رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

الشيخ أحمد آل طوق

رسائل آل طوق القطيفي - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طوق


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٢

البلوغ. ولا يقضي ما تركه الأب عمداً ولا عن الجدّ ولا عن الأمّ ، ولا تقضي البنت مطلقاً ، والأحوط قضاؤها إذا لم يكن ابن ، وعن الميّت مطلقاً أباً كان أو امّاً حرّا كان أو عبداً ، وكما فاته مطلقاً.

ولو أوصى الميّت بالقضاء سقط عن الوليّ ، وإذا عيّن لها اجرة فمن الثلث.

وهل لمن وجب عليه القضاء من وليّ يستأجر عليها؟ الأحوط العدم بناءً على [ مخاطبته (١) ] بها. والصلاة عن الحيّ لا تقبل النيابة ، ولو تبرّع بها متبرّع لم تبرأ ذمّة الوليّ ، ووجوبها على الولي لا يدور على وجه الحياة ، فهي واجبة عليه وإن لم يكن ، وعليه أن يقضي عنه أيضاً صلاة الطواف والآيات.

تتمّة في صلاة الطواف

صلاة الطواف واجبة في الواجب مطلقاً ، وتجب بإيقاع واجبها خلف المقام بقربه تحت السقف حيث هو الآن ، فإن تعذّر فخلفه إلى الطاق ، فإن تعذّر فإلى أحد جانبيه ، مراعياً الأقرب فالأقرب ، فإن تعذّر فحيث أمكن من المسجد ولو أمكن خلفه بقربه (٢) في وقت آخر وبما ذكر على الترتيب المذكور ، ووجب التأخير إن اتّسع الوقت ولم ينافِ السعي.

وكيفيتها وشروطها كالصبح ، ولو تركها ناسياً وخرج فعليه الرجوع ، وإن تعذّر صلّى حيث يمكن.

__________________

(١) في المخطوط : ( خطابه ).

(٢) كذا في المخطوط.

٣٤١
٣٤٢

الباب الثالث

في حال الصلاة

وفيه فصول :

الفصل الأول

يبطل الصلاة ولو نفلاً قول : ( آمين ) في أيّ حالة منها حتّى بعد دعاءٍ أو في أثنائه ، بل ولو في دعاءٍ وارد بها على الأحوط الأولى ، سواء اعتقد وجوبها أم لا ، إلّا التقيّة فيجوز مطلقاً ، وقد تجب حينئذٍ. ولو تركها مع وجوبها عيناً فلا شكّ في عصيانه ، وفي الإبطال إشكال.

ووضع إحدى اليدين على الأُخرى مطلقاً بأيّ نحو كان وفي أي حالة من الصلاة [ سواء ] اعتقد إبطاله أم لا ، ولا بأس به حال التقيّة ، ولو ترك حينئذٍ فحكم التأمين وحال الضرورة ولو في غير تقيّة.

والكلام كما هو ظاهر الفقهاء وأهل اللغة : النطق بحرفين مطلقاً ، أو حرف واحد مفهم معنًى ، وترك هاء السكت حينئذٍ لحن أيضاً ، وفي أي جزء منها وقعت حتّى لو لم يكن باختياره وإن لم يأثم ، والإتمام حينئذٍ مع الإعادة أحوط. ولا فرق بين كونه (١)

__________________

(١) في المخطوط : ( الباب الرابع ).

٣٤٣

من نفخ أو قهقهة أو سعال أو تنخّم أو تأوّه أو أنين أو غيرها ، ولا بين كونه لأجل الصلاة أو لا. ولا يبطلها القرآن وإن لم يقصد ، بل للإفهام للغير. هذا في المختصّ به ، وأمّا في المشترك فلا بدّ من القصد. ومثله الدعاء ولو بفرد ما لم يشتمل على محرّم فيبطلها.

ومن الكلام المبطل التسليم في غير محلّه مطلقاً ، وسلام المصلّي على آخر. ولا يبطلها خروج الصوت في سعال وغيره وإن طال زمنه على الحرفين.

