رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

الشيخ أحمد آل طوق

رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طوق


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٢

أشهر ، ولقيط دار فيها مسلم يمكن تولّده منه ، ومسبيّ المسلم ، والصدر وبعضه على الأحوط ؛ لأنه من جملة ما يجب تغسيلها ، والقطعة المبانة ولو من حيّ إذا كان فيها عظم ، أو [ كانت ] عظماً على الأحوط. أمّا قطعة اللحم خاصّة والسقط الأقل من أربعة أشهر فيلفّ في خرقة ويدفن بغير غسل. ولو وجد عظم أو قطعة وشكّ في أصلهما فلا شكّ.

ويسقط الغسل وإن كان عليه غسل واجب عمّن قدّم غسله ليقتل أو يرجم حدّا فقتل بأمر الإمام ، ولا يشترط في كون الغسل السابق بأمر الإمام ، وعمّن قتل في معركة الإمام أو نائبه الخاصّ حيث كان ، أو بالغاً ولو بحجّة أو رجوع سلامه عليه قاتَلَ الإمامُ أو لا ، إذا مات في المعركة أو وجد فيها ميّتاً وإن لم يكن فيه أثر الضرب. أمّا لو رفع فمات فيغسّل وإن حكم

له بالشهادة كسائر من أطلق عليه اسم الشهيد غير ما ذكر. وينزع عمّن مات في معركته كذلك الخفّان وإن أصابهما الدم والفرو وإن أصابه أيضاً ، ولا يكفّن ، بل يدفن بثيابه إن لم تذهب ، فإنه حينئذٍ يكفّن.

وغسل المعصوم تعبّد شرعي ، فلا غسل مسّ في مسّه ، ولا يلي أمره إلّا مثله حتّى يواريه. وما ربّما قيل أو روي ممّا يوهم خلاف ذلك فشاذّ لا [ تعويل (١) ] عليه ، ولا أصل له في المذهب.

والقول بوجوب وضوء الميّت شاذّ (٢) ، بل العدم أحوط.

ويجب في الغاسل المماثلة مع الإسلام. ويجوز للرجل اختياراً تغسيل محارمه ، وهم من حرم عليه نكاحهنّ مؤبّداً ، والأحوط كونه من وراء الثياب ، والاقتصار فيه على الضرورة أحوط.

ولكلّ من الزوجين تغسيل الآخر اختياراً ، والأحوط أيضاً كونه من وراء الثياب حتّى لو مات وهي في العدّة الرجعية ، دون البائن حتّى لو خرجت وتزوّجت وإن

__________________

(١) في المخطوط : ( تصريح ).

(٢) الكافي في الفقه ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ١ : ١٨٥.

٢٦١

بعد الفرض. والأَمَة لا تغسل مولاها ؛ لانتقالها لغيره ، إلّا أن تكون أمّ ولد فيجوز مطلقاً. ولا يغسل الخنثى أَمَته. ويجوز لكلّ من الرجل والمرأة تغسيل ابن ثلاث سنين وبنتها اختياراً ، وروى في المذكّر الخمس (١).

ولو عدم المماثل والرحم ووجد الكافر المماثل علّمه المسلم أو المسلمة الغسل فغسّله عند جماعة ، ويعاد لو وجد المسلم قبل الدفن. والمسألة مشكلة ، ولا يبعد أنه كفاقد من يجوز له التغسيل ، والأقوى فيه أن يدفن بغير غسل ولا تَيمّم. ولا يغسّل ولا ييمّم إن استلزم محرّماً.

الثالث : في التكفين

كلّ من يغسّل يجب تكفينه حتّى الصدر على الأقوى في ثلاثة أثواب : مئزر يستر ما بين السرّة والركبة ، والأفضل إلى القدم ومن الصدر ، لكن مع إذن الوارث أو الوصية من الثلث. وقميص يصل إلى نصف الساق ، وإلى القدم أفضل بشرط ما مرّ وعدمه فيهما. وإزار شامل للبدن كلّه.

