه احتياط مع عدم التفريط ، والأحوط البناء ثمّ الإعادة مطلقاً.

ولو نذر صلاة في وقت معيّن ثمّ اتّفق فيه آية ، فإن وسعهما مطلقاً تخيّر ، إلّا أن يدخل وقت النذر وقد شرع في الآية فإنه يتمّها حينئذٍ ، وإن لم يسعهما صلّى المنذورة وقضى الآية احتياطاً ، حتّى لو دخل وقت المنذورة وقد شرع في الآية فإنه يقطعها حينئذٍ ويأتي بالمنذورة ويقضي الآية احتياطاً.

ولو وقعت آيتان في وقت فإن وسعهما تخيّر ، وإلّا فإن كان أحدهما أحد الكسوفين قدّمه وقضى الآخر احتياطاً ، وإلّا فإن سبق أحدهما بجزءٍ ما قدّمه وقضى الآخر احتياطاً ، وإلّا تخيّر وقضى الآخر احتياطاً. ويحتمل القرعة مع الإمكان.

هذا كلّه إن لم يكن أحدهما الزلزلة فإنها تؤخّر مطلقاً لسعة وقتها وكونها أداءً دائماً.

ويشترط في الآية كما يشترط في الثنائيّة ، وتزيد بأنه يركع في كلّ واحدة منهما خمسة ركوعات.

وصورتها أن ينوي ويحرم ويقرأ الحمد ثمّ سورة ثم يركع ، ثمّ يقرأ الحمد وسورة ثمّ يركع ، وهكذا خمس مرّات ، ثمّ يسجد بعد رفعه من الخامس سجدتين ، ثمّ يقوم ويفعل كما فعل في الاولى ، ثمّ يجلس ويتشهّد كاليوميّة وجوباً وندباً.

ويجوز هنا تفريق السورة على [ الخمسة (١) ] الركوعات ، وقراءة سورة في واحد

__________________

(١) في المخطوط : ( خمسة ).

٣٣٢

وسورة [ في ] الأُخر في كلّ ركوع جزءاً إلّا إنه لا بدّ من إكمال سورة في الركعة. ومتى ركع عن سورة أو بعض سورة وأراد أن يقرأ من سورة أخرى أو من غير ما ركع عليه أعاد الحمد. وإن قرأ في الركوع الثاني من حيث قطع لا يعيد الحمد ، وإذا لم يدرك المأموم الإمام إلّا وقد فات بعض ركوعات الاولى صبر حتّى يدخل في الثانية فيدخل معه إن اتسع الوقت ، وإلّا صلّى منفرداً كما لو لم يدركه إلّا وقد فاته بعض ركوعات الثانية مطلقاً.

٣٣٣
٣٣٤

الفصل الرابع

فيما يُلزم به المكلّف نفسه بنذر وشبهه

وبإجارة من الصلوات

ويجب كما ألزم نفسه كيفيّةً وكميّةً وماهيّةً ومكاناً وزماناً مطلقاً على الأقوى الأشهر فيهما ، ومع المزية فيهما إجماعاً ، فلو لم يأتِ به كما التزم لم يصحّ ووجب عليه الكفّارة في الأوّل ، ولم يستحقّ الأجرة في الثاني. ولو نذر أكثر من ركعتين سلّم على كلّ ثانية ولو لم يعيّنه ، ولو نذر خمس ركعات صلّى ثلاثة متّصلة كالمغرب وثنائية ، وغير بعيد إجزاء رباعيّة ومفردة. ولو نذر صلاة وأطلق [ كفى (١) ] ركعتان ، وقيل واحدة ، ولا تنصرف معه إلّا إلى ذات الركوع والسجود.

ولو نذر الآية والعيد وجبت في وقتها ، ولو نذر واجبة أو مندوبة معيّنة صحّ ووجب المندوب. ولو لم يكن بقيد النذر بوقت كان وقته العمر ، ويتضيّق بترجّح الموت ما لم يكن مؤقّتاً فإن وقته وقته.

ويشترط في المنذورة ما يشترط في غيرها من الواجبات ، فلو نذر مع ترك شرط لم يصحّ ، ولو نذر ركعة صحّ ، ولو نذر واجبة أو معيّنة أو مندوبة لم يلزمه

__________________

(١) في المخطوط : ( في ).

٣٣٥

مندوباتها ، ولو نذر نافلة الليل لزمه ثمانٍ خاصّة ، ولو نذر نافلة فله أن يصلّيها سفراً على الراحلة ، ولو نذر واجبة معيّنة في غير وقتها لم ينعقد ، ولو نذر صلاة في يوم معيّن فتجدّد له فيه عذر مسقط فعليه القضاء دون الكفارة كما لو تركه عمداً إلّا إن عليه الكفّارة.