وهل إشارة الأخرس كالحرف لقيامها مقام لفظه فتُرَاعى كما يُرَاعى في الإبطال وعدمه به [ أو ] أن الكلام هو المؤلّف من الحروف والأصوات وهو منتفٍ عنها ، فلا يراعى ذلك؟ وجهان ، والأولى المراعاة ؛ لأنها كنطقه مطلقاً.

والبكاء ولو بمجرّد خروج الدمع من غير اشتماله على صوت أو كلام إن كان للدنيا ، أمّا الخوف من الله أو رجاه فهو حسن مرغّب فيه مطلقاً ، بل أُمر من لم يستطعه بالتباكي كذلك في كلّ حالة.

والقهقهة وهي الضحك المشتمل على صوت وإن قلّت. والتبسّم وهو ما لا يشتمل من الضحك على صوت لا يبطلها. ولا فرق في البكاء والقهقهة المبطِلَين بين الاختيار وغيره ، ولكن لا يتمّ في الاضطراري.

والسكوت الطويل ، والفعل الكثير الماحي لصورتها ، وعدم اعتبار المحو أحوط. وميزان الكثرة العرف ، وقد تمحى القراءة دون الصلاة فتعاد وحدها.

والإشارة باليد والرأس ، ولبس النعال وخلعه ، والثوب السريع لبسه ونزعه ، ومناولة الشي‌ء السريعة ، وقتل الحيّة والعقرب ، وغسل الدم إذا لم يستلزم أمراً آخر ، وكلّ ما ورد النصّ بفعله ، ولا يعدّ ذلك فعلاً كثيراً وإن سمّي بعضه كثيراً لو صحّ ؛ لعدم المحو ، لكن لا يتخطّى ، فكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يضع عمامته ويرفعها في كلّ ركعة ويضع ابنه ويحمله وابنة بنته في الصلاة (١).

__________________

(١) السنن الكبرى ٢ : ٣٧٢ / ٣٤٢١ ـ ٣٤٢٣.

٣٤٤

ويعدّ مثل الوثبة كثيراً ، وتحصل الكثرة من القليل لو توالى في الركعات.

ويجوز للمصلّي عدّ الركعات بإصبعه أو بشي‌ء معه ، وينوي العدّ في ضميره بلا نطق.

والأكل والشرب إذا كثر على الأقوى ولو عن إكراه ، ويجوز ابتلاع ما بين الأسنان وما يذوب من السكّر في الفمّ. ولا تتحقّق الكثرة بالشرب مرّة ، والأحوط التجنّب ولو لم يحصل الكثرة ولو بمضغ العلك. ولو نذر ما يسوغ فيه الأكل والشرب من النافلة كانت كالفريضة ، فلا يسوغ فيها.

والالتفات إلى دبر القبلة بشي‌ء ممّا يجب استقبالها به من بدنه ، أو يميناً أو يساراً بجميعه.

هذا كلّه إذا لم يقع شي‌ء ممّا ذكر سهواً ، فإن وقع كذلك لم يبطلها إلّا الالتفات إلى دبر القبلة فإنه مبطل مطلقاً كالفعل الكثير الماحي على الأقوى فيه. والأحوط في البكاء الإبطال مطلقاً.

ويحرم قطع الصلاة الواجبة على الأقوى إلّا لضرورة دينيّة كإنقاذ مؤمن أو الدخول مع إمام الأصل في الصلاة ، أو دنيويّة كإنقاذ مال.

وهل تصحّ الصلاة لو أتى بها مع سعة الوقت مَن عليه دينٌ وقد طالبه به الغريم ، ومَن عليه زكاة وشبهها من الحقوق الماليّة مع وجود المستحقّ وطلبه له ولو عموماً ومعرفته به ، أم لا؟ قولان ، والأقوى الثاني كما عليه بعض ، فلا تصحّ إلّا إذا ضاق الوقت ، فإنها تصحّ حينئذٍ إجماعاً.

٣٤٥
٣٤٦

الفصل الثاني

في مبطلات الصلاة

تُبطل الصلاةَ مطلقاً ولو جهلاً أو سهواً مخالفةُ الترتيب المذكور.

