رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

الشيخ أحمد آل طوق

رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طوق


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٢

من الأئمّة المسئولين ، بل رووها عن أبيهم أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وأيضاً فقد عبّر فيها أنه يتيمّم ويصلّي معهم ، فالتعبير بضمير الغيبة من قرائن إرادة العامّة ، فإن أكثر الأخبار الواردة بالصلاة معهم ومعاشرتهم بالمعروف إنما يعود فيها عليهم ضمير الغيبة ، وكني عنهم به لمناسبة لا تخفى.

وأيضاً فكلّها أُجمل فيها ذكر الأمر بالصلاة معهم ، ولم يذكر في شي‌ءٍ منها صلاة معيّنة جمعة أو ظهراً. وهذا كلّه يدلّ على أن المعنيّ بها حال الصلاة مع المخالفين جمعة أو جماعة ، كما يدلّ عليه أيضاً الأمر بالإعادة ، فإن الحال لا يخلو ؛ إمّا أن تكون تلك الصلاة المؤدّاة بذلك التيمّم فرضاً صحيحاً ، فلا معنى للإعادة ، بل لا تشرع لما يلزم من وجوب ستّ فرائض يوميّة في يوم إن أعيدت على وجه الفرض والوجوب ، كما هو ظاهر تلك الأخبار.

وإن كانت الإعادة على سبيل الندب طالبنا القائل بدليل استحباب إعادة الفريضة المؤدّاة في جماعة ، فرادى أو في جماعة. وفي دليل استحباب إعادة الجمعة ظهراً كذلك ، ولا دليل.

أو باطلة ، فلا معنى للتيمّم ولا لتلك الصلاة ، ولا معنى للأمر بالإتيان بصلاة باطلة ، ولا يشرع التيمّم ليصلّي به صلاة باطلة بيقين إجماعاً.

وعن المجلسي : أنه في ( البحار ) أجاب عن أخبار الزحام بأنه ( ليس الموجب للتيمّم ضيق الوقت وخوف فوت الصلاة وحده ، بل الحامل عليه التقيّة ؛ لأن الجمعة والإمامة العامّة في مثل هذه المجامع إنما كانت لأئمّتهم ، فلا يسع الخروج في الأثناء والمبادرة إلى الطهارة لأحد أمرين : إمّا لأن هذا الحدث غير ناقض ؛ لسبقه وعدم اختياره فيه ، كما عليه الحنفيّة. أو لأنه صادر عن النوم وهو متماسك قاعد ، وذلك غير ناقض عند الأكثر منهم. والقرينة على هذا إضافة عرفة إلى الجمعة فيكون بمجرّد صلاة الجماعة فيها معهم ) (١) ، انتهى. نقلناه تيمّناً وتبرّكاً.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٨ : ١٦٣ ـ ١٦٤ ، باختلاف.

٢٠١

وهنا وجه ثالث هو أنه ربّما لا يسعه الخروج لئلّا يفوته الجمعة أو الجماعة معهم ، فيتيمّم ، وما ذكره رحمه‌الله حسن أيضاً.

فإذن تبيّن أنها إنما عني بها حال الصلاة مع المخالفين ، وقد جاء الأمر من أئمّة الهدى سلام الله عليهم بالطهارة لمن يريد أن يوقع معهم صورة الصلاة ، من الإتيان بصورة الركوع والسجود ولو بلا نيّة العبادة ، وأمروا بالطهارة لذلك ، بل جاء عنهم وعيد لمن دخل معهم في صلاتهم ولو بلا نيّة صلاة من غير طهارة (١).

وجاء عنهم عليهم‌السلام الأمر بالصلاة معهم بنيّة التنفّل (٢) ، وهي غير مشروعة إلّا بالطهارة ، فإذا كان الأمر كذلك ودخل معهم إنسان للصلاة معهم نفلاً أو صورة وأحدث ولم يتمكّن من الخروج للطهارة لأحد تلك الأسباب ، أو غيرها كعدم المكنة من الخروج بالكلّيّة ، سقط الطلب لتعذّره حينئذٍ ، وجاء آخر وقت تلك الصلاة ؛ لأن وقت تلك الصلاة وقت فعل صلاتهم فشرع التيمّم حينئذٍ ، وانطبقت هذه الأخبار على غيرها وصحّ العمل بها. فإن لم نقل فيها بهذا ، وإلّا فسبيلها الاطّراح لما ذكرنا فيها من العلل.

وأمّا القول بما في ظاهرها من مشروعيّة التيمّم لمن منعه الزحام من الخروج في الجمعة وعرفة مطلقاً ولو في غير حال الصلاة مع المخالفين ، والإتيان بتلك الصلاة وإعادتها استحباباً ، ففيه ما مرّ. وفيه أنه قول بلا دليل ، والاستحباب حكم شرعي فيحتاج إلى دليل.

وهذه الأخبار ظاهرها وجوب الإعادة ، فإمّا القول بظاهرها ، أو اطّراحها ، أو حملها على ما ذكرناه. ولا دليل غيرها على مشروعيّة التيمّم حينئذٍ مطلقاً ، وفعل الصلاة به واستحباب إعادتها مطلقاً.