ولا يجب الاقتصار على الأدون وإن ناكس الوارث أو كان غير مكلّف ، مع احتماله. ولا يجزي في الاختيار غير الثلاثة ، ولا تبديل غير الشامل به ولا العكس ، على الأقوى الأشهر ، بل الإجماع (٢) عليه قائم ، وخلافه شاذّ (٣). وفي الضرورة المتيسّر ولو ساتر العورة وحده ، ولو حصل ما يستر عورة المرأة الحقيقية أو رأسها قدّمت العورة.

ويجب حلّية الكفن ، وأن يكون ممّا تجوز فيه الصلاة للرجال اختياراً ، فلا يجزي الحرير حتّى للنساء ، ولا المذهّب ، ولا النجس ، ولا الحاكي لِلون البشرة ، لكن مجموعة لا كلّ قطعة ، كالصلاة. والأحوط مراعاة الستر في كلّ قطعة. ويجوز في

__________________

(١) المقنعة ( ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١٤ : ٨٧ ، مقتصراً فيه على ذكر الحكم دون الرواية.

(٢) الخلاف ١ : ٧٠١ / المسألة : ٤٩١ ، المعتبر ١ : ٢٧٩.

(٣) المراسم العلوية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ١ : ٢٥٣.

٢٦٢

جلد المأكول المذكى ، والعدم أولى. وفي الضرورة يجوز [ بكلّ (١) ] مباح.

ولا يجوز الزيادة في كفن الرجل على ست قطع : الثلاث ، وحبرة يمنية غير مطرّزة بالذهب ، وهي ثوب شامل وجوازها إجماعي (٢) ، ويقوم مقامها إذا عدمت لفّافة ثانية. وخرقة طولها ثلاثة أذرع ونصف وعرضها نصف ذراع ، يثفر بها ، ويلفّ الباقي [ حول ] حقويه وفخذيه. وعمامة يتحقّق بها التعمّم ، بحيث تُثنى ويحنّكُ بها ويخرج طرفاها من تحت حنكه ويلقيان على صدره على الأشهر في عدد قطع كفنه.

ولا في كفن المرأة على سبع قطع : الثلاث ، ولفافة لثدييها تشدّ إلى ظهرها ، ونمط كبير كاللفّافة من صوف له خطوط تخالف لونه ، وتقوم لفافة ثانية مقامه إذا عدم على الأصحّ ، وقناع يستر رأسها ورقبتها غير الوجه ويجب تحنيط الميّت والصدر بعد الغسل ، بأن يمسّ مساجده السبعة بمسمّى الكافور وأكمل ، الكافور الواجب وجميع مستحبّاته ثلاثة عشر درهماً وثلث شرعية ، وهي تسعة مثاقيل شرعية ، وهي سبعة مثاقيل صيرفية ، وتسمّى في زماننا ( چكي ) ، وزن ريال ومثقال صيرفي.

ويكره جعل أكمام للقميص المبتدأ ، وقيل بالمنع (٣) ، ولو كفّن في قميصه وجب نزع أزراره ، ولا يكره إبقاء أكمامه. ولو لاقى كفنه أو جسده نجاسة غسلت إن أمكن ، وإن كان بعد طرحه في القبر قرضت إلّا أن تتفاحش فتترك.

وواجب الكفن من الأصل مقدّم على جميع الديون والوصايا ، وكذا الكافور وباقي مؤن تجهيزه. ولو بذل الوارث مستحبّاته مع قصور التركة عن الدين فللغرماء المنع. ولو أوصى بالكفن الكامل فالواجب من الأصل والزائد من الثلث إلّا أن ينصّ على إخراج الجميع من الثلث. ولو لم يكن له كفن دفن عارياً ، ولا يجب بذله ولا

__________________

(١) في المخطوط : ( لكل ).

(٢) المعتبر ١ : ٢٨٢ ، تذكرة الفقهاء ٢ : ٩ / المسألة : ١٥٩.