ونقصان ركن من الخمسة ، وهي : النيّة ، والقيام ، وتكبيرة الإحرام ، والسجدتان من ركعة واحدة ، والركوع. إلّا إنه إن تداركه قبل الدخول في ركن آخر أتى به وبما بعده تحصيلاً للترتيب وصحّت ، كمَن تدارك التحريمة قبل الوصول إلى قوس الراكع وأتى بهما قائماً مطمئناً وبما بعده ، أو تدارك الركوع في القيام المتّصل به قبل السجود. ولو هوى متعمّداً وأتى به بعد القيام مطمئناً صحّت ، وهكذا في الباقي ، وإلّا بطلت ، كمن ترك التحريمة حتّى ركع ، أو الركوع حتّى وضع جبهته على المسجد ، أو السجدتين حتّى وصل إلى قوس الراكع.

ولا فرق في ذلك كلّه بين الأُوليين وغيرهما ، ولا بين الصبح أو المغرب وغيرها ، ولو نقص من عدد الركعات وسلم وتكلّم ثمّ ذكر ولم يستدبر أو يفعل المبطل مطلقاً أتمّها وسجد للسهو. ولو نقص سجدتين ولو لم يعلم أنهما من ركعة أو ركعتين بطلت.

وزيادة ركن إلّا النيّة مطلقاً. والركوع والسجود في بعض أحوال المأموم وفي الاحتياط على وجه. ولو ذكر في الركوع أنه خامس فإن ذكر أنه تشهّد قبلها وسلم

٣٤٧

صحّت وإن ترك بعض الواجبات سهواً لخروج الزيادة ، وإلّا أعاد مطلقاً على الأقوى ، فإن كان قبل الركوع جلس وتشهّد وسلم وسجد للسهو ، ولو ذكر في الركوع أنه ركع قبلُ بطلت. ولا يكفيه إرساله نفسه منه.

والشكّ في عدد الثنائيّة مطلقاً ، كالصبح والمقصورة والآية والعيد والطواف والملتزمَة. وفي عدد الثلاثيّة ولو مُلتَزَمة ، وفي عدد أُوليي الرباعيّة ولو مُلتَزَمة. والشكّ في عدد غير معيّن كَمَن لم يدرِ كم صلّى.

ومَن شكّ أنه صلّى أم لم يصلّ ، فإن كان في الوقت لزمه أن يصلّي ، وإلّا فلا قضاء.

أو زيادة السجدتين لا يدري هما من ركعة أو ركعتين سهواً. والإتمام والإعادة أحوط.

واستدبار القبلة بها ، وإلى محض اليمين أو الشمال ، سواء تبيّن له ذلك قبل وسَهَا أو بعد ، لكن إذا بقي الوقت. والأحوط في المستدبر الإعادة مطلقاً. والمتعمّد فيها يعيد مطلقاً ولو بانحرافٍ ما.

والسجود على موضع نجس مطلقاً. وغير بعيد تخصيص جاهل النجاسة بالإعادة دون القضاء ، لا جاهل الحكم.

وفساد الطهارة وتركها وعروض الناقض لها فيها مطلقاً ولو قبل التسليم.

والسكوت الماحي لصورتها ، وكلّ فعل يمحو صورتها مطلقاً. ولا يضرّ نقص مندوب ولا زيادته مطلقاً ، إلّا أن يُنشئ منه شيئاً ينافي على الأشهر.

٣٤٨

الفصل الثالث

الخلل الواقع في الصلاة

من أخلّ عمداً بواجب أو شرط أو جزء من أحدهما أو كيفيّة في أحدها كالترتيب والطمأنينة أو فعل ما يجب تركه مطلقاً أو زاد واجباً عمداً بطلت صلاته ولو كان جاهلاً بالحكم أو بالصحّة والفساد ، وإلّا في الجهر والإخفات فيعذر الجاهل كالناسي فيهما ، وإلّا في الضرورة فلا يجب إلّا الميسور كما مرّ.