هذا ، وينبغي قصر القول بمشروعيّة التيمّم حينئذٍ والصلاة به مطلقاً على القول به

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٥١ / ١١٢٨ ، وسائل الشيعة ١ : ٣٦٧ ـ ٣٦٨ ، أبواب الوضوء ، ب ٢ ، ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٥٠ / ١١٢٥.

٢٠٢

حال وجوب الجمعة عيناً ليتمّ له القول بسقوط الطلب حينئذٍ لامتناعه ، وتحقّق فعل التيمّم حينئذٍ في آخر الوقت ، حتّى لا يتنافى القول بهذا مع القول بوجوب سبق طلب الماء لصحّة التيمّم ، ومع القول بأن التيمّم لا يشرع إلّا به وفي آخر الوقت ، وأن الجمعة واجب تخييراً حال الغيبة. وفي قصره على حال وجوب الجمعة عيناً أن ذكر جريانه وصحّته في عرفة ينافيه ؛ إذ لا قائل بوجوب الجمعة أو الجماعة في عرفة مطلقاً ، ولا قائل به فيما ظهر ولا دليل عليه.

أمّا القول بهذا وذاك كلّه فممّا لا يرجى التئامُه ؛ ولذا قال الشهيد الثاني : في ( المسالك ) في شرح قول المحقّق : ( وقيل فيمن منعه زحام الجمعة عن الخروج مثل ذلك ) (١) إلى آخره ـ : ( التقييد بمنعه عن الخروج ؛ للاحتراز عمّا لو كان المانع من الخروج خوف فوت الجمعة مع إمكان الخروج لسهولة الزحام وضيق الوقت ، فإنه لا يجوز التيمّم .. وإن فاتته الجمعة ) (٢) ، انتهى.

مع أنه غير منطبق إلّا على القول بوجوب الجمعة عيناً ، أمّا في غير وقت وجوب الجمعة عيناً فلا يتمّ القول بمشروعيّة هذا التيمّم وصحّة الصلاة به ، لا في الجمعة ولا عرفة. على أنه لا يظهر فرق بين الجمعة وعرفة وغيرهما إذا أحدث في المسجد ومنعه الزحام أو التقيّة عن الخروج.

فينبغي تعميم الحكم ، ولم نقف على مصرّح بالتعميم ، بل ظاهر كلّ من ظاهره الفتوى بذلك اختصاص هذا الحكم بالجمعة وعرفة مع جريان السبب [ المذكور ] (٣) لمشروعيّة التيمّم حينئذٍ ، وهو مانعيّة الزحام عن الخروج. وتحصيل الطهارة المائية جار في غير الجمعة وعرفة كثيراً.

وملخَّص البحث أن هذه الأخبار إمّا أن تطرح لما اعتلّت به ممّا ذكر ، أو تحمل على خصوص حال الصلاة مع المخالفين تقيّة. ويعمّم الحكم في كلّ صلاة ، ولا

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ : ٤١.

(٢) مسالك الأفهام ١ : ١١٥.

(٣) في المخطوط : ( المذكر ).

٢٠٣

يخصّ الجمعة وعرفة ، أو تقصر حال وجوب الجمعة عيناً. وفي هذا الأخير أن ما تضمّنته من حال عرفة ينافي القول بقصر الحكم فيها على حال وجوب الجمعة عيناً أيضاً كما مرّ.

والحاصل أنه لم يظهر لي دليل من نصّ أو إجماع على مشروعيّة التيمّم حينئذٍ ، ولا صحّة الصلاة به إلّا أن يحبس ذلك المحدث إلى الوقت الاختياري على الأظهر ، أو الاضطراري على الأحوط الأشهر ، فيشرع حينئذٍ التيمّم والصلاة ، ولا إعادة مطلقاً.

تنبيه

فحوى الفتوى وهذه الأخبار أن المراد من ذلك الحدث هو الأصغر ؛ لأنه الذي يغلب وقوعه في تلك الحال. وعليه يبقى حكم الأكبر حينئذٍ مسكوتاً عنه ، فيردّ إلى عمومات الفتاوى والنصوص في أحكام وقواعد مشروعيّة التيمّم بدله. وظاهر إطلاق هذه الأخبار وفتاوى العاملين بها عموم الحكم للأكبر والأصغر ، فإذا كان الأكبر ولم يتمكّن من الخروج وجب التيمّم ؛ للّبث في المسجد ، لا لما ذكر من الأخبار ، بل للإجماع المؤيّد بالنصوص الكثيرة ، والله العالم بحقيقة أحكامه.

٢٠٤

الرسالة السادسة

مختصر الرسالة الصلاتيّة

للشيخ محمّد بن عبد علي آل عبد الجبّار القطيفي رحمه‌الله

٢٠٥
٢٠٦

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، ومدبّر الخلائق بلطفه في الدنيا والدين ، وصلّى الله على سيّد العالمين محمّد : المبعوث دليلاً على الصراط المستقيم ، وعلى آله المخصوصين بـ ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) أفضل صلاة ، وسلم عليه وعليهم كما [ هم (٢) ] أهله.