ويتحقّق الإخلال بالنذر بترك قيد من قيوده ، فإن تركه عالماً عامداً مختاراً أثم أيضاً وكفّر ، وهل ينحلّ عنه النذر حينئذٍ فلا تتعدّد الكفّارة لو تعدّد ، أم لا فيجب في الآخر وتتعدّد بتركها فيه بعدده؟ الأشهر الانحلال وعدم تكرارها ، والأحوط عدم الانحلال. وإلّا فلا انحلال ولا إثم ولا كفّارة. ولو عجز عن المنذور انحلّ ولا كفّارة.

ولو نذر في وقت عبادة مضيّقة أو اتّفق تضيّقها ولم يكن فيه جامعاً لشروط التكليف أو لم يسلم له منه ما يسعها أو تجدّد العجز فيه مطلقاً ، فلا نذر ولا قضاء.

ولو نذر الطهارة كفى الوضوء أو التيمّم مع تعذّر الماء كما لو نذره. ولو نذر صلاة لم تجزِ الفريضة مطلقاً ، ولو نذر فريضة فإن عيّن تعيّنت ، وإلّا أجزأ ما ينوي به أدّاه (١) منها مطلقاً ، وتداخلا فيهما. ولو نذر ركوعاً أو سجوداً من صلاة لزمه ركعتان أو ركعة على وجه ، وغير بعيد اللزوم مع الإطلاق أيضاً ، والسجود خاصّة إن كان هو المنذور. ولو نذر الصلاة في وقت كراهة لزمه. ويشترط في صحّة نذر الزوجة والولد والمملوك إذن الزوج والأب والمالك على الأشهر الأقوى ، ولا يتعدّى إلى الجدّ والأُمّ. وكالنذر العهد واليمين في جميع ما ذكر.

وممّا يلزم المكلّف من الصلاة ، الصلاة بالإجارة ، ويجب على الأجير أن يأتي به كما استؤجر بشروطه وقيوده من كيفيّة وزمان ومكان وغيرها إذا كانت مشروعة ، سواء كانت بتسليم بعد كلّ ركعتين أو كاليوميّة.

ويشترط في الأجير العدالة لعدم الركون لخبر غير العدل لا لعدم صحّة عمله.

وعدم نقصان صلاته عن الأصل ، فلا يستأجر العاجز عن فعل أو قول عن القادر

__________________

(١) كذا في المخطوط.

٣٣٦

عليه على الأقوى الأحوط ، أمّا لو تجدّد العجز للنائب فهل تنفسخ بنفسها ، أو تتوقّف على الفسخ ، أو الصحّة والرجوع إلى الأرش وهو التفاوت بين اجرة الفعل كاملاً وناقصاً أو الصحّة بلا أرش ، فالميسور مع تعذّر المعسور كالكامل؟ وجوه [ أقواها (١) ] الأخير ، وأحوطها الأوّل.

والبلوغ ، فلا يكفي تمييز الصبي.

هذا كلّه إذا كان الاستئجار واجباً ، كالوصيّة على الوصي ، فإنه يجب عليه إنفاذ الوصيّة على وجهها. أمّا المتبرّع بها فلا يشترط في صحّتها إلّا مطابقة المشروع. ولو عيّن على النائب زمن مثلاً تعيّن ، فإن خالف فلا اجرة له ، وإن لم يعيّن عليه وقتاً فموسّع عليه. ولا تجب عليه على الفور ولا المستحبّات إلّا مع الشرط. والعبرة في الجهر والإخفات بحال النائب لا المنوب عنه.

وليس عقد الإجارة ناقلاً لما في ذمّة الميت إلى ذمّة الأجير حتّى تبرأ بمجرّده ، بل لا تبرأ إلّا بالإتيان به ، فلو لم يأت به وجب الاستئجار على الوصي مثلاً اخرى. ويجب عليه استرجاع الأُجرة ممّن لم يقم بالعمل ، فإن تعذّر فإن كان تفريطه فهي عليه ، وإلّا فلا تسقط الإجارة عنه حينئذٍ إن لم يبقَ لها أصل يتدارك به. ويجب الترتيب على النائب إذا شرط إجماعاً ، وبدونه في الأيام فترتب كلّ يوم بحسب البداية ، فإن عيّنت تعيّنت ، وإلّا فله الابتداء بأي الخمس شاء ، فيرتّب باقي اليوم عليه ، وله الابتداء في يوم بالصبح وآخر بالظهر وهكذا ، لكن يرتّب باقي اليوم عليه ، وليس له أن يصلّي صبح شهر مثلاً ولاءً ثمّ ظهره كذلك على الأقوى. وتجوز نيابة الرجل عن المرأة والعكس.

__________________

(١) في المخطوط : ( أقواه ).