٣٤٩
٣٥٠

الفصل الرابع

في السهو

كلّ مَن نسي واجباً غير ركن وسجدة واحدة من كلّ ركعة أو جزأه أو السجود على غير الجبهة من السبعة ، فإن نسيان السجود على الجبهة في سجدتين من ركعة يفوّت الركن ، فإن ذكره ومحلّه باقٍ أتى به وبما بعده وصحّت صلاته ، ومحلّ استدراكه ما لم يستلزم زيادة ركن.

ومن سَهَا وأتى بما لم يبطلها مطلقاً كالأكل والشرب ، والكلام غير المستثنى ، والفعل الكثير غير الماحي على ما هو الأقوى ، والقهقهة ، والبكاء للدنيا وإن كان الأحوط فيه الإعادة مطلقاً أو انكشاف العورة من غير علمه ، لم تبطل صلاته أيضاً. فمن نسي واجباً من واجبات سجدة حتّى رفع ، أو من واجبات الجلوس بينهما حتّى سجد ، أو وضع غير الجبهة من المساجد حتّى رفع ، مضى وصحّت.

ولو نسي القراءة أو بعضها ، أو واجباً فيها ، فإن ذكر قبل الركوع أتى به وبما بعده حتّى السورة بعد الحمد ولو كان منهما ، وإلّا مضى وصحّت.

ومَن نسي الرفع من الركوع أو طمأنينته ، فإن ذكر قبل الدخول في السجود رفع مطمئناً ، وإلّا مضى.

ومَن نسي السجدتين فإن ذكر قبل أن يركع أتى بهما ، وإلّا بطلت. ومِن نسي

٣٥١

واحدة وذكرها قبل الركوع إن نسي معها الجلوس قبلها أو طمأنينة أتى به وسجد ، وإلّا سجد خاصّة ، وإلّا مضى.

ومَن شكّ في الجلوس بعد الأُولى أتى به وسجد ما لم يتجاوز محلّه.

ومَن نسي التشهّد أو بعضه أو واجباً فيه فإن ذكر قبل الركوع أتى به ، وإلّا مضى.

ومَن نسي السجدة الأخيرة أو التشهّد الآخر أو بعضه أو واجباً في أحدهما أتى به وبما بعده كغيره ولو بعد التسليم ما لم يقع منه المبطل مطلقاً.

ومَن نسي واجباً من سجدة فإن ذكر قبل أن يرفع أتى به ، وإلّا سجد ما لم يدخل في الثانية فإنه حينئذٍ يمضي ، وكذا الجلوس بينهما.

ومتى لم يذكر المنسيّ إلّا بعد تجاوز محلّه فإنه يمضي ولا يعود له ، فإن كان عمداً أو جهلاً بطلت صلاته ، وإن كان سهواً لم تبطل ، لكن ألّا يعيد ما أتى به من ذكر وغيره قبل ، فإن أعاده بعده سهواً أيضاً لم تبطل إلّا أن تمحى صورة الصلاة به.

والحاصل أنه متى نقص جزءاً وأمكن الرجوع إليه أتى به ما لم يدخل في ركن ، وإلّا مضى وصحّت. ومن زاد في الصلاة مثل ذكر أو دعاء أو تكبيرة أو قراءة لا توجب القرآن الممنوع ، لم تبطل ؛ سهواً كان أو عمداً ولو قصد الجزئيّة لا الذكر المطلق ، والأحوط حينئذٍ الإتمام والإعادة. ولا تبطل لو رفع غير الجبهة من الستّة حالة السجود ووضعها فيه ، والأحوط التجنّب خصوصاً مع نيّة السجود. ولو زاد مندوباً لم تبطل وإن قصد المشروعيّة وإن أثم حينئذٍ.