وبعد : فيقول الأحقر أحمد بن صالح : قد نظرت في كتاب أُستاذي الأعظم ، ربّ المعقول ورئيس المنقول ، حاكم الرواية ، ومعلّم الدراية ، الذي صنّفه في فقه الطهارة والصلاة (٣) ، فوجدته لطيف الحجم ، عظيم النفع ، فأشار عَلَيّ بأن الخّص منه الواجبات ، فشرّف وأنعم حيث رفع القدر المنخفض كما هي عادته ، فلخّصته كما أمر مقتصراً على عبارته ما أمكن ، ومعبّراً عن معناها بأخصر من لفظه الشريف ، فإنه قصد غاية الإيضاح تسهيلاً على الطالبين ، غير متعرّض فيها لشي‌ء يخالفه من فتاوى العلماء راجحاً ومرجوحاً ، فليس فيها شي‌ء من عندي أصلاً ، والله أرجو أن يمنّ بإتمامه ، إنه لا يعجزه شي‌ء ، وهو اللطيف الخبير ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

__________________

(١) الأحزاب : ٣٣.

(٢) في المخطوط : ( هو ).

(٣) هي الرسالة الصلاتيّة الصغرى للشيخ محمد بن عبد علي آل عبد الجبار. انظر أنوار البدرين : ٢٨١ / ٢٤.

٢٠٧
٢٠٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على إمام الأُمم محمّدٍ : وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

كتاب الطهارة

مقدّمة

أقسام المياه وأحكامها

الماء المطلق طاهر مطهّر له ولغيره نصّاً (١) وإجماعاً. وهذا بأصل خلقته ، فإن مازجه طاهر لم يسلبه الإطلاق حقيقة ، أمّا لو سلبه ذلك فطاهر غير مطهّر.

ولكون الماء أشدّ الأشياء اتّصالاً وانفصالاً وميعاناً جُعِلَ مطهّراً مع خلوّه من اللون على الأصحّ ، ولا يُنافي ذلك بوصفه بمثل : ماء البحر ، والسماء ، والبئر ، وحال (٢) ، ومثل ذلك.

وكلّه يرفع الحدث مطلقاً ، وهو المانعيّة من الدخول في مشروطٍ بالطهارة. ويزيل الخبث مطلقاً ، وهو عين النجاسة. وإن ذهبت عينها بغير مطهّر فتطهيره للمحلّ حينئذٍ إزالة الخبث.

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ١ : ١٣٣ ، أبواب الماء المطلق ، ب ١.

(٢) كذا في المخطوط.

٢٠٩

ولو شكّ في البقاء فالأصل البقاء. ولو وقع عليه ماء ولم يعلم نجاسته فطاهر ، وليس عليه السؤال إجماعاً.

والماء الجاري لا يتنجّس إلّا بالقطع بتغيّر لونه أو ريحه أو طعمه حسّا بمخالطة النجاسة ، لا بالمتنجّس ولا بمجاورتها. فلو شكّ هل هي قبل التغيير أم بعده ، فطاهرٌ ، وعلى ذلك الإجماع والنصّ (١) ولو عموماً قائمان. ولا يشترط في تحقّق الجريان دوام النبع ولا قوّته ، فإن انقطعت المادّة فالباقي له حكم الواقف على الأشهر الأقوى.

ومن الجاري ما يحصل من رشح الأرض إذا كان قويّاً في الجملة ، بل لا يبعد عدم اعتبار الشرط ؛ أخذاً بإطلاق المادة في النصّ (٢) مع ظهور تفاوتها. ومراعاته أحوط ، وأحوط منه إدخاله في الواقف.

والعين [ التي لا ينفك (٣) ] ماؤها عنها لا شكّ في [ دخولها (٤) ] في الجاري.

ولا يشترط في الجاري الكرّيّة على الأقوى الأشهر ، بل لا يبعد انقطاع المُشتَرِط. ولو تغيّر بعضه بها اختصّ بالمتنجّس ، وما قبله جارٍ ، وما بعده واقف.

ولو انقطع نبعه والباقي أقلّ من كرّ مع سبق النجاسة وذهاب عينها وعدم تغيّر أحد أوصافه السابقة فمطهّر ، وإلّا فنجس.

ولو شكّ في وجود مادّته فالأصل عدمها إن لم يسبق تحقّقها ، وإلّا فيستصحب البقاء.

وماء المطر حال نزوله كالجاري ، جرى من ميزاب أم لا على الأشهر الأقوى في الأخير ، بشرط تحقّق أقلّ الجري ، وبعد انقطاع نزوله كالواقف. وطينه طاهر مطلقاً ما لم يلاقِ نجاسة. وغير بعيد ملاحظة العادة المفيدة للعلم بنجاسته ولو بالظنّ القويّ وإن خرج هذا عن ذاك.

