الدوران بين التحفظ على تمام الوقت في مجموع الصلاة ، وبين الأجزاء والشرائط الاختيارية مع وقوع بعض الركعات في الوقت بحيث لم تفته كُلا كما في المقام ، فلا كاشف حينئذ عن أهمية الوقت حتى في مثل ذلك كي يقدّم الأول ، لعدم الدليل عليه كما عرفت.
وعليه فلا بد في تقديم الوقت من التماس دليل خارجي حتى بناءً على اندراج المقام وأمثاله في باب التزاحم.
هذا ، وقد ذكرنا في محله (١) قيام الدليل على التقديم فيما لو دار الأمر بينه وبين الطهارة المائية ، بحيث لو أراد التحفظ على الوقت في تمام الركعات لم يتمكن إلا من التيمم ، ولو تصدى لتحصيل الطهارة المائية وقع مقدار من الصلاة خارج الوقت ولم يدرك منه إلا بمقدار ركعة أو أزيد ، والدليل هو الاستفادة من نفس آية التيمم ، أعني قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ... ) (٢) فإنّ المراد بالصلاة فيها هو المراد منها في قوله تعالى ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٣) المفسّر في الأخبار (٤) بوقوع أربع صلوات ما بين الحدين ، ثنتان منها وهما الظهران ما بين الزوال والغروب ، وثنتان وهما العشاءان ما بينه وبين منتصف الليل ، فالمراد بالصلاة بعد ملاحظة التفسير هي الفريضة المضروب لها وقت خاص المحدودة بين المبدأ والمنتهى ، كالظهرين المحدودين بزوال الشمس وغروبها.
وقد دلت الآية المباركة على أنّ من يقوم لهذه الفريضة إن تمكّن من الماء توضأ أو اغتسل وإلا تيمم ، فالشرط لتلك الصلاة هو جامع الطهارة الأعم من المائية والترابية دون الوضوء بخصوصه ، غايته مع رعاية الطولية والترتيب كما
__________________
(١) شرح العروة ٥ : ٣٥٨.
(٢) المائدة ٥ : ٦.
(٣) الإسراء ١٧ : ٧٨.
(٤) الوسائل ٤ : ١٥٧ / أبواب المواقيت ب ١٠ ح ٤.