ومن نظر لمحرّم لم تبطل ، ومَن زاد قياماً ولم يأت بعده بركن جلس وأتم ، وكذا لو زاد تشهّداً سهواً أو سجدة واحدة سهواً فإنها لا تبطل. ومَن سَهَا عن باقي صلاته فكبّر لأخرى فذكر فهل يعدل للأُولى ويتمّها أو تبطل؟ الأولى البطلان ؛ لنيّة القطع مع فعله ، والاحتياط لا يخفى. ولو سَهَا في فرض وظنّ أنه نفل لم يبطل ، فهي على ما أُقيمت له أوّلاً. ومن ذكر بعد القيام للثالثة أو بعد الرفع من السجود أنه نسي السجدتين من الأولى والركوع من الثانية فقد سلمت له ركعة واحدة ويتمّ صلاته ،

٣٥٢

وما زيد حينئذٍ من قراءة أو تشهّد سهواً لم يضر.

تنبيه

الجاهل معذور لو أخلّ بالجهر والإخفات فجهر في غير محلّه أو أخفت في غير محلّه كالساهي ، وفي إتمام المقصورة ، والناسي هنا يعيد في الوقت ، وعلى الأحوط يقضي في خارجه. ولا إعادة على الجاهل بغصبيّة الثوب أو المكان أو الماء أو المسجد أو بنجاسة الثوب أو البدن أو الماء أو المسجد أو بكون الجلد جلد ميتة إذا شراه من سوق المسلمين أو أخذه من مسلم لا يستحلّ جلدها على الأحوط ، ومَن لا يعلم أن اللباس أو المسجد من جنس ما يصلّى فيه لم تصحّ صلاته لوجوبه ، ولا تصحّ إذا استعمل المشكوك في أنه حرير أم لا ، أو جلد ميتة أم لا ، أو ذهب أم لا. ولا عبرة بالشكّ مع يقين الأصل أو أمارة شرعيّة على أحدهما.

تتمّة

لا حكم للسهو في النافلة إن لم يكن المنسيّ ركناً ، ولا يسجد له ، ولا في صلاة الجنازة ، ولا في سجود التلاوة ، ولا في سجود السهو ، ولا يسجد لترك المندوب ولا لزيادته ، والأحوط حينئذٍ السجود.

ولو نقص [ من (١) ] الواجبة أو زاد فيها ما لا يبطلها سهواً صحّت ولم يجب قضاء المنسيّ بعد التسليم ، إلّا أن يكون المنسيّ التشهّد أو بعضه على الأقوى ، خصوصاً إحدى الشهادتين أو سجدة من الركعة ولو من أكثر من ركعة ، فإنه يجب الإتيان به بعد التسليم بلا فصل أصلاً ، مستقبل القبلة جامعاً لجميع شروط الصلاة الممكنة.

ولو تعدّد المنسيّ منهما قدّم الأوّل إن عُلم. ولو تخلّل المنافي من الصلاة والمنسيّ فالأولى عدم البطلان ، والأحوط أنه إن كان ممّا يبطلها عمداً ووقع سهواً أتى به وسجد له بعد السجود له. ولو كان المنسيّ من التشهّد لفظة واحدة أتى بها

__________________

(١) في المخطوط : ( في ).

٣٥٣

وبما تتمّ به الجملة ، والأولى الإتيان بجميعها بعدها إن كان.

ولو اجتمع الجزء المقضيّ مع صلاة الاحتياط قدّمت ، كما تقدّم صلاة الاحتياط على سجود السهو وإن تأخّر موجب الاحتياط عن موجب سجود السهو. والأقوى الأحوط وجوب سجدتي السهو لكلّ زيادة أو نقيصة تبطل الصلاة عمداً فقط ، ويتعدّد بتعدّد السبب اتّحد نوعاً أو اختلف ، توالى السببان أم لا ، بل لا خلاف ، ويجب ترتيبها وتقديم السجود للسابق من الأسباب مطلقاً ، إلّا أن ينسى الترتيب فيسقط كلّاً أو بعضاً ، وقيل : الأولى تقديم ما سببه النقص إن ذكر.

ولو تبيّن له خطأ ترتيبه بعد السجود لم يُعِد ، وهي (١) أحوط.