(٣) المهذّب ١ : ٦١.

٢٦٣

غيره من مؤن التجهيز.

وكفن المماليك على أربابهم إجماعاً (١) ، وكفن الزوجة الواجب وباقي مؤن التجهيز على زوجها دائمة كانت أو منقطعة ، ناشزة أو مطيعة ، مدخولاً بها أو غير مدخول بها ، موسرة أو معسرة ، والمطلّقة رجعيّاً كالزوجة. وإن كان الزوج معسراً لا يملك غير المستثنى في الدين وهي موسرة ، فهل يجب عليه من نصيبه ، أم لا ويخرج من أصل التركة؟ الأولى الثاني ؛ إذ بالإعسار سقط عنه. والميراث بعد الكفن أصالةً ، وليس سبيله كالدين السابق ، فلو تلفت التركة قبل أن يوفّى ثمنه لم يتعلّق بذمّته إلّا أن يكون أمر بشرائه.

الرابع : في الصلاة عليه

يجب أن يصلّى على الميّت بعد تغسيله وتكفينه قبل دفنه ، فإن لم يكن له كفن وأمكن ستر عورته سُتِرَت وصُلّيَ عليه. ويجب أن يصلّى على مَن بلغ ستّ سنين آخرها الموت من المسلمين ولو كان قاتل نفسه ومَن بحكمهم كمسبيّهم ولقيط دار فيها مسلم يمكن تولّده منه ، وبعض الجسد إذا كان صدراً وهو فيه. ولا فرق بين العبد والحرّ والذكر والأنثى. ولا يصلّى على من حكم بكفره من فرق المنتسبين إلى الإسلام ، ولا يشرع على من لا يستهلّ وإن كمل.

ويجب كون الميّت حاضراً بين يدي المصلّي ، وألّا يتباعد عنه عرفاً ، ولا يضرّ طول الصفّ وكثرة الصفوف عادةً. وكون الميّت مستلقياً ورأسه إلى يمين المصلّي ، وكون المكان مستقرّاً ومباحاً ، فلو اختلّ شرط منها أعيدت الصلاة ولو بعد الدفن إلى يوم وليلة ، أو ما لم تتغيّر صورته على الأحوط. وإذا اشتبه المسلم بغيره صُلّيَ على الجميع وخصّ النيّة بالمسلم.

ويجب فيها القيام مع القدرة ، ويسقط الوجوب عن القادر عليه بصلاة العاجز عنه

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٥ / المسألة : ١٦٤ ، مدارك الأحكام ٢ : ١١٨.

٢٦٤

وإن تمكّن ، وستر العورة ، والنيّة. ولا يشترط فيها الطهارة من الحدث ولا من الخبث نصّاً (١) وإجماعاً (٢) ، ولا قراءة فيها ولا تسليم.

وإذا تعدّدت الجنائز جاز تشريكها في صلاة واحدة ويفرد كلّاً بدعاء بعد الرابعة إن اختلفوا ، وإفراد كلّ بصلاة. ولو حضرت أُخرى في أثنائها جاز الإتمام والابتداء ، وجاز القطع والتشريك على الأشهر. وتصلّى في كلّ وقت ما لم تتضيّق حاضرة فيجب تقديمها ، ولو تبيّن ضيقها في أثنائها وجب قطعها ، ولو تضيّقت الجنازة لخوف عليه وجب تقديمها مع سعة الحاضرة.

وتجب على كلّ مكلّف حتّى المرأة على الكفاية ، ولا يتوقّف المنفرد على إذن الولي وإن توقّفت جماعةً. وأولاهم بها أولاهم بميراثه ولو أوصى لغيره على الأشهر ، ونسبه في ( المختلف ) (٣) إلى علمائنا ، فإن تمّ إجماع ، وإلّا فتقديم الغير حينئذٍ أولى. وظاهر الأصحاب من غير خلاف أولويّة الذكر على الأُنثى ، والزوج أولى بالزوجة حتّى المنقطعة ، والمالك بالمملوكة من غيرهما مطلقاً ، ولا عكس. والأب أولى من الابن ، وهو وإن نزل أولى من الجدّ ، والخليص أولى من المنفرد ، والحرّ أولى من العبد ، كذا قالوه.