٣٣٧
٣٣٨

الفصل الخامس

في قضاء الفوائت

الإتيان بالصلاة ثانياً في وقتها مطلقاً تسمّى إعادة ، وفي غير وقتها لعدم الإتيان بها فيه يسمّى قضاءً ، فيجب القضاء على من لم يأتِ بالصلاة في وقتها مطلقاً حتّى لو كان بسبب شربه أو أكله مسكراً لم يعلم أنه مسكر إذا كان مسلماً مكلّفاً بها في وقتها. ولا قضاء على من لم يبلغ ولا على المجنون إن استوعب الوقت ولا على الحائض والنفساء ولا على المغمى عليه وإن كان بسببه. والقضاء حينئذٍ أحوط كجعل المغمى عليه كالسكران إن استوعب المسقط الوقت في الثلاثة أيضاً.

وتقضى كما كانت قصراً ولو حضراً ، وتماماً ولو سفراً ، والعبرة بحال الفوات لا الأداء ، فلو سافر آخر الوقت وفات قضاها قصراً وبالعكس. ولا قضاء للجمعة ولا للعيدين مطلقاً. والأحوط قضاء الصلاة إذا صلّيت حال فقد الطهورين ما لو لم يصلّ حينئذٍ فعليه القضاء لوجوبها عليه حينئذٍ.

ووقت القضاء من حين الذكر ، ولا يجب على الفور ما لم تتضيّق حاضرة فتقدّم إجماعاً (١). ويسقط القضاء عن الكافر إذا أسلم ، ويقضي المرتدّ مطلقاً صلاة زمن ردّته ، ولا يقضي المخالف إذا آمن إلّا ما أخلّ به عندهم.

__________________

(١) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٤ : ٥٦١.

٣٣٩

وتقضى الجهريّة جهراً ولو نهاراً ، والسريّة إخفاتاً ولو ليلاً. والعبرة بحاله حين القضاء لا الفوات ، فيقضي القادر على القيام مثلاً ما فاته وهو عاجز عنه ، وبالعكس. ويجب ترتيب الفوائت ، فلو فاته فرض من الجمعة وآخر من السبت قدّم الأوّل واحتياطه وسجدة سهوه مطلقاً وأجزاءه المنسيّة المقضيّة. ويسقط وجوب الترتيب إذا جهل المتقدّم ، ولا يجب التكرار حتّى يحصّله. وجميع واجبات الأداء وشروطه معتبرة في حال القضاء به بحسب الإمكان ، إلّا فيما عرفت فيقضي بحسب الميسور ، وإلّا في الطهارة مطلقاً ، فلا يصحّ مع فقد الطهورين ، بل يؤخّر حتّى يتمكّن من أحدهما إلّا أن يتضيّق بظنّ الموت فيصحّ بدونها.

ولو فاتته صلاة واحدة من يوم ولم يعلمها قضى ثنائيّة وثلاثيّة معيّنتين ورباعيّة مطلقة ينوي بها ما في ذمّته ، ويتخيّر بين الجهر والإخفات. ولو كان حينئذٍ مسافراً فبدل الرباعيّة ثنائيّة مطلقة ، مخيّراً بين الجهر والإخفات ، وثلاثيّة معينة. ولو لم يعلم بأنها سفريّة أم حضريّة فثنائيّة مطلقة وثلاثيّة معيّنة ورباعيّة مطلقة.

ولو كان الفائت فرضان من يوم صلّى ثنائيّة ثم رباعيّة مطلقة ثم ثلاثيّة ثم رباعيّة مطلقة ، فإن كان حينئذٍ مسافراً قضى ثنائيّتين مطلقتين وثلاثيّة بينهما. ويتعيّن على من فاتته رباعيّة في أحد الأربعة وهو مسافر القصر خصوصاً إذا قضيت في غيرها. ولو فاتت صلاة لا يعلم كم فرض هي ، فإن علم أنها كلّها من صنف ثنائيّة صلّى ثنائيات مثلاً حتّى يعلم عدد ما قضى أو يغلب على ظنّه الوفاء ، وإلّا ثلاثاً وأربعاً واثنتين حتّى يغلب على ظنّه الوفاء.

ومن ترك الصلاة عمداً ، فإن كان مستحلا قتل ، إلّا أن يدّعي شبهة تمكن في شأنه ، وإلّا عزّر ، فإن عاد عزّر ، فإن عاد عزّر ، ويقتل في الرابعة. ولو ترك ما اختلف فيه من شروطها لم يقتل ؛ لأنه ليس من ضروري الدين ، لكنّه يعزّر.

ويجب على أكبر الولد الذكور أن يقضي عن أبيه ما فاته من صلاته أو صومه من غير تفريط ، فإن تساووا قسّم عليهم بالسوية ، ولو كان عند الموت غير بالغ قضى بعد

٣٤٠