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ١ : ١٣٣ ـ ١٤٣ ، أبواب الماء المطلق ، ب ١ ب ٥.

(٢) انظر وسائل الشيعة ١ : ١٤٩ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٧ ، ح ٤ ، ب ١٤ ، ح ٦ ـ ٧.

(٣) في المخطوط : ( الذي لا ينفل ).

(٤) في المخطوط : ( دخوله ).

٢١٠

والبئر يتميّز بتميّز قسيميه ، بل من الجاري ؛ لأن له مادّة وإن غايره اسماً ، ولا يتعدّى محلّه غالباً ، ولا يخرج عنها بوصل الآبار. وينجس بما ينجس به الجاري نصّاً (١) وإجماعاً ، ولا ينفعل بمجرّد الملاقاة ؛ للنصوص المستفيضة (٢) المحكمة المشهورة المعلّلة الموافقة للقرآن والأصل وغير ذلك ، وللإجماع القائم. إلّا إن تطهيرها وجوباً عند القائلين بانفعالها ، واستحباباً على الأقوى مختلف باختلاف الملاقي.

فينزح البئر كلّه لوقوع البعير والثور والخمر ولو قطرة وكلّ مسكر مائع أصالة وإن جمد لا الجامد أصالة وإن ميّع ، والمنيّ ودم الحيض والاستحاضة والفقاع على الأشهر ، وفي ( الغنية ) (٣) و ( السرائر ) (٤) الإجماع. وإن تعذّر نزحه تراوح عليه يوماً مطلقاً أربعةٌ : اثنان اثنان من الطلوع إلى الليل ، ولا يكفي أقلّ وإن سدّ مسدّ الأربعة ، ويكفي النساء والصبيان ، والأحوط الاقتصار على الرجال. ويجوز لهم الصلاة جميعاً جماعة وفرادى ، والأكل جميعاً أيضاً ؛ لدلالة العرف على استثنائه ، وتجوز الزيادة على الأربعة ، ولا يجزي مقدار اليوم من الليل ولا الملفّق ، والأحوط الابتداء في النزح من الفجر الثاني ، ولا بدّ من سبق تهيئة الأسباب قبل طلوع الشمس أو الفجر ، ومن إدخال جزء سابق ولاحق من باب المقدّمة.

وينزح كرّ لموت الحمار والفرس والبغل والبقرة ، وعن ( الغنية ) (٥) الإجماع في الأوّلين.

وينزح سبعون دلواً لموت الإنسان مطلقاً إجماعاً في المسلم ، وعلى الأشهر في

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ١ : ١٣٧ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٣.

(٢) انظر وسائل الشيعة ١ : ١٧٠ ، أبواب الماء المطلق ، ب ١٤.

(٣) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٢ : ٣٨٠ ـ ٣٨١.

(٤) السرائر ١ : ٦٩ ـ ٧٠.

(٥) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٢ : ٣٨١ ، وفيه : ( منه ما يوجب نزح كرّ واحد ، وهو موت أحد الخيل فيها أو ما ماثلها في مقدار الجسم ).

٢١١

الكافر ، حتّى كاد أن يكون إجماعاً.

وخمسون للعذرة الرطبة وإن لم تذب ، وكذا للدم الكثير على أشهر الأقوال ، وفي ( الغنية ) (١) و ( السرائر ) (٢) الإجماع ، والعبرة في كثرة الدم بحاله في نفسه كدم الشاة.

ولموت الكلب والثعلب والأرنب والخنزير والسنّور وشبه ذلك في الحجم الأربعون.

وكذا في بول الإنسان على الأقوى ، وفي ( الغنية ) (٣) الإجماع. وادّعى بعض تواتر الأخبار بالعدد لبول الإنسان (٤) ، وفي ( الوسائل ) (٥) رُوِيَ. والأحوط إلحاق بول المرأة بما لا نصّ فيه.

وثلاثون لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلاب. ولو خالط أحدها خاصّة نزح له ما نصّ فيها ، أو تلحق بما لا نصّ فيه.

وعشرة للعذرة اليابسة ، وفي ( السرائر ) (٦) و ( الغنية ) (٧) الإجماع. ومثله لقليل الدم ، كدم الطير ، ويسير الرعاف. والعبرة بالقلّة بحال الدم أيضاً.

وينزح سبع لاغتسال الجُنب مطلقاً إذا غسل بدنه من النجاسة ، والعبرة في الترتيب بتمام الغسل ، والأحوط نزحها لمطلق وقوعه. وكذا لموت الطير كالدجاجة والحمامة والنعامة وشبه ذلك ، ولخروج الكلب حيّاً ، وللفأرة إن تفسّخت أو انتفخت ، ولبول الصبي المفطوم على الأشهر ، وحكي عليه الإجماع.

وخمس لذرق الدجاج الجلّال.

وثلاث للفأرة مع عدم الوصفين (٨) ، وكذا للحيّة.

ودلو للعصفور وهو ما نقص عن الحمامة في الحجم ولبول الرضيع الذي لم

__________________

(١) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٢ : ٣٨١.