ولو لم يجمع الوليّ شروط الإمامة قدّم الجامع ، وإن امتنع سقطت ولايته ، ويجوز له تقديم غيره مع استجماعه ، ولا يُصلّى بدون إذنه مع إمكانه. ويقف المأموم مطلقاً خلف الإمام ، والمرأة إذا أمّت النساء وسط الصف كإمام العراة. وفي وجوب عدالة إمامتها شي‌ء ؛ لأنها ليست صلاة حقيقية ، إلّا أن يكون الاشتراط إجماعياً فلا معدل عنه ، وغير بعيد تحقّقه.

وكيفيّتها خمس تكبيرات ، يتشهّد الشهادتين بعد الاولى ، ويصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ٣ : ١١٠ ـ ١١٣ ، أبواب صلاة الجنازة ، ب ٢١.

(٢) الخلاف ١ : ٧٢٤ / المسألة : ٥٤٥ ، الذكرى : ٦٠ ( حجريّ ).

(٣) مختلف الشيعة ١ : ٣٠٤.

٢٦٥

بعد الثانية ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات بعد الثالثة ، ويدعو للميّت بما يناسبه بعد الرابعة ، والمأثور أفضل. ولو فات المأموم بعض التكبيرات إن لم يتمكّن من الدعاء أصلاً ولو رفعت الجنازة ولو ماشياً ، ويدخل مع الإمام ولو بين تكبيرتين ، ولو تقدّم المأموم بالتكبير لم تبطل ، وتابعه في الباقي وأتمّ.

ولو مات ولد الحامل دونها فإن أمكن إسقاطه ، وإلّا قطع وأخرج ، ويتولّاه النساء إن أمكن ، ثمّ المحرم ، ثمّ الأجنبي ولو كان عارفاً. ولو ماتت هي دونه شقّ بطنها من الجانب الأيسر وجوباً بعد موتها بلا فصل وأخرج وإن كان ممّا لا يعيش عادةً ، ويجب أن يخاط بطنها بعد.

الخامس : في الدفن

يجب دفن الميّت بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه ، بأن يحفر له قبر يواري ريحه عن الانتشار وجسده عن السباع في جوف الأرض ، ويجعل له فيها لحد في جهة القبلة أو ضريح في وسطها ، ولا يجوز من قرار الضريح إلى وجه الأرض أكثر من قامة ، ولا يكفي كونه كذلك على وجه الأرض ببناء إلّا لضرورة ، بل يجب مراعاة الممكن من ذلك ويسقط المتعذّر. ويجب في كيفيّة وضعه أن يضجع على جنبه الأيمن ولو معتمداً على ما خلفه ووجهه إلى القبلة ، ورأسه الأيمن المستقبل غير منكبّ ولا مستلقٍ. وسعة اللحد أو الضريح بقدر ما يتمكّن الرجل من الجلوس.

ولو حملت ذمّيّة من مسلم فماتت وجب الاستدبار بها ليكون وجه الجنين إلى القبلة ، وتدفن في مقابر المسلمين لحرمة الجنين. ويُنزل الميّت القبر من يجوز له ملامسته ، فإن تعذّر في المرأة فمسلم صالح ، ثمّ يدفن دفناً متقناً بحسب المكنة. وظاهر النصّ (١) المنع من نقل ذكر وأُنثى في جنازة ودفنهما في قبر إلّا في الضرورة.

والميّت في البحر إن تعذّر البرّ غُسّل وكُفّن وصُلّي عليه وجعل في وعاء ثقيل

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ٣ : ٢٠٨ ، أبواب الدفن ، ب ٤٢.