ومَن تعدّد الكلام منه سهواً تعدّد عليه السجود إن تحقّقت فواصل بينه جزماً ، وإلّا فعليه سجود واحد. ومَن أتى بصيغ التسليمات الثلاث سجد ثلاثاً ، ويحتمل سجوداً واحداً. ولو تبيّن له في أثناء الجزء المقضيّ أو السجود صحّت الصلاة مطلقاً ولا شي‌ء. ومَن أخّر السجود عن دبر الصلاة وجب عليه الإتيان به وإن طال الزمان.

وتجب السجدتان للقيام في محلّ الجلوس أيضاً وبالعكس ، وفي الشكّ بين الأربع والخمس إذا كان بعد الرفع من السجدتين قبل الركوع ، ومحلّها بعد التسليم سواء كانا من زيادة أو نقصان ، ويكفي فيهما مطلق الذكر ، والأولى المأثور. ويشترط فيهما شروط سجود الصلاة [ و ] وجوب الجلوس بينهما. ويجب [ فيهما (٢) ] ، وفي الجزء المقضيّ النيّة ، وصورتها أن يقصد قضاء المعيّن المنسيّ قربةً إلى الله ، أو يقصد السجود لما تركه أو زاده قربةً إلى الله. والأحوط ضمّ الوجوب ، كما أن الأحوط وجوب التعرّض للأداء والقضاء في الجزء المقضيّ وفي السجدتين ، خصوصاً في الأوّل. وليس في سجدتي السهو ركوع ولا قراءة ولا تكبير واجب ، ويتشهّد بعدهما تشهّداً خفيفاً يجزي فيه أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمّداً : رسول الله أو بالضمير اللهمّ صَلّ على محمّد وآله ، والتشهّد التامّ جائز ، ثمّ يسلّم.

__________________

(١) أي والإعادة.

(٢) في المخطوط : ( بينهما ).

٣٥٤

ولو وقع السهو في الجزء المقضيّ أو في السجود للسهو لم يلزم سجود السهو فيهما ، ولو شكّ في حصول السهو فلا شي‌ء ؛ لأصالة العدم. ولا حكم للسهو مع الترجيح ، ولا سهو على مَن كثر سهوه ، والحكَم العرف ، ولكنّه يأتي بالمتروك في محلّه إن بقي ، وإلّا بعد الصلاة إن كان ممّا يقضى وإن سقط عنه السجود له ، وتفسد صلاته لو ترك أو فعل ما يبطله مطلقاً.

٣٥٥
٣٥٦

الفصل الخامس

في الشكّ

وهو تردّد النفس بين الفعل والترك من غير ترجيح ، فإن ترجّح أحد الطرفين فالراجح ظنّ والمرجوح وهم. ومتى حصل للمصلّي ترجيح اعتمده وعمل بمقتضاه مطلقاً ولو في الأُوليين. ولا يعارض اليقين ظنّ ولا شكّ في حال مطلقاً ، فلو ظنّ المكلّف أنه تطهّر أو صلّى لم يجزِه ، بل هو حينئذٍ مشغول الذمّة.

ولا حكم للشكّ إذا كثر ، بل يبني على المصحّح مطلقاً ، فلو شكّ في ذكر الركوع مثلاً بنى على أنه أتى به ، ولو شكّ بين الثلاث والأربع أو بين الأربع والخمس يبني على الأربع فيهما ، ولا فرق فيه بين الأُوليين وغيرهما ، ولا بين الشطر والشرط في أثناء العمل وقع أو بعد العمل.

ولو فعل المشكوك فيه مطلقاً بطلت عبادته مطلقاً ولو كان غير ركن ، ولو طرأت الكثرة بعد تعلّق سهو أو شكّ به قبلها لزمه حكمه ، وليس على كثيره احتياط ولا سجود. ولو كان كثير الشكّ في نوع خاصّ خاصّة [ كالشك (١) ] بين الثلاث والأربع خاصّة دون غيره مثلاً ، فهل يعد كثيره في غيره أيضاً ، أو فيه خاصّة؟ وجهان ، أرجحهما الأوّل ؛ لدورانه على التسمية عرفاً. وفسّر الكثرة بعض (٢) بأنها السهو أو الشكّ في فريضة واحدة ثلاث مرّات متواليات أو في ثلاث فرائض متوالية ، والأقوى الأشهر الرجوع

__________________

(١) في المخطوط : ك.