(٢) السرائر ١ : ٧٩.

(٣) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٢ : ٣٨١.

(٤) السرائر ١ : ٧٨.

(٥) وسائل الشيعة ١ : ١٨١ ، أبواب الماء المطلق ، ب ١٦ ، ح ٤.

(٦) السرائر ١ : ٧٩.

(٧) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٢ : ٣٨١.

(٨) أي التفسّخ والانتفاخ.

٢١٢

يتغذّ بالطعام مستنداً إلى شهوته ، فإن اختلف فالعبرة بالغالب دون النادر. وما ذكرناه هو الأشهر عند القائلين بانفعاله.

وأمّا ما لا نصّ فيه ، فأقوى الأقوال فيه وجوباً وندباً ـ : ينزح كلّ البئر (١).

ولو غيّرته المنصوصة ، فأقوى الأقوال : النزح حتّى يزول التغيير خاصّة (٢).

ولا فرق بين صغير الحيوان وكبيره ، ولا بين سمينة ومهزوله.

والعبرة بالدلو المعتادة لنزح مثله مطلقاً ، فإن اختلف فبالأكثر ، وإن تساوى فالتخيير.

ولا يكفي نزح العدد دفعة ، ولا يشترط النيّة ، لأنه تطهير خبث. وبآخر دلو يطهر البئر والدلو والآلة وما معه. وما يتساقط من الدلو مطلقاً عفو.

ولو [ تكثّرت (٣) ] النجاسة ، فإن اتّحدت نوعاً كفى المقدّر له مرّة كما لو كانت بعضاً من كلّ ، وإلّا فالأقوى التضاعف. ولا يدخل شي‌ء تحت أكثر منه.

ولا ينزح المقدّر إلّا بعد ذهاب عين النجاسة منه ولو بالاستحالة. ولو انصبّ دلو من العدد كفى دلو بدله ، سواء كان الأوّل أو الأوسط أو الآخر. والأحوط في الأخير إلحاقه بما لا نصّ فيه إن لم يكن له مقدّر ، وإلّا فيه ، وكذا لو صبّ في غيرها ، أو اتّصل بها ماء البالوعة. والعبرة بحال النجاسة.

ولا يجب التباعد بين البئر والبالوعة قدراً معيناً.

والواقف إن نقص عن كرّ [ فماؤه (٤) ] ينجس بملاقاتها وإن كانت دماً قليلة مطلقاً على الأشهر الأقوى ، وإلّا فماء الجاري إن كان مائعاً. والجامد مطلقاً كغيره من الجامدات.

ولو تغيّر بعض الكثير اختصّ بالتنجيس إن كان الباقي كرّاً ، ويطهر بزواله مطلقاً. وإن نقص الباقي تنجّس الجميع. ولو وقع فيه ما لا يغيّره من النجاسة ، فإن استهلكت

__________________

(١) انظر مدارك الأحكام ١ : ٩٩.

(٢) انظر مدارك الأحكام : ١ : ١٠١.

(٣) في المخطوط : ( بكثرة ).

(٤) في المخطوط : ( ماؤه ).

٢١٣

فطاهر ، وإلّا فإن أخذ منه فالمأخوذ طاهر مطلقاً إن لم تؤخذ فيه ، وإلّا فإن كان كرّاً فطاهر ما لم يتغيّر ، وإلّا فنجس مطلقاً. والباقي كذلك.

ولو شكّ في بلوغه الكرّيّة فالأصل العدم ، وفي ملاقاتها للكرّ فالأصل الطهارة وعدمها (١) ، وفي ملاقاتها القليل كذلك.

والكرّ : ألف ومائتا رطل عراقي على الأشهر روايةً (٢) وفتوى (٣) ، والأشهر (٤) أنه (٥) مائة وثلاثون درهماً ، هي أحدٌ وتسعون مثقالاً ، وهو الدينار الذي هو المعيار لجميع الأوزان الشرعيّة ، فهو باقٍ لم يتغيّر إلى الآن. والصيرفي : مثقال وثلث شرعي.

ومساحة الكرّ : ثلاثة وأربعون شبراً مستوية إلّا ثُمناً على الأشهر (٦) ، وعن ( الغنية ) (٧) الإجماع ، وهو الأقرب إلى التقدير الوزني.

وماء الاستنجاء طاهر نصّاً (٨) وإجماعاً ، ومطهّر من الخبث إجماعاً ، ولا يرفع الحدث ، وفي ( المعتبر ) (٩) و ( المنتهى ) (١٠) أنه إجماعاً ، وهو : ما يُزال به البول والغائط عن مخرجه ، ولم تلاقِه نجاسة خارجة ، ولم يعلم تغييره بما أزيل به ولو انفصل جزء منه معه أو سبقت اليد إلى المحلّ ، وإلّا فغسالة ، و [ هي (١١) ] : ما تزال [ بها (١٢) ] الأخباث مطلقاً ـ [ لا غيرها (١٣) ] ، والأظهر طهارته مطلقاً ، والنجاسة مطلقاً أحوط ، بل أولى ، ويحكم بها بعد الانفصال.