٢٦٦

أو مثقل واستقبل به القبلة وأرسل ، وإلّا ثُقّلَ هو وأُرسل كذلك ، وإلّا فما أمكن.

ولا يجوز نقل الميّت إلى الأبعد مع إمكان الأقرب إذا استلزم المثلة. ولا [ نبشه (١) ] إلّا لنقله إلى أحد المشاهد ، والمنع ضعيف جدّاً.

ويجب نبشه إذا دفن في أرض مغصوبة أو كفّن في مغصوب ، أو معه مال محترم ، أو لتقام الشهادة على عينه ، أو ابتلع شيئاً في حياته ولم تحضر ضرورة لإخراجه قبل ، فإن حضرت قيل : شقّ بطنه وأخرج وخيط ، ويحتمل دفع القيمة من التركة ، فعليه لا شَقّ ولا نَبشَ.

أو دفن بلا غسل أو غير مستقبل ، لا [ أنه (٢) ] دفن بلا كفن أو صلاة ، بل يُصلّى على قبره. ويجوز نبشه بعد صيرورته رميماً لدفن الغير أو غيره من المصالح ، فإن لم يصر رميماً وجب طمّه.

ويحرم خدش الوجه ، وجزّ الشعر ، والقول بالباطل ، وما ينافي الصبر على المصاب ، وكذا كلّ ما كان سخطاً ولو صياحاً كشقّ القميص ، وفي المشهور تقييد جوازه بالمرأة أو على الأخ أو الأب.

__________________

(١) في المخطوط : ( نبش ).

(٢) في المخطوط : ( ان ).

٢٦٧
٢٦٨

الفصل السادس

غسل مسّ الميّت

يجب الغسل أيضاً بمسّ ما تحلّه الحياة ، ولا غسل بمسّ من قدّم غسله ليصلب أو يحدّ فقتل به ، ولا بمسّ الشهيد ولا المعصوم ، ولا بمسّ من غُسّل غسلاً واحداً. والأقوى ثبوته لو مُسّ عضو كمل غسله ، أو [ لمن (١) ] له يمّم ، أو غسّله كافر ، أو غسل غسلاً فاسداً.

ولو مسّ ميتة الآدمي قبل البرد أو سائر الحيوانات برطوبة تنجّس الملامس ولا شي‌ء بدونها ، والأحوط غسل المباشر مطلقاً.

ويجب غسل المسّ أيضاً بمسّ قطعة مبانة ممّن يجب بمسّه ولو من حيّ إذا كان فيها عظم ، أو هي هو على الأحوط ، أو يسقط بعد غسلها ، ولو كانت قطعة لحم فكسائر الميتات ، ولا شي‌ء في مسّ البثر مطلقاً ظاهراً. ولا غسل في مسّ مباشرة الميّت برطوبة. ومسّ الميت الآدمي الموجب للغسل حدث ناقض مطلقاً ، والقول بعدمه (٢) ضعيف منقرض ، فهو مانع من كلّ ما يمنع منه الأصغر ، والأحوط أنه كالأكبر. وكيفيّته كغيره ، ولا بدّ معه من الوضوء ، والمنويّ رفع حدث المسّ.

__________________

(١) في المخطوط : ( من ).

(٢) رسائل الشريف المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٢٥.

٢٦٩
٢٧٠

الباب الثالث

في التيمّم

وفيه فصول :

الفصل الأول

في ما يشرع له

يجب التيمّم إذا فقد الماء عند إرادة فعل مشروطٍ بالطهارة ، ويشرع بكلّ ما يشرع له الوضوء والغسل مطلقاً ؛ لعموم البدليّة ، ويشرع بكلّ مشروط بالطهارة ، وكلّ عبادة يشرع لها فتؤدّى به فهي مبرئة الذمّة على الأقوى الأشهر مطلقاً سفراً وحضراً في الوقت ، بناءً على صحّته في السعة أو خارجه ، حتّى متعمّد الجنابة سفراً مع عوز الماء ، أو مع نجاسة الثوب ، أو مع الزحام في الجمعة ، والإعادة في جميع ذلك أحوط.