(٢) السرائر ١ : ٢٤٨.

٣٥٧

إلى العرف فإن الحكم لم يرد فيه نصّ ، ومرجع معرفة حكم العرف إلى العارفين.

ولا حكم لشكّ المأموم إذا حفظ الإمام كالعكس ، ولا للشكّ في حصول الشكّ ؛ لأصالة العدم. ويتخيّر الشاكّ في عدد النوافل أو النافلة بين البناء على الأقلّ والأكثر ، ويتعيّن الأوّل إذا أوجب الثاني البطلان ، ويتخيّر الشاكّ أيضاً في فعل منها وعدده ركناً كان أو غيره ، تجاوز المحلّ أم لم يتجاوزه.

ولو شكّ في نفس الشرط كالوضوء والستر والاستقبال فإن كان بعد الفراغ لم يلتفت ولو بقي الوقت ، وإلّا أتمّها وحصّله وأعاد ، والأحوط الإعادة مطلقاً إن بقي الوقت.

ومَن شكّ في نفس الصلاة فإن كان في الوقت صلّى ، وإلّا لم يلتفت. والأحوط لمعتاد التهاون بها القضاء خارجه إن لم نقل باللزوم وهو غير بعيد. ومن شكّ في جزئها فإن كان بعد التسليم لم يعتدّ به ولو فيه إن شكّ فيه بعد تصوّر الفراغ ، وإلّا أتى به لأنه في محلّه إن لم يطل الزمان. وإن كان قبله فإن لم ينتقل إلى واجب آخر أتى به ولو كان ركناً ، كالشكّ في النيّة قبل التحريمة ، أو فيها قبل القراءة ، أو فيها أو بعضها قبل الركوع ؛ لأن القراءة فعل واحد على الأقوى ، فلو شكّ في الفاتحة أو بعضها أو في السورة أو القنوت لم يعدّ انتقالاً وأتى به ، ومَن شكّ في الركوع قبل السجود ولو في الهويّ أتى به ، كمَن شكّ في السجود قبل التشهّد أو الانتصاب ، أو في التشهّد قبل الانتصاب. وحكمه الإتيان به ، ولا فرق بين الأُوليين وغيرهما ، وكذلك حكم المندوب.

وكلّما أتى بمشكوك [ أتى ] بما بعده تحصيلاً للترتيب ، ولو ذكر بعد الإتيان به أنه أتى به قبل ؛ فإن كان ركناً بطلت ، وإلّا صحّت ولزمه سجود السهو ، فلو ذكر أنه ركع قبل وهو في قوس الراكع بطلت ، ولا يكفيه إرساله نفسه ولو كان في الأخيرتين.

وإن دخل في واجب آخر من واجباتها أصالة لا ما كان مقدّمة كالهويّ والنهوض مضى نصّاً (١) وإجماعاً (٢) ، كمَن شكّ في النيّة وقد كبّر للإحرام ، أو فيها وقد

__________________

(١) انظر وسائل الشيعة ٨ : ٢٣٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣.

(٢) مدارك الأحكام ٤ : ٢٣١.

٣٥٨

دخل في القراءة ، أو فيها وقد ركع ، أو فيه وقد رفع ، أو فيه وقد سجد ، أو فيه وهو يتشهّد أو قائم ، أو في التشهّد وقد انتصب .. وهكذا.

هذا كلّه في غير الشكّ في عدد الركعات ، فإن له أحكاماً تخصّه ، وله صور أكثرها دوراناً خمسة (١) :

الأوّل منها : الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد كمال سجدتي الثانية ، وحكمه البناء على الثلاث ويأتي بالرابعة ، وبعد أن يسلّم يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً ، والأوّل أولى.

الثاني : الشكّ بين الثلاث والأربع مطلقاً ، وحكمه البناء على الأربع فيتمّها ، وبعد التسليم يحتاط بركعة أو ركعتين كالأوّل.