__________________

(١) كذا في المخطوط ، والظاهر أنه ( لا عدمها ).

(٢) الكافي ٣ : ٣ / ٦ ، تهذيب الأحكام ١ : ٤١ / ١١٣ ، الإستبصار ١ : ١٠ / ٤ ، وسائل الشيعة ١ : ١٦٧ ، أبواب الماء المطلق ، ب ١١ ، ح ١ ، ٢.

(٣) المقنع : ٣١ ، المقنعة ( ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١٤ : ٦٤ ، النهاية : ٣.

(٤) مدارك الأحكام ١ : ٤٧.

(٥) أي الرطل.

(٦) مدارك الأحكام ١ : ٤٩.

(٧) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٢ : ٣٧٩.

(٨) وسائل الشيعة ١ : ٢٢١ ، أبواب الماء المضاف والمستعمل ، ب ١٣.

(٩) المعتبر ١ : ٩٠.

(١٠) منتهى المطلب ١ : ٢٤ ( حجريّ ).

(١١) في المخطوط ( هو ).

(١٢) في المخطوط : ( به ).

(١٣) في المخطوط : ( غيره ).

٢١٤

وماء الوضوء مطلقاً والأغسالِ المسنونة طاهر مطهّر نصّاً (١) وإجماعاً.

وما يرفع الحدث الأكبر ومنه مسّ الأموات على الأحوط إن لم يكن الأولى ، والأولى إدخال غسل الأموات في الغسالة طاهر نصّاً (٢) وإجماعاً ، ومطهّر من الخبث كذلك ، وعن ( المنتهى ) (٣) والفخر (٤) الإجماع أيضاً ، ومن الحدث كما عليه عامّة المتأخّرين ؛ لعدم عروض ما ينجّسه ، فيشمله الأصل وغيره ، وتركه أحوط.

والأقوى في غسالة الحمّام الطهارة.

ولو تمّم الملاقي للنجاسة كرّاً ولو بنجس فالأقوى الطهارة ؛ لحديث لم يحمل خبثاً (٥) ، ولأن الطهوريّة ليست بسبب الطاري أو السابق بملاحظة الانفصال ، بل من وحدة الكرّيّة الحاصلة بَعدُ ، ولأن المفهوم من إذا كان الماء قدر كرّ (٦) وأمثاله أنه متى تحقّقت الكرّيّة لم ينجّسه شي‌ء ، وكما تدفع الطاري تدفع السابق ، وإلّا لم تدفع الطاري ، والاحتياط مطلوب خصوصاً في مثل هذا المقام.

وأمّا السؤر وهو ماء قليل باشره جسم حيوان مطلقاً ، كما هو ظاهر الفتوى والنصّ ، وفهمه من اللغة (٧) غير عزيز فيتبع [ مُباشِرَة (٨) ] طهارةً ونجاسةً كفضلاته ، عدا البول والغائط من بعضها فسيأتي.

وأمّا المضاف فهو : ما لا يطلق عليه الماء بلا قيد ، ويصحّ سلبه عنه ، وهو المعتصر من الأجسام والمصعّد منها مطلقاً ، حتّى عرق الماء المتصاعد منه بالطبخ ، والممزوج

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ١ : ٢٠٩ ، أبواب الماء المضاف والمستعمل ، ب ٨.

(٢) انظر وسائل الشيعة ١ : ٢١١ ، أبواب الماء المضاف والمستعمل ، ب ٩.

(٣) منتهى المطلب : ٢٣.

(٤) إيضاح الفوائد ١ : ١٩.

(٥) بحار الأنوار ٦٣ : ٥٠٥.

(٦) وسائل الشيعة ١ : ١٥٨ ـ ١٦٠ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٩ ، ح ١ ، ٢ ، ٥ ، ٦ ، ٨.

(٧) لسان العرب ٦ : ١٣٢ سأر.

(٨) في المخطوط : ( ذوه ) ، وما أثبتناه من مخطوطة الرسالة الصلاتية الصغرى للشيخ محمّد بن عبد علي آل عبد الجبار : ٣ ( مخطوط ).

٢١٥

يتبع الاسم مطلقاً ، ولا عبرة بالريح أو اللون أو الطعم ، وهو طاهر غير مطهّر من الحدث ولا من الخبث مطلقاً نصّاً (١) وإجماعاً ، والمخالف شاذّ منقطع (٢) ، ومستنده معارض بأقوى من وجوهٍ ، وينجس وإن كثر بملاقاة النجاسة وإن قلّت إجماعاً ، ولا ينجّس الأسفل الأعلى في ظاهر المذهب ، والاحتياط مطلوب.

ولو وقع متنجّسة فيما يطهّره ، فإن لم يسلبه إطلاقه فطاهر مطهّر ، وإلّا فطاهر فقط.

ولو كان مع المكلّف مطلقٌ لا يكفيه لطهارته ومضافٌ ، وجب عليه مزجه بما لا يسلبه الإطلاق ، ولا يتيمّم على الأقوى.