وكلّ ما ينقض الطهارة المائية ينقضه ، ويزيد بالتمكّن من استعمال الماء استعمالاً تامّاً ، فلو وجد الماء بعد تكبيرة الإحرام لفرضٍ ثمّ عدم قبل التسليم أو لم يمض زمان [ يسع (١) ] الطهارة المائية ، أو منع من استعماله لم ينتقض ، ولا كذلك في وجه التيمّم ، وكذا لو وجده بعد [ تكبيرة ] الإحرام في وجهٍ هو البناء على جواز قطعها.

__________________

(١) في المصدر : ( ليسع ).

٢٧١

ويدخل به في جميع العبادات ما لم ينتقض.

ولو تمكّن من ماءٍ لا يكفيه إلّا لإزالة نجاسة ثوبه أو بدنه لم ينتقض ، ولو تمكّن من ماء يكفيه للوضوء أو للغسل خاصّة انتقض تيمّمه له خاصّة وإن لم يستعمله ، ولو حصل له ماء يكفيه لأحدهما فهو بالخيار ، والغسل أولى ، وإن لم يستعمله حينئذٍ وعدم فالأحوط إعادة التيمّمين ، ولو تمكّن من غسل بعض أعضاء الطهارة فقط لم ينتقض.

٢٧٢

الفصل الثاني

في أسباب التيمّم

ويجمعها تعذّر استعمال الماء بعدم وجوده مطلقاً ، أو عدم بدله إلّا بثمن يضرّ بحاله وقت الحاجة أو بعد ، وإلّا وجب الشراء ولو بأضعاف الثمن ، ولو وُهِبَ الماء وجب القبول ، والأحوط قبول هبة الثمن. أو يوجب تحصيله الخوف من ذهاب مالٍ وإن قلّ ، أو عرضٍ ، أو حيوان محترم ، أو على حرمٍ ، أو من مرض أو عسر برئه أو علاجه ، أو من عدوّه في طريقه ولو حيناً أو عدم رفيق ، أو من فوات الوقت لو ذهب إليه ، أو على نفسه ولو من التيه ، أو تجاوز الضرر من استعماله على نفسه لظمأ أو أكل أو لنفس محترمة أو حيوان ما لم يكن مباح الدم ، أو حدوث ضرر ولو من البرد مع تعذّر الإسخان إن اندفع به ، أو بضيق الوقت عن استعماله والصلاة.

وأصل العبرة حينئذٍ ؛ بكمال الصلاة ، أو تحصل ركعة قدر الواجب فيهما؟ الأقوى الأوّل.

ولو توقّف الماء على تحصيل إجارة آلة أو إعارة أو شقّ ثوب ولو نفيس أو سعي أو رحلة وجب ما يتوقّف عليه ، ولو بُذل بثمن يقدر عليه في بلده مع إنظاره وجب شراؤه ، وإلّا فلا. ولا يجوز له هبة مائه الذي لا بدّ منه له في الوقت ، ولو فعل فهو على ملكه وهبته باطلة ، ولو تطهّر به الموهوب لم يصحّ إلّا أن يُوجِد الواهب الماءَ

٢٧٣

قبل طهارة الموهوب [ له ].

ولو كان معه ما يكفيه لإزالة النجاسة عن ثوبه أو بدنه أو لطهارة أزالها وتيمّم ؛ لأن له بدلاً. ولو كان عنده ما يكفيه لبعض الطهارة تيمّم ولا يتبعّض ، ولو أراق الماء في الوقت عصى ويتيمّم ، ويصلّي ويقضي احتياطاً ، ولا فرق في جميع ذلك بين السفر والحضر ، بل متى تعذّر وجود الماء أو حصل مانع من استعماله ممّا مرّ وأمثاله سقطت المائيّة ووجب التيمّم عند حضور مشروطٍ بها ، ولا قضاء.