الثالث : الشكّ بين الاثنتين والأربع بعد كمال سجدتي الأُوليين ، وحكمه البناء على الأربع ، وبعد التسليم يحتاط بركعتين من قيام.

الرابع : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد كمال سجدتي الأُوليين ، وحكمه البناء على الأربع ، وبعد التسليم يحتاط بركعتين من قيام ثمّ بركعتين من جلوس.

الخامس : الشكّ بين الأربع والخمس ، فإن وقع قبل الركوع جلس لينزل الشكّ بين الثلاث والأربع فيلزمه حكمه وسجود السهو للقيام المهدوم ، وإن عرض على التشهّد أتمّه وسلم وسجد للسهو ، وإن عرض وهو راكع ، أو رافع منه ، أو هاوٍ للسجود ، أو فيه ، أو بين السجدتين ، أو قبل الرفع من الأخيرة ، بطلت الصلاة في الجميع. والأحوط حينئذٍ الإتمام وسجود السهو والإعادة. وهذه هي الشكوك المنصوصة.

ويعلم منها ومن أحاديث الشكّ [ و ] الإعادة قاعدة (٢) هي البناء على الأكثر ، ومنها يعلم أحكام في شكوك أُخر منها الشكّ بين الاثنتين والأربع والخمس فما زاد ، فإن عرض حال التشهّد أتمّه وسلم ، واحتاط بركعتين قائماً وسجد للسهو ، وإلّا

__________________

(١) من هامش المخطوط ( نسخة بدل ) ، وفي المخطوط : ( أربعة ) ، وقد أثبتنا ما في الهامش ؛ لأنه المطابق لعدد الصور التي ذكرها المصنّف قدس‌سره بعد ذلك.

(٢) إذا تأمّلت وجدت مبنى قاعدة أحكام الشكوك على ترجيح الظاهر على الأصل ، فالظاهر هو الأصل فيها. (١٤) ، هامش المخطوط.

٣٥٩

فسدت الصلاة ؛ لأنه إن هدم لم تسلم له الأُوليان ، وإن أتمّها لم يحصل يقين البراءة وإن كان من صور المبطلة في الخامس زيادة على عدم يقين الأُوليين.

ومنها : الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس ، فإن عرض قبل الرفع من السجدة الأخيرة فهو مبطل لما مرّ ، وإلّا تشهّد وسلم ، واحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس وسجد للسهو بعدها.

ومتى تضمّن الشكّ بين الاثنتين وما زاد على الخامسة فهو مبطل ، وكذا لو شكّ بين الاثنتين والخمس وبين الثلاث والخمس.

ومنها : الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس ، فإن كان قبل الركوع هدمه لينقلب شكّه حينئذٍ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، فيتشهّد ويسلّم ، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام ، ثمّ بركعتين من جلوس ويسجد للسهو. وإن كان بعد الفراغ من السجدة الأخيرة تشهّد وسلم ، ثمّ احتاط بركعة قائماً أو بركعتين جالساً وسجد للسهو ، ويحتمل البطلان ، وإن كان في غير هذين الحالين بطلت الصلاة.

ومنها : الشكّ بين الثلاث والخمس ، فإن كان حال القيام هدمه ورجع شكّه فيما بين الاثنتين والثلاث ويعمل بحكمه ، وإلّا فهو مبطل.

ومن تأمّل هذا يظهر له بطلان ما قاله الشيخ يوسف : في شرح صلاتيته : ( إن حكم الشكّ بين الاثنتين والأربع والخمس البناء على الأربع ، والاحتياط بركعتين والسجود للسهو ، فإنه اشتمل على شكّين منصوصين ، والشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس مشتمل على ثلاثة شكوك منصوصة ، فليزمه فيه ما يلزم فيها ، ويزيد على الاحتياط السابق ركعتين من جلوس. والشكّ بين الثلاث والأربع والخمس مشتمل على شكّين منصوصين ، فيحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً ، ويسجد للسهو ) (١) ، انتهى.

__________________

(١) شرح الرسالة الصلاتية : ٢٣٦.

٣٦٠