ولو شكّ في سلبه الحقيقة فالأصل البقاء على ما تيقّن ، ففي المطلق الإطلاق ، وفي الإضافة الإضافة.

ولو اشتبه المطلق بالمضاف مع طهارتهما وجب الطهارة من كلّ واحد ، ولو انكفى أحدهما وجبت الطهارة بالباقي والتيمّم ، مخيّراً في تقديم أيّهما شاء ، وتقديم الطهارة أولى.

ولو اشتبه المطلق الطاهر بالنجس المحصور وجب اجتناب الجميع والتيمّم نصّاً (٣) وإجماعاً ، وفي غير المحصور الكلّ طاهر بلا خلاف نعلمه ، ولا يجب إراقة المحصور حينئذٍ على الأقوى الأشهر ، وهو أحوط ما لم تعارض ، بل قد يجب عدمها. ولا تكفي الطهارة بكلّ على حدةٍ ولو عاقب الصلاة ، ولا التحري ولو بأمارة ، وكذلك لو ذهب أحدهما أو اشتبه بالمشتبه. ولو لاقى أحدهما طاهراً نجّسه على الأقوى.

والمشتبه بالمغتصب لا يرفع حدثاً ولو تكرّرت بكلّ واحد ، لكنّه يزيل الخبث

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ١ : ٢٠١ ، أبواب الماء المضاف والمستعمل ، ب ١.

(٢) نسب الخلاف للشيخ الصدوق في مدارك الأحكام ١ : ١١٠ ، الهداية ( الصدوق ) : ٦٥.

(٣) وسائل الشيعة ١ : ١٥١ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٨ ، ح ٢ ، ١ : ١٦٩ ، أبواب الماء المطلق ، ب ١٢ ، ح ١.

٢١٦

على الأقوى ويلزمه الضمان.

ولو اشتبه المضاف بالنجس والمغصوب لم يرفع حدثاً ، ولكن يزيل الخبث إذا تعاقبا ، ويضمن.

ولا يحكم بنجاسة ماءٍ الأصلُ فيه الطهارة إلّا أن يتغيّر ؛ إذ لا ينقض بالشكّ أبداً ، ومنه المشاهدة ، وإخبار صاحب اليد ولو كافراً ، وشهادة عدلين ، ولو شهد العدل الواحد فالأقوى عدم الثبوت ، وإن كان قبوله أحوط خصوصاً إذا استند إلى سبب.

ولو تعارضت البيّنتان فالشيخ : في ( الخلاف ) (١) على اطّراحهما والرجوع إلى الأصل ، وفي ( المبسوط ) (٢) إن أمكن الجمع فيحسن ، ورجّح في ( النهاية ) نجاسة أحدهما لا بعينه ، فأوجب اجتنابهما ، وهو قويّ ، وسقوط البيّنتين للتعارض يوجب ثبوت الاشتباه الذي كانا عليه لا الرجوع إلى أصل الطهارة وإن احتمل ، ويحتمل العمل بالقرعة.

ومتى حكم بنجاسة الماء ولو بالاشتباه لم يجز استعماله في رفع حدث ، أو إزالة خبث ، أو أكل أو شرب ، اختياراً لا اضطراراً ، ويجوز سقيه الحيوان مطلقاً كسائر المضافات النجسة ، كما يجوز الصبغ بها مع وجوب التطهير بعد.

ومتى تنجّس الماء وله مادّة طهر بزوال [ التغيّر (٣) ] مطلقاً ولو بعلاج. [ و ] ينجس بأيّ نجاسة [ تغيّره (٤) ] على الأقوى ؛ [ وإن كانت (٥) ] له مادّة ، وهو ظاهر الفتوى والنصّ ، مثل

كلّما غلب .. (٦).

وما له مادة هو الجاري ، والبئر ، والمطر حال نزوله ، ومطلق النابع ، والواقف

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٠١ / المسألة : ١٦٢.

(٢) المبسوط ١ : ٨ ـ ٩.

(٣) في المخطوط : ( التغيير ).

(٤) في المخطوط : ( تغير ).

(٥) في المخطوط : ( لان ).

(٦) تهذيب الأحكام ١ : ٢١٦ ـ ٢١٧ / ٦٢٥ ، وسائل الشيعة ١ : ١٣٧ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٣ ، ح ١ ، وفيها : « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب ، فإذا تغيّر الماء أو تغيّر الطعم فلا توضّأ منه ولا تشرب ».

٢١٧

المتّصل به ، إلّا إن الاحتياط في الأخير [ عدم طهارته ] إلّا بعد زواله (١).

والواقف مطلقاً يطهر بإلقاء كرّ متّصل عرفاً يزاح عليه ، ومراعاة الدفعة والامتزاج أحوط ، وإلّا فصدق الاتّصال والإلقاء ولو بالاتّصال من حوض آخر كافٍ ، لكن إذا زال التغيّر من الكثير والنجاسة من القليل ولو بنفس الاتّصال. كما يطهر باتّصاله بما له مادّة مع الزولان. ولا يطهر الكثير المتغيّر أو القليل الملاقي من الواقف بزوالهما مطلقاً. على الأقوى الأشهر.