ولو ارتكب الممنوع في تحصيله وحصّله وجبت المائيّة وصحّت وإن إثم ، إلّا أن يكون ما يوجب مرضاً أو خوفاً على نفس محترمة فإن الأقوى حينئذٍ البطلان.

ويجب الطلب على فاقد الماء غلوة سهمين في السهلة وسهم في الحَزَنَة من الأربع إن احتمل وجدانه ، ولو اختلفت الجهات فلكلّ حكمها ، ولو علم عدمه في جهة سقطت. ولا يجزيه الطلب قبل الوقت ويعيده بعده إن احتمله. والعبرة بحال الوسط في الرمية والرامي والآلة. ولو غلب على ظنّه وجوده فيما زاد عنهما وجب الطلب إن وسع الوقت وعدم المانع. ولو دخل وقت [ أُخرى (١) ] في مكان طلبه فيه كسابقه سقط الطلب لها ما لم يتجدد احتمال الوجود. ولو طلبه في مكان وانتقل إلى غيره قبل أن يصلّي وجب الطلب [ مرّة ] أُخرى.

ولو صلّى بتيمّم وانتقل إلى مكان آخر فحضرت اخرى فطلب ولم يجد ولم ينتقض تيمّمه صلّى بتيمّمه الأوّل ، وكذا لو تيمّم لمشروط بالطهارة ثمّ دخل وقت صلاة فلا إعادة طلب ولا تيمّم. ولا يصحّ تيمّمه بدون الطلب مطلقاً ولو ظهر بَعدُ عَدَمُ الماءِ. ولو طلب وتيمّم وصلّى ثمّ ظهر أن الماء موجود حال تيمّمه فلا إعادة للصلاة. ولو أخلّ بالطلب وتيمّم آخر الوقت وصلّى صحّت مطلقاً وإن أثم.

ويجوز التوكيل في الطلب ، ويعتمد على خبره ولو واحداً غير عدل إذا أفاد العلم ، كما يعتمد عليه في إخباره بعدمه في القفار أو أرضه أو عدم سعة الوقت لتحصيله

__________________

(١) في المخطوط : ( آخر ).

٢٧٤

وأمثال ذلك. ويُشترى الماء للميّت من تركته إن كانت وإلّا يمّم ، ولا يجب على غيره الشراء له. ولو اجتمع جنب وميّت ومحدث وهناك ماء لا يكفي إلّا واحداً منهم ، فإن كان ملكاً لأحدهم اختصّ به ، وإن كان مباحاً لهم أو بذل لهم أو لأحوجهم فالأقوى تخصيص الجنب به ويتيمّم غيره ، وهو أيضاً أرجح من باقي المحدثين. ولو تغلّب المرجوح واستعمله فالظاهر البطلان ؛ لأنها أولويّة وجوب ، فعليه التيمّم. ويقدم ذو النجاسة على الجميع حتّى الجنب ، والعطشان على الكلّ ، والحائض أولى من الميّت. ولو وجدت نجاسة على ثوب المكلّف وبدنه ومعه ماء يكفي لأحدهما طهّر البدن وصلّى عارياً.

٢٧٥
٢٧٦

الفصل الثالث

في ما يتيمّم به

وهو الأرض تفرّقت كالتراب مطلقاً ، أو اتّصلت كالطين بجميع أصنافه والحجر كذلك وأرض البطحاء والنورة والجصّ قبل الإحراق وتراب القبر الطاهر والتراب الممزوج بغيره إن بقي الاسم ، والأولى الاقتصار على التراب اختياراً والحجر اضطراراً. ولا يجزي التيمّم بالمعادن كلّها ولا بالرماد ولا بالدقيق والأُشنَانِ (١) وشبههما ولا بمغصوب ولا بنجس ولا بوحل ، ولا بأس بالمستعمل في تيمّم آخر. ولا يجزي التيمّم بالثلج وإن حصل منه أقلّ الغسل ، وإلّا فلا ، ولا يكفي المسح به.

وإن فقدت الأرض أو حصل ما يمنع التيمّم بها تيمّم بغبار ثوبه أو لِبد سرجه أو عُرفِ دابّته مقدّماً الأكثر غباراً ، يجمعه ويضرب عليه.

ومع فقد ذلك تيمّم بالوحل بعد تجفيفه ، ومع فقده [ فالأحوط (٢) ] الصلاة والقضاء. والمحبوس ظلماً يتيمّم من الأرض ولو كانت مغصوبة إن تعذّر غيرها في وجه ، والأولى القضاء أيضاً ، ولا يُدخل في مشروطٍ بالطهارة بالتيمّم للجنازة والنوم مع وجود الماء.

__________________

(١) الأُشْنَانُ من الحمض : ما يغسل به الأيدي. لسان العرب ١ : ١٥١ أشن.

(٢) في المخطوط : ( الأحوط ).

٢٧٧
٢٧٨

الفصل الرابع

كيفيّة التيمّم

يجب في التيمّم النيّة كما مرّ ، ولا بدّ فيها من قصد بدليّته لما هو بدل منه ، ولا يجوز تأخيرها عن أوّل الضرب ، ثمّ تضرب بيديك معاً [ ما ] تتيمّم به ، ثمّ تمسح بهما الجبهة مبتدئاً من قصاص الشعر من مستوي الخلقة إلى طرف الأنف الأعلى وبعض الحاجبين جزماً ، والجزم في إدخالهما معاً ، والأولى ضمّ الجبينين أيضاً. ثمّ تمسح ظهر اليد اليمنى من الزند إلى طرف الأصابع ببطن اليسرى ، ثمّ ظهر اليسرى كذلك ببطن اليمنى.

ويجب أخذ التراب بالقصد إلى الأرض وبما يسمّى ضرباً ، فلا يكفي وضع اليد بدون تحقّق مسمّاه ، ولا تلقّي التراب من الريح ، ولا بنقله من سائر بدنه ، ولا بِمَعكِ العضو على التراب ، ولا إيصاله لمحلّ الفرض بغير اليد كالعصا ونحوها. ويجب اتّصال بشرة الماسح ببشرة الممسوح ، فيجب إزالة المانع ، ومثل الجبائر واللصوق في محلّ الفرض يمسح إن كانت طاهرة ، وإلّا وضع عليها طاهراً ومسح عليه. ويجب كون الضرب والمسح بباطن الكفّ ، فإن تعذّر فبظهرها ، فإن تعذّر المسح به تولّاه غيره كالوضوء.

ومقطوع بعض العضو يمسح الباقي ، فإن استوعبه سقط وكفى مسح غيره

٢٧٩

كالوضوء ، وليس في مسحه تكرار. ولا يلزم تفريج الأصابع ، ولا إيصال التراب إلى منابت الشعر وإن خفّ ، ولا تخليل الأصابع ، ولا استغبار الماسح ولا الممسوح ، بل بما يسمّى عرفاً. وأن ظاهر اليد من الزند إلى أطراف الأصابع ممسوح (١). ويجب استيعاب ذلك فلو نقص جزء بطل.

ويجب فيه الترتيب : فالجبهة من القصاص ، ثمّ اليد اليمنى ، ثمّ اليسرى من الزند ، فلو خالف مطلقاً بطل.

والموالاة ، وهي المتابعة.

و [ اشتراط (٢) ] العلوق لا ينافي استحباب النفض.

ويتعيّن الحجر الخالي من الغبار بعده. ويشترط إباحة التراب والمكان.

وفي عدد الضربات أقوال ، أرجحها أنه ضربة في بدل الوضوء ، وضربتان في بدل الغسل ، والأحوط فيهما ضربة يمسح بها وجهه ويديه ، وأُخرى يمسح بها يديه أيضاً. وأحوط منه تيمّمان بضربة وبضربتين فيهما.

__________________

(١) كذا في المخطوط.

(٢) في المخطوط : ( اشتراطها ).

٢٨٠