والمضاف مطلقاً يطهر بامتزاجه بكرّ أو جارٍ ، فإن سلبه الإطلاق فهو طاهر غير مطهّر ، وإلّا فمطهّر. والدهن لا يقبل التطهير مطلقاً على الأقوى.

__________________

(١) أي زوال التغيّر.

٢١٨

أقسام النجاسات

والنجاسات عشر :

البول والغائط من غير مأكول اللحم ممّا له نفس سائلة مطلقاً ، حتّى الطير على الأشهر الأقوى ، حُرّم بالأصالة ، أو بالعارض كالجلّال قبل استبرائه ونسله أبداً ، [ وعدم ] قبوله الاستبراء كموطوء الإنسان ونسله. وهما من المأكول طاهران وإن كره كالخيل والبغال والحمير.

والمنيّ ، والدم ممّا له نفس سائلة مطلقاً ، إلّا ما يتخلّف من الدم في اللحم بعد خروج المسفوح أجمع ، إلّا علقة القلب فإنها نجسة مطلقاً كدم البيضة ، وعموم بعض ما يشمله مع أنه علقة.

والكلب والخنزير البرّيّان حتّى ما لا تحلّه الحياة منها ، واستثناؤها شاذّ منقطع (١). ولو نزا أحدهما على حيوان مطلقاً ، فإن دخل الناتج في نوعٍ ولو بوجود خاصّةٍ كمَشية خلف الغنم أو معه ، وأكله العلف وكرعه الماء وعدمهما ، أو وجود كرش له أو معدة كالإنسان وأمثال ذلك الحق به ، وإن اشتبه فالحلّيّة ، والأحوط النجاسة. ولو نزا أحدهما على الآخر فالناتج إن أشبه أحدهما أو غيرهما الحق به ، وإلّا فالتحريم والنجاسة ، مع احتمال الطهارة ، والأحوط النجاسة مطلقاً.

والكافر مطلقاً كأخويه حتّى الشعر ، وهو من أنكر الأُلوهيّة ، أو من ثبتت نبوّته بالتوراة والقرآن ، أو شيئاً ممّا ثبت بالضرورة الدينيّة كالصلاة ، ومن ألقى قرآناً في

__________________

(١) الناصريات ١٠٠ / المسألة : ١٩.

٢١٩

نجاسة ، أو بال في الكعبة استهزاءً زادها الله شرفاً ومن سبّ محمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله : أو أهل بيته أو مواليهم لأجلهم ، أو من ظهر له الدليل على إمامة الأئمّة بعد الرسول فأنكرها ، أو فضيلة [ فألحدها (١) ] ، والخوارج والمجسّمة والغلاة ولو أظهر أحدهم الشهادتين.

والطفل كأبويه ، وإن كان أحدهما مسلماً تبعه ، والمسبيّ كالسابي ، واللقيط كالدار ، إلّا أن يوجد في دار الكفر مسلم يمكن تولّده منه فهو بحكمه. أمّا مطلق المخالف فطاهر ، غير ناصب ولا منكر بل جاهل. والإنكار ضدّ المعرفة ، ولا يكون إلّا بعد قيام الدليل ، وبدونها جاهل ، وهو ضد العلم ، وعلى ذلك النصوص مستفيضة (٢). ولو شكّ في المخالف فالأصل الطهارة وحقن المال والدم ، وفي كفر شخص وإسلامه وقف حتّى يثبت أحدهما ، وما باشره برطوبة ممّا أصله الطهارة طاهر حينئذٍ.

والميتة من ذي النفس السائلة بجميع أجزائها التي تحلّها الحياة ، فما لا تحلّه من غير الكافر وأخويه طاهر ، وهي الصوف والشعر والوبر والقرن والظفر والظلف والبيض المكتسي بالقشر الأعلى والعظم والإنفحة ، فتصحّ الصلاة فيها إن كانت من مأكول. أمّا لبن ميتة المأكول فنجس على الأشهر الأقوى ، ولو أُبين ما تحلّه الحياة من حيّ فنجس ، إلّا الأجزاء الصغار التي تسقط من الإنسان كالجلد من البثور والثآليل. ولا يطهر جلد الميتة بالدبغ.

والخمر وجميع المسكرات المائعة أصالةً وإن عرض لها الجمود ، إلّا الجامد أصالةً.

وكالخمر الفُقّاع وإن لم يسكر. وما يتولّد في حبّات العنب إن أسكر فنجس ، وما أسكر كثيره حرم قليله ، والإجماع على ذلك قائم ، ولا فرق في الفقاع بين ما غلى وغيره وهو النشيش.

والعصير ، وهو المُعتصَر من العنب خاصّة في ظاهر الأصحاب وإن لم يسكر ،

__________________

(١) في المخطوط : ( لأحدها ).

(٢) انظر الكافي ٢ : ٢٥ ـ ٢٧ / ١ ـ ٥.

٢٢٠